[quote=الألوهي;2943216]
زميلي العزيز ' الألوهي ' كلامي دقيق جدا ، فأتمنى أن تركز فيه بشكل جيد ؛ لكي تفهمه بالشكل الصحيح ، و بالتالي لا أضطر لتكرار ماتم توضيحه.
غريب منطقك هنا!
هل لو قمتُ بتأليف كتاب وكتبتُ فيه أنه من عند الله يصير دليلاً على مصداقية أنه من عند الله؟!
كلامك يعني أنك تصدق الإدعاء بأن القرآن من عند الله ولكنك لا تملك دليلاً على ذلك!
منطقياً، عندما أصدق الإدعاء القائل بدوران الأرض حول الشمس، فهذا يجعل مني مدعياً له ومطالــَـباً بإظهار الأدلة التي جعلتني أصدق هذا الإدعاء في حال تحداني أحدهم، فهل لديك دليل على أن القرآن كلام الله، أم أنك تصدق ذلك دون دليل؟
السؤال مرة أخرى، مادليلك على أن القرآن كلام الله؟
كلامي لا يعني الكلام الذي ذكرت !
كلامي يعني أنه ينبغي تصحيح سؤالك !
فسؤالك يقول : ما دليلك على أن القرآن كلام الله ؟
و هذ السؤال يجعلني صاحب الادعاء بأن القرآن هو كلام الله ! في حين أني لست صاحب الادعاء ، فالقرآن نفسه هو صاحب الادعاء.
و عليه فالسؤال الصحيح الدقيق هو :
لماذا تصدق القرآن في كونه كلام الله ؟
و شتان ما بين السؤالين في المنطق !
و أنت تريد أن تساوي بين السؤالين ، فتجعل تصديق الادعاء هو ادعاء مستقل بحد ذاته !! و هذا منطق غريب عجيب !
فأنت عندما تصدق الادعاء القائل بدوران الأرض حول الشمس ، سأسألك : هل أنت صاحب الادعاء أم مصدق له ؟
فإن كنت الأول طالبتك بالدليل ! و إن كنت الثاني طالبتك بالمصدر و سألتك عن أسباب تصديقك له دون غيره من المصادر.
فإن اقتنعت بأن المصدر ثقة و بأن أسباب تصديقه وجيهة صدقت ، و إلا سأتوجه إلى المصدر مباشرة لأنظر إلى أدلته التي بنى بها ادعاءه ، فإن كانت صحيحة صدقته ، و إن كانت غير صحيحة كذبته ، و إن لم أستطع الحكم على الأدلة سأتوقف فلا أصدقه و لا أكذبه ؛ لتساوي الاحتمالين عندي و عجزي عن التمييز الحكم !
و بالعودة إلى سؤالك بعد تصحيحه : لماذا تصدق القرآن في كونه كلام الله ؟
الجواب عبارة عن ثلاثة أسباب :
الأول : وجود المبرر المنطقي لتصديق الادعاء !
الثاني : لم أجد في القرآن ما يدل على كذب الادعاء !
الثالث : وجدت في القرآن ما يدل على صدق الادعاء !
و باجتماع الأسباب الثلاثة حق لي أن أؤمن بأن القرآن كلام الله ، و حق لي أن أسألك : لماذا تكذب القرآن ؟!!
عندما أحضر آية تتعارض مع العلم في أحد دلالاتها،
من الذي يحكم أي الدلالات هي الصحيحة؟
عندما تقول
"و هذا يدل أن ذلك الوجه من الدلالة خاطئ و الصحيح هو الوجه الآخر" فأنت هنا ترتكب
مغالطة المصادرة على المطلوب (begging the question)، فالموضوع إثبات صحة القرآن، ولكنك تفترض صحته لتختار الدلالة الصحيحة من بين الدلالات المتوفرة.
دليلك لاختار الدلالة الصحيحة لآية ما يجب أن يكون بمعزل عن افتراض صحة القرآن، وهذا يشمل أيضاً الأخذ برأي مؤمن بأن القرآن من عند الله.
فالسؤال مرة أخرى، على ما تستند في حكمك على الدلالة الصحيحة من بين دلالات مختلفة للآية الواحدة؟
مغالطة المصادرة على المطلوب يقوم بها غير المسلمين أكثر من المسلمين !
فعندما نقرأ في القرآن قصة ذو القرنين و الشمس ، و نجد قوله تعالى :
" وجدها تغرب في عين حمئة " ، يأتي غير المسلم قائلا : القرآن فيه خطأ واضح ، فهو يقول بأن الشمس تغرق في عين من الماء عند الغروب !
في حين أن الآية تحتمل احتمالين : الأول : تصف كيف وجد ذو القرنين الشمس عندما نظر إليها وقت الغروب. الثاني : تصف كيف هي الشمس في حقيقتها وقت الغروب.
غير المسلمين يفترضون الاحتمال الثاني ليثبتوا خطأ القرآن ، و هذه مصادرة على المطلوب !
فلا يصح اثبات الخطأ عن طريق أخذ الاحتمال الخطأ !
أما المسلم حين يأخذ بالاحتمال الأول ، فهو لا يصادر على المطلوب ، و سأوضح ذلك..
ثبت بأدلة خارجية أن قريش كانوا فصحاء و أن الرسول من قريش. فعندما نقرأ الآية القرآنية القائلة : "
لا ينال عهدي الظالمين " ، هناك احتمالان : الأول : أنه يقصد أن الظالمين مفعول به و العهد هو الفاعل. الثاني : أنه يقصد أن الظالمين فاعل و العهد هو المفعول به. لو اخذنا بالاحتمال الثاني يكون هناك خطأ لغوي في القرآن تصحيحه : لا ينال عهدي الظالمون !
و لكن هل من المعقول أن يخطئ شخص قرشي خطأ تافه فينصب الفاعل ؟ طبعا غير معقول ، فالقرشي قد يخطئ و لكن في أخطاء دقيقة في تفاصيل اللغة. و بالتالي افتراض الاحتمال الثاني يلزم افتراض أن الرسول لم يكن عربيا ! و هذا افتراض لا دليل عليه ، و بالتالي فهذه مصادرة على المطلوب !
و عليه فليس أمامنا إلا الاحتمال الأول و بالتالي ليس هناك خطأ لغوي في الآية.
فيا زميلي العزيز ستجد أن معظم استشكالات غير المسلمين حول القرآن مبنية على المصادرة على المطلوب !
و أما جواب سؤالك : فأستند على الدلالة الصحيحة من دلالات الآية الواحدة على التالي ،،
1- بالجمع بين الآية و الآيات الأخرى التي تتحدث عن الموضوع.
2- أخذ الدلالة الأكثر انسجاما مع سياق الآية و روح القرآن.
3- أخذ الدلالة الأقرب إلى لغة العرب و استخدامه الدارج.
4- أخذ الدلالة الأكثر انسجاما مع الاحاديث الصحيحية و تفسير المفسرين.
5- أخذ الدلالة الأقرب إلى العلم و المنطق.
Bookmarks