السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تردد في عدد من المواقع اعتقاد الملحد ستيفن هوكنج بوجود كائنات فضائية ، وأنها ستلتقي بنا حتماً وهذا اللقاء سيكون بمنزلة لقاء كولومبوس بالهنود الحمر وسنكون نحن الطرف الأضعف وسيقضى علينا تماماً ، والتمس إيقاف إعطاء إشارات للفضاء لكي لا يهيجوا علينا هذه الكائنات
وهنا عدة وقفات
أولاً : هذا اعتقاد ميتافيزيقي لا علاقة له بالتجريب ولا بالفلسفة حتى وحتى لو سلمنا بوجود هذه الكائنات فكيف عرف تطورها وتشوفها لإفناء الأجناس الأضعف والعجيب أن من يزعم هذا يدعي أن العلم دفن الفلسفة
ثانياً : هذه الكائنات لم ترسل رسلاً ولم تنزل كتباً ولا يتوقف وجود الكون على وجودها فلسفياً بقاعدة امتناع تسلسل الأسباب وقاعدة لكل صانع مصنوع فالإيمان بها أعسر بكثير من الإيمان بالله عز وجل
والأمر كما قال ابن القيم من جحد الحق ابتلي بتصديق الباطل
بل كما قال الله تعالى : ( أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )
ثم يا ليت شعري ما الذي يستفيده الناس من نشر مثل هذا سوى تسليل اليأس إلى قلوب الناس في حقد ظاهر على البشرية واعتقاد أنها ستنتهي على يد أمة أقوى نهاية مظلمة مرعبة
لعل هذا يشير لنا إلى المرض الذي يعيشه هذا الإنسان
وقريب منه في المرض أولئك الملاحدة الذين يضعون مقارنات غريبة ولو شئنا
لوضعنا مقارنة بين امرأة مسلمة يقبل ولدها يدها أو يحملها في الحج ، أو يخدمها وامرأة أخرى غربية أخرى يلقيها ولدها في دار المسنين
أو نضع صور ممثلة ماتت من إدمان المخدرات أو ممثلة إباحية وصورة فتاة محجبة أو منتقبة وهي متخرجة من الكلية
أو نضع صور الأسرى في المعتقلات الأمريكية في العراق مع ما يقوله الأسرى الذين أسرهم المسلمون
على أن ليس كل تصرفات يقوم بها بعض المسلمين يرتضيها الدين الإسلامي ويرتضيها كل المسلمين
وقد رأيت ساقطة تضع صورة تقول الفرق بين المؤمن والملحد ويضعون صورة رجلين في جزيرة أحدهما مؤمن يكتفي بالدعاء والآخر ملحد يقوم بصنع قارب
وهذا كذب فالدين لا ينهى عن فعل الأسباب ولكن المؤمن يعمل بالأسباب مع ثقته بالله أنه لن يضيع تعبه ، والواقع أن الله استجاب دعاء المؤمن فقيض له الملحد الذي صنع له قارباً ( هذا مزاح )
وماذا لو لم يكن هناك أسباب يمكن اتخاذها ما سيكون سينتحر الملحد حتماً من اليأس وما أكثر انتحاراتهم
وحتى لو صنعت قارباً هذا لا يعني النجاة قطعاً بل قد يأتيه موج قوي ويغرقه فلا بد أن تطلب عناية الله أو تتكل إلى إلهك الصدفة
( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين )
قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى :" وَمِنْ هُنَا يُعْرَفُ أَنَّ السَّبَبَ الْمَأْمُورَ بِهِ، أَوْ الْمُبَاحَ لَا يُنَافِي وُجُوبَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ فِي وُجُودِ السَّبَبِ، بَلْ الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ إلَى اللَّهِ ثَابِتَةٌ مَعَ فِعْلِ السَّبَبِ. إذْ لَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا هُوَ وَحْدَهُ سَبَبٌ تَامٌّ لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ. وَلِهَذَا لَا يَجِبُ أَنْ تَقْتَرِنَ الْحَوَادِثُ بِمَا قَدْ يُجْعَلُ سَبَبًا إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. فَمَنْ ظَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ بِالسَّبَبِ عَنْ التَّوَكُّلِ فَقَدْ تَرَكَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ التَّوَكُّلِ، وَأَخَلَّ بِوَاجِبِ التَّوْحِيدِ، وَلِهَذَا يُخْذَلُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ إذَا اعْتَمَدُوا عَلَى الْأَسْبَابِ، فَمَنْ رَجَا نَصْرًا أَوْ رِزْقًا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ خَذَلَهُ اللَّهُ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَرْجُوَنَّ عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إلَّا ذَنْبَهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [يونس: 107] . وَقَالَ: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] . وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ أَخَذَ يَدْخُلُ فِي التَّوَكُّلِ تَارِكًا لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ فَهُوَ أَيْضًا جَاهِلٌ ظَالِمٌ عَاصٍ لِلَّهِ يَتْرُكُ مَا أَمَرَهُ، فَإِنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ عِبَادَةٌ لِلَّهِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] . وَقَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] . وَقَالَ: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30] . وَقَالَ شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] "
فمن الذي خلق لك يداً وجعل فيها القدرة على تركيب المواد الأولية وتكوين شيء معقد منها ، وغيرها من الأسباب والله الموفق
والإفلاس هو الذي يدفع للكذب والتهويل
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
Bookmarks