أسرار ضغط الكنيسة على النظام في إلغاء "التربية الإسلامية" من مناهج التعليم


استجابة للكنيسة الأرثوذكسية في مصر ووسط صمت الدعوة السلفية التي ينبثق عنها حزب النور، أعلنت وزارة التربية والتعليم في قرار مفاجئ عن إلغاء مادة التربية الإسلامية واستبدالها بكتاب “القيم والأخلاق” لاعتماده رسميا في المنهج التربوي في جميع مراحل التعليم بداية من العام الدراسي المقبل 2014-2015.

وسيدرس كتاب "القيم والأخلاق" في جميع مراحل التعليم بداية من العام الدراسي الجديد 2014/2015، وذلك بعد إلغاء كتاب مادة التربية الإسلامية وتعويضها بهذه المادة، في الوقت الذي منحت وزارة العدل الضبطية القضائية لمفتشي وزارة الأوقاف لمحاكمة أي إمام يخرج عن الإطار الذي رسمته له وزارة الأوقاف في الخطب والدروس اليومية.

وأعلن "محمد السروجي" المتحدث الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم المصرية في تصريحات صحفية نقلتها عدد من الصحف الإلكترونية، أنّ الوزارة قررت إلغاء جميع القصص المقررة بالمراحل التعليمية بما فيها قصص مادة التربية الدينية الإسلامية الموجودة فى المراحل التعليمية المختلفة.

و فسرت الحكومة المصرية هذا القرار بأنه نتيجة لما أصبح عليه الشارع المصري من تدني للأخلاق وتزايد لظاهرة التحرش بالنساء، مؤكّدة أنه جاء بعد عدة مشاورات، موضحا أنه سوف يتم تزويد مكتبات المدارس بتلك الكتب للاطلاع عليها والاستفادة منها فقط، مضيفًا أنه بذلك القرار تم إلغاء قصة التربية الدينية بالصف الأول الإعدادي والثاني والثالث بإجمالي عدد كتب 4 ملايين و850 ألف قصة، وقصة الدين بالصف الثاني الثانوي وعددها نحو 400 ألف كتاب.

وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة حول "ما علاقة قرار إلغاء مادة التربية الإسلامية بالتحرش الجنسي في مصر؟"، حيث أكد الدكتور عز الدين الكومي عضو مجلس الشورى السابق والأستاذ بجامعة الأزهر، أن قرار إلغاء مادة التربية الإسلامية لو صح فسيكون ذلك استجابة للكنيسة التي طلبت مرارا وتكرارا بإلغائها في عهد مبارك وبعد ثورة 25 يناير ولكن كان يقابل بالرفض خوفا من رد فعل الإسلاميين في مصر وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح أن الكنيسة استغلت دعمها للرئيس عبد الفتاح السيسي أول رئيس بعد الانقلاب العسكري في انقلابه على الرئيس محمد مرسي وضغطت ليتم إلغاء مادة التربية الإسلامية، مؤكدا أن الكنيسة استغلت فرصة اعتقال الإسلاميين وقتلهم على الهوية والحرب التي تشنها وسائل الإعلام الممولة من نجيب ساويرس رجل أعمال الكنيسة ضدهم، ليتم إلغاء التربية الإسلامية من مناهج التعليم والقضاء على كل ما هو إسلامي وسط صمت قيادات حزب النور الذين كانوا يملئون الدنيا ضجيجا في عهد مرسي.

ويأتي قرار إلغاء مادة التربية الإسلامية الذي كشف عنه السروجي في تصريحات صحفية غير رسمية، بعد محاولات كثيرة من قبل الكنيسة ورموزها لإلغاء التربية الإسلامية من التعليم المصري، أو إضافة آيات من الإنجيل إلى المناهج وتدريس التاريخ القبطي، وذلك إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وكانت هذه هي الرسالة التى وجهها المشاركون في جلسات نقاشية سابقة لمؤتمر "التعليم والمواطنة" الذي عقده الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم، والذى نظمته مؤسسة "مصريون ضد التمييز الدينى"، بمقر حزب التجمع .

وشن عدد من العلمانيين والمسيحيين هجوما حادا في هذا المؤتمر على مادة التربية الإسلامية، حيث قال الدكتور مصطفى النبراوى " ناشط حقوقي وقيادي علماني" :إن التربية الإسلامية مادة تكرس لثقافة التمييز الدينى فى المدارس, مطالباً بإبدالها بمادة للقيم العامة التى تجمع بين المواطنين دون النظر للأديان، أما إذا تعذر ذلك على الدولة، فعلى وزارة التربية والتعليم أن تتيح الفرصة لتدريس آيات من الإنجيل ضمن دروس اللغة العربية، وكذلك تخصيص حصص للتاريخ القبطى.

النبراوى يرى أن الإبقاء على مادة التربية الإسلامية فى المدارس جعل القيم الإسلامية تتغلغل لتصل إلى باقى المواد الأخرى حتى المواد العلمية والإنسانية، كالكيمياء والتاريخ والفلسفة.

كما طالب د. عماد صيام الباحث فى الاجتماع السياسى بمنع الدين من التغلغل داخل النظام التعليمى المصرى، على أن تكون الخطوة الأولى هى تنقية الكتب الدراسية من الآيات القرآنية مع تغيير واضعى المناهج، لأن معظمهم ينتمون لجماعة الأخوان المسلمين الذين دأبوا على اختراق صفوف المعلمين، ويكفى أن معظم كوادر الفكر الإسلامى السياسى المتطرف كانو فى الأصل مدرسين، مثل حسن البنا وسيد قطب ويوسف البدرى وصلاح أبو إسماعيل، بحد زعمه.

وأرجع صيام مطالبته بإلغاء التربية الإسلامية إلى أن النظام لا يستطيع الآن توقير حصة تربية دينية مسيحية بشكل فعلى للأقباط، مما يهدم المساواة بين الطلاب فى الدرجات، لأن الطلاب المسلمين يتلقون حصة تربية دينية بالفعل، أما الطلاب الأقباط فيقضون الوقت المخصص لتلك الحصة فى "الحوش"، وهو ما اتفقت معه الناشطة الحقوقية مريان فاضل، التى أوضحت أن دولاً عربية تخلت عن حصص التربية الدينية، ولكن مصر ما زالت مصرة على الإبقاء عليها.

فيما أوضح إيهاب الخولى عن حزب الوفد، أن التمييز الدينى ليس فقط فى مادة التربية الإسلامية، وإنما فى مادة التاريخ الذى يختصر تاريخ مصر فى 1400 سنة فقط، هى الحقبة الإسلامية، دون النظر إلى الحقبة الفرعونية والقبطية.