النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: المجتهد فى مسألة واحدة من المسائل!

  1. افتراضي المجتهد فى مسألة واحدة من المسائل!

    قد يكون المسلم عالما بالفقه و أصوله، و قد يكون عالما بنوع واحد من أنواع الفقه، و قد يكون عالما فى مسألة من المسائل أو بحكم من الأحكام...
    فمن من هؤلاء له الأهلية للإجتهاد ؟؟
    فعلى الرغم أن الظاهرية و على رأسهم أمامهم دواود الأصبهانى، قد أجازوا الاجتهاد لكل مسلم، أى أباحوا لكل مسلم أن ينظر فى الأدلة من القرأن و السنة ثم يستخرج الحكم الشرعى، و أن يقوم بتنزيل هذه الأحكام على الوقائع المختلفة...
    الا أن هذا يخالف نصوص القرآن و السنة التى فرقت بين أولى العلم و غيرهم.. كما أن استنباط الأحكام من القرآن و السنة يقتضيان فهما تاما لهما، و بأحكامهما، و بقطعى الدلالة و ظنى الدلالة لكليهما، فضلا عن الاحتياج الشديد لمعرفة القياس و شروطه..
    لذا فقد قسم العلماء الاجتهاد الى أنواع أربعة هى:
    فهناك المجتهد المطلق، و هو الذى يجتهد من الأدلة مباشرة ليستنبط الأحكام.. و الائمة الأربعة خير مثال..
    و هناك مجتهد المذهب، و هو الذى يسير على قواعد إمامه - دون غيرها - ليستنبط الأحكام..
    و هناك المجتهد فى نوع من أنواع الفقه، كالفرائض و الجهاد و الحج و الصلاة و غيرها من أبواب الفقه...
    و هناك المجتهد فى مسألة معينة، أو مسائل..
    و عن النوعين الأخيرين سنتحدث و نطول...
    فمما لا شك فيه أن هناك كثير من المسلمين قد اهتموا بدراسة نوع معين من أنواع الفقه، كالفقه السياسى فى الاسلام، أو الجانب الاقتصادى و المالى، أو جانب الجنايات و الحدود، أو جانب الجهاد أو الصلاة أو قتال أهل البغى و غيرها من الأنواع...
    فإذا أراد هذا الشخص أن ينفع نفسه و غيره بما تعلمه - فهو سيحاسب عن تعلمه العلم دون تعليمه أو العمل به - فيقوم بتنزيل هذا العلم على الوقائع المختلفة، فيكتب و يشرح و يعلل و يصدر الحكم... فتجد من يرهبه فكريا، و يقول له: " دع هذا الأمر للعلماء، أنت لست أهلا للتحدث فى مثل هذه الأمور، و أنت غير مؤهل للإجتهاد...."
    كثير منا قيل له ذلك اذا أراد أن يتحدث فى أمر من الأمور الشرعية بعد دراستها و العلم بها و التمكن منها....
    لكن للأسف نظرة هؤلاء المعترضين خاطئة تماما، و قد بينتُ أعلاه أنواع الاجتهاد التى أصّل لها العلماء، و هى أكبر رد على هؤلاء.. غير أن سأنقل لكم قول بن القيم رحمه الله، و ستجدوا فيه الرد الكافى و الجواب الشافى...
    فقد طرح كتابه اعلام الموقعين، مسألة، هى: هل للمجتهد في نوع من العلم أن يفتي فيه ؟
    فأجاب رحمه الله:
    "الاجتهاد حالة تقبل التجزؤ والانقسام ، فيكون الرجل مجتهدا في نوع من العلم مقلدا في غيره ، أو في باب من أبوابه ، كمن استفرغ وسعه في نوع العلم بالفرائض وأدلتها واستنباطها من الكتاب والسنة دون غيرها من العلوم ، أو في باب الجهاد أو الحج ، أو غير ذلك ; فهذا ليس له الفتوى فيما لم يجتهد فيه ، ولا تكون معرفته بما اجتهد فيه مسوغة له الإفتاء بما لا يعلم في غيره"
    و عن الاجتهاد فى مسألة من المسائل، قال:
    "فإن قيل : فما تقولون فيمن بذل جهده في معرفة مسألة أو مسألتين ، هل له أن يفتي بهما ؟ قيل : نعم يجوز في أصح القولين ، وهما وجهان لأصحاب الإمام أحمد ، وهل هذا إلا من التبليغ عن الله وعن رسوله ، وجزى الله من أعان الإسلام ولو بشطر كلمة خيرا ، ومنع هذا من الإفتاء بما علم خطأ محض"
    من هنا فأنا أطالب كل مسلم متمكن من باب من أبواب الفقه، أو مسألة واحدة من المسائل، أن يفتى بها اذا استُفتى، و ليعمل بأمر النبى - صلى الله عليه و سلم - :"بلغوا عنى و لو آية".. و الا يكون كاتما للعلم!!
    و الله هو الهادى الى سواء السبيل...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    41
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جاء في كتاب الْمُهَذَّبُ في عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ الْمُقَارَنِ (تحريرٌ لمسائِلِه ودراستها دراسةً نظريَّةً تطبيقيَّةً) لعبد الكريم بن علي بن محمد النملة دار النشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة الأولى: 1420 هـ - 1999 م، 5/2332:

    هل يقبل اجتهاد شخص في مسألة معينة إذا عرف دقائقها دون المسائل الأخرى في نفس الباب؟
    وهي مسألة " تجزؤ الاجتهاد "
    لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين.
    المذهب الأول: أنه يقبل اجتهاده فيها، أي: أنه يجوز تجزؤ الاجتهاد.
    فالشخص العارف لمسألة معينة وأدلتها، وطرق النظر فيها، وما يئعلق بها، فإنه يجوز أن يجتهد فيها، ويعمل باجتهاده.
    وهو مذهب جمهور العلماء.
    فمثلاً لو أحاط بمسألة المشركة - وهي: زوج، وذات سدس، وأخوة لأم، وأخوة أشقاء، فعرف كل ما يتصل وما يتعلق بها من معرفة علم الفرائض، وأركانه، وشروطه، ثم اجتهد فيها فإنه يقبل اجتهاده ويعمل به، وإن كان جاهلاً بأي مسألة أخرى كان يكون جاهلاً بمسألة المفوضة، أو الجد والإخوة.
    وهذا هو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
    الدليل الأول: أنه لو كان العلم في جميع مسائل الفقه شرطا لبلوغ درجة الاجتهاد وشرطا لقبوله منه: لكان توقف بعض الصحابة - رضي اللَّه عنهم - وبعض الأئمة عن الفتيا في بعض المسائل وعدم قدرتهم على ذلك مخرجا لهم عن الاجتهاد.
    ولكن الأمر ليس كذلك؛ حيث توقف بعض الصحابة عن الفتوى في بعض المسائل، ومع ذلك لم يزل عنه وصف الاجتهاد، وكذلك سبق أن بيَّنا أن الإمام أبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد كانوا يكثرون من قولهم: " لا أدري "، ولم يكن ذلك مخرجا لهم عن درجة الاجتهاد، بل كانوا يجتهدون في المسائل الأخرى فيقبل اجتهادهم فيها.

    الدليل الثاني: أن بعض مسائل الفقه لا صلة لها بالمسألة الأخرى، فالغفلة غن المسائل الأخرى لا تضره.
    فمثلاً: لا صلة لمسالة " المشركة " فى مسألة " الجد والإخوة "، فيتم اجتهاد المجتهد في مسألة المشركة بلا نقصان، فيقبل اجتهاده فيها.
    وكذلك من عرف مسألة " قتل المسلم بالذمي " وما ورد فيها من الآيات والأحاديث والآثار وأقوال السلف والخلف فيها، فإنه يقبل اجتهاده فيها، ولا يضره عدم معرفته بمسألة " قتل الحر بالعبد "وهكذا؛ لأن الاجتهاد تام.

    المذهب الثاني: أنه لا يقبل اجتهاده فيها، أي: لا يجوز تجزؤ الاجتهاد ...
    وهو مذهب بعض الحنفية كملا خسرو، والفناري، وبعض الشافعية كالشوكاني.
    أدلة هذا المذهب:
    الدليل الأول: إن لم يحط بأدلة جميع مسائل الفقه لا يحصل له عند البحث عن حكم مسألة ظن عدم المانع؛ لإمكان وجود ما يتصل بموضوعه في موضع آخر لم يطلع عليه وينظر فيه، ومن لا يحصل له ذلك الظن لا يتمكن من استخراج الحكم، إذن: لا يعتبر عمله اجتهاداً شرعياً يصح أن يؤخذ به.
    جوابه:
    لما قلنا بقبول اجتهاد ذلك الشخص بمسألة معينة قد عرف دقائقها لم نقل ذلك مطلقاً، بل اشترطنا: أن يغلب على ظنه أنه قد أحاط بجميع ما يتعلَّق بتلك المسألة من أدلة، أما الاحتمالات التي لا دليل عليها فلا تؤثر على اجتهاده.

    الدليل الثاني: أنه لو جاز تجزئة الاجتهاد للزم أن يقال: نصف مجتهد، أو ثلثه، أو ربعه، ولم يقل بذلك أحد.
    جوابه:
    لا يلزم ذلك ولا يُسمَّى بنصف أو ثلث مجتهد، بل يسمى مجتهداً في ذلك البعض، وهو اجتهاد تام فيما اجتهد فيه، وإن كان قاصراً بالنظر إلى من فوقه من المجتهدين.

    بيان نوع الخلاف:
    الخلاف معنوي؛ حيث إنه بناء على المذهب الثاني، فإن المجتهد قسم واحد وهو: المجتهد العام العارف لكل مسألة من مسائل الفقه بأدلتها غالباً، فلا يعتد بقول غيره من المجتهدين الذين يختصون بمعرفة مسائل معينة.
    أما بناء على المذهب الأول فإن المجتهد قسمان:
    القسم الأول: مجتهد خاص وهو: الشخص الذي يجتهد بمسألة معينة، وقد سبق بيان ذلك.
    القسم الثاني: مجتهد عام، وهو: العارف لغالب مسائل الفقه بأدلتها.
    وكل واحد منهما يقبل اجتهاده، ويُعتد به، ولا فرق بينهما.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    41
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وتتميما للفائدة سأنقل لك شروط الاجتهاد
    فقد جاء في الكتاب السابق أيضا (5/2325) باختصار:
    شروط المجتهد:
    الاجتهاد لا يقبل ولا يعمل به ولا ينظر فيه إلا إذا صدر من شخص قد توفرت فيه شروط هي كما يلي:
    الشرط الأول: أن يكون عارفا بكتاب اللَّه تعالى وما يتعلَّق به: من نسخ وسبب نزول وأقوال الصحابة وكبار التابعين فيها ومعرفة نوع دلالتها وأن يكون عارفا بمواضع الآيات
    الشرط الثاني: أن يكون عارفا بسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أراد المجتهد الاستدلال بحديث على حكم حادثة، فإنه لا بد أن يعرف عنه مثل معرفته عن الآية تماماً، وقد سبق ذلك.
    ويزاد في الحديث: أن يعرف سند الحديث، وطريق وصوله إلينا، وحال رواته من العدالة والضبط، ومعرفة الصحيح من الأحاديث والضعيف.
    الشرط الثالث: أن يكون عالِما بالمجمع عليه، والمختلف فيه. واشترط ذلك؛ لئلا يجتهد في مسألة قد أجمع العلماء على
    حكمها.
    ولا يلزم أن يحفظ جميع مواقع الإجماع، بل في كل مسألة يفتي فيها ينبغي أن يعلم أن فتواه غير مخالفة للإجماع.
    وأما المختلف فيها من المسائل، فلا بد للمجتهد أن يعرف المسألة، وأدلة كل فريق.
    الشرط الرابع: أن يكون عالما بعلم أصول الفقه؛ حيث إنه يجعله عالِما بأن هناك أدلة متفقا عليها كالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس، وأن هناك أدلة مختلف فيها كالاستصحاب، والاستحسان، وقول الصحابي، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، وشرع من قبلنا، وأن هناك قواعد أصولية. ويعرف أقسامها، وشروط كل دليل، وترتيبها، وفك التعارض بينها.
    الشرط الخامس: أن يكون عالما بالقياس، حيث إن أكثر من نصف الفقه مبني عليه، فيعرف أركانه، وشروط كل ركن،
    وقوادحه
    الشرط السادس: أن يكون عالما باللغة العربية وقواعدها من لغة ونحو، وبلاغة، وبديع، ومعرفة كل ما يتوقف عليه فهم الألفاظ ولا يشترط أن يتعمق في علم النحو واللغة، ومعرفة دقائق ذلك كسيبويه، أو الكسائي، أو الخليل بن أحمد، أو المبرد.
    وإنما ينبغي معرفة القدر الذي يفهم به خطاب العرب، وعاداتهم في الاستعمال إلى حد يفرق بين صريح الكلام، وظاهره،
    ومجمله، وحقيقته، ومجازه، وعامه، وخاصه، ومحكمه، ومتشابهه، ومطلقه، ومقيده، ونصه، وفحواه، ولحنه، ومعرفة
    أي شيء يساعد على فهم الأحكام الشرعية من الألفاظ.
    ويتفطن للمراد هل أريد باللفظ المعنى اللغوي له، أو العرفي، أو الشرعي بقرائن السياق، والقرائن العقلية، وحال المتكلم،
    والموضوع الذي قيل فيه، والغرض الذي سيق لأجله.
    الشرط السابع: معرفة مقاصد الشريعة بأن يفهم المجتهد مقاصد الشارع العامة من تشريع الأحكام، وأن يكون خبيراً بمصالح الناس، وأحوالهم، وأعرافهم، وعاداتهم.
    الشرط الثامن: أن يكون عدلاً مجتنبا للمعاصي القادحة في العدالة، وهذا الشرط يشترط لجواز الاعتماد على فتواه: فمن ليس بعدل فإنه لا تقبل فتواه، ولا يعمل بها الآخرون.
    أما هو في نفسه، فيجب عليه أن يعمل باجتهاده إذا توفرت فيه الشروط السابقة.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    41
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وأفضل سلسلة محاضرات أصولية مرت علي وتحدثت عن الاجتهاد والتقليد بدقة وسهولة وتحقيق علمي ما ألقاه معالي الشيخ الدكتور سعد الشثري وفيها فوائد جمة تزيل جملة كبيرة من الإشكالات الواقعة في هذا الباب المهم والخطير
    منهج-الاجتهاد-والتقليد-مرئي-/http://www.alshathri.net/Sections/774

  5. افتراضي

    جزاك الله خيرا أخى؛ فلقد استفدت من ردودك أيما استفادة..
    نفع الله بك و زادك علما..

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء