خامسًا : و صفقة أخرى ...
لو أنت القيم على الكون ؟!!
صفقة سهلة يسيرة في المنطق الإلحادي ..
صفقة أقاموا على شأنها صدفة مهتبلة .. أو طبيعة مختلقة ..
صفقة يسيرة أرى أن أحولها من تلك الصدفة إليك ..
أريدك أن تحمل الأمر بدلًا من الصدفة ..
ألست أعلم من صدفة عابرة حائرة تائهة لا تتكرر ؟!!
ألست كذلك ؟!
قالوا : بلى ..
الآن لنبدأ ..
أريدك أن تقوم على المجرات و الكواكب و المذنبات و الشهب ..
فلا ينجذب شيء إلا بنظام .. و لا يطرد شيء إلا بنظام ..
و لا يتحرك شيء إلا بنظام .. و لا ينفجر شيء إلا بنظام ..
فالفلكيون سيبحثون من ورائك هذا النظام .. و سيجرون الحسابات من خلال هذا النظام ..
فإياك أن يظهر الأمر و كأنه خبط عشواء أو ضربة لازب !!
فقد حققت الصدفة نظامًا دقيقًا أنشأ علمًا يأكل من وراء العمل فيه رجال سموا أنفسهم الفلكيين ..
فذلك نظام حققته الصدفة ، ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي بلى !!
أريدك أن تقوم على أمر البحار و المحيطات فلا يطغى الماء على الأرض فيغرق من عليها ..
أريدك أن تقوم على أمر الأسماك صغيرها و كبيرها داخل البحار و المحيطات و الأنهار و القنوات و الترع و البحيرات ..
أريدك أن تجعل كل سمكة لها غذوها فلا تموت جوعًا لنقص التغذية ..
أريدك أن تجعل بعض الأسماك طعامًا لبعض بحيث لا تفيض البحار على الأرض بالأسماك ..
أريدك أن تجعل بعض الأسماك قادرة على الدفاع عن نفسها كل على حسب طريقته حتى لا تنتهي من فور وجودها ..
أريدك أن تحقق التوازن بين تلك المملكة من الأسماك ..
و أريدك ان تجعل بعض هذه الأسماك عددها بألوف الألوف من الأنواع ..
و أن تجعل كل نوع له شكله المميز ..
و أن تجعل لكل نوع وسيلة تكاثر ينتج بها مثل نوعه ..
إياك أن تغلط مرة فيتزاوج اثنان من نفس النوع فينتج نوع آخر !! فتلك في حقك ستكون فضيحة !!
و عن النباتات في البحار فكيِّف لها وضعها .. و وفر لها حاجاتها ..
و عن الصيد في البحار فاضبط الأمر بحيث لا يطغى حق البحر على رزق الصياد و لا يطغى حق الصياد على مملكة الأسماك ...
و أريدك أن تجعل في الماء التوتر السطحي الكافي لحمل السفن ، ثم أريدك أن ترزق البشر العقول و تنيلهم الأفكار التي بها يبنون السفن !!
فذلك توازن حققته الصدفة ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي : بلى ..
ثم أريدك أن تقوم على شأن هذه الكواكب .. و خصوصًا المأهولة بالسكان ..
فاجعل لكوكبهم قمرًا يمشي بنظام .. و اجعل لقمرهم طورًا بعد طور ..
و اجعل لكوكبهم شمسًا لا يذهب حرها بجلودهم و لا يأتي بُعدها ببرد يوقف نشاط يومهم ..
و اجعل للقمر شأنًا عجيبًا مع المد و الجزر .. و اجعل لشمسهم شأنا عجيبًا مع الظل ..
و إياك أن يختل النظام ..
فقد حققت الصدفة نظامًا يدرس نتائجه الطلبة في المدارس فهذا قمر في أطواره محاق و تربيع و بدر ..
و تلك شمس بعدها عن الأرض كيت و كيت .. و قمر بعده عن الأرض كيت و كيت ...
إياك أن يختل هذا النظام ..
فذلك نظام حققته الصدفة ، ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي بلى !!
ثم أريدك أن تيسر لسكان الأرض هذا الكوكب و تذلل صعابه لهم ..
الأكسجين في الهواء يكفيهم و لا يطغى .. و الهيدروجين يكفيهم و لا يبغي .. و لا ينقصهم نيتروجين و لا غيره ..
و المياه موجودة لكل من أصابه العطش فأراد بلال صداه ..
و الغذاء موجود لكل من يفغر فاه ..
و الجاذبية تجذبهم فلا يطيرون في الهواء ..
و الطف بهم بطبقة من الأوزون تحميهم مما يضر من آشعة الشمس ..
إياك أن يختل هذا النظام ..
فذلك نظام حققته الصدفة ، ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي بلى !!
ثم أريدك أن تقوم على شأن السباع في الغابات ..
الهوام و الديدان و الحشرات ..
و القطط و الكلاب و الفئران و الحيات ..
و البعوض و الأسود و النمور و الفهود ...
وفر لكل غذاءه ..
ثم انتبه فهناك توازن في البيئة ..
إياك أن تخل بهذا التوازن ..
فذلك توازن حققته الصدفة ، ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي بلى !!
ثم أريدك أن تقوم على شأن سكان هذه الأرض ..
تلك تضع حملها و تلك ترضع ولدها و ذاك يعمل ليله و ذاك يكد نهاره ..
ذاك يذاكر دروسه فينجح و ذاك يلعب طول العام فيرسب ..
ذاك يعمل بكد فيعلو و ذاك كثر أعداؤه فيخبو ..
ذاك ذكي ماهر فينبل ذكره و ذاك خامل فاشل فتمحو أثره ..
تلك طيبة الخلق فيوضع لها القبول في الأرض .. و ذاك سيء الخُلق فينفر منه الخَلق ..
ذاك يعمل فيصير من النبلاء و ذاك لا يعمل فيظل من البطالين ..
ذاك أراد النوم فيأتيه النوم ، و أراد الاستيقاظ فيأتيه الاستيقاظ ..
ذاك يرفع يده للسماء يطلب طلبًا فيأتيه طلبه .. و ذاك في الهند سيدعو و ذاك في الصين يدعو و في مصر و في ليبيا و في سوريا و في القدس و في رفح و في غزة و في نابلس و في مكة و في نيويورك و في شارع الجلاء و في شارع القصر العيني و في ذاك البيت الصغير و في هذا الكوخ الحقير ..
و ذاك يدعو في الليل و ذاك يدعو في النهار و ذاك يسأل بغلس و ذاك يسأل عند الشفق ..
إياك أن تختلط عليك الأصوات ..
إياك أن تخل بسنن الأكوان ..
إياك فتضيع الأرض ..
إياك فينتشر الفساد ..
إياك فهذا نظام دقيق ..
فذلك نظام حققته الصدفة ، ألا تستطيع تحقيقه ؟!
قال المنطق الإلحادي بلى !!
و انتبه لكل شيء ..
انتبه لكل شيء حتى الزائدة الدودية في جسد الإنسان ..
نعم .. للزائدة الدودية ..
اجعلها في بعض البشر أمام الأعور و في بعضهم خلفه و في بعضهم تحته و في بعضهم جنبه و في بعضهم ملتفة و في بعضهم غير ملتفة ..
فإن طغى أحدهم في الطعام و أساء القوامة على نفسه فعجِّل بالتهاب تلك الزائدة ..
و لكل نوع كيفية في التعبير عن هذا الالتهاب ..
و لكل نوع ألمه .. فتلك ألمها عند السرة و تلك ألمها عند الجنب و تلك ألمها يملأ البطن و تلك ألمها في الظهر ..
ثم اجعل هذه الأعراض المرضية مفيدة ..
فتصير بطنه صلبة كالحطب فتخفف الألم عليه ..
و إياك أن تزيل الألم !!
و إلا فكيف سيعلم أن زائدته قد التهبت ؟!!
و وفر له الطبيب المعالج ...
و وفر للطبيب الدواء .. فقد علمنا أن لكل داء دواء إلا الموت و الهرم ..
و وفر للطبيب العقل الذي به يعرف الدواء ..
هناك الكثير الكثير الكثير الكثير الكثير الكثير .................. مما يلزمك الانتباه إليه و القيام على شأنه ..
إياك أن تطغى ..
إياك أن تسهو ..
إياك أن تنسى ..
إياك أن تغفل ..
سيضيع الناس ..
حاذر ستسري الفوضى في أرجاء البسيطة .. و تلك مصيبة غير بسيطة ..
ستكون فضيحتك فضيحة شديدة ..
ذلك أنك عجزت عن تلك الصفقة البسيطة ..
عجزت أن تسوي ما نسبه المنطق الإلحادي إلى صدفة عابرة !!
لذا ..
فلن أستغرب أبدًا ..
لن أستغرب أن تقول " لن أقبل هذه الصفقة " ..
لن أستغرب أن تستقيل من تلك المهمة ..
لكني سأسألك " فما يعوزك حتى تقوم بتلك الصفقة ؟ "
و لن أستغرب أن تقول " أحتاج إلى علم واسع ، و كرم لا ينفد ، و إرادة نافذة ، و قدرة تامة ، و حكمة بالغة ، و تملك لا ينقضه عليّ أحد ، و هيمنة لا يقف أمامها أحد ، و جبروت مع رحمة ، و ود مع انتقام ، و قوة مع حكم ............................ "
و لن أستغرب كذلك ...
لكني يا صاحبي يصير وزني عجبًا و تغدو كتلتي استغربًا و تملؤني الدهشة القاتلة حين تشترط هذه الصفات لتقوم على الكون بهذا الشكل الذي هو عليه الآن ..
تشترط هذه الشروط - و هي شروط لازمة - لا غرو أن اشترطتها ..
تشترط هذه الشروط كلها للقيام بشأن الكون .. ثم توافق أن يكون القيام على الكون مرده إلى صدفة أو مرده إلى لا شيء !!!!!
ألا يملؤك العجب مثلي !!؟
Bookmarks