دين الإلحاد
هل الإلحاد دين؟
العديد من التعاريف التي تسعى لإيصال معنى الدين تحاول أن تحوي تحتها جميع الأطياف الدينية المختلفة. و أحد هذة التعاريف ينص على أن:
الدين هو كل اعتقادٍ يملك موقفاً إتجاه الوجود الإلهي و الحياة الآخرة (حياة ما بعد الموت).
هذا التعريف يضم تحته كل ما نطلق عليه اليوم ديناً؛ ويستثني التعريف ما هو دون ذلك كالرياضيات و فن الطبخ أو صناعة السفن.
فمثلاً، الإسلام و النصرانية ديانتان تؤمنان بالخالق وباليوم الآخر؛ بينما تؤمن البوذية القديمة و الصدوقيين اليهودية بالخالق فقط و ينكران وجود حياة آخرة. أما دين الإلحاد فلا يؤمن بالخالق أو بحياة ما بعد الموت أو يشكك بأحدهما أو كليهما.
و لكن الملحدين عموماً يعارضون كل التعاريف التي قد تربط الإلحاد بمسمى الدين و يقترحون بدورهم تعريفاً ينص على أن:
الدين هو كل اعتقاد يجزم بوجودٍ إلهي (و/أو) حياةٍ آخرة (حياة ما بعد الموت).
فهل يفلح تعريف كهذا بإبعاد الإلحاد من دينيته؟
نحن نرى أن الوجود الإلهي و الحياة الآخرة مبدأين ضروريين هنا و بدونهما لا يحمل الإلحاد أي معنى. فالإنسان إما أن يكون مسلماً أو نصرانياً أو هندوسياً أو يزيدياً ..... أو ملحداً. فلا يمكن استخدام الإلحاد كمُعرفٍ أو كعنصر مقارنةٍ إلا تحت المظلة الدينية. ولا يُبْنَى أي تعريفٍ للإلحاد إلا على أساسٍ ديني. و لو لم يكن الإلحاد ديناً، لما دعا أصحابه أتباع الديانات الأخرى للإيمان به.
فما هو الحل؟
الكاتب الأسكتلندي رودريك نيان سمارت، المتخصص في دراسة الأديان تجنب هذة المشكلة، فبدلاً من تعريف الدين، وضع سمارت أبعاداً سبعة تشترك فيها الأديان بشكل عام. فمثلاً، قد تتواجد هذة السبعة كلها في دين ما، بينما نجد أبعاداً أقل في أديان أخرى. فكم يحوي الإلحاد من هذه الأبعاد؟
أبعاد الأديان لسمارت
1- البعد المذهبي: و يضم تحته كل المعتقدات و مجموع الفلسفات التي تبين توجه الدين؛ كالتوحيد في الإسلام أو عقيدة التثليث في النصرانية. و يأتي "البيان الإنساني*" الإلحادي بإصداراته الثلاثة و ما يحويه من أهدافٍ تحت هذا البعد.
2-البعد الروائي: و يضم القصص الدينية كالتي تتحدث عن نشأة الكون و ما تلاها من أحداث، كالخلق لدى المسلمين و التطور لدى الملحدين.
3-البعد الأخلاقي: كل الأديان تهتم بهذا البعد، و الأخلاق نسبيةٌ في الإلحاد. فالملحدون كداوكينز اعترفوا بعدم و جود أرضيةٍ للأخلاق لديهم، ولذلك يقترح الملحدون أكثر من نظام أخلاقي لأتباعهم، ولعل أشهرها لديهم المادية النفعية.
4-البعد الشعائري: و هو البعد الوحيد الذي لا يوجد بشكل واسع في الإلحاد كما في الأبعاد الأخرى، حيث يسعى الملحدون جاهدين لإستحداث أعيادٍ لهم كمولد دارون أو ذكرى إصدار "أصل الأنواع"، أو كما يحدث من تجمع بعضهم في أحد الكنائس لإستحداث طقوس لهذا الدين.
5-البعد التجريبي: ويأتي تحت هذا البعد كل ما مر به أو قاساه المؤسسون أو الأتباع من بعدهم من أحداث و متغيرات. فالملحدون مثلاً؛ يزعمون بإحساسهم العميق بالحرية و السعادة المطلقة في اللحظة التي تركوا فيها ديانتهم السابقة و تحولوا إلى دين الإلحاد.
6-البعد المؤسسي: حيث يكون البناء الهرمي من أفرادٍ أقلة متخصصين و أفرادٍ أكثرية تابعين. فالشيوخ و القساوسة و الكتاب و العلماء التطويريون يأتون في رأس الهرم، بينما يأتي أتباعهم دونهم.
7-البعد المادي: ويقصد به كل ملموسٍ له علاقة بالدين أو يقدسه أتباع هذا الدين، كأماكن العبادة و الصلبان و مياة نهر الأردن و غيرها. و يقدس الملحدون الطبيعة؛ بل قد يغلو بعضهم في هذا التقديس على منوالين متناقضين: فبينما يرى بعضهم تحريم قتل أي كائن حي كونه من الأقرباء، يرى فريق آخر أن البقاء للأصلح ولذا و جب إستغلال كل ما في الطبيعة كمواردٍ لبقاء الإنسان.
و كما نرى من الأبعاد الآنفة الذكر، الإلحاد دين سواءً رضي أتباعه أم لا.
و يبقى السؤال: لم يحاول الملحدون إقصاء مسمى الدين عنهم؟
السبب بسيط، الملحد بنظرته الضيقة يريد قصراً أن يخلق تناقضاً يفرق به بين الدين و العلم، حيث يريد الملحد بأنانيته أن يحضى بمسمى العلم دون غيره، و كأن العلم لم يثبت مراراً فساد دين الإلحاد.
*Humanist Manifesto
ملاحظة: جمعت محتواها من عدة مصادر أجنبية و حاولت تبسيطها قدر الإمكان.
و ما توفيقي إلا بالله.
رد مع اقتباس
Bookmarks