أولا: لا نوافقك على هذا الاصطلاح،
و ثانيا: نوافقك في أنه يمكن أن يعارض رأي برأي آخر و لكن لا نوافقك في أن كلاهما لا يفيد يقيناً دوماً، هو كذلك إن كان الرأيان مخالفين للحق، أما إن وافق أحدهما الحق فإنه يفيد يقيناً و لابد. و لكن لا يتعارض عقل مع عقل أبداً.
.
قيل لابن المبارك: ما خير ما أُعطي الرجل؟ قال: غريزة عقل، قيل: فإن لَم يكن؟ قال: أدب حسن، قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ صالح يستشيره، قيل: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: موت عاجِل
قال ابن حبان: وإنَّ محبة المرء المكارم منَ الأخلاق وكراهته سفسافها، هو نفس العقل، فالعقل به يكون الحظ، ويؤنس الغربة، وينفي الفاقة، ولا مال أفضل منه، ولا يتمُّ دين أحد حتى يتم عقلُه، وهو من أفضل مواهب الله لعباده، وهو دواء القلوب، ومطية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعُدَّته في وقوع النوائب، ومن عدم العقل لم يزدْه السلطان عزًّا، ولا المال يرفعه قدرًا، ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذَّة دُنياه. اهـ.
قالى تعالى:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف (2)
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء (10)
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الزخرف (3)
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا يعلم به أن المعقول الصريح ليس مخالفا لأخبار الأنبياء على وجه التفصيل كما نذكره إن شاء الله في موضعه ونبين أن من خالف الأنبياء فليس لهم عقل ولا سمع كما أخبر الله عنهم بقوله تعالى { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير } [ الملك : 8 - 11 ]
.
التعديل الأخير تم 12-23-2015 الساعة 08:24 AM
و قال رحمه الله: ولكن ما علم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط، وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموفق للشرع
و قال أيضا: بل نقول قولا عاما كليا : إن النصوص الثابتة عن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يعارضها قط صريح معقول فضلا عن أن يكون مقدما عليها وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات مبناها علي معان متشابهة وألفاظ مجملة فمتي وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية لا براهين عقليه.
.
تمنينا لو بقيت معنا وكما تعلم فإن الاختلاف في المصطلحات يشتت مواضيعا بهذه الدقة و هذا ما لم أقبله بداية و أكدت على استعمال الألفاظ بمعانيها الواردة في القرآن و السنة، و إذا ما اضطر الواحد منا إلا استخدام خلاف ذلك لكثرة الاستعمال عند المتكلمين أو لشرح عبارة استعمل اللفظ فيها خلاف المعنى الصحيح فلينبه على ذلك.
يحسن لو قلت : وعلى أي حال فالجواب أنني أرى أن العلم هو تطابق التصور مع الواقع. أما القلب فلا يمكن أن يخرج أحكاماً صحيحة إلا إذا كانت تصوراته صحيحة ابتداءً ولذلك فهو قاصر عن إدارك ما لا يعلمه وهذا ما تقررونه أنتم فيما يتعلق بذات الخالق عز وجل .. أما حكم صاحب القلب هذا فلربما أسميه الرأي.
فمتى ما صحت تصورات القلب عقل و إن لم تصح تصوراته لم يعقل و كان صاحبه متبعا لهواه، قال تعالى: (لهم قلوب لا يعقلون بها). فالعقل لا يأتي إلا بخير و حرمانه مصدر كل شر قالى تعالى عن الكفار: ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)، و مصدر العقل القلب الذي هو وعاء العلم فإن صلح القلب و لا يصلح إلا بالعلم عقل صاحبه و صلح بالتالي كل شأنه.
و هذا كما قلت ما نؤكد عليه و هو استعمال الألفاظ في معانيها الصحيحة فإذا اتفقنا في الاصطلاح أوشكنا على الاتفاق و الاجتماع، أما غير ذلك فدونه خرط القتاد. و نحن لا نقر بالتعارض بين الدين و العقل فإن زعم أحد ذلك بينا له أن الخلل هو في أن ينسب للدين ما ليس منه أو الادعاء بأن رأيه أو شبهته عقل.
أما هذه فدعني أنظر فيها أكثر.
و نبادلك الشكر اخ بدر الدين و أتمنى أن لا ترحل سريعا فالحوار معك و مع باقي الإخوة شيق.
.
هل تخدعني عيني أم أن في خانة عقدية الدمشقي "لا أدري" ؟!
هذا وفي الأمر عندك كفاية..فماذا لو أطلت!
وما هذا الذي نعتقده ولا تريد إلزامنا بخلافه؟..كلامك أصلا غير ثابت ولم نقف لك على فكرة لم تنقضها في المداخلة التي تليها.
جميل مع كونه يناقض قولك: (( ولذلك أقول أن رأياً يمكن أن يعارض برأي وأن كلاهما لا يفيد يقيناً ))أما العقل فلا يمكن أن يخرج أحكاماً صحيحة إلا إذا كانت تصوراته صحيحة ابتداءً
قصور العقل لا يعني خطأ الحكم..الخطأ يكمن في محاولة ملأ هذا القصور بفتراضات غير عقلية..فحكمه هنا رغم قصوره هو حكم سليم يجيز ما نقرره في ذات الخالق ويقر بخطأ غيره من التصورات في ذات الموضوع إقرارا قطعيا لا يمكن دحضه.ولذلك فهو قاصر عن إدارك ما لا يعلمه وهذا ما تقررونه أنتم فيما يتعلق بذات الخالق عز وجل
هو سوء فهم عندك..ومن يزعم خلافه فليأتِ بهذا التناقض المزعوم..ولنجعل النقاش عملي بدل هذا التنظير.ولذلك تقررون أن النقل لا يعارض العقل ثم تتجادلون على تقديم أحدهما عند التعارض !.
العقل عندنا أصل في العلم بالنقل وليس أصلا في ثبوته. ولا يلزمنا كلام غيرنا.وحاصل الكلام أن النصوص ثبتت عندكم برأي النقلة ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف يكونُ الرأي الذي أثبته نقلٌ ثابتٌ برأي يقيناً يقدم على ما دونه من الرأي قاعدةً وابتداءً.
التعديل الأخير تم 04-18-2015 الساعة 01:26 PM
التعقيد في الفلسفة بمثابة أوثان مقدسة يُحرَّمُ الإقتراب منها بالتبسيط أو فك الطلاسم
فمن خلال التبسيط يتكشَّف المعنى السخيف -لبداهَتِه أو لبلاهَتِه- المُتخفي وراء بهرج التعقيد وغموض التركيب..
مقالاتي حول المذاهب والفلسفات المعاصرة
أضحك الله سنك يا دمشقي بنعمة الهداية فلقد ضحكت عندما علمت أني كنت أناقش العضو فجر الدين الدمشقي معتبرا له مسلما سلفيا و لم أنتبه إلى خانة عقيدته، وكنت أظنه يدافع عن مقولة تقديم النقل على العقل بطعنه في العقل لهذا صعب علي فهمه و مع ذلك أعدت تتبع ما أجبته به فوجدته و الحمد لله موافقا لفكره إلا أني لو علمت معتقده لأجبته بأفضل من ذلك، و الآن فهمت ما كان يطرحه الأخ مستفيد من إجابات.
إن جاز لي التساهل في التمثيل، يمكن القول أن العقل شاهد صادق إن تكلم صدق لأن كلامه عن علم و إن لم يعلم صمت، و مع ذلك يعلم كذب غيره من الشهود التي هي الآراء الفاسدة و الأهواء المضلة و يكذبها.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
Bookmarks