النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ملخص وجود الشرور

  1. افتراضي ملخص وجود الشرور

    بسم الله والحمد لله وحده على ما قدره وكتبه و نستعين به على تنفيذ ما أمره ونعوذ به من الوقوع فيما نهى عنه ولا نقتربه والصلاة والسلام على من شرح الله للحق صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره فوق من بلغه ثم أما بعد فهذا تلخيص لمسألة وجود الشرور من كتاب " الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى عند أهل السنة والجماعة المجلد الأول " وبدأنا المقال ( التلخيص ) بقاعدة بدأ بها الكاتب الشيخ عبد الله الشهري ثم بشرح هذه القاعدة بناء على ما في الكتاب مع تغيير في الترتيب والتنظيم الكلي للأفكار ونسأل الله تعالى أن يتقبل ويغفر للكاتب والداعي للتلخيص ولمن لخص .


    الوجود التام لا يكون إلا خيراً ذلك بأن الشر إما عدمي وإما من لوازم ذلك العدمي وإما شر إضافي نسبي
    أ – الشر العدمي : كأن يعدم صدور الخير من إنسان إما لعدم السبب والعلة والمقتضية لصدور الخير من ذلك الإنسان أو لفوات شرطه منه أو لوجود مانع الخير في ذلك الإنسان ولا يضاف هذا الشر إلى الله سبحانه وتعالى إذ أنه غير مخلوق أصلاً وبيان هذا أن الموجود لا يكون سببه عدماً محضاً كما قال تعالى " أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ " وأن الموجود لا يكون أيضاً سبباً للعدم المحض لأن العدم لا يحتاج سبباً يوجده بل يكفي فيه عدم السبب والإبقاء عليه عدماً فلا يحتاج في استمراره إلى فاعل يحدث العدم هذا بل يكفي في استمراره عدم مشيئة الفاعل المختار له وعليه فإن الوجود المحض والتام لابد له من سبب تام ومحل قابل لذلك السبب فإذا وجدا كلاهما وجب وجود المسبب وذلك كله مرتبط بمشيئة الله . وأما إذا كان في الوجود عدم أو شابه عدم فليس مفعولاً للوجود إنما هو لعدم في السبب بمعنى عدم تمامه والتعليل بالمانع هنا لا يكون إلا مع قيام السبب لكنه أ ضعف من المانع فلم يؤثر المانع إلا مع عدم قوة السبب فإضافة هذا العدم –المحض أو الذي شابه موجودا _ إنما تكون إلى عدم السبب المقتضي للوجود التام أو إلى عدم تأثيره إما بفوات شرط التأثير ( الإيجاد الإعداد الإمداد ) وإما لوجود مانعه وهذه الإضافة إنما هي إضافة استلزام وتعريف لا إضافة تأثير بمعنى أن عدم وجود سبب الوجود يستلزم استمرار العدم ولا يعني أن هذا يؤثر في ذاك . لذا فإن استحالة إضافة هذا الشر إلى الله تعالى مبنية على أنه معدوم فلا خالق له أصلاً حيث أن العدم ليس شيئاُ وهو مقابل الوجود أو الحدوث

    ب _ الشر اللازم للعدم : وهو ما ينتج من عدم الخير بمعنى أن عدم العلم والعدل يستلزم من الجهل والظلم ما هو شرور وجودية فهو إن كان شيئاً أو موجوداُ فهو مخلوق " اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " إلا أنه لما كان لازماً للشر العدمي كان وجوده غير تام ناقص إذ لم يكن شراً بالذات بل بالعرض حيث إن الظلم يتضمن عدم العدل . لذا تمت تسميته ناقصاً حيث أنه ملازم لسبب عدمي (كما تقرر ) إما لازم لعدم سبب الخير أو لازم لانتفاء شرطه أو لوجود مانعه وهذا أيضاً لا يضاف إلى الله إلا من جهة خلق الله له أما بقية الإضافات كإضافة الوصف والسبب والغاية تضاف إلى المحل الذي عدم فيه الخير فلزم من ذلك هذا الشر ونخلص مما ذكرنا إلى القاعدة الكبيرة أن عدم الخير هو أصل الشر

    ج – الشر النسبي الذي يكون لحكمة عظيمة لا تكون إلا بوجوده ومنها :-
    1 إثبات آثار أسماء الله تعالى وصفاته حيث أن وجود أثر الاسم يثبت هذا الاسم بالضرورة ويظهر للناس فيعبدوه به ويذكروه ويحمدوه على ذلك مثل اسمه تعالى الملك فلابد من إثبات الملك التام لله تعالى ولا يكون تاماً كاملاً إلا إذا عمّ تصرفه وتنوع بالثواب والعقاب والإهانة والعدل والفضل والإعزاز والإذلال فلا يوصف بالملك الكامل من لا يأمر ولا ينهي ولا يعطي ولا يمنع ولا يعز ولا يذل ول يخفض ولا يرفع ولا يرسل الرسل إلى أقطار مملكته ويتقدم إلى عبيده بأوامره ونواهيه ويلخص هذا قول ربنا في سورة آل عمران " ( 26 ) قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 27 ) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ۖ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ " فاسمه تعالى الملك اسم ثابت له وله آثار بها يظهر ولهذه الآثار لوازم وأسباب لا تكون إلا بها ولابد من إثبات هذا كله ليكون الاسم صحيحاً كاملاً كما وردت به النصوص وقد علم إن بعض لوازم آثاره ما قد يكون ظاهره شراً لكن لا يظهر هذا الاسم العظيم للخلق ولا يعرف الله تعالى به إلا بظهور تلك الآثار بلوازمها فلابد منها إذ وجود الملزوم بدون لازمه باطل عند العقلاء وأيضاً أسماء الله تعالى ( الغفور والعفو والرحيم والرحمن والحليم والتواب ) تخيل لو أن الله تعالى لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر ؟ وعلى من يتوب ؟ وعمن يعفو ويسقط حقه ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه وهو واسع المغفرة ؟ فكيف يعطل هذه الصفة ؟ أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له ومن يتوب وما يتاب عنه ؟ فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة . ومن الأمثلة أيضاً الأسماء المزدوجة مثل ( المعز المذل و الخافض الرافع ) فلابد من مرفوع ومخفوض ومن خفض ورفع لتظهر . وأيضاً الصفات المتقابلة مثل ( الرضا والسخط والحب والبغض والعفو والانتقام ) فلابد من وجود مستحق للعفو ومستحق للانتقام وهذه كلها صفات كمال ولابد من وقوع مقتضاها وموجبها ووجود آثارها إذ تعطيل هذا تعطيل لها في نفسها والعياذ بالله . وهناك كذلك الأسماء القهرية مثل ( القهار والمنتقم وشديد العقاب وسريع الحساب ) وأيضاً أسماء الحكمة والخبرة فإن لكل شيء حكمة وغرض عظيم يظهر من خلال وجود المكروهات في الدنيا ولولا وجودها لم تظهر هذه الحكم العظيمة . قلت " وهذا مما يظهر في حياة الناس بوضوح ويظهر فيها أن رحمته سبحانه سبقت وغلبت غضبه وأن إحسانه عمّ خلقه وغلب قهره وغضبه "
    2 العبادات المختلفة حيث يقول بن القيم " فإنه سبحانه يحب أن يعبد بأنواع العبودية ومن أعلاها وأجلها عبودية الموالاة فيه والمعاداة فيه والحب فيه والبغض فيه، والجهاد في سبيله وبذل مهج النفوس في مرضاته ومعارضة أعدائه، وهذا النوع هو ذروة سنام العبودية وأعلى مراتبها وهو أحب أنواعها إليه وهو موقوف على ما لا يحصل بدونه من خلق الأرواح التي تواليه وتشكره وتؤمن به، والأرواح التي تعاديه وتكفر به ويسلط بعضها على بعض لتحصل بذلك محابه على أتم الوجوه. وتقرب أوليائه إليه لجهاد أعدائه ومعارضتهم فيه وإذلالهم وكبتهم ومخالفة سبيلهم، فتعلو كلمته ودعوته على كلمة الباطل ودعوته، ويتبين بذلك شرف علوها وظهورها ولو لم يكن للباطل والكفر والشرك وجود فعلي أي شيء كانت كلمته ودعوته تعلو؟ فإن العلو أمر لشيء يستلزم غالبا ما يعلى عليه وعلو الشيء على نفسه محال " فلولا خلق الشياطين والهوى والنفس الأمارة بالسوء لما حصلت عبودية الصبر ومجاهدة النفس والشيطان ومخالفتهما وترك ما يهواه العبد لله – جل وعلا - . هذا ولولا خلق المتضادات لما عرف كمال القدرة والمشيئة والحكمة ولما ظهرت أحكام الأسماء والصفات وظهور أحكامها وآثارها لابد منه إذ هو مقتضى الكمال المقدس والملك التام
    وبعد هذا لابد من إقرار القاعدة التي تقر أن أفعال الله لا تستلزم إلا الخير التام أو الحكمة العامة والمصلحة الراجحة والنفع العام فمثلاً نزول المطر مع ما فيه من تعطيل لحركة الناس أو إغراق بعض الأشياء إلا أن فائدته عامة لأكثر الكائنات ونفعه أكبر من ضرره وإلا فإن الشر العام الكلي المحض أو حتى الراجح لا يقع أبداً ولا يوجد - كما أن هذا الشر من لوازم وجود المطر ولا تتعطل هذه اللوازم إلا بتعطله أصلاً – لأن حكمة الله تعالى تأباه ولا يكون أبداً ويمكن توضيح هذه المسألة ببيان الأقسام الممكنة في الخلق وهي ( خير محض , شر محض , خير راجح , شر راجح , خير وشر متساويان ) ولا يقع من الخمسة إلا الخير المحض كالملائكة والخير الراجح كسائر المخلوقات أما بقية الأقسام فلا تقع كما قال ابن القيم رحمه الله
    إن الله سبحانه وتعالى بيده الخير والشر ليس إليه بل كل ما إليه فخير والشر إنما حصل لعدم هذه الإضافة والنسبة إليه فلو كان إليه لم يك شراً فتأمل . إن انقطاع نسبته إليه هو الذي صيره شراً وهذا ما عليه العقلاء من المسلمين بل والفلاسفة وغيرهم كما قال ابن الوزير في العواصم من القواصم
    قلت : ولا يحدث هنا لبس بين هذا وبين قوله تعالى عن الخمر والميسر " وإثمهما أكبر من نفعهما " الذي قال فيه ابن كثير " ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين " فإن الجمع بينهما يكون من عدة أوجه نذكر بعضها (أ) وجود الخمر والميسر يجلب المنفعة على مجتنبها ويرفعه درجات لاجتنابه ما نهى الله عنه وهذا من باب وجود العبادات المتنوعة في مجاهدة النفس على تجنب ما قد تشتهي (ب) تحويل النباتات واستعمالها في الخمر وتحويل المعاملات المالية إلى ميسر هو شر ملازم للعدمي من جهة عدم الإمداد بالبقاء على الصراط المستقيم حيث أن الأصل في العنب الإطعام وقد غيره الناس بأيديهم إلى خمر فظهر الفساد بما كسبت أيدي الناس كما قال تعالى وأصل المال التجارة والمعاملات المقبولة وهكذا (ج) أن الشر الراجح هو في تعاطيها وشربها أي من وجه واحد من وجوه وجودها أما باقي الوجوه فهي منافع دينية للناس وقد تكون دنيوية أيضاً كما يفسر هذا أيضاً مقولة ابن تيمية في آخر البحث
    3 الحكم المتنوعة : مثل أن وقوع الإنسان في الذنب ينهاه عن العجب والتكبر والفخر بنفسه ويدفعه للعمل الصالح كما فعل عمر بن عبد العزيز رحمه الله . ومثل إهلاك الأمم السابقة حيث قال تعالى في إهلاك فرعون وقومه " فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ " فصارت قصة فرعون زاجراً للظالمين وباعثاً للأمل في نفوس المظلومين لذا فإن الشر هنا إضافي نسبي أي أننا لا نقول عن إغراق فرعون أنه شر إلا إذا أضفنا الإغراق له ولقومه أما لبني إسرائيل مثلاً فهو خير ونصر عظيم ومنة ونعمة يمن الله بها عليهم . ويظهر هذا أيضاً في العقوبات الشرعية حيث بقطع يد السارق تنتهي جريمة السرقة في المجتمع وهذا خير وينتهي السارق ويكفر ذنبه ويتوب إلى الله ويثبت استسلامه لقضاء الله أما عن قطع يده فهذا شر له حين القطع وقد لا يكون , كمن طلب أن يطبق فيه الحد ليطهر نفسه من الذنب ويتقي به عذاب الآخرة الأكبر والأعظم . وأيضاً إن إيجاد الخير الكثير متضمناً الشر القليل أكمل من تفويته بل يكون هذا التفويت شراً كثيراً كما في قصة موسى مع الخضر وكذلك سنته في شرعه وأمره .
    والآن يجب توضيح أن وجود الأشياء لا يمكن بدون لوازمها فإن وجود الملزوم لا يمكن بدون لوازمه من الممتنع لذاته أو المستحيل عقلاً مثل اجتماع الضدين كأن يخلق الإنسان نفسه فيكون موجوداً فاعلاً وفي نفس الوقت غير موجود ومفعول وهذا ليس شيئاً أصلاً حتى تناله القدرة فإن الله على كل شيء قدير والممتنع لذاته والمستحيل عقلاً ليس شيئاً على الإطلاق فمثلاً الإحراق هو الملزوم والنار هي لوازمه فلا يمكن أن يوجد إحراق بدون النار أو الاهتزازت والتذبذات والحرارة العالية التي هي أساس النار لذلك فإنه لن تكون توبة بدون تائب وذنب يتاب منه ولو لم يخلق الله تعالى الخلق على ما هو عليه الآن لما حصلت الحكمة المقصودة ولكان الخلق شيئاً آخر ولكان عالماً آخر أساساً . فمثلاً الإنسان خلقه الله على هيئة معينة ومخصوصة وجعل لها صفات كمال وجعل فيها صفات نقص هي لوازم خلقته وهيئته التي أنشأها الله عليها لتحقق الحكم العظيمة التي يريدها الله تعالى فلو كان الإنسان لا يذنب أو لا يجوع أو لا يحتاج لما كان إنساناً فقيراً محتاجاً ولكانت هذه الدنيا هي الجنة دار بقاء ولذة مطلقة كاملة كما قال ابن القيم " والله تعالى لم يجعلها هكذا إنما هي دار ممتزج ألمها بلذتها وسرورها بحزنها وصحتها بسقمها وهذه حكمة منه بالغة " قلت : لذا على من أراد الخلاص منها واشتاقت وتطلعت نفسه إلى الكمال والسعادة الخالدة فعليه بالإحسان في عبادة الله هنا حتى يجد ما يريد وفوق ما يريد في الجنة ويتجنب ما في النار من عذاب يجاوز آلام الدنيا كلها مجمعة .
    وعلى ما سبق يتبين فساد السؤال أن هلا كان الشيء بدون لوازمه الفاسدة ؟ أو ألا يمكن وجود المصالح والحكم بدون أسبابها ؟ وأيضاً هلا اكتمل إمداد كل الموجودات بحيث لا يكون عدم لشيء من كامالاتها فلا يكون هناك شر أبداً ؟ وهذا السؤال مبني على ظن فاسد وهو أن التسوية بين الموجودات أكمل في الحكمة ولكن الحكمة كل الحكمة في التفاوت العظيم بين الموجودات وكونهم درجات وأنواع .
    وأيضاً لا ريب أن الشر الواقع ليس محبوباً فليس هو مراداً لذاته إلا أنه مراد لغيره فيكون من لوازم الخير ومقتضايته فوجوده إذاً خير من عدمه إذ لو لم يحدث ما حدثت تلك الخيرات التي وجد من أجلها قال شيخ الإسلام ابن تيمية في القول الذي أشرنا له سابقاً " وليس في الشريعة أمر بفعل إلا ووجوده للمأمور خير من عدمه ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده وهو فيما يأمر به قد أراده إرادة دينية شرعية وأحبه ورضيه فلا يحب ويرضى شيئا إلا ووجوده خير من عدمه ولهذا أمر عباده أن يأخذواب أحسن ما أنزل إليهم من ربهم فإن الأحسن هو المأمور به وهو خير من المنهي عنه
    كذلك هو سبحانه في خلقه وفعله فما أراد أن يخلقه وبفعله كان أن يخلقه ويفعله خيرا من أن لا يخلقه ويفعله وما لم يرد أن يخلقه ويفعله كان أن لا يخلقه ويفعله خيرا من أن يخلقه ويفعله فهو لا يفعل إلا الخير وهو ما وجوده خير من عدمه فكل ما كان عدمه خيرا من وجوده فوجوده شر فهو لا يفعله بل هو منزه عنه والشر ليس إليه فالشر وهو ما كان وجوده شرا من عدمه ليس إليه إذ كان هذا مستحقا للعدم لا يشاؤه ولا يخلقه والمعدوم لا يضاف إلى فاعل فليس إليه ولكن الخير بيديه وهو ما كان وجوده خيرا من عدمه
    وأيضاً قال فإن الصانع إذا أخذ الخشبة المعوجة والحجر الردى واللبنة الناقصة فوضعها في موضع يليق بها ويناسبها كان ذلك منه عدلا واستقامة وصوابا وهو محمود وإن كان في تلك عوج وعيب هي به مذمومه مذمومة ومن أخذ الخبائث فجعلها في المحل الذي يليق بها كان ذلك حكمة وعدلا وإنما السفه والظلم أن يضعها في غير موضعها ومن وضع العمامة على الرأس والنعلين في الرجلين فقد وضع كل شيء موضعه ولم يظلم النعلين إذ هذا محلهما المناسب لهما فهو سبحانه لا يضع شيئا إلا موضعه فلا يكون إلا عدلا ولا يفعل إلا خيرا فلا يكون إلا محسنا جوادا رحيما

    وإذا قيل إن الله سبحانه هو خالق الخير والشر فالمراد ما هو شر من غيره وفيه أذى لبعض الناس ولكن خلقه لحكمة وما خلق لحكمة مطلوبة محبوبة فوجوده خير من عدمه فلم يخلق شيئا يكون شرا أي يكون وجوده شرا من عدمه لكن يخلق ما هو شر من غيره وغيره خير منه للحكمة المطلوبة وما فيه أذى لبعض الناس للحكمة المطلوبة "
    وأيضاً كما أن المحرمات لا تساوي شيئاً بالنسبة للمباحات - حيث أننا يمكننا تناول جميع أنواع المشروبات إلا الخمر – فأيضاً الشرور لا تساوي شيئاً مقارنة بالخير الموجود في الكون "
    من تأمل هذا الوجود علم أن الخير فيه غالب ، وأن الأمراض – وإن كثرت – الصحة أكثر منها ، واللذات أكثر من الآلام ، والعافية أكثر من البلاء ، والغرق والحرق والهدم ونحوها – وإن كثرت – فالسلامة أكثر . ولو لم يوجد هذا القسم الذي خيره غالب لأجل ما يعرض فيه من الشر لفات الخير الغالب ، وفوات الخير الغالب شرٌ غالبٌ . ومثال ذلك النار ، فإن في وجودها منافع كثيرة ، وفيها مفاسد ، لكن إذا قابلنا بين مصالحها ومفاسدها لم تكن لمفاسدها نسبة إلى مصالحها . وكذلك المطر والرياح والحر والبرد . وبالجملة فعناصر هذا العالم خيرها ممتزج بشرها ، ولكن خيرها غالب " شيخ الإسلام ابن تيمية
    والحمد لله رب العالمين
    " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
    سورة المائدة آية 23

  2. افتراضي

    رابط تحميل الكتاب
    الجزء 01

    http://ia331420.us.archive.org/1/items/ta3leel_54/pdf

    الجزء 02

    http://www.archive.org/download/ta3leel/1.pdf

    فجزى الله من صور ورفع ...

    دعوة صالحة بظهر الغيب ...
    محبكم / حـسـوني - مجالس الالوكة
    " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
    سورة المائدة آية 23

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء