الرد على تفسير ريتشارد دوكينزلخلق آدم وإخراجه من الجنة

وسبب اختلاف اللغات، وأشكال الحيوانات، وخلق الجن، ووجود السحر

ساعد عمر غازي


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:




سوف نَتناول في هذا المقال بتوفيق الله: ما وسوَسَ به الملاحِدة من شُبهات فاسدة: ظنَّوها معقولات صحيحة!!؟، وتتعلق بما يأتي:

قصَّة خلق آدم وإخراجه من الجنة عند دوكينز:
يقول دوكينز في "سحر الواقع" (ص: 233): "وهذه الجريمةُ الخرافيَّة تَردَّد صداها عبر العصور، ولا تزال تحظى باعتبار لدى بعض النَّاس بأنَّها المسؤولة عن كلِّ الشرور التي تَحدث في العالَم حتى هذا اليوم".

والمؤمِن في هذا الموضِع: يكفيه لإبطال هذا القول الخبيث: أن يَتلوَ ما قصَّه الله علينا من قصَّةِ آدم، ولا يترك إيمانَه ولا كتابَ ربِّه لمثل هذه الترويجات المغررة، أو المغرور أصحابها[1]، فماذا قال ربُّنا عزَّ وجلَّ في قصة آدم أبي البشر عليه الصلاة والسلام:
﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾.
وقال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾.
وقال تعالى: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾.
وقال تعالى: ﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.
فأَوقَع اللهُ في قلبَيهما التوبة التامَّة، والإنابة الصَّادِقة: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾، والكلمات المَذكورة هي المذكورة في سورة "الأعراف" في قوله تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ ، فتاب الله عليهما، ومَحا الذَّنبَ الذي أصابَا، ولكنَّ الأمر الذي حذَّرهما الله منه - وهو الخروجُ من هذه الجنَّة إن تناولا منها - تحتَّم ومضى[2]، فقصَّها اللهُ علينا في كتابه الذي قال عنه: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ﴾.
وهنا يقول العلامة السعدي رحمه الله في "تيسير اللطيف المنان" (ص: 319 - 321)، وهو يَسرد الفوائدَ المستنبطة من قصَّة آدم وحواء، وفيها الرد على دوكينز وأمثاله:
" فمنها: أنَّ هذه القصَّة العظيمة ذكَرها اللهُ في كتابه في مواضع كثيرة صريحة لا رَيب فيها ولا شك، وهي من أعظم القَصص التي اتَّفقَت عليها الرُّسل، ونزلَت بها الكتب السماوية، واعتقدها جميعُ أتباع الأنبياء من الأوَّلين والآخِرين، حتى نبغَت في هذه الأزمان المتأخِّرةِ فِرقةٌ خَبيثة زنادِقة، أنكروا جميعَ ما جاءَت به الرُّسُل، وأنكروا وجودَ الباري، ولم يُثبِتوا من العلوم إلَّا العلوم الطبيعيَّة التي وصلَت إليها معارفُهم القاصِرة.

فبناء على هذا المذهب، الذي هو أَبعد المذاهب عن الحقيقة شرعًا وعقلًا، أنكروا آدمَ وحوَّاء، وما ذكره الله ورسولُه عنهما، وزعموا أنَّ هذا الإنسان كان حيوانًا قِردًا، أو شبيهًا بالقرد، حتى ارتقى إلى هذه الحال الموجودة، وهؤلاء اغترُّوا بنظريَّاتهم الخاطئة، المبنيَّة على ظنون عقول من أصلها فاسِدة، وترَكوا لأجلها جميعَ العلوم الصَّحيحة، خصوصًا ما جاءتهم به الرُّسُل، وصدق عليهم قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ ، وهؤلاء أمرُهم ظاهرٌ لجميع المسلمين، ولجميع المثبِتينَ وجودَ الباري، يَعلمون أنَّهم أضلُّ الطَّوائف".

سبب تعدُّد أشكال الحيوانات كما يراه دوكينز: وكلامه طَويل الذَّيل، أَقتصِر منه على ما يدل على مُراده، فكلامه مبنيٌّ على نظرية داروين (التطوُّر)، المبنيَّة على فِكرةالانتقاء الطبيعي)، الذي قال عنه في كتابه (ص: 76): "فالانتِقاءُ الطَّبيعي يَدفع التطوُّرَ إلى اتجاه معيَّن؛ مثلًا اتجاه البقاء على قيد الحياة..."، ومن جملة ما قاله للتدليل على مراده(ص: 51): "مثلًا هناك جين يُسمَّى FoxP2، هذا تشترك فيه جميعُ الحيوانات، بالإضافة للكثير من الكائنات الأخرى، وهذا الجين يُمثِّله خيطٌ يتكوَّن من أكثر من 2000 حرف! وفي حين أنَّ حروف الشَّمبانزي تبدو مماثلةً تمامًا لحروفنا؛ فإنَّ للفئران عددًا أقل من الحروف المُتشابهة معنا!.
وبكلام أدق: فلَدى الشَّمبانزي 9 حروف فقط مختلِفة عن حروفنا، بينما لدى الفأر 139 حرفًا مختلفة عنَّا!، هذا يوضِّح سببَ تقارب شَبهنا مع الشمبانزي، وضَعفه مع الفأر؛ الشمبانزي هم أبناء عمومتنا الأقرَب، بينما الفِئران هم أبناء عمومةٍ أبعد!.
ولاستكمال هذه الفكرة أقول: إنَّ الضَّفادِع هم: الأكثر بُعدًا بكثير كأبناء عمومة إزاء جميع الثدييَّات".
ويقول أيضًا (ص: 76، 77): "على وجه التحديد: كيف يَحدث التغيير من نوعٍ إلى نوعٍ آخر؟ تبقى الجينات حيَّةً في أجسام الطيور أو الخفافيشِ بالمساعدة في بِناء الأجنِحة، تبقى الجينات حيَّةً في أجسام حيوان الخلد بالمساعدةِ في بناء بنيتها القويَّة، ويديها اللَّتين تشبهان الجاروف، وتبقى الجينات حيَّةً في أجسام الأُسود بالمساعدة في بناء سيقان سريعة الجري، ومخالب وأسنان حادَّة، وتبقى الجينات حيَّةً في أجسام الظِّباء بالمساعدة في بِناء سيقان سريعة الجري، وسمعٍ وبصر حادَّين، وتبقى الجينات حيَّةً في أجسام حشرات أوراق النَّباتات عندما تَكسب الحشرات ألوانًا لا تميز عن أوراق الشَّجر، ومع اختلاف التفاصيل في جميع الأنواع يكون اسم اللعبة هو بَقاءَ الجنين حيًّا في مستودع الجينات، وفي المرة المقبلة ترى حيوانًا - أي حيوان - أو أي نباتٍ، انظر إليه وقل لنفسِك: إنَّ ما أنظر إليه هو ماكينة متقنة الصُّنع لتمرير الجينات التي صنَعَتْها، إنَّني أنظر إلى ماكينة جينات باقيةٍ على قيد الحياة، في المرة التالية التي تَنظر فيها إلى المرآة عليك أن تفكِّر ذلك هو أنت أيضًا".
ويقول في (ص: 73، 74): "يتعيَّن عليك أن تَعود بالزَّمن ستة ملايين عام فقط لتحديد الجدِّ الأعلى الأكثر حَداثة الذي يتشارَك فيه جميع البشَر والشمبانزي، وتتيح لنا حَداثةُ هذا التوقيت أن نُخَمِّن الحاجزَ الجغرافي المحتمل الذي ربَّما كان سببًا في عمليَّة الفصلِ الأصليَّة، ومن المقترح لهذا "وادي الصدع الكبير" في إفريقيا؛ حيث حدَث تطوُّر الإنسان على الجانب الشَّرقي والشمبانزي إلى نوع الشَّمبانزي الشائع، وشمبانزي بجمي أو البابونات، ومن المقترَح أنَّ الحاجِز في هذه الحالة كان نهرَ الكونغو؛ فإنَّ الجدَّ الأعلى المشترك لجميع الثدييَّات الحية كان يوجد منذ 185 مليون سنة، ومنذ ذلك الحين تفرَّعَت ذريَّاته وتفرَّعَت ثم تفرَّعَت من جديدٍ لتتمحض عن جميع الآلاف من الأنواع للثدييَّات التي نَراها اليوم لتضمَّ 231 نوعًا من اللَّواحم (الكلاب، السنوريات، ابن عرس، الدببة... إلخ)، و2000 نوع من الحيوانات القارِضَة، و88 نوعًا من الحيتان والدلافين، و169 نوعًا من الحيوانات مشقوقة المخالِب؛ (الأبقار، الظباء، الخنازير، والوعل والأغنام)، و16 نوعًا من عائلة الحصان؛ (الخيول، الزبرا، التابير، ووحيد القرن)، و86 أرنبًا بريًّا وغير برِّي، و977 نوعًا من الخفافيش، و68 نوعًا من الكنغر، و18 نوعًا من القِرَدة (تشمل الإنسان)، والكثير والكثير من الأنواع التي انقرضَت على طول المسار؛ (تشمل عددًا قليلًا من البشر المنقرِضين المعروفين فقط من الحفريات)".

إن صريح كلام دوكينز السَّابق مبنيٌّ على نظريَّة داروين: "التطوُّر بواسطة الانتقاء الطبيعي"، فيَرجِع كلَّ ما حدَث في خلق الإنسان والحيوانات إلى حدوث التطور في شكله وهيئتِه حتى يتعايَش ويتكاثر من خلال الاختِيار الطَّبيعي، كما مرَّ في كلامه، فظنَّ ما ليس بمعقول معقولًا، وهو في الحقيقة: شُبهات باطِلةٌ، ومقدِّماتٌ كاذِبة، توهِم أنَّه علم صحيح!!؟، وليست كذلك؛ إنَّما هو: هذيان مزوَّق، وكِبر عن اتِّباع الحقِّ، وهوًى مُعْمٍ للبصيرة؛ أيُّ عِلمٍ هذا الذي في مفرداته: "نخمِّن، المحتمل، الذي ربَّما، ومن المقترَح؟!".

وفي البداية نقول:
لا تطوُّر ولا انتِقاء طبيعي؛ فإنَّ الطبيعةَ لا تؤثِّر في شيء إلَّا بمشيئته جلَّ وعَلا، فخَلقُه للأشياء وإيجادُه لها بمَحْض مشيئته وقدرتِه الكاملة سبحانه وتعالى وعلمِه التامِّ؛ كما قال عزَّ وجل: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ ، فإخباره بأنَّه على كلِّ شيء وكيلٌ، يدلُّ على إحاطة علمِه بجميع الأشياء، وكمالِ قدرته على تَدبيرها، وكمالِ تدبيره، وكمالِ حِكمته التي يضَعُ بها الأشياءَ مواضعَها؛ تيسير الكريم الرحمن (ص: 728).

أي خَبطٍ عشوائيٍّ هذا مِن عالم تجريبيٍّ يقول: "على وجه التحديد: كيف يَحدثُ التغيير من نوعٍ إلى نوع آخر؟، تَبقى الجينات حيَّة في أجسام الطيور أو الخفافيش بالمساعدة في بِناء الأجنحة..."!!؟.
ما هذا!!؟، أيُّ عقلٍ يَقبل هذه الخرافات في عصر العِلم؛ كما يقولون؟! المخلوقات تتطور بهذه الطريقة!!؟.
ثمَّ يمضي، فيقول: "يتعيَّن عليك أن تعود بالزَّمن ستة ملايين عام فقط لتَحديد الجدِّ الأعلى الأكثر حداثة الذي يتشارَك فيه جميعُ البشَر والشمبانزي".
أيُّ جدٍّ أعلى مشترك بين الإنسان والحيوان!!؟، هذا مَحض تخرُّص واختِلاق، ونقول لك ولغيرك: إنَّ الوقوف على النُّصوص أَولى من الشُّبهات المتخيَّلَة المتوهَّمة، وقد سُئل الإمامُ ابن باز رحمه الله: هل الإنسان كان قِردًا في البداية، ثمَّ مرَّ بمراحل وتحوَّل إلى الإنسان العادي المعروف اليوم!!؟.
فكان جوابه:" هذا القول الذي ذكَرَه السَّائل قولٌ منكَر وباطِلٌ، ومخالف لكتاب الله عزَّ وجلَّ، وسنَّةِ رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماعِ سلَف الأمَّة، وقد اشتهر هذا القول عن المدعوِّ (داروين)؛ وهو كاذِبٌ فيما قال، بل أصل الإنسان هو: الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردًا ولا غير قردٍ، بل هو إنسان سويٌّ عاقِلٌ، خلَقَه الله من الطِّين، من التراب؛ وهو أبونا آدَم عليه الصلاة والسلام، خلَقَه الله من ترابٍ؛ كما قال الله جلَّ وعلا: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾، فهو مخلوق من هذا التراب، خلَقَه الله على صورته، طولُه ستُّون ذراعًا في السماء، ثمَّ لا يزال الخلق يَنقص حتى الآن، فهو مَخلوق على الصِّفة التي نشاهِدها، فأولادُه كأبيهم مخلوقون على خِلقةِ أبيهم، لهم أَسماعٌ ولهم أبصار ولهم عقول، ولهم القامة التي تُعرف لهم الآن، يَقومون على أرجلهم، ويتكلَّمون ويَسمعون ويبصِرون، ويأخذون بأيديهم ويُعطون، وليسوا على شَكل القِرَدة، وليس تكوينهم تكوينَ قِرَدة، بل لهم تكوين خاصٌّ، وللقِرَدة تكوين خاصٌّ، وهكذا كلُّ أمَّة؛ فالقِرَدة أمَّة مستقلَّة، والخنازير أمَّةٌ مستقلَّة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط، وهكذا غيرها من الأمَم، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾، هذه الأمَم كلها تُحشر إلى الله، تُجمع يومَ القيامة، ويُقتصُّ لبعضها من بعضٍ، ثم يقال لها: كوني ترابًا، فتكون ترابًا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأنٌ آخَر؛ يُحاسَبون ويُجزَون بأعمالهم؛ فمَن أطاع ربَّه، فإلى الجنَّة، ومن كفَر به، فإلى النَّار، أمَّا هذه الحيوانات الأخرى، فهي أمَم مستقلَّة؛ فالقِرَدة أمَّةٌ مستقلَّة، لها خلقتها ونشأَتها وخصائصها، والخنازير كذلك، والكلاب كذلك، والحُمُر كذلك، والإبل كذلك، والبَقر كذلك، والغنم كذلك، وهكذا كلُّ أمَّة من الأمم لها خِلقتها وميزتها التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيمُ العليم، وهو أبصَرُ بدقائق أمرها، ودقائقِ تكوينها، هو أبصَرُ بهذا سبحانه وتعالى، لكن يَجب أن يؤمِن العبد أنَّ خلْق آدم غير خَلْق القِرَدة، وأنَّ أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن، وليس أصله قردًا ولا غيره؛ بل هو إنسان سويٌّ على خِلقته المشاهَدَة، فالقول: إنَّ أصله قردٌ، قولٌ منكَر، قول باطِل، بل لو قيل بكُفر صاحبه لكان وجيهًا، فالأظهر - والله أعلم - أنَّ مَن قاله مع علمه بما جاء به الشَّرعُ أنَّه يكون كافرًا؛ لأنَّه مكذِّب لله ورسولِه، ومكذِّب لكتاب الله في خَلْق آدم". [فتاوى نور على الدرب، بعناية الشويعر (1 / 83 - 85)].

وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، وهذا يدلُّ على نفوذ مَشيئةِ الله، وعمومِ قدرته؛ ولهذا قال: ﴿ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾؛ أي: من المخلوقات، على ما يَشاؤه من الصِّفات، ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ﴾.
قال السعدي رحمه الله في "تيسير الكريم الرحمن" (ص: 79):
"قوله: ﴿ وَبَثَّ فِيهَا ﴾أي: في الأرض: ﴿ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ﴾؛ أي: نشَرَ في أقطار الأرض من الدَّوابِّ المتنوعة، ما هو دَليل على قدرته وعظَمَته، ووحدانيَّتِه، وسلطانِه العظيم، وسخَّرَها للنَّاس، يَنتفعون بها بجميع وجوهِ الانتِفاع.
فمنها: ما يَأكلون مِن لحمه، ويَشربون من دَرِّه، ومنها: ما يَركبون، ومنها: ما هو ساعٍ في مصالحهم وحراستِهم، ومنها: ما يُعتبر به".

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الحافل: "مفتاح دار السعادة" (1 / 206):
" وصنوف الحيوان مَصروفةٌ لِمصالحه، فمنها الركوب، ومنها الحَلوب، ومنها الغِذاء، ومنها اللِّباس والأمتعة والآلات، ومنها الحرَس الذي وُكِّل بحرْس الإنسان؛ يَحرُسُه وهو نائمٌ وقاعد ممَّا هو مستعدٌّ لإهلاكه وأذاه، فلولا ما سُلِّط عليه من ضدِّه، لم يقرَّ للإنسان قرارٌ بينهم".
وقال أيضًا في مَعرض كلامه على الزَّرافة في "مفتاح دار السعادة" (1 / 241، 242) ما مختصره:
"ثمَّ تأمَّل خلْقَ الزَّرافة واختلاف أعضائها، وشبهها بأعضاء جميعِ الحيوان؛ فرأسُها رأس فرَس، وعنقها عنق بَعير، وأظلافها أظلاف بقَرَة، وجِلدها جلد نمِرٍ؛ حتى زعَم بعضُ الناس أنَّ لقاحها من فحولٍ شتَّى، والزرافة ليست بنتاج آباء مختلفة كما زعَم هذا الزَّاعِم؛ بل مِن خلْقٍ عجيب، ووضعٍ بديع من خلْقِ الله الذي أبدعَه آيَةً ودلالة على قدرته وحكمتِه التي لا يعجِزها شيءٌ؛ ليُرِيَ عبادَه أنَّه خالِقُ أصناف الحيوان كلها كما يَشاء، وفي أيِّ لونٍ شاء؛ فمنها المتشابِه الخِلقة المتناسب الأعضاء، ومنها المختلِف التركيب والشَّكل والصورة".

وفيما يتعلق باختلاف اللغات:
يقول دوكينز في "سحر الواقع" (ص: 64، 65): "وحقيقةً إنَّ اللغة تَحدث لها إزاحة في اتجاهات مختلِفة في أماكن مختلِفة، ويَنطبق هذا على الطَّريقة التي تُنطق بها، فضلًا عن الكلمات نفسها؛ ولنفكِّر في طريقة اختلاف نُطق اللغة الإنجليزية في أسكتلندا ويلز، كورنول أستراليا، أو أمريكا... وعندما تَحدُث إزاحة لنُطق اللغة في طريقين منفصلين بما يَكفي، نطلِق عليهما لهجتَين مختلفتين، وبعد عدَّة قرون من الإزاحة فإنَّ اللَّهجةَ الإقليمية المختلفة تصبح في النِّهاية بالِغَةَ الاختِلاف، حتى إنَّ الناس في منطقة معيَّنة سرعان ما لا يَفهمون النَّاس في المناطق الأخرى، عند هذا الحدِّ نطلِق عليها لغات منفصِلة".

فنرى دوكينز يَرجِع اختلافَ اللُّغات إلى: الابتِعاد عن لغة الأسلاف التي تعرَّضَت للإزاحة في أماكن مختلِفة، فنتج عنها لَهجات إقليميَّة مختلفة؛ ولهذا أصبَح النَّاسُ في كلِّ منطقة لا يَفهمون غيرَهم بسبب هذا الاختِلاف في اللَّهجات، وعند هذا يطلَق على اللهجات لُغات!!؟.
ما هذا الهراء!!؟، إنَّه تَعليلٌ عَليل لا طائل تحته!!؟.

والردُّ عليه: بأنَّ اختلاف اللُّغات آيةٌ من آيات الله، وهذا دالٌّ على كَمال قدرته، ونفوذِ مشيئته، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾.
قال القرطبي رحمه الله في "تفسيره" (14 / 18):
"اختِلاف اللُّغات؛ من العربيَّة والعجميَّة، والتركيَّةِ والرومية، واختلافُ الألوان في الصُّور؛ من البياض والسَّواد والحُمرة، فلا تَكاد ترى أحدًا إلَّا وأنت تفرِّق بينه وبين الآخَر، وليس هذه الأشياء من فعل النُّطفَة ولا من فِعل الأبوين، فلا بدَّ من فاعِلٍ، فعُلِم أنَّ الفاعل هو اللهُ تعالى، فهذا من أدلِّ دليل على المدبِّر البارئ".

قال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1 / 269) ما مختصره: "والأسنان التي تصوغ الصَّوتَ حروفًا ونغَمًا بالأصابع التي تَختلف على المزمار فتصوغه ألحانًا، فإذا تعجَّبتَ من الصِّناعة التي تَعملها أكفُّ النَّاسِ حتى تَخرج منها تلك الأصواتُ، فما أحرَاك بطول التعجُّب من الصِّناعة الإلهيَّة التي أخرجَت تلك الحروف والأصوات من اللَّحم والدَّمِ، والعروقِ والعظام! ويا بُعْد ما بينهما!".

وفيما يتعلَّق بسؤاله: لماذا اللَّيل والنهار، والصيف والشتاء!!؟
فإنَّ جوابه: في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾، فقد بيَّن جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أنَّ له اختلاف اللَّيل والنَّهار؛ يعني: أنَّ ذلك هو الفاعِل له، وهو الذي يذهب باللَّيل، ويأتي بالنَّهار، ثمَّ يذهب بالنَّهار ويأتي باللَّيل، وهو تَعاقبهما على الدَّوام؛ إذا ذهب أحدُهما، خلفَه الآخَرُ، وفي اختلافهما في الحَرِّ والبرد والتوسُّط، وفي الطول والقِصَر والتوسُّطِ، وما يَنشأ عن ذلك من الفُصول التي بها انتِظام مَصالح بني آدم وحيواناتهم، وجميع ما على وجْه الأرض؛ من أشجارٍ ونوابت، كلُّ ذلك بانتظامٍ وتدبير وتَسخير، تَنبهر له العقولُ، وتَعجِزُ عن إدراكه من الرجال الفحولُ؛ ما يدلُّ ذلك على قدرة مصرِّفِها، وعلمِه وحكمتِه، ورحمتِه الواسعة، ولُطفِه الشَّامل، وتصريفه وتدبيرِه الذي تفرَّد به، وعظمتِه وعظمَةِ مُلكه وسلطانِه، ممَّا يوجِب أن يؤلَّه ويُعبَد، ويفرَد بالمحبَّة والتعظيم، والخوفِ والرَّجاء، وبذل الجهد في محابِّه ومَراضيه.
وفي سورة القصص قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
أي: لتَسكنوا في اللَّيل، وتَطلبوا معايشَكم بالنَّهار، فأخبر أنَّه لو جعَل النَّهارَ سرمدًا دائمًا مستمرًّا إلى يوم القيامة، لأضَرَّ ذلك بهم، ولتعبَت الأبدانُ وكلَّت من كثرة الحرَكات والأشغال، والآياتُ الدالَّة على اختلاف الليل والنهار من أعظم الآيات الدالَّة على عظَمَةِ الله واستحقاقِه للعبادة وحده، وهي كثيرةٌ جدًّا:
منها قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ﴾، وقوله: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾وقوله: ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ﴾، وقوله: ﴿ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾.
وقوله تعالى: ﴿ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُون ﴾؛ أي: تدرِكون بعقولِكم أنَّ الذي ينشِئ السمعَ والأبصارَ والأفئدة ذرَأَكم في الأرض وإليه تُحشرون، وهو الذي يُحْيي ويُميتُ ويخالِف بين الليل والنهار - أنَّه الإله الحق المعبود وحده جلَّ وعلا، الذي لا يصحُّ أن يسوَّى به غيرُه، سبحانه وتعالى علوًّا كبيرًا[3].

وفيما يتعلَّق بالسِّحر وخلْقِ الجنِّ: يقول دوكينز في "سحر الواقع" (ص: 16): "السِّحر الخارِق هو نوعٌ من السِّحر، نجده في روايات الأساطير، والجانِّ، وفي المعجزات أيضًا".

فالسِّحر والجنُّ من الأساطير عند دوكينز!!؟.
والردُّ عليه فيما يتعلَّق بالجنِّ: قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴾، بل أخبرَنا في كتابه في سورةٍ باسمهم عن عالَم الجنِّ بما لا تَجده في غيره من كتابٍ، ولا على لسان مَخلوقٍ: ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾، إلى غير ذلك من الآيات.

أمَّا ما يتعلَّق بالسِّحر، فيكفينا قولُ موسى لسَحَرَة فرعون: ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾، وقال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ﴾؛ وهذا يدلُّ على أنَّ من السِّحر ما هو تَخييل لا حقيقة له في نفْس الأمر، وهذا الذي جاء به سَحَرَةُ فرعون، ومنه ما له حقيقة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾، فهذه الآية تدلُّ على أنَّه شيء مَوجود له حقيقة تكون سببًا للتفريق بين الرَّجل وامرأتِه، وقد عبَّر الله عنه بـ(ما) الموصولة؛ وهي تدلُّ على أنَّه شيء له وجودٌ حقيقيٌّ.
ومما يدلُّ على ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾، يعني: السَّواحِر اللَّاتي يعقدْنَ في سِحرهنَّ وينفثنَ في عقدهن، فلولا أنَّ السِّحر حقيقة لم يأمر الله بالاستعاذة منه. [مستفاد من "أضواء البيان" (4 / 35)].
إنَّها ليست أساطير ولن تكون؛ ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾، والله أعلم.

[1] مقتبَس من "تيسير اللطيف المنان" (ص: 322).
[2] ينظر: تيسير اللطيف المنان (ص: 318).
[3] مستفاد من "أضواء البيان" (5 / 347)، تيسير الكريم الرحمن (ص: 78).