صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 56789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 105 من 124

الموضوع: كي لا تنخدع بالإلحاد ( متجدد )

  1. #91
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أوهنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  2. #92
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي سفسطة الملاحدة حول مقولة البعرة تدل على البعير

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله الرد على سفسطة الملاحدة حول مقولة الأعرابي الذي سئل بم عرفت ربك؟ فقال البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، أفلا تدل على الصانع الخبير[1].

    يعلق أحدهم على مقولة : البعرة تدل على البعير فيقول : " أنها مليئة بالمغالطات المنطقية ... 1 -المشكلة الأولى تكمن في ضرب مثال بمقياس خاطئ حيث أنه عندما يقول البعرة تدل على البعير فالرد على ذلك هو أي بعير؟؟ الجاموس أم البقر أم الماعز أم الجمل الخ...
    و هذا ينطبق على الكون فلماذا هو الله؟ لم ليس فيشنو أو أودين أو زيوس أو اهووا مازدا؟؟
    ....
    2- المشكلة الثانية هي الاعتماد على الخبرات السابقة بمعنى إننا نعرف شكل البعرة من الخبرات السابقة و نعلم كيف يتم تكوينها لذا عندما نراها يساعدنا دماغنا على إمدادنا بمعلومة سابقة تمكننا من التعرف على الجسم الموجود أمامنا و الآن تأملوا معي ذلك الأعرابي الذي وجد البعرة و أثر السير.تخيلوا لو انه رأى حفرة على شكل مثلث...ماذا كان سيقول؟؟ البعرة تدل على البعير و الحفرة تلك تدل على..........????????????? ببساطة لن يعلم ؛ لأنه ليست لديه خبرات سابقة تمكنه من التعرف عليه .
    3- الاستنتاج على جهل يعد من أكبر المشاكل التي تواجه المتدين بشكل عام فهو يقول البعرة تدل على البعير ...و هذا الكون لا اعرف من أين جاء إذن...الله خلقه..هذه مغالطة منطقية أخرى
    4- سذاجة الطرح..فقد ساوى الأعرابي الكون بما فيه ببعرة و بعير و المثالان مقياسهما مختلف تماما و قد اوضحنا ذلك سابقا
    5- ... السؤال الأزلي من خلق الله؟؟ ... و في الحقيقة هذا ليس هو السؤال الصحيح بل السؤال الصحيح هو....كيف جاء الله...اخبرني بالطريقة التي جاء بها و سأفهم و أكف عن سؤالك لأني حينها سأقوم بتطبيق الفكرة على كل ما سبق .. عندما أسألك كيف جئت إلى الدنيا؟ ستقول بالتكاثر هنا سأتوقف عن السؤال فورا و افهم أن تلك هي طريقة الإنجاب و أطبقها على أبوك و جدك و سلالتك ...دعنا نرتب أفكارنا (كيف جاء الكون يا ملحد؟؟ جاء بالانفجار العظيم,,,و كيف جاءت المادة التي سببت الانفجار العظيم؟؟ لا اعلم ما زلنا نكتشف....هاها أجل دعني أخبرك إذن أن الله هو الذي جاء بها...إذن و كيف جاء الله؟؟؟ "

    ويقول ملحد آخر عن مقولة : البعرة تدل على البعير : " أنها تعرض إهانة بالغة للذات الإلهية التي يحاولون إثبات وجودها، فلا الكون بعرة ولا الله بعير ...إن مقولة ( البعرة تدل على البعير) تستند في حقيقتها على معرفة سابقة للبعير وإنتاجها للبعرة، وهو ما يجعل البدوي يفرّق بين بعرة البعير وروث بقية البهائم الأخرى. وهذه الفكرة البسيطة تنسف من الأساس أيّ استدلال منطقي قائم للاستشهاد بهذه المقولة في مسألة غاية في التعقيد كمسألة نشوء الكون ووجود إله لهذا الكون، هذا إضافة إلى أن عملية إنتاج البعرة ليست عملية واعية، في حين إنتاج الكون تفترض إرادة ووعياً يُلصقها المؤمنون بآلهتهم، وهذا الأمر يجعل الاستدلال بهذه المقولة غير مقبول منطقياً.

    ولنأخذ مثالاً على سذاجة هذه المقولة لنفهم منها استحالة الاعتماد عليها في الاستدلال بوجود الله بهذا المنطق. فإذا وجد أحدنا مادة كريهة الرائحة بالقرب من ضفة نهر، فإنه قد يُخمّن أن تكون هذه المادة روثاً لحيوان ما، ولكنه من المستحيل أن يُجزم لمن يعود هذا الروث؛ إلا أن يكون على معرفة سابقة. ولكن سكان المناطق النهرية يعرفون مثلاً أن هذا الروث روث تمساح، لأنهم على معرفة بشكل ورائحة روث التمساح، وعندها يُمكنهم أن يقولوا إن روث التمساح يدل على وجود التمساح، أو أن وجود بيض السلحفاة يدل على وجود السلحفاة، ولكن هنالك اشتراط واحد واجب الإمكان ألا وهو (المعرفة السابقة)، فكيف يُفرّق السكان الأصليون بين روث التمساح وروث فرس النهر؟ وبين بيض السلحفاة وبيض الزقزاق؟ وهل للمؤمنين معرفة سابقة بالله، تجعلهم يقولون إن (الكون يدل على وجود الله)؟ الواقع يقول إن لا أحد يمتلك هذه المعرفة السابقة على الإطلاق.


    إن مقولة (البعرة تدل على البعير) تمت إعادة صياغتها بطريقة رياضية وفقاً للتغيّرات المعرفية المتقدمة في تاريخ حركة الإنسان، وتمثل فيما يُسمى بمبدأ (السببية) أو العلّية، وهي تقضي بأن لكل موجود موجد بالضرورة، ولكن من غرائب العقلية الدينية أنه يرفض تطبيق هذا المبدأ بكُلياته، بحيث يتم استثناء الإله من هذا المبدأ عندما نطرح السؤال المنطقي: إذا كانت البعرة تدل على البعير، فعلى مَن يدل البعير؟ وبالتالي فعلى مَن يدل الله؟ والسؤال بصيغة أقل حدّة (من أوجد الله؟) وتكون الإجابة الصادمة للعقل هو أن الله هو الشيء الوحيد الذي وُجد من غير مُوجد! والمؤمنون متصالحون تماماً مع هذا الانقطاع المنطقي لهذا المبدأ العام "

    ويقول ملحد آخر : " يستخدم المتدين مثال الساعة والبعرة للاستدلال على مسبب، ويشبه الخنفساء مثلاً بالساعة، فهذه أيضاً معقدة التركيب ولها نظام دقيق وهدف، وهو التكاثر والبقاء.

    ولكن هناك مغالطة ضخمة وخداع مشين للذات في هذا التشبيه. وهو أننا نعرف تمام المعرفة أن الساعة مصنوعة ولها مسبب، فقد شاهدنا (أي بعضنا) من ركبها، وكيف ركبها، وكيف صنعت قطعها، وكيف جاءت ومن أين جاءت. وكذلك نعرف أن البعرة سببها البعير، فقد شاهدناه وهو يتبرزها. ولكن لم يشاهد أو يشعر أو يتحسس أحد منا بأي كيان، ميتافيزيقي بالخصوص، وهو يصنع الخنفساء أو الطير أو القطة أو الإنسان أو أي كائن طبيعي آخر ".

    ويقول ملحد آخر : " عندما تدل البعرة على البعير فهذا البعير نعرفه وقد رأيناه من قبل ، ولكن لو أتى شخص غريب ولم ير من قبل أي بعير في حياته من قبل أو حتى سمع عنه وهذا الشخص قد أتى إلى الصحراء وقد رأى براز البعير لأول مرة.. فهل سيتمكن هذا الشخص من الاستدلال على البعير الذي لم يراه من قبل ! ، بالطبع لم يتمكن من معرفة من هو صاحب هذا البراز أبدا ما لم ير صاحبه ( البعير ) بأم عينه وهو يتبرز أمام عينيه ! وكذلك الأمر ينطبق على الساعة أو أي آلة معقدة عندما يراها رجلا من سكان الأدغال لأول مرة في حياته فإنه سوف ينسب تلك الساعة إلى الجن أو الأشباح أو أي آلهة قد سمع عنها أو عبدها ! دون أن يخطر على باله بأنها من صناعة البشر مثله ! ولكنه أكثر تطورا وتعلما منه بأشواط كثيرة جدا ! بحيث لو بقيت تلك الساعة بحوزة ذلك الرجل ساكن الأدغال مدى حياته كلها ! فلم يهتدي ابدا من هو صاحبها الحقيقي وكيف نشأت ! ولو كان هذا الرجل من أذكى رجال قومه ! وهذا الأمر أيضا ينطبق على الإنسان المؤمن برب السموات والأرض !! عندما يرى حجم الكون المذهل وتعقيد جميع الكائنات الحية.. فأنه سوف يقع وقد وقع بالفعل في نفس الخطأ الذي وقع به الرجلان الافتراضيان كما أسلفت في المثالين السابقين عندما نسب كل ما رآه إلى ربه الوهمي ( الله ) ! ولم يستوعب عقله أبدا أن يكون كل ما يراه هو نتيجة طبيعية بحتة والكائنات الحية مهما بلغت من تعقيد فهي لا تحتاج إلى أي رب على الإطلاق لينشئها وهي تنشأ حيث الظروف المناسبة لنشأتها ! وهذا الشيء قد تم إثباته تباعا عن طريق أجيال من العلماء العباقرة والباحثين " .




    [1] - البيان والتبيين للجاحظ 1/163.
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  3. #93
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    عدم تعيين الفاعل على وجه التحديد لا يستلزم عدم وجود الفاعل

    من البديهيات أن حدوث أي فعل يستلزم وجود فاعل له فحدوث الكتابة يستلزم وجود كاتب ،وحدوث البناء يستلزم وجود بان ،وحدوث الضرب يستلزم وجود ضارب ،وحدوث السرقة يستلزم وجود سارق وحدوث القتل يستلزم وجود قاتل .

    والجزم بوجود فاعل للفعل لا يعني القدرة على تعيين فاعل الفعل دون الحاجة لأدلة وبراهين تفيد ذلك إذ تعيين فاعل الفعل يحتاج لأدلة وبراهين تفيد تعيين ذلك الفاعل دون غيره ،فحدوث جريمة ما يستلزم وجود مرتكب لها أما معرفة مرتكب الجريمة بعينه وتحديده دون غيره فيحتاج لأدلة وبراهين تفيد ذلك ،وحدوث كتابة على ورقة يستلزم وجود كاتب لها أما معرفة كاتب الورقة بعينه وتحديده دون غيره فيحتاج لأدلة وبراهين تفيد ذلك ،ورسم منظر طبيعي خلاب يستلزم وجود رسام مبدع أما معرفة من رسم هذا المنظر الطبيعي بعينه وتحديده دون غيره فيحتاج لأدلة وبراهين تفيد ذلك.

    وهذا الكون الذي نعيش فيه له لحظة بداية ولحظة تكوين ولحظة إنشاء ،وهذا يستلزم وجود مبدئ ومكون و منشئ له ،وهو الإله الخالق ،ومعرفة من هو هذا الإله الخالق وتعيينه يحتاج لأدلة وبراهين تفيد ذلك ،وهذه الأدلة والبراهين لابد أن تكون موجودة ظاهرة واضحة إذ لا يعقل أن من خلق هذا الكون بهذا الإبداع وهذا التناسق وهذا الجمال وهذا النظام و هذا الاتساع لا يضع للناس أدلة تدل عليه و تعرف الناس به ،وإذا كان من اخترع شيئا من الأشياء يبين للناس أنه مخترع ذلك الشيء بل ويغضب إذا نسب الاختراع لغيره فكيف بمن أبدع السموات و الأرض ،وخلق هذا الجمال على غير مثال ؟!!

    ولا يصح الاعتراض على مقولة البعرة تدل على البعير بأنها لم تبين من الفاعل على وجه التحديد ؛ لأن تعيين الفاعل على وجه التحديد يحتاج لأدلة وبراهين تفيد التحديد والتعيين ،ولا يلزم من عدم تعيين الفاعل على وجه التحديد عدم وجود الفاعل أي عدم تعيين الفاعل لا ينفي وجود الفاعل بمعنى أن الاختلاف في تعيين و تحديد الفاعل لا يمنع من الإقرار بوجود الفاعل .

    ومنطق هؤلاء الملاحدة هداهم الله أن مادام يوجد عدة احتمالات للبعير فلا يصح أن يقال البعرة تدل على البعير مع أن الإقرار بوجود بعير بعر البعرة شيء ،وتحديد من ذلك البعير الذي بعر هذه البعرة شيء آخر ، وعدم معرفتي بالبعير الذي بعر البعرة لا يمنع من إقراري بوجود بعير بعر البعرة .

    ومنطق الملاحدة في نشأة الكون أن مادام يوجد عدة احتمالات لمنشئ الكون فلا يصح أن يقال أن للكون منشئ مع أن الإقرار بوجود منشئ للكون شيء ،وتعيين ذلك المنشئ على وجه التحديد شيء آخر ،وعلى التسليم الجدلي تنزلا مع الملاحدة أني لا أعرف من منشئ الكون على وجه التحديد فهذا لا ينفي أن للكون منشئ .

    مقولة البعرة تدل على البعير مقولة بديهية

    إن مقولة البعرة تدل على البعير مقولة بديهية أوضح من أن توضح وهي مثل الكتابة تدل على كاتب ،والبناء يدل على بان ،وهذه معارف أولية لا تحتاج في تصورها أو التصديق بها إلى اكتساب أو معرفة سابقة أي علم الإنسان بأن البعرة تدل على البعير ليس موقوفا على معرفة سابقة للبعير وإنتاجها للبعرة كقولنا الكل أكبر من الجزء ،و النقيضان لا يجتمعان ، والخطّان المُتوازيان لا يتقابلان .

    وبمجرد أن يرى الإنسان بعرة يدرك أن لها سبب ولها محدث ولها فاعل حتى وإن كانت أول بعرة يراها في حياته كما أن الإنسان إذا رأى كتابة يدرك أن لها سبب ولها محدث ولها فاعل حتى وإن كانت أول كتابة يراها في حياته .

    وبمجرد أن يدرك الإنسان أن شيء من الأشياء أثر يعلم أن سببه مؤثر ، وبمجرد أن يدرك الإنسان أن شيء من الأشياء فعل يعلم أن سببه فاعل ،وهذا العلم لا يحتاج إلى رؤية سابقة للمؤثر أو الفاعل ،و عليه فالعلم بأن البعرة سببها البعير لا يحتاج إلى رؤية سابقة لبعير يبعر كي يعلم بأن للبعرة باعر ، وهو مثل العلم بأن الكتابة سببها كاتب ،ولا يحتاج الإنسان لرؤية سابقة لإنسان يكتب كي يعلم بأن للكتابة كاتب ،ومثل العلم بأن البناء سببه بان ،ولا يحتاج الإنسان لرؤية سابقة لإنسان يبني كي يعلم بأن للبناء بان ،ومثل العلم بأن الضرب سببه ضارب ،ولا يحتاج الإنسان لرؤية سابقة لإنسان يضرب كي يعلم بأن للضرب ضارب ،ولو رأى إنسان كرسيا لأول مرة علم أن له صانع ،ولا يحتاج ذلك لرؤية نجار يصنع الكرسي .

    وهذا الكون الذي نعيش فيه له لحظة تكوين و إنشاء ووجد بعد أن لم يكن موجودا ،وهذا يستلزم وجود مكون و منشئ و موجِد له ،وهو الإله الخالق ،والعلم بذلك لا يحتاج إلى رؤية سابقة للإله ،وهو يكون الكون وينشئه و يوجده ،و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون لم نر صانعه يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق لأننا لم نر الخالق وهو يخلق الكون ؟!!!
    عدم تصور فاعل الفعل لا يستلزم عدم تعقل وجوده
    و عدم تصور السبب لا يستلزم عدم تعقل وجوده

    إن الإقرار بوجود فاعل للفعل ،وتعقل وجوده لا يستلزم تصور ذلك الفاعل ،وعدم تصور فاعل الفعل لا يستلزم عدم تعقل وجوده بمعنى آخر عدم تصور السبب لا يستلزم عدم تعقل وجوده ولا ينفي وجوده، و معنى التصور استحضار صورة الشيء في الذهن [1] أو حصول صورة الشيء في العقل [2] ،و قد يطرق باب بيتي طارقا فأجزم أن هناك طارقا بالباب وأعقل أن هناك طارقا بالباب لكن لا أدري من هذا الطارق ولا أتصور من هذا الطارق قد يكون إنسانا قد يكون رجلا قد يكون امرأة قد يكون طفلا قد يكون قطة قد يكون كلبا ،وعليه فعدم تصوري للطارق الذي بالباب لا ينفي تعقلي بوجود طارق بالباب ،ولا ينفي وجود طارق بالباب .

    و الأجسام تسقط على الأرض بفعل الجاذبية الأرض ،ونحن نعقل وجود الجاذبية ،ولكننا لا نستطيع تصور هذه الجاذبية الأرضية رغم وجودها ،وعدم تصورنا لهذه الجاذبية الأرضية لا ينفي وجودها .

    والمغناطيس يجذب المواد المصنوعة من الحديد ، والكوبلت ، والنيكل ، والكروم والمنجنيز والجادولينيوم وغيرها بفعل الظاهرة المغناطيسية ،ونحن نعقل وجود الظاهرة المغناطيسية ،ولكننا لا نستطيع تصور هذه الظاهرة المغناطيسية رغم وجودها ،وعدم تصورنا لهذه الظاهرة المغناطيسية لا ينفي وجودها .

    وبالعقل يدرك الإنسان الأشياء و يميز بين الحسن و القبيح و الخير والشر ،ونحن نعقل وجود العقل ولكننا لا نستطيع تصور هذا العقل رغم وجوده ،وعدم تصورنا للعقل لا ينفي وجوده .

    يقول الشعراوي – رحمه الله - : ( وفَرْق بين التعقُّل والتصوُّر، والذي أتعب الفلاسفة أنهم خلطوا بينهما، فالتعقل أن أنظر في آيات الكون، وأرى أن لها موجداً، أمّا التصور فبأنْ أتصور هذا الموجِد: شكله، اسمه، صفاته. . إلخ وهذه لا تتأتى بالعقل، إنما بالرسول الذي يأتي من قِبَل الإله الموجد.
    وسبق أن ضربنا مثلاً - ولله تعالى المثل الأعلى - قلنا: لو أننا نجلس في مكان مغلق، وطرق الباب طارق، فكلنا يتفق على أن طارقاً بالباب لا خلاف في هذه، لكن نختلف في تصوُّره، فواحد يتصور أنه رجل، وآخر يقول: طفل، وآخر يتصوَّره امرأة، وواحد يتصوره بشيراً، وآخر يتصوره نذيراً. . إلخ.
    إذن: اتفقنا في التعقُّل، واختلفنا في التصور، ولكي تعرف مَن الطارق فعلينا أن نقول: من الطارق ؟ ليعلن هو عن نفسه ويخبرنا مَنْ هو؟ ولماذا جاء؟ ويُنهي لنا في هذا الخلاف.
    كذلك الحق - تبارك وتعالى - هو الذي يخبرنا عن نفسه، لكن كيف يتم ذلك؟ من خلال رسول من البشر يستطيع أنْ يتجلى الله عليه بالخطاب، بأن يكون مُعدّاً لتلقِّي هذا الخطاب، لا أنْ يخاطب كل الناس.
    وقد مثَّلْنا لذلك أيضاً (بلمبة) الكهرباء الصغيرة أو (الراديو) الذي لا يتحمل التيار المباشر، بل يحتاج إلى (ترانس) أو منظم يعطيه الكهرباء على قَدْره وإلا حُرق، فحتى في الماديات لا بد من قوي يستقبل ليعطي الضعيف.
    والحق سبحانه يُعد من خَلْقه مَنْ يتلقى عنه، ويُبلِّغ الناس، فيكلم الله الملائكة، والملائكة تكلم الرسل من البشر )[3].



    قول المؤمنين بوجود خالق للكون مبني على علم وليس على جهل

    إن قول المؤمنين بوجود خالق للكون قول مبني على علم ،وليس قولا مبنيا على جهل ، والكون نفسه وُجِد بعد أن لم يكن موجودا ،وأُحدِث بعد أن لم يكن حادثا فلابد أن يكون له موجِد ومحدِث ،وعندنا أربعة احتمالات لوجود الكون فإما أن يكون الكون قد وجد صدفة أو يكون الكون قد أوجد نفسه بنفسه أو الطبيعة أوجدته أو هناك خالق خلقه .

    والاحتمال الأول مرفوض ؛ لأن الصدفة ليست بشيء حتى تستطيع أن توجد شيئا ،و الصدفة ليست فاعلة ،ولكنها صفة للفعل الصادر من الفاعل ،والفعل لا يوجد بدون فاعل ،ومعنى أن الفعل حدث صدفة أي الفعل حدث دون قصد وترتيب مسبق من الفاعل ووصف كيفية حدوث الفعل لا ينفي وجود فاعل له ،وعندما نسمع أن أثرا من الآثار الفرعونية اكتشف صدفة لا نفهم من ذلك أن الأثر ليس له مكتشف [4]،وعندما نسمع أن أحد القوانين الفيزيائية اكتشف صدفة لا نفهم من ذلك أن القانون ليس له مكتشف[5] ،وعندما نسمع أن شيئا من الأشياء اخترع صدفة لا نفهم من ذلك أن هذا الشيء ليس له مخترع [6] .

    والاحتمال الثاني مرفوض ؛ لأن الكون لم يكن موجوداً قبل أن يوجد فكيف يوجد شيئاً وهو غير موجود أصلا ،وفاقد الشيء إذا كان لا يملِكه ولا يملك أسبابه لا يعطيه ؟ ، والقول بأن الكون أوجد نفسه بنفسه يلزم منه وجود الكون قبل وجوده ، و هذا محال .

    والاحتمال الثالث مرفوض إذ الطبيعة قد تعني ذوات الأشياء المادية المحسوسة الموجودة في الكون حولنا من جماد وحيوان ونبات ،وقد تعني صفات الأشياء الموجودة في الكون من حركة وسكون, وحرارة وبرودة, وليونة ويبوسة, وغير ذلك وقد تعني مجموع السنن و القوانين المتحكمة في ظواهر العالم المشاهد المحسوس السارية على جميع موجوداته فإن عني بالطبيعة ذوات الأشياء المادية المحسوسة الموجودة في الكون حولنا من جماد وحيوان ونبات فهذا مقتضاه أن الكون قد أوجد نفسه بنفسه و الكون علة لنفسه وهذا فاسد ،ومن المعلوم أن الشيء لا يخلق شيئاً أرقى منه، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار وغير ذلك لا تملك عقلاً ولا سمعاً ولا بصراً، فكيف تخلق إنساناً سميعاً عليماً بصيراً ! وإن عني بالطبيعة صفات الأشياء فهذا التفسير أفسد من التفسير السابق ؛ لأنه إذا عجزت ذات الأشياء عن إيجاد نفسها فعجز صفاتها من باب أولى ،وإن عني بالطبيعة القوانين التي تتحكم في الكون فهذا باطل ؛ لأن القوانين تحتاج لمن يسنها و يقننها ،و لا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج شيئا للوجود ،ولا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج حدثا من الأحداث بل غاية قوانين الطبيعة وصف العلاقة بين أحداث معينة بعدما أوجدتها الأسباب ،ومن يعتقد أن القوانين تستطيع أن تسبب شيئا من الأشياء كمن يعتقد أن القوانين الحسابية يمكن أن توجد مالا ،و كمن يعتقد أن القوانين التي تعمل بها السيارة يمكن أن تخلق السيارة أو تسير السيارة دون الحاجة لمن يقودها و هذا قول في غاية السخف والسقوط .

    و إذا بطلت الاحتمالات الثلاثة تعين أن يكون الاحتمال الرابع ،وهو وجود خالق للكون هو الصحيح لفساد ما ينقضه .

    [1] - انظر المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية ص 45
    [2] - المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا ص 281
    [3] - تفسير الشعراوي 19/11692
    [4] - يوجد الكثير من المقابر الفرعونية التي اكتشفت صدفة ، ومن ذلك اكتشاف أهالي أحد قرى أشمون المنوفية مصر بالصدفة مدخل مقبرة فرعونية إثناء إجراء حفائر لتشييد مسجد وقاموا بإبلاغ مسئولي المجلس الأعلى للآثار الذين أوفدوا لجنة فنية وأثرية متخصصة وتبين لهم أنه من الاكتشافات الأثرية المهمة ويعود إلي العصر الفرعوني المتأخر للدولة الفرعونية القديمة .
    [5] - يوجد الكثير من القوانين الفيزيائية التي اكتشفت صدفة ،ومن ذلك اكتشاف أرشميدس لقانون الطفو ،واكتشاف نيوتن للجاذبية .
    [6] - من الأشياء التي اخترعت عن طريق الصدفة اختراع هانز ليبرش للنظارة الطبية ،و اختراع جون واكر لأعواد الثقاب واختراع ليبارون سبنسر للميكروويف
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  4. #94
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    و إن قال الملاحدة قول المؤمنين كل حادث يحتاج إلى محدث قول بلا دليل و لا سبيل للبرهنة عليه و مهما جمع من أدلة من العالم فإنها لا تكفي للوصول إلى الكلية لاستحالة اختبار كل الحوادث و معرفة هل هي محتاجة إلى محدث أو لا فالجواب هذه سفسطة لا أثارة عليها من علم إذ مقولة الحادث لا بد له من محدِث من البديهيات .

    و البدهيات هي حقائق ضرورية لا تحتاج إلى برهان، أي أنها تفرض نفسها على الذهن بحيث لا يحتاج إلى برهان لإثباتها ويجمع العقلاء على صحتها واعتمادها كأصول ضرورية لازمة ، و هي تعتبر أسسا و قواعد أولية ومقاييس تبنى عليها باقي الأفكار، وبراهين لإثبات صدق غيرها من الأفكار .

    و مقولة كل حادث لابد له من محدث هي كمقولة كل كتابة لابد لها من كاتب و لو رأي شخص كتابة فقال لابد لها من كاتب فاعترض عليه آخر قائلا : ( أثبت لي أن هذه الكتابة تحتاج لكاتب و هل اختبرت كل الكتابات لتعرف هل تحتاج إلى كاتب أم لا ) لعده الناس مجنونا .

    و مقولة كل حادث لابد له من محدث بديهية مستغنية أن يذب عنها يستدل بها و لا يستدل لها فالسؤال عن إثباتها يعتبر خطأ فادح كالتصديق بأن النار حارة فهذا التصديق لا يحتاج إلى إثبات و جمع الأدلة عليه من كل العالم .

    و إني أسأل عن شخص يفكر في وجود جهاز دقيق الحجم معقد التركيب محكم الوظائف وجد بلا موجد ما حكمه عند العقلاء و أيهما أعظم في الحكم هذا الجهاز الدقيق أم هذه خلية الإنسان الحية ،وهي دقيقة الحجم معقدة التركيب محكمة الوظائف أضف إلى ذلك أنها تنمو و تتكاثر و تتنفس و تتغذى و تقوم بعمليات حيوية تعجز عن محاكاتها أكبر المصانع في العالم ، و الأعجب من هذا أن المواد الميتة خارج الخلية كالكربوهيدرات و البروتينات عندما تعبر غشاء الخلية و يسمح لها بالاندماج مع مكونات الخلية وعضياتها تتحول هذه المواد من مواد ميتة لا حياة فيها إلى عضيات حية تتغذى ، وتتنفس ؟!!


    والكون الذي نعيش فيه محكوم بقوانين لا يحيد عنها ،ولاينفك عنها فهي مفروضة عليه فرضا فلابد أن يكون لها من قننها و سنها وفرضها و عندنا ثلاث احتمالات لمن سن هذه القوانين إما أن يكون الكون نفسه هو الذي سن هذه القوانين أو القوانين نفسها أو شيء آخر خارج عن الكون .

    و الاحتمال الأول مرفوض إذ يلزم منه وجود الكون قبل وجوده .

    و الاحتمال الثاني مرفوض ؛ لأنه تصوير للقوانين على أنها فاعلة محركة ،و القوانين مجرد وصف سلوك لظاهرة في الكون يتكرر تحت نفس الظروف .

    و الاحتمالان السابقان باطلان فتعين الاحتمال الثالث لفساد ما ينقضه ،وهو أن يكون من سن قوانين الكون شيء خارج عن الكون فهذا إثبات لشيء خارج عن الكون ،وهو الإله الخالق .

    و نجد هذا الكون الذي نعيش فيه في غاية الانتظام فتجد المطر لا يستطيع أن يمتنع عن الأرض فتنعدم الحياة ويهلك الناس ،و الأرض لا تستطيع أن تمتنع عن إنبات الزرع و ما رأينا يوما تعطل الشمس أو سقوط نجم من السماء على الأرض و غير ذلك من الأمور ،و كل هذا يدل على وجود خالق قدير يحفظ نظام هذا الكون فلابد للتنظيم من منظم ، قال تعالى : ﴿ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [ البقرة : 164 ] ، وقال تعالى : ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ﴾ و إذا كان العقل يحيل انتظام عمل مصنع من المصانع دون منظم لهذا المصنع فكيف بهذا الكون الشاسع ؟!

    و إن قال الملاحدة الاستدلال بدليل النظام قائم على التشابه بين الكائنات الطبيعية و المصنوعات البشرية فلأننا شاهدنا أن جميع المصنوعات البشرية لا تخلو من صانع ، فلا بد أن يكون للكون المنظَّم من صانع خالق ، و هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب و تعْدِيَة حكم أحدهما إلى الآخر لاختلافهما ، فإن مصنوعات البشر موجودات صناعية ، بينما الكون موجود طبيعي .

    و الجواب أن العقل المدُقّق في حقيقة النظم و المتتبع لعلته ، سيحكم فورا بأن مصدر النظام هو خالق حكيم عالم قد أوجد الأجزاء المختلفة كمّا وكيفا ، ورتبها ونسقها بحيث يمكن أن تتفاعل في ما بينها ، وتتعاون لتحقيق الهدف المطلوب والغاية المقصودة من إيجادها وهذا الحكم الذي يصدر عن العقل لا يستند إلى شيء سوى إلى ماهية النظام وطبيعته الرافضة للتحقق بلا فاعل عالم ومدبر، ولا يستند إلى التشابه ، ولا إلى التجربة كما زعموا فبرهان النظم قائم على إدراك الحس بوجود النظام في الكون بملاحظة العقل للنَّظم و التناسق و الانضباط بين أَجزاء الوجود أي ملاحظة نفس ماهية النظام من دون تنظيرها بشيء ، فيحكم بما هو هو، من دون دخالة لأَية تجربة و مشابهة ، بأَنَّ موجد النَّظم لا محالة يكون موجوداً حكيما قديرا .

    و برهان النظام قائم أيضا على البديهة العقلية القاضية بأن النظام لا يكون إلا من منظم ذي إرادة و قدرة وحكمة و ما ذكروه من أن هذا مصنوع ، و هذا طبيعي لا يلغي وجود النظام في كليهما ، و لا يلغي البديهة العقلية القاضية بوجود منظم للكون .

    و الفارق الذي ذكروه بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان غير مؤثر إذ لا فارق بين الأحداث التي تكون في الطبيعة و التي يفعلها الانسان من حيث السبب و العلة .


    و إن قال الملاحدة لا يمكن الحكم على الكون أنه منتظم فهل لدينا كون آخر يمكن مقارنته بهذا الكون حتى يمكننا القول بأن كوننا منظم و الجواب لا يشترط في القول بأن الكون منتظم وجود كون آخر يقارن بكوننا ، فوصف أي شيء بصفة لا يستلزم وجود مماثل له لكي يوصف و الشيء يوصف عن طريق رؤيته بالبصر أو الإحساس به عن طريق الحواس الأخرى أو رؤية الشبيه بالبصر أو الإحساس بالشبيه عن طريق الحواس الأخرى .

    و لعل الملاحدة خلطوا بين وصف الشيء و مقارنة الشيء بغيره فالمقارنة تحتاج وجود شيء آخر يقارن بالشيء مثل فلان جميل هذا وصف و عند مقارنة فلان بغيره تقول فلان أجمل من فلان و هذا الشيء منظم و هذا الشيء أكثر نظاما من هذا الشيء .

    و إن قال الملاحدة لو كان هناك كيان صمم هذا النظام فهذا يعني أن هذا الكيان بنفس الفرض هو محكم ومعقد أكثر من الكون فمن أين أتى هذا الكيان ؟ و الجواب أن القول بوجود منظم للكون لا يفرض وجود سبب لهذا المنظم ؛ لأن الذي نظم الكون هو الخالق و الخالق ليس كالمخلوق و لا يصح أن يُقاس القديم الأزلي الذي لا أول له على الحادث الذي له أول و هل يوجد لله شبيه حتى نشبه الله به و الله ليس له شبيه .

    و إن قال الملاحدة لا يصح أن يقال أن الكون منظم لوجود الفوضى في الكون و الجواب هذه الظواهر التي يدعون أنها فوضوية لا تلغي وجود نظام في الكون فكم يوجد في الكون من أشياء منظمة منسقة حتى أبهرت علماء الفيزياء و الأحياء و الكيمياء و الفلك و الجولوجيا و غيرهم .

    و الفوضى تستلزم عدم وجود أنظمة و قوانين تحكم هذه الظواهر الفوضوية و إمكان استنتاج قوانين عامة تحكم هذه الأمور يدل على انتظامها و ليس على عدم انتظامها ، و لا يوجد شيء في الكون في الغالب لا يخضع لقوانين ،و ما لم يتم معرفة قوانينه فهذا لقصور العلم في الوقت الحالي و مع مرور الزمن سيكشف لنا العلم وجود نظام لهذه الظواهر .

    و ما دامت الفوضى تخضع لقوانين فليست فوضى ، و لكن نظام مرتب لم يتم الكشف عن ماهيته الحقيقية ، و هل وجود ظواهر فوضوية في الكون كما يدعون ينفى وجود موجد لها ؟!!

    و النظام هو السائد في الكون بدليل إمكان العلماء من وضع قوانين للظواهر الفيزيائية و الطبيعية فلو كانت الفوضى هي السائدة لما تمكن العلماء من وضع قوانين تحكم الكون .

    ووجود الكائنات الحية دليل على وجود خالق حي وهب الحياة لها فالحياة لا تأتي إلا من حي ،و من يقول من الملاحدة: " نشأة الحياة ليست دليلا على وجود خالق ؛ لأنها نشأت صدفة عبر سلسلة طويلة من التطور الكيميائي ما قبل الحيوي استمر لملايين السنين ابتداء من الكيميائيات البسيطة مروراً بالجزيئات المتعددة و الجزيئات المتعددة الناسخة ذاتياً داخلةً بدورات تحفيزية وصولاً إلى كائنات ما قبل بكتيرية وأخيراً وصولاً إلى بكتريا بسيطة " فالجواب هذا الكلام لا يصح ،و ينم عن الجهل بمفهوم الصدفة إذ على التسليم الجدلي تنزلا مع الملاحدة أن الحياة نشأة صدفة نتيجة سلسلة من التفاعلات فهذا لا ينفي وجود خالق للحياة ؛ لأن الصدفة ليست فاعلة ،ولكنها صفة للفعل الصادر من الفاعل ،والفعل لا يوجد بدون فاعل .

    وعلى التسليم الجدلي أن الملاحدة قدموا الآلية الصحيحة لنشأة الحياة فهم تكلموا عن كيفية نشأة الحياة ، و ليس لماذا نشأة الحياة ومن الذي أنشأها ؟ ، ومن الذي جعلها تنشأ بهذه الطريقة ؟ إذ العلم يبحث عن الفعل ،و لا يبحث عن الفاعل ،و يبحث عن الحدث ،و لا يبحث عن الحادث.


    و لو كانت الحياة قد نشأت نتيجة سلسلة من التفاعلات فلابد من وجود موجِد للمواد التي تتفاعل ، ولابد من وجود من أعطى هذه المواد القابلية للتفاعل ،وهذه السلسلة من التفاعلات لها شروط معينة للحدوث فتحتاج إلى من يهيئ لها الشروط المعينة لحدوثها ،وهذه السلسلة من التفاعلات تحتاج إلى من يحافظ عليها كي تعطي نتائجها .
    ولو كانت الحياة قد تطورت من مادة غير حية فمن الذي طور هذه المادة ؟ إذ أي تطور لابد له من مطور ، و إن قيل المادة هي التي طورت نفسها عبر ملايين السنين ،فالجواب هذا الكلام يستلزم أن الأدنى يتطور بنفسه إلى الأعلى ،و التطور الذاتي إلى الأكمل دون تدبير حكيم عليم قدير خالق، أمرٌ مستحيل عقلاً، إذ الناقص لا ينتج الكامل في خطةٍ ثابتة ، وهو بمثابة إنتاج العدم للوجود[1] ،و يلزم من هذا الكلام قبول تحول الناقص إلى الكامل بنفسه، وهذا نظير وجود الشيء من العدم الكلي المحض[2].

    ومن يدعي من الملاحدة أن توافر الظروف لنشأة الحياة أدى لنشأة الحياة دون الحاجة لمسبب فدعواه في غاية السخف والسقوط ،وهو كمن يقول توافر الظروف لحدوث الجريمة أدي لحدوث الجريمة ،وعليه فليس للجريمة مرتكب .

    وقد عرفنا خالق الكون بنفسه وبأسمائه وبصفاته و بخلقه للكون وبما يحبه و بما يكره من خلال رسله وأنبيـائه المؤيدين بالمعجزات وأخبرنا أنه الله ،وأخبرنا أنه هو الذي خلقنـا و لو كان هناك خالق غير الله لأدعى الخلق ، و لم يدع أحد غير الله لنفسه الخلق إلا خذله الله في الدنيا و افتضح أمره ، أما الله سبحانه فقد قال أنه الخالق لكل شيء عن طريق رسله و أنبيائه و لم ينازعه أحد قال تعالى : ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [ فاطر : 3 ] ،وقال تعالى: ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54] ، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62] و قال تعالى : ﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد : 16]


    [1] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ص 331
    [2] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ص 446
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  5. #95
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    مقولة البعرة تدل على البعير من باب ضرب المثل

    إن قول الأعرابي البعرة تدل على البعير كانت على سبيل ضرب المثل والقياس ليتضح قوله ،ويزداد الكلام بالمثل وضوحا كما قيل بالمثال يتضح المقال .

    ولسان حال الأعربي يقول إذا كانت البعرة تدل على فاعلها ،وهي أقل شأنا من وجود الليل والنهار والسماء والنجوم فمن باب أولي وجود الليل والنهار والسماء والنجوم والكون بأكمله يدل على وجود فاعله ،وهو الإله الخالق .

    وإذا كان أثر السير يدل على فاعله ،وهو أقل شأنا من وجود الليل والنهار والسماء والنجوم فمن باب أولي وجود الليل والنهار والسماء والنجوم والكون بأكمله يدل على وجود فاعله ،وهو الإله الخالق قال تعالى : ﴿ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [ البقرة : 164 ]

    والإنسان حين ينظر في الكون وفي آياته لا بُدَّ أنْ يصل من خلالها إلى الخالق عَزَّ وَجَلَّ، فما كان لها أنْ تتأتى وحدها، ثم إنه لم يدَّعها أحدٌ لنفسه ممَّنْ ينكرون وجود الله، وقلنا: إن أتفه الأشياء التي نراها لا يمكن أن توجد هكذا بدون صانع، فمثلاً الكوب الذي نشرب فيه، هل رأينا مثلاً شجرة تطرح لنا أكواباً ؟

    إذن: لا بُدَّ أن لها صانعاً فكر في الحاجة إليها، فصنعها بعد أنْ كان الإنسان يشرب الماء عباً، أو نزحاً بالكفن وما توصلنا إلى هذا الكوب الرقيق النظيف إلا بعد بحث العلماء في عناصر الوجود، أيها يمكن أنْ يعطيني هذه الزجاجة الشفافة، فوجدوا أنها تُصنَع من الرمل بعد صَهْره تحت درجة حرارة عالية، فهذا الكوب الذي يمكن أنْ نستغني عنه أخذ منا خبرة وقدرة وعلماً . إلخ فما بالك بالشمس التي تنير الكون كله منذ خلق الله هذا الكون دون أنْ تكلّ أو تملَّ أو تتخلف يوماً واحداً، وهي لا تحتاج إلى صيانة ولا إلى قطعة غيار، أليست جديرة بأن نسأل عمَّنْ خلقها وأبدعها على هذه الصورة، خاصة وانها فوق قدرتنا ولا تنالها إمكاناتنا[1].


    وليس في مقولة البعرة تدل على البعير إهانة للذات الإلهية ،ولا تشبيه الكون ببعرة أو تشبيه الخالق ببعير كما يزعم الملاحدة هداهم الله ؛ لأن المقولة أتت على سبيل ضرب المثل ،وتشبيه حال أمر بحال أمر آخر ،وتنبيه الذهن على قياس النظير على النظير .

    والعربي يضرب مثلا لسوء الْجَزَاء بقوله : جزاه جَزَاء سنمار ،وَكَانَ سنمار بِنَاء مجيداً من الرّوم فَبنى الخورنق للنعمان بن امرئ الْقَيْس فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ النُّعْمَان استحسنه وَكره أَن يعْمل مثله لغيره فَأَلْقَاهُ من أَعْلَاهُ فَخر مَيتا[2] قال النعمان لسنمار: ما رأيت مثل هذا البناء قط. فقال له سنمار: إني أعلم موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله. فقال النعمان أيعرفها أحد غيرك. قال: لا. قال: لأدعنها وما يعرفها أحد.وأمر به قفذف من أعلى القصر[3]،وعندما يقال هذا المثل على شخص لا يقصد بذلك تشبيه هذا الشخص بسنمار ،ولكن تشبيه حاله بحال سنمار .


    والعربي يضرب مثلا لمن يرجع بالخيبة بقوله رجع بِخُفَّيْ حنين ،و حنين هو اسم إسكاف من أهل الحيرة، ساومه أعرابي بخفين ولم يشترهما، فغاظه ذلك وعلق أحد الخفين في طريقه، وتقدم فطرح الآخر وكمنَ له، وجاء الأعرابي فرأى أحد الخفين فقال: ما أشبه هذا بخف حنين، لو كان معه آخر لاشتريته. فتقدم فرأى الخف الثاني مطروحا في الطريق فنزل وعقل بعيره ورجع إلى الاول، فذهب الإسكاف براحلته وجاء إلى الحي بخفي حنين[4] فكان هذا مثلا يضرب عند الرجوع بالخيبة[5]. وعندما يقال هذا المثل على شخص لا يقصد بذلك تشبيه هذا الشخص بالأعرابي الذي رجع بِخُفَّيْ حنين ،ولكن تشبيه حاله بحال الأعرابي .

    والعربي يضرب مثلا لما يكتفي بمنظره عن تعرف حاله بقوله كفى برغائها[6] منادياً و،َأَصله أَن ضيفاً أَنَاخَ[7] بِفنَاء رجل فَجعلت رَاحِلَته ترغو فَقَالَ الرجل مَا هَذَا الرُّغَاء أضيفٌ أَنَاخَ بِنَا فَلم يعرفنا مَكَانَهُ فَقدم قراه فَقَالَ الضَّيْف كفى برغائها منادياً[8] قَال أبو عبيد: هذا مَئَلٌ مشهور عند العرب يضرب في قَضَاء الحاجة قبل سؤلها، ويضرب أيضاً للرجل تحتاج إلى نُصرتَه أوْ مَعُوْنَتَهُ فلا يحضرك، ويعتلُّ بأنه لم يعلم، ويضرب لمن يقف بباب الرجل فيقَال: أرْسِلْ مَنْ يستأذن لك ويقول: كفى بعلمه بوقوفي ببابه مستأذنا لي، أي قد علِم بمكاني فلو أراد أذِنَ لي[9].

    ومما يؤكد عدم قصد الأعرابي الأهانة للذات الإلهية أنه لم يذكر البعرة تدل على البعير وحدها بل اتبعها بقوله وأثر السير يدل على المسير ، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، أفلا تدل على الصانع الخبير فلما تغافل الملاحدة عن باقي كلام الأعرابي ؟!!


    بطلان سؤال من خلق الله ؟ وكيف جاء الله ؟ومن أوجد الله ؟

    إن العقل السليم يبطل سؤال من خلق الله أو كيف جاء الله ؟ أو من أوجد الله ؟، إذ كون الله خالقا يستلزم ألا يكون مخلوقا ،وعليه فلا يصح سؤال من خلق الله أو كيف جاء الله ؟ أو من أوجد الله ؟ ، والأصل في الخالق الوجود إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون ؛ لأن فاقد الشيء الذي لا يملكه، ولا يملك سبباً لإعطائه لا يعطيه ، و إذا كان الأصل في الخالق الوجود فلا يصح أن نسأل عن سبب وجوده أو كيف جاء .

    و الخلق يفتقرون إلى خالق ، و لو كان الخالق يفتقر إلى غيره ،وهكذا للزم التسلسل في الفاعلين إلى ما لا نهاية و بالتالي لا يوجد خالق للخلق ، و الخلق فعل و الفعل لا بد أن يكون له فاعلا ،و عدم وجود خالق للخلق يستلزم ألا يوجد فاعل للفعل وهذا باطل .

    و سؤال السائل : من خلق الله ؟ يساوي سؤال : ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله ؟ و يساوي سؤال : ما بداية الشيء الذي لا بداية له ؟ ويساوى سؤال : ما بداية وجود الشيء الذي لا بداية لوجوده ؟ .


    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات


    [1] - تفسير الشعراوي 19/11691
    [2] - جمهرة الأمثال للعسكري 1/305
    [3] - الحيوان للجاحظ 7/460
    [4] - الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري 5/2106
    [5] - اللباب في قواعد اللغة وآلات الأدب لمحمد علي السراج ص 274
    [6] - الرغاء صوت الأبل
    [7] - أناخ بالمكان أقام بالمكان واستقر
    [8] - جمهرة الأمثال للعسكري 2/151
    [9] - مجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني النيسابوري 2/142
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  6. #96
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  7. #97
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي فساد أكذوبة الملاحدة أن وجود الله مجرد فرضية كفرضية وجود الوحش الاسباج

    فساد أكذوبة الملاحدة أن وجود الله مجرد فرضية كفرضية وجود الوحش الاسباجيتي

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    وفي هذا المقال سنتناول بإذن الله الرد على دعوى الملاحدة أن وجود الله مجرد فرضية كفرضية وجود الوحش الاسباجيتي الطائر يقول أحد الملاحدة هداه الله : " هل تستطيعون إثبات أن وحش المكرونة ( أو السباغيتي ) الطائر الذي يأكل البسكويت غير موجود؟ أليس السؤال المنطقي هنا هو كوني أملك دليلاً على وجوده أم لا؟ هل عدم قدرتكم على إثبات أنه غير موجود يعني أنه موجود؟ بنفس الطريقة، الله غير موجود لأنكم لا تستطيعون إثبات وجوده. والبرهان لا يقع على عاتقنا للإثبات بأن الله غير موجود، بل يقع على عاتق المؤمن أن يثبت أن الله موجود بالدليل، بنفس الطريقة التي يقع على عاتقي إثبات أن وحش السباغيتي الطائر موجود إذا ادعيت ذلك. وما قلته أنا هو قاعدة علمية، فعبئ الإثبات يقع على عاتق المدعي، وليس عبئ الإنكار يقع على عاتق المستمع "

    ويقول آخر : " وجود علة أولى لا يعني وجود إلهك الديني ...خلق الكون ليس مسجلا كبراءة اختراع للإله الإسلامي ولا لأي إله آخر ...لماذا يفترض أن الفرضية المقبولة هي فكرة أحد آلهة الأديان وليس مثلا وحش السباغيتي الطائر أو إذا أردنا فرضية اقترحها بعض علماء الفيزياء النظرية فلدينا "نظرية-أم" التي يرى ستيفن هوكنج أنها تفسر وجود الكون دون حاجة إلى خالق؟ "

    و قال أحدهم عندما سئل عن أدلته في نفي وجود الله : "ما يقال بغير دليل، ينقض بغير دليل " ،وقال آخر : " لا مانع من وجود إله لكن لماذا لا يكون هذا الإله هو وحش السباجيتي الطائر ؟ "

    ،وقال آخر : " هل تستطيع إثبات أن الله ليس موجوداً ؟ بالطبع لا.. البينة على من ادعى, القصة أشبه بقصة رجل ذهب إلى الغابة, وعندما عاد قال أنه رأى وحشاً بسبعة أرجل وعشرون جناح, ونظراً لاستحالة الأمر كذبه الجميع, لكن بدلاً من أن يثبت لهم أن الوحش موجود طلب منهم محاولة نفي وجوده, فإن لم يستطيعوا نفي وجوده فهذا يعني أنه موجود المنطق الذي قام عليه السؤال غبي جداً, إذا ادعيت أن عندي إله اسمه وحش السباغيتي الطائر, هذا الإله أوحى برسالة لنا وطلب منا أن نعبده, هل تستطيع أن تكذب كلامي ؟ هل علي أن اثبت لك أن وحش السباغيتي الطائر موجود أم عليك أنت أن تحاول نفي وجوده ؟"






    وجود خالق للكون ليس فرضية من الفرضيات

    إن قضية وجود خالق للكون ليس فرضية من الفرضيات قد يثبت الدليل صحتها وقد يثبت خطأها بل قضية وجود خالق للكون قضية بديهية و حقيقة ثابتة مستقرة في النفوس والفطر ، ولا يمكن إنكار وجوده إذ العلم بوجود خالق للكون كالعلم بوجود كاتب للكتابة و بانٍ للبناء و مؤثر للأثر وفاعل للفعل ومحدث للحدث ،وهذه القضايا المعينة الجزئية لا يشك فيها أحد من العقلاء ولا يفتقر في العلم بها إلى دليل فهي واضحة ظاهرة ،والواضح لا يحتاج إلى توضيح ، والظاهر لا يحتاج إلى استظهار .

    قال سيد سابق – رحمه الله - : ( إن وجود الله حقيقة لا شك في أمرها ، ولا مجال لإنكارها ، فهو ظاهر كالشمس باهر كفلق الصبح، وكل ما في الكون شاهد على هذا الوجود الإلهي ، ومواد الطبيعة وعناصرها تؤكد أن لها خالقًا ومدبرًا .

    فالعالم العلوي، وما فيه من شموس وأقمار ونجوم وكواكب، والعالم الأرضي وما فيه من إنسان وحيوان ونبات وجماد، والترابط الوثيق، والتوازن الدقيق، الذي يؤلف بين هذه العوالم، ويحكم أمرها .. ما هو إلا آية وجود الله، ومظهر تفرده بالخلق، ولا يتصور العقل أن توجد هذه الأشياء بدون موجد، كما لا يتصور أن توجد الصنعة بدون صانع.

    فإذا كان العقل يحيل أن تطير طائرة في الهواء، أو تغوص غواصة في الماء دون أن يكون فيه صانع للطائرة، ومنشئ للغواصة، فإنه يجزم جزمًا قاطعًا باستحالة وجود هذا الكون البديع، وهذه الطبيعة الجميلة من غير خالق خلقها، ومدبر دبر أمرها )[1].

    وقال د .جعفر شيخ إدريس – حفظه الله - : ( إن وجود الإله الخالق أمر تعرفه العقول بداهة، لذلك لم يكن ينكر وجود الإله الخالق فيما مضى إلا فئات قليلة من البشر، ولذلك كانت الرسالات السماوية تُبنى على إقرار الناس بوجود الرب تعالى، وأنه هو الذي خلقهم ويرزقهم ويحييهم و يميتهم، ثم تزيدهم علمًا به، وتدعوهم إلى عبادته وحده دون سواه مما يعلمون أن أنه لم يخلق ولم يرزق، ولا يحيي ولا يميت، ولا يتصف بشيء من صفات الإله الخالق .

    ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت : 16- 17]

    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : 21 -22]
    حتى الذين أنكروا وجود الخالق ، والذين يسمَّون في عصرنا بالملحدين ، لا ينكر معظمهم وجود الخالق أي خالق ، وإنما ينكرون وجود الخالق الحق الذي دعتهم إلى الإيمان به رسالات السماء ، والذي كان يؤمن بربوبيته من يشرك معه غيره في عبادته . انظر إلى حال الملحدين في عصرنا : تراهم – إذا أنكروا وجود الخالق الحق – يعزون حدوث الأشياء إلى أشياء أخر ، وهم وإن لم يسموها بالخالقة إلا أنهم يقيمونها مقام الخالق سبحانه ، بل ويضفون عليها بعض صفاته !! ) [2].

    [1] - العقائد الإسلامية لسيد سابق ص 39
    [2] - الفيزياء ووجود الخالق للدكتور جعفر شيخ إدريس ص 36-37
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  8. #98
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    إبطال قولهم لو كان وجود خالق للكون أمرا بديهيا لما أنكر وجوده أحد

    وقد يقول قائل لو كان وجود خالق للكون أمرا بديهيا لما أنكر وجوده أحد والجواب أن الإقرار بوجود خالق للكون إنما يكون بديهيا ضرورياَ في حق من سلم من المؤثرات الخارجية والشبه التي قد تجعله ينحرف عن الحق ، و قد يحتاج بعض الناس إلى ذكر الأدلة على وجود خالق للكون لوجود بعض الشبه لديهم أو لزيادة إيمانهم بوجود خالق .

    و قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : ( إن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس، وإن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة)[1] .
    بعض الأدلة على وجود الخالق

    إن الأدلة على وجود الخالق كثيرة ومتنوعة لتناسب جميع المتلقين العالم منهم والجاهل الصغير منهم والكبير ، و هذا التعدد في الأدلة يزيد في التصديق بوجود خالق ، واليقين بوجوده ،ومن الأدلة على وجود خالق للكون قوله تعالى : ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ﴾ [ الطور الآية 35 - 36 ] و قد ذكر الله هذا الدليل بصيغة استفهام الإنكار ليتبين أن هذه القضية التي استدل بها فطرية بديهية مستقرة في النفوس ، لا يمكن إنكارها ، فلا يمكن لصحيح الفطرة أن يدعي وجود حادث بدون محدث أحدثه ، و لا يمكنه أن يقول : هو أحدث نفسه . ‏

    وكأن القرآن الكريم يقول لهذا المنكر: إذا لم يكن الله هو الذي خلقك، وخلق هذا الكون حولك؛ فهل خلقت من غير شيء خلقك؟ أي جئت من العدم المحض؟
    سيقول كل عاقل في نفسه : كلا .. فإن هذا مستحيل.
    أو أنك أنت الذي خلقت نفسك؟ سيقول: كلا .. فإن هذا يبدو أكثر استحالة.
    هل كنت أنت الذي خلق السموات والأرض؟ سيقول: كلا .. فالقول بغير هذا مكابرة.
    هذه حجة فطرية يدركها الناس بعقولهم؛ لذلك قرر القرآن الكريم مقدماتها في شكل أسئلة استنكارية. وهذه هي طريقة القرآن في تقرير كل حقيقة معروفة بالبديهية العقلية، يقررها بسؤال استنكاري ليدل على أن منكرها ينكر البدائه. ...
    هذه الحجة القرآنية - التي أسميناها دليل الآيات - يمكن وضعها هي الأخرى في صيغة من الصيغ المنطقية العقلية المعروفة... كأن نقول مخاطبين الملحد:
    أنت تعلم من نفسك أنك حادث وجدت بعد أن لم تكن.
    فإما أن تكون قد وجدت من العدم أو أن شيئاً أوجدك.
    من المستحيل أن توجد من العدم.
    إذن فقد أوجدك شيء.
    هذا الموجد إما أن يكون نفسك أو أن يكون غيرك.
    من المستحيل أن تكون أنت الذي أوجدت نفسك.
    إذن لابد أن يكون شيء غيرك هو الذي أوجدك .
    هذا الغير إما أن يكون مثلك في حاجته إلى من يوجده أو لا يكون .
    لا يمكن أن يكون مثلك؛ إذ ما قيل عنك سيقال عنه أيضاً. لابد إذن أن يكون خالقاً بنفسه غير مفتقر إلى من يوجده؛ وهذا هو الله تعالى[2].
    ومن الأدلة على وجود خالق للكون دليل الحدوث فقد أثبت العلم وأثبتت الملاحظة أن الكون وحوادثه المستمرة، أمورٌ لم تكن ثم كانت، وكل شيءٍ لم يكن شيئاً مذكوراً ثم كان لا بد له حتماً من موجد أوجده، ولا بد أن يتصف هذا الموجد بالصفات التي تؤهله لعمليات الإيجاد، ولا بد أن يكون أزلياً غير حادث، وإلا احتاج هو أيضاً إلى موجد يوجده[3].

    و من المعلوم أن كل الكائنات في الكون لها ساعة ميلاد، ويوم هلاك. فمن الذي أوجدها ومن الذي يفنيها؟
    هل جاءت من العدم؟ كلا .. فإن هذا مستحيل عقلاً.
    لا بد لها إذن من سبب أحدثها. لكن هذا السبب لا يمكن أن يكون الشيء المحدث نفسه؛ إذ كيف يسوغ عقلاً أن يكون الحادث المعين سبباً في إحداث نفسه؟
    لا بد إذن أن يكون سببه شيئا غيره.
    لكن إذا كان ذلك السبب الخارجي هو نفسه حادثا كالأسباب الطبيعية التي نشاهدها؛ فإنه سيحتاج – كالحادث الأول – إلى سبب، وسيحتاج سببه إذا كان حادثا إلى سبب .. وهكذا. لكن هذا التسلسل في العلل والمؤثرات مستحيل عقلاً.
    لابد – إذن – من أن يكون السبب الحقيقي للحوادث سببا غير حادث. أي لا بد أن يكون شيئاً أزلياً ليس لوجوده ابتداء. ولا يمكن أن يكون هذا السبب الأزلي شيئاً غير الله[4]

    و قال الشيخ عبد الرحمن الميداني – رحمه الله - : ( فالأدلة العقلية الفلسفية تثبت لنا حدوث العالم من ظاهرة التغير الملازمة لكل شيء فيه، وذلك لأن التغير نوع من الحدوث للصورة والهيئة والصفات، وهذا الحدوث لا بد له من علة ، وتسلسلاً مع العلل للمتغيرات الأولى، سنصل حتماً إلى نقطة بدء نقرر فيها أن هذا الكون له بداية، في صفاته وأعراضه، وفي ذاته ومادته الأولى، وحينما نصل إلى هذه الحقيقة لا بد أن نقرر أن خالقاً أزلياً لا يمكن أن يتصف بصفات تقتضي حدوثه، وهذا الخالق هو الذي خلق هذا الكون وأمده بالصفات التي هو عليها )[5].

    ومن الأدلة على وجود خالق للكون دليل الإمكان فهذا الكون بكل ما فيه من مجرات و نجوم وكواكب وبحار و أنهار و محيطات و نباتات وحيوانات وغير ذلك يقبل الوجود و العدم فإننا نرى أعيان ما في الكون تموت وتحيى ، و توجد و تنعدم ،و كانت غير موجودة ثم وجدت .

    ونعلم أن المجرات و النجوم و الكواكب و الحيوانات و النباتات و الجمادات لم تكن موجودة ثم وجدت ،وعليه فلا مانع عقلا من انعدام الكون ،و لا يلزم من فرض وجود الكون محال ،و لا يلزم من فرض عدمه محال ،وهذه صفات ممكن الوجود .
    وممكن الوجود الأصل فيه العدم إذ لو كان الأصل فيه الوجود لكان واجب الوجود فلا يكون مع ذلك ممكن الوجود والعدم ، وإذ كان الكون مسبوقا بالعدم فلابد من وجود من رجح وجود الكون على عدمه لبطلان الترجيح بلا مرجح ،و الممكن لا يوجد بنفسه بل بغيره ولا يكون كذلك إلا ما كان محدثاً و من المعلوم ببداهة العقول أن كل محدَث لا بد له من محدِث و كل ممكن لا بد له من واجب فتعين أن يكون للكون خالق أحدثه .

    ومن الأدلة على وجود خالق للكون دليل النظام ففروع العلم كافة تثبت أن هنالك نظاما معجزا يسود هذا الكون، أساسه القوانين والسنن الكونية الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل، والتي يعمل العلماء جاهدين على كشفها والإحاطة بها، وقد بلغت كشوفنا من الدقة قدرا يمكننا من التنبؤ بالكسوف والخسوف وغيرهما من الظواهر قبل وقوعها بمئات السنين.

    فمن الذي سن هذه القوانين وأودعها كل ذرة من ذرات الوجود، بل في كل ما هو دون الذرة عند نشأتها الأولى؟ ومن الذي خلق كل ذلك النظام والتوافق والانسجام؟ من الذي صمم فأبدع وقدر فأحسن التقدير؟ هل خلق كل ذلك من غير خالق أم هم الخالقون؟ إن النظام والقانون وذلك الإبداع الذي نلمسه في الكون حيثما اتجهت أبصارنا يدل على أنه القدير وعلى أنه العليم الخبير من وراء كل شيء[6] .

    ومن الأدلة على وجود خالق للكون دليل العناية إذ تثبت الملاحظة المستمرة في أشياء هذا الكون أن العناية إحدى الصفات البارزة فيه. فما من حاجة لحي من الأحياء في الكون إلا لها ما يسدها، ويلبي مطالبها على أكمل وضع وأتقنه.

    فما من حاجة لدى نبات أو حيوان إلى غذاء إلا لها الغذاء الملائم لها على أحسن وجه وأتقنه.

    وما من حاجة لدى ذي حياة إلى كساء يدفع عنه الحر والبرد والضر، إلا لها ما يحقق مطالبها على أحسن وجه وأتقنه.

    وما من نزعة إلى رفاهية وترف واستمتاعٍ بجمال إلا لها في الكون ما يُلبّي رغبتها، سواءً للسائلين.

    وما من داء إلا له دواء، وما من قوة إلا لها ضد مكافئ، ما لم يكن للقضاء والقدر في الحكمة العامة مرادٌ ما.

    إلى غير ذلك من أمور كثيرة لا تحصى. وكل هذا من العناية، والعناية لا تكون إلا صفة لذي علم وحكمة ورحمة، وهذه صفات عليم حكيم رحيم، وهو الله عز وجل [7].

    [1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 16/328


    [2] - الفيزياء ووجود الخالق للدكتور جعفر شيخ إدريس ص 53-54
    [3] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ص 549
    [4] - الفيزياء ووجود الخالق للدكتور جعفر شيخ إدريس ص 48-49
    [5] - صراع مع الملاحدة حتى العظم للشيخ عبد الرحمن الميداني ص 97
    [6] - من مقدمة مترجم كتاب الله يتجلى في عصر العلم الدكتور الدمرداش عبد المجيد ص 7

    [7] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ص 550
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  9. #99
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    ومن الأدلة على وجود خالق للكون ظاهرة العدل فمن الملاحظ في أحداث تاريخ الإنسان، أن مظاهر الجزاء العادل للأمم من السنن الثابتة في الكون.

    والجزاء العادل لا يكون من مادة صماء عمياء لا تعلم من أحداث الناس ونياتهم شيئاً.

    إذن: فلا بد من موجود عظيم عليم يرقب أعمال الناس، ويعلم نياتهم ومقاصدهم، ويجازيهم بعدله. وهذه الصفات لا بد أن تكون صفات موجودٍ ليس جزءاً من الكون المدروس، ولا مشبها له، لأن شيئاً منه لا يصلح لمثل هذه الصفات.

    وشواهد مظاهر الجزاء العادل الذي ليس له سبب إنساني ظاهر كثيرة في تاريخ الناس و هذا دليل ظاهرة العدل [1].

    و الحياة في المخلوقات الحية دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحياة للمخلوقات الحية ؟

    و العقل في المخلوقات العاقلة دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب العقل لهذه المخلوقات ؟

    و الحكمة في المخلوقات الحكيمة دليل على وجود خالق لها فمن الذي وهب الحكمة لهذه المخلوقات ؟

    و البصر في المخلوقات ذي البصر دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب البصر لهذه المخلوقات ؟

    و السمع في المخلوقات التي تسمع دليل على وجود خالق له فمن الذي وهب السمع لهذه المخلوقات ؟

    و الضحك في المخلوقات التي تضحك و تبكي دليل على وجود خالق له فمن الذي وهبه لهذه المخلوقات ؟

    و لا يصح القول بأن المادة أو الطبيعة هي الخالقة فهي ليست حية و ليست عاقلة و ليست حكيمة و ليست سميعة و ليست بصيرة ،وفاقد الشيء لا يعطيه .

    وبهذا يتبين فساد قول أحدهم : " أن الله غير موجود لأنكم لا تستطيعون إثبات وجوده "،وفساد قول الآخر عندما سئل عن أدلته في نفي وجود الله فقال : "ما يقال بغير دليل، ينقض بغير دليل " فالأدلة على وجود الله كثيرة لكن الملاحدة لا يعلمون أو يتجاهلون تلك الأدلة استكبار وعنادا .
    فساد قولهم القول بوجود خالق للكون يقضي بوجود خالق لهذا الخالق

    يقول الملاحدة قولكم أيها المؤمنون بوجود خالق للكون يقضي بوجود خالق لهذا الخالق لكنكم لا تقرون بذلك فلماذا تقفون بمبدأ السببية وتعطلونه عندما يتعلق الأمر بالخالق ؟ والجواب على سؤالهم من وجوه :
    الوجه الأول : أن الأصل في الخالق الوجود إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون ؛ لأن فاقد الشيء الذي لا يملكه، ولا يملك سبباً لإعطائه لا يعطيه ، و إذا كان الأصل في الخالق الوجود فلايصح أن نسأل عن سبب وجوده .
    الوجه الثاني : أن الخالق أزلي فوجوده ذاتي لا ينفك عنه فلايصح أن نسأل عن سبب وجوده ، ووجوده ليس له بداية .
    الوجه الثالث : أن الخالق له الكمال المطلق إذ هو واهب الكمال لمخلوقاته فهو أحق بالاتصاف بها من الموهوب ، وكل كمال ثبت للمخلوق المحدث المربوب الممكن، فإنه يكون ثابتا للخالق من باب أولى ،وإذا كان الكمال المطلق للخالق ،والاحتياج يناقض الكمال المطلق فالكامل المطلق لا يحتاج إلى غيره ،وعليه فالخالق لا يحتاج إلى غيره ،وإذا لم يحتج إلى غيره فهو غير معلول ،و إذا كان غير معلول فلا يصح أن نسأل عن علته .
    الوجه الرابع : أن السؤال عن سبب وجود شيء يصح فيما كان الأصل فيه الحدوث و أنه لم يكن موجودا ثم أصبح موجودا بعد عدم ،والخالق قديم وليس حادثا .
    الوجه الخامس : لو قلنا بأن كل خالق له من خلقه أي خالق الكون له من خلقه،ومن خلق خالق الكون له من خلقه ومن خلق خالق خالق الكون له من خلقه وهكذا إلى ما لا نهاية فهذا يستلزم أن لا خلق للكون ،وهذا باطل لوجود الكون فوجود الكون يستلزم عدم تسلسل الفاعلين إلى ما لانهاية ، إذ لا بد أن تصل سلسلة الفاعلين إلى علة غير معلولة ، و لا بد من سبب تنتهي إليه الأسباب وليس هناك أسباب لا تنتهي إلى شيء ، وإلا لم يكن هناك شيء أي أن التسلسل في الفاعلين ممنوع، بل لابد أن نصل إِلَى نهاية ، وهذه النهاية في الفاعلين أو المؤثرين هي إِلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

    و للتقريب نأخذ مثال الجندي والرصاصة الجندي يريد أن يطلق النار ،و لكن حتى يطلق النار، يجب على الجندي أن يستأذن من الجندي الذي خلفه ، و هذا الجندي حتى يعطي الإذن يجب أن يستأذن من الجندي الذي خلفه، و هكذا إلى ما لا نهاية. السؤال، هل سيطلق الجندي النار ؟ الجواب لا ؛ لأنه لن يصل إلى الجندي الذي سيعطيه الإذن بإطلاق النار أما إذا انتهت السلسلة إلى شخص لا يوجد فوقه أحد ليعطيه الإذن بإطلاق النار فستنطلق الرصاصة و بدون هذا الشخص ومهما كثر عدد الأشخاص لن تنطلق الرصاصة فهم كالأصفار إذ وضعتها بجانب بعضها البعض فمهما كثرت وبلغت حدا لا نهاية له : فستظل لا تساوي شيئا إلا أن يوضع قبلها رقم 1 فأكثر .





    فساد قولهم هناك نظريات تفسر وجود الكون دون الحاجة إلى خالق

    يقول الملاحدة القول بوجود خالق للكون احتجاج بالجهل فلأن المؤمنين جهلوا آلية نشأة الكون ادعوا أن سبب الكون هو الإله ،واليوم هناك العديد من النظريات تفسر نشأة الكون بمعزل عن الإله ،والجواب أن القول بوجود خالق للكون احتجاج بعلم وليس بجهل فيوجد عشرات الأدلة الدالة على وجود خالق و إذا كان أصغر شيء مصنوع في الكون يستحيل أن يكون بلا صانع فكيف يصح أن يقال هذا الكون بأكمله بلا خالق ؟!!!

    ولا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون كما لا تعارض بين مخترع الشيء و آلية عمل الشيء ، ووجود حدث لا ينفي وجود محدِث له بل يؤكد على وجوده .

    و لا تعارض بين وجود قوانين تتحكم في عمل الكون و بين وجود خالق للكون فالخالق يدير الكون من خلال قوانين قد سنها للكون ،ولا يدير الكون بالمعجزات ،وهذا لا يمنع من التدخل الإلهي المباشر في بعض الأحيان.

    و الاعتقاد بوجود خالق و أنه مسبب الأسباب و أنه خالق القوانين الفيزيائية لا يعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية أو التمرّد على شيء من حقائق العلم الصحيح ، وإنّما هو اعتقاد بأن الخالق هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعية ، ومسبب لهذه القوانين الفيزيائية ،و حتى لو سلمنا جدلا أن العلم وصل إلى معرفة كل الأسباب الطبيعية و كل القوانين التي تدير الكون فهذا لا ينفي وجود الخالق بل هذه الأسباب الطبيعية و هذه القوانين دالة على موجد لها فكل سبب له مسبب ، وكل قانون له مقنن و الخالق عز و جل مسبب هذه الأسباب الطبيعية ،وخالق هذه القوانين .


    خالق الكون هو الله لا أحد سواه

    إذا ثبت أن للكون إله فلابد أن يعرفنا هذا الإله بنفسه وبصفاته و بخلقه للكون وبما يحبه و بما يكره و الإله لا يعرفنا نفسه و ما يحبه و ما يكره عن طريق نزوله بنفسه لنا لعظمته و ملكه فإذا كان ملوك الدنيا لا يعرفون الناس أنفسهم بأنفسهم بل عن طريق رسل فلخالقهم المثل الأعلى فلابد أن يرسل الإله الملك المعبود رسولا يعرف الناس به وبما يحبه وما يكرهه و كيفية عبادته ،وبذلك يكون الأنبياء و الرسل الواسطة بين الإله وبين خلقه في تعريفهم به و ما يحبه و ما يكرهه و كيفية عبادته .

    و لا أحد يعرف صفات الإله و ما يحبه وما يكره إلا من عرفه الإله ذلك ، و الذي يعرفه الإله ذلك هو الرسول و النبي كي يعلِم من بعث فيهم بذلك .

    وكل دين ليس مبلغه هو الرسول و النبي المبعوث من قبل الإله فليس دين حق إذ كيف يعرف صفات الإله و ما يحبه وما يكره ، والإله لم يعرفه .

    و من الأدلة على أن مدعي الرسالة صادق في دعواه تأييد الإله له بالأدلة الدالة على صدق دعوته كتأييده بالمعجزات فلا يبعث الخالق رسولا من الرسل إلا ومعه آية و علامة تدل على صدقه فيما أخبر به عنه .

    وقد عرفنا خالق الكون بنفسه وبأسمائه وبصفاته و بخلقه للكون وبما يحبه و بما يكره من خلال رسله وأنبيـائه المؤيدين بالمعجزات وأخبرنا أنه الله ،وأخبرنا أنه هو الذي خلقنـا و لو كان هناك خالق غير الله لأدعى الخلق ، و لم يدع أحد غير الله لنفسه الخلق إلا خذله الله في الدنيا و افتضح أمره ، أما الله سبحانه فقد قال أنه الخالق لكل شيء عن طريق رسله و أنبيائه و لم ينازعه أحد قال تعالى : ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [ فاطر : 3 ] ،وقال تعالى: ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54] ، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62] و قال تعالى : ﴿ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد : 16] و قال تعالى : ﴿ خلق السَّماوات بغير عمدٍ ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبثَّ فيها من كل دابةٍ وأنزلنا من السَّماء ماءً فأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ كريم هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظَّالمون في ضلالٍ مبينٍ ﴾ [ لقمان : 10-11] .


    وقد أمرنا الله بعبادته وحده دون ما سواه قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾[ النحل :36] و قال تعالى : ﴿ يا أيَّها النَّاس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلَّكم تتَّقون الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسَّماء بناءً وأنزل من السَّماء ماءً فأخرج به من الثَّمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون﴾ [البقرة: 21-22] ،و قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[ الأعراف : 158]


    فساد قول من يدعي أن هناك خالقا غير الله

    إن القول بوجود خالق غير الله قول مردود لا أثارة عليه من علم إذ خالق الكون قد عرفنا بنفسه عن طريق أنبيائه ورسله أنه الله وقد أيد أنبيائه ورسله بالمعجزات الدالة على صدقهم ،و لم يأت أحد من البشر غيرهم بمعجزة مثلهم ،وقال بخلاف ما قالوا .

    ولا يعقل أن من خلق هذا الكون بهذا الإبداع وهذا التناسق وهذا الجمال وهذا النظام و هذا الاتساع لا يعرف البشر بنفسه ليحمدوه على بديع صنعه ،ويشكروه على كثير إنعامه وفضله .

    وإذا كان من اخترع شيئا من الأشياء يبين للناس أنه مخترع ذلك الشيء بل ويغضب إذا نسب الاختراع لغيره فكيف بمن أبدع السموات و الأرض ،ولله المثل الأعلى ؟!!

    و يقال لكل من يدعي أن هناك خالق غير الله صف لنا هذا الخالق ،واذكر برهانك على أنه الخالق و ليس غيره ،وإلا فأنت تتكلم بلا علم ،وبلا برهان قال تعالى : ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [الرعد: 33] وليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللّات والعزّى، وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها، وأنه هل يوجد معاني تلك الأسماء فيها، ولهذا قال بعده: ﴿ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [2]ومعنى الآية يا من تدعون أن هناك آلهة غير الله صفوا هذه الآلهة بالصفات التي يستحقونها، هل هي خالقة رازقة محيية مميتة، أم هي مخلوقة لا تملك ضرًا ولا نفعًا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فإذا وصفوها بما تستحقه من الصفات تبين ضلالهم .

    و القرءان الكريم الذي بين أيدينا يثبت وبدون شك عند تفحصه و مقارنته بكلام البشر أنه ليس من كلامهم و في الوقت ذاته فهو رسالة من خالق هذا الكون لنا يبلغنا فيه أنه خالقنا ويبلغنا فيه عن صفاته فإن لم يكن هناك خالق فمن أرسل بهذه الرسالة ؟ وإذا كان هناك خالق آخر فلماذا لم يتفضل بإبلاغنا عن وجوده؟! وبهذا يتبين فساد قول أحد الملاحدة : " وجود علة أولى لا يعني وجود إلهك الديني ...خلق الكون ليس مسجلا كبراءة اختراع للإله الإسلامي ولا لأي إله آخر ...لماذا يفترض أن الفرضية المقبولة هي فكرة أحد آلهة الأديان وليس مثلا وحش السباغيتي الطائر " و فساد قول من قال : " لا مانع من وجود إله لكن لماذا لا يكون هذا الإله هو وحش السباجيتي الطائر ؟ "

    فساد القول بترك عبادة جميع الآلهة لتعددها

    و قد يقول قائل لأن الآلهة كثيرة والكل يدعي أنه الإله فالأسلم ترك جميع الآلهة ،والجواب ليس تعدد الآلهة ذريعة لترك عبادة الإله الحق فلو كنت قاضيا و أمامك أشخاص و كل منهم يدعي أيحق لك أن تقول لا يوجد حق ، بسبب تعدد مدعي الحق و البينة على المدعي و الحق له نور تعرفه به .




    شتان ما بين وجود الخالق ووجود الوحش الاسباجيتي

    إن من يشبه وجود الله خالق الكون بوجود الوحش الاسباجيتي قد شبه الحقيقة الثابتة بالباطل المضطرب ،وشبه ما ثبت بالبداهة بما ثبت بالأوهام والظنون والخيالات ،وشبه ما تضافرت عليه الأدلة و البراهين بما لا دليل عليه ،ولا برهان ،وشبه من لنا به علم بما ليس لنا به علم وشبه من له الأسماء الحسنى والصفات العلى بمن ليس له الأسماء الحسنى ولا الصفات العلى و لمن تأنس القلوب لله الغفور الرحيم الحكيم الخبير الذي له الكمال المطلق أم للوحش الأسباجيتي ؟! ،و ما من إنسان يسمع كلمة وحش إلا و اشمئز وفزع .

    وهل عرفنا الوحش الاسباجيتي بنفسه عن طريق رسل مؤيدين بالمعجزات ؟ وهل أنزل لنا كتب يعرفنا فيها بنفسه وبصفاته وبخلقه للكون و بما يحبه وبما يكرهه ؟ وهل له صفات الكمال والجلال والعظمة ،وكيف تكون له صفات الكمال وهو وحش اسباجيتي ؟ وصدق الله القائل : ﴿إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم: 23] .

    هذا و الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات


    [1] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حبنكة الميداني ص 551

    [2] - المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص423
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  10. #100
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    التحميل من هنا أو هنا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  11. #101
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
    جزاكم الله خيرا و أحسن إليكم دكتور ربيع و جعل هذا الجهد العظيم في ميزان حسناتك

  12. #102
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    المشاركات
    741
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قررت الإدارة تثبيت هذا الموضوع لما فيه من جهد بارز و فوائد جامعة متعددة للقارئ و الباحث و جزى الله الأخ الكريم الدكتور ربيع أحمد خيرا

  13. #103
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشرف 3 مشاهدة المشاركة
    قررت الإدارة تثبيت هذا الموضوع لما فيه من جهد بارز و فوائد جامعة متعددة للقارئ و الباحث و جزى الله الأخ الكريم الدكتور ربيع أحمد خيرا
    جزاكم الله خيرا
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  14. #104
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة لخالق

    مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة لخالق





    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

    فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

    ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

    وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

    و في هذا المقال سنتناول أكذوبة يرددها بعض الملاحدة هذه الأكذوبة يغني فسادها عن إفسادها و يغني بطلانها عن إبطالها وهي أكذوبة أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة لخالق يقول صاحب الأكذوبة: " نحن نعرف الآن وبدقة أن الكون مسطح ،ومجموع الطاقة فيه صفر ،ومن الممكن أن يبدأ من لا شيء ...لا حاجة لله لخلق الكون " .

    ويتحدث هذا الملحد عن اللاشيء فيقول : " أبسط أنواع اللاشيء لاشيء في داخله لا جزئيات لا إشعاعات لاشيء هذا النوع من اللاشيء تبين أنه مليء بالأشياء ؛ لأنه نظرا لقوانين ميكانيكا الكم والنسبية الفراغ كالمشروب المغلي الذي يبقبق بالجسيمات الافتراضية والتي تظهر وتختفي من الوجود في كل لحظة .

    في واقع الأمر هذا النوع من اللاشيء إذا انتظرت فترة طويلة كافية فستضمن لك قوانين ميكانيكا الكم إنتاج شيئا ما . في الواقع : بمجرد تطبيق قوانين ميكانيكا الكم على الجاذبية نفسها الفضاء نفسه يصبح متغير ميكانيكي كمي ،ويتقلب داخل وخارج الوجود ،ويمكنك من خلال قوانين ميكانيكا الكم خلق الأكوان خلق الزمان خلق المكان حيث لم يكن هناك أي من المكان والزمان من قبل " .

    و يتكلم هذا الملحد عن أحد كتبه ، وهو كتاب كون من لا شيء : A Universe from Nothing فيقول : " كتابي الجديد كون من لاشيء يصف التغير الثوري في تفكيرنا حول بعض المبادئ التي كانت متواجدة منذ أمد بعيد ،وهي الشيء واللاشيء .السؤال القائل : لماذا الشيء موجود واللاشيء غير موجود ؟ كان متواجدا بيننا على طول التاريخ البشري بشكل أو بآخر من خلال الفلسفة و الدين .

    ما فعله العلم أنه غير حقل هذا السؤال ؛ لأننا اكتشفنا أن ما يعتبره أغلب الناس لا شيء هو ليس فقط مثير للاهتمام ،وإنما اللاشيء ممكن أن يكون شيئا . وفي الواقع اللاشيء غير مستقر ما أقصده من كلامي هو أننا اكتشفنا أن الفضاء الفارغ ،وهو ما يعتبره أغلب الناس لا شيء إذا أخذنا جزء منه ،وجردناه من الإشعاعات والجزيئات بحيث لا يكون فيه أي شيء سيكون لهذا الجزء وزن .

    نحن حتى لا نفهم السبب ،ولكن عندنا تلميحات لأننا نعلم أنه بسبب ميكانيكا الكم وبسبب النسبية على مستوى أساسي الفضاء الفارغ هو عبارة عن مزيج يغلي مكون من جزيئات ظاهرية /افتراضية تتواجد وتتوقف عن الوجود على مدى فترة زمنية قصيرة جدا بحيث أننا لا نراها هذا يبدو كأنه فلسفة كأنه محاولة لعد الملائكة على رأس إبرة لكنه ليس كذلك ؛ لأنه مع أننا لا نرى هذه الجزئيات الافتراضية بشكل مباشر لكننا نرى أثرها بشكل غير مباشر .

    في الواقع نستطيع أن نحسب أثرها و أثر خاصيات الذرات ،وهذا قاد إلى أفضل التوقعات في العلم نستطيع أن نقارن نماذجنا النظرية مع ملاحظاتنا ،ونصل إلى اتفاق حول تسع أرقام عشرية لا نستطيع في أي مجال آخر بالعلم أن نفعل هذا أي أن نتوقع شيء من المبادئ الأولية بهذه الدقة ،ولكننا لا نحصل على الجواب الصحيح إلا إذا شملنا آثار الجزيئات النظرية مع أنه هذا يبدو من الجنون لكنه حقيقي و بسبب هذا الجنون ..نعلم أن الفضاء الفارغ قد يكون له خاصيات لم نتخيلها من قبل .

    مازلنا لم نصل إلى الجواب الصحيح عندما نحاول أن نحسب طاقة الفضاء الفارغ كاملة في الكون ،وهو لغز كبير بل هو أكبر لغز في كل العلوم لكننا نعلم أن له خاصيات غريبة ،وعندما نضيف الجاذبية إلى هذا المزيج ،والجاذبية لها أن تعطي الأشياء طاقة سالبة وموجبة نجد أن الفضاء الفارغ الذي ليس فيه جزيئات ينتج جزيئات بشكل عفوي من دون خرق قانون حفظ الطاقة .

    في البداية كانت الطاقة الكلية صفر ،وفي النهاية مازالت صفر لكن في البداية كان عندك فراغ ،وبالنهاية أصبح عندك كون مليء بالأشياء تبدو العملية وكأنها معجزة ،ولكنها ليست معجزة كل ما تحتاجه هو قانون الطبيعة .

    في الواقع إذا انتظرت مدة كافية من المضمون أن الفضاء الفارغ سينتج جزيئات بالتالي اللاشيء هو غير مستقر ،وسيكون من المفاجئ أن نجد اللاشيء لكن لو كان اللاشيء موجودا ما كنا هنا لنسأل هذه الأسئلة .

    وهناك جوانب كثيرة مذهلة حول اللاشيء ؛ لأنه بإمكانك أن تقول والكثير يقولون أن الفضاء الفارغ بحد ذاته هو ليس لاشيء ،وبالطبع تبين أننا إذا طبقنا قوانين الفيزياء وميكانيكا الكم على الجاذبية الفضاء نفسه سيكون جزءا متحركا .

    نحن نعلم بشكل عام أن الفضاء يتمدد وينقبض و ينحني بحضور المادة ،وإذا جعلته من ضمن ميكانيكا الكم فحتى الفضاء يمكنه أن يتواجد ،ويتوقف عن الوجود فتستطيع أن تخلق أكوان حيث لم يكن هناك أكوان من قبل ،وبالطبع قد تتخيل كونا حرفيا من لاشيء لا فضاء ولا زمن ...

    ومن المذهل أن يكون عندنا مجموعة من المنظومات الفيزيائية العادية التي تأخذنا من اللا فضاء واللا جزيئات إلى كون كالذي نعيش فيه ،والذي يحتوي على كل خصائص الكون الذي نتوقع أنها خلقت من لا شيء " .


    و في كلام هذا الملحد العديد من المغالطات فقوله أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة لخالق يخالف البديهة القاضية أن أي الفعل لا بد أن يكون له فاعل ، وأي حدث لا بد أن يكون له محدِث و أي أثر لابد أن يكون له مؤثِر ،و لا يمكن أن يحدث الفعل بلا فاعل .
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

  15. #105
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    1,239
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    وهذا الملحد - هداه الله – قدح في قضية بديهية وهي وجوب وجود خالق للكون بإحدى نظريات ميكانيكا الكم ، و بما أن النظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية الفطرية بقضايا نظرية فقوله باطل[1] .

    و قول الملحد أن الكون نشأ من لا شيء دون الحاجة لخالق يستلزم أن اللاشيء يتحول إلى شيء وهذا يخالف البديهة القاضية أن اللاشيء لا يمكن أن ينتج شيئا ،ولا يمكن لشيء أن يأتي من العدم، وفاقد الشيء إذا كان لا يملكه ولا يملك أسبابه لا يعطيه فكيف يعطي العدم الوجود ؟!!، و كيف يعطي اللاشيء شيئا ؟!!

    و اعتبر الملحد الفراغ لا شيء و خلط بين اللاشيء و الفراغ الكمي ،و الفراغ الكمي - حسب ميكانيكا الكم -يعتبر شيئا موجودا ممتلئ بجسيمات افتراضية من المادة والمادة المضادة و يحدث فيه تموجات ومن هذه التموجات يمكن أن تتخلق أزواج من الجسيمات والجسيمات المضادّة ،ولا يمكن فصل هذا الفراغ الكمي عن الكون أما اللاشيء أو العدم فهو ضد الوجود أو اللاوجود أو انعدام الوجود بجميع صوره و أشكاله أي لا يوجد أي شيء تماما لا مادة و لا طاقة ولا زمان ولا مكان ،و نحن نعلم أن الشيء هو ما يتصور أو يخبر عنه ،ويراد به أساسا الموجود و يقابل المعدوم [2] .


    و قد أدعي أن أغلب الناس تعتبر الفضاء الفارغ لا شيء وهذا غير صحيح فإذا فرضنا تجريد المكان من الإشعاعات والجزيئات والجسيمات والمادة بحيث لا يكون فيه أي شيء من هذه الأشياء فالمكان الذي كان يحوي هذه الأشياء التي جردت منه مازال موجودا ،وهو شيء موجود و ليس لا شيء ،و إن كان ليس بشيء مادي أو جسماني ،و الفراغ ليس معناه اللامكان بل معناه مكان جُرِد من الإشعاعات والجزيئات والجسيمات والمادة .

    و يحدث في الفضاء الفارغ أو الفراغ الكمي quantum vacuum تذبذبات كمومية quantum fluctuation و التي تؤدي إلى وجود جسيمات افتراضية virtual particles تظهر وتختفي من الوجود في كل لحظة ،و بالتالي الفراغ الكمي شيء يحدث فيه أشياء .

    و حسب مبدأ عدم التأكد لهيزنبرج يستحيل أن يخلو الفراغ من الطاقة وأنه سيبقى حد أدنى من الطاقة zero point energy لا يمكن النزول عنه ولا يمكن أن تصل الطاقة إلى صفر ،وهذا القدر من الطاقة يعتبر شيئا من ضمن الأشياء مع العلم أن المادة والطاقة وجهان لعملة واحدة أو يمكن اعتبارهما صيغتين مختلفتين لجوهر واحد قابلتين للاستحالة من إحداهما إلى الأخرى[3].

    و أدعي الملحد وجود فضاء فارغ خال من كل شيء - أي فراغ محض – فراغ خال من المادة والطاقة ،وهذا يخالف مبدأ عدم التأكد إذ يستحيل أن يخلو الفراغ أو الخواء من الطاقة تماما وأنه سيبقى حد أدنى من الطاقة لا يمكن النزول عنه ولا يمكن أن تصل الطاقة إلى صفر وبالتالي لا يوجد مكان طاقته صفر حقيقي .

    والطاقة في الخواء vacuum أمر حقيقي، وليس الخواء في الفيزياء الحديثة جيبا لا يحوي شيئا فهو يمخض بنشاط غير مرئي حتى في درجة حرارة الصفر المطلق التي تتوقف عندها - حسب التعريف- حركة الجزيئات[4].

    و لو بذلنا كل قدرتنا في إفراغ منطقة معينة من الفضاء من كل الطاقات فإن هناك قدر من الطاقة سيبقى ولا يمكن إخراجه وهذا القدر من الطاقة يعتبر شيئا من ضمن الأشياء ، وبالتالي ليس هناك شيء اسمه فراغ محض في هذا الكون ولا عدم تام من كل شيء في هذا الكون .
    و هذا الملحد يناقض نفسه إذ كيف يدعي أن الكون خلق من لا شيء ،وهو يشرح آلية نشأة الكون من الفضاء الفارغ عبر التموج الكمومي quantum fluctuation ؟!! والفضاء الفارغ شيء موجود في الزمكان المحيط به ،وليس عدما و ليس لا شيء أضف إلى ذلك أن آلية نشأة الكون تطوي في معناه وجود فاعل منشئ للكون .

    و أدعي الملحد أن الجسيمات الافتراضية تخرج من لا شيء ،وهذا غير صحيح فهذه الجسيمات الافتراضية خرجت من مكان ما في الكون - و ليس خارج الكون - خلال فترات قصيرة جدا من الزمن ، والمكان الذي خرجت منه له طاقة إذ لا يمكن أن يوجد مكان خال من الطاقة تماما حسب مبدأ عدم التأكد .

    ومجرد ظهور الجسيمات تحت الذرية في الفراغ الكمي و اختفائها عبر التموجات الكمومية لا يستلزم أن يكون الكون بأكمله قد نشأ عبر التموجات الكمومية .

    وأدعي الملحد أن قوانين ميكانيكا الكم يمكن أن تخلق الكون بدلا من أن يقول أن قوانين ميكانيكا الكم يمكن أن تفسر كيفية نشأة الكون ،و العلم يعرفنا كيف تعمل الأشياء ، و ليس لماذا تعمل الأشياء ومن الذي عملها ؟ أي يعرفنا آلية عمل الأشياء ،وطريقة عملها ،ولا يفسر العلم لنا لماذا تعمل الأشياء ؟ ، ومن الذي جعلها تعمل بهذه الطريقة ؟ فلا يبحث العلم عن الفاعل بل يبحث عن الفعل ،ولا يبحث عن الحادث بل يبحث عن الحدث ،ولا يبحث عن موجِد القوانين بل يبحث عن القوانين نفسها .

    وما أجمل ما قاله الشيخ عبد الرحمن بن حَبَنَّكَة الميداني : ( قد يعض الكلب الحجر الذي رآه يتجه نحوه ليصيبه، أما الإنسان المفكر فإنه يبحث عن الذي رمى الحجر نحوه بقصد، فإذا عرفه واستبان أنه قد قصد قتله أو إيذاءه حاول أن ينتقم منه دفاعاً عن نفسه، ولم يفكر بالانتقام من الحجر مطلقاً.

    وهنا نقول: إن الماديين الذين يقفون عند الأسباب المادية للظواهر الكونية التي يتجلى فيها القصد، ولا يبحثون عن السبب الحقيقي، مع أن هذه الأسباب تحتاج هي أنفسها إلى أسباب تفسر ظاهراتها وتعلل حدوثها، إنما يفكرون بمثل دماغ الحيوان الذي يعض الحجر الذي قُذف عليه )[5].

    [1] - منهاج السنة النبوية لابن تيمية 2/151
    [2] - المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية ص 104
    [3] - تأملات في الفيزياء الحديثة لعلي الشوك ص244 الطبعة الأولى 2012 م
    [4] - اتجاهات في الفيزياء استغلال طاقة نقطة الصفر مجلة العلوم يوليو 1998 مجلد 14
    [5] - كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن الميداني ص 522
    طبيب بشري قليل الوجود في المنتدى
    قد يتأخر بيان وجهة نظري أو ردي أياما أو أسابيع فأعذروني
    العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير
    مقالاتي على شبكة الألوكة
    العلم و الإيمان

صفحة 7 من 9 الأولىالأولى ... 56789 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء