الزميل إسماعيل مسلم أهلا بك باحثا عن الحق مرتضيا كتاب الله حكماً.
إنكار السنة إنكار للقرآن و الرسالة و إجماع الصحابة و التابعين
قولك :
و أول نقطة أود الخوض فيها هي كون القرآن تبيان لكل شيء
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) سورة النحل
فكيف يكون هنالك مجال لوجود وحي تشريعي خارج القرآن و هذه الآية الكريمة تؤكد العكس ؟
فأما أن يكون القرآن تبيان لك شيء و بالتالي لا وجود لوحي تشريع ثاني
و أما أن القرآن ليس تبيان لكل شيء و بالتالي فهناك وحي تشريعي إضافي لكن هذا سيضع القرآن في محل تناقض
فما رأيكم
كما نقول هنا دائما المسألة ليست مسألة رأي ، فاتباع الآراء دون الأصول و القواعد و الثوابت المجمع عليها في الدين أصل الفساد و التفرق فيه و الخلاف و الفتنة ثم العداوة و البغضاء و الإقتتال الطائفي أخيرا و كل شر في الامة حدث بسبب الإختلاف في أصول الدين و ثوابته و فتح الباب لمزيد من الخلاف فتح الباب لمزيد من الشر هذا عدا كون المبتدع لا أجر له و عليه وزر عظيم فيما أحدثه بخلاف ما أمر الله به، قال الله تعالى عن أهل الكتاب : {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران : 19]
و قال جل و علا لنبيه الكريم : {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل : 64]
المسألة كما أشرت في عنوانك و كما طلبت هي بالدليل و بالحجة و البرهان، و طالما أن الأمة قد اجتمعت على القرآن و السنة منذ زمن الصحابة إلى الآن فهذا يكفيك دليلا و حجة و برهانا فالأمة التي أثنى عليها الله تعالى في كتابه أنها خير أمة اخرجت للناس و هي الصحابة و من اتبعهم بإحسان لم يختلفوا في السنة و لا أثر عن أحدهم أنه اكتفى بالقرآن دونها و دعا إلى ذلك و هذا ينطبق على القرون الثلاثة الأولى الفاضلة و حتى القرون التي تلتها .
و بما أنك تبحث عن دليل من القرآن الكريم على حجية السنة من عدمه فمن المفترض أنك تتجه إلى العلماء الراسخين الموسوعيين الذين هم أعلم الناس بالقرآن لغة و اصطلاحا و دراية بعلومه و تفاسيره المأثورة و أجوبتهم في ذلك لا أن تجيب من تلقاء نفسك عن هذه الإشكالات ثم تنتهي إلى الإكتفاء بالقرآن وحده. و تحت هذا سؤالان ، أرجو أن تجيب عنهما قبل أن أنتقل معك إلى النقطة التالية، أحدهما في العلم بالدين و الثاني في من نقله إلينا :
أما عن الأول فأسألك :
هل العلم بالدين – دين الإسلام - عندك مقصور على القرآن وحده بمعنى أنه لا علم إلا ما جاء فيه فلا مزيد عليه و لا يُنظر أبدا في بيان من خارجه و عليه فقد استوى علم النبي صلى الله عليه و سلم بعلم من دونه فلا فقه و لا تفصيل و لا بيان و لا تنزيل ... فالنبي سواء مع غيره في المكانة العلمية مع من بلغهم هذا الكتاب حتى لو كان صحابيا أو أعرابيا و حتى لو كنت أنا أو أنت أو أي مسلم عادي يحفظ القرآن ؟ و أنه بحسب قولك هذا يجب أن نفهم هذه الآيات التي نزلت في فضل العلم و أهله :
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران : 7]
{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء : 162]
هل مجرد توارث الكتاب و حفظ القرآن يعني رسوخا في العلم برأيك و أن مجرد حفظ الواحد للقرآن يستوي هو و الرسول و أبو بكر و عمر في العلم و يرفعه ذلك إلى منزلة العلماء ؟
و أن كل كلمة علم في القرآن لا تخرج عن هذا المعنى و لا تزيد ؟
قول الله تعالى :
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران : 18]
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر : 28]
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد : 16]
و آيات كثيرة في هذا السياق ..
وما معنى تعليم الحكمة هنا إلى جانب تعليم الكتاب في قول الله تعالى :
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة : 129]
و قوله :
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة : 151]
{ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة : 231]
ما معنى إنزال الحكمة هنا إلى جانب القرآن ؟؟
و في قوله تعالى :
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران : 164]
و قوله :
{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء : 113]
و قوله :
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب : 34]
وقوله :
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة : 2]
فإن كان المراد بالعلم فقط هو الكتاب لا غير ما المراد بالحكمة و تعليمها وتعلمها و إنزالها و تلاوتها إلى جانب القرآن ؟؟
أما السؤال الثاني :
أقول لو كان مذهبك هذا حقا لكان قائما ظاهرا معتبرا منذ القرن الأول على الأقل كأحد المذاهب بمنازع أو بلا منازع و ليس كما هو الحال فظهوره متّأخر جداً بقرون عن العصور الذهبية لهذه الأمة.
هنا ستقول : ربما ضل الأوائل سواء السبيل ،
لنقل أن التابعين الذين جاءوا بعد زمن الرسول عليه السلام و صحابته ضلوا السبيل و أتباعهم ضلوا السبيل و علماء الأمة جميعا إلى يومنا هذا ضلوا السبيل ... سأقول لك و كيف اهتديت أنت بعد كل هذه القرون إلى ما لم يهتدي إليه أحد منهم قط ؟؟
فلازم قولك يا زميل أن المسلمين جميعا منذ القرآن الأول تفاصيل إيمانهم بالله و توحيده خاطئة و أعمالهم التي يتقربون بها إلى الله من فرائض و سنن و مأمورات و منهيات و معاملات و اقتصاد و سياسة شرعية و قضاء أخلاق و آداب كلها باطلة. و رواة الحديث الذين بوّبوا في ذلك الأبواب و طلبوا العلم عن التابعين عن الأصحاب في القرن الأول و ما يليه في مهابط الوحي مكة و المدينة و هم خيرة هذه الأمة و صفوتها كلهم عندك كذََبَة افتروا على الله و رسوله و صحابته في ادعاء لا أصل له بأن الصحابة عملوا بالقرآن دون السنة و أن السنة مخترعة بعدهم .. هذا ما تريد قوله !!
استشهد بواحد نعتد به قال بقولك هذا من أي قرن مضى حتى يومنا هذا، واحد فقط يشهد بأن علماء الحديث بدءا من التابعين و أتباعهم مفترون كذبة اختلقوا في دين الله ما ليس منه و باصطلاح علماء الحديث أنفسهم هم وضاعون كذابون تقولوا على رسول الله و صحابته ما لم يقولوا.
حين تجيبني عن هذين النقطتين سأنتقل معك بإذن الله إلى النقطة التالية بالإجابة عن استدلالاتك واحدا واحدا ..
و في هذه الأثناء أنصح بقراءة الكتاب الآتي ففيه الإجابة عن كل تساؤلاتك و إشكالاتك :
منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة و الجماعة PDF :
http://ia800203.us.archive.org/7/ite...est/manhaj.pdf
و بالذات هذا الفصل منه لأن فيه ردا مباشرا :
إنكار حجية السنة :
https://sites.google.com/site/alqydt...snh-sybh-mnkrn
Bookmarks