1- مدة الحمل و الرضاعة:
على التفسير القائل بأن 6 أشهر هو أقصر مدة ممكنة للحمل يمكن بعدها للجنين أن يحيا خارج الرحم فهذا يتماشى بالفعل مع الواقع فأقصر مدة ممكنة للحمل بحيث يكون هناك احتمالية للبقاء على قيد الحياة على المدى البعيد بنسبة 50% "Limit of viability" هى بالفعل 24 أسبوع مع توظيف أفضل التكنولوجيا المتاحة، على الأقل حتى الآن، لإعاشة حديثى الولادة خارج الرحم.
غير أن الآية قد تفهم على أن المقصود من إرضاع الأطفال لحولين هو الحد الأقصى لفترة الرضاعة لذلك قال " لمن أراد أن يتم الرضاعة ".. على أن يكون الحد الأدنى الذى ينصح به هو ثلاثون شهرا مطروحا من ذلك مدة الحمل و هذا يجعل من مدة الرضاعة 21 شهرا تقريبا إذا أخذنا فى الاعتبار المدة المعتادة للحمل وهى تسعة أشهر تقريبا (280 يوما) على أن الحد الأدنى لمدة الرضاعة الذى ينصح به هو 12 شهرا وفقا لتوصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال و 24 شهرا وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

2- حديث خلق التربة:
أما الأثر الذى رواه مسلم عن أيام الخلق.. فهذا الحديث لا ينطبق عليه شرط من شروط صحة الحديث وهى السلامة من الشذوذ، والشاذ وفق تعريف الشافعى هو ما رواه المقبول مخالفة لرواية من هو أولى منه .. فهو يتعارض صراحة مع القرآن المتواتر الذى ذكر فى غير موضع أن أيام الخلق ستة فى حين يذكر الأثر أنها 7 أيام فلو كانت الستة أيام المذكورة فى القرآن هى من أيام الدنيا فهذا يتعارض مع القرآن و لو المقصود غير ذلك فهو يتعارض أيضا مع القرآن لأنه يذكر 7 أيام من أيام الدنيا وسماها بأسمائها فقال خلق كذا يوم السبت و كذا يوم الأحد ..إلخ .. على أن الذى يتناوله الأثر ليس كل أيام الخلق بل الأيام التى خلق فيها الأرض وما فيها و يقابله فى القرآن 4 أيام وليس 7 آيام أيضا.. أو قد يقال أن الحديث لا يتناول الخلق الذى يتناوله القرآن بل المقصود الأيام التى أتم فيها خلق الاشياء المذكورة وليس الفترة التى استغرقها خلق تلك الأشياء فيكون اكتمال خلق التربة صادف يوم السبت و اكتمال خلق الجبال صادف يوم الأحد إلى آخره .. كما أن الحديث لا يقول أحد بأنه مكذوب أو موضوع كى يقال أننا نتهم الرواه سواءا أبا هريرة أو من دونه من الرواه فى سلسلة الإسناد بتعمد الكذب بل قد تكون نسبة الحديث للنبى صلى الله عليه وسلم منبعها السهو و الخلط.. وهذا جائز فى حق كل راوٍ مهما بلغت درجة ضبطه .. ولذا أحاديث الواحد و الآحاد بشكل عام ، وهو كل مالم يبلغ حد التواتر، ليس لها نفس موثوقية الأحاديث المتواترة.

3- جنس المولود:
أما الحديث الوارد فى تحديد جنس المولود .. فالحديث ورد بلفظ آخر ذُكر فيه علو ماء الرجل أو المرأة و دوره فى تحديد الشبه و ليس الجنس أو النوع و فى لفظ آخر ورد أن ماء الرجل إذا علا ماء المرأة أو إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أعمامه أو أشبه أخواله على الترتيب .. و على تقدير أن النوع مقصود أيضا ..فالقول بأن منى الرجل مسئول بشكل حصرى عن تحديد نوع المولود أمر فيه نظر و القول به اختزال لحقيقة الأمر و تبسيط مُخل ..فمنى الرجل فيه نطف أو حيونات منوية تحمل الصبغ المسئول عن الذكورة Y و أخرى تحمل الصبغ المسئول عن الأنوثة X .. فلماذا يكتب النجاح لهذا النوع أو ذاك فى تلقيح البويضة؟ ولماذا بعض النساء لا يلدن من نفس الزوج إلا ذكور و البعض لا يلدن إلا إناث و البعض يتنوع الأمر بالنسبة إليهن؟ وهناك دراسات تدل على أنه ربما للمرأة أيضا دور فى تحديد نوع المولود .. فقد توصل بحثا علميا منشور ضمن Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences بتاريخ 22 يوليو 2008 أن النساء اللاتى يتناولن الحبوب cereals فى وجبة الإفطار إلى جانب الوجبات الغنية بالبوتاسيوم لديهن فرصة أكبر لإنجاب الذكور مقارنة بالنساء اللاتى يفوِّتن وجبة الإفطار و يتناولن قدرا أقل من السعرات الحرارية .. و يتضح من هذا فى الجملة أن النساء أيضا على الأقل من الناحية النظرية ربما لهن دور و عليه فالطعن فى الحديث لهذا السبب ليس فى محله .. و الماء الأصفر الرقيق على الأرجح هو ما يعرف بـ liquor foliculi ،و ليس الإفرازات المهبلية التى يتم إفرازها لدى الرغبة فى الجماع التى لا ينطبق عليها وصف الأصفر الرقيق، وهو الوسط السائل الذى يحيط بالبويضة أثناء تكونها داخل حوصلة جراف و عند التبويض ينبثق هذا السائل حاملا معه البويضة عبر جدار المبيض حيث تَعْلَق البويضة بأهداب قناة فالوب التى يحدث فيها عملية التخصيب حيث تلتقى البويضة بالحيوانات المنوية.
و يحتوى هذا السائل على العديد من المواد من ضمنها عوامل النمو Growth factors و بعض الهرمونات ويعتقد الباحثين أن خواصه لها دور فى تحديد مدى جودة البويضة و صلاحيتها للتخصيب أثناء عمليات التخصيب الصناعى .. وربما، فمن يدرى، يكون لخواص هذا السائل أيضا دور فى جعل البويضة أكثر استعدادا لأن تخصب بواسطة هذا النوع أو ذاك من الحيوانات المنوية!؟
و الحديث المتفق عليه و الذى فيه "فغطت أم سلمة تعني وجهها وقالت يا رسول الله وتحتلم المرأة؟ قال: نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها" .. قال فيه الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث : فيه دليل على أن الاحتلام يكون في بعض النساء دون بعض ولذلك أنكرت أم سلمة ذلك. لكن الجواب يدل على أنها إنما أنكرت وجود المني من أصله ولهذا أنكر عليها. اهـ أى كأنها قالت هل المرأة تحتلم ولها منى كالرجال ؟ و ذلك لارتباط الاحتلام بنزول المنى عند الرجال... و الاحتلام nocturnal emissions معلوم أنه لا يحدث بالفعل فى كل النساء ووفقا للدراسة التى قام بها ألفرد كنزى فإن حوالى 40% من النساء اللاتى أجريت عليهن الدراسة مررن بهذا الأمر على الاقل مرة واحدة بحلول عامهن الخامس و الأربعين... و ربما يتزامن الميل للاحتلام مع التبويض ..لأنه من المعلوم أن الرغبة الجنسية لدى المرأة تزداد بالتزامن مع التبويض و الدراسات أظهرت أن النشاط الجنسى لدى النساء يزيد بنسبة 24 % أثناء الفترة التى يكون الحمل فيها ممكنا وهذا مرتبط بمرحلة التبويض بطبيعة الحال.


4-قصة الغرانيق:
أما الآثار التى وردت فى شأن قصة الغرانيق لا يصح سندها وعليه فلا اعتبار لها ومثل هذه الروايات هى التى لا يلقيها إلا شيطان ! .. و الرواية الصحيحة التى تناولت نفس الموقف من تلاوة النبى صلى الله عليه وسلم لسورة النجم على المشركين و سجود المشركين لدى بلوغ السجدة التى فى آخر السورة ليس فيها ذكر لقصة الغرانيق .. و بتقدير أن القصة لها أصل فيمكن أن يكون الإلقاء إنما كان فى أسماع المشركين وليس أن الكلام جرى على لسان النبى صلى الله عليه و سلم كما ورد فى أحد الروايات... فالنبى إذا تلى وكان صوته فى الهواء ألقى الشيطان فى تلك التلاوة ماليس منها بحيث يتلقاه المشركون وكأنه صادر عن النبى صلى الله عليه وسلم مثلما كان يُخيِّل سحرة فرعون للناس أن الحبال و العصى تسعى ويعرف هذا بـ collective hallucinations وقد يحدث بصورة جماعية و فى غياب الذهان psychosis و سائر الأمراض التى تؤثر فى القوى الذهنية .. و يفسر هذا الأمر أحيانا بالتطلع إلى هذا الأمر الذى يتوهمه المتوهمون .. وربما منبع ذلك هو تطلع المشركين لأن يوافقهم النبى صلى الله عليه وسلم ولو فى بعض ماهم عليه .. ومن هذا الباب قوله تعالى : ودوا لو تدهن فيدهنون .. لكن الله يبطل هذا الذى يلقيه الشيطان ويحكم آياته و يتبين أن هذا الذى سمعوه لا حقيقة له.. أو قد يحمل ما يلقيه الشيطان على التأويلات الفاسدة المحتملة من ظواهر بعض النصوص و إلقاء الشيطان يكون بأن يوحى إلى أوليائه كما فى قوله تعالى : وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم.. و على هذا يكون هذا هو عينه المقصود من قوله تعالى : فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله... و يكون إبطال التأويلات الفاسدة بالآيات المحكمات التى وصفت بأنها " أم الكتاب " فى سورة آل عمران.
منقول