براهين وقرائن جديدة على حفظ السنة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذه مجموعة من القرائن أو الدلائل التي تدل على حفظ السنة مما يندر ذكره بين الناس

وقد تحصلت على أزمنة متفرقة من التفكر فقررت جمعها

القرينة الأولى : براهين حفظ سنة لا تختلف عن براهين النبوة تحتاج لشيء من إعمال العقل بإنصاف ، مِن أدلة حفظ السنة أنك تجد الحكم يجمع عليه فقهاء الحديث ومع ذلك يتفقون أنه لا يصح فيه حديث عن النبي وإنما يكون مستفادا من اتفاق الصحابة أو القياس أو فحوى النص لا صريحة والأمثلة على ذلك كثيرة مثل كون الماء الكثير إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بنجاسة ومسألة واحدكل قرض جر نفعل فهو ربا ومسألة فسخ النكاح بالعيوب ومسألة اشتراط المحلل في السباق ومسائل كثيرة يصعب حصرها ولو كانوا أهل كذب لوضعوا في كل قول يتفقون عليه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وتواطؤ فقهاء الحجاز والعراق وخراسان واليمن ومصر والشام على اختلاق حكم شبه مستحيل خصوصا مع التنافس وما عرف من سيرتهم وتقواهم وبعدهم عن الملوك في غالبهم وقارن هذا بما افتراه الرافضة على أئمتهم حتى أنك لتجدهم ينسبون للمعصومين عندهم ألفاظا لا تناسب عصرهم وانظر إلى مسند زيد بن علي كل الأخبار بإسناد واحد وقارن هذا بكتب الأئمة وكيف أنهم يتكلفون أحيانا رواية الأحاديث بالأسانيد الطويلة دقة وصدقا اعتبر هذا بمثل قتادة تتلمذ على أنس وكان من أخص طلابه ومع ذلك نجد قتادة أحيانا يروي عن النبي بثلاثة وسائط وأربعة وأمثال قتادة كثر جدا

القرينة الثانية : قال أحمد في مسنده 9350 - ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الإيمان بضع وسبعون بابا أفضلها لا إله الا الله وأدناها إماطة العظم عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان

الملفت للنظر في سند الحديث أن سهيل بن أبي صالح يروي عن والده بواسطة !

وهذه من دقة المحدثين وصدقهم فلو روى عن والده مباشرة من سيستغرب ولكنهم كانوا أهل صدق

وهذا عبد الله بن أحمد يروي عن والده في كثير من الأحيان بواسطة

وهذا كثير في أهل الحديث يتتلمذ أحدهم على الشيخ الكبير ويكثر عنه ومع ذلك لا يستنكف أن يروي عنه بواسطة ويكثر من ذلك

مثال وكيع بن الجراح تتلمذ على الأعمش ومع ذلك ما أكثر ما يروي عنه بواسطة سفيان أو شعبة

وهذا أبو إسحاق السبيعي والشعبي كلاهما رأى علياً ولا أحد منهما يقول سمعت علياً في حديث بل يرويان بواسطة باستمرار

ومن دلائل صدق المحدثين تجد أحدهم عنده إسناد قصير إلى الأعلام مثل مالك يروي عن ابن عمر بواسطة نافع مولاه فقط

ومن ذلك نجده أحياناً كثيرة ينزل ويروي عنه بواسطة الزهري عن سالم يروي بواسطتين وهذا للدقة والصدق

القرينة الثالثة : من براهين حفظ السنة وأن كتب الأئمة وصلتنا كما هي

أن الأشعرية سادت في بعض أزمنة الأمة حتى قال المقريزي أن في زمنه من أظهر خلاف اعتقاد الأشعري أهدر دمه

ومع ذلك نجد الكتب الستة فيها أبواب وكتب تخالف عقيدة الأشاعرة بصراحة

ففي صحيح البخاري كتاب التوحيد والرد على الجهمية وواضح من تبويبات البخاري أنه يثبت الصفات

بل له خلق أفعال العباد بكل صراحة يثبت الصفات وخصوصاً الصوت ولذا لما جلس المزي تلميذ ابن تيمية يقرأ هذا الكتاب قال الأشاعرة ( إنما يقصدنا ) يعني المزي

وأما صحيح مسلم ففيه كتاب الإيمان سرد فيه أخبار الصفات

وجامع الترمذي نصوصه واضحة في الإثبات وقد جمعها طارق عوض الله في كتاب أسماه عقيدة الترمذي

وأما النسائي ففي سننه الكبرى كتاب النعوت كله في الصفات وأفراده بالطبع وليد الفريان

وأما ابن ماجه ففي مقدمته وضع كتاباً فيما أنكرت الجهمية وسرد الأخبار التي ينكر ظاهرها عامة الأشاعرة بصراحة

وأما أبو دواد فكتاب السنة واضح في الإثبات

حتى اضطر الأشاعرة أن يرووا هذه الكتب بما فيها مكرهين

ولن أحدثك عن كتب الصفات والرد على الجهمية الخاصة

وانظر كل روايات الموطأ وصحيح مسلم والأم للشافعي فيها حديث الجارية ( أين الله ) قالت في السماء ولو استطاعوا أن يحذفوه لفعلوا

فهذا يبين لك جزءاً مما نريد والقضية أوضح من أن توضح ولكننا نتنزل

القرينة الرابعة : يوجد مجموعة من الفقهاء في زمن أتباع التابعين كل واحد له مذهب متواتر عنه والأمة متفقة على توثيقهم وهم متفقون على توثيق بعضهم البعض مع التنافس

1_ مالك بن أنس في المدينة وله أقران كابن أبي ذئب وابن الماجشون

2_ سفيان بن سعيد الثوري في الكوفة وله أقران كابن أبي ليلى وشريك والحسن بن صالح

3_ عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي في الشام

4_ الليث بن سعد في مصر

5_ حماد بن زيد في البصرة

6_ يزيد بن هارون في واسط

7_ هشيم بن بشير في واسط

8_ شعبة بن الحجاج في البصرة وواسط

9_ عبد الله بن المبارك في خراسان

10_ معمر بن راشد في البصرة وصنعاء

11_ سفيان بن عيينة في مكة

وأكتفي بهؤلاء العشرة وإلا فهناك غيرهم هؤلاء لا يكاد أحد منهم يروي حديثاً مرفوعاً إلا ويتواتر عنه أو يشتهر ، وخذ التحدي أتحدى أن يأتي شخص بحديث مرفوع في الصحيحين انفرد به واحد فقط عن واحد من هؤلاء هذا يستحيل

فلو كان واحد من هؤلاء جاء وشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه حكم بالحكم الفلاني ، وكلهم عهده قريب من النبي صلى الله عليه وسلم فما من واحد منهم إلا ويروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في أسانيد عديدة بواسطتين فقط لكان العقل يقتضي قبول كلامهم لأنهم متخصصون ولا معارض لهم ولأنهم معروفون بالتقوى ولتباعد أقطارهم ولا مصلحة لهم في الحكم مع بعدهم عن السلطان في غالبهم ( وهذا الكلام ينطبق على حد الردة والرجم وغيرها )

فما بالك إذا أسند كل واحد منهم خبراً أو أخباراً عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحكم تنطبق عليه شروط المحدثين بالصحة ، وما بالك إذا شهدوا على شيوخهم من التابعين ومن قاربهم من الصحابة أنهم على هذا

فلو جاء اليوم مجموعة من علماء البيولوجيا في زمننا هذا ولا يعرفون بتقوى ولا باتفاق على فهمهم وتمكنهم وشهدوا على دارون بقضية خبرية لا عقلية ولا معارض لهم لوجدت كل الناس يقبلون كلامهم فتأمل
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

رابط الموضوع الاصلي
http://alkulify.blogspot.fr/2016/08/blog-post_9.html