جرت على ألسنة أكثر الناس أن الحمد حينما يقولون الحمد لله هو بمعنى الشكر حتى إذا أصاب أحدهم مكروه و قال الحمد لله وقع في إشكال و تحير كيف يحمد الله على المكروه و هو لا يفهم من الحمد سوى الشكر و الشكر معهود في الإحسان و الإنعام و الأفعال الإلهية المتعدية .. و الحقيقة أن الحمد أعم و أشمل فهو يتضمن معنى الشكر من جهة و من جهة أخرى يراد به الثناء الواجب لله تعالى بمحامده اللازمة لذاته مهما كان منه قدرا للعبد فلا ينبغي الحمد في هذا المقام و في كل مقام إلا لذاته سبحانه و لأن الخير منه وحده و الشر ليس إليه إنما يصيب به العبد عدلاً و استحقاقاً و لأن العبد متصف بالنقص في ذاته و لا ينبغي له الكمال بحال لأنه مخلوق مربوب، فحينما نقول الحمد لله عند المكروه لا نقولها شكرا و إن كان من الشكر أن نشكر الله على كثير مما أصابنا لأنه تكفير عن سيئاتنا و وقاية لنا من مصائب أكبر و هذا داخل في الحمد أيضا، لكن المعنى الغالب و المراد بالحمد عند حصول المكاره هو إفراد الله تعالى بالثناء المستحق له على كل حال فهو سبحانه المنزه عن الوقوع في المكروه أو يُنسب إليه و الخلق غير منزهين و وقوع المكروه بهم إما عدل من الله تعالى أو رحمة بهم.