قلتُ لكِ سابقًا:احيانا اقرأ واتوصل لقناعة ما تلبث ان تزول بشبهة جديدة
لا بد أنَّ هذا أمرٌ منهك، فأنتِ وكأنك في مضمارٍ دائريٍّ تنتقلين من النقطة ( أ ) وهي الشبهة إلى ( ب ) وهي الرد على الشبهة، ثم ما تلبثين إلَّا تركضين من هذه النقطة إلى تلك بين الشبهة وردها بين الشبهة وردها وهكذا، وقد علمت من كل من يشتكي من الركض في هذا المضمار الوهمي أنَّه دائمًا يتوصَّل في كل مرة إلى النتيجة : أنَّ لكل شبهة رد مقنع مفحِم، فلماذا إذن يُعاود أحدهم للركض في نفس المضمار إن كان يحصل على نفس النتيجة في كل مرة؟!
لذلك لا تكترثي للشبهات أبدًا، وإن نظرتي في ردِّها فنظرك إلى ردها يكون نظر المتعلم الذي يريد أن يعرف كيف يرد على هذه الشبهة وليس نظرة الشاك الذي يريد أن يطمئن! فالإيمان حاصل سلفًا بعد أن عرفنا أنَّ هذه الشبهات سببها سوء فهم النصوص أو تأويلها حسب المزاج أو قلة علم متلقفها ونحوه.
وتذكري أنَّ طريقك " سراطًا مستقيمًا " : اهدنا السراط المستقيم. وليس دائرة وهمية تنهكك وتستنزف قوتك. فتمسكِي بالأوّل وانئي بنفسك عن الثاني.
بخصوص سؤالك المُقتبس. فهي فعلًا أفكار سخيفة كما وصفتِ، أرأيتِ الطفل الصغير عندما يكسر شيئًا ثمينًا وتأتي والدته لتوبخه وإذا به يُنكر ويُلصق التُهمة بدُميته!!
هذا هو الحال مع من يرى هذا الكوْن بإبداع خلقه ودقَّة حركته وتعقيده ثُمَّ يلصق الخلق باللاشيء!! بالصدفة!! بالعشوائية!! ومعلوم عقلًا أنَّ : كل موجود لا بد له من موجد قادر على إيجاده.
كما أنَّ الدمية لا يُمكنها كسر زجاجة، فكذلك لا يُمكن للاشيء أو الصدفة أو العشوائية أن تُبدع هذا الكوْن المُعقَّد والدقيق.
أمَّا قولك أن الآخرة غيب ولا يُقاس عليه فهذا طريفٌ سخيف؛ يعني الله عز وجل موجود في الآخرة وغير موجود في الدنيا!! سبحان الله انظري كيف يتلاعب الشيطان بك وكان الأجدر أن تسفهيه.
كان كلامك ليكون صحيحًا لو كنتِ تتكلمين عن نعيم الجنَّة أو عذاب النار فنقول لكِ صحيح مخلوقات الدنيا لا نقيس عليها مخلوقات الآخرة لذلك قال ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه: " لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ يُشْبِهُ مَا فِي الدُّنْيَا ، إِلا الأَسْمَاءُ ".
وفقك الله.
Bookmarks