إن طريقة طرح البعض لموضوع الرق في النظام الإسلامي جوابا أو مناقشة أو استشكالاً تتوافق تماما مع طريقة الأعداء المخالفين الطاعنين على الإسلام بجهل و غرض و ذلك بالتركيز مثلا على نقاط جانبية في نظام الرق الإسلامي كالاستمتاع بالنساء و المتاجرة بالبشر، و كأنها كل القصة بلا مسوغ منطقي. و هو أسلوب في الطرح – ينسحب على كل افتراءاتهم و شبهاتهم – يتجاهل الدواعي و الاستحقاقات و الأسباب الوجيهة و الحِكم الكبرى و حتى الضرورات المصاحِبة التي من أجلها شرع الله للمجاهدين في سبيله خاصة استرقاق الكافرين في حالة خاصة و هي حالة الحرب في حال قيام خلافة إسلامية حقيقية تحكم بشريعة الإسلام و تعلن توحيده و مبادئه السامية للعالم. مع تجاهل أن الجهاد و هو الطريق الوحيد المؤدي إلى الرق في الإسلام له مبرراته المنطقية أيضا في الشريعة، و لنفهم أوّلاً حيثيات الجهاد و الذي يتفرع عنه الأسر و الرق أو المن و الفداء، فعن هذا الركن الركين يقول الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه ''أصول الدعوة'' :
يقول بعض الكتاب المحدَثين (أي المعاصرين) : إن القتال في الإسلام أو الجهاد في الإسلام هو دفاعي لا هجومي، بمعنى أنَّه لا يجوز للدولة الإسلامية أن تهاجم دولة غير إسلامية إلّا إذا هاجمتها هذه الأخيرة، والواقع أنَّ هذا القول غير سديد وينقصه التحقيق والتدقيق، ولا تدل عليه دلائل الشريعة، ذلك أنَّ القتال في الإسلام له أسباب منها :
- ردّ الاعتداء، وفي هذا قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
- ومنها : القتال لنصرة ضعفاء المسلمين الذين يتعرَّضون لظلم الكفرة، قال تعالى : وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا.

ومنها : أن يبدأ المسلمون قتال الكفرة إذا رفضوا الإسلام ومنعوا المسلمين من تولي الحكم والسلطان، لإقامة شرع الله وتطبيقه في الأرض، وهذا هو الذي يجادل فيه البعض ويعتبره من قبيل القتال الذي يبدأ به المسلمون غيرهم بلا مبرِّر، والحقيقة أنَّ القرآن والسنة النبوية يدلان على هذا النوع من القتال، وقال تعالى : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ـ والحقيقة أنَّ بدء المسلمين لغيرهم بالقتال إذا رفضوا الإسلام أو الجزية إنَّما هو لمصلحة عموم المشركين الذين يخضعون لسلطان الكفر، لأنَّ المسلمين يريدون بهذا القتال رفع هذا الحكم الكافر عنهم، وإزالة شرائعه الباطلة، ورفع الحواجز عن عموم الناس لرؤية الإسلام وشرائعه، فمن شاء آمن، ومن شاء بقي على كفره بشرط الولاء للدولة الإسلامية. وهذا كله من مصلحة المشركين الدنيوية والأخروية، أمَّا الدنيوية فتظهر في تمتعهم بعدل الإسلام والمحافظة على أموالهم وحقوقهم، وأمَّا الأخروية فبتهيئة سبل رؤيتهم الإسلام واحتمال دخولهم فيه عن رضًى واختيار، لا عن جبر وإكراه، وفي هذا سعادتهم وفوزهم في الآخرة.
انتهى كلام الدكتور زيدان.
و لا بد من الإشارة أيضا إلى أن الجهاد الطلبي الهجومي كما يُشترط فيه تخيير الخصوم بين الإسلام و الجزية و القتال يُشترط فيه أيضا إقامة الحجة عليهم بالتي هي أحسن بالمراسلات أو الحوارات المباشرة و الجدال العلمي كما كان شأن النبي صلى الله عليه و سلم مع الملوك و الزعماء و القبائل في سائر دعوته.

و حتى هنا لم نأتي على ذكر الرق الذي هو حالة استثنائية متفرعة عن الحرب و تخص أناسا معدودين ليسوا ألوفا مألّفة كما يوهم بعض من يتعرض لموضوع الرق بالنقد أو الطعن. إذ أن المسلمين المجاهدين في سبيل الله فئة معدودة لا تشكل نسبة تُذكر بين عموم المسلمين و إلى جانب ذلك فهي لا تستهدف استرقاق الكافرين عامة – بغرض سبي النساء و المتاجرة فيهن أو في أسرى الرجال كما يزعمون– فليس ذلك مقصدا شرعيا و لا هدفا دينيا من تشريع الرق لا أوّلاً ولا آخراً و بالتالي فهو ليس مقصد المؤمنين الذين يجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم و تركوا الدنيا وراء ظهورهم من أجل أسمى الغايات و هي شراء النفس ابتغاء مرضاة الله. فلا ينخدع أحد بمن يرمي أهل الإيمان بداء الجشع أو الهوس و هو أهله كما قيل ''رمتني بدائها و انسلت'' فغايات أهل الإيمان أسمى من غايات أهل الكفر الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة و بينهما كما بين السماء و الأرض. هنا المقاييس تختلف و بالتالي تختلف المقاصد و الغايات.

و هذه النقطة يوضحها الإمام الشنقيطي رحمه الله بقوله : وسبب الملك بالرق هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين . أ.هـ " أضواء البيان " ( 3 / 387 ) .

لكن لماذا الإسترقاق أو لماذا أجاز الشرع لبعض المسلمين المقاتلين هذا الخيار بدل خيار السجن مثلا أو النفي من الأرض ؟

أولاً وكقاعدة عامة : المقصد الشرعي من الإسترقاق هو إذلال من حارب الله و رسوله، ليس لمجرد إصراره على الكفر فلا إكراه في الدين و لكن لمنازعته الدولة الحاكمة بأمر الله عوض قبوله للإيمان أو الجزية ثم إصراره بعد ذلك على المنازعة و العداوة و البغضاء بحربه و تربصه بالمؤمنين الذين يريدون إعلاء كلمة الله في الأرض فهو في هذه الحالة عقاب و نكال خاص بالمحاربين منهم و المحاربات يحل محل القتل المستحَقّ -بفتح الحاء- و هو فعلا أنكى من أي عقاب دون القتل لكنه خير منه لأن في الرق بعد الأسر مظنة أن يؤمن كثير من هؤلاء – كما حدث بالفعل في السيرة و في تاريخ الإسلام عموما - لأن نزعة الكفر لدى المحارب لأجله تنقمع بالإذلال و شوكة العناد عنده تنكسر و نار التعطش لمنازعة أهل الإيمان تخبو حال استرقاقه فهو بمثابة علاج نفسي له ذو مفعول قوي في تطهيره من الكفر المستحكِم لدرجة الكراهية و قتال من يقول ربي الله بخلاف القتل أو السجن الذي يفصله عن المجتمع الإسلامي و لا يترك له صلاحية من أي وجه بل يستنزف فقط مصاريف الدولة بحيث تمتلأ سجونها بلا طائل بل بمن قد يكيد المخططات خفية و يبيّت الشر، و الرق على كل حال ثمن اضطراري يدفعه الكافر الذي اختار طواعية محاربة دين الله أن يظهر في الأرض و يريد إظهار ما سواه من الأديان الباطلة و أنواع الفساد مع حيلولة كثير من الناس المتعطشين للحق على أرض الواقع أو في الأصلاب من نور الهداية، فهي أكبر جريمة و بالتالي فثمنها ليس كأي ثمن.
الإسترقاق إذن عقاب شرعي يحل محل القتل ، لأن من ملكْتَ روحه بشرع الله و أمره فقد ملكت جسده من باب أولى و هو خير له من القتل و إرساله إلى جهنم على السريع فيعطى فرصة للدخول في الإيمان.
و عليه لا يستهدف الرق عموم الكافرين – كما قد يتوهم أو يثير بعض الجهلة- و إنما من أعلن الحرب منهم أو شارك فيها من النساء كما كان دأبهن قديما بالتحريض و المساندة أو القتال عنوة في ساحة المعركة. و في حال أسر النساء و أطفالهن معهن إن أسرهم المؤمنون لا يحل قتلهن فيكون الحل الطبيعي هو سبيهن بدل القتل المستحق للرجال الذين يندر أن يستسلموا بسهولة كما النساء و الأطفال.
إذن فهناك سبب شرعي و منطقي في دين الله للاسترقاق حالة الحرب ليس لدى العقليات و القوانين التي هي من وضع البشر و ذلك لتكون كلمة الله هي العليا في وجه الرافضين لها المصرّين على الكفر و على العزة بالكفر فلا يعطون الجزية كحل بديل يذعنون به لقانون الله الذي جاء لهداية البشر و رحمة لهم و للأمة المسلمة التي تحمل دين الله في الأرض.

ثم إن هناك حدودا معقولة للاسترقاق فلا يعقل على إثر حرب قامت بيننا و بين دولة الكفر و انتصار عليهم أن يعقب ذلك استرقاق للشعب الكافر كله و إنما من حضر الحرب و أعلنها و عليه فالسبي من نساء و أطفال يطال فقط ساحة الحرب و لا يتجاوزها إلى ما عداها من أرض الأعداء و مساكنهم كما يحب أن يصور الطاعنون الذين يعملون على تشويه رسالة الإسلام و كأن الإسلام فتح باب الرق على مصراعيه و بلا ضوابط أو حدود معقولة، هنا نقطة جديرة بالتنبيه إليها بخصوص سبي النساء و الاطفال و هي أن ساحات الحرب في العصر الحاضر ليست كما هي في الأزمنة الغابرة إلا ما كان من انخراط نسوة الأعداء و قلة من المراهقين في الحرب قصدا فهؤلاء يطالهم الحكم.

انتهى عهد الرق في الواقع العالمي لكن هل انتهى في الإسلام الدين العالمي ؟

أما وضع مقارنة في هذه الخصوصية بين الإسلام و بين النظام العالمي الجديد الذي قلب الموازين و أصبح فيه الأقوى أو القوي المفترض هو دول الكفر و العلمانية التي فصلت الدين نهائيا عن التشريعات و استعاضت عنه بقوانين نسبية ألغت الرق لأسباب سياسية و اجتماعية ( منها غياب ضوابطه عندهم لقرون عدة بإباحة الاسترقاق مطلقا بغير حرب و وقوع الظلم و الاستبداد البشع و البطش و الإذلال الشنيع و التعذيب و سلب الكرامة من كل وجه للإنسان على من دخل تحت سيطرتهم و في ملكيتهم من الرقيق كما فعلت اسبانيا و بريطانيا النصرانيتين بالعرب و السود و اللاتينيين على مدى أربعة قرون لغايات استعمارية و اقتصادية ليس إلا. و هو نفس الشيء الذي حدث مع المرأة الغربية و حقوقها التي كانت منتهكة في ظل حكم أوربا النصراني لعقود طويلة لحد اعتبارها سلعة فقامت الثورة المضادة بتحريرها ب 360 درجة) فهذه المقارنة أغفلت عند أصحابها أموراً و اعتبارات كثيرة و هي أن هذا النظام الجديد الذي ائتلفت عليه الأمم الكافرة و الذي ألغى الرق لما ذكرنا هنا بين قوسين ليس نظاماً بريئا و نزيها و إنسانيا كما قد يتصوره أصحاب هذه المقارنة الساذجة. فقد وطّن نفسه لمحاربة الإسلام و التضييق على أهله و زرع الفتنة بينهم و قتلهم أو سجنهم في ديارهم قبل ديار المهجر بدعوى الإرهاب كما فعلوا بفلسطين و أفغانستان و البوسنة و كشمير و العراق و سورية و مصر و بورما و غيرها في القرن الحديث من طريق الكيل بمكيالين، ناهيكم عن قرون طويلة خلت من الإستعمار و الاستبداد التي انتهب فيها القائمون على هذا النظام خيرات المسلمين و الشعوب الإفريقية و اللاتينية و الآسيوية حتى التخمة لصالح العالم الأول و الرجل الأبيض المتفوق في السلم التطوري –زعموا- حتى لم يعودوا بحاجة إلى استرقاق أحد، فطبعا لقد صاروا أقوياء على حسابنا و حقّقوا منتهى مطالبهم ، هل يريدون مثلا هداية أحد ؟؟ .. و بالتالي ما يقترفونه اليوم كبديل عن استرقاق الشعوب يقترفونه تحت غطاء الشرعية الكاذبة و بدعوى نشر الديمقراطية المجتزئة أو الحرب على الإرهاب المزعوم فضاعت حقوق ملايين من المسلمين و غيرهم في بلدانهم بل ضاعت هويتهم و هذا هو الأسوء بغزوهم عسكريا و ثقافيا و بأساليب مختلفة إما مباشرة كالحرب و التقتيل بالجملة و التعذيب و سلب الحريات و التهجير و التشريد و تجفيف منابع الدعوة الإسلامية و قطع الطريق على الإصلاح السياسي الشرعي، أو بطرق غير مباشرة كغسل الأدمغة تعليميا و إعلاميا أو تهجيرها، و فرض حكومات جبرية عميلة و المؤامرات الظاهرة بينهم و بين أذنابهم من الصهاينة و الحكومات العربية و بالتواطئ العلني مع المعسكر الشيعي العدو التقليدي للمسلمين كما نشهد اليوم في أكثر من دولة مسلمة.

إذن فالكلام عن الرق يجب أن يقترن اليوم كما في السابق بالحديث عن الكفر كدولة و كنظام أخطبوطي له أبعاده العالمية التي تناقض المقاصد الإسلامية السامية و لا تراعي خصوصية الشعوب الأخرى بدعوى العولمة و تحيك المؤامرات ضدا في الإسلام و أهله، نظام يحتم على المسلمين و على ذوي القرار منهم خاصة أن يعودوا بالإسلام إلى مجده و سابق عهده. فإذا عاد أهل الكفر عدنا، أي إذا أبت تلك الدول الكافرة حكم الله و استمروا في مكائدهم و لم يرتضوا ما يمليه إمام المسلمين عليهم لمصلحة دولة الإسلام من معاهدة أو فرض جزية فقد حكم المحاربون منهم على أنفسهم بالقتل أو الرق و من اتفق أن حضر ساحة الحرب نكالا من الله.

و تأكيدا على خصوصية الإسلام في هذا المنحى فهو كدين رباني و دعوة إلهية للعالمين لا تخص قوما دون قوم و لا شعبا دون شعب و لا عرقا دون عرق فهو فوق كل القوانين الأرضية التي فُرضت على الناس و أذلتهم و استضعفتهم بل استعبدتهم بطرق غير مباشرة حتى بات من كان يعيش في ظل الرق الإسلامي في أزمنة غابرة أحسن حالا و أوفر حظّا ممن يعيش اليوم منا في بلده تحت سيطرة النظام العالمي الأممي الجديد، حيث فرض هذا النظام سياسات سافرة متحيزة للظلمة و الطغاة و كل داعية كفر و فسق على حساب الإسلام و أهله. و يبقى أن حسابات الإسلام و اعتباراته و منطلقاته و مسوغاته و الحال هذه هي غير حسابات أعدائه المعترضين سبيله و غير اعتباراتهم و منطلقاتهم و مسوغاتهم و أهدافه غير أهدافهم مع وجود الدواعي و الأسباب طبعا.

و ما نراه جليا اليوم عبر وسائل الإعلام هو أن العالم يسير في طريق الإنحدار حيث أصبح الكفر و الفسق و الشذوذ و الدعارة و التعري بل الظلم و سلب الحقوق مُشرَّعا و مقنّنا و بات كل ما هو إسلامي أخلاقي محاربا و في بلده ليس فقط تحت غطاء الأسطوانة المشروخة من علمانية و ديمقراطية بل أيضا تحت غطاء الليبرالية و الحداثة و فزاعة الحرب على الإرهاب و غدا لا سمح الله قد يكون تحت ذريعة شعار الالحاد البدائي '' لا إله و الحياة مادة'' و كلٌّ إلهُ نفسِه فيصبح المسلمون في الأرض هم العدو الأكبر للإنسانية المجردة كليا من الإيمان و الحس الأخلاقي بعد أن كانوا لزمن طويل خيرَ أمة أخرجت للناس.

من فقه الإسترقاق ( من موقع الدرر الشامية) :

هناك حقائق يجب معرفتها بخصوص السبايا من النساء الكافرات توضح الأمر وتجليه لمن أراد معرفة الحق من مصادره الأصلية ، وهي :

1. الإسلام لم يشرع ابتداء سبي النساء ، بل هو نظام كان معمولاً به في الأمم السابقة ، وقد كانت له مصادر كثيرة تسترق بها النساء ، فحصرها الإسلام بمصدر واحد وهو القتال المشروع مع الكفار .

2. لا تسبى النساء في الإسلام لمجرد كفرها ، بل تسبى المقاتلات للمسلمين في المعارك ، والمهيجات للكفار على القتال ، ولا شك أن أسر هؤلاء النساء وسبيهن خير لهن من القتل

3. سبي النساء الكافرات من قبَل المسلمين قد يجر عليهن خيراً عظيماً ، وذلك بأن تدخل في دين الله تعالى فتصير مسلمةً ، وهي بذلك تُنجي نفسها من الخلود في نار جهنم ، كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ ) رواه البخاري ( 2848 ) .

قال ابن حجر – رحمه الله - :

قال ابن الجوزي : معناه : أنهم أُسروا وقُيدوا فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعاً ، فدخلوا الجنة ، فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول ، وكأنه أطلق على الإكراه التسلسل ، ولما كان هو السبب في دخول الجنة أقام المسبب مقام السبب .

" فتح الباري " ( 6 / 145 ) .

4. وقد يحصل لبعض المسبيات فضائل دنيوية كالمال والجاه والعلم ، وعلى رأس الشرف الديني والدنيوي ما حصل لصفية بنت حيي بن أخطب ، وجويرية بنت الحارث ، وقد كان سبيهما سبباً في تزوج النبي صلى الله عليه بهما ، حتى صارتا أمهات للمؤمنين جميعاً ، فهما زوجتاه في الدنيا والآخرة ، وأي شرف يمكن أن تحظى به مسبية مثل هذا ، فلا ندري كيف لواحدٍ أن يُنكر تشريع السبي وفعل المسلمين بهنَّ .

5. إذا أُسرت المرأة مع زوجها وصارا في ملك رجل واحدٍ من المسلمين : فإنه لا ينفسخ عقد الزوجية بين تلك الكافرة وزوجها ويبقيان على عقدهما ، وعليه : فلا يستطيع مالك تلك المرأة أن يجامعها .

6. لا يجوز للمسلم أن يجامع المرأة المسبية مباشرة حتى يستبرئ رحمها ، فإذا كانت حاملاً فبوضع حملها ، وإذا كانت حائلاً [ ليست ذات حمل ] فبحيضة واحدة .

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي " سَبَايَا أَوْطَاسَ " : ( لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً ) .

رواه الترمذي ( 1564 ) وأبو داود ( 2157 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

قال المباركفوري – رحمه الله - :

وفيه دليل على أنه يحرم على الرجل أن يطأ الأمَة المسبيَّة إذا كانت حائلا حتى تستبرئ بحيضة ، وقد ذهب إلى ذلك الشافعية والحنفية والثوري والنخعي ومالك . انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 5 / 151 ) .

7. لا يحل لأحد أن يجامع تلك المرأة إلا الذي وقعت في سهمه من المسلمين ، فهي ليست مشاعاً ، بل هي مملوكة لشخص واحدٍ ، ومقصورة عليه ، كما أن الاستمتاع بالزوجة خاص بزوجها فقط . كما أنها إذا تزوجت وهي في الرق ، صار حق الاستمتاع خاصا بزوجها ، وحرم ذلك على سيدها .

8. المرأة المسبية إذا أنجبت من سيدها فإنها تُعتق بموته .

9. فتحت الشريعة المطهرة أبواباً متعددة لعتق الرقاب ومنهم النساء المسبيات وبعض هذه الأبواب واجب على المستطيع ، فكفارة اليمين والقتل والخطأ والظهار والجماع في رمضان فيها عتق رقبة ، وعقوبة من لطم مملوكه أو ضربه أن يعتقه ! ، وثمة أحاديث كثيرة فيها بيان عظيم الأجر لمن أعتق رقبة لوجه الله .( الإسلام سؤال و جواب )

يتبين لنا مما سبق أن مسألة سبي الكافرات مما يطبق في نطاق النظام الإسلامي بالضوابط السابق ذكرها إذا وجد سببه مع وجود سيادة لدولة نظامها السيادة فيه للشريعة الإسلامية ، و هذا مما لا يتوافر الأن ، ولذلك لا يجب على أمراء الجهاد في جباهاته أن يكون خيارهم فيمن يقعون تحت أيديهم من نساء الكفار ،السبي لما يترتب علي ذلك من المفاسد التي من مقاصد الشريعة درءها ،مع عدم وجود دولة نظامها السيادة فيها للشريعة، قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله: "فإن عدم الإمام لم يُؤخر الجهاد، لأن مصلحته تفوت بتأخيره، وإن حصلت غنيمة قسمها أهلها على موجب الشرع، قال القاضي: ويُؤخر قسمة الإماء حتى يظهر إمام احتياطاً للفروج".اهـ [المغني 12/432].

و أيضا ليس الخيار واحد فيمن يؤسرون عموما كما هو معلوم من الأدلة الشرعية ،(حَيْثُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الاِسْتِرْقَاقِ وَغَيْرِهِ ، كَجَعْلِهِمْ ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ ، أَوِ الْمُفَادَاةِ بِهِمْ ، أَوِ الْمَنِّ عَلَيْهِمْ - كَمَا فَعَل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ - عَلَى مَا يَرَى مِن الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ . ) و هذا التخيير الشرعي مبني على المصلحة الشرعية و ليس على التشهي ، فليس من الشرع أن تكون خيارات قادة الجهاد عموما متناقضة مع مقاصد الجهاد الشرعية ومن ذلك خيار السبي في واقع ليس للمسلمين فيه دولة تضبط أحكامه السالفة الذكر ، مع ما في ذلك من فتح ذريعة للمتربصين بالإسلام و أهله و الذين يضعون الموضوع في غير موضعه و يعرضونه بطريقة بعيدة عن مقاصد الشريعة فيه ، فيجب سد هذه الذريعة و بالله التوفيق

المفتى أو المستشار:
شبكة الدرر الشامية - القسم العلمي


مقال يقربك أكثر من فهم النظام العالمي الجديد :

النظام العالمي الجديد (العولمة) (GLOBLIZATION)
أنواعها، وكيف نشأت، ولماذا وجودها الآن؟
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/83008/#ixzz4KR0YuVOu