اسمحوا لنا بهذه الإضافة جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم أستاذنا الفاضل دكتور هشام عزمي
بالزعم بأنه توجد أمثلة كثيرة جدًا على صحة التطور الدارويني (الذي هو في الحقيقة ليس إلا التطور الكبير) . ودعونا نتناول مثال محدد على هذا المسلك لدوكينز .
في الصفحات من 116 حتى 133 يحكي دوكينز عن سلسلة من التجارب طويلة الأجل ومغرقة في التعقيد أقيمت في جامعة ولاية ميتشجان على يد البروفيسور ريتشارد لينسكي Richard Lenski ، هذه التجارب تم إجرائها على الباكتيريا المعوية المعروفة باسم إي كولاي E. Coli ، ويصفها دوكينز بقوله : "عرض بديع للتطور وهو يعمل" ص117 ، فما حكاية هذه التجارب ؟
في عام 1988 قام د. لينسكي مع فريق العمل التابع له ببدء هذه التجارب عن طريق وضع سلالة معينة من الباكتيريا المعوية في 12 أنبوبة معمل مختلفة بحيث توضع كميات محسوبة من الغذاء في كل أنبوبة ثم يتم نقل نسبة معينة من الباكتيريا الناجية من كل أنبوبة إلى أنبوبة أخرى جديدة تمامًا . غرض هذه التجربة هو رصد كيف تتغير أحجام وعادات الغذاء وغيرها في الباكتيريا مع الوقت في الـ12 أنبوبة ، وطبعًا هذه التغيرات في كل مجموعة تقع بمعزل عن المجموعات الأخرى تمامًا لأنه غير مسموح بخلطها أو المزج بينها إطلاقًا . ولأكثر من عشرين عامًا حتى وقت تأليف دوكينز لكتابه (أعظم استعراض على وجه الأرض) استمرت التجربة وربما هي مستمرة حتى هذه اللحظة .
كل الاثني عشر مجموعة من الباكتيريا زادت في الحجم عن طريق الانتخاب الطبيعي – أي: البقاء للأصلح – وهو ما يعد مثالاً على التطور الصغير . ولم يوجد أي جين جديد أو زيادة في طول الحمض النووي ، فقط تغير في بعض تتابعات النيوكليوتيدات عن طريق الطفرات فيها ، لكن دون نشوء أي جين جديد ، أثناء انقسام الخلية . أحد هذه الاثني عشر قبيلة – بتعبير دوكينز- اكتسب القدرة على هضم السترات citrate كما لو كانت جلوكوز glucose ، لكن سائر القبائل لم تكتسب نفس القدرة . هذه القدرة في الحقيقة تطلبت وقوع طفرتين متتابعتين ، وليست واحدة فقط ، ولهذا لم تقع إلا في قبيلة واحدة فقط . هنا لم يتم اكتشاف جين جديد ولم ينشأ حمض نووي جديد ، فقط تبدل في تتابعات النيوكليوتيدات التي تتحكم في هذه الصفة .
هذا مثال مهم جدا لبيان مدى خداع التطوريين في أقوى دلائلهم ليس فقط في الإصطلاح خصوصا هذه التجربة الضخمة والمعقدة والمستمرة للآن ...
لأن وظيفة هضم السيترات في وسط فيه أكسجين هو حقيقة دلالة على التصميم الذكي والتكتيك العقلاني للحمض النووي DNA
ذكرتم حضرتكم أستاذنا عدم دقة دوكاينز في إصطلاحاته إذ يستدل على تطور الأجناس " الكبير " كما تنص العقيدة الداروينية بتطور الوظائف "الصغير " داخل الجنس والنوع الواحد فاستدل بوظيفة هضم السيترات في تجربة بكتيريا إشيغيشيا كولي Escherichia coli التي إستمرت ل 22 سنة حيث ظهرت عند أحد أفراد الجيل 30000
والإشكال يا مولانا أن هذه الوظيفة ليست بجديدة أصلا!! أي أن هذه البكتيريا بالأصل لها الآلية والجين سلفا بجينومها و تهضم السيترات في مكان الكليكوز لكن بشرط (غياب الأكسجين من وسطها )
و الجين إسمه Cit+
كل ما في الأمر أن هذا الجين الموجود سلفا يكون صامتا مثبطا عن العمل إذا وُجد الأكسجين
في تجربة لينسكي الأكسجين عنصر موجود وبقوة لذلك عندما نقُص العنصر الغذائي الذي هو الكليكوز إستطاعت البكتيريا أن تعوضه بهضم السيترات برغم وجود الأكسجين المثبط للجين والمسؤول عن البروتين الذي يلتقط السيترات و يدخلُه لداخل الخلية citT gene ....لكن كيف حصل ذلك ؟؟؟!
لينسكي (وهو عالم متخصص في علم البكتيريات )طبعا والدراونة فسر ذلك بوجود طفرات مبدلة لمعلومات الحمض DNA بأخرى أو تطويرها بإضافة أخرى حتى يعطي قابلية للبكتيريا لهضم مادة السترات مع إيحاء و إيهام أنها وظيفة جديدة تماما ومتطورة ( والحال أنها موجودة بشرط غياب الأكسجين ) - و هنا أول تشويه وتأويل باطل لعرض الحقائق العلمية لا فقط الإصطلاحات -
دراسة حديثة تجريبية أجرت تحليل مدقق للحمض النووي DNAلهذه البكتريات الهاضمة للسيترات للكشف عن الطفرات المفيدة ومعلوماتها "الجديدة "
نُشرب بمجلة nature
Genomic analysis of a key innovation in an experimental Escherichia coli population
http://www.nature.com/nature/journal...ture11514.html
فأرجو التركيز
وجدت أن الجين المشفر للبروتين المسؤول عن إلتقاط السيترات citT -الذي ينشط في غياب الأكسجين - تمت إعادة وتكرار نسخه في الحمض النووي ووضع النسخ المكررة بمكان بين جينيين يعملان وينشطان في حضور الأكسجين ليس هذا فقط بل تم إدخاله بدقة بمنطقة محددة تسمى منها oxygen-tolerant promoter أي برأس الجين الذي سينشُط بوجود الأكسجين حيث يبدأ النسخ فتلتصق بها الأنزيمات الناسخة ل RNA الرسول بمنطقة محددة بدقة مرمزة وهي المعروفة باسم Promoter لبدأ نسخ ثم الترجمة ..إلخ --------->و هكذا يصبح جين citT= وظيفة هضم السيترات نشيطا ويعود للعمل بفضل إلتصاقه الذكي المقصود بالجينات الأخرى مع وجود الأكسجين بالوسط الذي زرعت به هذه البكتيريات !!!!
هنا توضيح لما حدث حقيقة في البكتيريا تكرار نسخ الجين
Duplication وتموضع بمكان مقصود حتى ينشُط عمل الجين وتفك شفرته
بكل بساطة تنويع في طريقة تعبير الجين بهدف (التكيف) مع ظرف جديد و الظرف هنا هو نقص الكلوجوز مع ارتفاع نسبة التكاثر فقام بتنشيط جين موجود سلفا كشفرة مبرمجة ولو مع وجود عامل مثبتط إذ تمّ التعامل معه بتكتيك ذكي جدا
فبالله عليكم أهذا دليل تطور ؟ أم دليل التصميم الذكي ؟ إنها خطة ذكية في تغيير تنظيم التعبير الجيني واستغلال محتوى المعلومة في المكان والوقت المناسب بوعي تام ودقيق!
DNA البكتيريا قام بتكرار وإعادة إنتاج الجين في مكان محدد بين جينيين نشيطين بوجود الأكسجين ليتناغم أداء الأنزيمات بانضباط وغائية واضحة
الإشكال الثاني المطروح أمام الداروينيين أنهم أغفلوا أن آلية الهضم والتفكيك لمادة السيترات المحكومة بجينات متخصصة أخرى يلزمها أيضا طفرة عشوائية جدلا حتى لو نجحت الأولى المسؤولة عن إلتقاط السيترات و التي بينت الدراسة الجينية حقيقتها
ما أريد قوله أن زعم دوكاينز الملحد -بغض الطرف عن الحقائق العلمية -أن طفرة عشوائية لإدخال السيترات تحتاج في نفس الوقت إلى طفرة أخرى عشوائية لهضمه بمكان آخر محدد بالجينوم في نفس الوقت وهذا إن حصل جدلا يسمى تخطيط وقصد ووعي وليس صدفة ، تماما كما اتضح أنه أصلا ليس هناك أي طفرة ولا أي معلومة "مستحدثة" بل إن هذه التجربة أرى أن لها الفضل في الكشف عن مدى ذكاء برمجة DNA وطريقة عمله وتفاعله مع ظروف الكائن ولا علاقة له الأي تطور كبير أو حتى صغير كما كشفت دراسة علماء الوراثة
ومع ذلك بلا حياء تعرض وتؤوّل الحقائق "كابتكارات تطورية "
The Cit+ trait originated in one clade by a tandem duplication that captured an aerobically expressed promoter for the expression of a previously silent citrate transporter. The clades varied in their propensity to evolve this novel trait, although genotypes able to do so existed in all three clades, implying that multiple potentiating mutations arose during the population’s history. Our findings illustrate the importance of promoter capture and altered gene regulation in mediating the exaptation events that often underlie evolutionary innovations
Bookmarks