النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: هل الله ينشغل بنا ونحن شىء صغير ,هذا لا يتوافق مع معطى العلم.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي هل الله ينشغل بنا ونحن شىء صغير ,هذا لا يتوافق مع معطى العلم.

    الجملة التى هى عنوان الموضوع قالها دوكينز أثناء حواره مع الرياضى جون لينيكس .

    هل الله يهتم بنا ؟وهل يعقل أن الكون الكبير يكن مثار اهتمام الاله فى نقطة صغيرة هى ألارض ؟ وهل ذلك يتوافق مع معطى العلم؟
    .................................................. ..

    سبب هذه الشبهة فى سياقها التاريخى وعلاقتها بالفلك .

    بدات االفكرة من خلال الطرح الكوبر نيقوسى والجاليليى واعادة بعث نظرية مركزية الشمس ودوران الارض حولها..
    ......
    من هنا بدأ الحديث بإسم المعطى العلمى ..الذى نقض به المعطى الدينى.
    .........................
    إن لم تكن ألارض مركز الكون فليست مثار اهتمام إلاله,ولا يهتم الله بالبشر !!
    ............................
    الردود المنطقية كثيرة لكن نريد تقديم رؤية جديدة .
    .................................
    وهنا ننظر من خلال المعطى العلمى أن المركز أهم شىء فى أى جسم معين ,ولكن العلم يخبرنا ان الاجزاء الاخرى التابعة للمركز مهمة وضرورية ولو فقدت تأثر المركز .
    فلذلك الله يهتم بنا وبالارض من منظور علمى سواء تمركزت وسط الكون او لم تتمركز.

    لكن
    هل فعلا ألارض ليست مركز للكون كما يقولون أو أنهم فقط قالوا ذلك لأنهم لم يستطيعوا تحديد مركزية الكون؟

    ان لم يستطيعوا تحديد مركزية الكون فلا حق لهم فى مناقشة اهتمام الاله من عدمه .
    وان حددوا مركزية الارض .
    نقول المركز مهم ..فعلا ...لكن ما اين الاجزاء الاخرى مهمة ولا تنفك عن اهمية المركز ...
    والامر ألاخر الامر لا يقاس بالحجم بل بالمعنى إن صح القياس.
    فالعقل أهم من أكوام القمامة .

    فلذلك الاله سيهتمبنا سواء كنا فى مركز الكون او لم نكن فى مركزه.

    إذا الشبهة أساسا لا يعبأ بها .

    وهذا يؤكد لنا ان ملاحدة العروبة والاسلام هم نقلة لافكار غيرهم .
    وانبهار ثقافى بألاخر ,والانبهار يفقد إلانسان ملكة النقد والتمييز.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    خطأ إملائى

    نقول المركز مهم ..فعلا ...لكن ما اين الاجزاء الاخرى مهمة ولا تنفك عن اهمية المركز ...
    _____________________________________________
    التصحيح
    نقول المركز مهم ..فعلا ...لكن أيضا الاجزاء الاخرى مهمة ولا تنفك عن اهمية المركز ذاته ...

  3. #3

    افتراضي

    يتمنى الملحد المنكر للربوبية من أعماق أعماق قلبه أن يكون صدفة أو كومة تراب جاءت بها الى الوجود -مع الأرض التي يعيش عليها -غرائب الصدف دون قصد او معنى
    ان وجود المعنى شييء مؤلم جدا للملحد ولكي يحس بالاطمئنان داخل دينه الذي اختاره لنفسه يجب دائما أن يثبت أنه تافه وأنه غير مهم وأنه قرد وحيوان -وهو كذلك فعلا-
    فالالحاد لا ينجح الا باهانه الانسان وتتفيهه وتتفيه أهمية وجوده
    لكن العلم كالعادة يمرغ دعاويهم في التراب
    فهذا الكون-وليس فقط الأرض - كما اكتشف علماء الفيزياء الكونية معد منذ البداية لاستقبال الانسان .....تصور كل الكون معد من أجل استقبال الحياة الانسانية
    يقول علماء الفيزياء الكونية يوجد العديد من الثوابت الكونية شديدة الدقة التي لو تغير فيها رقم واحد بعد عشرات الارقام من الفاصلة لما أمكن للحياة ان تظهر على سطح الأرض واصطلح العلماء على تسميته الانظباط الشديد للكون الذي يسمح بظهور الحياة ومن هذه الاتجاهات ، فالكون المادي بمكوناته ومركباته وابتداءً من لحظة نشأته ، قد أعد بدقة لاستقبال الإنسان ، أن الإنسان هو الهدف من الخليقة وإن الكون المادي لم يخلق إلا من أجله .
    فمفهوم ( الكون المضبوط بدقة The Fine Tuned Universe والذي يقول أن جميع مكونات الكون الفيزيائي قد ضبطت بدقة تامة لتجعل ظهور الحياة الإنسانية ممكناً فيه وابتدءاً من نقطة زمنية معينة .
    يقول عالم الفيزياء النظرية الأشهر ستيفن هوكينج في تعليقه علي هذا التدقيق المتناهي في كتابه الأكثر شهرة "تاريخ موجز للزمان" ، يقول: "إن القوانين الرياضية العلمية كما نعلمها في الوقت الحالي تحتوي علي العديد من الأرقام الأساسية مثل مقدار الشحنة الكهربية للإلكترون والنسبة بين كتلتي الإلكترون والبروتون...إلخ والحقيقة الجديرة بالتأمل أن قيم هذه الأرقام يبدو أنها قد تم تدقيقها بشكل متناهي حتي يمكن للحياة أن تنشأ وتتطور"
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...C7%E1%DF%E6%E4
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...C7%E1%DF%E6%E4
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...gical-constant

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    معركة الملاحدة لم تعد مع الدين بل مع العلم.

    فكل يوم العلم يثبت ألاف الثوابت الكونية والمعايرة الكونية الدقيقة مما يساهم فى زيادة الخناق على الملاحدة .

    فكما بالامس كانت الكنيسة تعارص وتحارب المكتشفات العلمية ,نرى اليوم الملاحدة يحاربون المكتشفات العلمية التى تضيق عليهم مساحة الالحاد .
    فهم يقبلون المنطق والبديهيات فى جزئيات الكون ويرفضوها فى كلية الكون .

    وهكذا الدوغمائية والتكبر سمة للكفر ظاهرة .

    ومن اكذب الكذب عندما يصطبغ الملحد بالعلم لتبرير الحاده ...

  5. #5

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خطاب أسد الدين مشاهدة المشاركة
    معركة الملاحدة لم تعد مع الدين بل مع العلم.

    فكل يوم العلم يثبت ألاف الثوابت الكونية والمعايرة الكونية الدقيقة مما يساهم فى زيادة الخناق على الملاحدة .

    فكما بالامس كانت الكنيسة تعارص وتحارب المكتشفات العلمية ,نرى اليوم الملاحدة يحاربون المكتشفات العلمية التى تضيق عليهم مساحة الالحاد .
    فهم يقبلون المنطق والبديهيات فى جزئيات الكون ويرفضوها فى كلية الكون .

    وهكذا الدوغمائية والتكبر سمة للكفر ظاهرة .

    ومن اكذب الكذب عندما يصطبغ الملحد بالعلم لتبرير الحاده ...
    بارك الله فيك
    لقد أوجزت وأبدعت....

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المشاركات
    965
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لابن القيم كلام جميل جداً في حكمة خلق السماء أنقله لإخواني الموحدين

    قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة :" فَتَأمل خلق السَّمَاء وارجع الْبَصَر فِيهَا كرة بعد كرة كَيفَ ترَاهَا من
    اعظم الايات فِي علوها وارتفاعها وسعتها وقرارها بِحَيْثُ لَا تصعد علوا كالنار وَلَا تهبط نازلة كالاجسام الثَّقِيلَة وَلَا عمد تحتهَا وعلاقة فَوْقهَا بل هِيَ ممسوكة بقدرة الله الَّذِي يمسك السَّمَوَات والارض ان تَزُولَا ثمَّ تَأمل استواءها واعتدالها فَلَا صدع فِيهَا وَلَا فطر وَلَا شقّ وَلَا أمت وَلَا عوج ثمَّ تَأمل مَا وضعت عَلَيْهِ من هَذَا اللَّوْن الَّذِي هُوَ احسن الالوان واشدها مُوَافقَة لِلْبَصَرِ وتقوية لَهُ حَتَّى ان من اصابه شَيْء اضر ببصره يُؤمر بادمان النّظر الى الخضرة وَمَا قرب مِنْهَا الى السوَاد وَقَالَ الاطباء ان من كل بَصَره فَإِنَّهُ من دوائه ان يديم الِاطِّلَاع الى اجانة خضراء مملؤءة مَاء فَتَأمل كَيفَ جعل اديم السَّمَاء بِهَذَا اللَّوْن ليمسك الابصار المتقلبة فِيهِ وَلَا ينْكَأ فِيهَا بطول مباشرتها لَهُ هَذَا بعض فَوَائِد هَذَا اللَّوْن وَالْحكمَة فِيهِ اضعاف ذَلِك
    فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر فِي طلوعهما وغروبهما لاقامة دَوْلَتِي
    اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَوْلَا طلوعهما لبطل امْر الْعَالم وَكَيف كَانَ النَّاس يسعون فِي معائشهم ويتصرفون فِي امورهم وَالدُّنْيَا مظْلمَة عَلَيْهِم وَكَيف كَانُوا يتهنون بالعيش مَعَ فقد النُّور ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي غروبهما فَإِنَّهُ لَوْلَا غروبهما لم يكن للنَّاس هدوء وَلَا قَرَار مَعَ فرط الْحَاجة الى السبات وجموم الْحَواس وانبعاث القوى الْبَاطِنَة وَظُهُور سلطانها فِي النّوم الْمعِين على هضم الطَّعَام وتنفيذ الْغذَاء الى الاعضاء ثمَّ لَوْلَا الْغُرُوب لكَانَتْ الارض تَحْمِي بدوام شروق الشَّمْس واتصال طُلُوعهَا حَتَّى يَحْتَرِق كل مَا عَلَيْهَا من حَيَوَان ونبات فَصَارَت تطلع وقتا بِمَنْزِلَة السراج يرفع لاهل الْبَيْت ليقضوا حوائجهم ثمَّ تغيب عَنْهُم مثل ذَلِك ليقروا ويهدؤا وَصَارَ ضِيَاء النَّهَار مَعَ ظلام اللَّيْل وحر هَذَا مَعَ برد هَذَا مَعَ تضادهما متعاونين متظاهرين بهما تَمام مصَالح الْعَالم وَقد اشار تَعَالَى الى هَذَا الْمَعْنى وَنبهَ عباده عَلَيْهِ بقوله عز وَجل {قل أَرَأَيْتُم إِن جعل الله عَلَيْكُم اللَّيْل سرمدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من إِلَه غير الله يأتيكم بضياء أَفلا تَسْمَعُونَ قل أَرَأَيْتُم إِن جعل الله عَلَيْكُم النَّهَار} {سرمدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من إِلَه غير الله يأتيكم بلَيْل تسكنون فِيهِ أَفلا تبصرون} خص سُبْحَانَهُ النَّهَار بِذكر الْبَصَر لانه مَحَله وَفِيه سُلْطَان الْبَصَر وتصرفه وَخص اللَّيْل بِذكر السّمع لَان سُلْطَان السّمع يكون بِاللَّيْلِ وَتسمع فِيهِ الْحَيَوَانَات مَالا تسمع فِي النَّهَار لانه وَقت هدوء الاصوات وخمود الحركات وَقُوَّة سُلْطَان السّمع وَضعف سُلْطَان الْبَصَر وَالنَّهَار بِالْعَكْسِ فِيهِ قُوَّة سُلْطَان الْبَصَر وَضعف سُلْطَان السّمع فَقَوله افلا تَسْمَعُونَ رَاجع إِلَى قَوْله قل ارايتم ان جعل الله عَلَيْكُم اللَّيْل سرمدا الى يَوْم الْقِيَامَة من اله غير الله يأتيكم بضياء بِهِ وَقَوله أَفلا تبصرون رَاجع الى قَوْله قل أرايتم ان جعل الله عَلَيْكُم النَّهَار سرمدا الى يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ تَعَالَى تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجا وَجعل فِيهَا سِرَاجًا وقمرا منيرا وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة لمن أَرَادَ ان يذكر اَوْ أَرَادَ شكُورًا فَذكر تَعَالَى خلق اللَّيْل وَالنَّهَار وإنهما خلفة أَي يخلف احدهما الاخر لَا يجْتَمع مَعَه وَلَو اجْتمع مَعَه لفاتت الْمصلحَة بتعاقبهما واختلافهما وَهَذَا هُوَ المُرَاد باخْتلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار كَون كل وَاحِد مِنْهُمَا يخلف الاخر لَا يجامعه وَلَا يحاذيه بل يغشى احدهما صَاحبه فيطلبه حثيثا حَتَّى يُزِيلهُ عَن سُلْطَانه ثمَّ يَجِيء الاخر عَقِيبه فيطلبه حثيثا حَتَّى يهزمه ويزيله عَن سُلْطَانه فهما دَائِما يتطالبان وَلَا يدْرك احدهما صَاحبه
    فصل ثمَّ تَأمل بعد ذَلِك احوال هَذِه الشَّمْس فِي انخفاضها وارتفاعها لاقامة
    هَذِه الازمنة والفصول وَمَا فِيهَا من الْمصَالح وَالْحكم إِذْ لَو كَانَ الزَّمَان كُله فصلا وَاحِدًا لفاتت مصَالح الْفُصُول الْبَاقِيَة فِيهِ فَلَو كَانَ صيفا كُله لفاتت مَنَافِع مصَالح الشتَاء وَلَو كَانَ شتاء لفاتت مصَالح الصَّيف وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ربيعا كُله اَوْ خَرِيفًا كُله فَفِي الشتَاء تغور الْحَرَارَة فِي الاجواف وبطون الارض وَالْجِبَال فتتولد مواد الثِّمَار وَغَيرهَا وتبرد الظَّوَاهِر ويستكثف فِيهِ الْهَوَاء فَيحصل السَّحَاب والمطر والثلج وَالْبرد الَّذِي بِهِ حَيَاة الارض وَأَهْلهَا واشتداد أبدان الْحَيَوَان وقوتها وتزايد القوى الطبيعية واستخلاف مَا حللته حرارة الصَّيف من الابدان وَفِي الرّبيع تتحرك الطبائع وَتظهر الْموَاد المتولدة فِي الشتَاء فَيظْهر النَّبَات ويتنور الشّجر بالزهر ويتحرك الْحَيَوَان للتناسل وَفِي الصَّيف يحتد الْهَوَاء ويسخن جدا فتنضج الثِّمَار وتنحل فضلات الابدان والاخلاط الَّتِي انْعَقَدت فِي الشتَاء وتغور الْبُرُودَة وتهرب الى الاجواف وَلِهَذَا تبرد الْعُيُون والابار وَلَا تهضم الْمعدة الطَّعَام الَّتِي كَانَت تهضمه فِي الشتَاء من الاطعمة الغليظة لانها كَانَت تهضمها بالحرارة الَّتِي سكنت فِي الْبُطُون فَلَمَّا جَاءَ الصَّيف خرجت الْحَرَارَة الى ظَاهر الْجَسَد وَغَارَتْ الْبُرُودَة فِيهِ فَإِذا جَاءَ الخريف اعتدل الزَّمَان وَصفا الْهَوَاء وَبرد فانكسر ذَلِك السمُوم وَجعله الله بِحِكْمَتِهِ برزخا بَين سموم الصَّيف وَبرد الشتَاء لِئَلَّا يتنقل الْحَيَوَان وهلة وَاحِدَة من الْحر الشَّديد الى الْبرد الشَّديد فيجد اذاه ويعظم ضَرَره فَإِذا انْتقل اليه بتدريج وترتب لم يصعب عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عِنْد كل جُزْء يستعد لقبُول مَا هُوَ اشد مِنْهُ حَتَّى تَأتي جَمْرَة الْبرد بعد استعداد وَقبُول حِكْمَة بَالِغَة وَآيَة باهرة وَكَذَلِكَ الرّبيع برزخ بَين الشتَاء والصيف ينْتَقل فِيهِ الْحَيَوَان من برد هَذَا الى حر هَذَا بتدريج وترتيب فَتَبَارَكَ الله رب الْعَالمين واحسن الْخَالِقِينَ
    فصل ثمَّ تَأمل حَال الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا اودعاه من النُّور والاضاءة وَكَيف
    جعل لَهما بروجا ومنازل ينزلانها مرحلة بعد مرحلة لاقامة دولة السّنة وَتَمام مصَالح حِسَاب الْعَالم الَّذِي لَا غناء لَهُم فِي مصالحهم عَنهُ فبذلك يعلم حِسَاب الاعمار والاجال المؤجلة للديون والاجارات والمعاملات وَالْعدَد وَغير ذَلِك فلولا حلوك الشَّمْس وَالْقَمَر فِي تِلْكَ الْمنَازل وتنقلهما فِيهَا منزلَة بعدمنزلة لم يعلم شَيْء من ذَلِك وَقد نبه تَعَالَى على هَذَا فِي غير مَوضِع من كِتَابه كَقَوْلِه هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب مَا خلق الله ذَلِك الا بِالْحَقِّ يفصل الايات لقوم يعلمُونَ وَقَالَ تَعَالَى وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكُم ولتعلموا عدد السنين والحساب
    فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي طُلُوع الشَّمْس على الْعَالم كَيفَ قدره الْعَزِيز
    الْعَلِيم سُبْحَانَهُ فَإِنَّهَا لَو كَانَت تطلع فِي مَوضِع من السَّمَاء فتقف فِيهِ وَلَا تعدوه لما وصل شعاعها الى كثير من الْجِهَات لَان ظلّ اُحْدُ جَوَانِب كرة الارض يحجبها عَن الْجَانِب الاخر وَكَانَ يكون اللَّيْل دَائِما سرمدا على من لم تطلع عَلَيْهِم وَالنَّهَار سرمدا على من هِيَ طالعة عَلَيْهِم فَيفْسد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء فاقتضت الْحِكْمَة الالهية والعناية الربانية ان قدر طُلُوعهَا من اول النَّهَار من الْمشرق فتشرق على مَا قابلها من الافق الغربي ثمَّ لَا تزَال تَدور وتغشى جِهَة بعد جِهَة حَتَّى تَنْتَهِي الى الغرب فتشرق على مَا استتر عَنْهَا فِي اول النَّهَار فيختلف عِنْدهم اللَّيْل وَالنَّهَار فتنتظم مصالحهم
    فصل ثمَّ تَأمل الْحِكْمَة فِي مقادير اللَّيْل وَالنَّهَار تجدها على غَايَة
    الْمصلحَة وَالْحكمَة وان مِقْدَار الْيَوْم وَاللَّيْلَة لَو زَاد على مَا قدر عَلَيْهِ اَوْ نقص لفاتت الْمصلحَة وَاخْتلفت الْحِكْمَة بذلك بل جعل مكيالها اربعة وَعشْرين سَاعَة وَجعلا يتقارضان الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان بَينهمَا فَمَا يزِيد فِي احدهما من الاخر يعود الاخر فيسترده مِنْهُ قَالَ الله تَعَالَى يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَفِيه قَولَانِ احدهما ان الْمَعْنى يدْخل ظلمَة هَذَا فِي مَكَان ضِيَاء ذَلِك وضياء هَذَا فِي مَكَان ظلمَة الاخر فَيدْخل كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَوضِع صَاحبه وعَلى هَذَا فَهِيَ عَامَّة فِي كل ليل ونهار وَالْقَوْل الثَّانِي انه يزِيد فِي احدهما مَا ينقصهُ من الاخر فَمَا ينقص مِنْهُ يلج فِي الاخر لَا يذهب جملَة وعَلى هَذَا فالاية خَاصَّة بِبَعْض سَاعَات كل من اللَّيْل وَالنَّهَار فِي غير زمن الِاعْتِدَال فَهِيَ خَاصَّة فِي الزَّمَان وَفِي مِقْدَار مَا يلج فِي احدهما من الاخر وَهُوَ فِي الاقاليم المعتدلة غَايَة مَا تَنْتَهِي الزِّيَادَة خمس عشرَة سَاعَة فَيصير الاخر تسع سَاعَات فَإِذا زَاد على ذَلِك انحرف ذَلِك الاقليم فِي الْحَرَارَة اَوْ الْبُرُودَة الى ان يَنْتَهِي الى حد لايسكنه الانسان وَلَا يتكون فِيهِ النَّبَات وكل مَوضِع لَا تقع عَلَيْهِ الشَّمْس لَا يعِيش فِيهِ حَيَوَان وَلَا نَبَات لفرط برده ويبسه وكل مَوضِع لاتفارقه كَذَلِك لفرط حره ويبسه والمواضع الَّتِي يعِيش فِيهَا الْحَيَوَان والنبات هِيَ الَّتِي تطلع عَلَيْهَا الشَّمْس وتغيب وأعدلها الْمَوَاضِع الَّتِي تتعاقب عَلَيْهَا الْفُصُول الاربعة وَيكون فِيهَا اعتدالان خريفين وربيعين
    فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك
    فَإِن الله تَعَالَى اقْتَضَت حكمته خلق الظلمَة لهدو الْحَيَوَان وَبرد الْهَوَاء على الابدان والنبات فتعادل حرارة الشَّمْس فَيقوم النَّبَات وَالْحَيَوَان فَلَمَّا كَانَ ذَلِك مُقْتَضى حكمته شَاب اللَّيْل بِشَيْء من الانوار وَلم يَجعله ظلمَة داجية حندسا لَا ضوء فِيهِ اصلا فَكَانَ لَا يتَمَكَّن الْحَيَوَان فِيهِ من شَيْء من الْحَرَكَة وَلَا لأعمال وَلما كَانَ الْحَيَوَان قد يحْتَاج فِي اللَّيْل الى حَرَكَة ومسير وَعمل لايتهيأ لَهُ بِالنَّهَارِ لضيق النَّهَار اَوْ لشدَّة الْحر اَوْ لخوفه بِالنَّهَارِ كَحال كثير من الْحَيَوَان جعل فِي اللَّيْل من اضواء الْكَوَاكِب وضوء الْقَمَر مَا يَتَأَتَّى مَعَه اعمال كَثِيرَة كالسفر والحرث وَغير ذَلِك من اعمال اهل الحروث والزروع فَجعل ضوء الْقَمَر بِاللَّيْلِ مَعُونَة للحيوان على هَذِه الحركات وَجعل طلوعه فِي بعض اللَّيْل دون بعض مَعَ نقص ضوئه عَن الشَّمْس لِئَلَّا يستوى اللَّيْل وَالنَّهَار فتفوت حِكْمَة الِاخْتِلَاف بَينهمَا والتفاوت الَّذِي قدره الْعَزِيز الْعَلِيم فَتَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالتَّقْدِير العجيب الَّذِي اقْتضى ان اعان الْحَيَوَان على دولة الظلام بجند من النُّور يَسْتَعِين بِهِ على هَذِه الدولة الْمظْلمَة وَلم يَجْعَل الدولة كلهَا ظلمَة صرفا بل ظلمَة مشوبة بِنور رَحْمَة مِنْهُ وإحسانا فسبحان من اتقن مَا صنع واحسن كل شَيْء خلقه
    فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبَارك وَتَعَالَى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا
    وَأَنَّهَا زِينَة للسماء وأدلة يَهْتَدِي بهَا فِي طرق الْبر وَالْبَحْر وَمَا جعل فِيهَا من الضَّوْء والنور بِحَيْثُ يمكننا رؤيتها مَعَ الْبعد المفرط وَلَوْلَا ذَلِك لم يحصل لنا الاهتداء وَالدّلَالَة وَمَعْرِفَة الْمَوَاقِيت ثمَّ تَأمل تسخيرها منقادة بامر رَبهَا تبَارك وَتَعَالَى جَارِيَة على سنَن وَاحِد اقتضتحكمته وَعلمه ان لَا تخرج عَنهُ فَجعل مِنْهَا البروج والمنازل والثوابت والسيارة والكبار وَالصغَار والمتوسط والابيض الازهر والابيض الاحمر وَمِنْهَا مَا يخفى على النَّاظر فَلَا يُدْرِكهُ وَجعل منْطقَة البروج قسمَيْنِ مُرْتَفعَة ومنخفضة وَقدر سَيرهَا تَقْديرا وَاحِدًا وَنزل الشَّمْس وَالْقَمَر والسيارات مِنْهَا منازلها فَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي شهر وَاحِد وَهُوَ الْقَمَر وَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي عَام وَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي عدَّة اعوام كل ذَلِك مُوجب الْحِكْمَة والعناية وَجعل ذَلِك اسباب لما يحدثه سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْعَالم فيستدل بهَا النَّاس على تِلْكَ الْحَوَادِث الَّتِي تقارنها كمعرفتهم بِمَا يكون مَعَ طُلُوع الثريا إِذا طلعت وغروبها إِذا سَقَطت من الْحَوَادِث الَّتِي تقارنها وَكَذَلِكَ غَيرهَا من الْمنَازل والسيارات ثمَّ تَأمل جعله سُبْحَانَهُ بَنَات نعش وَمَا قرب مِنْهَا ظَاهِرَة لَا تغيب لقربها من المركز وَلما فِي ذَلِك من الْحِكْمَة الالهية وانها بِمَنْزِلَة الاعلام الَّتِي يَهْتَدِي بهَا النَّاس فِي الطّرق المجهولة فِي الْبر وَالْبَحْر فهم ينظرُونَ اليها وَإِلَى الجدي والفرقدين كل وَقت ارادوا فيهتدون بهَا حَيْثُ شاؤا
    فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا
    يسير إِلَّا مَعَ رفقته لَا يفرد عَنْهُم سيره ابدا بل لَا يَسِيرُونَ الا جَمِيعًا وَبَعضهَا يسير سيرا مُطلقًا غير مُقَيّد برفيق وَلَا صَاحب بل إِذا اتّفق لَهُ مصاحبته فِي منزل وَافقه فِيهِ لَيْلَة وفارقه اللَّيْلَة الاخرى فَبينا ترَاهُ ورفيقه وقرينه إِذْ رايتهما مفترقين متابعدين كَأَنَّهُمَا لم يتصاحبا قطّ وَهَذِه السيارة لَهَا فِي سَيرهَا سيران مُخْتَلِفَانِ غَايَة الِاخْتِلَاف سير عَام يسير بهَا فلكها وسير خَاص تسير هِيَ فِي فلكها كَمَا شبهوا ذَلِك بنملة تدب على رحى ذَات الشمَال والرحى تَأْخُذ ذَات الْيَمين فللنملة فِي ذَلِك حركتان مُخْتَلِفَتَانِ الى جِهَتَيْنِ متاينتين احداهما بِنَفسِهَا والاخرى مُكْرَهَة عَلَيْهَا تبعا للرحى تجذبها الى غير جِهَة مقصدها وَبِذَلِك يَجْعَل التَّقْدِيم فِيهَا كل منزلَة الى جِهَة الشرق ثمَّ يسير فلكها وبمنزلتها الى جِهَة الغرب فسل الزَّنَادِقَة والمعطلة أَي طبيعة اقْتَضَت هَذَا واي فلك اوجبه وهلا كَانَت كلهَا راتبه اَوْ منتقلة اَوْ على مِقْدَار وَاحِد وشكل وَاحِد وحركة وَاحِدَة وجريان وَاحِد وَهل هَذَا الا صنع من بهرت الْعُقُول حكمته وَشهِدت مصنوعاته ومتبدعاته بانه الْخَالِق البارئ المصور الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء احسن كل شَيْء خلقه واتقن كل مَا صنعه وانه الْعَلِيم الْحَكِيم الَّذِي خلق فسوى وَقدر فهدى وان هَذِه احدى آيَاته الدَّالَّة عَلَيْهِ وعجائب مصنوعاته الموصلة للأفكار إِذا سَافَرت فِيهَا اليه وَأَنه خلق مسخر مربوب مُدبر ان ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَوَات والارض فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يغشى اللَّيْل النَّهَار يَطْلُبهُ حثيثا وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بامره الا لَهُ الْخلق والامر تبَارك الله رب الْعَالمين فَإِن قلت فَمَا الْحِكْمَة فِي كَون بعض النُّجُوم راتبا وَبَعضهَا منتقلا قيل إِنَّهَا لوكانت كلهَا راتبة لبطلت الدّلَالَة وَالْحكم الَّتِي نشأت من تنقلها فِي منازلها ومسيرها فِي بروجها وَلَو كَانَت كلهَا منتقلة لم يكن لمسيرها منَازِل تعرف بهَا وَلَا رسم يُقَاس عَلَيْهَا لانه إِنَّمَا يُقَاس مسير المتنقلة مِنْهَا بالراتب كَمَا يُقَاس مسير السائرين على الارض بالمنازل الَّتِي يَمرونَ عَلَيْهَا فَلَو كَانَت كلهَا بِحَال وَاحِدَة لاختلط نظامها ولبطلت الحكم والفوائد والدلالات الَّتِي فِي اختلافها ولتشبث الْمُعَطل بذلك وَقَالَ لَو كَانَ فاعلها ومبدعها مُخْتَارًا لم تكن على وَجه وَاحِد وَأمر وَاحِد وَقدر وَاحِد فَهَذَا التَّرْتِيب والنظام الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ من ادل الدَّلَائِل على وجود الْخَالِق وَقدرته وإرادته وَعلمه وحكمته ووحدانيته
    فصل ثمَّ تامل هَذَا الْفلك الدوار بشمسه وقمره ونجومه وبروجه وَكَيف يَدُور
    على هَذَا الْعَالم هَذَا الدوران الدَّائِم الى آخر الاجل على هَذَا التَّرْتِيب والنظام وَمَا فِي طي ذَلِك من اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفصول وَالْحر وَالْبرد وَمَا فِي ضمن ذَلِك من مصَالح مَا على الارض من اصناف الْحَيَوَان والنبات وَهل يخفى على ذِي بَصِيرَة ان هَذَا ابداع الْمُبْدع الْحَكِيم وَتَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَلِهَذَا خَاطب الرُّسُل امتهم مُخَاطبَة من لَا شكّ عِنْده فِي الله وَإِنَّمَا دعوهم الى عِبَادَته وَحده لَا ألى الاقرار بِهِ فَقَالَت لَهُم أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَوَات والارض فوجوده سُبْحَانَهُ وربوبيته وَقدرته اظهر من كل شَيْء على الاطلاق فَهُوَ اظهر للبصائر من الشَّمْس للابصار وابين للعقول من كل مَا تعقله وتقر بوجدوده فَمَا يُنكره الا مكابر بِلِسَانِهِ وَقَلبه وعقله وفطرته وَكلهَا تكذبه قَالَ تَعَالَى الله الَّذِي رفع السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي لاجل مُسَمّى يدبر الامر يفصل الايات لَعَلَّكُمْ بلقاء ربكُم توقنون وَهُوَ الَّذِي مد الارض وَجعل فِيهَا رواسي وانهارا وَمن كل الثمرات جعل فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يغشى اللَّيْل النَّهَار ان فِي ذَلِك لايات لقوم يتفكرون وَفِي الارض قطع متجاورات الاية وَقَالَ تَعَالَى ان فِي خلق السَّمَوَات والارض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لايات للْمُؤْمِنين وَفِي خَلقكُم واما يبث من دَابَّة إِلَى قَوْله وآياته يُؤمنُونَ وَقَالَ تَعَالَى خلق السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها والقى فِي الارض رواسي ان تميد بكم وَبث فِيهَا من كل دَابَّة الى قَوْله فِي ضلال مُبين وَقَالَ تَعَالَى خلق الانسان من نُطْفَة فَإِذا هُوَ خصيم مُبين والأنعام خلقهَا لكم فِيهَا دفء وَمَنَافع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ الى قَوْله افمن يخلق كمن لَا يخلق أَفلا تذكرُونَ وَتَأمل كَيفَ وحد سُبْحَانَهُ الاية من قَوْله هُوَ الَّذِي أنزل من السَّمَاء مَاء لكم مِنْهُ شراب الى آخرهَا وختمها باصحاب الفكرة فاما تَوْحِيد الاية فَلِأَن مَوضِع الدّلَالَة وَاحِد وَهُوَ المَاء الَّذِي انزله من السَّمَاء فَاخْرُج بِهِ كلما ذكره من الارض وَهُوَ على اخْتِلَاف انواعه لقاحه وَاحِد وَأمه وَاحِدَة فَهَذَا نوع وَاحِد من آيَاته وَأما تَخْصِيصه ذَلِك بِأَهْل الْفِكر فَلِأَن هَذِه الْمَخْلُوقَات الَّتِي ذكرهَا من المَاء مَوضِع فكر وَهُوَ نظر الْقلب وتامله لَا مَوضِع نظر مُجَرّد بِالْعينِ فَلَا ينْتَفع النَّاظر بِمُجَرَّد رُؤْيَة الْعين حَتَّى ينْتَقل مِنْهُ الى نظر الْقلب فِي حِكْمَة ذَلِك وبديع صنعه وَالِاسْتِدْلَال بِهِ على خالقه وباريه وَذَلِكَ هُوَ الْفِكر بِعَيْنِه واما قَوْله تَعَالَى فِي الاية الَّتِي بعْدهَا ان فِي ذَلِك لايات لقوم يعْقلُونَ فَجمع الايات لانها تَضَمَّنت اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَهِي آيَات مُتعَدِّدَة مُخْتَلفَة فِي انفسها وخلقها وكيفياتها فَإِن إظلام الجو لغروب الشَّمْس ومجيء اللَّيْل الَّذِي يلبس الْعَالم كَالثَّوْبِ ويسكنون تَحْتَهُ آيَة باهرة ثمَّ ورد جَيش الضياء يقدمهُ بشير الصَّباح فينهزم عَسْكَر الظلام وينتشر الْحَيَوَان وينكشط ذَلِك اللبَاس بجملته آيَة اخرى ثمَّ فِي الشَّمْس الَّتِي هِيَ آيَة النَّهَار آيَة أُخْرَى وَفِي الْقَمَر الَّذِي هُوَ آيَة اللَّيْل آيَة اخرى وَفِي النُّجُوم آيَات أخر كَمَا قدمْنَاهُ هَذَا مَعَ مَا يتبعهَا من الايات الْمُقَارنَة لَهَا من الرِّيَاح واختلافها وَسَائِر مَا يحدثه الله بِسَبَبِهَا آيَات أخر فالموضع مَوضِع جمع وَخص هَذِه الايات بِأَهْل الْعقل لانها اعظم مِمَّا قبلهَا وأدل وأكبر والاولى كالباب لهَذِهِ فَمن اسْتدلَّ بِهَذِهِ الايات واعطاها حَقّهَا من الدّلَالَة اسْتحق من الْوَصْف مَا يسْتَحقّهُ صَاحب الْفِكر وَهُوَ الْعقل وَلِأَن منزله الْمنزلَة الْعقل بعد منزلَة الْفِكر فَلَمَّا دلهم بالاية الاولى على الْفِكر نقلهم بالاية الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ اعظم مِنْهَا الى الْعقل الَّذِي هُوَ فَوق الْفِكر فَتَأَمّله فَأَما قَوْله فِي الاية الثَّالِثَة {إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يذكرُونَ} فَوحد الاية وخصها بِأَهْل التَّذَكُّر فَأَما توحيدها فكتوحيد الاولى سَوَاء فَإِن مَا ذَرأ فِي الارض على اختلافه من الْجَوَاهِر والنبات والمعادن وَالْحَيَوَان كُله فِي مَحل وَاحِد فَهُوَ نوع من انواع آيَاته وَإِن تعدّدت أصنافه وانواعه واما تَخْصِيصه اياها بِأَهْل التَّذَكُّر فطريقة الْقُرْآن فِي ذَلِك ان يَجْعَل آيَاته للتبصر والتذكر كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة ق {وَالْأَرْض مددناها وألقينا فِيهَا رواسي وأنبتنا فِيهَا من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب} فالتبصرة التعقل والتذكرة التَّذَكُّر والفكر بَاب ذَلِك ومدخله فَإِذا فكر تبصر وَإِذا تبصر تذكر فجَاء التَّذْكِير فِي الاية لترتيبه على الْعقل الْمُرَتّب على الْفِكر فَقدم الْفِكر إِذْ هُوَ الْبَاب والمدخل ووسط الْعقل إِذْ هُوَ ثَمَرَة الْفِكر ونتيجته وَأخر التَّذَكُّر إِذْ هُوَ الْمَطْلُوب من الْفِكر وَالْعقل فَتَأمل ذَلِك حق التَّأَمُّل فَإِن قلت فَمَا الْفرق بَين التَّذَكُّر والتفكر فَإِذا تبين الْفرق ظَهرت الْفَائِدَة قلت التفكر والتذكر اصل الْهدى والفلاح وهما قطبا السَّعَادَة وَلِهَذَا وسعنا الْكَلَام فِي التفكر فِي هَذَا الْوَجْه لعظم الْمَنْفَعَة وَشدَّة الْحَاجة اليه قَالَ الْحسن مَا زَالَ اهل الْعلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التَّذَكُّر ويناطقون الْقُلُوب حَتَّى نطقت فَإِذا لَهَا اسماع وابصار فَاعْلَم ان التفكر طلب الْقلب مَا لَيْسَ بحاصل من الْعُلُوم من امْر هُوَ حَاصِل مِنْهَا هَذَا حَقِيقَته فَإِنَّهُ لَو لم يكن ثمَّ مُرَاد يكون موردا للفكر اسْتَحَالَ الْفِكر لَان الْفِكر بِغَيْر مُتَعَلق متفكر فِيهِ محَال وَتلك الْموَاد هِيَ الامور الْحَاصِلَة وَلَو كَانَ الْمَطْلُوب بهَا حَاصِلا عِنْده لم يتفكر فِيهِ فَإِذا عرف هَذَا فالمتفكر ينْتَقل من الْمُقدمَات والمبادي الَّتِي عِنْده الى الْمَطْلُوب الَّذِي يُريدهُ فَإِذا ظفر بِهِ وَتحصل لَهُ تذكر بِهِ وابصر مواقع الْفِعْل وَالتّرْك وَمَا يَنْبَغِي ايثاره وَمَا يَنْبَغِي اجتنابه فالتذكر هُوَ مَقْصُود التفكر وثمرته فَإِذا تذكر عَاد بتذكرة على تفكره فاستخرج مَا لم يكن حَاصِلا عِنْده فَهُوَ لَا يزَال يُكَرر بتفكره على تذكره وبتذكره على تفكره مَا دَامَ عَاقِلا لَان الْعلم والارادة لَا يقفان على حد بل هُوَ دَائِما سَائِر بن الْعلم والارادة وَإِذا عرفت معنى كَون آيَات الرب تبَارك وَتَعَالَى تبصرة وذكرى يتبصر بهَا من عمى الْقلب ويتذكر بهَا من غفلته فان المضاد للْعلم اما عمى الْقلب وزواله بالتبصر وَإِمَّا غفلته وزواله بالتذكر وَالْمَقْصُود تَنْبِيه الْقلب من رقدته بالاشارة الى شَيْء من بعض آيَات الله وَلَو ذَهَبْنَا نتتبع ذَلِك لنفذ الزَّمَان وَلم نحط بتفصيل وَاحِدَة من آيَاته على التَّمام وَلَكِن مَالا يدْرك جملَة لَا يتْرك جملَة واحسن مَا انفقت فِيهِ الانفاس التفكر فِي آيَات الله وعجائب صنعه والانتقال مِنْهَا الى تعلق الْقلب والهمة بِهِ دون شَيْء من مخلوقاته فَلذَلِك عَقدنَا هَذِه الْكتاب على هذَيْن الاصلين إِذْ هما افضل مَا يكتسبه العَبْد فِي هَذِه الدَّار"

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء