بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السّلام على من لا نبيّ بعده ، و بعد ،،،
إنّ من أكثر النظريّات التي تكلّم حولها النّاس على مرّ العصور هي " نظريّة التطوّر " ، و لو تأمّلنا العلّة في ذلك فلن نجد أنّ السّبب كامن في كونها نظريّة عبقريّة تحتاج إلى عقليّة خارقة لاكتشافها أو اختراعها ، بل كلّ مافي الأمر هو أنّه يتمّ استخدام هذه النظرية ضد الأديان و ضد الإله ، و بالتالي يتهوّر الملحدون و اللادينيّون للدفاع عنها و التصفيق لها . و في المقابل ، نجد بعض المؤمنين يتهوّر في مواجهتها و تسخيفها و رفضها ، فقط لأنّها يتمّ استخدامها ضد الأديان و ضد الإله !
و المثير للدهشة و الاستغراب هو أنّنا قد نجد ملحدا يعرف تفاصيل نظريّة التطوّر و هو لا يعرف شيئا عن نظريّة فيثاغور أو النظريّات الثلاثة لنيوتن أو نظريّة أرخميدس ، و غيرها من النظريّات الأساسيّة في العلم الحديث ، و التي نشهد تطبيقاتها المختلفة . مما يؤكّد أنّ تعلّق بعض الملحدين بنظريّة التطوّر لا ينبع من حبّ العلم في ذاته ، بل هو حبّ ما يؤدّي إلى رفض الدين و رفض الإله .
و في المقابل ، قد نجد مؤمنا كذلك يشغل نفسه بالردّ على هذه النظريّة و الهجوم عليها ، و لكن هذا الهجوم ليس حرصا على العلم و تخليصه من النظريّات الغير صحيحة ، فالعلم زاخرٌ بالنظريّات الباطلة و لا يكترث المؤمن ببيان بطلانها ، و لكن هذه الحرب الضروس فقط لأنّ النظريّة يتمّ استخدامها ضد الدين .
و أعتقد أنّه قد آن الأوان لإنهاء التهوّر حول نظريّة التطوّر ، فقد تمّ إعطاء هذه النظريّة حجما أكبر من حجمها ، سواءً من المدافعين عنها أو المهاجمين لها . و آن الأوان لأن يتمّ التعامل مع هذه النظريّة كغيرها من النظريات ، يدافع عنها المدافعون لأسباب علميّة صرفة ، و يهاجم عليها المهاجمون لأسباب علميّة صرفة .
و لكي يتمّ إنهاء التهوّر ، لابدّ من حلّ أسباب الأزمة .. و هذا الحلّ يتمّ ببيان حقيقة الأزمة و الإجابة على الأسئلة المتعلّقة بها ،،،
أولاً : نظرة الملحدين و اللادينين لنظريّة التطوّر
1- يعتقد الملحدون و اللادينيّون أنّ نظريّة التطوّر تؤكّد بطلان الأديان ، خاصّة الأديان الإبراهيميّة : الإسلام و المسيحيّة و اليهوديّة ، فتلك الأديان تقول خلاف النظريّة .
2- يعتقدون بأنّ نظريّة التطوّر تدلّ على عدم وجود الإله ، فالانتخاب الطبيعي يفشل و ينجح ، و الإله لا يمكن أن يفشل .
3- يعتقدون بأنّ نظريّة التطوّر حقيقة علميّة لا مجال لرفضها ، بل المجال لتحسين صياغتها فقط .
ثانيا : نظرة المؤمنين لنظريّة التطوّر
1- يتّفق المؤمنون على أنّ نظريّة التطوّر لا تدلّ على عدم وجود الإله ، فالانتخاب الطبيعي قد تكون و سيلة من وسائله في الخلق .
2- بعض المؤمنين يعتقدون بأنّ نظريّة التطوّر تناقض أديانهم ، و بالتالي فهي نظريّة سخيفة و باطلة و أقرب إلى الخرافة .
3- بعض المؤمنين يعتقدون بأنّ نظريّة التطوّر ثابتة علميّا ، و بالتالي يجب الجمع بينها و بين الطرح الديني ، فالدين الصحيح لا يتناقض مع العلم الصحيح .
و يكمن التهوّر في تشدّد الملحدين في إثبات النظريّة لإثبات اعتقاداتهم الثلاثة ، كما يكمن التهوّر في تشدّد المؤمنين في رفض النظريّة و محاربتها أو تشدّد المؤمنين و تكلّفهم في محاولة ليّ نصوصهم الدينيّة لتوافق النظريّة و تنسجم معها ...
و كلّ هذه الأفعال في جهة نظري المتواضعة ، فيه نوع من التهوّر ، الذي لا بدّ من ضبطه و إنهائه ... و لكي نصل لذلك لابد من طرح الأسئلة الآتية :-
السؤال الأوّل : هل تتناقض نظريّة التطوّر مع جميع الأديان ، بحيث يؤدّي صحّة نظريّة التطوّر إلى بطلان جميع الأديان ؟؟!!
الجواب :
- بالنسبة للدين الإسلامي ، فلم يتطرّق القرآن الكريم بشكل واضح إلى كيفيّة خلق الحيوانات و النباتات ، و بالتالي لا يوجد تعارض بين طرح نظريّة التطوّر و بين الإسلام فيما يخصّ النباتات و الحيوانات . إلا إذا أخذنا قوله تعالى : " أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ " . سورة فصّلت : 9-10 . و اعتبرنا أنّ كلمة " أقواتها " تعني جميع الحيوانات و النباتات ، و بالتالي تكوّنت في مرحلة زمنيّة سابقة على وجود الإنسان ، و في وقت واحد . و هذا اجتهادٌ ليس له شواهد قرآنيّة أخرى . و عليه ، فليس هناك مشكلة مع النظريّة إلّا فيما يخصّ خلق الإنسان ، باعتبار القرآن الكريم تكلّم عن خلق آدم ، و بالتالي فالطرح القرآني لا ينسجم مع نظريّة التطوّر بخصوص الإنسان .
- بالنسبة للدين المسيحي و اليهودي ، فهناك مشكلة كبيرة مع نظريّة التطوّر . فالكتاب المقدّس للديانتين قد تحدّث بشكل صريح عن خلق النباتات و الحيوانات و الإنسان . فنجد في سفر التكوين الإصحاص الأوّل قوله : (( قَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.كَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا.)) : من 11-13 .. و هذه الجمل تؤكّد بشكل صريح أنّ الأعشاب و الثمار تكونت جملةً واحدة قبل خلق آدم ، في اليوم الثالث من خلق الكون . كما نجد في سفر التكوين أيضا في الإصحاص الأوّل كذلك ، قوله : (( وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحيَّةِ الدَّبَّابَةِ الْتِى فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلاً: «أَثْمِرِي وَاكْثُرِي وَامْلإِي الْمِيَاهَ فِي الْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ الطَّيْرُ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا.)) من 20-23 .. و هذه الجمل صريحة جدا أن جميع الحيوانات خلقها الله في وقت واحد ، و ذلك في اليوم الخامس لخلق الكون .. من أجل ذلك يحارب المسيحيّون نظريّة التطوّر حربا ضروسا ؛ و ذلك أن كتابهم المقدّس صرّح بما لا يمكن التأويل أن جميع الطيور و الحيوانات خلقت دفعة و احدة ، بينما نظريّة التطوّر تقول بأنّ الطيور تطوّرت من الزواحف عبر ملايين السنين . إضافة إلى تعارض النظرية و تناقضها مع طريقة خلق آدم التي يصرّح سفر التكوين أنّ آدم صار حيّا مباشرة بعد النفخ في أنفه . و بالتالي فنظريّة التطوّر خطرٌ على الدين المسيحي و اليهودي بشكل واضح ، فلا سبيل للدفاع عن الدينين إلا بمحاربة نظريّة التطوّر .
- بالنسبة لباقي الأديان الأخرى ، فهناك أديان تكلّمت عن طريقة خلق الكائنات الحيّة بشكل صريح ، و بالتالي فنظريّة التطوّر تناقضها ، و هناك أديان لم تتكلّم عن طريقة خلق الكائنات الحيّة لا بالتصريح و لا بالتلميح ، و بالتالي فنظريّة التطوّر لا تشكّل أيّ خطر عليها .
الخلاصة : نظريّة التطوّر لا تشكّل خطرا على الإسلام إلا في خصوص خلق آدم ، كما أنّها لا تشكلّ خطرا على كل الأديان التي لم تتحدّث عن طريقة خلق الكائنات الحيّة ، بينما تشكّل النظريّة خطرا على الدين المسيحي و اليهودي و بعض الأديان التي تكلّمت عن خلق الكائنات الحيّة بشكل صريح .
و عليه ، فالملحد الذي يزعم بأنّ النظريّة في حال صحّتها فهي تبطل كلّ الأديان ، فهو مخطئ ، لأنّ هذا كلام باطل .. فالنظرية إن صحّت ستهدم بعض الأديان فقط و ليس كلّها .
السؤال الثاني : هل تتناقض نظريّة التطوّر مع وجود الإله ، بحيث يدلّ صحة النظريّة على عدم وجود الخالق ؟!
الجواب
: لا تتناقض نظريّة التطوّر مع وجود الخالق . فهناك فرق بين معرفة وجود الخالق ، و معرفة كيفيّة الخلق . فالمؤمنون توصّلوا إلى وجود خالق خلق هذا الكون ، لكن المؤمنين لا يعرفون كيف يخلق الخالق مخلوقاته . فنحن قد خلقنا الله و لكن في مدّة تسعة أشهر ، و لم يقل عاقل بأن مدّة التسعة أشهر تدلّ أنّنا غير مخلوقين ! و عليه ، فلا فرق بين كوننا خلقنا في تسعة أشهر أو تسع سنوات أو تسع مليار سنة . فطول الزمن أو قصره ، لا علاقة له بوجود خالق من عدمه . فالخالق الذي خلق في لحظة ، لا يختلف عن الخالق الذي خلق في ترليون سنة ، فكلاهما خلق . و لكن الفرق هي كيفيّة الخلق ، فالأوّل يخلق دفعة واحدة ، و الآخر يخلق على مراحل و فترات ، فللأول حكمته و للثاني حكمته .
الخلاصة : يجب أن يقتنع الملحدون بأنّ نظريّة التطوّر لا تخدم الإلحاد في شيء ، فقد يكون الإله متعمّدا أن يخلق الحيوانات بأليّة الانتخاب الطبيعي ، بحيث يجعل الكائن يطوّر نفسه بنفسه ليتأقلم مع الظروف المحيطة . و الكائن الحيّ حين يقوم بذلك يفشل أحيانا أو ينجح ، فييقدّر الخالق بقاء النوع الأصلح و انقراض النوع الغير قادر على التأقلم . و بالتالي فالنظرية لا تدلّ على عدم وجود خالق ، بقدر ما تكشف لنا النظريّة كيفيّة خلقه لمخلوقاته .
السؤال الثالث : كيف نجمع بين نظريّة التطوّر و بين الإسلام ، بحيث لا تتعارضان أبدا ؟؟!!
الجواب :
أفضل طريقة للجمع بين نظريّة التطوّر و بين الإسلام هو بفك الجهة بين الطرفين .
فبدل القول بأن النظرية باطلة و سخيفة ، ثم تظهر أدلة تؤكدها ! و بدل القول بأنّ القرآن يؤكّد النظرية و يقرّها ، ثمّ تظهر أدلة بطلانها ! فلابد من اتخاذ طريق ثالث وسط بين الطريقين الذين يسير فيهما المسلمون منذ ظهور النظرية إلى يومنا هذا ..
و الطريق الثالث الذي أتبنّاه أنا ، و أدعو جميع المسلمين أن يتبنّوه هو :
أنّ هناك نوعين من البشر ، نوع جاء بخلق مباشر من الخالق ، و يتميّز هذا النوع بالعقل الذي يتخطّى عمله البحث عن البقاء ، و قدرة العقل على وضع المفاهيم الكليّة و تحليل الكون و فهمه و اكتشاف قوانينه و تطبيقها . و النوع الثاني من البشر جاء بالانتخاب الطبيعي عبر ملايين السنين ، و عقل هذا النوع مقتصر على البحث عن البقاء ، و لا يملك القدرة على وضع المفاهيم الكليّة و اكتشاف القوانين الكونيّة . فعقليّة هذا النوع من البشر أقرب إلى علقيّة الدلافين و غيرها من الحيوانات . و ليس عند هذا النوع من البشر الشعور بقيمة الحق و الخير و الجمال ، و عدم القدرة على التحكم على الغرائز . بينما النوع الأول من البشر يشعر بقيمة الحق و الخير و الجمال ، و يستطيع التحكم بغرائزه بل و مخالفتها .
و بهذا سنسد جميع فجوات نظرية التطوّر المتعلّقة بالإنسان ، و ذلك باعتبار أن النوع الإنساني الحالي ينتمي إلى أبناء آدم ، الذين جاؤوا بخلق مباشر . بنيما الهياكل العظمية المكتشفة تعود إلى البشر الذين جاؤوا بالانتخاب الطبيعي .
و هنا قد يسأل سائل : و هل يوجد بشر في وقتنا المعاصر ينتمون إلى بشر الانتخاب الطبيعي ؟
و نجيب : ربما يكونون موجودين في الغابات و الصحاري ، و سنعرفهم بإمكانياتهم العقلية و سلوكياتهم الغرائزيّة . و في حال وجودهم ، فهؤلاء ليسوا مكلّفين شرعا ، و ليس عليهم تكليف شرعي ، لأنّهم كالحيوانات تماما ، و إن كانت أشكالهم كأشكالنا ، و تركيبهم الجيني كتركيبنا ، و مظاهرهم الخارجيّة كمظاهرنا ، و لكن عقولهم ليست كعقولنا ، و هذا أكبر ما يميّزنا نحن عن سائر الحيوانات .
و بهذا ستنتهي المعركة الدائرة بين نظريّة التطوّر و المسلمين إلى الأبد ، ففي حال صحّة النظريّة ، فآدم بريئ من النظرية ، لأنّه جاء بخلق مباشر ، و هو أب المكلّفين . و لا يتعارض وجوده مع وجود بشر سابقين عنه غير مكلّفين و غير مصطفين للاختبار الإلهي . و في حال بطلان النظرية ، فالإسلام أيضا بريئ من النظرية ، فهو لم يزعم بأنّ آدم جاء بالانتخاب الطبيعي .
و بهذا سيبقى تعامل المسلم مع نظريّة التطوّر تعامل علمي بحث ، لا يستفيد من إبطالها ، ولا يتضرّر من تصحيحها .
و قد يسأل سائل : ما الدليل على وجود نوعين من البشر ؟! لماذا لا نقول بأن هناك نوع واحد فقط ؟!
الجواب : لا ينكر أحد أنّ هناك نوعان من العسل ، الأوّل : عسل طبيعي ، جاء عن طريق النحل بعمليّات طبيعيّة . الثّاني : عسل صناعي ، جاء عن طريق الإنسان بصناعة مباشرة . و عندما نقارن بين العسل الطبيعي و العسل الصناعي ، لا نكاد نجد فرقا بينهما ، فكلاهما نفس اللون و الطعم ، و لا يكتشف الفرق إلا المختصّين . فما المانع أن يكون هناك بشر جاؤوا بانتخاب طبيعي ، اكتشفنا بعض احفوريّاتهم ، و بشر خلقهم الله بخلق مباشر ، أخبرنا الله عن أوّلهم بأنّ اسمه آدم ؟؟!! و حيث أنّه لا مانع عقلي و واقعي من ذلك ، فجاز لنا اعتقاد ذلك .
و قد يسأل أخير : و لماذا لا نعتبر البشر اليوم ينتمون إلى نسل الانتخاب الطبيعي و لا ينتمون إلى نسل آدم ؟؟!!
و أجيب : البشر اليوم يمتلكون عقلا يفوق حاجتهم للبقاء ، فالانسان يخترع القنابل اليهدروجينية ، و يريد غزو الفضاء ، و هذه أمور لا علاقة لها بالتكيف مع البيئة و المحيط الخارجي . في حين أن عمل التطوّر و الانتخاب الطبيعي يدور حول محاولة النوع للبقاء ، و العقل البشري تخطّى مسألة البحث عن البقاء . أصبح يبحث عن فهم الكون و اكتشافه . و لا يشكّ أحد أن عدم اكتشاف الكون و عدم معرفة قوانينه لا تمنع بقاءه و تكيّفه . فالحيوانات تعيش و هي لا تعلم شيئا عن ثوابت الكون و قوانينه المختلفة ..
و بالتالي نظريّة التطوّر عاجزة عن تفسير الحالة الغريبة لعقل الإنسان و ضميره و غرائزه و مفاهيم القيم التي يسعى لها من الحق و الخير و الجمال . مما يؤكّد أنّ هذا النوع من البشر تمّ اصطفاؤه اصطفاء آخر غير الاصطفاء الطبيعي ، و هو الاصطفاء الإلهي .
و بهذا تنتهي المعركة الطويلة بين نظريّة التطوّر و بين المسلمين ...
و تبقى المعركة بين نظريّة التطوّر و المسيحين ، و لا أملك مساعدة للمسيحين ، إذ كتابهم المقدّس يغلق عليّ الباب ، بقوله بأنّ جميع الطيور خلقت في اليوم الخامس لخلق الكون دفعة واحدة ! فليس أمام العلماء المسيحيّين و غيرهم إلاّ محاربة النظريّة و إبطالها بشتّى الطرق !
أمّا نحن المسلمون فسنكتفي بمتابعة هذه المعركة الممتعة بين الطرفين ... !
)( ... أبو عمر النفيس ... )(
Bookmarks