صفحة 2 من 13 الأولىالأولى 123412 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 186

الموضوع: فوائد من كتب السلف

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذا لعمري عن منفعته في سائر العلوم‏.‏

    وأما منفعته في علم الإسلام خصوصًا فهذا أبين من أن يحتاج إلى بيان؛ ولهذا تجد الذين اتصلت إليهم علوم الأوائل، فصاغوها بالصيغة العربية بعقول المسلمين، جاء فيها من الكمال والتحقيق و الإحاطة والاختصار ما لا يوجد في كلام الأوائل، وإن كان في هؤلاء المتأخرين من فيه نفاق وضلال، لكن عادت عليهم في الجملة بركة ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم وما أوتيته أمته من العلم والبيان الذي لم يشركها فيه أحد‏.

    ‏‏ وأيضًا، فإن صناعة المنطق وضعها معلمهم الأول أرسطو، صاحب التعاليم التي لمبتدعة الصابئة، يزن بها ما كان هو وأمثاله يتكلمون فيه من حكمتهم وفلسفتهم، التي هي غاية كمالهم‏.

    ‏‏ وهي قسمان‏:‏ نظرية وعملية‏.‏

    فأصح النظرية وهي المدخل إلى الحق هي الأمور الحسابية الرياضية‏.

    ‏‏ وأما العملية‏:‏ فإصلاح الخلق والمنزل والمدينة‏.

    ‏‏ ولا ريب أن في ذلك من نوع العلوم والأعمال الذي يتميزون بها عن جهال بني آدم، الذين ليس لهم كتاب منزل ولا نبي مرسل ما يستحقون به التقدم على ذلك‏.

    ‏‏ وفيه من منفعة صلاح الدنيا وعمارتها ما هو داخل في ضمن ما جاءت به الرسل‏.

    ‏‏ وفيها أيضًا من قول الحق وإتباعه والأمر بالعدل والنهي عن الفساد، ما هو داخل في ضمن ما جاءت به الرسل‏.

    ‏‏ فهم بالنسبة إلى جهال الأمم كبادية الترك ونحوهم أمثل إذا خلوا عن ضلالهم، فأما مع ضلالهم فقد يكون الباقون على الفطرة من جهال بني آدم أمثل منهم‏.‏

    فأما أضل أهل الملل مثل جهال النصارى وسامرة اليهود فهم أعلم منهم وأهدى وأحكم وأتبع للحق‏.

    ‏‏ وهذا قد بسطته بسطًا كثيرًا في غير هذا الموضع‏.‏

    وإنما المقصود هنا‏:‏ بيان أن هذه الصناعة قليلة المنفعة عظيمة الحشو‏.

    ‏‏ وذلك أن الأمور العملية الخلقية قل أن ينتفع فيها بصناعة المنطق؛ إذ القضايا الكلية الموجبة وإن كانت توجد في الأمور العملية لكن أهل السياسة لنفوسهم ولأهلهم ولملكهم، إنما ينالون تلك الآراء الكلية من أمور لا يحتاجون فيها إلى المنطق، ومتى حصل ذلك الرأي كان الانتفاع به بالعمل‏.

    ‏‏ ثم الأمور العملية لا تقف على رأى كلي، بل متى علم الإنسان انتفاعه بعمل، عمله، وأي عمل تضرر به، تركه‏.‏

    وهذا قد يعلمه بالحس الظاهر أو الباطن لا يقف ذلك على رأي كلي‏.‏

    فعلم أن أكثر الأمور العملية لا يصح استعمال المنطق فيها؛ ولهذا كان المؤدبون لنفوسهم ولأهلهم، السائسون لملكهم، لا يَزِنُون آراءهم بالصناعة المنطقية، إلا أن يكون شيئًا يسيرًا، والغالب على من يسلكه التوقف والتعطيل‏.‏

    ولو كان أصحاب هذه الآراء تقف معرفتهم بها واستعمالهم لها على وزنها بهذه الصناعة، لكان تضررهم بذلك أضعاف انتفاعهم به، مع أن جميع ما يأمرون به من العلوم والأخلاق والأعمال لا تكفي في النجاة من عذاب الله، فضلا عن أن يكون محصلا لنعيم الآخرة قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف ‏:‏ 38‏]‏، كذلك قال‏:‏ ‏{‏‏أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{الْكَافِرُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 82- 85‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر هنا بمثل ما أخبر به في الأعراف، أن هؤلاء المعرضين عما جاءت به الرسل لما رأوا بأس الله وحدوا الله، وتركوا الشرك فلم ينفعهم ذلك‏.‏

    وكذلك أخبر عن فرعون وهو كافر بالتوحيد وبالرسالة أنه لمَّا أدركه الغرق قال‏:‏ ‏{‏‏آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ‏}‏‏ قال الله‏:‏ ‏{‏‏أَلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ‏}‏‏ ‏[‏يونس‏:‏ 91‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ‏.‏ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 172-173‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ‏.‏ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ‏}‏‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 9- 10‏]‏‏.‏

    وهذا في القرآن في مواضع أخر، يبين فيها أن الرسل كلهم أمروا بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة شيء من المخلوقات سواه، أو اتخاذه إلهًا، ويخبر أن أهل السعادة هم أهل التوحيد، وأن المشركين هم أهل الشقاوة، وذكر هذا عن عامة الرسل، ويبين أن الذين لم يؤمنوا بالرسل مشركون‏.

    ‏‏ فعلم أن التوحيد والإيمان بالرسل متلازمان، وكذلك الإيمان باليوم الآخر هو والإيمان بالرسل متلازمان فالثلاثة متلازمة؛ ولهذا يجمع بينها في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 150‏]‏؛ ولهذا أخبر أن الذين لا يؤمنون بالآخرة مشركون، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ‏}‏‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 45‏]‏‏.

    ‏‏ وأخبر عن جميع الأشقياء‏:‏ أن الرسل أنذرتهم باليوم الآخر، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ‏.‏ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}‏‏ ‏[‏الملك‏:‏ 8-9‏]‏ فأخبر أن الرسل أنذرتهم، وأنهم كذبوا بالرسالة‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا‏}‏‏ الآية ‏[‏الزمر‏:‏ 71‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر عن أهل النار أنهم قد جاءتهم الرسالة، وأنذروا باليوم الآخر‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ‏.‏ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏.‏ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ‏}‏‏ الآية ‏[‏الأنعام‏:‏ 128ـ130‏]‏‏.‏

    فأخبر عن جميع الجن والإنس أن الرسل بلغتهم رسالة الله، وهي آياته وأنهم أنذروهم اليوم الآخر، وكذلك قال‏:‏ ‏{‏‏قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا‏.‏ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ‏}‏‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 103ـ105‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر أنهم كفروا بآياته، وهي رسالته، وبلقائه وهو اليوم الآخر‏.‏

    وقد أخبر أيضًا في غير موضع بأن الرسالة عمت بني آدم، وأن الرسل جاؤوا مبشرين ومنذرين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ‏}‏‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 24‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ‏}‏‏ إلى قوله ‏:‏ ‏{‏‏وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 163ـ165‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏.‏ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام: 48-49‏]‏‏.‏

    فأخبر أن من آمن بالرسل وأصلح من الأولين والآخرين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 38‏]‏ ومثل ذلك قوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏}‏‏ الآية ‏[‏البقرة‏:‏ 62‏]‏‏.

    ‏‏ فذكر أن المؤمنين بالله وباليوم الآخر من هؤلاء هم أهل النجاة والسعادة، وذكر في تلك الآية الإيمان بالرسل، وفي هذه الإيمان باليوم الآخر؛ لأنهما متلازمان، وكذلك الإيمان بالرسل كلهم متلازم‏.

    ‏‏ فمن آمن بواحد منهم فقد آمن بهم كلهم، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا‏}‏‏ الآية والتي بعدها ‏[‏النساء‏:‏ 150- 151‏]‏‏.‏

    فأخبر أن المؤمنين بجميع الرسل هم أهل السعادة، وأن المفرقين بينهم بالإيمان ببعضهم دون بعض هم الكافرون حقًا‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا‏.‏ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا‏.‏ مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 13ـ 15‏]‏‏.‏

    فهذه الأصول الثلاثة‏:‏ توحيد الله، والإيمان برسله، وباليوم الآخر هي أمور متلازمة‏.

    ‏‏ والحاصل‏:‏ أن توحيد الله والإيمان برسله واليوم الآخر هي أمور متلازمة مع العمل الصالح، فأهل هذا الإيمان والعمل الصالح هم أهل السعادة من الأولين والآخرين، والخارجون عن هذا الإيمان مشركون أشقياء، فكل من كذب الرسل فلن يكون إلا مشركًا، وكل مشرك مكذب للرسل، وكل مشرك وكافر بالرسل، فهو كافر باليوم الآخر، وكل من كفر باليوم الآخر فهو كافر بالرسل وهو مشرك؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏‏وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ‏.‏ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 112- 113‏]‏‏.

    ‏ فأخبر أن جميع الأنبياء لهم أعداء، وهم شياطين الإنس والجن، يوحي بعضهم إلى بعض القول المزخرف، وهو المزين المحسن، يغررون به‏.

    ‏‏ والغرور‏:‏ هو التلبيس والتمويه‏.

    ‏ وهذا شأن كل كلام وكل عمل يخالف ما جاءت به الرسل، من أمر المتفلسفة والمتكلمة وغيرهم من الأولين والآخرين، ثم قال‏:‏ ‏{‏‏وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ‏}‏‏ فأخبر أن كلام أعداء الرسل تصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة‏.

    ‏‏ فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان، فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم، فخالف الرسل، كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏.‏ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا‏}‏‏ الآية ‏[‏الأعراف‏:‏ 52- 53‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر أن الذين تركوا إتباع الكتاب وهو الرسالة يقولون إذا جاء تأويله وهو ما أخبر به‏:‏ جاءت رسل ربنا بالحق، وهذا كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏.‏ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا‏.‏ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}‏‏ ‏[‏طه‏:‏ 124ـ 126‏]‏ أخبر أن الذين تركوا إتباع آياته يصيبهم ما ذكرنا‏.

    ‏ فقد تبين أن أصل السعادة، وأصل النجاة من العذاب، هو توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسله واليوم الآخر، والعمل الصالح‏.‏

    وهذه الأمور ليست في حكمتهم وفلسفتهم المبتدعة، ليس فيها الأمر بعبادة الله وحده والنهي عن عبادة المخلوقات، بل كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم، إذ بنوه على ما في الأرواح والأجسام من القوى والطبائع، وأن صناعة الطلاسم والأصنام والتعبد لها يورث منافع ويدفع مضار‏.‏ فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له، ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم ينه عنه، بل يقر هؤلاء وهؤلاء، وإن رجح الموحدين ترجيحًا ما، فقد يرجح غيره المشركين، وقد يعرض عن الأمرين جميعًا‏.‏

    فتدبر هذا، فإنه نافع جدًا‏.

    ‏‏ ولهذا كان رؤوسهم المتقدمون والمتأخرون يأمرون بالشرك‏.

    ‏‏ فالأولون يسمون الكواكب الآلهة الصغرى، ويعبدونها بأصناف العبادات، كذلك كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد، بل يسوغون الشرك أو يأمرون به، أو لا يوجبون التوحيد‏.

    ‏‏ وقد رأيت من مصنفاتهم في عبادة الكواكب والملائكة وعبادة الأنفس المفارقة أنفس الأنبياء وغيرهم ما هو أصل الشرك‏.

    ‏‏ وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول، لا بالعبادة والعمل‏.

    ‏‏ والتوحيد الذي جاءت به الرسل لابد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله، وعبادته وحده لا شريك له، وهذا شيء لا يعرفونه‏.

    ‏‏ والتوحيد الذي يدعونه إنما هو تعطيل حقائق الأسماء والصفات، وفيه من الكفر والضلال ما هو من أعظم أسباب الإشراك‏.

    ‏‏ فلو كانوا موحدين بالقول والكلام وهو أن يصفوا اللّه بما وصفته به رسله لكان معهم التوحيد دون العمل، وذلك لا يكفي في السعادة والنجاة، بل لابد من أن يعبد الله وحده ويتخذ إلهًا، دون ما سواه، وهو معني قول‏:‏ لا إله إلا الله، فكيف وهم في القول والكلام معطلون جاحدون، لا موحدون ولا مخلصون ‏؟‏‏!‏

    وأما الإيمان بالرسل، فليس فيه للمعلم الأول وذويه كلام معروف، والذين دخلوا في الملل منهم آمنوا ببعض صفات الرسل وكفروا ببعض‏.‏

    وأما اليوم الآخر، فأحسنهم حالًا من يقر بمعاد الأرواح دون الأجساد‏.‏ومنهم من ينكر المعادين جميعًا‏.

    ‏ ومنهم من يقر بمعاد الأرواح العالمة دون الجاهلة‏.‏

    وهذه الأقوال الثلاثة لمعلمهم الثاني أبي نصر الفارابي، ولهم فيه من الاضطراب ما يعلم به أنهم لم يهتدوا فيه إلى الصواب‏.

    ‏‏ وقد أضلوا بشبهاتهم من المنتسبين إلى الملل من لا يحصى عدده إلا الله‏.

    ‏‏ فإذا كان ما به تحصل السعادة والنجاة من الشقاوة ليس عندهم أصلا، كان ما يأمرون به من الأخلاق والأعمال والسياسات، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ‏}‏‏ ‏[‏الروم ‏:‏ 7‏]‏‏.

    ‏‏ وأما ما يذكرونه من العلوم النظرية، فالصواب منها منفعته في الدنيا‏.

    ‏‏ وأما ‏"‏العلم الإلهي‏"‏ فليس عندهم منه ما تحصل به النجاة والسعادة، بل وغالب ما عندهم منه ليس بمتيقن معلوم، بل قد صرح أساطين الفلسفة أن العلوم الإلهية لا سبيل فيها إلى اليقين، وإنما يتكلم فيها بالأحرى والأخلق، فليس معهم فيها إلا الظن‏{‏‏وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا‏}‏‏ ‏[‏ النجم‏:‏ 28 ‏]‏؛ ولهذا يوجد عندهم من المخالفة للرسل أمر عظيم باهر، حتى قيل مرة لبعض الأشياخ الكبار ممن يعرف الكلام والفلسفة والحديث وغير ذلك ‏:‏ ما الفرق الذي بين الأنبياء والفلاسفة‏؟‏ فقال‏:‏ السيف الأحمر‏.‏

    يريد أن الذي يسلك طريقتهم يريد أن يوفق بين ما يقولونه وبين ما جاءت به الرسل، فيدخل من السفسطة والقرمطة في أنواع من المحال الذي لا يرضاه عاقل، كما فعل أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم‏.

    ‏‏ ومن هنا ضلت القرامطة والباطنية ومن شاركهم في بعض ذلك‏.

    ‏‏ وهذا باب يطول وصفه ليس الغرض هنا ذكره‏.‏

    وإنما الغرض أن معلمهم وضع منطقهم ليزن به ما يقولونه من هذه الأمور التي يخوضون فيها، والتي هي قليلة المنفعة، وأكثر منفعتها إنما هي في الأمور الدنيوية، وقد يستغنى عنها في الأمور الدنيوية أيضًا‏.‏

    فأما أن يوزن بهذه الصناعة ما ليس من علومهم وما هو فوق قدرهم، أو يوزن بها ما يوجب السعادة والنعيم والنجاة من العذاب الأليم، فهذا أمر ليس هو فيها، و‏{‏‏قَّدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِ شَيءٍ قَدْرًا‏}‏‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 3‏]‏‏.

    ‏ والقوم وإن كان لهم ذكاء وفطنة، وفيهم زهد وأخلاق، فهذا القدر لا يوجب السعادة والنجاة من العذاب، إلا بالأصول المتقدمة‏:‏ من الإيمان باللّه وتوحيده، وإخلاص عبادته، والإيمان برسله واليوم الآخر، والعمل الصالح‏.‏

    وإنما قوة الذكاء بمنزلة قوة البدن وقوة الإرادة، فالذي يؤتي فضائل علمية وإرادية بدون هذه الأصول، يكون بمنزلة من يؤتي قوة في جسمه وبدنه بدون هذه الأصول‏.

    ‏‏ وأهل الرأي والعلم بمنزلة أهل الملك والإمارة، وكل من هؤلاء وهؤلاء لا ينفعه ذلك شيئًا إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له، ويؤمن برسله وباليوم الآخر‏.

    ‏‏ وهذه الأمور متلازمة، فمن عبد الله وحده لزم أن يؤمن برسله ويؤمن باليوم الآخر، فيستحق الثواب و إلا كان من أهل الوعيد يخلد في العذاب، هذا إذا قامت عليه الحجة بالرسل‏.

    ‏‏ ولما كان كل واحد من أهل الملك والعلم قد يعارضون الرسل وقد يتابعونهم، ذكر الله ذلك في كتابه في غير موضع‏.‏ فذكر فرعون، والذي حاج إبراهيم في ربه لما آتاه الله الملك، والملأ من قوم نوح، وعاد وغيرهم من المستكبرين المكذبين للرسل، وذكر قول علمائهم، كقوله‏:‏ ‏{‏‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ‏.‏ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ‏.‏ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 83 ـ 85‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ‏.‏ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 4ـ 35‏]‏، والسلطان هو الوحي المنزل من عند الله، كما ذكر ذلك في غير موضع، كقوله‏:‏ ‏{‏‏أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ‏}‏‏ ‏[‏الروم‏:‏ 35‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 71، النجم‏:‏ 23‏]‏، وقال ابن عباس‏:‏ كل سلطان في القرآن فهو الحجة‏.

    ‏‏ ذكره البخاري في صحيحه‏.‏

    وقد ذكر في هذه السورة ‏[‏سورة حم غافر‏]‏ من حال مخالفي الرسل من الملوك والعلماء مثل مقول الفلاسفة وعلمائهم ومجادلتهم واستكبارهم ما فيه عبرة، مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 56‏]‏، ومثل قوله‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ‏.‏ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ‏.‏ إِذْ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ‏.‏ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 69ـ 75‏]‏، وختم السورة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 83‏]‏‏.

    ‏‏ وكذلك في سورة الأنعام والأعراف وعامة السور المكية، وطائفة من السور المدنية، فإنها تشتمل على خطاب هؤلاء وضرب الأمثال والمقاييس لهم، وذكر قصصهم وقصص الأنبياء وأتباعهم معهم‏.‏

    فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 26‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر بما مكنهم فيه من أصناف الإدراكات و الحركات‏.

    ‏‏ وأخبر أن ذلك لم يغن عنهم حيث جحدوا بآيات الله، وهي الرسالة التي بعث بها رسله؛ ولهذا حدثني ابن الشيخ الحصيري عن والده الشيخ الحصيري شيخ الحنفية في زمنه قال‏:‏ كان فقهاء بخارى يقولون في ابن سينا‏:‏ كان كافرًا ذكيًا‏.‏

    وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ‏}‏‏ الآية ‏[‏غافر‏:‏ 21‏]‏، والقوة تعم قوة الإدراك النظرية وقوة الحركة العملية، وقال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏‏كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 82‏]‏، فأخبر بفضلهم في الكم والكيف، وأنهم أشد في أنفسهم وفي آثارهم في الأرض، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏.‏ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏‏[‏غافر‏:‏ 82- 83‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‏.‏ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏‏ ‏[‏الروم‏:‏ 6ـ 11‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 5‏]‏ وقد قال سبحانه عن أتباع هؤلاء الأئمة من أهل الملك والعلم المخالفين للرسل‏:‏ ‏{‏‏يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ ‏.‏ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ‏.‏ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا‏}‏‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 66ـ 68‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 47- 48‏]‏‏.

    ‏‏ ومثل هذا في القرآن كثير، يذكر فيه من أقوال أعداء الرسل وأفعالهم وما أوتوه من قوى الإدراكات والحركات التي لم تنفعهم لما خالفوا الرسل‏.

    ‏‏ وقد ذكر الله سبحانه ما في المنتسبين إلى أتباع الرسل، من العلماء والعباد والملوك من النفاق والضلال في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 34‏]‏‏.

    ‏‏ ‏{‏‏وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏‏ يستعمل لازما، يقال‏:‏ صد صدودًا، أي‏:‏ أعرض، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 16‏]‏، ويقال‏:‏ صد غيره يصده، والوصفان يجتمعان فيهم، ومثل قوله‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏‏.

    ‏‏ وفي الصحيحين‏:‏ عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة؛ طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة؛ طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة؛ ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة؛ طعمها مر، ولا ريح له‏"‏‏، فبين أن في الذين يقرؤون القرآن مؤمنين ومنافقين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء التاسع.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هذا لعمري عن منفعته في سائر العلوم‏.‏

    وأما منفعته في علم الإسلام خصوصًا فهذا أبين من أن يحتاج إلى بيان؛ ولهذا تجد الذين اتصلت إليهم علوم الأوائل، فصاغوها بالصيغة العربية بعقول المسلمين، جاء فيها من الكمال والتحقيق و الإحاطة والاختصار ما لا يوجد في كلام الأوائل، وإن كان في هؤلاء المتأخرين من فيه نفاق وضلال، لكن عادت عليهم في الجملة بركة ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم وما أوتيته أمته من العلم والبيان الذي لم يشركها فيه أحد‏.

    ‏‏ وأيضًا، فإن صناعة المنطق وضعها معلمهم الأول أرسطو، صاحب التعاليم التي لمبتدعة الصابئة، يزن بها ما كان هو وأمثاله يتكلمون فيه من حكمتهم وفلسفتهم، التي هي غاية كمالهم‏.

    ‏‏ وهي قسمان‏:‏ نظرية وعملية‏.‏

    فأصح النظرية وهي المدخل إلى الحق هي الأمور الحسابية الرياضية‏.

    ‏‏ وأما العملية‏:‏ فإصلاح الخلق والمنزل والمدينة‏.

    ‏‏ ولا ريب أن في ذلك من نوع العلوم والأعمال الذي يتميزون بها عن جهال بني آدم، الذين ليس لهم كتاب منزل ولا نبي مرسل ما يستحقون به التقدم على ذلك‏.

    ‏‏ وفيه من منفعة صلاح الدنيا وعمارتها ما هو داخل في ضمن ما جاءت به الرسل‏.

    ‏‏ وفيها أيضًا من قول الحق وإتباعه والأمر بالعدل والنهي عن الفساد، ما هو داخل في ضمن ما جاءت به الرسل‏.

    ‏‏ فهم بالنسبة إلى جهال الأمم كبادية الترك ونحوهم أمثل إذا خلوا عن ضلالهم، فأما مع ضلالهم فقد يكون الباقون على الفطرة من جهال بني آدم أمثل منهم‏.‏

    فأما أضل أهل الملل مثل جهال النصارى وسامرة اليهود فهم أعلم منهم وأهدى وأحكم وأتبع للحق‏.

    ‏‏ وهذا قد بسطته بسطًا كثيرًا في غير هذا الموضع‏.‏

    وإنما المقصود هنا‏:‏ بيان أن هذه الصناعة قليلة المنفعة عظيمة الحشو‏.

    ‏‏ وذلك أن الأمور العملية الخلقية قل أن ينتفع فيها بصناعة المنطق؛ إذ القضايا الكلية الموجبة وإن كانت توجد في الأمور العملية لكن أهل السياسة لنفوسهم ولأهلهم ولملكهم، إنما ينالون تلك الآراء الكلية من أمور لا يحتاجون فيها إلى المنطق، ومتى حصل ذلك الرأي كان الانتفاع به بالعمل‏.

    ‏‏ ثم الأمور العملية لا تقف على رأى كلي، بل متى علم الإنسان انتفاعه بعمل، عمله، وأي عمل تضرر به، تركه‏.‏

    وهذا قد يعلمه بالحس الظاهر أو الباطن لا يقف ذلك على رأي كلي‏.‏

    فعلم أن أكثر الأمور العملية لا يصح استعمال المنطق فيها؛ ولهذا كان المؤدبون لنفوسهم ولأهلهم، السائسون لملكهم، لا يَزِنُون آراءهم بالصناعة المنطقية، إلا أن يكون شيئًا يسيرًا، والغالب على من يسلكه التوقف والتعطيل‏.‏

    ولو كان أصحاب هذه الآراء تقف معرفتهم بها واستعمالهم لها على وزنها بهذه الصناعة، لكان تضررهم بذلك أضعاف انتفاعهم به، مع أن جميع ما يأمرون به من العلوم والأخلاق والأعمال لا تكفي في النجاة من عذاب الله، فضلا عن أن يكون محصلا لنعيم الآخرة قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف ‏:‏ 38‏]‏، كذلك قال‏:‏ ‏{‏‏أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{الْكَافِرُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 82- 85‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر هنا بمثل ما أخبر به في الأعراف، أن هؤلاء المعرضين عما جاءت به الرسل لما رأوا بأس الله وحدوا الله، وتركوا الشرك فلم ينفعهم ذلك‏.‏

    وكذلك أخبر عن فرعون وهو كافر بالتوحيد وبالرسالة أنه لمَّا أدركه الغرق قال‏:‏ ‏{‏‏آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ‏}‏‏ قال الله‏:‏ ‏{‏‏أَلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ‏}‏‏ ‏[‏يونس‏:‏ 91‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ‏.‏ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 172-173‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ‏.‏ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ‏}‏‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 9- 10‏]‏‏.‏

    وهذا في القرآن في مواضع أخر، يبين فيها أن الرسل كلهم أمروا بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة شيء من المخلوقات سواه، أو اتخاذه إلهًا، ويخبر أن أهل السعادة هم أهل التوحيد، وأن المشركين هم أهل الشقاوة، وذكر هذا عن عامة الرسل، ويبين أن الذين لم يؤمنوا بالرسل مشركون‏.

    ‏‏ فعلم أن التوحيد والإيمان بالرسل متلازمان، وكذلك الإيمان باليوم الآخر هو والإيمان بالرسل متلازمان فالثلاثة متلازمة؛ ولهذا يجمع بينها في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 150‏]‏؛ ولهذا أخبر أن الذين لا يؤمنون بالآخرة مشركون، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ‏}‏‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 45‏]‏‏.

    ‏‏ وأخبر عن جميع الأشقياء‏:‏ أن الرسل أنذرتهم باليوم الآخر، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ‏.‏ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ}‏‏ ‏[‏الملك‏:‏ 8-9‏]‏ فأخبر أن الرسل أنذرتهم، وأنهم كذبوا بالرسالة‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا‏}‏‏ الآية ‏[‏الزمر‏:‏ 71‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر عن أهل النار أنهم قد جاءتهم الرسالة، وأنذروا باليوم الآخر‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ‏.‏ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏.‏ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ‏}‏‏ الآية ‏[‏الأنعام‏:‏ 128ـ130‏]‏‏.‏

    فأخبر عن جميع الجن والإنس أن الرسل بلغتهم رسالة الله، وهي آياته وأنهم أنذروهم اليوم الآخر، وكذلك قال‏:‏ ‏{‏‏قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا‏.‏ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ‏}‏‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 103ـ105‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر أنهم كفروا بآياته، وهي رسالته، وبلقائه وهو اليوم الآخر‏.‏

    وقد أخبر أيضًا في غير موضع بأن الرسالة عمت بني آدم، وأن الرسل جاؤوا مبشرين ومنذرين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ‏}‏‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 24‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ‏}‏‏ إلى قوله ‏:‏ ‏{‏‏وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 163ـ165‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏.‏ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام: 48-49‏]‏‏.‏

    فأخبر أن من آمن بالرسل وأصلح من الأولين والآخرين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 38‏]‏ ومثل ذلك قوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏}‏‏ الآية ‏[‏البقرة‏:‏ 62‏]‏‏.

    ‏‏ فذكر أن المؤمنين بالله وباليوم الآخر من هؤلاء هم أهل النجاة والسعادة، وذكر في تلك الآية الإيمان بالرسل، وفي هذه الإيمان باليوم الآخر؛ لأنهما متلازمان، وكذلك الإيمان بالرسل كلهم متلازم‏.

    ‏‏ فمن آمن بواحد منهم فقد آمن بهم كلهم، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا‏}‏‏ الآية والتي بعدها ‏[‏النساء‏:‏ 150- 151‏]‏‏.‏

    فأخبر أن المؤمنين بجميع الرسل هم أهل السعادة، وأن المفرقين بينهم بالإيمان ببعضهم دون بعض هم الكافرون حقًا‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا‏.‏ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا‏.‏ مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 13ـ 15‏]‏‏.‏

    فهذه الأصول الثلاثة‏:‏ توحيد الله، والإيمان برسله، وباليوم الآخر هي أمور متلازمة‏.

    ‏‏ والحاصل‏:‏ أن توحيد الله والإيمان برسله واليوم الآخر هي أمور متلازمة مع العمل الصالح، فأهل هذا الإيمان والعمل الصالح هم أهل السعادة من الأولين والآخرين، والخارجون عن هذا الإيمان مشركون أشقياء، فكل من كذب الرسل فلن يكون إلا مشركًا، وكل مشرك مكذب للرسل، وكل مشرك وكافر بالرسل، فهو كافر باليوم الآخر، وكل من كفر باليوم الآخر فهو كافر بالرسل وهو مشرك؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏‏وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ‏.‏ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 112- 113‏]‏‏.

    ‏ فأخبر أن جميع الأنبياء لهم أعداء، وهم شياطين الإنس والجن، يوحي بعضهم إلى بعض القول المزخرف، وهو المزين المحسن، يغررون به‏.

    ‏‏ والغرور‏:‏ هو التلبيس والتمويه‏.

    ‏ وهذا شأن كل كلام وكل عمل يخالف ما جاءت به الرسل، من أمر المتفلسفة والمتكلمة وغيرهم من الأولين والآخرين، ثم قال‏:‏ ‏{‏‏وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ‏}‏‏ فأخبر أن كلام أعداء الرسل تصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة‏.

    ‏‏ فعلم أن مخالفة الرسل وترك الإيمان بالآخرة متلازمان، فمن لم يؤمن بالآخرة أصغى إلى زخرف أعدائهم، فخالف الرسل، كما هو موجود في أصناف الكفار والمنافقين في هذه الأمة‏.

    ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏.‏ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا‏}‏‏ الآية ‏[‏الأعراف‏:‏ 52- 53‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر أن الذين تركوا إتباع الكتاب وهو الرسالة يقولون إذا جاء تأويله وهو ما أخبر به‏:‏ جاءت رسل ربنا بالحق، وهذا كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏.‏ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا‏.‏ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}‏‏ ‏[‏طه‏:‏ 124ـ 126‏]‏ أخبر أن الذين تركوا إتباع آياته يصيبهم ما ذكرنا‏.

    ‏ فقد تبين أن أصل السعادة، وأصل النجاة من العذاب، هو توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، والإيمان برسله واليوم الآخر، والعمل الصالح‏.‏

    وهذه الأمور ليست في حكمتهم وفلسفتهم المبتدعة، ليس فيها الأمر بعبادة الله وحده والنهي عن عبادة المخلوقات، بل كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم، إذ بنوه على ما في الأرواح والأجسام من القوى والطبائع، وأن صناعة الطلاسم والأصنام والتعبد لها يورث منافع ويدفع مضار‏.‏ فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له، ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم ينه عنه، بل يقر هؤلاء وهؤلاء، وإن رجح الموحدين ترجيحًا ما، فقد يرجح غيره المشركين، وقد يعرض عن الأمرين جميعًا‏.‏

    فتدبر هذا، فإنه نافع جدًا‏.

    ‏‏ ولهذا كان رؤوسهم المتقدمون والمتأخرون يأمرون بالشرك‏.

    ‏‏ فالأولون يسمون الكواكب الآلهة الصغرى، ويعبدونها بأصناف العبادات، كذلك كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد، بل يسوغون الشرك أو يأمرون به، أو لا يوجبون التوحيد‏.

    ‏‏ وقد رأيت من مصنفاتهم في عبادة الكواكب والملائكة وعبادة الأنفس المفارقة أنفس الأنبياء وغيرهم ما هو أصل الشرك‏.

    ‏‏ وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول، لا بالعبادة والعمل‏.

    ‏‏ والتوحيد الذي جاءت به الرسل لابد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله، وعبادته وحده لا شريك له، وهذا شيء لا يعرفونه‏.

    ‏‏ والتوحيد الذي يدعونه إنما هو تعطيل حقائق الأسماء والصفات، وفيه من الكفر والضلال ما هو من أعظم أسباب الإشراك‏.

    ‏‏ فلو كانوا موحدين بالقول والكلام وهو أن يصفوا اللّه بما وصفته به رسله لكان معهم التوحيد دون العمل، وذلك لا يكفي في السعادة والنجاة، بل لابد من أن يعبد الله وحده ويتخذ إلهًا، دون ما سواه، وهو معني قول‏:‏ لا إله إلا الله، فكيف وهم في القول والكلام معطلون جاحدون، لا موحدون ولا مخلصون ‏؟‏‏!‏

    وأما الإيمان بالرسل، فليس فيه للمعلم الأول وذويه كلام معروف، والذين دخلوا في الملل منهم آمنوا ببعض صفات الرسل وكفروا ببعض‏.‏

    وأما اليوم الآخر، فأحسنهم حالًا من يقر بمعاد الأرواح دون الأجساد‏.‏ومنهم من ينكر المعادين جميعًا‏.

    ‏ ومنهم من يقر بمعاد الأرواح العالمة دون الجاهلة‏.‏

    وهذه الأقوال الثلاثة لمعلمهم الثاني أبي نصر الفارابي، ولهم فيه من الاضطراب ما يعلم به أنهم لم يهتدوا فيه إلى الصواب‏.

    ‏‏ وقد أضلوا بشبهاتهم من المنتسبين إلى الملل من لا يحصى عدده إلا الله‏.

    ‏‏ فإذا كان ما به تحصل السعادة والنجاة من الشقاوة ليس عندهم أصلا، كان ما يأمرون به من الأخلاق والأعمال والسياسات، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ‏}‏‏ ‏[‏الروم ‏:‏ 7‏]‏‏.

    ‏‏ وأما ما يذكرونه من العلوم النظرية، فالصواب منها منفعته في الدنيا‏.

    ‏‏ وأما ‏"‏العلم الإلهي‏"‏ فليس عندهم منه ما تحصل به النجاة والسعادة، بل وغالب ما عندهم منه ليس بمتيقن معلوم، بل قد صرح أساطين الفلسفة أن العلوم الإلهية لا سبيل فيها إلى اليقين، وإنما يتكلم فيها بالأحرى والأخلق، فليس معهم فيها إلا الظن‏{‏‏وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا‏}‏‏ ‏[‏ النجم‏:‏ 28 ‏]‏؛ ولهذا يوجد عندهم من المخالفة للرسل أمر عظيم باهر، حتى قيل مرة لبعض الأشياخ الكبار ممن يعرف الكلام والفلسفة والحديث وغير ذلك ‏:‏ ما الفرق الذي بين الأنبياء والفلاسفة‏؟‏ فقال‏:‏ السيف الأحمر‏.‏

    يريد أن الذي يسلك طريقتهم يريد أن يوفق بين ما يقولونه وبين ما جاءت به الرسل، فيدخل من السفسطة والقرمطة في أنواع من المحال الذي لا يرضاه عاقل، كما فعل أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم‏.

    ‏‏ ومن هنا ضلت القرامطة والباطنية ومن شاركهم في بعض ذلك‏.

    ‏‏ وهذا باب يطول وصفه ليس الغرض هنا ذكره‏.‏

    وإنما الغرض أن معلمهم وضع منطقهم ليزن به ما يقولونه من هذه الأمور التي يخوضون فيها، والتي هي قليلة المنفعة، وأكثر منفعتها إنما هي في الأمور الدنيوية، وقد يستغنى عنها في الأمور الدنيوية أيضًا‏.‏

    فأما أن يوزن بهذه الصناعة ما ليس من علومهم وما هو فوق قدرهم، أو يوزن بها ما يوجب السعادة والنعيم والنجاة من العذاب الأليم، فهذا أمر ليس هو فيها، و‏{‏‏قَّدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِ شَيءٍ قَدْرًا‏}‏‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 3‏]‏‏.

    ‏ والقوم وإن كان لهم ذكاء وفطنة، وفيهم زهد وأخلاق، فهذا القدر لا يوجب السعادة والنجاة من العذاب، إلا بالأصول المتقدمة‏:‏ من الإيمان باللّه وتوحيده، وإخلاص عبادته، والإيمان برسله واليوم الآخر، والعمل الصالح‏.‏

    وإنما قوة الذكاء بمنزلة قوة البدن وقوة الإرادة، فالذي يؤتي فضائل علمية وإرادية بدون هذه الأصول، يكون بمنزلة من يؤتي قوة في جسمه وبدنه بدون هذه الأصول‏.

    ‏‏ وأهل الرأي والعلم بمنزلة أهل الملك والإمارة، وكل من هؤلاء وهؤلاء لا ينفعه ذلك شيئًا إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له، ويؤمن برسله وباليوم الآخر‏.

    ‏‏ وهذه الأمور متلازمة، فمن عبد الله وحده لزم أن يؤمن برسله ويؤمن باليوم الآخر، فيستحق الثواب و إلا كان من أهل الوعيد يخلد في العذاب، هذا إذا قامت عليه الحجة بالرسل‏.

    ‏‏ ولما كان كل واحد من أهل الملك والعلم قد يعارضون الرسل وقد يتابعونهم، ذكر الله ذلك في كتابه في غير موضع‏.‏ فذكر فرعون، والذي حاج إبراهيم في ربه لما آتاه الله الملك، والملأ من قوم نوح، وعاد وغيرهم من المستكبرين المكذبين للرسل، وذكر قول علمائهم، كقوله‏:‏ ‏{‏‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ‏.‏ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ‏.‏ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 83 ـ 85‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ‏.‏ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 4ـ 35‏]‏، والسلطان هو الوحي المنزل من عند الله، كما ذكر ذلك في غير موضع، كقوله‏:‏ ‏{‏‏أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ‏}‏‏ ‏[‏الروم‏:‏ 35‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏‏مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 71، النجم‏:‏ 23‏]‏، وقال ابن عباس‏:‏ كل سلطان في القرآن فهو الحجة‏.

    ‏‏ ذكره البخاري في صحيحه‏.‏

    وقد ذكر في هذه السورة ‏[‏سورة حم غافر‏]‏ من حال مخالفي الرسل من الملوك والعلماء مثل مقول الفلاسفة وعلمائهم ومجادلتهم واستكبارهم ما فيه عبرة، مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 56‏]‏، ومثل قوله‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ‏.‏ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ‏.‏ إِذْ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ‏.‏ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 69ـ 75‏]‏، وختم السورة بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 83‏]‏‏.

    ‏‏ وكذلك في سورة الأنعام والأعراف وعامة السور المكية، وطائفة من السور المدنية، فإنها تشتمل على خطاب هؤلاء وضرب الأمثال والمقاييس لهم، وذكر قصصهم وقصص الأنبياء وأتباعهم معهم‏.‏

    فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 26‏]‏‏.

    ‏‏ فأخبر بما مكنهم فيه من أصناف الإدراكات و الحركات‏.

    ‏‏ وأخبر أن ذلك لم يغن عنهم حيث جحدوا بآيات الله، وهي الرسالة التي بعث بها رسله؛ ولهذا حدثني ابن الشيخ الحصيري عن والده الشيخ الحصيري شيخ الحنفية في زمنه قال‏:‏ كان فقهاء بخارى يقولون في ابن سينا‏:‏ كان كافرًا ذكيًا‏.‏

    وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ‏}‏‏ الآية ‏[‏غافر‏:‏ 21‏]‏، والقوة تعم قوة الإدراك النظرية وقوة الحركة العملية، وقال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏‏كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 82‏]‏، فأخبر بفضلهم في الكم والكيف، وأنهم أشد في أنفسهم وفي آثارهم في الأرض، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏.‏ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏‏[‏غافر‏:‏ 82- 83‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‏.‏ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏‏ ‏[‏الروم‏:‏ 6ـ 11‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 5‏]‏ وقد قال سبحانه عن أتباع هؤلاء الأئمة من أهل الملك والعلم المخالفين للرسل‏:‏ ‏{‏‏يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ ‏.‏ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ‏.‏ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا‏}‏‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 66ـ 68‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 47- 48‏]‏‏.

    ‏‏ ومثل هذا في القرآن كثير، يذكر فيه من أقوال أعداء الرسل وأفعالهم وما أوتوه من قوى الإدراكات والحركات التي لم تنفعهم لما خالفوا الرسل‏.

    ‏‏ وقد ذكر الله سبحانه ما في المنتسبين إلى أتباع الرسل، من العلماء والعباد والملوك من النفاق والضلال في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 34‏]‏‏.

    ‏‏ ‏{‏‏وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏‏ يستعمل لازما، يقال‏:‏ صد صدودًا، أي‏:‏ أعرض، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 16‏]‏، ويقال‏:‏ صد غيره يصده، والوصفان يجتمعان فيهم، ومثل قوله‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏‏.

    ‏‏ وفي الصحيحين‏:‏ عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة؛ طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة؛ طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة؛ ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة؛ طعمها مر، ولا ريح له‏"‏‏، فبين أن في الذين يقرؤون القرآن مؤمنين ومنافقين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء التاسع.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عورة الامة عند شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله .

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ عَلَى النِّسَاءِ لِئَلَّا تُرَى وُجُوهُهُنَّ وَأَيْدِيهِنَّ . وَالْحِجَابُ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ كَمَا كَانَتْ سُنَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ أَنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَجِبُ وَالْأَمَةُ تَبْرُزُ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (15/372) .

    وقال أيضا رحمه الله :
    " الأصل أن عورة الأمة كعورة الحرة ، كما أن عورة العبد كعورة الحر ، لكن لما كانت مظنة المهنة والخدمة وحرمتها تنقص عن حرمة الحرة رخص لها في إبداء ما تحتاج إلى إبدائه وقطع شبهها بالحرة وتمييز الحرة عليها ، وذلك يحصل بكشف ضواحيها من رأسها وأطرافها الأربعة ، فأما الظهر والصدر فباق على الأصل " انتهى من " شرح عمدة الفقه " لابن تيمية - من كتاب الصلاة (ص/275) .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا كَانَ يُخَافُ بِهَا الْفِتْنَةُ : كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُرْخِيَ مِنْ جِلْبَابِهَا وَتَحْتَجِبَ ، وَوَجَبَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهَا وَمِنْهَا .
    وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إبَاحَةُ النَّظَرِ إلَى عَامَّةِ الْإِمَاءِ ، وَلَا تَرْكُ احْتِجَابِهِنَّ وَإِبْدَاءُ زِينَتِهِنَّ ؛ وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَأْمُرْهُنَّ بِمَا أَمَرَ الْحَرَائِرَ ، وَالسُّنَّةُ فَرَّقَتْ بِالْفِعْلِ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْحَرَائِرِ ، وَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْحَرَائِرِ بِلَفْظِ عَامٍّ ؛ بَلْ كَانَتْ عَادَةُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُمْ الْحَرَائِرُ دُونَ الْإِمَاءِ ، وَاسْتَثْنَى الْقُرْآنُ مِنْ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ : الْقَوَاعِدَ ؛ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِنَّ احْتِجَابًا ، وَاسْتَثْنَى بَعْضَ الرِّجَالِ : وَهُمْ غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ ؛ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ إبْدَاءِ الزِّينَةِ الْخَفِيَّةِ لَهُمْ ، لِعَدَمِ الشَّهْوَةِ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ؛ فَأَنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْإِمَاءِ : أَوْلَى وَأَحْرَى ؛ وَهُنَّ مَنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ وَالْفِتْنَةُ حَاصِلَةً بِتَرْكِ احْتِجَابِهَا ، وَإِبْدَاءِ زِينَتِهَا .
    فَإِذَا كَانَ فِي ظُهُورِ الْأَمَةِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا فِتْنَةٌ : وَجَبَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
    وَهَكَذَا الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ ، وَالْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ : لَوْ كَانَ فِي الْمَرْأَةِ فِتْنَةٌ لِلنِّسَاءِ ، وَفِي الرَّجُلِ فِتْنَةٌ لِلرِّجَالِ : لَكَانَ الْأَمْرُ بِالْغَضِّ لِلنَّاظِرِ مِنْ بَصَرِهِ مُتَوَجِّهًا ، كَمَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِحِفْظِ فَرْجِهِ .
    فَالْإِمَاءُ وَالصِّبْيَانُ إذَا كُنَّ حِسَانًا تُخشى الْفِتْنَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ : كَانَ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ " "مجموع الفتاوى" (15 /373-377) .
    وقال أيضا :
    " وَقَدْ كَانَتْ الْإِمَاءُ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ يَمْشِينَ فِي الطُّرُقَاتِ مُنْكْشِفَاتٍ الرُّءُوسَ وَيَخْدِمْنَ الرِّجَالَ مَعَ سَلَامَةِ الْقُلُوبِ فَلَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِمَاءَ التُّرْكِيَّاتِ الْحِسَانَ يَمْشِينَ بَيْنَ النَّاسِ ، فِي مِثْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ وَالْأَوْقَاتِ ، كَمَا كَانَ أُولَئِكَ الْإِمَاءُ يَمْشِينَ : كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْفَسَادِ ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/ 418) .

    _______________________

    مسائل واستشكالات متعددة حول الحجاب ، والجواب عنها
    السؤال:
    أريد أن أسألكم عن شبهة أرقتني يرددها العلمانيون والأعداء وهي مسألة الإماء والجواري في الإسلام فهل صحيح أن عورة الأمة فقط بين السرة والركبة صغيرة كانت أو كبيرة في أي مكان وأمام أي شخص وحتى إن كانت متزوجة وماذا عن إباحة فحص أغلب جسدها عند شرائها ؟ وهل كان عمر يضرب المتحجبات منهن ؟ ألا يعد هذا فتحا لباب الفساد والفتنة ؟ ما دليل من قالوا بهذا ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما العلة من فرض الحجاب على الحرائر فالكل في الأخير نساء ؟ وإذا قلت أن العلة من عدم إلزام الإماء بالحجاب هي المهنة والابتذال فالحرائر أيضا مبتذلات بالمهنة وكثرة الذهاب والمجيئ في أي زمان ومكان حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ثم إن الاسترقاق مازال موجودا في بعض البلدان كاليمن ونيجيريا... ثم إذا كان كل ما قلته غير صحيح ، فكيف نفسر تأييد جمهور العلماء لما قلت , إذا كان قول الجمهور مخطأ فكيف نأخذ به في بقية المسائل ؟

    نشر بتاريخ: 2014-09-30
    الجواب :
    الحمد لله
    أولا :
    لا يوجد الآن عبيد ولا إماء إلا نادرا جدا ، فلا ينبغي للمسلم أن يشغل وقته وذهنه بالبحث عن أحكامهم .
    ثم هؤلاء العلمانيون والأعداء يدعون للحرية المطلقة التي لا يقيدها دين ولا أخلاق ولا عادات ولا شيء ، ولذلك تجدهم قد وصلوا إلى درجة من الانحطاط لا تصل إليها حتى الحيوانات التي لا عقول لها ، فوصلوا إلى تبادل الزوجات والشذوذ ... وغير ذلك من القبائح ، التي تقدح في إنسانية الإنسان ، وصدق الله العظيم : ( أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 .
    ثم .. ما الذي ينقمه هؤلاء حينما يعلمون أن الإسلام قد أباح للأمة أن تكشف وجهها ورأسها ، أو حتى صدرها َ!!
    أليسوا هم يدعون إلى ما هو أشد من ذلك ؟ أليس عندهم مدن وشواطئ ونواد وحفلات للعراة ؟!
    إن هؤلاء لا يستحقون جوابا لأنهم إما أنهم لا عقول لهم ، أو أنهم يقولون ما يقولونه كذبا وخداعا وإنكارا للحقائق ، فلا يستحقون جوابا .
    غير أن هذه الشبهات بما أنها قد سمعها بعض المسلمين وتأثروا بها ، فنحن نجيب عنها جوابا مختصرا ؛ لأن إشغال الوقت بما هو أكثر فائدة ، أولى وأجدر .

    ثانيا :
    ليس هناك مذهب ولا دين حافظ على الأخلاق الحسنة ودعا إليها .. من العفة والشرف والفضيلة والحياء وغيرها ، وعمل على حفظ المجتمع من أي فتنة قد تعصف به : مثل ما فعل الإسلام .
    وذلك بَيِّن جدا من تشريعاته المحكمة المتقنة التي لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثلها لا يأتون بمثلها ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . قال الله تعالى : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) الإسراء/88 .
    لا يأتون بمثله في نظمه وأسلوبه ، ولا في بلاغته وفصاحته ، ولا في حسن قصصه وموضوعاته ، ولا في أحكامه وتشريعاته ، فهذا القرآن معجز من كل نواحي الإعجاز .

    ثالثا :
    أما الجواب على هذه الشبهات :
    فقد اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الأْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأْجْنَبِيِّ :
    فَقَال الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ الأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - : إِنَّ عَوْرَتَهَا هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا .
    وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : عَوْرَتُهَا مِثْل عَوْرَةِ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَارِمِهَا . ( أي تظهر ما تظهره الحرة لمحارمها ، كالوجه والرأس ونحو ذلك ) .
    وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنَّ عَوْرَتَهَا كَعَوْرَةِ الْحُرَّةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلاَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْحُرَّةِ . " الموسوعة الفقهية " (31/49-50) .

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ عَلَى النِّسَاءِ لِئَلَّا تُرَى وُجُوهُهُنَّ وَأَيْدِيهِنَّ . وَالْحِجَابُ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ كَمَا كَانَتْ سُنَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ أَنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَجِبُ وَالْأَمَةُ تَبْرُزُ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (15/372) .

    وقال أيضا رحمه الله :
    " الأصل أن عورة الأمة كعورة الحرة ، كما أن عورة العبد كعورة الحر ، لكن لما كانت مظنة المهنة والخدمة وحرمتها تنقص عن حرمة الحرة رخص لها في إبداء ما تحتاج إلى إبدائه وقطع شبهها بالحرة وتمييز الحرة عليها ، وذلك يحصل بكشف ضواحيها من رأسها وأطرافها الأربعة ، فأما الظهر والصدر فباق على الأصل " انتهى من " شرح عمدة الفقه " لابن تيمية - من كتاب الصلاة (ص/275) .

    فالأمة تراد غالبا للخدمة ، فرخص الشرع لها أن تترك الحجاب فتكشف رأسها وذراعيها وساقها لأنها تحتاج إلى ذلك في العمل ، ولو أمرت بالحجاب الكامل كالحرائر لكان في ذلك مشقة عظيمة عليها .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
    " ذكر الفقهاءُ رحمهم الله تعالى أن عورة الأَمَة أيضاً ما بين السُّرَّة والرُّكبة ، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله في باب النَّظر عارض هذه المسألة ، كما عارضها ابن حزم في باب النَّظر ، وفي باب الصَّلاة ، وقال : إن الأمة كالحُرَّة ؛ لأن الطَّبيعة واحدة والخِلْقَة واحدة ، والرِّقُّ وصف عارض خارج عن حقيقتها وماهيَّتها ، ولا دليلَ على التَّفريق بينها وبين الحُرَّة .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر ؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ من النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، قال تعالى فيهن : ( فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) النور/60 ، يقول : وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه ، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر ، في باب النَّظر " انتهى من " الشرح الممتع " (2/157-158) .

    والخلاصة : أن الشرع جاء بالتفريق بين الحرائر والإماء ، فالحرة تحتجب الحجاب الكامل ، ويجوز للأمة كشف رأسها ويديها ووجهها ؛ لكثرة الحاجة في استخدامهن ، وكان فرض الحجاب عليهن مما يشق مشقة بالغة ، مع عدم حصول الفتنة بهن في الغالب ، لأن النفس ترغب عنهن .
    ولكن إذا أدى كشفهن إلى حصول الفتنة ، فإنه يجب عليهن لبس الحجاب ، كما يجب غض البصر عنهن .
    قال ابن قدامة رحمه الله :
    " .... لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ جَمِيلَةً يُخَافُ الْفِتْنَةُ بِهَا ، حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهَا ... قَالَ أَحْمَدُ فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ جَمِيلَةً : تَنْتَقِبُ ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ ، كَمْ مِنْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ " انتهى من " المغني " (7/103) .

    وقال ابن المنذر رحمه الله :
    " ثبت أن عمر قال لأمة رآها متقنعة : اكشفي رأسك ، ولا تشبهي بالحرائر ، وضربها بالدرة . فإن كانت جميلة حرم النظر إليها " انتهى من " منار السبيل " (2/138) .
    فعمر رضي الله عنه أمر الأمة بعدم الحجاب حتى تتميز الحرة عنها ، لأن لكل منهما أحكاما تخصها ، ولأن الفتنة بهن كانت مأمونة في ذلك الزمان .
    ولكن.. إذا كان عدم تحجبها يسبب فتنة وجب عليها الحجاب .
    راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (8489) ، والسؤال رقم : (198645) .
    رابعا :
    إذا تزوجت الأمة فإنه لا يجوز أن يبدو منها أمام سيدها إلا ما يظهر منها عادة في حال المهنة ، لأن سيدها من محارمها ، أما الرجال الأجانب فلا .

    قال البيهقي رحمه الله :
    " وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُبْدِي لِسَيِّدِهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا ، وَلَا الْحُرَّةُ لِذَوِي مَحَارِمِهَا إِلَّا مَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي حَالِ الْمِهْنَةِ " انتهى من " السنن الكبرى " (7/152) .
    وقال أيضا : " وَالْآثَارُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَأْسَهَا وَرَقَبَتَهَا وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي حَالِ الْمِهْنَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ " انتهى .

    خامسا :
    المشتري لا يفحص أغلب جسد الأمة كما قال السائل ، وإنما ينظر إليها من فوق الثياب ، وينظر إلى وجهها ورأسها لأن المشتري يشتري الأمة للاستمتاع أو للخدمة ، فلما اختلف المقصود كان لا بد من تأمل الصفات التي يحصل بها مقصود المشتري .

    قال البهوتي رحمه الله :
    " وَلِرَجُلٍ نَظَرُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرَّقَبَةِ وَالْقَدَمِ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ (أَيْ مُعَروضَةٍ لِلْبَيْعِ) يُرِيدُ شِرَاءَهَا ، كَمَا لَوْ أَرَادَ خِطْبَتَهَا ، بَلْ الْمُسْتَامَةُ أَوْلَى ، لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ . قال الإمام أحمد : لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ " انتهى من " شرح منتهى الإرادات " (2/ 624) .

    وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله :
    " ولا يجوز النظر إليها بشهوة (يعني عند شرائها) ... ثم قال عن كشف الأمة رأسها : وذلك لا ينبغي اليوم ؛ لعموم الفساد في أكثر الناس ، فلو خرجت جارية رائعة مكشوفة الرأس في الأسواق والأزقة ، لوجب على ولي الأمر أن يمنع ذلك " انتهى من " حاشية الروض المربع " (6/234) .

    وبهذا يتبين أن أحكام الإسلام أحسن هي ما يكون ، وأتقن وأحكم ما يكون ، ولا يمكن أن تؤدي إلى مفسدة أبدا ، بل جاءت الشريعة الإسلامية بكل ما يدفع المفاسد ويقللها ، وبتحصيل المصالح وتكميلها ، فعلى المعترض على هذه الأحكام أن يرينا شريعته التي يؤمن بها ويعمل بها إن كان صادقا . فإننا سنجد فيها التناقض والانحلال الخلقي كما هو واقع هؤلاء العلمانيين والأعداء .
    وأما كون بعض العلماء قال بكذا ، فكل إنسان يؤخذ من قوله ويترك ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . والعالم قد يجتهد فيقول قولا يوافق الصواب فيكون له أجران : أجر الاجتهاد وأجر إصابة الصواب ، وقد يخطئ في اجتهاده ، فيكون له أجر على اجتهاده ، وخطؤه مغفور له .
    نرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ، وأن لا نعاود البحث في هذه المسائل مرة أخرى ، لأن حاجة المسلمين إلى معرفة التوحيد والشرك والإيمان والكفر ، وأحكام عباداتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم أهم من البحث في هذه الأحكام التي صارت الآن نسيا منسيا ، ولا وجود لها في الواقع .

    والله أعلم .

    https://islamqa.info/ar/220750
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    198645: قول أنس رضي الله عنه عن إماء عمر: " كُنَّ يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ"؟
    السؤال:
    أنا أحاور الشيعة منذ فترة ، والحمد لله أرد على كل شبهاتهم ، ولكنني لم أجد جوابا لهذه الشبهة فأرجو أن تشرحوا لي معناها إذا كانت صحيحة ، والرد عليهم .

    وهذه هي الشبهة :

    ثم روى من طريق حماد بن سلمة قالت : حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس عن جده أنس بن مالك قال : " كن إماء عمر رضي الله عنه يخدمننا كاشفات عن شعورهن ، تضطرب ثديهن ". قلت: وإسناده جيد رجاله كلهم ثقات غير شيخ البيهقي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي وهو صدوق كما قال الخطيب ( 10 / 303 ) . وقال البيهقي عقبه: " والآثار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك صحيحة " .

    نشر بتاريخ: 2013-05-23
    الجواب :
    الحمد لله
    أولا :
    قال البيهقي رحمه الله في سننه (3222) :
    أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحِرَفِيُّ بِبَغْدَادَ أنبأ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْكُوفِيُّ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : " كُنَّ إِمَاءُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْدِمْنَنَا كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ تَضْرِبُ ثُدِيّهُنَّ " .
    وهذا إسناد حسن ، قال الألباني رحمه الله :
    " إسناده جيد رجاله كلهم ثقات غير شيخ البيهقى أبى القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحربى وهو صدوق كما قال الخطيب " انتهى من "إرواء الغليل" (6/ 204) .
    وقد رواه يحيى بن سلام في تفسيره (1/ 441) : حَدَّثَنِي حَمَّادٌ وَنَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " كُنَّ جَوَارِي عُمَرَ يَخْدُمْنَنَا كَاشِفَاتِ الرُّءُوسِ، تَضْطَرِبُ ثُدِيُّهُنَّ بَادِيَةً خِدَامُهُنَّ " .
    فثبت بذلك الأثر ، إلا أن المحفوظ رواية البيهقي بلفظ ( تضرب ثديهن ) أما لفظ ( تضطرب ) فهو في رواية ابن سلام المتقدمة ، وفي إسنادها نصر بن طريف وهو متهم بالكذب ، قال يحيى : من المعروفين بوضع الحديث ، وقال الفلاس : وممن أجمع عليه من أهل الكذب أنه لا يروي عنهم قوم منهم أبو جزي القصاب نصر بن طريف .
    انظر "لسان الميزان" (6/153) .
    وحاصل ذلك :
    أن الأثر صحيح ، لكن بلفظ ( كَاشِفَاتٍ عَنْ شُعُورِهِنَّ تَضْرِبُ ثُدِيّهُنَّ ) يعني أن شعورهن تضرب صدورهن من سرعة الحركة والدأب في الخدمة .
    أما بلفظ : ( تَضْطَرِبُ ثُدِيُّهُنَّ ) فغير صحيح ، وعلى فرض صحته فمردّ معناه إلى الأول ، وهو أنهن كن كبيرات في السن لسن شابات كواعب ، ومن كثرة العمل في الخدمة يحصل لهن ذلك .

    ثانيا :
    جاء الشرع بالتفريق بين الحرائر والإماء ، فالحرة تحتجب الحجاب الكامل ، والأمة تبرز ، ويجوز لها كشف رأسها ويديها ووجهها ؛ لكثرة الحاجة في استخدامهن ، وكان فرض الحجاب عليهن مما يشق مشقة بالغة ، مع عدم تشوف النفوس إليهن .
    قال ابن كثير رحمه الله :
    " وَقَوْلُهُ: ( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) أَيْ إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عُرِفْنَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ، لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِرَ.
    وَقَالَ مُجَاهِدٌ : يَتَجَلْبَبْنَ فَيُعْلَمُ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُنَّ فَاسِقٌ بِأَذًى وَلَا رِيبَةٍ ".
    انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 425-426) .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَالْحِجَابُ مُخْتَصٌّ بِالْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ ، كَمَا كَانَتْ سُنَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ : أَنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَجِبُ ، وَالْأَمَةُ تَبْرُزُ ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا رَأَى أَمَةً مُخْتَمِرَةً ضَرَبَهَا وَقَالَ : " أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ أَيْ لَكَاع ؟ " فَيَظْهَرُ مِنْ الْأَمَةِ : رَأْسُهَا ، وَيَدَاهَا ، وَوَجْهُهَا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15 /372) .
    ولذلك قال البيهقي عقب رواية هذا الأثر : " وَالْآثَارُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ ، وَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَأْسَهَا وَرَقَبَتَهَا وَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا فِي حَالِ الْمِهْنَةِ : لَيْسَ بِعَوْرَةٍ " انتهى .

    ثالثا :
    ما سبق بيانه من عورة الأمة ، إنما يكون عند أمن الفتنة ، وسلامة الطوية ، أما إذا خيفت الفتنة ، أو كثر أهل الريب والفساد ، وخشي من تعرضهم للإماء بالأذى والسوء : فإنه يجب على الأمة الحجاب كذلك ، ويجب غض البصر عنها ومنها .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا كَانَ يُخَافُ بِهَا الْفِتْنَةُ : كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُرْخِيَ مِنْ جِلْبَابِهَا وَتَحْتَجِبَ ، وَوَجَبَ غَضُّ الْبَصَرِ عَنْهَا وَمِنْهَا .
    وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إبَاحَةُ النَّظَرِ إلَى عَامَّةِ الْإِمَاءِ ، وَلَا تَرْكُ احْتِجَابِهِنَّ وَإِبْدَاءُ زِينَتِهِنَّ ؛ وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَأْمُرْهُنَّ بِمَا أَمَرَ الْحَرَائِرَ ، وَالسُّنَّةُ فَرَّقَتْ بِالْفِعْلِ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْحَرَائِرِ ، وَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْحَرَائِرِ بِلَفْظِ عَامٍّ ؛ بَلْ كَانَتْ عَادَةُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُمْ الْحَرَائِرُ دُونَ الْإِمَاءِ ، وَاسْتَثْنَى الْقُرْآنُ مِنْ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ : الْقَوَاعِدَ ؛ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِنَّ احْتِجَابًا ، وَاسْتَثْنَى بَعْضَ الرِّجَالِ : وَهُمْ غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ ؛ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ إبْدَاءِ الزِّينَةِ الْخَفِيَّةِ لَهُمْ ، لِعَدَمِ الشَّهْوَةِ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ؛ فَأَنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْإِمَاءِ : أَوْلَى وَأَحْرَى ؛ وَهُنَّ مَنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ وَالْفِتْنَةُ حَاصِلَةً بِتَرْكِ احْتِجَابِهَا ، وَإِبْدَاءِ زِينَتِهَا .
    فَإِذَا كَانَ فِي ظُهُورِ الْأَمَةِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا فِتْنَةٌ : وَجَبَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
    وَهَكَذَا الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ ، وَالْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ : لَوْ كَانَ فِي الْمَرْأَةِ فِتْنَةٌ لِلنِّسَاءِ ، وَفِي الرَّجُلِ فِتْنَةٌ لِلرِّجَالِ : لَكَانَ الْأَمْرُ بِالْغَضِّ لِلنَّاظِرِ مِنْ بَصَرِهِ مُتَوَجِّهًا ، كَمَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِحِفْظِ فَرْجِهِ .
    فَالْإِمَاءُ وَالصِّبْيَانُ إذَا كُنَّ حِسَانًا تُخشى الْفِتْنَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ : كَانَ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (15 /373-377) .
    وقال أيضا :
    " وَقَدْ كَانَتْ الْإِمَاءُ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ يَمْشِينَ فِي الطُّرُقَاتِ مُنْكْشِفَاتٍ الرُّءُوسَ وَيَخْدِمْنَ الرِّجَالَ مَعَ سَلَامَةِ الْقُلُوبِ فَلَوْ أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِمَاءَ التُّرْكِيَّاتِ الْحِسَانَ يَمْشِينَ بَيْنَ النَّاسِ ، فِي مِثْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ وَالْأَوْقَاتِ ، كَمَا كَانَ أُولَئِكَ الْإِمَاءُ يَمْشِينَ : كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الْفَسَادِ ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/ 418) .
    وينظر : "إعلام الموقعين" لابن القيم رحمه الله (2/ 46-47) .
    وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (8489) .

    والله تعالى أعلم .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يقول الإمامُ الألبانيُّ رحِمهُ اللهُ في كِتابِ " ارواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل"

    هذا القول - مع أنه لا دليل عليه من كتاب أو سنة - مخالف لعموم قوله تعالى : (ونساء المؤمنين ) ( الأحزاب : 59 ) فإنه من حيث العموم كقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ) الآية [ النساء : 43 ] ولهذا قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره : ( البحر المحيط ) ( 7 / 250 ) : ( والظاهر أن قوله : ( ونساء المؤمنين ) يشمل الحرائر والإماء والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرفهن بخلاف الحرائر فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح ). وسبقه إلى ذلك الحافظ ابن القطان في ( أحكام النظر ) ( ق 24 / 2 ) وغيره



    ويقول الشيخ الالباني رحمة الله في السلسلة الضعيفة والموضوعة

    فهذه الرواية على خلاف الروايات السابقة فإنها صريحة في أن المنهي عنه النظر إنما هي الأمة ، و أن ضمير " عورته " راجع إلى " أحدكم " و المقصود به السيد ، و هذه الرواية أرجح عندي لسببين : الأول : أنها أوضح في المعنى من الأولى لأنها لا تحتمل إلا معنى واحدا ، بخلاف الأولى ، فإنها تحتمل معنيين : أحدهما يتفق مع معنى هذه ، و الآخر يختلف عنه تمام الاختلاف ، و هو الظاهر من المعنيين ، و هوأن المنهي عن النظر إنما هو السيد ، و أن ضمير " عورته " راجع إلى العبد أو الأجير أي الأمة ، و لهذا استدل بعض العلماء بهذه الرواية على أن عورة الأمة كعورة الرجل ما بين السرة و الركبة ، قال : " و يريد به ( يعني بقوله : عبده أو أجيره ) الأمة ، فإن العبد و الأجير لا يختلف حاله بالتزويج و عدمه "
    لكن المعنى الأول أرجح بدليل هذه الرواية التي لا تقبل غيره و يؤيده السبب الآتي و هو : الآخر : أن الليث بن أبي سليم قد تابع سوارا في روايته عن عمرو به ، و لفظه : " إذا زوج أحدكم أمته أو عبده أو أجيره ، فلا تنظر إلى عورته ، و العورة ما بين السرة و الركبة " . أخرجه البيهقي ( 2 / 229 ) عن الخليل بن مرة عن الليث . و هذا السند إلى عمرو ، و إن كان ضعيفا ، فإنه لا بأس به في الشواهد و المتابعات ، و هذا صريح في المعنى الأول لا يحتمل غيره أيضا ، لكن روي الحديث بلفظ آخر ، لا يحتمل إلا المعنى الآخر ، و هو من طريق الوليد : حدثنا الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " إذا زوج أحدكم عبده أو أمته ( أو أجيره ) فلا ينظرن إلى عورتها " . كذا قال " عورتها " . أخرجه البيهقي ( 2/ 226 ) ، و الوليد هو ابن مسلم و هو يدلس تدليس التسوية ، و قد عنعن بين الأوزاعي و عمرو ، ثم هو لو صح ، فليس فيه تعيين العورة من الأمة ، و لذلك قال البيهقي بعد أن أتبع هذه الرواية برواية وكيع المتقدمة : " و هذه الرواية إذا قرنت برواية الأوزاعي دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوجها ، و أن عورة الأمة ما بين السرة و الركبة ، و سائر طرق هذا الحديث يدل ، و بعضها ينص على ( أن ) المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد ، بعد ما زوجت ، أو نهي الخادم من العبد و الأجير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغا النكاح ، فيكون الخبر واردا في بيان مقدار العورة من الرجل ، لا في بيان مقدارها من الأمة "

    السلسلة الضعيفة والموضوعة الجزء الثاني صفحة 455

    قال ابن حزم رحمه الله ( وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد والخلقة والطبيعة واحدة فكل ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتي نص في الفرق بينهما في شيء فيوقف عنده ) ثم قال : ( وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوهن ) ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم أو وهلة فاضل عاقل أو افتراء كاذب فاسق لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين وهذه مصيبة الأبد وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة وأن الحد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة ولا فرق , وأن تعرض الحرة في التحريم كتعرض الأمة ولا فرق ولهذا وشبهه وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأن يسنده إليه عليه السلام ) .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    موضوع أعجبنى

    _________________


    أسرع مناظرة مع صوفي: وإعلان توبته من مذهب الشرك وتكفير ابن تيمية

    يقول الشيخ السوري عدنان عرعور..

    حُببت إلي المناظرة ، وكشف لي غطاؤها ، ووضح أمامي طريقها ، والحمد لله ، وله المنة ، وهي كثيرة لا أكاد أحصيها ، أو أضبطها ، وإنني عازم بمشيئة الله على نسخها ، فمنها الطويلة جداً ، ومنها القصيرة جداً

    فمنها : أن أحدهم جاء عقب إحدى المحاضرات للمناظرة في كفر ابن تيمية ، وأحضر معه أكثر من سبعة كتب .. وحذرني الشباب من مناظرته ، لقدرته العلمية ، وتحضيره المسبق ، ولغلظته في الكلام
    وقالوا : أنت متعب وغير محضر وو…
    فأبيت إلا الجلوس ..فقال : عندي أدلة على أن ابن تيمية كافر .
    قلت : ابن تيمية معروف عند كثيرين بالكفر ، فقد كنت أسمع تكفيره منذ صغري - وقصدت أنه معروف بالكفر عند الروافض ، وغلاة الصوفية ، وكثير من المقلدين ، وفهم هو أني موافق على ذلك -
    المحاور : ـ مقاطعاً ـ : هل يجوز مثل هذا ؟
    الشيخ : يجوز مثل هذا في المناظرات على أن يبين المقصود بعد ذلك ، حتى لا يكون ثمة تلبيس فقد قال إبراهيم أكبر من هذا !! قال : عن النجم والقمر والشمس [ هذا ربي ] ، المهم أني أدركت للوهلة الأولى ، أنه يكفره لإثباته العلو لله ،
    فقلت له : دعك من ابن تيمية وتكفيره ، وأجبني عن رجل قال في سجوده : سبحان ربي الأسفل ، فهل يجوز هذا ..؟!
    فدهش ثم قال لا يجوز ..!!
    قلت : لم لا يجوز؟؟ ألستم أنتم تنفون عن الله صفة العلو ؟! فهو سبحانه عندكم في العلو وفي الاسفل -!!! وعلى هذا يجوز أن يقال: سبحان ربي الأعلى, وسبحان ربي الأسفل, مادام الله عندكم اتصف بالصفتين .
    قال : لكن الله قال : سبح اسم ربك الأعلى!
    قلت : هل هو الأعلى في صفاته وذاته ؟! أم في صفاته دون ذاته ؟؟

    فحار وتردد ، وسكت سكوت المتفكر!...
    قلت : هذا جائز على منهجكم ، لأن الله عندكم في العلو وفي السفل ، والآن :
    إما أن تثبت هذه الصفة "الأعلى" بشمولها : فهو الأعلى ذاتاً وصفاتاً ، وتنفي ما يضادها من قولكم : ((موجود في كل مكان )) وإما أن الأعلى لا تشمل الذات ، فهو "الأعلى"في صفاته ، " والأسفل "و الأعلى بذاته ، وعلى هذا يجوز أن يقول القائل : سبحان ربي الأسفل .

    قال : أنظرني إلى غد .

    قلت : فإنك من المنظرين .

    وفي اليوم التالي : أظهر بعض الإشكالات ، على سبيل الاسترشاد لا على سبيل العناد ، وتم إزالتها واهتدى .. ثم بينت له الموقف الصحيح من ابن تيمية, وأزلنا عنه الإشكالات ، فاقتنع و الحمد لله .

    المحاور: لماذا لم تبينوا الموقف الحق من ابن تيمية أول الأمر ؟
    الشيخ: ليس من الحكمة الجدال ابتداءً في التمثيل ، ونحن مختلفون في التأصيل ، بل الحكمة المناظرة في التأصيل والاتفاق عليه ، ثم الانتقال إلى التمثيل ، فيسهل بعد ذلك الاتفاق عليه .

    المحاور:هل يمكن التوضيح أكثر .. وما الفرق بين التأصيل والتمثيل ؟
    الشيخ: التأصيل هو : التقعيد .. أي الأصول العامة ، والقواعد الثابتة ، التي لا تتعلق بزمان ولا مكان ولا أعيان أما التمثيل ، أي التفريع ، فهو كالحكم على الأعيان والأحداث .. ولا فائدة تجنى كثيراً من الجدال في التمثيل، ونحن لم نتفق بعد على التأصيل ، فالنقاش في ابن تيمية تمثيلاً ، والنقاش في إثبات صفات الله تأصيلاً ، ودعوة التوحيد ليست معلقة بابن تيمية ولا بمن هو فوقه ولا بمن هو دونه ، والاتفاق على التوحيد وصفات الله أولى ، وهو المقدمة للاتفاق على ابن تيمية وغيره ، وهذا الأمر لا ينتبه إليه كثير من الأخوة ، فيناقشون في شيخ الإسلام ابن تيمية ، وفي الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله ، ويضيعون الأوقات ، والأصل المناقشة في الأصول لا في الفروع .
    انتهى.
    المنتدى العربي
    حاوره أحمـــــatـــد

    قلتً:
    جزى الله الشيخ خير الجزاء 00 فقد أسقطه بالضربة القاضية 00 مع الجولة الأولى 00
    والحمد لله أن هدى هذا المُضلل من قِبل الصوفية 00 ولم يركبه الشيطان فيتبع هواه فيضل وهو يعلم فيشقى 00
    والحق أبلج والباطل لجلج 00
    فعلى منكري العلو أن لا يسجدوا ويقولوا سبحان ربي الأعلى بل يقولوا الأسفل والأيسر والأيمن لأنه بزعمهم في كل مكان 00والحق أن علم محيط بكل شيء 00 أم ذاته {الرحمن على العرش استوى} استواء يليق بجلاله 00
    ولا أنسى أن أذكركم بهذه المناظرة بين الشيخ السني عبدالرحمن والصوفي شيخ الطريقة التيجانية وكان فيها جانب عن علو الله ...


    نقلها أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    رأى الامام لابن حزم الاندلسى فى الغناء .

    ((لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به ، إلا أنه يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية ، ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم ، وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس ، لكان ذلك أعظم داع إليه ، فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره ومن أقلها ما ذكرنا مما يحصل عليه طالب العلم،وفي مثله أتعب ضعفاء الملوك أنفسهم ؛ فتشاغلوا عما ذكرنا بالشطرنج ، والنرد ، والخمر ، والأغاني ، وركض الدواب في طلب الصيد ، وسائر الفضول التي تعود بالمضرة في الدنيا والآخرة ، وأما فائدة ، فلا فائدة .))ص 21(مداوة النفوس)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن حقيقة صرع الجن للإنس
    ___________________________________________

    ( فإنه يصرع الرجل ؛ فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضرب به جمل لأثَّر به أثراً عظيماً ، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ، ولا بالكلام الذي يقوله ، وقد يجر المصروع وغير المصروع ، ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول آلات ، وينقل من مكان إلى مكان ، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها ، أفادته علماً ضرورياً بأن الناطق على لسان الإنسي ، والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان ) مجموع الفتاوى

    وقال - رحمه الله - : ( ولهذا قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب فيضرب ضربا كثيرا جدا ، والضرب إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق المصروع ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك ، ولا يؤثر في بدنه ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل ، بحيث لو كان على الإنسي لقتله ، وإنما هو على الجني والجني يصيح ويصرخ ، ويحدث الحاضرين بأمور متعددة كما قد فعلنا نحن هذا وجربنا مرات كثيرة يطول وصفها بحضرة خلق كثيرين )

    وقال ((وإذا ضرب بدن الإنسي فإن الجني يتألم بالضرب ويصيح ويصرخ ويخرج منه ألم الضرب كما قد جرب الناس من ذلك ما لا يحصى ونحن قد فعلنا من ذلك ما يطول وصفه)) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج 4ص363
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    سُئِل شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى، ورَضِيَ عنه - في "الفتاوى الكبرى"، عن: "رجل يَهِيج عليه بدنُه، فيستمني بيده، وبعض الأوقات يُلصِق وركيه على ذَكَره، وهو يعلم أن إزالة هذا بالصوم، لكن يشق عليه؟".

    فأجاب:
    "أما ما نزل من الماء بغير اختياره، فلا إثْمَ عليه فيه، لكن عليه الغسل إذا نزل الماء الدافِق، وأما إنزاله باختياره بأن يستمني بيده، فهذا حرامٌ عند أكثر العلماء؛ وهو إحدى الروايتين عن أحمد، بل أظهرهما، وفي روايةٍ أنه مكروه، لكن إن اضطرَّ إليه؛ مثل أن يخاف الزنا إن لم يستمنِ، أو يخاف المرض، فهذا فيه قولانِ مشهوران للعلماء، وقد رخَّص في هذه الحال طوائفُ من السلَف والخلَف، ونهى عنه آخرون، والله أعلم".


    قال العلامةُ ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى، ورَضِي عنه - في كتابه المعجب "روضة المحبِّين" قاعدةً، وهي: أن الله - سبحانه وتعالى - لم يجعل في العبد اضطرارًا إلى الجِماع، بحيث إن لم يفعلْه مات، بخلاف اضطراره إلى الأكل، والشرب، واللباس؛ فإنه مِن قوام البدن الذي إن لم يباشره هَلَك، ولهذا لم يُبِح من الوطء الحرام ما أباح من تناول الغذاء والشراب المحرَّم، فإن هذا مِن قبيل الشهوة واللذة، التي هي تتمة وفضلة، ولهذا يُمكن الإنسان أن يعيش طول عمره بغير تزوج وغير تَسَرٍّ، ولا يمكنه أن يعيشَ بغير طعام ولا شراب، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الشباب أن يداووا هذه الشهوة بالصوم".
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السفسطة عند شيخ الاسلام بن تيمية

    أولا تعريف السفسطة: وهي لفظ معرب مركب في اليونانية من كلمتين: (سوفيا) وهي الحكمة، و(اسطس) وهو المموه؛ فمعنى السفسطة: حكمة مموهة، ويراد بالسفسطة: التمويه والخداع، والمغالطة في الكلام.

    وهم طائفة يونانية تنسب لمؤسسها بروتاجوراس وقيل هو مؤسس مفهوم النسبية الذى اعتد عليه اينشتاين .


    قال:شيخ الاسلام عن السفسطة «السَّفسَطة التي هي: جحود الحقائق الموجودة بالتمويه والتلبيس» [بيان تلبيس الجهمية 1/ 150]

    وقال:::«فإنَّ السفسطةَ أمرٌ يَعرِضُ لكثيرٍ من النفوس؛ وهي جَحدُ الحقِّ، وهي لفظةٌ مُعرَّبة من اليونانية، أصلها سوفسطيا أي حكمة مموهة!، فلما عُرِّبت قيل: سفسطة».[الرد على المنطقيين ص329]

    وقال:«فإنَّ البديهيات لا تكون باطلة؛ بل القدحُ فيها سفسطة». [إقامة الدليل على إبطال التحليل 5/ 106]

    وقال:«فمن أراد أن يَدفعَ العلمَ اليقيني المُستقر في القلوب بالشُّبَه؛ فقد سَلَك مَسلك السفسطة». [منهاج السنة النبوية 7/ 339]


    وقال:«وأما ما قد يَعرِضُ لبعضهم في بعض الأحوال من سفسطة تُشَكِّكُه في المعلومات!؛ فتلك من جنس المرض والوساوس».[الرد على المنطقيين ص251]


    وقال شيخنا ابن تيمية رحمه الله:
    «واعلم أنه ما من حقٍّ ودليلٍ إلا ويمكن أن يَرِدَ عليه شُبه سوفسطائية؛ فإن السفسطة:
    إما خيالٌ فاسد
    وإما مُعاندةٌ للحقِّ
    وكلاهما لا ضابط له؛ بل هو بحسب ما يخطر للنفوس من:
    الخيالات الفاسدة، والمعاندات الجاحدة!».
    [شرح الأصبهانية ص:60]


    قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله في «شرح التدمرية» عند قول شيخ الإسلام (يسفسطون في العقليات):
    «السفسطة الخداع والتمويه والثرثرة التي لا ثمرة لها، إذا جاءوا في العقليات سفسطوا؛ أكثروا الكلام وموهوا على الناس وخدعوا الناس بكثرة الكلام، لذلك سمي علم الكلام: علم الكلام لكثرة الكلام مع قلة النتيجة».

    وقال فى رده على أهل الكلام (المتكلمين):ولكنهم من أهل المجهولات المشبهة بالمعقولات يسفسطون في العقليات، ويقرمطون في السمعيات)
    .
    يسفسطون فى المعقولات اى ينكرون المعقولات الواضحة البينة كمن انكر البديهيات بحجج واهية وكذا يحاولون خداع الاخر واسكاته بمحكمات واهية

    يقرمطون فى السمعيات اى ادعاء ان للنصوص ظواهر وبواطن ويؤولونها على غير وجهها الصحيح .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    من اعجب الفتاوى لشيخ الاسلام بن تيمية

    سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :

    عن امرأة نصرانية ، بعلها مسلم توفيت وفي بطنها جنين له سبعة أشهر ، فهل تدفن مع المسلمين ؟ أو مع النصارى ؟

    الجواب : لا تدفن في مقابر المسلمين ، ولا مقابر النصارى ؛ لأنه اجتمع مسلمٌ وكافرٌ ، فلا يدفن الكافر مع المسلمين ، ولا المسلم مع الكافرين ؛ بل تدفن منفردة ، ويُجعل ظهرُها إلى القبلة ؛ لأن وجه الطفل إلى ظهرها ، فإذا دفنت كذلك كان وجه الصبي المسلم مستقبل القبلة ، والطفل يكون مسلماً بإسلام أبيه ، وإن كانت أمُّه كافرةً باتفاق العلماء .
    " الفتاوى الكبرى " ( 3 / 24 ، 25 ).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مسئلة عن القياس.

    وسئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله عما يقع في كلام كثير من الفقهاء من قولهم : هذا خلاف القياس لما ثبت بالنص أو قول الصحابة أو بعضهم وربما كان حكما مجمعا عليه فمن ذلك قولهم : تطهير الماء إذا وقع فيه نجاسة خلاف القياس بل وتطهير النجاسة على خلاف القياس والتوضؤ من لحوم الإبل على خلاف القياس والفطر بالحجامة على خلاف القياس والسلم على خلاف القياس والإجارة والحوالة والكتابة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والقرض وصحة صوم المفطر ناسيا والمضي في الحج الفاسد كل ذلك على خلاف القياس وغير ذلك من الأحكام : فهل هذا القول صواب أم لا ؟ وهل يعارض القياس الصحيح النص أم لا ؟





    الحاشية رقم: 1
    فأجاب : الحمد لله رب العالمين . أصل هذا أن تعلم أن لفظ القياس لفظ مجمل يدخل فيه القياس الصحيح والقياس الفاسد .

    فالقياس الصحيح هو الذي وردت به الشريعة وهو الجمع بين [ ص: 505 ] المتماثلين والفرق بين المختلفين الأول قياس الطرد والثاني قياس العكس وهو من العدل الذي بعث الله به رسوله .

    فالقياس الصحيح مثل أن يكون العلة التي علق بها الحكم في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط . وكذلك القياس بإلغاء الفارق وهو : أن لا يكون بين الصورتين فرق مؤثر في الشرع فمثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه . وحيث جاءت الشريعة باختصاص بعض الأنواع بحكم يفارق به نظائره فلا بد أن يختص ذلك النوع بوصف يوجب اختصاصه بالحكم ويمنع مساواته لغيره لكن الوصف الذي اختص به قد يظهر لبعض الناس وقد لا يظهر وليس من شرط القياس الصحيح المعتدل أن يعلم صحته كل أحد فمن رأى شيئا من الشريعة مخالفا للقياس فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه ليس مخالفا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر .

    وحيث علمنا أن النص جاء بخلاف قياس : علمنا قطعا أنه قياس فاسد بمعنى أن صورة النص امتازت عن تلك الصور التي يظن أنها مثلها بوصف أوجب تخصيص الشارع لها بذلك الحكم فليس في الشريعة ما يخالف قياسا صحيحا لكن فيها ما يخالف القياس الفاسد وإن كان من الناس من لا يعلم فساده .

    [ ص: 506 ] ونحن نبين أمثلة ذلك مما ذكر في السؤال فالذين قالوا : المضاربة والمساقاة والمزارعة على خلاف القياس : ظنوا أن هذه العقود من جنس الإجارة لأنها عمل بعوض والإجارة يشترط فيها العلم بالعوض والمعوض فلما رأوا العمل في هذه العقود غير معلوم والربح فيها غير معلوم قالوا : تخالف القياس وهذا من غلطهم ; فإن هذه العقود من جنس المشاركات لا من جنس المعاوضات الخاصة التي يشترط فيها العلم بالعوضين والمشاركات جنس غير جنس المعاوضة وإن قيل إن فيها شوب المعاوضة .

    وكذلك المقاسمة جنس غير جنس المعاوضة الخاصة وإن كان فيها شوب معاوضة حتى ظن بعض الفقهاء أنها بيع يشترط فيها شروط البيع الخاص .

    وإيضاح هذا : أن العمل الذي يقصد به المال ثلاثة أنواع : أحدها : أن يكون العمل مقصودا معلوما ; مقدورا على تسليمه . فهذه الإجارة اللازمة .

    والثاني : أن يكون العمل مقصودا لكنه مجهول أو غرر فهذه الجعالة وهي : عقد جائز ليس بلازم فإذا قال : من رد عبدي الآبق فله مائة فقد يقدر على رده وقد لا يقدر وقد يرده من مكان قريب وقد [ ص: 507 ] يرده من مكان بعيد ; فلهذا لم تكن لازمة لكن هي جائزة فإن عمل هذا العمل استحق الجعل وإلا فلا ويجوز أن يكون الجعل فيها إذا حصل بالعمل جزءا شائعا ; ومجهولا جهالة لا تمنع التسليم مثل أن يقول أمير الغزو : من دل على حصن فله ثلث ما فيه " ويقول للسرية التي يسريها : لك خمس ما تغنمين أو ربعه .

    وقد تنازع العلماء في سلب القاتل : هل هو مستحق بالشرع ؟ كقول الشافعي أو بالشرط كقول أبي حنيفة ومالك ؟ على قولين هما روايتان عن أحمد فمن جعله مستحقا بالشرط جعله من هذا الباب .

    ومن هذا الباب إذا جعل للطبيب جعلا على شفاء المريض جاز كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جعل لهم قطيع على شفاء سيد الحي فرقاه بعضهم حتى برئ فأخذوا القطيع ; فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة . ولو استأجر طبيبا إجارة لازمة على الشفاء لم يجز ; لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفيه فهذا ونحوه مما تجوز فيه الجعالة دون الإجارة اللازمة .

    وأما النوع الثالث : فهو ما لا يقصد فيه العمل ; بل المقصود المال وهو المضاربة فإن رب المال ليس له قصد في نفس عمل العامل كما للجاعل والمستأجر قصد في عمل العامل ; ولهذا لو عمل [ ص: 508 ] ما عمل ولم يربح شيئا لم يكن له شيء وإن سمي هذا جعالة بجزء مما يحصل بالعمل كان نزاعا لفظيا بل هذه مشاركة هذا بنفع بدنه وهذا بنفع ماله وما قسم الله من الربح كان بينهما على الإشاعة ; ولهذا لا يجوز أن يخص أحدهما بربح مقدر ; لأن هذا يخرجهما عن العدل الواجب في الشركة .

    وهذا هو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم من المزارعة فإنهم كانوا يشرطون لرب المال زرع بقعة بعينها وهو ما ينبت على الماذيانات وإقبال الجداول ونحو ذلك فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . ولهذا قال الليث بن سعد وغيره : إن الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم هو أمر إذا نظر فيه ذو البصر بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز ; أو كان قال . فبين أن النهي عن ذلك موجب القياس فإن مثل هذا لو شرط في المضاربة لم يجز ; لأن مبنى المشاركات على العدل بين الشريكين فإذا خص أحدهما بربح دون الآخر لم يكن هذا عدلا بخلاف ما إذا كان لكل منهما جزء شائع فإنهما يشتركان في المغنم وفي المغرم فإن حصل ربح اشتركا في المغنم وإن لم يحصل ربح اشتركا في الحرمان وذهب نفع بدن هذا كما ذهب نفع مال هذا ولهذا كانت الوضيعة على المال لأن ذلك في مقابلة ذهاب نفع العامل .

    [ ص: 509 ] ولهذا كان الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل لا أجرة المثل فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح : إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه . فإما أن يعطي شيئا مقدرا مضمونا في ذمة المالك كما يعطي في الإجارة والجعالة فهذا غلط ممن قاله . وسبب الغلط ظنه أن هذا إجارة فأعطاه في فاسدها عوض المثل كما يعطيه في المسمى الصحيح . ومما يبين غلط هذا القول أن العامل قد يعمل عشر سنين فلو أعطي أجرة المثل لأعطي أضعاف رأس المال وهو في الصحيحة لا يستحق إلا جزءا من الربح إن كان هناك ربح فكيف يستحق في الفاسدة أضعاف ما يستحقه في الصحيحة ؟ وكذلك الذين أبطلوا المزارعة والمساقاة ظنوا أنها إجارة بعوض مجهول فأبطلوها وبعضهم صحح منها ما تدعو إليه الحاجة كالمساقاة على الشجر لعدم إمكان إجارتها بخلاف الأرض فإنه تمكن إجارتها . وجوزوا من المزارعة ما يكون تبعا للمساقاة إما مطلقا ; وإما إذا كان البياض الثلث . وهذا كله بناء على أن مقتضى الدليل بطلان المزارعة وإنما جوزت للحاجة .

    ومن أعطى النظر حقه علم أن المزارعة أبعد عن الظلم والقمار من الإجارة بأجرة مسماة مضمونة في الذمة ; فإن المستأجر إنما يقصد الانتفاع بالزرع النابت في الأرض فإذا وجب عليه الأجرة ومقصوده من [ ص: 510 ] الزرع قد يحصل وقد لا يحصل كان في هذا حصول أحد المتعاوضين على مقصوده دون الآخر . وأما المزارعة فإن حصل الزرع اشتركا فيه وإن لم يحصل شيء اشتركا في الحرمان فلا يختص أحدهما بحصول مقصوده دون الآخر فهذا أقرب إلى العدل وأبعد عن الظلم من الإجارة .

    والأصل في العقود جميعها هو العدل ; فإنه بعثت به الرسل وأنزلت الكتب قال تعالى : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } والشارع نهى عن الربا لما فيه من الظلم وعن الميسر لما فيه من الظلم والقرآن جاء بتحريم هذا وهذا وكلاهما أكل المال بالباطل وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المعاملات : كبيع الغرر وبيع الثمر قبل بدو صلاحه وبيع السنين وبيع حبل الحبلة وبيع المزابنة والمحاقلة ونحو ذلك : هي داخلة إما في الربا وإما في الميسر فالإجارة بالأجرة المجهولة مثل أن يكريه الدار بما يكسبه المكتري في حانوته من المال هو من الميسر فهذا لا يجوز . وأما المضاربة والمساقاة والمزارعة فليس فيها شيء من الميسر بل هو من أقوم العدل .

    وهذا مما يبين لك أن المزارعة التي يكون فيها البذر من العامل [ ص: 511 ] أحق بالجواز من المزارعة التي يكون فيها من رب الأرض ولهذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزارعون على هذا الوجه وكذلك عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع على أن يعمروها من أموالهم .

    والذين اشترطوا أن يكون البذر من رب الأرض قاسوا ذلك على المضاربة فقالوا في المضاربة : المال من واحد والعمل من آخر وكذلك ينبغي أن يكون في المزارعة وجعلوا البذر من رب المال كالأرض .

    وهذا القياس مع أنه مخالف للسنة ولأقوال الصحابة فهو من أفسد القياس ; وذلك أن المال في المضاربة يرجع إلى صاحبه ويقتسمان الربح فهو نظير الأرض في المزارعة وأما البذر الذي لا يعود نظيره إلى صاحبه بل يذهب كما يذهب نفع الأرض فإلحاقه بالنفع الذاهب أولى من إلحاقه بالأصل الباقي فالعاقد إذا أخرج البذر ذهب عمله وبذره ورب الأرض ذهب نفع أرضه وبذر هذا كأرض هذا فمن جعل البذر كالمال كان ينبغي له أن يعيد مثل البذر إلى صاحبه كما قال مثل ذلك في المضاربة فكيف ولو اشترط رب البذر نظير عود بذره إليه لم يجوزوا ذلك .

    [ ص: 512 ] وليس هذا موضع بسط هذه المسائل وإنما الغرض التنبيه على جنس قول القائل : هذا يخالف القياس .

    http://library.islamweb.net/newlibra..._no=22&ID=2131
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال ابن حجر في " فتح الباري " ( شرح حديث 2651 ) : إن السمين غالباً بليد الفهم ثقيل عن العبادة، كما هو مشهور .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال ابن الجوزي : من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيداً من الإخلاص . " فتح الباري " ( شرح حديث 449 )
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال شيخ الاسلام بن تيمية : وقد أوعبت الأمّة في كل فن من فنون العلم إيعاباً، من نوّر الله قلبه هداه لِما يبلغه من ذلك، ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلا حيرةً وضلالاً .
    مجموعة الرسائل الكبرى ( 1 / 239 )
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

صفحة 2 من 13 الأولىالأولى 123412 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء