النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كيف تكفرون بالله

  1. Post كيف تكفرون بالله

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فهذا جزء من مقال أكتب فيه محاولاً التدبر في قوله تعالى " كيف " في القرآن ومررت هنا على آية سورة البقرة فوددت أن أشارك إخواني بها لعلها تكون نافعة لأحدهم.

    "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "
    فإنه بما أنه قد ثبت أننا كبشر حادثون مخلوقون فإنه لكل حادث لابد من محدث فلا يتصور أحد أن البشر أزليون لا بداية لهم بل الكل موقن ومسلم بحدوثهم وإن كان الإنسان حادثاً فإنه لا يخلو من أحد أربعة احتمالات قد حدث بها وجاء إلى الحياة أولها أن حدث من لا شيء أو جاء من العدم والثاني أنه أحدث أو خلق نفسه بنفسه والثالث أنه حدث عن طريق حادث مخلوق مثله والرابع أن من خلقه هو الأول والآخر والصمد الذي لم يلد ولم يولد
    أما الاحتمال الأول فإنه باطل لأنه لا شيء يأتي من لا شيء فإن العدم الذي هو نقصان وانعدام كل شيء هو انعدام للصفات والأفعال أيضاً فلا يوصف بأنه محدث و لا يحدث شيئاً أيضاً وإن كان العدم فاعلاً لما كان عدماً فلابد أن يكون المحدث شيئاً موجوداً لكي يحمل الصفات ويقوم بالأفعال ومثل الذي يصف العدم بأنه محدث كمثل الذي يقول لقد تناولت بالأمس وجبة شهية وكانت مكونة من لا شيء مع قليل من الدجاج وكان المشروب لاشيء مخلوطاً بالبرتقال
    وأما الاحتمال الثاني وهو أن الإنسان خلق نفسه وجلبها من العدم إلى الحياة وكما أن الاحتمال الأول يخالف البديهة العقلية بأن كل حادث لا بد له من محدث فإن الاحتمال الثاني ينافي البديهة العقلية عدم التناقض وهي أنه لا يمكنني أن أطلب منك أن تلقي بحجر في البحر بشرط أن يظل على الشاطئ لأنني هكذا أجمع بين متناقضين وهما أن يكون الحجر داخل البحر وخارجه في نفس الوقت ومثل هذا أن يقول أحدهم هل تستطيع والدتك أن تلد نفسها ؟ فإذا كانت ستلد فهي إذن موجودة ولو كانت ستلد نفسها فهي إذن غير موجودة فكيف إذن يمكنها ذلك وأيضاً كيف أخلق نفسي وأجمع بين صفتين متضادتين وهي أني موجود وغير موجود أو أن ينشئ هذا الكون نفسه فيكون موجوداً وغير موجود في نفس الوقت ؟ أما لو قال أحدهم إن في النبات تكاثراً لا جنسياً وهذا يعني أنه يخلق نفسه فالرد يكون أنه لم يخلق نفسه إنما هذه طريقته في التكاثر وإنتاج أنواع جديدة وهو أيضاً في هذه الحالة حادث بعد أن لم يكن فكيف حدث وهو أيضاً مفتقر ومحتاج لغيره كما أن الإنسان مفتقر في إبقاء نفسه حياً مدة أطول أو أن يمد لنفسه سمعاً أو بصراً أو أي شيء حادث وهو في كمال قواه العقلية فكيف به إذن وهو لم يكن شيئاً فهل يقدر أن يخلق نفسه أو يمدها بالحياة والوجود
    أما الاحتمال الثالث فهو أن محدثه حادث مثله فيكون مثلاً والداه ولكن أبواه هذان أيضاً فانيان مفتقران ولا يملكان أن يضيفيا في عمر ابنهما أو أن يمداه بصفة فيه فكيف يخلقانه ولا يقدران على حفظ خلقهما كما أنه لو كان الأبوان علة كافية أو محدثاً كاملاً لما وجدنا أزواجاً عقيمين يتمنون الولد وأيضاً لم نجد أولاداً ذوي تشوهات لأن الأبوين الكاملين سيكونان ولداً كاملاً وسيحصلون عليه متى يريدون ولكن إنجاب الأولاد لا يعتمد فقط على وجود الآباء ولو كان معتمداً فمن خلق الزوج الأول ؟ وإن سلمنا بأن خالقنا هو أي خالق آخر فسنقع في معضلة عقلية أخرى وهي التسلسل إلا ما لا نهاية فمثلاً إن قلنا أن هناك مجموعة من الحلقات معلقة وكل حلقة معلقة بالحلقة التي تعلوها والتي تعلوها مرتبطة بالتي تعلوها إلى ما لا نهاية فكيف إذن ستكون معلقة ونحن لا ننتهي إلى سقف ثابت ترتبط به هذه الحلقات ؟ ومثال آخر لو أن جندياً وجد أحد الأعداء أمامه وهم أن يضربه ولكن عليه أولاً أن يأخذ إذناً من قائده وقائده هذا لابد أن يأخذ إذناً من قائده الأكبر وهذا من قائده الأكبر جداً فإنه في الحقيقة لن يتمكن هذا الجندي أبداً من إصابة عدوه لذا فإننا سنكون بحاجة إلى خالق لم يُخلق وينبغي أن يكون كاملاً قيوماً صمداً وهذا يدعونا إلى الاحتمال الرابع ولكن قد يقول قائل ربما كان هناك خالقان أو ثلاثة فقط لما التسلسل إلى ما لا نهاية ؟ فحينها نقول له ما الدليل على هذا الفرض الغير مدعوم بأي دليل من أي نوع وما فائدته ولماذا تضيف سبباً هل فقط لتهرب من التسلسل اللا نهائي تضع نفسك في معضلة أسوأ ولا سبب لها ولا داع أما ماذا ؟ فإنما هي وهم وكذا قول الأكوان المتعددة أو أن المفردة أو الخلية الأولى التي تكون منها الكون كما تقول نظرية الانفجار العظيم فإن أحدهم يرد عليها بأن هذه المفردة جاءت من كون آخر اضمحل حتى وصل لها فنقول له أيضاً ما الدليل على هذا الكلام وعليك أن تثبت ولكن كيف يثبت وحدود العلم التجريبي عندنا هي نشأة الكون وأيضاً معلوماته عنها قاصرة ظنية وأيضاً لو كانت هكذا لانتشرت العشوائية بشكل ضخم ظاهر وهذا ليس موجوداً الآن أما الاحتمال الرابع وهو أن الذي خلقنا وخلق الكون هو خالق ليس قبله شيء وليس بعده شيء وهو قادر على إنشاء الخلق والكون ومحيط بهم ومتصف بكل كمال فهو الصمد الذي تحتاج إليه الخلائق وهو قيوم لا يحتاج لأحد هو القدير الذي كمل في قدرته فلا يعجزه خلقنا ولا ملكنا ولا التدبير لنا وهو المستحق للعبادة وحده سبحانه وتعالى وهو الحكيم المنزه عن العبث أو اللهو الذي خلق لغاية وحكمة ولم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا الرسل مبشرين ومنذرين


    " ثُمَّ يُمِيتُكُمْ " وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان أنه كل من عليها فان ولكن قد يقول أحدهم ولكن من القائل أن الله هو الذي يميتنا كما قال النمرود" أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " فالرد يكون بأن هذا قتل وعتق وليس إحياءً أو إماتة وإلا فلتغير سنة كونية ثابتة أصلاً إنما أنت هكذا سبب في الإبقاء على الحال أو تغييره وإن قال قائل أن أحيي الأرض الميتة وأستصلحها وأعمرها فنقول له أن تعمل بالأسباب وتكون سبباً في إحيائها كما أن المطر يحيي به الله الأرض بعد موتها فإن المطر ليس سبباً كافياً أو قائماً بذاته وأنت إنما تجمع الأسباب التي أعطاكها الله أو تكون سبباً معهم ولكن الله هو الخالق الرازق ولو قلنا أنك لست سبباً ولم تجمع أسباباً معاً وهكذا فأنت أصلاً مخلوق وكل ما تفعله فالله خالقه سبحانه وتعالى سواء أحبه أم أراده لعلة وحكمة من وجوده يحصل بها تحصيل خير أكبر وأعظم فإنه سبحانه الشر ليس إليه ولو نسب إليه شيء فلن يكون شراً

    " ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "
    هناك بعض من ينكر هذه الجزئية وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ " ولكن لنرد عليهم لنتفق على بعض المقدمات في البداية
    1 ) العدل من القيم الأخلاقية العالمية الفطرية التي يتفق على حسنها الجميع
    2 ) الحكمة والغائية من الصفات الإنسانية المتفق على كمالها وحسنها
    3 ) الله الكامل هو المتصف بالعدل الكامل والحكمة الكاملة
    4 ) الحياة غير عادلة والناس فيها متفاوتون
    5 ) الحياة الدنيا في نفسها غير منطقية ولا تتسم بالحكمة إن استكفينا بها وإلا فلماذا يفقد هذا الصالح ولده ولماذا يتنعم الفاسد
    6 ) الإنسان يتطلع ويبحث ويفرح بالعدل والحكمة
    7 ) الله يسمح للإنسان أن يتطلع للعدل والحكمة
    8 ) الإحياء بعد الموت غير ممتنع عقلاً
    9 ) هناك أمثلة على إعادة إحياء الناس حدثت في الواقع وفي التاريخ
    10 )هناك أمثلة حولنا على العدل والحكمة وعلى الإحياء بعد الموت كالأرض البور التي تنبت ثانية
    11 ) إذا قدر الله على إحيائنا من العدم أول مرة فبقياس الأولى هو قادر على إحيائنا بعد الموت
    12 ) نريد أن نجمع هذه المقدمات إن لم نثبت خطأها
    أظن أن جميع الناس يتفقون على هذه المقدمات كلها ولكن ربما نختلف في المقدمة التاسعة والتي أساسها أن الله قد أحيا قوماً بعد أن أماتهم كما ثبت في القرآن مثل بني إسرائيل الذين أخذتهم الصاعقة ثم بعثهم الله وأيضاً الرجل الذي قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه وكذلك قصة البقرة " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته " كما أن فكرة البعث والنشور موجودة تقريباً في كل الثقافات والحضارات والمجتمعات عبر التاريخ والجغرافيا أجمع وهذا يثبت صحتها وصحة حدوثها لذلك تم تناقلها بين الأمم وإن كانت في بعض الروايات زيادة كذب وافتراء مثل الديانة الهندية التي تقول أن هناك العديد من الولادات للشخص الواحد مرات عديدة في الدنيا المهم لنرجع إلى مرجوعنا ونقول إن أردنا أن نجمع بين هذه المقدمات فحينها سنجد أن الجمع الوحيد سيكون بأن هناك حياة أخرى يثاب فيه المحسن ويعاقب فيها المسيء ويعترف فيها بخطأئه وينزل عن تكبره وجبروته ويعرف قيمته ويبسط الله رحمته على المحسنين ولأنهم أحسنوا وقاموا بأعظم واجب عليهم وهو عبادة الله فإنه يجازيهم أعظم جزاء وهو الخلود في النعيم والسرور ولأن الكفار قد جحدوا أعظم حقيقة واقترفوا أعظم جرم وكانوا أعظم من ظلم فإن لهم أشد عقاب وهو الخلود في العذاب الأليم فإن هذا الرب العادل الكريم الرحيم الذي أرسل رسله لينذروا عباده ويبعدونهم عنها ويوجوههم إلى ما فيه مصلحتهم فإن هذا الرب سبحانه لا يكفر ولا يجحد وجوده ولا وحدانيته ولا كرمه وعنايته سبحانه وتعالى بخلقه كما في الآية التي تليها
    " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "
    فإنه كما قال أنتوني فلو " هل كان يعلم الكون قبل أن نأتي إليه أننا سوف نأتي " ذلك بأن الكون ميسر ومسخر لخدمة الإنسان بالقوانين التي يمكنه استقراؤها واستنتاجها وأن الكون يمكن توقع أحداثه وما فيه ويستطيع الإنسان تطويع ما فيه ليناسب احتياجاته وأهدافه وهذا يظهر بوضوح للمتفكر في الكون من حوله الذي يرى في صفات الكون والإنسان ما يبرز بوضوح عناية خالقه بعباده حيث لو اختل شيء من هذه لانتهت الحياة أو لصارت عذاباً على أهلها ولكنه سبحانه وتعالى يدبر الأمر فمثلاً الصمامات التي في جسد الإنسان والتي منها صمام يمنع الفضلات من المرور دون إرادة الإنسان ، صمام يحرس الشرج صمام داخلي و صمام خارجي الداخلي لا إرادي و هذا الصمام يجعل القناة تحته فارغة و لذا لا يتعب الصمام الخارجي الإرادي بطول العمل و لا يمر الهواء بعد تراكمه رغمًا عن الإنسان و الصمام الخارجي ! الصمام الخارجي حتى الآن مازال علماء التشريح في حيرة من أمرهم ، قالوا هو عضلة واحدة ثم قالوا أكثر و الآن قالوا ثلاث عضلات تنقبض فتجعل القناة الهضمية في وضع زاوية حادة فلا يمر شيء أهكذا فقط ؟ بل هذا الصمام يشعر بطبيعة المادة داخله أهي غاز أم سائل أم صلب .. فإن أحسه الإنسان غازًا تصرف بحسب ذلك و إن شعره صلبًا تصرف بحسب ذلك .. و اللبيب يفهم بالإشارة تخيل لو كان الإنسان يتعامل مع المار في الشرج على أنه غاز فوجده صلبًا ؟ يا للفضيحة ثم تخيل لو كان هذا الصمام غير موجود يا للفضيحة فإن كل هذا يدل على عناية الخالق بخلقه وهو اللطيف وهو الودود سبحانه وتعالى وهو سبحانه خلق هذا العبد وكرمه وأمره أن يعبده وحده ولا يشرك به شيئاً وضرب لنا مثلاً في الآية التالية بأول إنسان خلقه الله وأمره بعبادته وأن يرشد العباد لعبادته وحده لا شريك له جل وعلا
    "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ " وبين سبحانه وتعالى أنه كرمه وميزه عن غيره وعلمه الأسماء كلها ورفع الإنسان بالعلم والتقوى وبين أن الشيطان كان ولازال إلى يومنا هذا يمكر ويكيد ببعض بني آدم ويزلهم عن الخير ويخرجهم عن الجنة
    " فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ" قد يقول قائل من الذي أذنب هنا هل الشيطان الذي دعاهم وأقسم لهما أنه من الناصحين لهم أم هما الذين أذنبا والمعلوم أنهم كلهم أذنبوا ذلك بأن إبليس عصى أمر ربه الشرعي بالسجود لآدم وقام بإغوائه وبنيه حقداً وكبراً أيضاً وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ والحاصل أن معصية آدم لربه وما فيها من شر وخطأ لكنها تحوي الخير العظيم فهي مثلاً كانت سبباً في حصول عبادة التوبة العظيمة ومداومته على الاستغفار والأوبة والتذلل لله والاستعانة به وأنه تعلم خطورة الشيطان عليه بالتجربة المباشرة كما أننا تعلمنا مقدار عداوة الشيطان البينة لنا فإنه لا يكل ولا يتعب من إغوائنا ودعوتنا إلى طريقه كما أننا تعلمنا منها كيف أن طاعة الشيطان تضر ببني آدم أعظم الضرر وأنه لا ينبغي لنا أن ننخدع بكلامه وتزيينه وفعله فإنه لن يكون ناصحاً لنا أبداً
    ونتعلم منها أيضاً أن اختبار الحياة لن يكون سهلاً يسيراً على الجميع فلابد من الاستعانة بالله في هذا الحدث فوائد جليلة لمن تدبر تثبت أن الشر نسبي فهو شر من وجه وخير من وجوه أكثر وأعظم والخير فيه غالب والله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل عالمنا كعالم الملائكة لا شر فيه قط وكله عبادة وطاعة ولكن مما لا شك فيه أن الخير المجرد أفضل وأعظم من الشر الممزوج بالخير بل إن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ذلك بأن في مخالطتهم والصبر عليهم والصبر عن المعاصي واتباعهم في الشر عبادة أكبر وأعظم وأيضاً فإن المؤمن الصالح خير من الملائكة ذلك بأنه ليس مفطوراً على الخير مثلهم بل ركبت فيه الشهوات وعرضت عليه الشبهات ومالت نفسه للمحرمات فمنعها وألزمها الحق وجاهد في الله بنفسه ووقته وجهده وماله وصبر وهناك عبادات لا تقوم إلا بوجود بعض أنواع الشر كالصبر والجهاد والتوبة ومن لوازم قيام هذه العبادات الحاملة للكثير من الخير وجود بعض الشر الصغير فمثلاً لا يختلف اثنان على أن القتل ظلم ولكن قتل القاتل الظالم خير عظيم حيث يحمي المجتمع من تفشي هذا الفعل وهكذا وقد يقول آخر ينبغي علينا أن نجمع تفسيراً واحداً على الأقل لكل نوع من الشر موجود لنثبت أنه لحكمة ولكن هذا القول يثبت حقيقة أنه هناك تفسير لها ولكن لا يلزمنا أن نجد تفسيراً لكل نوع من الشر بل علينا فقط أن نرجع للمسلمات وهي أن الله من أسمائه العدل جل وعلا
    " قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " فالله سبحانه وتعالى يعلمنا أننا في هذه الدنيا في اختبار ولكي ننجح فيه فعلينا أن نأخذ بأسباب النجاح ونتوكل عليه سبحانه وتعالى وأهم الأسباب هو المتابعة أو اتباع الرسل الذين اصطفاهم الله ليرسل معهم الهدى الذي ينبغي علينا أن نتبعه وهؤلاء الرسل هم خير الناس وإذا كان هناك من يشكك في نبوتهم فإن استدلاله سيكون سهلاً ذلك بأن الفارق بين النبي والمدعي للنبوة فرق عظيم وواضح ذلك بأن النبي الحق سيكون متصفاً بأعظم الصفات البشرية وأهمها الصدق والأمانة والرحمة والعفو والكرم ومساعدة الناس أما مدعي النبوة فيكون من أخبث الناس وأرذلهم ذلك بأنه يكذب عن ربه ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب فلابد أن يظهر عليه من الجهل والكذب والفجور وأيضاً سيكون خائناً مختالاً فظاً لا يحب الناس ولا يحترم عقولهم ولا أحوالهم لأنه يرى فيهم الغباء لانخداعهم بكذبه كما أنه غير مجبور على العفو أو الكرم لأنه يعلم أن آخرته أسوأ من الدنيا بكثير أو لو كان نافياً (ملحداً) فإنه يظن أن آخرته عدم فلن ينتظر شيئاً أو جزاءً في اليوم الآخر كما أن مدعي النبوة سيكون هناك سبب يجعله يدعيها مثلاً كان لقومه ملك واندثر فيحاول أن يسترجعه بأي طريقة أو مثلاً يقلد أحداً من قومه ادعاها من قبل فوجد بعض الحفاوة من قومه وكان هذا المدعي يحتاج للفخر في قومه لضعف نسبه أما النبي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن في آبائه ملك ولم يكن في قومه أحد سبقه بادعاء النبوة ولم يكن أي أحد يتهمه بالكذب من قبل ولقد اتبعه الضعفاء وكان عددهم يزيد ولم يترك منهم أحد الدين سخطاً وكان قومه يقاتلونه وكانت الحرب بينهم دول يدال عليهم مرة ويدالون عليه الأخرى وكان لا يغدر ويأمر بالتوحيد والصلاة والعفاف والصلة هذه الصفات حينما سأل عنها هرقل قال هذه صفة نبي .


    المصادر أشهر وأكثر من أن أذكرها كلها
    " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
    سورة المائدة آية 23

  2. افتراضي

    بارك الله فيك.
    أمثال هذا المقال يساعدنا على تدبر القرآن أكثر وأفضل.
    أتمنى أن تضع مزيدا من المقالات المشابهة لهذا

  3. افتراضي

    جزاكم الله خيراً
    أرجو الله أن يوفقنا وإياك إلى ما يحب ويرضى
    " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ "
    سورة المائدة آية 23

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء