أعتذر من الأخوة المشرفين في فتح موضوع جديد للرد على المسألة المتكرّرة والّتي لا يمل الكفّار من ترديدها رغم تفنيد الأخوة الموحدين لترهاتهم.
أحببت أن يكون هذا الرد مركّزا ومباشرا بعيدا عن جلبة الردود الكثيرة الّتي تتيح للكفّار الهروب من أمام المنطق والحجّة.
فأرجو من الأخوة الموحدين الرد في الموضوع الأصلي وترك هذا الموضوع مركّزا ومبسّطا وحبّذا لو قام الأخوة المشرفون بإغلاقه حتّى لا يعمد الكفّار كالعادة بإغراقه بالمهاترات للتغطية على الحق.
كما أرجو من الأخوة المشرفين فهرسة هذا الموضوع ليسهل الرجوع إليه كلّما أتحفنا أحد الكفّار بهزليّة جديدة من هزليّاتهم الّتي لا تنتهي.
======================
الكاتب (أو الكاتبة) كاتيا مرح... السلام على من اتّبع الهدى.
أرجو تقبّل نصيحتي بالتروّي والتمهّل أمام المسائل الكبيرة فلا خير في الاندفاع.
روّاد علم الفلك لفترة طويلة مسلمون ونقل عنهم الأوروبيّون بعد ذلك ولم يسمع أحد بتناقض بين القرآن والحقائق الفلكيّة الثابتة.
فمن باب الحصافة (لا أكثر) يتوجّب الحرص في الخوض في هكذا مسائل بحصيلة علميّة هزيلة ومنطق واستدلال سقيم.
الجريان ثابت للشمس داخل المجرّة وجريان المجرّة ثابت ومحسوب بالنسبة لباقي المجرّات. فلم تحاصر فهم قول القرآن الكريم بجريان الشمس في الجريان حول الأرض؟
قال بذلك فلاسفة الإغريق ولم يسفّههم أحفادهم بل قالوا أن تلك كانت خطوة منطقيّة لفهم الحقيقة الكاملة.
أمّا القرآن فلم يحدّد لجريان الشمس مركزا أو مسارا بل حدّد أن لها مستقر وهذا متّفق مع نظرية دورة حياة النجوم في علم الفلك الحديث حيث ينتهي كل نجم بانهياره إلى ثقب أسود يقبع خارج منظومة المجرّة التي تتجاذب أنجمها وتجري في مسارات لها حسب كتلتها والمسافات بينها.
أمّا ذهاب الشمس لتسجد تحت العرش فلا أدري لماذا يصرّ الكاتب على الذهاب الحسّي دون المعنوي رغم أن نص الحديث لا يشير إلى ذلك ورغم أن أحاديث أخرى تقول بذهاب الأرواح أثناء النوم لتسجد تحت العرش وهو ذهاب معنوي غير حسّي بدليل وجود النائم حيّا أمامنا أثناء النوم يتنفّس وينبض ويتقلّب ومن غير المعقول أنّ كل ذلك بدون روح والروح تذهب حسّيا فقط وتغادر الجسد بالموت الّذي تنقطع معه كل مظاهر الحياة... فلم الاعتساف؟
الثابت والمتحرّك هي علاقة نسبيّة فلا يمكن الحكم بثبات الثابت وتحرّك المتحرّك إلا من موقع معلوم الثبات المطلق وهذا الموقع غير موجود في مدى رؤية البشر حتّى أن أطراف الكون المتمدّدة في الفراغ اللانهائي لا يمكن حساب سرعة تمدّدها لانعدام المرجع الثابت. فالكون في مدى رؤية الفلكيّين عبارة عن مجموعة من المجرّات تدور كلّ منها حول مركزها وتنتشر إلى الخارج بعيدا عن مركز تجمّعها. وكل مجرّة تحتوي عدد من النجوم (كالشمس) يدور كلّ منها في مدار داخل المجرّة ويدور حوله مجموعة من الكواكب الّتي يدور كل كوكب منها في مسار حول نجمه ويدور أيضا حول محوره الّذي قد يتذبذب بدوره كمحور المغزل ويتبع بعض الكواكب أقمار كما تتبع الكواكب النجوم.
هذا التصوّر تخيّله العلماء لضآلة شأن الأرض في النظام الكوني وصعوبة تصديق أن المتبوع الأكبر يدور في فلك التابع الأصغر وتجاوزا افترضوا مركزا للكون وفشلوا في تحديده وخمّنوا أن هذا المركز ثابتا وأن كل الأجرام الفلكية تتحرّك بالنسبة إليه.
ويظل المرجع الثابت مجهولا ولا يمكن الجزم بثبات شيء وتحرّك آخر وفي هكذا موقف لا يمكن نقض أي نظرية أو فرض حول هذا المرجع المفقود.
فيمكن أن يدّعي أي إنسان أن نقطة المرجع الثابت هي أي نقطة في الفضاء ولتكن مركز أي كوكب وليكن الأرض مثلا أو حتّى القمر ما دامت حركة كل الأجرام بالنسبة إليه يمكن رصدها (من على سطحه) مع افتراض ثباته.
لا يمكن أن ينقض أي فرض من هذا النوع إلا بإيجاد المرجع الكوني الثابت كما لا يمكن إثبات فرض كهذا إلا بسوق مبرّرات منطقية مقبولة عقلا.
الفلكيّون استصغروا الأرض وأكبروا الأنجم والمجرّات أن تكون تبعا لهذا الكوكب الضئيل وهذا المنطق يثمّن الحجم والكتلة فقط.
لو قال أحد أن الأرض جرم سماوي فريد لم يثبت لغيره احتضان حياة وحضارات لأحياء عاقلة فهي أولى بأن تكون مركز الكون فقد يقبل هذا منه على سبيل المجاز أيضا فإعلاء شأن الجرم السماوي حسب هذا المقياس موضع نقاش أيضا على حساب مقاييس الحجم والكتلة.
ولذلك لا يستطيع أحد أن يجزم أن الأرض مركز الكون كما لا يستطيع أن يثبت أنّها ليست مركز الكون.
كل هذا ولم أذكر أي رأي عقدي ولكن أطرح النقاش العقلي المجرّد.
أمّا من حيث قول القرآن فلم يحدّد القرآن الأرض كمركز للكون ولا حتّى كمركز لدوران الشمس.
كل ما قاله القرآن هو حركة وجريان الشمس والقمر وهذا لا يتعارض مع المعلوم من العلوم الفلكيّة.
فلا يجوز اعتساف نصوص القرآن في إتجاه معيّن (مركزيّة الأرض وثباتها) وحتّى هذا الإتّجاه المزعوم لم تقم الحجّة على نقضه فلم الافتراء؟
هل يكف المتذاكون المتعالمون من الكفّار عن ترديد هذه الفرية؟
Bookmarks