" عشر أدلة على وجود الخالق سبحانه "
سبحان الله وبحمده؛
أحد الإخوة طلب عشر أدلة على وجود الخالق سبحانه.
فأحببنا أن ننقل الإجابة إلى الصفحة لتُفيد الجميع إن شاء الله.
-فلا تحرم إخوانك من نشر المنشور عندك لعل أحدهم يستفيد-
وهاكم الأدلة العشرة:
- 1- مِن الأدلة العقلية على وجود الخالق سبحانه أن وجودنا لا يُفسر نفسه بنفسه إذن لنا مُوجِد {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} ﴿٣٥﴾ سورة الطور.
- 2 - ومن المعطيات المادية المنطقية أن رصد عالمنا المادي يفيد تغيره وعرضيته وعدم اكتفاؤه بذاته ولذا أصبح الجميع مضطرًا للخروج خارج الكون للبحث عن سببٍ لوجوده، فافترض الملحد أكوان لا نهائية –مع أن هذا ليس جوابًا وإنما إرجاء للمطلب المعرفي الذي يرومه السائل إلى درجة من درجات تسلسل لا نهائي لا يوصلنا إلى جواب البتة!- وتأكد المؤمن من صحة أدلته الدينية {أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون} ﴿٣٦﴾ سورة الطور.
- 3 - ومن الأدلة الإيمانية النقلية ثبوت النبوات وما رادفها من معجزات وآيات وعلامات ونبوءات، وهذه في ذاتها دليل مباشر على الخالق سبحانه.
والمعيار الجوهري في التسليم بصحة الرسالة هو صدق النبي، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رائعته ثبوت النبوات ص 573: " ليست المعجزة هي الشرط الأوحد للنبوة، فمُدعي النبوة إما أن يكون أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين ولا يُلبس هذا بهذا إلا على أجهل الجاهلين،...، و كثير من الناس يعلم صدق المُخبر بلا آية البتة، وموسى ابن عمران لما جاء إلى مصر وقال لهم إن الله أرسلني علموا صدقه قبل أن يُظهر لهم الآيات، وكذلك النبي لما ذكر حاله لخديجة وذهبت به إلى ورقة ابن نوفل قال هذا هو الناموس الذي أتي موسى، وكذلك النجاشي، وأبو بكر علموا صدقه علمًا ضروريًا لما أخبرهم بما جاء به وما يعرفون من صدقه وأمانته مع غير ذلك من القرائن يوجب علمًا ضروريًا بأنه صادق، وخبر الواحد المجهول من آحاد الناس قد تقترن به قرائن يُعرف بها صدقه بالضرورة، فكيف بمن عُرف بصدقه وأمانته وأخبر بمثل هذا الأمر الذي لا يقوله إلا مَن هو أصدق الناس أو أكذبهم، وهم يعلمون أنه من الصنف الأول دون الثاني ."
- 4 - ومن الأدلة العقلية الصبغة أو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، حيث البشرية كلها عبر الزمان وعبر المكان لم توجد بها قرية ولا نجع بغير إيمانٍ بالله، ولا يُعرف تاريخ الإنسان إلا في إطار الدين والإيمان بوجود الله.
ولم توضع فلسفات العالم ومحارات عقول العالم إلا من أجل التأسيس للدين.
والمنطق منذ أرسطو إلى يومنا هذا يدور في إطار وجود الله كقضية بديهية؛ يقول المؤرخ الإغريقي [بلوتارك]: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد"
فوجود الله قضية أزلية محسومة في الصبغة البشرية التي فطر الله الناس عليها {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} ﴿١٣٨﴾ سورة البقرة.
ولذا تقول الكاتبة الإنجليزية الشهيرة [كارين أرمسترونج] في كتابها الأخير "مسعى البشرية الأزلي الله لماذا؟" أن الإنسان ليس homo sapiens sapiens وإنما هو homo religiosus فالإنسان ليس حيوانًا عاقلاً وإنما إنسان ديني .
وصراع الأنبياء مع أقوامهم لم يكن حول وجود الله وإنما حول إفراد الله بالعبادة ونفي الشريك!
- 5 - ومن الأدلة الفيزيائية: المعايرة الدقيقة للكون fine-tuned universe حيث ظهر الكون إلى الوجود بمعايرة دقيقة لآلاف الثوابت الفيزيائية والطبيعية، والتي لو اختل ثابت منها بمقدار جزء من مليار مليار مليار جزء لاختل الكون قبل أن يبدأ أو لتوقف عند مرحلة البيضة الكونية cosmic egg .
- 6 - ومن الأدلة البيولوجية وجود الخريطة الجينية داخل كل كائن حي، والخريطة الجينية -الجينوم DNA الموجود داخل نواة الخلية- هي تشفير لكل وظائف الكائن الحي ولا يتم التشفير إلا مِن قِبل حكيم عليم يعلم معنى التشفير وإلى ماذا سيؤدي وإلى أي شيء ستتحول الشيفرة، والتشفير دليل ضبط وإبداع وعظيم صنع، ولا يوجد كائن يظهر أو تظهر منظوماته الحيوية دون تشفير مسبق لهذه المنظومات وهذا التشفير يشمل أصغر الكائنات وأكبرها على الإطلاق، ولا يوجد كائن حي على وجه الأرض على الإطلاق دون تشفير ودون شفرة كاملة داخله!
- 7 - ومن الأدلة الإنسانية وجود الأخلاق، فالأخلاق تأتي مباشرةً ضد المصلحة الشخصية، فهي غير مربحة عمليًا، بل هي ضد المادة، وضد العقل، ولم يتم البرهنة عليها عمليًا أو عقليًا إلى يومنا هذا.
فالعمل الأخلاقي في الأساس لا يكون أصيلاً إلا لو انتفت عنه الفائدة المادية أو الرياء أو أية منفعة شخصية، فوجود الأخلاق بل واعتراف الملحد بأنه لا يستطيع التمرد عليها هي أكبر دليل على أن لنا أصلاً آخر، وأيضًا دليل على معنى التكليف الإلهي الذي لا يستطيع الملحد أن يتمرد عليه مهما كان إلحاده!
- 8 - ومن الأدلة الرصدية دليل العناية وتقدير الأقوات وافتقار كل منظومة لتعليل ذاتها بذاتها –تعليل الوجود وتعليل الوظيفية وتعليل الأداء وتعليل النفع وتعليل التفاعل مع المنظومات الأخرى وتعليل الغاية في صورتها الكلية- فصار كل شيءٍ في هذا الإطار دليلاً مباشرًا على الخالق!
- 9 - ومن الأدلة العجيبة انضباط وتسخير الكون بأفلاكه وفق نواميس مدهشة لا تنفك، مع أن مقتضى ميكانيك الكم -الذي يُشكل لبنات أفلاك هذا الكون- هو احتمالات لا نهائية، وهنا تظهر قيومية الخالق سبحانه، فلا يضمن استمرارية الكون وضبطه ومعياريته وخروجه وفق نسق تسخيري عجيب إلا قيوم عليه، لا تأخذه سِنة ولا نوم، وإلا لانهار الكون وتفتت؛ فانهياره احتمال كوانتي قائم في كل وقت وفي كل زمن بلانكي وعبر كل طول بلانكي، فخروج الكون بصيغ لا نهائية احتمال كوانتي قائم كل لحظة، فسبحان ضابط الكل قيوم السماوات والأرض.
ولذا فطبقا لميكانيك الكم فإن العالم دون الذري الذي يشكل مادة الأفلاك يحتاج حتمًا إلى مُدبِّر ومُحرك وقيوم في كل لحظة Operator formulation of quantum mechanics .
فسبحان من أودع في كل شيءٍ أدلة قيوميته وعظيم صنعه وبديع ضبطه!
- 10 - ومن الأدلة دليل الوعي؛ وأدق الكائنات الحية على الإطلاق يقودها الغرض والهدف والغاية، وتتمتع بالوعي و تحليل المعلومات ثم إعطاء رد فعل بِناءًا على تلك المعلومات، مثلاً الأميبا وحيدة الخلية لو جاء بجوارها غِذاء متحرك فإنها تلف أذرعها حوله بحذر حتى لا يهرب، في حين لو كان الغذاء ثابتًا لا يتحرك – حُبيبة نشا – فإنها تلتصق به دون احتراس. والأميبا كائن وحيد الخلية بلا مخ ولا عين ولا أعصاب ولا حواس.
في المقابل لا يمكن أن يبلغ الكمبيوتر مهما اشتد تعقيده أبسط درجات الوعي في كائن وحيد الخلية كالأميبا، ومع ذلك عملية تصنيع الكمبيوتر عملية واعية وذكية للغاية وفي حدود زمان ومكان، أما الخلية الأولية كالأميبا تفوق في كل عضية من عضياتها أعلى الكمبيوترات تعقيدًا بل ربما لا مجال للمقارنة، لأن نسبة وعي أذكي الكمبيوترات على الإطلاق تساوي صفر، I.Q.=ZERO ، ومع ذلك المطلوب أن نُصدق أن العشوائية أنشأت الأميبا والإنسان، والذكاء الإنساني لم يستطع أن يُنشيء أبسط صور الوعي، إنها أضيق حدود السذاجة إن استطعت ابتلاعها ابتلعت بعد ذلك أي شيء.
إنه السؤال المفصلي والجوهري، بين الدين المنطقي الذي يُثبت وجود الخالق والإلحاد العبثي الذي لا يُقدم إلا إشكالات على كل المستويات!
أُضيف لك دليلاً آخر وهو وحدة دعوة كل الرسالات –رسالات الأنبياء ودعوتها التوحيدية في الكتب المقدسة-، وكأنها بالفعل بمجرد رصدك لها تشعر أنها تخرج من مشكاةٍ واحدة، فينتابك إحساس أن هناك اتفاقاً مسبقاً تم في مكانٍ ما بين موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم، والإسلام لم جاء تصحيحًا لمسار الديانات التي انحرفت، وإعادة لنهج أنبياء العهد القديم من لدن آدم إلى نوح وصالح وأيوب وهود وإبراهيم وموسى وداوود ويونس وهارون وعيسى، فعقيدة هؤلاء جميعاً هي عقيدة "الرب إلهنا رب واحد" بلفظ التوارة والإنجيل.
يقول تعالى {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} ﴿١٣﴾ سورة الشورى.
وقال تعالى : {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا} ﴿١٦٣﴾ سورة النساء.
فالإسلام أصل الديانات وتصحيح للخلل الذي أصاب الديانات، وبالأخص اليهودية والمسيحية في نسختيهما العهد القديم والجديد، وهذا توكيد على معنى النبوة وبالأحرى وجود الخالق سبحانه وتعالى.