اولا - تساهل اهل الجرح و التعديل للغاية فى الحكم بوثاقة "اهل السنة و الجماعة " من جيل التابعين تحديدا
يقول المحدث عبد الرحمن المعلمى فى رسالته " اهمية علم الرجال ":
" وأما التابعون ، فكلامهم في التعديل كثير ، ولا يروى عنهم من الجرح إلا القليل، و ذلك لقرب العهد بالسراج المنير – عليه و على آله افضل الصلاة و التسليم - ، فلم يكن أحد من المسلمين يجترئ على الكذب على الله ورسوله . و عامة المضعفين من التابعين إنما ضعفوا للمذهب ، كالخوارج أو لسوء الحفظ أو للجهالة ."
و قد روى مسلم فى مقدمة صحيحه عن ابن سيرين قال:
لم يكونوا يسألون عن الاسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى اهل البدع فلا يؤخذ حديثهم
اى انهم انما اكتفوا بجرح المخالفين لاهل السنة اى شيعة على
و كان كل اهتمامهم منصب على تضعيف الروايات التى تقدح فى بنى امية او تثبت فضائل لعلى و اهل بيته , و النتيجة انهم اعتبروا اغلب من خلت رواياته من ذلك اعتبروه ثقة حجة !
فهذا فضيحة فى منهج القوم
ثانيا - هناك فن عندهم يسمى " كيفية اعلال سند المتن المنكر " و قد اشار اليه الشيخ عمرو عبد المنعم سليم فى كتابه (قواعد حديثية نص عليها المحققون و غفل عنها المشتغلون )قال هناك صفحة 70
يقول المعلمى رحمه الله فى مقدمة " الفوائد المجموعة ":
" اذا استنكر الائمة المحققون المتن , و كان ظاهر السند الصحة , فانهم يتطلبون له علة
فاذا لم يجدوا له علة قادحة مطلقا حيث وقعت
اعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقا , و لكنهم يرونها كافية للقدح فى ذلك المنكر )
و قال :
" فمن ذلك :
-اعلاله بان راويه لم يصرح بالسماع , هذا مع ان الراوى غير مدلس
اعل البخارى بذلك خبرا رواه عمرو بن ابى عمرو مولى المطلب , عن عكرمة , تراه فى ترجمة عمرو من " التهذيب "
و نحو ذلك : كلامه فى حديث عمرو بن دينار فى القضاء بالشاهد و اليمين ..
-و كذلك اعل ابو حاتم خبرا رواه الليث بن سعد , عن سعيد المقبرى كما تراه فى " علل ابن ابى حاتم "2/352
- و من ذلك اشارة البخارى الى اعلال حديث الجمع بين الصلاتين : بان قتيبة لما كتبه مع عن الليث كان معه خالد المدائنى و كان خالد يدخل على الشيوخ , يراجع " معرفة علوم الحديث " للحاكم ص 120
-و من ذلك الاعلال بالحمل على الخطا , و ان لم يتبين وجهه
كاعلالهم حديث عبد الملك بن ابى سليمان فى الشفعة
و من ذلك اعلالهم : بظن ان الحديث ادخل على الشيخ كما ترى فى " لسان الميزان " فى ترجمة فضل بن الحباب و غيرها
و حجتهم فى هذا : ان عدم القدح بتلك العلة مطلقا انما بنى على ان دخول الخلل من جهتها نادر
فاذا اتفق ان يكون المتن منكرا , يغلب على ظن الناقد بطلانه فقد يحقق وجود الخلل
و اذا لم يوجد له سبب الا تلك العلة , فالظاهر انها السبب و ان هذا من ذاك النادر الذى يجىء الخلل فيه من جهتها ..
مثال :
ما اخرجه ابن عبد البر فى " الاستذكار "
اخبرنا احمد بن قاسم , و محمد بن ابراهيم , و محمد بن حكم
قالوا : حدثنا محمد بن معاوية , حدثنا الفضل بن الحباب , حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسى , حدثنى شعبة عن ابى الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله يقول :
" من وسع على نفسه و اهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سنته "
قال جابر : جربناه فوجدناه كذلك
و قال ابو الزبير مثله و قال شعبة مثله
قلت :
و هذا المتن منكر جدا مع نظافة سنده , و ثقة رجاله , و قد اعله الحافظ ابن حجر
فى " اللسان " 4/514 فقال :
" شيوخ ابن عبد البر الثلاثة موثقون , و شيخهم محمد بن معاوية هو ابن الاحمر راوى السنن عن النسائى وثقه ابن حزم و غيره
فالظاهر ان الغلط فيه من ابى خليفة , فلعل ابن الاحمر سمعه منه بعد احتراق كتبه "
قلت : و هذا اعلال محتمل غير مقطوع به , الا ان الائمة يلجؤون اليه عندما يكون المتن منكرا , و السند نظيفا , و ليست له علة ظاهرة تقدح فيه
و لا يلزم من الحكم على متن منكر بالوضع ان يكون راويه كذابا او وضاعا , او متهما بالكذب او بالوضع
بل ربما يكون من اهل الصدق و العدالة و الضبط , و ربما كان من الثقات الاثبات
و لكن وهم فيه سواء سماعا او تحديثا و لذلك فقد عرف اهل العلم الموضوع بانه ما كان راويه متهما , او كان مخالفا للاصول
و استخدام " او " دلالة على التخيير
و قد اشار المعلمى الى هذا المعنى فقال ص7 من تعليقه على الفوائد المجموعة للشوكانى :
" قد تتوفر الادلة على البطلان مع ان الراوى الذى يصرح الناقد باعلال الخبر به لم يتهم بتعمد الكذب , قد يكون صدوقا فاضلا , و لكن يرى الناقد انه غلط , او ادخل عليه الحديث )) انتهى المراد
و كم طبقت هذه المنهجية مع فضائل اهل البيت و مثالب اعدائهم
ففى المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 363)
حدثني ابن نمير حدثنا أبي ثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الوليد بن صخر الفزاري عن جزى بن بكير العبسي قال: لما قتل عثمان، أتينا حذيفة فدخلنا صفة له. قال: والله ما أدري ما بال عثمان، والله ما أدري ما حال من قتل عثمان إن هو إلا كافر قتل الآخر، أو مؤمن خاض إليه الفتنة حتى قتله فهو أكمل الناس إيماناً.
المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 363)
حدثني محفوظ بن أبي توبة حدثني أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن صخر بن الوليد عن جزي بن بكير قال: لما قتل عثمان، فزعنا إلى حذيفة في صفة له فقال: والله ما أدري كافراً أو مؤمناً خاض الفتنة إلى كافر يقتله.
المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 364)
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: من كان يحب وخرج الدجال تبعه، فأن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره.
وهذا إسناد قوي جدا وقد استنكر أبو يوسف صاحب الكتاب هذه الرواية وأعلها بزيد بن وهب
نقول : وفي المتن سقط بعد كلمة " يحب " كشفه الذهبي في ميزان الاعتدال
قال الذهبي ردا على أبي يوسف الفسوي :
ميزان الاعتدال - (ج 2 / ص 107)
[ صح ] زيد بن وهب [ ع ] من أجلة التابعين وثقاتهم. ومتفق على الاحتجاج به إلا ما كان من يعقوب الفسوى فإنه قال - في تاريخه: في حديثه خلل كثير، ولم يصب الفسوى. ثم إنه ساق من روايته قول عمر: يا حذيفة، بالله أنا من المنافقين ؟ قال: وهذا محال، أخاف أن يكون كذبا.
قال: ومما يستدل به على ضعف حديثه روايته عن حذيفة: إن خرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان.
ومن خلل روايته قوله: حدثنا - والله - أبو ذر بالربذة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلنا أحد [ الحديث ].
فهذا الذى استنكره الفسوى من حديثه ما سبق إليه، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثير من السنن الثابتة بالوهم الفاسد، ولا نفتح علينا في زيد بن وهب خاصة باب الاعتزال، فردوا حديثه الثابت عن ابن مسعود، حديث الصادق المصدوق وزيد سيد جليل القدر، هاجر إلى النبي انتهى
تاريخ المدينة - (ج 3 / ص 1083)
حدثنا حبان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم قال، حدثنا قيس، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش قال: قلت لحذيفة رضي الله عنه: ما هذه الاحاديث ؟ قد جاء فلان ابن فلان. فقال: عد ما تقول. فاستند إلى الحائط ثم قال: إنك لتحدثني حديث رجل إن أحد طرفيه لفي النار، والله ليخرجن إخراج الثور ثم ليشحطن شحط الجمل.
وهذا إسناد قوي جدا والرجل المعني هو عثمان
وقد ضعفوا جزي بن بكير الراوي عن حذيفة وقالوا أنه منكر الحديث لروايته خبر تكفير حذيفة لعثمان
ضعفاء العقيلي - (ج 1 / ص 201)
جزي بن بكير العبسي عن حذيفة حدثنا آدم بن موسى قال سمعت البخاري قال جزي بن بكير العبسي عن حذيفة منكر الحديث حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا الاعمش عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن صخر بن الوليد الفزاري عن جزى بن بكير العبسي قال لما قتل عثمان فزعنا إلى حذيفة في صفة له وذكر الحديث قال أبو جعفر فقلت لابي نعيم في صفة له فماذا قال والله لا أزيدك عليه
Bookmarks