الحمد لله كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألّا إله إلا الله وحده، وأنّ محمدًا رسوله وعبده، وبعدُ..

اختلفت أقوال أهل العلم في عورة الأمة وحجابها، وقد يخلط بعضنا بين كلام الفقهاء عن عورة الخلوة والصلاة والنظر وخصوصًا الأخيرين، والذي يعنينا في هذا المقال هو عورة النظر، أقول إن أقوال الفقهاء قد اختلفت على عدة أقوال، سأذكرها مع التعليق عليها بما يناسب المقام الذي من أجله أكتب هذه المقالات، وهو هنا دفع الشناعة الأخلاقية عن فقهاء المسلمين جيلًا بعد جيل، أمّا مسألة التفريق بين الأمة والحرة فسيأتي الرد عليها في المقالات القادمة ببيان الفرق بين الأمة والحرة.

ومما لا يخفى أنّ المسلمين لا يعتقدون العصمة في قول أحدٍ من البشر إلا الأنبياء والرسل، ولذلك فما يورده أيّ معترض من فعلِ أو قولِ فلانٍ، يمكن ردّه بسهولة أنّه ليس بحجةٍ، وأنّ كلّ قائلٍ يُؤخذ منه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنّ هذا المقال يتجاوز هذه الطريقة في الرد، ليرفع عن علماء المسلمين نقيصة يريد المعترض أن يلحقها بهم، ليس من باب التنزل في الرد، ولكن لأنّه لا يصح التهجم على تخطئة جمهور علماء المسلمين، الذين يرجّحون ويرجعون للدليل من الكتاب والسنة، لا يجوز التهجم على تخطئتهم ورمهيم بالموافقة على شيوع الفاحشة والعري في الذين آمنوا، هذا لو قلنا إنّ ترجيحهم كان خطأ، فإنّ تخطئة الترجيح من ناحية علمية، لا تعني القبول بتخطئتهم من ناحية أخلاقية!

وقد اختلف الفقهاء في حد عورة الأمة في باب النظر على عدة أقوال هي:
القول الأول: ما بين السرة والركبة (رواية في المذهب الحنبلي، وقولٌ عند الشافعية، وقول محمد بن مقاتل من الحنفية، وقول المالكية).
القول الثاني: ما بين السرة والركبة مع الظهر والبطن (المشهور عند الحنفية).

والذي يقرأ هذين القولين يتصور أنّ القائلين به يدعون لخروج الإماء إلى الطرقات كاشفاتٍ عن صدورهنّ أو أظهرهن، وهذا التصور يبطل من عدة وجوه:
الوجه الأول: أنّ هؤلاء الفقهاء أنفسهم قالوا إنّ عورة الرجل ما بين السرة والركبة، ورغم ذلك لم يكن ديدنهم في أنفسهم ولا في الناس الدعوة لخروج الرجال ساترين لما بين السرة والركبة فحسب.

الوجه الثاني: أنّ هؤلاء الفقهاء أنفسهم هم من يقررون أن عورة المرأة أمام محارمها كأخيها هي ما بين السرة والركبة، ولم يفهم أحدٌ من ذلك ولم يحدث أنّهم دعوا لتطبيق ذلك فحسب، وإنما الكلام في القدر الواجب ستره، وهذا لا يمنع من استحباب ستر ماعدا ما بين السرة والركبة مما لا يظهر غالبا، كما لا يمنع أنّ العمل بين الناس والمشتهر كان ستر المرأة لما لا يظهر منها غالبًا أمام محارمها!

الوجه الثالث: أنّ هذا الترجيح في حد ذاته لا يلزم منه أن يكون ذلك هو المعمول به في ديار المسلمين، قال في الواضحة: "وما رأيت أمةً تخرج وإن كانت رائعةً إلا وهي مكشوفة الرأس في ضفائرها أو في شعرٍ محمم، لا تلقي جلبابًا لتُعرف الأمة من الحرة"(1) ، ولو كانت الإماء يكشفن أكثر من ذلك لذكره، أما وقد اكتفى بكشف الشعر ففي ذلك إشارة قوية إلى أنّهن لا يكشفن ما هو أعظم من الشعر كالصدر والظهر.

الوجه الرابع: أنّ هؤلاء الفقهاء أنفسهم يقررون أنّه لا يحل النظر للأمة بشهوة، قال ابن عبد البر في الكافي: "وعورة الأمة كعورة الرجل إلا أنه يكره النظر إلى ما تحت ثيابها لغير سيدها، وتأمل ثديها وصدرها وما يدعو إلى الفتنة منها، ويستحب لها كشف رأسها، ويكره لها كشف جسدها"(2) ، وقال النووي رحمه الله –وهو شافعي- في المنهاج: "والأصح حل النظر بلا شهوةٍ إلى الأمة إلا ما بين سرةٍ وركبة" وقال الخطيب الشربيني معلقًا: "أما النظر بشهوة فحرامٌ قطعًا لكل منظورٍ إليه من مَحرم وغيره غير زوجته وأمته"(3) ، ويقول الشيخ أحمد الصاوي المالكي "واعلم أنّه لا يلزم من جواز الرؤية جواز الجس، فلذلك يجوز للمرأة أن ترى من الأجنبي الوجه والأطراف ولا يجوز لها لمس ذلك"(4).

الوجه الخامس: أنّ هؤلاء الفقهاء أنفسهم كانوا يقررون أن ستر الصدر والظهر والساق مستحب، ومن أمثلة ذلك قول العلامة المالكي أبو عبد الله محمد الخرشي في شرح مختصر خليل "لما قدّم تحديد عورة الأمة الواجب سترها أشار لحكم ما عداها، المعنى أنّ الأمة ومن فيها بقية رقّ من مكاتِبة ومبعضَة غير أم الولد –بدليل ما يأتي- لا تطلب لا وجوبًا ولا ندبًا بتغطية رأس، بخلاف ستر جميع الجسد فمطلوبٌ لها"(5) ، هذا والمعتمد عند المالكية أنّ العورة ما بين السرة والركبة لكنهم أنفسهم يقررون أن "ستر جميع الجسد –ماعدا الرأس- مطلوب"!، ويتناقلون قول الإمام مالك رحمه الله وقد سئل: أتكره أن تخرج الجارية المملوكة متجردة؟! فقال: نعم وأضربها على ذلك، قال محمد بن رشد: يريد متجردة مكشوفة الظهر أو البطن(6)! ويقول أبو الحسن الماوردي الشافعي في بيان ما على الزوج من نفقة لكسوة خادم زوجته: "وإن كان الخادم أمةً كساها قميصًا وقناعًا ولم يقتصر بها على المئزر وحده وإن ألفوه، لأنّه يُبدي من جسدها ما تُغَضُّ عنه الأبصار وإن لم تكن عورة"(7).

وعليه فثمّ فرقٌ بين القول ومقصد القائل منه، فقد تختلف مع القول وترى أنّه خلاف الصواب من خلال النظر في أدلته وحسب، ولكن لتحكم على القائل يلزمك –إنصافًا- أن تنظر في سائر أقواله وأفعاله وسيرته مما له تعلق بهذا القول، فالقول بأنّ عورة الأمة هي ما بين السرة والركبة، لا يلزم منه الدعوة للاكتفاء بذلك، ولم يكن عليه العمل في المجتمع الإسلامي في القرون الأولى، ولا يجوز النظر للأمة بشهوة، وتغض عنها الأبصار، ولا يجوز لمسها، والمنقول عن هؤلاء الفقهاء أنّ ستر ما عدا السرة والركبة مستحب ومطلوب إلا الرأس، ويجعلون توفير ما يستر ذلك مما يلزم من عليه نفقة الأمة، وسئل مالك رحمه الله عن خروج الأمة متجردة كاشفةً لبطنها وظهرها فقال إنه يكرهه ويعاقبها إن فعلت ذلك، ولا شأن لنا بعد ذلك بصورٍ تتداولها بعض المواقع يزعمونها لإماء في بلاد المسلمين في القرون المتأخرة، إذ العبرة بكلام أهل العلم وتطبيقهم والمنتشر في القرون الأولى!

القول الثالث: أنّها كالحرة (وهو قولٌ عند الشافعية والحنابلة، وهو قول أهل الظاهر).
قال النووي رحمه الله "قد صرّح صاحب البيان وغيره بأنّ الأمة كالحرة، وهو مقتضى إطلاق كثيرين، وهو أرجح دليلًا والله أعلم"(8) ، وقال "والأصح عند المحققين أن الأمة كالحرة والله أعلم"(9)، وقال ابن حزم رحمه الله مشددًا في رفض الفرق بين الحرة والأمة "وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد، والخلقة والطبيعة واحدة، كل ذلك في الحرائر والإماء سواء، حتى يأتي نص في الفرق بينهما في شيءٍ فيوقف عنده"(10) ، ثمّ أطال رحمه الله في إيراد أدلة المفرّقين والرد عليها، وهذا هو قول الشيخ الألباني رحمه الله من المتأخرين.

وعلى هذا القول بعدم التفرقة فلا إشكال أصلًا من الناحية الأخلاقية، وإن كان هذا القول مرجوحًا كما سيأتي بيانه عند تناول الأدلة إن شاء الله.

القول الرابع: كلها عورة إلا ما يظهر غالبا، فقيل إلا الرأس، وقيل إلا الرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين، وقيل: الرأس واليدين إلى المرفقين واليدين إلى أنصاف الساقين (قولٌ عند الحنابلة وقول عند الشافعية).

قال ابن تيمية رحمه الله: "والثاني –أي ما لا يظهر غالبًا- هو عورة، قاله القاضي في الجامع و ابنه أبو الحسين وذكر أنه منصوص أحمد، وهو اختيار أبي الحسن الآمدي، وهو أشبه بكلام أحمد وأصح، لأن عليًّا رضي الله عنه قال تصلي الأمة كما تخرج، ومعلومٌ أنّها لا تخرج عارية الصدر والظهر، ولأن الفرق بين الحرة والأمة إنما هو في القناع ونحوه كما دلت عليه الآثار، ولأنهن كن قبل أن ينزل الحجاب مستويات في ستر الأبدان، فلما أمر الحرائر بالاحتجاب والتجلبب بقي الإماء على ما كنّ عليه، فأما كشف ما سوى الضواحي –أي الأطراف التي تظهر غالبا- فلم يكن عادتهن ولم يأذن لهن في كشفه فلا معنى لإخراجه من العورة، ولأن الله تعالى أمر بأخذ الزينة عند كل مسجد، وقميص الأَمة ورداؤها من زينتها بخلاف الخمار، ولأن النبي صلى الله عليه و سلم نهى الرجل أن يصلي في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء تكميلًا للتزين بستر المنكب، فكيف يأذن للأمة أن تصلي وظهرها وصدرها مكشوف مع العلم بأن انكشاف ذلك منها أشد قبحًا و تفاحشًا من انكشاف منكب الرجل"(11)!

وهذا القول بستر ما لا يظهر غالبًا وعدم ستر الرأس واليدين والقدمين، لا يحمل شناعةً أخلاقية، وأنت ترى أنّ هذا هو الأصل في ثياب المحافظين من غير أصحاب الدين، يسترن جميع الجسم إلا الوجه والشعر واليدين وأسفل الساقين، لا يرى أحدٌ حتى من غير أصحاب الدين أنّ هذا ينافي الستر أو الحشمة أو التحفظ في الثياب مطلقًا، وقد كان عرب الجاهلية أصحاب مروءة ونخوة وكانوا يسمحون لنسائهم بالخروج كاشفاتٍ عن رؤوسهن وأيديهن دون حرج، فليس في هذا القول أية نقيصة أخلاقية لذاته.

القول الخامس: التفريق بين الإماء بحسب أحوالهن، فالخفرة –أي التي لا تكثر الخروج ويغلبها الحياء- ليست كالبرزة –التي تُكثر الخروج، والجميلة ليست كالقبيحة، وإماء التسري لسن كإماء المهنة، وهو قول بعض المحققين من أصحاب المذاهب أو المستقلين، وهو رواية عن الإمام أحمد كذلك.

في مسائل الإمام أحمد "قلتُ لأحمد: تكره للأمة أن تخرج متقنعة؟ قال: أما إذا كانت جميلة تنتقب!"(12) ، وقال الشيخ على العدوي رحمه الله ناقلًا عن القاضي عياض قوله "ولا ينبغي اليوم الكشف مطلقًا لعموم الفساد في أكثر الناس، فلو خرجت مكشوفة الرأس في الأسوق والأزقة لوجب على الإمام أن يمنع من ذلك ويلزم الإماء بهيئة تميزهن من الحرائر"(13) ، وقال عبد الملك بن حبيب المالكي رحمه الله: "وما رأيتُ بالمدينة أمَة تخرج وإن كانت رائعةً إلا وهي مكشوفة الرأس في ضفائرها أو في شعر محمم لا تلقي على رأسها جلبابًا لتعرف الأمة من الحرة، إلا أن ذلك لا ينبغي اليوم لعموم الفساد في أكثر الناس، فلو خرجت اليوم جاريةٌ رائعةٌ مكشوفة الرأس في الأسواق والأزقة، لوجب على الإمام أن يمنع من ذلك ويلزم الإماء من الهيئة في لباسهن ما يعرفن به من الحرائر"(14).

وقال ابن تيمية رحمه الله "فما خرج عن العادة خرج به عن نظائره، فإذا كان في ظهور الأمَة والنظر إليها فتنة وجب المنع من ذلك"(15) ، وقال ابن القيم رحمه الله إنّ "الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب، وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك، لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال، وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات ومجامع الناس وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن؟ فهذا غلطٌ محضٌ على الشريعة "(16).

قال القرطبي رحمه الله في التفسير: " وقد قيل: إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء، وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، حتى قالت عائشة رضي الله عنها : لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل"!

وهذا القول يراعي الناظر فيه أنّ الوضع تغيّر عن زمان النبوة، إمّا من جهة حسن الإماء، فقد كانت الإماء في القرون الأولى غير حسان في الجملة، فكان التشريع مناسبًا لتلك الحال، فمن نظر إلى هذه الجهة رأى أن الجميلة تكون كالحرة، وإما بتغير الحال من جهة الناس، فقد كان الغالب على مجتمع النبوة الصلاح، ولما تغير الحال وفسد الزمان وكانت الفتنة تقع سريعًا بين الناس، رأى بعض أهل العلم أنّ الأولى أن تكون الأمة كالحرة، وذلك من باب أن "بعض الأحكام الشرعية قد يكون مبنيًا على عرف الناس وعاداتهم، فإذا اختلفت العادة عن زمانٍ قبله، تتغير كيفية العمل بمقتضى الحكم، وأما أصله فلا يتغير"(17) ، فأصل حكم الحجاب ثابت ولكن ما تعلق فيه بوضع الإماء أو أحوال المجتمع، ثم تغير العرف بخصوص الإماء أو بخصوص المجتمع فيتغير الحكم ليناسب العرف الحادث مع بقاء حكم الحجاب.

وهذا القول ليس فيه أية نقيصة أخلاقية أو منافاةٍ للستر، ففيه أنّ الجميلة وقليلة الخروج من الإماء تكون كالحرة، في حين تكشف كثيرة الخروج ومن ليست جميلةً عمّا يظهر منها غالبًا لمراعاة حالها حتى لا تقع في الحرج بتكليف ما يشق عليها، وهذا ليس فيه شيء كما سبق بيانه في التعليق على القول الرابع، ولكن يبقى الإشكال بالتفرقة بين الحرة والأمة أو بين الإماء وبعضهن، فهذا سيأتي جوابه في الكلام على مناسبة هذه التفرقة لحال الإماء والحرائر إن شاء الله.

القول السادس: وهو رواية في المذهب الحنبلي، وقد ردّ نسبتها للإمام أحمد بن حنبل شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: "وقد حكى جماعةٌ من أصحابنا رواية إن عورتها السوءتان فقط كالرواية في عورة الرجل، وهو غلطٌ قبيحٌ فاحشٌ على المذهب خصوصًا وعلى الشريعة عمومًا، فإن هذا لم يقله أحدٌ من أهل العلم وكلام أحمد أبعد شيءٍ عن هذا القول، وإنما كان يفعل مثل هذا أهل الجاهلية حين كانت المرأة الحرة والأمة تطوف بالبيت وقد سترت قبلها ودبرها، تقول: "اليوم يبدو بعضُه أو كله، وما بدا منه فلا أحله"، حتى نهى الله تعالى عن ذلك وأمر بأخذ الزينة عند المساجد، وسمّى فعلهم فاحشة، وإنما وقع الوهم فيه من جهة إن بعض أصحابنا قال عورة الأمة كعورة الرجل بعد أن حكى في عورة الرجل الروايتين، وإنما قصد أنها مثله في المشهور في المذهب"(18).

فهذا القول ليس إلّا رواية ضعيفة في المذهب الحنبلي لم يقُل برجحانها أحدٌ من فقهاء المذهب الحنبلي، وقد استظهر بعض أهل العلم الإجماع على أنّ فخذ الأمة عورة، فقال الشيخ علي العدوي المالكي رحمه الله "والظاهر أن النظر لفخذ الأمة عورةٌ بلا نزاع شب"(19) ، وأنكر نسبة هذه الراوية للإمام أحمد محققٌ بثقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ هو فعلٌ جاهليٌّ وقولٌ لم يقل به أحدٌ من أهل العلم.

وهكذا.. فليست كلمة علماء المسلمين متفقةٌ على قولٍ واحدٍ في حجاب الإماء، والقول الأخير الذي يمثّل فحشًا منكرٌ ولم يرجّحه أحد، وبقية الأقوال إمّا تقول بالتسوية بين الإماء والحرائر أصلًا أو بمراعاة تغير الزمان، أو تقول إنّ الأمة عورتها ما لا يظهر غالبا –ماعدا الرأس واليدين والرجلين- وهذا لا يحمل شناعةً أخلاقيةً وعليه العمل عند المحافظين في سائر الأمم، أو تقول بعورة ما بين السرة والركبة مع استحباب وطلب ستر بقية الجسد مما لا يظهر غالبًا وإلزام من في رقبته نفقتها بتوفير ذلك، وإن وُجد بعد ذلك قولٌ يستلزم التشنيع الأخلاقي فهو قولٌ شاذ ليس قول جماهير علماء المسلمين ولا قول مذهبٍ من مذاهبهم، فضلًا عن أن يكون منصوصًا عليه في الشرع، وشرع الله حسنٌ كلّه ليس فيه ما يُنتقص!

-----
الهوامش:
1) بواسطة: الحطاب الرعيني أبو عبد الله المغربي - مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ الخليل – نسخة مصورة - (2: 189).
2) بواسطة: الحطاب الرعيني أبو عبد الله المغربي - مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ الخليل – نسخة مصورة - (2: 186).
3) الخطيب الشربيني – مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج – 3:175.
4) الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك ومعه حاشية الصاوي – 1:290.
5) شرح الخرشي على مختصر خليل ومعه حاشية العدوي – المطبعة الخيرية 1307 هـ- نسخة مصورة – 248.
6) بواسطة: الحطاب الرعيني أبو عبد الله المغربي - مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ الخليل – نسخة مصورة - (2: 189).
7) أبو الحسن الماوردي – الحاوي الكبير – تحقيق: علي معوض وعادل عبد الموجود – 11:431.
8) الإمام النووي - روضة الطالبين وعمدة المفتين – 7:23.
9) الإمام النووي - منهاج الطالبين وعمدة المفتين – 1:204، وقد نسب إلى البلقيني رحمه الله أنّه قال في التصحيح "وما ادعاه المصنف أنّه الأصح عند المحققين لا يُعرف، وهو شاذ مخالف لإطلاق نص الشافعي في عورة الأمة ومخالف لما عليه جمهور أصحابه"اهـ.
10) أبو محمد ابن حزم رحمه الله – المحلى – صفحة 306.
11) ابن تيمية – شرح العمدة في الفقه – مكتبة العبيكان – (2 – 274،275).
12) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية برواية إسحاق بن منصور المروزي – صفحة: 4706.
13) شرح الخرشي على مختصر خليل ومعه حاشية العدوي – المطبعة الخيرية 1307 هـ- نسخة مصورة – 248.
14) بواسطة: الحطاب الرعيني أبو عبد الله المغربي - مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ الخليل – نسخة مصورة - (2: 189).
15) ابن تيمية – مجموع الفتاوى – 15: 374.
16) ابن القيم – إعلام الموقعين عن رب العالمين– 3:284.
17) يعقوب الباحسين – قاعدة العادة محكمة : دراسة نظرية تأصيلية تطبيقية – 226.
18) ابن تيمية – شرح العمدة في الفقه – مكتبة العبيكان – (2 – 272،273).
19) شرح الخرشي على مختصر خليل ومعه حاشية العدوي – المطبعة الخيرية 1307 هـ- نسخة مصورة – 246.