باب (ويتبع غير سبيل المؤمنين)
د. أحمد إدريس الطعان
من مقالات العدد السادس من مجلة منتدى التوحيد

بسم الله الرحمن الرحيم
العلمانية الصلبة والعلمانية اللينة

الحمد لله الذي أكرمنا بنور الهداية ، وأخرجنا من ظلمات الغواية ، وجعل لنا في كل شيءٍ آية ، وصلى الله على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وعلى آله وصحبه صلاة دائمة بلا نهاية وبعد :
فقد حاول صاحب كتاب " الأسس الفلسفية للعلمانية " أن يستعيد إشكالية الدور الكلامية ، التي كانت موضع جدل وحوار وأخذٍ ورد بين علمائنا الأفذاذ قديماً وحديثاً ، وأراد أن يوظف هذه الإشكالية من جديد لكي يخدم بها التوجهات العلمانية المعاصرة التي تزعم أنها تحتكم إلى العقل دائماً وأبداً وأنها لا ترتضي به بديلاً ، وهو شعار تطرحه جُلُّ المدارس الفلسفية والفكرية الإسلامية وغيرها، فالجميع تقريباً يدعي الوصل بالعقل :

وكل يدعي وصلاً بليلى *.*.* وليلى لا تقر لهم بذاكا
وفي هذا البحث المختصر حاولت أن ألخص قدر المستطاع أطروحة عادل ضاهر في كتابه الآنف الذكر ومن ثَم التعقيب عليها بالمناقشة والنقد وذلك في المطلبين الآتيين :
المطلب الأول : إشكالية الدوْر بصياغة علمانية :
تقدم بهذه القسمة عادل ضاهر في كتابه " الأسس الفلسفية للعلمانية " ، ويعني بالعلمانية الصلبة هي تلك التي تتخذ من الاعتبارات الفلسفية أساساً لها ، وبذلك تكون علمانية راسخة لا تتزعزع لأن الاعتبارات الفلسفية لا تخضع للظروف والوقائع ولا ترتبط بها ( [1]) .
ولا يبني العلماني الصلب موقفه بناء على أية أدلة تاريخية أو اجتماعية أو سوسيولوجية أو دينية لأن كل هذه اعتبارات خاضعة للظروف والتغيرات وغير حاسمة ( [2]) ، واللجوء بالذات إلى نصوص دينية لتسويغ الموقف العلماني – كما فعل عبد الرازق وخلف الله وغيرهما - هو في نهاية التحليل لجوء إلى سلطة دينية ما ، إما سلطة الله [عز وجل] نفسه ، أو سلطة نبي من الأنبياء أو سلطة علماء الدين والفقهاء ، وبما أن الرجوع إلى سلطة الله [عز وجل] مباشرة بالنسبة لنا غير ممكن إلا بواسطة الأنبياء ولا أنبياء اليوم ، فإن السلطة - على هذا الشكل - بقيت للعلماء والفقهاء ، وبما أن العلماء مختلفون ومتعارضون ، فإننا بحاجة إلى اعتبارات مستقلة عن سلطة العلماء المتناقضة لتحكم في الموقف ، وتحسم الخلاف ، وليس من سلطة هنا إلا العقل، والعقل العلمي بالذات ، والعقل الفلسفي بالدرجة الأولى، وحتى لو وجد أنبياء فإن التمييز بين النبي الكاذب والنبي الصادق لا يمكن إلا بطريق العقل ، والفلسفة هي وسيلتنا الوحيدة للوصول إلى ذلك ( [3]) .
والخلاصة التي يريد أن يقررها عادل ضاهر هي : أن العلمانية الصلبة لا تقوم على اعتبارات جائزة أو ممكنة ، بل على اعتبارات ضرورية ، فلا الوحدة الاجتماعية ، ولا الشروط التاريخية أو الاجتماعية أو الثقافية ، ولا النصـوص الدينية هي التي تملي على العلماني الصلب موقفه ، وهذا لا يعني أنه يرفض هذه الاعتبارات ، بل إنها ربما تكون حافزاً وعونًا له في موقفه ، ولكن موقفه الأخير تمليه عليه اعتبارات فلسفية محضة ، فهو يبني علمانيته على هذه الاعتبارات بالدرجة الأولى ، وما يأتي بعد ذلك مصدقاً فليكن في المرتبة الثانية ([4]) .
وهذا يعني أن العلمانية الصلبة تعني أمرين أساسيين :
أولاً : أن العلاقة بين الروحي والزمني ، بين الدولة والسياسة لا يمكن أن تكون أكثر من علاقة موضوعية ، أي علاقة تفرضها ظروف تاريخية معينة ، وعلاقة كهذه لا يمكن أن تنبع من الماهية العقدية للدين ( [5]) . ويعني بذلك أنه حتى لو ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام دولة - بعكس ما أراد عبد الرازق وخلف الله أن يُثبتا - فإن هذه الدولة محكومة بظروف وشروط تاريخية معينة ، وليس لها أساس ديني خارج التاريخ ، ومفارق للزمن والواقع .
ثانياً : أن المعرفة العملية "" أي المعرفة المطلوبة لتنظيم شؤون المجتمع والسياسة والإدارة والاقتصاد والقانون لا تجد ولا يمكن أن تجد أساسها الأخير في المعرفة الدينية "" ([6]) ، وهذا هو تعريف عادل ضاهر للعلمانية ([7]) .
هذا عن العلمانية الصلبة فماذا عن العلمانية اللينة ؟
العلمانية اللينة عند عادل ضاهر هي التي لا تقوم على أسس فلسفية ، وإنما تبحث عن مبرراتها في التاريخ والثقافة وعلم الاجتماع والنصوص الدينية ، وهذه المبررات بنظره جائزة وممكنة وليست ضرورية كالأسس الفلسفية الحاسمة ، ولذلك فإن علمانية هؤلاء تظل علمانية لينة ، أي هشة لأن النصوص الدينية ليست حاسمة ، والخلاف في تأويلها يغذي كل وجهات النظر ، ولأن الشروط التاريخية والثقافية ، والاجتماعية خاضعة للتغير والتطور عبر مرور الزمن ( [8]) .
كتاب عادل ضاهر " الأسس الفلسفية للعلمانية " يبلغ 429 صفحة يقوم على جدلية العقل والنقل ، وهي كما نعلم جدلية قديمة خاض فيها أعلام الفكر الكلامي الإسلامي ، ومنهم من اختار أسبقية العقل على النقل تخلصاً من الوقوع في الدور ، والعلمانية عند عادل ضاهر حتمية أو ضرورية - كما يُعبّر - للخلاص من هذه المشكلة " فالعلمانية هي الحل " عنده أيضاً - كما رأينا عند مراد وهبة - وهي المطلق أيضاً لأنها عنده " ضرورية " ، ولكن في حين كانت عند مراد وهبة هي الحل لمشكلة الشرق الأوسط وقضية فلسطين ، فهي عند عادل ضاهر الحل لأزمة العقل العربي الإسلامي المتمثلة في التردد والحيرة بين العقل والنقل .
علينا أن نحذو حذو إمامينا الجليلين الغزالي والرازي في تقرير آراء الآخرين الذين نختلف معهم قبل أن نناقشها لنتبين الخطأ فيها من الصواب ( [9]) .
لقد اختار عادل ضاهر أن العقل أسبق من الوحي بل هو أساس الوحي ، وعلى هذه القضية يقوم كتابه ، فالأساس في الاعتبار العلماني هو المرجعية "" إن العلمانية هي بالضرورة موقف رافض للطابع الكلياني للدولة الدينية الذي يرتبط مفهومياً بجعل الاعتبارات الدينية نهائية فيما يخص الأمور الروحية والزمنية على حد سواء … ومن المهم ملاحظة أن المعيار في كون الشخص علماني أو لا علماني ليس هو قبول المقررات الشرعية أو عدم قبوله ، وإنما المعيار هو الأساس الذي يبني عليه هذا القبول ، فاللاعلماني يبني قبوله على أساس ديني ، والعلماني قد يقبل الشريعة ، ويبني قبولَه على أساس عقلي أو خلقي ، وهو بذلك يظل علمانياً "" ( [10]) .
المعيار إذن بين العلماني وغيره هو في أصل المشروعية التي يرتكز عليها مجتمع ما في تصوره لهويته وفي إرسائه لنظمه وشؤونه ، ففي المجتمع الديني تُستمَد المشروعية من مصدر مفارق علوي غائب قدسي والإنسان لا مشروعية له هنا ولا شرعية فهو مجرد نائب عنه ، أما في المجتمع العلماني فالمشروعية مستمدة من داخله من الإنسان المستقل بعقله والذي يُنتِج معارفه وتجاربه وخبرته ففيه المشروعية والمرجعية ([11]) .
ومن هنا فإن ما يرفضه العلماني هو المبادئ التي تقوم باسمها السيطرة ، وليس المقصود سيطرة الدين أو رجال الدين ، إن المرفوض هو أن تكون التعاليم الدينية هي التي ينبغي أن تشكل المعيار الأخير أو المرجع الأخير لكل القضايا الروحية والزمنية على حد سواء ( [12]) .
ولذلك فالعلمانية "" قد تعترف بأنه لا وجود لمؤسسة كهنوتية في الإسلام ، ولكن ليس هذا ما يرفضه العلماني ، لأن معيار رفضه هو كون الدين المصدر الأخير للتشريع ، والمعيار الأخير للدولة الفاضلة ليس بالضرورة وجود كنيسة ، لأنها تتصل بشيء أعمق من هذا بكثير : بالطابع الكلياني للدولة الدينية ، فالمرجعية المطلقة لله [عز وجل] سواء أكان الوسيط بيننا وبين هذه المرجعية رجال إكليروس أو أنبياء ، فالقضية هي : جعل الدين في نصوصه المقدسة المرجعية النهائية للحاكم في كل مجالات الحياة "" ([13]) . وما دامت وجدت مرجعية دينية فسيوجد رجال دين لهم نفوذ وممارسة للسيادة ، وسلطة استبدادية ، وإن لم يكن للدين على مستوى التنظير تأكيد لهذه السيادة ، إلا أنه من الناحية العملية والممارسة لا بد من وجود مثل هذه السيادة النفوذية وأمثلة ذلك : دور الإفتاء وعلماء الدين الإسلامي والإكراهات التي يمارسونها ضد الحكومات ([14]). فالكهنوت سمة لازمة لكل الأديان ولا يستثنى من ذلك الإسلام ([15]) .
وهكذا يبدو أن تطبيق القرآن فيه تكريس لسلطة طبقة من رجال الدين وبالتالي القضاء على أحد المبادئ الضامنة لاستقلالية الإنسان ، واحتكار المعرفة في الشؤون الدينية التي تهم المجتمع ، ولا فرق أن نسمي هذه الطبقة التي ستحتكر فهم الدين طبقة كهنوت أو علماء أو غير ذلك ، لأن النص الديني لا يفسر ذاته ، فالنتيجة هي ضياع حرية الإنسان ( [16]) وانهيار الاستقلالية المعرفية للعقل ([17]) .
ولنا هنا أن نتساءل : إذا قوضنا المرجعية الإلهية والنبوية ، وكرّسنا المرجعية العقلية البشرية ، فسيكون للمُشرّعين البشر نفس الأهمية الكبرى ، والنفوذ والسيادة والتسلط والدكتاتورية - إذا افترضنا أن هذه موجودة في المرجعية الدينية - وسيحل القانوني والمحامي بديلاً عن الشيخ والمفتي ، والمغني والمطرب بديلاً للقارئ والمرتل ، ولاعب الكرة بديلاً عن المفكر والعالم ، والراقصة والممثل والمسرحي بديلاً عن المبدع والعبقري والمجاهد والجندي ، وبالتالي فإن العلماني سوف يعود فيصبح لاهوتياً علمانياً من جديد يمارس لاهوت العلمانية وعلمانية اللاهوت بما في ذلك من تسلط وإرهاب ودكتاتورية ([18]) وينشأ دين علماني جديد عقيدته الرسمية هي العلمانية ([19]) ويرفع شعار التقدم والتنوير كإيديولوجيا تمارس سلطتها في سبيل فرض مصالحها تحت راية الرأسمالية أو الاشتراكية( [20]) وهكذا فإننا عندما نلغي الله [عز وجل] لنُحل محله الإنسان في التشريع تكون خسارتنا فادحة دون أن نربح شيئاً .
ومع ذلك يظـل العلماني يصر على أن "" الإنسان يمكنه بدون وحي إلهي أن يتدبر شؤون دنياه "" ([21])، والمقولة التي يسعى لتفنيدها هي أن "" الإسلام دين ودولة "" ([22]) . "" لأن المعرفة غير ممكنة إلا إذا قامت على أسس عقلية … فلا الوحي ولا الحدس ولا أية وسيلة أخرى قد يحلو لواحدنا أن يفترضها كمصدر للمعرفة يمكن أن تُتّخذ على أنها ذات أولوية على العقل ، أو على أنها مستقلة عن العقل "" ([23]) . فإن "" للعقل استقلالية تامة عن كل ما يقع خارجه ، فلا يمكن إخضاعه لرقابة دينية أو غير دينية ، ولا يمكن لأية معايير من خارجه مهما كان نوعها ومضمونها أن تكون ذات أسبقية على معاييره "" ([24]) ، والعلماني الذي يستشهد بالقرآن أو السنة لدعم موقفه يتنازل تنازلاً كبيراً ، لأن العلمانية في أساسها قائمة على أسبقية العقل على النص ( [25]) ، ولأن المعيار الأخير للإلزام القانوني أو السياسي لدى العلماني ينبغي أن يكون مستمَداً من الأخلاق لا من الدين ([26])، والسبب هو أن المعرفة الدينية جائزة وممكنة ، أما المعرفة الفلسفية فهي ضرورية ، ولا يجوز اشتقاق الجائز من الضروري ([27]) .
وإذا كان الأمر كذلك "" فإنه لا يمكننا من منظور عقلي أن نُلزم أنفسنا بالامتثال لأمر أو نهي ما ينطوي عليه نص ديني معين ، إلا إذا وجدنا أن هذا تماماً هو ما تُلزمنا به الاعتبارات الأخلاقية الصحيحة ، مما يجعل العودة إلى الاعتبارات الدينية والنصوص الدينية أمراً عديم الجدوى "" ([28]).
ومعنى ذلك أن التوفيق بين العقل والنقل مرفوض لأنه تحصيل حاصل ،فالتوفيق سيكون بين مبادئ عقلية تُوُصِّل إليها عن طريق العقل ، ومبادئ عقلية متَضمَّنة في نصوص نقلية ولكن ثبت صدقها أيضاً عن طريق العقل ([29]) .

المطلب الثاني : المناقشة والنقد :
- لا يوجد عقل واحد متفق عليه بين البشر ، فالناس تربيتهم المختلفة هي التي تشكل عقولهم، ولذلك فلا يوجد عقل مجرد يمكن الاحتكام إليه إلا في قواعده الكلية الضرورية ، وهي لا تشكل تغطية كافية لكل ما يحتاجه الإنسان في حياته الدنيا من معاش ومعاملات في كل زمان ومكان .
- فالعقل إذن يختلف بين الناس طبقاً لأهوائهم وشهواتهم وتربياتهم المختلفة ، وهذا ما نشاهده في الواقع حيث كلٌّ يعمل على شاكلته ، وكلٌّ يفكر بحسب طريقته وتكوينه وبيئته ، فالرأسمالية ، والاشتراكية ، والليبرالية ، والفاشية ، والنازية ، والعدمية ، كلها تزعم أن العقل هو الذي يوجهها ، ونحن نرى أن الدنيا مليئة بفلسفات مختلفة منذ أفلاطون ومن قبله ومن بعده ، والفلسفات الحديثة بمختلف أطيافها ورجالاتها رغم تعارضها وتناقضها أحياناً ، إلا أنها جميعاً تعلن أنها تنطلق من العقل .
- والحقيقة أن ما يزعمه البشر من فلاسفة وسياسيين، ومفكرين من أن العقل هو الذي يوجههم خطأ واضح في أغلب الأحيان، لأن الأهواء والمصالح تلتبس بالعقل فيظن الجميع أن العقل هو الذي يوجههم، ولكن الحقيقة أن المنافع الشخصية والأطماع والأهواء هي التي تقود العقل وباسم العقل أيضاً !! .
- وهنا تتصارع العقول، والحقيقة أن الصراع بين المصالح والأهواء والشهوات، وليس بين العقول ، ويحتاج البشر في هذه الحالة إلى المرجّح الذي يحسم للعقل تردده، ويرشده إلى صلاحه في الحال والمآل ، ويفرق له بين المنفعة العاجلة ، والمصلحة الكبرى ، وبين الهوى الشخصي العاجل ، والمبدأ الإنساني النافع، وهذا المرجح ليس إلا الوحي الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا يوجد منه اليوم بيد البشرية إلا نسخة واحدة صحيحة كاملة هي المتمثلة في القرآن الكريم والسنة الشريفة .
- إن العقول انتهت إلى مفترقٍ التبس بطرق عديدة متشعبة ، والسبب هو أن كل إنسان يرى أن هذا الطريق الذي يراه هو الصحيح لا غيره ، وكلٌّ منهم يقول : الطريق من هنا !! وذلك طبقاً لتكوينه ولرؤيته ولظنونه وتوقعاته ، وفي وسط هذا الخلاف المحتدّ بين الناس جاءهم الخبر الصادق وبين لهم الطريق الصحيح ، وهداهم إلى الصراط المستقيم ، وأنار لهم الدرب الحقيقي ودعاهم إلى سلوكه فمنهم من أجاب ووفر على نفسه كثيراً من الذهاب والإياب والحيرة والتردد ، ومنهم من أصر على اختياره فذهب بعيداً ثم عاد حائراً قلقاً ، ومنهم من لم يعد فقد هلك بين الوديان .
- إن الوحي لا يلغي العقل كما يزعم الخطاب العلماني بل يهديه ويرشده ، ويحسم له حيرته وينقذه من الأخطار النفسية المتمثلة في الهوى والأنانية ، ويعينه في تبيّن الحق من الباطل بناءً على مناراتٍ هادية ينصبها، وعلامات ساطعة يرفعها له ، ويبقى للعقل دوره في النظر والتأمل والبحث .
- العقل لا يستقيل في الإسلام - كما يزعم الخطاب العلماني- بل يأخذ دوره باحثاً، متأملاً ، ناظراً ولكن وراء الوحي فهو لا يعزل نفسه كلياً ، كما قوّل العلمانيون الإمام الغزالي - رحمه الله – وإنما يعزل نفسه عن القيادة وذلك بعد أن وجد قائداً أمهر منه وهو الوحي ، وهذه المسألة تحتاج إلى توضيح أكثر بما يلي :
هناك فرق بين الرؤية الكلامية للعلاقة بين النص والعقل ، وبين الرؤية العلمانية لا بد من التنبيه إليه ، وهذا الفرق يتجلى في أن الكلامي يقول بأسبقية العقل على النص حتى يثبت الوحي والنبوة، ثم بعد ذلك تنتهي قضية الدور، ويصبح العقل تابعاً للنقل، أما العلماني فإنه يرى أسبقية العقل على النقل بشكل مستمر وعلى طول الخط – كما رأينا عند عادل ضاهر - وهنا يصف العلماني الكلاميين المسلمين الذين يُنزلون العقل مكانته بعد النقل بأنهم نصوصيون أو دوغمائيون أو دوجماطيقيون أو حرفيون أو ظلاميون أو أرثوذكسيون أو سلفيون متزمتون ، رجعيون والقائمة طويلة ونكتفي بهذا ( [30]) .
وكان نصيب الغزالي من هذه التهم الجزافية نصيب الأسد ، وصُنّفت مؤلفات خاصة بمحاربة الغزالي ([31])، واعتُبر الغزالي مُكرّساً للعقل الإسلامي المستقيل ، وسبباً للجراح النازفة ، وعاملاً من أهم عوامل التناقض الموجود في مجتمعنا اليوم ، ومثالاً لعلماء السلطة الذين يخدمون توجهاتها وينتظرون حسناتها ( [32]) وشكلاً لأكثر اتجاهات التراث تخلفاً ورجعيةً ([33]) .
ونحن لسنا بصدد الدفاع عن الغزالي في هذا الموطن ، إلا أن هذا العداء الشديد للغزالي يكشف لنا عن مقدار العقبة التي يشكلها الغزالي في وجه الفكر العلماني اليوم ، كما شكلها في وجه الفكر اليوناني والغنوصي بالأمس ، لقد كان - ولا يزال - شوكة في حلوق هؤلاء جميعاً تُنغّص عليهم حياتهم ، فكالوا له التهم الظالمة جزافاً وبغير حساب .
إن الذي يهمنا من هذه التهم ما له علاقة بالموضوع الذي نناقشه ، وهو قولهم بأن الغزالي كرس العقل الإسلامي المستقيل ، فهل فعل الغزالي ذلك فعلاً ؟ وما الدليل ؟
يستدل صاحب هذه المقولة ( [34]) بقول الغزالي في المستصفى عن العقل بأنه يدل على صدق النبي "" ثم يعزل العقل نفسه "" وقد جاء بقول الغزالي هكذا مبتوراً عن سياقه وسباقه دون أي إحساس بالخيانة العلمية ، وفسر ذلك بأنه تشريع لاستقالة العقل الإسلامي بدأ منذ لحظة الغزالي !! .
ولكن لنقرأ ما يقوله الغزالي في المستصفى "" ... والمتكلم هو الذي ينظر في أعم الأشياء وهو الموجود ، فيقسم الموجود أولاً إلى قديم وحادث ، ثم يقسم المحدَث إلى جوهر وعرض ، ثم يقسم العرض إلى ما تشترط فيه الحياة من العلم والإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر ، وإلى ما يستغني عنها كاللون والريح والطعم ، ويقسم الجواهر إلى الحيوان والنبات والجماد، ويبين أن اختلافها بالأنواع أو بالأعراض ، ثم ينظـر في القديم فيبين أنه لا يتكثر ، ولا ينقسم انقسـام الحوادث ، بل لا بد أن يكـون واحداً ، وأن يكون متميزاً عن الحوادث بأوصاف تجب له ، وبأمور تستحيل عليه ، وأحكام تجوز في حقه ولا تجب ولا تستحيل ، ويفرق بين الجائز والواجب والمحال في حقه ، ثم يبين أن أصل الفعل جائز عليه ، وأن العالَم فعله الجائز ، وأنه لجوازه افتـقر إلى محدِث ، وأن بعثة الرسل من أفعاله الجائزة ، وأنه قادر عليه وعلى تعريف صدقهم بالمعجزات ، وأن هذا الجائز واقع . عند هذا ينقطع كلام المتكلم ، وينتهي تصرف العقل ، بل العقل يدل على صدق النبي ثم يعزل نفسه ، ويعترف بأنه يتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بالقبول ما يقوله في الله واليوم الآخر مما لا يستقل العقل بإدراكه ، ولا يقضي أيضاً باستحالته، فقد يرد الشرع بما يقصر العقل عن الاستقلال بإدراكه، إذ لا يستقل العقل بإدراك كون الطاعة سبباً للسعادة في الآخرة، وكون المعاصي سبباً للشقاوة ، ولكنه لا يقضي باستحالته أيضاً، ويقضي بوجوب صدق من دلت المعجزة على صدقه ، فإذا أخبر عنه صدّق العقل بهذا الطريق فهذا ما يحويه علم الكلام "" ([35]).
إن نص الغزالي هذا يبين رؤيته لقضية الدوْر وإلى أين تظل سارية وأين تنتهي ، وهو يمثل في ذلك الرؤية الكلامية ، والفرق بينها وبين الرؤية العلمانية في هذا الملمح الدقيق ، فالعقل بعد أن يكون قائداً عند المتكلمين يصبح مَقُوداً ، ويعزل نفسه بنفسه لأنه وجد قائداً أبرع منه في القيادة ، وأكثر تحقيقاً للسلامة ، وينتهي هنا دور العقل كقائد، وليس انتهاءً بمعنى الاستقالة التامة .
إن من الظلم أن يوظَّف هذا النص الرائع للغزالي في مقولة العقل المستقيل ، لأن الغزالي واضح جداً في أن العقل يُغيّر موقعه فقط من القيادة إلى الوزارة ، ويتراجع إلى الخلف خطوة واحدة فقط خلف النص ، لأنه اكتشف أن لمعرفته حدوداً يجب عليه أن يقف عندها ، وأن لا يتجاوزها لأنه لا يفصل فيها إلا الوحي . إن هذا واضح ومُصرَّح به في كلام الغزالي السابق إذ أن العقل "" يعزل نفسه ويعترف بأنه يتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بالقبول ما يقوله في الله عز وجل واليوم الآخر ، مما لا يستقل العقل بإدراكه ، ولا يقضي أيضاً باستحالته "" . فالعقل لا يستقيل وإنما يعزل نفسه عن معرفة الغيب ، ويترك زمامه للنص يقوده إلى شاطئ السلامة ، ولو تُؤُمِّل في عبارة الغزالي لتبين أنها في غاية الدقة ، إنه يقول : إن العقل هو الذي يعزل نفسه ، وليس قرار العزل آتياً من سلطة أخرى ، وبالتالي فإن قرار العزل قرارٌ عقليٌّ خاص بمجالٍ معين هو الغيب وليس استبدادياً أو قهرياً .
إن هذه الرؤية الكلامية التي يمثلها الغزالي لا تحتاج إلى كثير استدلال ، فنصوص المتكلمين التي تؤكد على التوافق الدائم بين العقل والنقل، وموافقة صحيح المنقول لصريح المعقول ، تصل إلى درجة التواتر والبداهة ، والغزالي في كل كتبه يؤكد على ملازمة العقل للنقل "" أشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع ، واصطحب فيه القرآن والشرع "" ([36]) كما يؤكد الغزالي على استحالة التعارض بين العقل والنقل ، وأنه إذا ما حصل تعارض فإما أن الأصل العقلي فاسد ، أو أن العقل عاجزٌ عن الإدراك ولكنه لا يحيل ([37]) وهو نفسه الذي يؤكده ابن تيمية "" إن الرسل لا يخبرون بمحالات العقول بل بمحارات العقول فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه بل بما يعجز العقل عن معرفته "" ([38]) أو أن النص لم يُفهم على وجهه المراد الصحيح ، ولم يقل أحد بأن النص غير صحيح أو مختَلِف أو متناقض - ونقصد بالنص هنا القرآن الكريم - بل الاتهام يوجه إلى العقل نفسه بأنه لم يستوعب الوحي كما يجب ، وكل هذا يؤكد أن العقل لم يستَقِلْ وإنما أخذ موقعاً جديداً وراء النص .
ولذلك يعيب الغزالي على من يظن أنه لا مستند للشرع إلا قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم "" وبرهان العقل هو الذي عرف به صدقه فيما أخبر "". كذلك : "" كيف يهتدي للصواب من اقتفى محض العقل واقتصر ، وما استضاء بنور الشرع ولا استبصر ، فليت شعري كيف يُفزَع إلى العقل من حيث يعتريه العي والحصر ، أولا يعلم أن خطأ العقل قاصر ، وأن مجاله ضيق منحصر ، هيهات هيهات قد خاب على القطع والثبات ، وتعثر بأذيال الضلالات من لـم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات ، فمثال العقل : البصر السليم عن الآفات والآذاء ، ومثال القرآن : الشمس المنتشرة الضياء … فالمعرض عن العقل مكتفياً بنور القرآن مثاله : المتعرض لنور الشمس مُغمِض الأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان، فالعقل مع الشرع نور على نور"" ( [39]).
إن اعتبار الغزالي للعقل مع الشرع نوراً على نور يعني أنهما شيءٌ واحد ، وفيه دلالة على الوحدة أكثر من قول ابن رشد عن الحكمة بأنها "" صاحبة الشريعة ... والأخت الرضيعة ، وهما المصطحبتان بالطبع ، المتحابتان بالجوهر والغريزة "" ( [40]) ، فالأخت يمكن أن تتميز عن أختها ، أما النور إذا اختلط بالنور تمازجا فلم يتمايزا . إن هـذا هـو ما توصل إليه باحث معـاصر في كتابه : "" وحدة الفكرين الديني والفلسفي "" بل إنه أضاف إلى السابقين رفض مبدأ الاتصال ، لأن ذلك يعني أن ثمة شيئين منفصلين يراد الوصل بينهما ، والحقيقة أن العقل والوحي شيء واحد ، والانفصال الحاصل يأتي من جراء التوظيف التاريخي ( [41]) .
نعم إنهما شيء واحد إذا استطاع العقل أن يتخلص من أخلاط الجسد ، ويسمو إلى إشراقة الوحي ، ولكن بما أن هذا في غاية الندرة فإن الوحي جاء هادياً ومرشداً ومُبَيِّناً ، ومهمة العقل بعد أن يثق بالوحي هي أن يفهم هذا الوحي ، ويتمعن فيه جيداً ، ويحسن استنزاله من الكتاب المقروء إلى الواقع المعيش ([42]) .
وبذلك أظن أنه قد اتضح لنا إن إشكالية الدور التي يستعيدها الخطاب العلماني إشكالية زائفة ، وخصوصاً إذا أقر هذا الخطاب بالوحي وأقر بصدقه وإعجازه ، فإن الزيف يزداد بروزاً وظهوراً ، إلا إذا ادعى هذا الخطاب أن النص لا مفهوم له إلا ما يُقوِّله قارئه ، وليس له مفهومٌ مستقلٌ – خارجاً - يُستنبَط ضمن قواعد معينة ، وهذا موضوعٌ آخر ليس هنا موضع الحديث عنه .
لعلنا يمكننا أن نؤكد الآن أن العلمانية الصلبة التي زعمها عادل ضاهر ، وأقامها - كما تراءى له - على أسس فلسفية عقلية حتمية تستغني عن الوحي والنبوة والشريعة لا يمكنها أن تثبت أمام النقد والتحليل والدراسة، وأنها تنهار عند أول سؤالين : ما هو العقل ؟ وما هي أسسه الفلسفية ؟ وهو ما تجنبت دراسته الإجابة عليه .

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
والحمد لله رب العالمين .
د. أحمد إدريس الطعان
كلية الشريعة – جامعة دمشق
ahmad_altan@maktoob.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش المقال:
([1]) انظر : د. عادل ضاهر " الأسس الفلسفية للعلمانية " ص 62 .
([2]) انظر : السابق " ص 63 – 66 .
([3]) انظر : " السابق " ص 66 ، 67 .
([4]) انظر : " السابق " ص 71 .
([5]) انظر : عادل ضاهر " الأسس الفلسفية للعلمانية " ص 74 .
([6]) السابق ص 74 .
([7]) انظر : السابق ص 61 .
([8]) انظر : السابق ص 70 .
([9]) يقول الإمام الغزالي عن منهجه في تحري الدقة في عرض مذاهب الخصوم "" فجمعت تلك الكلمات ورتبتها ترتيباً محكماً للتحقيق ، واستوفيت الجواب عنها ، حتى أنكر بعض أهل الحق علي مبالغتي في تقرير حجتهم ، وقالوا هذا سعي لهم ، فإنهم كانوا يعجزون عن نصرة مذهبهم بمثل هذه الشبهات لولا تحقيقك لها ، وترتيبك إياها وهذا الإنكار من وجه حق "" . انظر : " المنقذ من الضلال " ص 57 للغزالي – المكتبة الشعبية – بيروت – لبنان – بدون تاريخ . كما تعرض الرازي لانتقادات شديدة من العلماء لمبالغته في تقرير آراء الخصوم ، وإفراطه في شرحها وتفصيلها حتى اعتُبر ذلك منه إسهاماً في نشر البدع والعقائد الزائفة .
([10]) انظر : د.عادل ضاهر " الأسس الفلسفية للعلمانية " ص60 . ويجب أن ننتبه إلى أن الفصل بين الأساس الديني من جهة والأساس الخلقي أو العقلي من جهة ثانية قائم على أصل زائف لأن الأساس الديني نفسه يطرح نفسه على أنه أساس ديني وعقلي في نفس الوقت . وسنفصل في ذلك لاحقاً .
([11]) انظر : علي حرب " نقد الحقيقة " ص 57 .
([12]) انظر : د. عادل ضاهر " السابق " ص 47 .
([13]) انظر : السابق ص 48 .
([14]) انظر : د. عادل ضاهر " الأسس الفلسفية للعلمانية "ص 49 . ويتبنى ذلك أيضاً د . عبد المجيد الشرفي " لبنات " ص 155 وله أيضاً : " الإسلام والحداثة " ص 18 و د . عزيز العظمة " العلمانية تحت المجهر " ص 170 .
([15]) انظر : علي حرب " نقد النص " ص 210 وله : الممنوع والممتنع ص 54 . وانظر جورج طرابيشي " مقال مشارك في حوار المشرق والمغرب " ص 138 .
([16]) انظر : عادل ضاهر " السابق " ص 390 – 392 .
([17]) انظر : عادل ضاهر " السابق " ص 39 وانظر أيضاً د. عزيز العظمة " العلمانية تحت المجهر " ص 170 .
([18]) انظر : علي حرب " الممنوع والممتنع " ص 26 .
([19]) انظر : ل . دونوروا وألببير باية " من العلمنة إلى الفكر الحر " ص 27 . ترجمة عاطف علي – دار الطليعة – بيروت – ط 1 / 1986 .
([20]) انظر : آلان تورين " نقد الحداثة " ص 7 ترجمة أنور مغيث – المجلس الأعلى للثقافة 1997 د . ط .
([21]) عادل ضاهر " السابق " ص 30 ، 327 .
([22]) السابق ص 327 ، 328 .
([23]) السابق ص 361 .
([24]) انظر : عادل ضاهر " السابق "ص 362 .
([25]) انظر : " السابق " ص 5 .
([26]) انظر : " السابق " 53 .
([27]) انظر : " السابق " 168 .
([28]) السابق ص 291 .
([29]) انظر : " السابق "ص 424 ، 425 .
([30]) انظر : طيب تيزيني " النص القرآني وإشكالية البنية القراءة " ص 13 ، 110 ، 231 ، 420 . وانظر : نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 12 ، 17 وله أيضاً : " النص ، السلطه ، الحقيقة " ص 19 ، 210 وانظر : سيد القمني ====== " الفاشيون والوطن "ص 9 وانظر : محمد عابد الجابري " بنية العقل العربي " ص 66 وانظر : علي حرب " نقد النص " ص 76 ، 109 128 وانظر : مراد وهبة " ملاك الحقيقة المطلقة " ص 36 ومحمد أركون " القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني " ص 12 ، 16 ، 113 وله أيضاً : " نافذة على الإسلام ص 7 ، 119 ، 186 ، 236 وله أيضاً : " تاريخية الفكر الإسلامي " ص 13 ، 41 ، 81 ، 83 ، 84 ، 96 ، 103 ، 108 ، 124 ، 127 ، 150 ، 153 .
([31]) انظر : زكي مبارك " الأخلاق عند الغزالي " .
([32]) انظر : محمد عابد الجابري " بنية العقل العربي ص 488 ، 489 وله أيضاً : التراث والحداثة ص 173 ، 174 المركز الثقافي العربي – بيروت – الطبعة الأولى 1991م وانظر : محمد أركون " نافذة على الإسلام ص 119 – ترجمة صياح الجهيم – دار عطية للنشر ، بيروت – الطبعة الأولى 1996م وله أيضاً : " تاريخية الفكر الإسلامي ص 134 وانظر : نصر حامد أبو زيد " النص ، السلطة ، الحقيقة " ص 19 ، 210 وانظر : علي حرب" نقد النص "ص 96 وانظر : طيب تيزيني " النص القرآني وإشكالية البنية والقراءة " ص 205وانظر : رفعت السعيد " العلمانية بين الإسلام والعقل والتأسلم "ص 33 وانظر : محمد سعيد العشماوي " العقل في الإسلام"ص62 ، 73 ، 80 .
([33]) انظر : د . نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 28 .
([34]) محمد عابد الجابري " الخطاب العربي المعاصر " ص 39 – مركز دراسات الوحدة العربية – ط 4 / 1992 .
([35]) الغزالي " المستصفى " ص 5 - 6 .
([36]) الإمام الغزالي " المستصفى " 1 / 3 . بيروت – دار إحياء التراث العربي ط 3 / 1414 هـ 1993 م .
([37]) انظر : السابق ص 6 .
([38]) ابن تيمية " درء تعارض العقل والنقل " 1 / 147 . تحقيق د . محمد رشاد سالم – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – ط1 / 1399 هـ 1979 م .
([39]) الغزالي : " الاقتصاد في الاعتقاد " ص 3 ، 4 .
([40]) ابن رشد : " فصل المقال ... " ص 67 – تحقيق د . محمد عمارة – دار المعارف– القاهرة ط2 / 1983 .
([41]) انظر : أبو يعرب المرزوقي " وحدة الفكرين الديني والفلسفي " ص 168 – دار الفكر – دمشق – الطبعة الأولى محرم 1422 هـ أبريل 2001 م .
([42]) ولكن الذي حصل في العالم المعاصر أن العلمانية مزقت العالم المقدس الذي كان إلهياً وطبيعياً في آن واحد وكان مخلوقاً وشفافاً أمام العقل ، ولم تحل محله عالم العقل لأنها ردت الغايات الأخروية إلى عالم لا يستطيع الإنسان أن يبلغه . انظر : آلان تورين " نقد الحداثة " ص 22 ، 23 .