المشكلة تكمن كذلك في الجهة المقابلة !
فعندما جاءت مجموعة ترفع شعار " الإسلام هو الحلّ " و أتيحت لها الفرصة لتحوّل الشّعار إلى واقع ملموس مشاهد ، و جدناها لم تعبأ بشعارها و لا بأحكام دينها ، و أخذت تمارس السياسة كما يمارس غيرُها !
و وجدنا مجموعة ثانية ترفع شعار " القرآن و السنّة بفهم سلف الأمّة " ، تتحالف مع العلمانيين للانقلاب على شركائهم في المشروع الإسلامي ، فآثرت أن يصل العلماني على أن يظلّ الإسلامي !
و وجدنا مجموعة ثالثة ترفع شعار " الخلافة الراشدة " توجّه نيرانها على شركائهم في الجهاد و المشروع الجهادي ، بدل التركيز على العدو العلماني المشترك ! و أخذت ترجم النساء دون اعتراف منهن و دون شهادة الشهود الأربعة ، ضاربة الشروط الشرعية عرض الحائط !
و كلّ هؤلاء و غيرهم هم البديل المفترض للمشروع العلماني و التطبيق العملي للمشروع الإسلامي ! و كلّ هذه المجموعات و أفعالها على مرأى و مسمع الشّاب المسلم !
فهنا يصرخ الشاب المسلم بأنّ شعار تطبيق الشريعة مجرّد شعار لا واقع له ! فيردّ عليه الطرف الآخر قائلا : هؤلاء لا يمثّلون الإسلام ، و الإسلام هو عبارة عن النصّ المعصوم و ليس الفرد الغير معصوم !
ثم تبدأ حملات استدعاء الماضي و استحضار التاريخ كمثال حيّ للشريعة المطبّقة ! في حين أنّ الشباب المسلم يريد استدعاء الحاضر كمثال حيّ لحلّ مشاكل الحاضر !
فبعيدا عن كون أعداء الإسلام يتربّصون بالإسلام و يكيدون له المكائد ، و يعبثون بدولهم و يزرعون بينهم الفتنة و يشعلون الحروب الطائفيّة بينهم ، حتى يصل المسلمون إلى نتيجة أنّ الإسلام هو المشكلة بدل الاعتقاد أنّه الحل ! بعيدا عن هذا ، فالمسلمون قد وفّروا لهم المناخ لهذا الكيد و لتلك البعثرة !!!
حينها ليس غريبا أن ينادي كثير من المسلمين بعدم اقحام الإسلام في الصراعات السّياسيّة ، و عدم استغلال نصوص الشريعة للوصول إلى سلطة هنا أو منصب هناك !
و هذه المجموعة من المسلمين هي التي يتمّ اتّهامها أنّها تشّرّبت العلمانيّة و استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير ... !
فيضطرّون للدفاع عن أنفسهم قائلين : و ماذا قدّم للإسلام أصحاب الشعارات الإسلاميّة على الأرض ؟ أليس كلّ مجموعة تتّهم اختها بتشويه الدين و تحريفه ؟!
فيتمّ الردّ عليهم بالقول : هؤلاء لا يمثّلون الإسلام ، و فشل مجموعة في تطبيق المشروع لا يعني فشل المشروع ، و التاريخ زاخر بالتطبيق الناجح !
و يستمرّ استدعاء التاريخ و استحضاره في كلّ مرّة يتمّ فيها فتح القضيّة ....
لذا فليس عجبا أن يظلّ الشاب المسلم يعظّم الإسلام كفكر ، لأنّه لا يوجد واقع ملموس يضرب به الأمثلة ، فلازال التاريخ الذي هو جزء من الفكر هو محلّ الاستشهاد الدائم !
Bookmarks