النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: الردة ليست من حرية العقيدة بل نقض للعقد الاجتماعي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الردة ليست من حرية العقيدة بل نقض للعقد الاجتماعي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    رحم الله ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
    وثبت الله أهل السنة والجماعة

    الردة ليست من حرية العقيدة بل نقض للعقد الاجتماعي

    قرأت في المنتدى موضوعات يشكك فيها الليبراليين في حد الردة في الاسلام بوصفه ينافي حرية المعتقد وما يسمونه " حرية التعبير" وقد رد عليهم أسود المنتدى ردا قاصما قصم ظهورهم وفروا من النقاش الى السباب والشتائم كدأبهم.
    ولأني مختصة في الدراسات القانونية وددت أن ألقي ببعض الضوء على المسألة في اطارها القانوني المحض لنتبين الاعجاز التشريعي في هاته المسألة.
    في الحقيقة لقد أدى تغير العقد الاجتماعي في العصر الحديث من عقد اجتماعي مبني على الاسلام الى نوع آخر من العقد الاجتماعي مبني على ما يسمى " المواطنة " الى اساءة فهم بعض أحكام الدين الحكيمة والسامية ليس فقط من طرف الليبراليين الذين يبغونها عوجا بل من بعض المتعالمين المسلمين المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والتلقي من أمثال عدنان ابراهيم الجاهل الغليظ وغيره.

    مفهوم العقد الاجتماعيsocial contract
    العقد الاجتماعي تكلم عنه الكثيرون قبل الفرنسي جون جاك روسو لكن أول من وضع المصطلح هو هذا الأخير. ويعني طبيعة الرابطة التي تجعل عددا كبيرا من الناس يخضعون لسلطة موحدة تنظم حياتهم وتصرف شؤونهم وهو الأساس في تشكيل الدول.
    بطبيعة الحال يخضع جميع الأفراد القاطنين في اقليم معين الى أحكام ذلك العقد الاجتماعي فالذي يعيش في أمريكا ملزم بالخضوع الى مقتضيات القانون الأمريكي والأعراف الاجتماعية السائدة هناك والذي يعيش في اليابان ملزم بالخضوع للملكية وأ حكامها والأعراف الاجتماعية السائدة هناك.
    وهذا العقد الاجتماعي هو عقد جماعي ضمني وغير معلن وملزم وغير تفاوضي فلا يحق لشخص يتواجد في التراب الأمريكي مثلا ولو بصفة مؤقتة أن يرفض الخضوع لأحكام القانون الأمريكي وأعراف المجتمع الأمريكي بحجة أنها لا تعجبه أو غير مقتنع بتلك التشريعات.
    بل ينطبق عليه جميع أحكام القانون والعرف الأمريكي طالما تواجد ولو ليوم واحد فوق ذلك التراب خضوعا للعقد الاجتماعي المؤسس للدولة الأمريكية.

    طبيعة العقد الاجتماعي في الاسلام وانصافه
    يرتبط المسلمون داخل الأرض التي يكون فيها السلطان والغلبة للمسلمين بعقد اجتماعي مبني على الاسلام وتطبيق أحكامه وتكون بطاقة الهوية والتعريف داخل ذلك الاقليم هي كلمة " مسلم" وتتحقق تلك الهوية بالاعلان عن الشهادتين للدخول ضمن ذلك العقد الاجتماعي والحصول على جميع الحقوق المرافقة لذلك مثل الحق في الزواج من مسلمة والأكل من الذبيحة وغيرها ووراثة التركة وغيرها من الحقوق.
    ويعيش غير المسلمين داخل الدولة الخاضعة لحكم المسلمين بحرية كاملة تضمن لهم حرية العقيدة والامتلاك و يعلنون خضوعهم للعقد الاجتماعي المؤسس للدولة عن طريق دفع الجزية وهي مبلغ زهيد يعلنون به خضوعهم لأحكام العقد الاجتماعي الذي يعيشون في كنفه ويعفون بسببه من الخدمة العسكرية ومن القتال مع المسلمين ولا يسمح لهم بتولي مناصب خطيرة داخل مجتمع المسلمين تتعلق بمصيرهم أو أمنهم.
    فساد العقد الاجتماعي المبني على مفهوم المواطنة
    العقد الاجتماعي المبني على مفهوم المواطنة هو نوع حديث من أنواع العقد الاجتماعي وهو عقد فاسد واضح الفساد وسنبين فيضا من غيض من فساده
    - بموجب هذا العقد يتساوى جميع المواطنين مهما كان دينهم في جميع الحقوق والواجبات بحجة أنهم يعيشون في تراب واحد...لكن هل هذا حق.
    اذا تم تطبيق هذا العقد على وجه الحقيقة فيمكن لشخص مسلم أن يتولى قيادة المخابرات في اسرائيل لأنه مواطن يعيش في التراب الاسرائيلي و يسلم هذا البلد لأعدائه
    كما يمكن ليهودي أن يصبح وزيرا للدفاع أو قائدا لأحد أركان الجيش أو وزيرا للثقافة أو رئيسا للدولة في السعودية مثلا بحجة أنه مواطن يعيش على التراب السعودي ويسلم هذا البلد لأعدائه...
    بينما العقد الاجتماعي المبني على الاسلام لا يسمح بذلك.قال تعالى " ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ( 118 ) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ( 119 ) )
    بطبيعة الحال فان العقد الاجتماعي المبني على المواطنة عبارة عن نفاق فقط فلا تسمح أي دولة في العالم أن يتولى شخص يخالفها دينها وايديولوجيتها تولي المناصب الخطيرة للدولة وان فعلوا ذلك على سبيل النفاق فانهم يضعونه تحت مجهر المراقبة.
    واذا عدنا للتاريخ الاسلامي نجد المسلمين ذبحوا بالسكين وسلخت جلودهم بسبب تولي غير المسلمين لشؤون المسلمين الخطيرة وخذ مثالا على ذلك ما فعله وزير الخليفة العباسي نصير الدين الطوسي الرافضي الذي سلم العراق لهولاكو وجنوده فذبحوا المسلمين وبقروا بطونهم وحرقوهم بالنار حتى سالت أودية الدماء في بغداد فكان الرجل يرفع ثوبه اذا مشى حتى لا يغرق في الدماء.

    - العقد الاجتماعي المبني على المواطنة لا يتضمن ولاءا حقيقيا للوطن.
    يؤدي اقامة العقد الاجتماعي على اساس المواطنة الى عيش أشخاص داخل تراب الدولة لا يحملون لها الولاء بل هم من أشد اعدائها.فتجد مثلا الرافضي في البحرين أو العراق يعيش على التراب الوطني لكن ولائه مبذول لايران ومستعد لخيانة وطنه في أي لحظة وتسليمها للايرانيين وقد صرحوا بذلك جهارا نهارا ففي حوارات تلفزيونية مع بعض قادة الرافضة صرحوا انه لو اندلعت حرب بين ايران وبلادهم فسوف يقاتلون أهل وطنهم مع ايران.
    وكذلك فان ولاء المسيحيين الأقباط في مصر ليس لوطنهم ومستعدون لتسليم بلادهم لأول عدو يهودي أو نصراني يهاجمها ويقاتلون معه أهل وطنهم ومنتدياتهم لمن أراد الاطلاع عليها تعج بالسباب والشتم والتهديد والتوعد لأهل وطنهم المسلمين يفرحون لما يصيبهم من مصيبة ويحزنون لما يصيبهم من سراء وخير فأي عقد هذا المبني على المواطنة
    ويعتبر أولئك الأقباط النصارى أهل وطنهم المسلمين محتلين لهم ويتوعدون بالهجوم عليهم في أول فرصة تسنح لتحرير وطنهم من أهلها المسلمين....فانظر أيها المسلم فساد هذا العقد وكذبه ونفاقه ولا تغتر بالشعارات و النفاق السياسي فان الله تعالى وهوأعلم بما في صدور العالمين يقول" قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ "
    وقس على ذلك الكثير ....

    _ العقد الاجتماعي المبني على المواطنة لا يعفي من الخدمة العسكرية
    بموجب العقد الاجتماعي المبني على المواطنة فان رجلا يهوديا يعيش في مصر سيحارب الاسرائليين رفقة المسلمين اذا أعلنت مصر الحرب على اسرائيل فهل هذا عين العدل والحق وهل سيبذل هذا اليهودي ولائه الكامل للجيش المصري مثلا.
    وبموجب هذا العقد فان مسلما يعيش في أمريكا سيقاتل المسلمين في مصر فيما لو اعلنت امريكا الحرب على مصر .
    بينما العقد الاجتماعي المبني على الاسلام صادق وعادل فهو يعفي غير المسلمين من القتال والخدمة العسكرية مقابل الجزية التي هي مبلغ رمزي يعلنون به خضوعم للعقد الاجتماعي للاسلام.


    - العقد الاجتماعي المبني على المواطنة يؤدي الى تعطيل حرية العقيدة
    بطبيعة الحال يدعي الغربيون أن المواطنة والعلمانية لا تعني محاربة حرية العقيدة بل تعني حماية الحريات الدينية للمواطنين بشكل متساو ....فهل هذا حق.
    بالفعل عندما يكون عدد المخالفين لدين الدولة قليل غير معتبر فلن تجد الدولة حرجا في حماية حريتهم الدينية والسماح لهم بممارسة شعائر دينهم....
    لكن يظهر الكذب والنفاق داخل هذا العقد الاجتماعي المزور عندما يكون عدد المخالفين لدين الدولة معتبرا...
    خذ مثلا فرنسا عندما كان عدد المسلمين قليل لم تحفل بهم وعاشوا في حرية دينية خيالية لكن عندما صار عددهم بالملايين تحرك الحقد الذي في النفوس وبان عوار العقد الاجتماعي الكاذب والموهوم فصاروا يمنعون المسلمين من ارتداء الحجاب بينما يسمحون للنصارى بارتداء الصليب واليهود بارتداء زيهم الديني من قبعة وظفائر الشعر وغيرها
    وحاصروا بناء المساجد ومنعوها ومنعوا الآذان ويتم اقصاء المسلمين من التوظيف استنادا الى اسمهم الذي يكشف هويتهم للضغط عليهم للتسمي باسماء أجنبية
    وهناك أكثر من مئة ألف صفحة الكترونية بالفرنسية للتحريض ضد المسلمين والأمر بطردهم واعتبارهم غزاة فأين هو عقد المواطنة
    قلت هناك ملايين الصفحات الالكترونية للتحريض ضد المسلمين تنادي بطرد المسلمين بحجة انهم لا يرتدون الثياب الفرنسية ولا يسمون أبنائهم باسماء فرنسية ويرفضون الاباحية و يمارسون دينهم وطريقة الذبح الخاصة بهم......الخ
    وهناك دول أخرى تمنع المسلمين من الصيام ودول أخرى تمنعهم من الختان ودول أخرى تحرقهم أحياء ودول أخرى تمنعهم من الامتلاك.....الخ
    هنا يتضح أن العقد الاجتماعي المبني على المواطنة هو عقد زور كاذب لا يؤسس للحق فلماذا لا يأخذ ون مبلغا زهيدا من المسلمين لاعلان خضوعهم للعقد الاجتماعي القائم في بلدانهم ويتم السماح لهم بممارسة حرية عقيدتهم.


    هناك خمسة عشرة نقطة أخرى لسرد عيوب العقد الاجتماعي المعاصر المبني على المواطنة لكن دعونا نعود لعنوان الموضوع وهو

    هل الردة هي حرية عقيدة أم نقض للعقد الاجتماعي
    بينا أن الدول تتأسس على عقد اجتماعي ضمني ملزم لجميع الأفراد القاطنين في الاقليم الخاضع لذلك العقد الاجتماعي...
    ففي العقد الاجتماعي المبني على المواطنة فان الشخص الذي يخون بلاده مثلا يكون قد نقض العقد الاجتماعي للدولة ويتم قتله قصاصا وليس له الحق في الاحتجاج مثلا بأنه رجل قبطي نصراني وغير مقتنع بالعقد الاجتماعي القائم في الدولة المصرية لذلك أفشى أسرارها. فان العقد الاجتماعي بكل قوانينه وأعرافه ملزم و غير تفاوضي بشكل فردي
    فهو يجسد أمن البلاد واستقررها وقيام الحقوق والواجبات بداخلها.وضربه خطر على البلاد والعباد
    وسب الملك في اليابان يعد نقضا للعقد الاجتماعي القائم هناك يوجب القصاص قتلا ولا يمكن للشخص الاحتجاج بعدم الاقتناع بطبيعة هذا العقد لأنه عقد جماعي وليس فردي.
    وكذلك سب شخصية تاريخية يحترمها الصينيون يعتبر نقضا لعقدهم الاجتماعي الجماعي ويوجب القصاص.
    ونظرا لتغير طبيعة العقد الاجتماعي في غالب بلاد المسلمين ليتبع الموضة الغربية من الاسلام الى المواطنة فقد أساء بعض المتعالمين المسلمين أو الليبراليين فهم حد الردة في الاسلام وبعض أحكام الاسلام الأخرى التي لها علاقة بالعقد الاجتماعي.
    حيث أن المرتد عن الاسلام يكون ناقضا للعقد الاجتماعي الذي ربطه بالدولة والذي بموجبه تحصل على الحقوق مثل الحق في وراثة التركة والزواج من المسلم وأكل الذبيحة وغيرها...
    فبنقضه للعقد الذي يربطه بالدولة وجب القصاص منه لحفظ أمن البلاد والعباد وضمان استقرار عقدهم الاجتماعي المؤسس للحقوق والواجبات في دولتهم
    وللبرهان على أن الردة هي نقض للعقد الاجتماعي فانه لا يوجد أحد سيقوم بالتشريح على قلوب الخلائق لمعرفة المسلم ممن يضمر النفاق وانما يتم القبض على المرتد واحالته على القضاء اذا أقدم على فعل فيه خروج عن جماعة المسلمين كأن يسب الله أو رسوله أو يعتدي على المصحف أو غيرها من نواقض الاسلام.فيكون بذلك قد نقض العقد الذي يربطه بتلك البلاد .
    واذا كان أحد المتعالمين أو الليبرليين يعتقد ان العقد الاجتماعي المبني على الاسلام ليس مقدسا ولا يستحق ناقضه القصاص قتلا فلماذا يعتبر العقد الاجتماعي المبني على المواطنة والذي يتضمن الولاء لقطعة تراب أو العقد الاجتماعي الذي يتضمن الولاء لملك أو الولاء لتمثال أو لرمز تاريخي أو علم عقدا مقدسا وملزما يقتل من ينقضه. وهل يقبل احتجاجه بأنه لا يعتبر الملك أو فلان أو الأرض الفلانية مقدسة.
    ذلك أن جميع الأمم منذ بدء التاريخ تخصص عقوبات متفاوتة لمن يخرق قوانيها ولكن تخصص القصاص قتلا لمن نقض العقد الاجتماعي في حد ذاته لأنه ليس تعبيرا عن رأي او فكر بل اعلان حرب.
    وقد نوهت في تعريف العقد الاجتماعي بأنه جماعي وملزم وليس عقدا فرديا يخضع للتفاوض الفردي.
    الموضوع طويل ولم يأخذ حقه من توضيح المفاهيم القانونية الخاصة بالعقد الاجتماعي لكن لعل الله ينفع بهذا ....آمين


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    من سماحة العقد الاجتماعي في الاسلام
    بقلم أبو حب الله
    ّ
    ...


    مقتطفات من رسالة الدكتور منقذ محمود السقار - مكة المكرمة – صفر – 1427هـ ..
    وبسم الله نبدأ (الترقيم من عندي) ..

    1)
    والموضوع الذي نحن بصدده رسالة نتقدم بها إلى أولئك الذين دأبوا على اتهام الإسلام بالانغلاق، ووصموه بما يكذبه التاريخ ولا تعشى عنه الأبصار.

    إنه لمن العجب أن يوسم الإسلام بالصفة ونقيضها، فلئن اتهمه بعضهم بالعنف فإن آخرين عابوا عليه نزعته التسامحية ورأوها سبب أفول الدولة الإسلامية، يقول الكونت هنري دي كاستري في كتابه "الإسلام": "تطرف المسلمون في المحاسنة؛ لأنها سهلت العصيان للعصاة، ومهدت لبعض الأسر المستقلة في المغرب الخروج على الجماعة في بلاد الأندلس وبلاد المغرب، وانتهى الأمر – مع المحاسنة – إلى انحلال عناصر المملكة العربية، ومن المرجح أن المسلمين لو عاملوا الأندلسيين كما عامل المسيحيون الأمم السكسونية والواندية؛ لأخلدت إلى الإسلام واستقرت عليه" !!..

    سماحة الإسلام، أحمد الحوفي (209)

    ----------

    2)
    الكفر: وصف يشمل كل من كذب الرسول عليه الصلاة والسلام، في شيء مما جاء به، أو صدقه وامتنع عن الدخول في الإسلام، يقول ابن تيمية: " الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم" !!..
    درء تعارض العقل والنقل (1/242)
    فالمقصود به ما سوى المسلمين من أهل الملل والأديان.

    والكفار تجاه المجتمع المسلم على أنواع: أولها الحربي، وهو المقيم في بلاد الكفر المحاربة للمسلمين، ولا تعلق له بمبحثنا إلا إذا دخل بلاد المسلمين بهدنة أو أمان، فلا يصير حينذاك حربياً، بل معاهداً أو مستأمناً. قال ابن القيم: "الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد؛ وأهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان" !!..

    أحكام أهل الذمة (2/873)

    >>>
    فأهل الذمة هم المقيمون تحت ذمَّة المسلمين بدفع الجزيَّة حصراً، قال ابن القيم: "ولفظ الذمة والعهد يتناول هؤلاء [أهل الذمة وأهل الهدنة وأهل الأمان] كلهم في الأصل , وكذلك لفظ الصلح ، فإن الذمة من جنس لفظ العهد والعقد.

    وقولهم: هذا في ذمة فلان، أصله من هذا، أي: في عهده وعقده .. ولكن صار في اصطلاح كثير من الفقهاء أهل الذمة عبارة عمن يؤدي الجزية ، وهؤلاء لهم ذمة مؤبدة، وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله، إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله" !!..
    أحكام أهل الذمة (2/873-874).

    ومقصوده رحمه الله بجريان أحكام الإسلام أي العامة منها، وإلا فإنه لا يعرض لهم في خاصة أمورهم وما تعلق بدينهم من شرائع.

    >>>
    وأما أهل العهد من غير المسلمين فهم الذين صالحهم الإمام أو هادنهم، قال ابن القيم: "أهل الهدنة فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم، سواء كان الصلح على مال أو غير مال، لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة، ولكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين، وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة" !!!..
    أحكام أهل الذمة (2/874).

    >>>
    وأما المُستأمن فهو من أهل بلاد الحرب يدخل بلاد المسلمين بأمان لغرض ما ، لا على وجه الديمومة، قال النووي: "المستأمن هو الحربي الذي دخل دار الإسلام بأمان" !!..
    تحرير ألفاظ التنبيه (325) .

    وفصّل ابن القيم فقال: "وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أقسام: رسل وتجار ومستجيرون، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية" !!..
    أحكام أهل الذمة (2/874) .

    والأصل في الأمان أن يكون من الوالي، ولو أعطاه أحد المسلمين ثبت له ، فقد أجارت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم أبا العاص بن الربيع , فأمضاه عليه الصلاة والسلام !!..
    رواه عبد الرزاق في المصنف (5/224) , والبيهقي في السنن (9/95).

    كما أمضى صلى الله عليه وسلم جوار أم هانىء لأحمائها، فقال لها: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أم هانىء, إنما يجير على المسلمين أدناهم)) !!..
    رواه البخاري ح (6158), ومسلم (336) .

    وعليه فأي مسلم أمّن حربياً دخل بلاد المسلمين ثبت أمانه - كائناً من كان - ، لأن ((ذمة المسلمين واحدة, يسعى بها أدناهم, فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين , لا يُقبل منهم صرف ولا عدل)) !!..
    رواه البخاري ح (7300) , ومسلم ح (1370)

    ----------

    3)
    < وأقول أنا أبو حب الله : والغريب : ليس فقط فيما سبق !!.. ولكن في ميل التشريع الإسلامي لجانب إعطاء الأمان للغريب : بمجرد الشُبهة أو الادعاء : حتى ولو بتكذيب المسلم > !!..
    ولنقرأ هذا العجب ....


    ويلحق بالمستأمن من كان له شبهة عهد أو ادعاه، قال محمد بن الحسن الشيباني: "لو خرج من دار الحرب كافر مع مسلم، فادعى المسلم أسره، وادعى الآخر الامان؛ فالقول قول الحربي" !!..
    شرح السير الكبير (2/551) .

    وبمثله لو ادعى أنه رسول، قال ابن قدامة : "إذا دخل حربي دار الإسلام بغير أمان , وادعى أنه رسول : قُـبِل منه, ولم يجز التعرض له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرسولي مسيلمة : (( لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما))" !!..
    الكافي في فقه ابن حنبل (4/333)، والحديث رواه أبو داود ح (3762)، وأحمد ح (3752)، واللفظ له.

    وكل ما يشتبه على الحربي أنه أمان؛ يصير أماناً له، قال ابن قدامة: "وإن أشار إليه [مسلم] بالأمان فهو آمن .. وإن قال له: قف أو قم أو ألق سلاحك : فقال أصحابنا: هو أمان؛ لأن الكافر يعتقده أماناً، فأشبه قوله: لا تخف" !!..
    الكافي في فقه ابن حنبل (4/333) ..

    < وأسأل أنا أبو حب الله : هل هذه أخلاق وتشريعات مَن ينتهبون الناس ويستبيحون دماءهم وأموالهم وأعراضهم بغير وجه حق أو : يُجبرون أحدا ًعلى الإسلام مستغلين ضعفه بين أيديهم ؟!!..
    ولنواصل > ...

    وممَن يأمن بأمان المسلمين في بلادهم؛ التجار. قال أحمد: " إذا ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجار مشركون من أرض العدو يريدون بلاد الإسلام لم يعرضوا لهم ولم يقاتلوهم، وكل من دخل بلاد المسلمين من أهل الحرب بتجارة بويع، ولم يسأل عن شيء" !!..
    المغني (9/199) .

    وهكذا فالكافر إذا دخل بلاد المسلمين بعهد أو امان، أو أقام بينهم؛ فهو في ذمة المسلمين وعهدهم، والله يقول: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً((الإسراء: 34).
    ----------

    4)
    ثم يتكلم الكاتب عن إرادة الله الكونية في اختلاف البشر الذي سيُظهر معادنهم وحقيقة الإيمان أو الكفر بداخلهم .. وهي بخلاف الإرادة الشرعية التي بها نود لو كل الناس مسلمون ونعمل على دعوتهم لذلك فيقول :
    والإنسانية خلقها الله وفق هذه السنة الكونية، فاختلف البشر إلى أجناس مختلفة وطبائع شتى، وكلّ من تجاهل وتجاوز أو رفض هذه السُّنة الماضية لله في خلقه، فقد ناقض الفطرة وأنكر المحسوس.
    واختلاف البشر في شرائعهم هو أيضاً واقع بمشيئة الله تعالى ومرتبط بحكمته، يقول الله: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً((المائدة: 48).

    (ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)( هود : 118– 119).

    قال ابن حزم: "وقد نص تعالى على أن الاختلاف ليس من عنده، ومعنى ذلك أنه تعالى لم يرض به، وإنما أراده تعالى إرادة كونٍ، كما أراد الكفر وسائر المعاصي (أقول أنا أبو حب الله : أي سمح بوقوعها) " !!..
    الإحكام في أصول الأحكام (2/64).
    أدرك المسلمون أن هداية الجميع من المحال، وأن أكثر الناس لا يؤمنون، وأن واجب الدعاة الدأب في دعوتهم وطلب أسباب هدايتهم. فإنما مهمتهم هي البلاغ فحسب، والله يتولى حساب المعرضين في الآخرة، قال الله مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: (فإن تولوا فإنما عليك البلاغ)(النحل: 82). وقال تعالى: (فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصيرٌ بالعباد)(آل عمران: 20).


    قال القرطبي: " فإن تولوا أي أعرضوا عن النظر والاستدلال والإيمان؛ فإنما عليك البلاغ، أي ليس عليك إلا التبليغ، وأما الهداية فإلينا" !!..
    الجامع لأحكام القرآن (10/161).

    قال الشوكاني في سياق شرحه لقول الله تعالى: (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) (الرعد: 40): "أي: فليس عليك إلا تبليغ أحكام الرسالة، ولا يلزمك حصول الإجابة منهم، لما بلّغته إليهم، (وعلينا الحساب) أي: محاسبتهم بأعمالهم ومجازاتهم عليها، وليس ذلك عليك" !!..
    فتح القدير (3/90) .

    وقال تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر *لست عليهم بمسيطر)(الغاشية: 21-22).
    ----------

    5)
    وأكد نبينا صلى الله عليه وسلم وصحبه احترام النفس الإنسانية ، ففي الخبر أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد كانا قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض، أي من أهل الذمة فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام. فقيل له: إنها جنازة يهودي؟! فقال: ((أليست نفساً)) ؟!!..
    رواه البخاري ح (1313)، ومسلم ح (961).


    < ملحوظة : حرف ح : اختصار لكلمة حديث رقم >

    ومن تكريم الله للجنس البشري ما وهبه من العقل الذي يميز به بين الحق والباطل (وهديناه النجدين)(البلد: 10) ، وبموجبه وهبه الحرية والإرادة الحرة لاختيار ما يشاء (إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً)(الإنسان: 3) , (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)(يونس: 99).


    وعليه فالإنسان يختار ما يشاء من المعتقد (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)(البقرة: 256) ، والله يتولى في الآخرة حسابه (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها)(الكهف: 29).

    قال ابن كثير : "أي لا تُكرِهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بَيِّن واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته؛ دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره؛ فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً" !!..
    تفسير القرآن العظيم (1/416).

    ويقول تعالى: (قل الله أعبد مخلصاً له ديني * فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين) (الزمر: 14- 15)، ويقول: (وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون)(الحج: 68-69).
    وقد امتثل سلفنا هدي الله، فلم يلزموا أحداً بالإسلام إكراهاً، ومن ذلك أن عمر بن الخطاب قال لعجوز نصرانية: أسلمي تسلمي، إن الله بعث محمداً بالحق قالت: أنا عجوز كبيرة، والموت أقرب إليّ! فقال عمر: اللهم اشهد، وتلا: (لا إكراه في الدين)(البقرة: 256).
    المحلى (11/196).
    ----------

    6)
    والإيمان ابتداء هو عمل قلبي، فليس بمؤمن مَن لم ينطو قلبه على الإيمان، ولو نطق به كرهاً فإنه لا يغير في حقيقة قائله ولا حكمه، وعليه فالمكره على الإسلام لا يصح إسلامه، ولا تلزمه أحكامه في الدنيا، ولا ينفعه في الآخرة.

    قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة: "لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه؛ أنه أجبر أحداً من أهل الذمة على الإسلام ... وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن فأسلم؛ لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعاً؛ مثل أن يثبت على الإسلام بعد زوال الإكراه عنه، وإن مات قبل ذلك فحكمه حكم الكفار، وإن رجع إلى دين الكفر لم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام .. ولنا أنه أكره على ما لا يجوز إكراهه عليه، فلم يثبت حكمه في حقه، كالمسلم إذا أكره على الكفر والدليل على تحريم الإكراه قول الله تعالى : (لا إكراه في الدين)(البقرة: 256)" !!..
    السير الكبير (10/103).

    وبمثله قال الفقيه الحنبلي ابن قدامة: "وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن فأسلم؛ لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعاً" !!..
    المغني (9/29)، وانظر كشاف القناع للبهوتي (6/180).

    وهذا ما حصل بالفعل زمن الحاكم بأمر الله الذي يصفه ترتون بالخبل والجنون، وقد كان من خبله أن أكره كثيرين من أهل الذمة على الإسلام، فسمح لهم الخليفة الظاهر بالعودة إلى دينهم، فارتد منهم كثير سنة 418هـ.
    أهل الذمة في الإسلام، د. أ س ترتون (214).

    ولما أُجبر على التظاهر بالإسلام موسى بن ميمون : فر إلى مصر، وعاد إلى دينه، ولم يعتبره القاضي عبد الرحمن البيساني مرتداً، بل قال: "رجل يُكره على الإسلام، لا يصح إسلامه شرعاً"، وعلق عليها الدكتور ترتون بقوله: "وهذه عبارة تنطوي على التسامح الجميل" !!..
    أهل الذمة في الإسلام، د. أ س ترتون (214).
    ----------

    7)
    وإذا لم يجبر الإسلام من تحت ولايته على الدخول فيه؛ فإنه يكون بذلك قد ترك الناس على أديانهم، وأول مقتضياته : الإعراض عن ممارسة الآخرين لعباداتهم، وضمان سلامة دور العبادة.
    وهذا – بالفعل - ما ضمنه المسلمون في عهودهم التي أعطوها للأمم التي دخلت في ولايتهم أو عهدهم، فقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران أماناً شمل سلامة كنائسهم وعدم التدخل في شؤونهم وعباداتهم ، وأعطاهم على ذلك ذمة الله ورسوله، يقول ابن سعد: "وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم: أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم ورهبانهم، وجوار الله ورسوله، لا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته" !!!..
    الطبقات الكبرى (1/266)، وانظر كتاب الأموال، ابن زنجويه (2/449).

    ووفق هذا الهدي السمح سار الخلفاء الراشدون من بعده صلى الله عليه وسلم ، فقد ضمن الخليفة عمر بن الخطاب نحوه في العهدة العمرية التي كتبها لأهل القدس، وفيها: "بسم الله الرحمن الرحيم ؛ هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ، ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أن لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيزها ، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم .
    ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم .. وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين " !!..
    تاريخ الطبري (4/449).

    ويجدر هنا (والكلام للمؤلف) التنبيه إلى أن الصيغة التي أوردها ابن القيم رحمه الله للعهدة العمرية لا تصح، وقد نبه العلماء على ضعف سندها، فقال الألباني: " وإسناده ضعيف جداً من أجل يحيى بن عقبة، فقد قال ابن معين : ليس بشيء. وفي رواية : كذاب خبيث عدو الله. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم : يفتعل الحديث ". إرواء الغليل (5/104).
    وبمثله كتب عمر لأهل اللُد.
    تاريخ الطبري (4/449).

    وبمثله أيضاً كتب عياض بن غنم رضي الله عنه لأهل الرقة، ولأسقف الرها !!..
    انظر : فتوح البلدان (239).

    وقد خاف عمر من انتقاض عهده من بعده فلم يُصلِّ في كنيسة القمامة !!..
    (سُميت كذلك لأن اليهود كانوا يلقون في مكانها القذر قبل أن تطهره هيلانة أم الامبرطور قسطنطين، وتتخذه كنيسة. انظر: تاريخ ابن خلدون (1/435))
    وذلك حين أتاها وجلس في صحنها، فلما حان وقت الصلاة قال للبترك: أريد الصلاة. فقال له البترك: صل موضعك. فامتنع عمر رضي الله عنه وصلى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفرداً، فلما قضى صلاته قال للبترك: (لو صليتُ داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي، وقالوا: هنا صلى عمر).
    وكتب لهم أن لا يُجمع على الدرجة للصلاة، ولا يُؤذن عليها، ثم قال للبترك: أرني موضعاً أبني فيه مسجداً فقال: على الصخرة التي كلم الله عليها يعقوب، ووجد عليها دماً كثيراً، فشرع في إزالته" !!..
    تاريخ ابن خلدون (2/266).

    وقد نقل هذه الحادثة بإعجاب المستشرق درمنغم في كتابه "The live of Mohamet" فقال: "وفاض القرآن والحديث بالتوجيهات إلى التسامح، ولقد طبق الفاتحون المسلمون الأولون هذه التوجيهات بدقة، عندما دخل عمر القدس أصدر أمره للمسلمين أن لا يسببوا أي إزعاج للمسيحيين أو لكنائسهم، وعندما دعاه البطريق للصلاة في كنيسة القيامة امتنع، وعلل امتناعه بخشيته أن يتخذ المسلمون من صلاته في الكنيسة سابقة، فيغلبوا النصارى على الكنيسة"، ومثله فعل ب سميث في كتابه: "محمد والمحمدية" !!..
    نقلاً عن التسامح والعدوانية، صالح الحصين، ص (120-121).

    وحين فتح خالد بن الوليد دمشق كتب لأهلها : "بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها أماناً على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم، ولا يسكن شيء من دورهم ، لهم بذلك عهد الله وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين" !!..
    رواه البلاذري في فتوح البلدان (166)، وانظر كتاب الأموال، ابن زنجويه (2/473).

    وتضمن كتابه رضي الله عنه لأهل عانات عدم التعرض لهم في ممارسة شعائرهم وإظهارها: "ولهم أن يضربوا نواقيسهم في أي ساعة شاءوا من ليل أو نهار، إلا في أوقات الصلاة، وأن يخرجوا الصلبان في أيام عيدهم" !!..
    رواه أبو يوسف في الخراج (175).

    وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: "لا تهدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار" !!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (138).

    قال أبو الوليد الباجي: "إن أهل الذمة يُقرون على دينهم ويكونون من دينهم على ما كانوا عليه، لا يمنعون من شيءٍ منه في باطن أمرهم، وإنما يمنعون من إظهاره في المحافل والأسواق" !!..
    المنتقى شرح موطأ مالك (2/178).

    ويمتد أمان الذمي على ماله ، ولو كان خمراً أو خنزيراً ، وينقل الطحاوي إجماع المسلمين على حرية أهل الذمة في أكل الخنازير والخمر وغيره مما يحل في دينهم، فيقول: "وأجمعوا على أنه ليس للإمام منع أهل الذمة من شرب الخمر وأكل لحم الخنازير واتخاذ المساكن التي صالحوا عليها، إذا كان مِصراً ليس فيه أهل إسلام (أي في بلادهم التي هم فيها الكثرة)" !!..
    اختلاف الفقهاء (233).

    قال مالك: "إذا زنى أهل الذمة أو شربوا الخمر فلا يعرض لهم الإمام؛ إلا أن يظهروا ذلك في ديار المسلمين ويدخلوا عليهم الضرر؛ فيمنعهم السلطان من الإضرار بالمسلمين" !!..
    التمهيد (14/392)، وانظر: أحكام أهل الذمة (1/317)، والمحلى (9/118)

    < وأقول أنا أبو حب الله : وأرجو ألا يخلط البعض بفهمه السقيم أو جهله بين ذلك : وبين ما تواطأ عليه عدد ٌمن حكام البلاد الإسلامية وحكوماتها من السماح بالزنا جهارا ًفي شواطيء البلاد الإسلامية وفنادقها وشرب الخمر واكل الخنزير والتعامل بالربا إلخ تحت ستار السياحة وأهمية ذلك في الدخل القومي !!.. والصواب : أن ما حرمه الله تعالى على المسلم : فلا يفعله مع غير المسلم ولا يشاركه فيه ولا يُعينه عليه>
    ----------

    8)
    وحين أخل بعض حكام المسلمين بهذه العهود اعتبر المسلمون ذلك ظلماً، وأمر أئمة العدل بإزالته وإبطاله، ومنه أن الوليد بن عبد الملك لما أخذ كنيسة يوحنا من النصارى قهراً، وأدخلها في المسجد، اعتبر المسلمون ذلك من الغصب، فلما ولي عمر بن عبد العزيز شكا إليه النصارى ذلك، فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاد في المسجد عليهم، فاسترضاهم المسلمون، وصالحوهم، فرضوا!!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (223)، وانظره في فتوح البلدان (171-172).


    كما شكا النصارى إلى عمر بن عبد العزيز في شأن كنيسة أخرى في دمشق كان بعض أمراء بني أمية أقطعها لبني نصر، فردها إليهم !!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (223)، وانظر الأموال، ابن زنجويه (1/388)، وفتوح البلدان (169).
    ----------

    9)
    ومن أمارات تسامح المسلمين مع غيرهم أنهم لم يتدخلوا في الشؤون التفصيلية لهم ، ولم يجبروهم على التحاكم أمام المسلمين وإن طلبوا منهم الانصياع للأحكام العامة للشريعة المتعلقة بسلامة المجتمع وأمنه.
    وينقل العيني عن الزهري قوله: "مضت السُنة أن يرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم؛ إلا أن يأتوا راغبين في حكمنا، فنحكم بينهم بكتاب الله تعالى" !!..
    عمدة القاري (16/161).

    كما ينقل عن ابن القاسم: " إن تحاكم أهل الذمة إلى حاكم المسلمين ورضي الخصمان به جميعاً؛ فلا يحكم بينهما إلا برضا من أساقفهما، فإن كره ذلك أساقفهم فلا يحكم بينهم، وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهما" !!..
    عمدة القاري (16/161).

    وقد بين المرداوي المراد من التزام الأحكام الإسلامية فقال: "لا يجوز عقد الذمة إلا بشرطين : بذل الجزية والتزام أحكام الملة من جريان أحكام المسلمين عليهم .. يلزم أن يأخذوهم بأحكام المسلمين في ضمان النفس والمال والعرض وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه" !!..
    الإنصاف (4/222).

    وسنرى بعد قليل ٍ: اعترافات المنصفين من غير المسلمين أنفسهم عن دخول الأمم والشعوب من شرق العالم إلى غربه في الإسلام : طواعية ًلكماله ونقائه كونه الحق من لدن رب العالمين !!!..
    حيث سنقرأ فيه مثلا ًقول ول ديورانت :
    "وعلى الرغم من خطة التسامح الديني التي كان ينتهجها المسلمون الأولون، أو بسبب هذه الخطة اعتنق الدين الجديدَ معظمُ المسيحيين وجميع الزرادشتيين والوثنيين إلا عدداً قليلاً منهم .. واستحوذ الدين الإسلامي على قلوب مئات الشعوب في البلدان الممتدة من الصين وأندنوسيا إلى مراكش والأندلس، وتملك خيالهم، وسيطر على أخلاقهم، وصاغ حياتهم، وبعث آمالاً تخفف عنهم بؤس الحياة ومتاعبها" !!!..
    قصة الحضارة (13/133).
    ----------

    10)
    وإن خير شاهد على التزام المسلمين بهذه المبادئ، تلك الشهادات التاريخية المتتابعة التي سجلها مؤرخو الغرب والشرق عن تسامي المسلمين عن إجبار أحد - ممن تحت سلطانهم – في الدخول في الإسلام.

    يقول ول ديورانت: "لقد كان أهل الذمة، المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم" !!..

    قصة الحضارة (12/131).

    ويقول: "وكان اليهود في بلاد الشرق الأدنى قد رحبوا بالعرب الذين حرروهم من ظلم حكامهم السابقين .. وأصبحوا يتمتعون بكامل الحرية في حياتهم وممارسة شعائر دينهم .. وكان المسيحيون أحراراً في الاحتفال بأعيادهم علناً، والحجاج المسيحيون يأتون أفواجاً آمنين لزيارة الأضرحة المسيحية في فلسطين .. وأصبح المسيحيون الخارجون على كنيسة الدولة البيزنطية، الذين كانوا يلقون صوراً من الاضطهاد على يد بطاركة القسطنطينية وأورشليم والاسكندرية وإنطاكيا، أصبح هؤلاء الآن أحراراً آمنين تحت حكم المسلمين" !!..
    قصة الحضارة (12/132).

    يقول توماس آرنولد : "لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين المسيحي" !!..
    الدعوة إلى الإسلام (99).

    وينقل معرب "حضارة العرب" قول روبرتسن في كتابه "تاريخ شارلكن": "إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وإنهم مع امتشاقهم الحسام نشراً لدينهم، تركوا مَن لم يرغبوا فيه أحراراً في التمسك بتعاليمهم الدينية" !!..
    حاشية الصفحة 128 من كتاب "حضارة العرب" لغوستاف لوبون.

    وينقل أيضاً عن الراهب ميشود في كتابه "رحلة دينية في الشرق" (ص 29) قوله: "ومن المؤسف أن تقتبس الشعوب النصرانية من المسلمين التسامح ، الذي هو آية الإحسان بين الأمم واحترام عقائد الآخرين وعدم فرض أي معتقد عليهم بالقوة" !!..
    حاشية الصفحة 128 من كتاب "حضارة العرب" لغوستاف لوبون.

    وينقل ترتون في كتابه "أهل الذمة في الإسلام" شهادة البطريك " عيشو يابه " الذي تولى منصب البابوية حتى عام 657م:" إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون. إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية ، بل يمتدحون ملتنا ، ويوقرون قديسينا وقسسنا، ويمدون يد العون إلى كنائسنا وأديرتنا " !!..
    أهل الذمة في الإسلام (159).

    ويقول المفكر الأسباني بلاسكوا أبانيز في كتابه "ظلال الكنيسة"(ص 64) متحدثاً عن الفتح الإسلامي للأندلس: "لقد أحسنت أسبانيا استقبال أولئك الرجال الذين قدموا إليها من القارة الإفريقية، وأسلمتهم القرى أزمتها بغير مقاومة ولا عداء، فما هو إلا أن تقترب كوكبة من فرسان العرب من إحدى القرى؛ حتى تفتح لها الأبواب وتتلقاها بالترحاب .. كانت غزوة تمدين، ولم تكن غزوة فتح وقهر .. ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمناً عن فضيلة حرية الضمير، وهي الدعامة التي تقوم عليها كل عظمة حقة للشعوب، فقبلوا في المدن التي ملكوها كنائس النصارى وبيع اليهود، ولم يخشَ المسجد معابد الأديان التي سبقته، فعرف لها حقها، واستقر إلى جانبها، غير حاسد لها، ولا راغب في السيادة عليها" !!..
    فن الحكم في الإسلام، مصطفى أبو زيد فهمي (387).

    ويقول المؤرخ الإنجليزي السير توماس أرنولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام": " لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة ، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة ، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة ، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح " !!..
    الدعوة إلى الإسلام (51).

    وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه : "العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها؛ سمح لهم جميعاً دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أو ليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال؟ ومتى؟" !!..
    شمس العرب تسطع على الغرب (364).

    يقول المـؤرخ الإسباني أولاغي: "فخلال النصف الأول من القرن التـاسع كـانت أقـلية مسيحية مهمة تعيش في قرطبة وتمارس عبادتها بحرية كاملة" !!..

    يقـول القس إيِلُوج : "نعيش بينهم دون أنْ نتعرض إلى أيّ مضايقات، في ما يتعلق بمعتقدنا" !!..
    حوار الثقافات في الغرب الإسلامي، سعد بوفلاقة (14).

    بل ينقل المؤرخون الغربيون باستغراب بعض الحوادث الغريبة المشينة في تاريخنا، وهي على كل حال تنقض ما يزعمه الزاعمون المفترون على الإسلام، تقول المؤرخة زيغرد: "لقد عسّر المنتصرون على الشعوب المغلوبة دخول الإسلام حتى لا يقللوا من دخلهم من الضرائب التي كان يدفعها مَن لم يدخل في الإسلام" !!..
    شمس العرب تسطع على الغرب (365).

    ويقول ول ديورانت في سياق حديثه عن الخليفة عمر بن عبد العزيز في كتابه قصة الحضارة: "وبينما كان أسلافه من خلفاء الأمويين لا يشجعون غير المسلمين في بلاد الدولة على اعتناق الإسلام، حتى لا تقل الضرائب المفروضة عليهم، فإن عمر قد شجع المسيحيين، واليهود، والزرادشتيين على اعتناقه، ولما شكا إليه عماله القائمون على شؤون المال من هذه السياسة ستفقر بيت المال أجابهم بقولهِ: (والله لوددت أن الناس كلهم أسلموا، حتى نكون أنا وأنت حراثين نأكل من كسب أيدينا)" !!..

    ويبين لنا توماس أرنولد أن خراج مصر كان على عهد عثمان اثنا عشر مليون دينار، فنقص على عهد معاوية حتى بلغ خمسة ملايين

    < أقول أنا أبو حب الله : أي أن الزيادة في دخول الإسلام في مدة هذه السنوات القلائل : زادت عن الـ 215 % تقريبا ً!!! >

    ، ومثله كان في خراسان، فلم يسقط بعض الأمراء الجزية عمن أسلم من أهل الذمة

    < أقول : وهذا جنس ما حذر منه رسول الله وهو انفتاح زهرة الدنيا على المسلمين >

    ، ولهذا السبب عزل عمر بن عبد العزيز واليه على خراسان الجراح بن عبد الله الحكمي ، وكتب: "إن الله بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً
    " !!..
    طبقات ابن سعد (5/283)، والدعوة إلى الإسلام لأرنولد (93).

    ----------

    11)
    فإذا كان الحال كما عرفنا، فما السر في تقبل الشعوب للإسلام وإقبالها عليه؟
    ينقل الخربوطلي عن المستشرق دوزي في كتابه "نظرات في تاريخ الإسلام" قوله: "إن تسامح ومعاملة المسلمين الطيبة لأهل الذمة أدى إلى إقبالهم على الإسلام وأنهم رأوا فيه اليسر والبساطة مما لم يألفوه في دياناتهم السابقة " !!!..
    الإسلام وأهل الذمة (111)

    ويقول غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب" : " إن القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن ، فقد ترك العربُ : المغلوبين : أحراراً في أديانهم .. فإذا حدث أن انتحل بعض الشعوب النصرانية الإسلام واتخذ العربية لغة له؛ فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهد بمثله، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم تعرفها الأديان الأخرى" !!..
    حضارة العرب (127).

    ويقول: "وما جهله المؤرخون من حلم العرب الفاتحين وتسامحهم كان من الأسباب السريعة في اتساع فتوحاتهم وفي سهولة اقتناع كثير من الأمم بدينهم ولغتهم .. والحق أن الأمم لم تعرف فاتحين رحماء متسامحين مثل العرب ، ولا ديناً سمحاً مثل دينهم " !!..
    حضارة العرب (605).

    ويوافقه المؤرخ ول ديورانت فيقول: "وعلى الرغم من خطة التسامح الديني التي كان ينتهجها المسلمون الأولون، أو بسبب هذه الخطة اعتنق الدين الجديدَ معظمُ المسيحيين وجميع الزرادشتيين والوثنيين إلا عدداً قليلاً منهم .. واستحوذ الدين الإسلامي على قلوب مئات الشعوب في البلدان الممتدة من الصين وأندنوسيا إلى مراكش والأندلس، وتملك خيالهم، وسيطر على أخلاقهم، وصاغ حياتهم، وبعث آمالاً تخفف عنهم بؤس الحياة ومتاعبها" !!..
    قصة الحضارة (13/133).

    ويقول روبرتسون في كتابه "تاريخ شارلكن": "لكنا لا نعلم للإسلام مجمعاً دينياً، ولا رسلاً وراء الجيوش، ولا رهبنة بعد الفتح، فلم يُكره أحد عليه بالسيف ولا باللسان، بل دخل القلوب عن شوق واختيار، وكان نتيجة ما أودع في القرآن من مواهب التأثير والأخذ بالأسباب " !!..
    روح الدين، عفيف طبارة (412).

    ويقول آدم متز: "ولما كان الشرع الإسلامي خاصاً بالمسلمين، فقد تركت الدولة الإسلامية أهل الملل الأخرى وبين محاكمهم الخاصة بهم، والذي نعلمه من أمر هذه المحاكم أنها كانت محاكم كنسية، وكان رؤساء المحاكم الروحيون يقومون فيها مقام كبار القضاة أيضاً، وقد كتبوا كثيراً من كتب القانون، ولم تقتصر أحكامهم على مسائل الزواج، بل كانت تشمل إلى جانب ذلك مسائل الميراث وأكثر المنازعات التي تخص المسيحيين وحدهم مما لا شأن للدولة به" !!..
    الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري (2/93).

    ويقول أيضاً: "أما في الأندلس، فعندنا من مصدر جدير بالثقة أن النصارى كانوا يفصلون في خصوماتهم بأنفسهم، وأنهم لم يكونوا يلجؤون للقاضي إلا في مسائل القتل" !!..
    الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري (2/95).

    لكن الخربوطلي ينقل عن الدكتور فيليب في كتابه "تاريخ العرب" حديثه عن رغبة أهل الذمة في التحاكم إلى التشريع الإسلامي، واستئذانهم للسلطات الدينية في أن تكون مواريثهم حسب ما قرره الإسلام !!..
    الإسلام وأهل الذمة، الخربوطلي (119).
    ----------

    12)
    أمر الله في القرآن الكريم المسلمين ببر مخالفيهم في الدين، الذين لم يتعرضوا لهم بالأذى والقتال، فقال: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)(الممتحنة: 8).
    قال الطبري: "عنى بذلك لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم .. وقوله: (إن الله يحب المقسطين) يقول : إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم" !!..
    جامع البيان (12/62).

    والبر أعلى أنواع المعاملة ، فقد أمر الله به في باب التعامل مع الوالدين ، وقد وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ((البر حُسن الخلق)) !!..
    رواه مسلم ح (2553).

    قال القرافي وهو يُعدد صوراً للبر أ ُمر بها المسلم تجاه أهل الذمة: "ولين القول على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته، لطفاً منا بهم، لا خوفاً وتعظيماً ، والدعاء لهم بالهداية، وأن يُجعلوا من أهل السعادة، نصيحتهم في جميع أمور دينهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم .. وكل خير يحسُن من الأعلى مع الأسفل أن يفعله، ومن العدو أن يفعله مع عدوه، فإن ذلك من مكارم الأخلاق .. نعاملهم – بعد ذلك بما تقدم ذكره - امتثالاً لأمر ربنا عز وجل وأمر نبينا صلى الله عليه وسلم" !!..
    الفروق (3/21-22).

    وقد بين رحمه الله في كلام ٍنفيس ٍله أيضا ً: ضوابط المعاملة مع غير المسلمين، وما يجوز منها وما لا يجوز، فليُرجع إليه.
    ----------

    13)
    وقد تجلى حسن الخلق عند المسلمين في تعاملهم مع غيرهم في كثير من تشريعات الإسلام التي أبدعت الكثير من المواقف الفياضة بمشاعر الإنسانية والرفق.

    فقد أوجب الإسلام حسن العشرة وصلة الرحم حتى مع الاختلاف في الدين ، فقد أمر الله بحسن الصحبة للوالدين وإن جهدا في رد ابنهما عن التوحيد إلى الشرك، فإن ذلك لا يقطع حقهما في بره وحسن صحبته: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً)(لقمان: 15).

    قال ابن كثير: "إن حرصا عليك كل الحرص، على أن تتابعهما على دينهما؛ فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعك ذلك أن تصاحبهما في الدنيا (معروفاً) أي محسناً إليهما" !!..

    تفسير القرآن العظيم (3/446).

    وقد جاءت أسماء بنت الصديق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: يا رسول الله! إن أمي قدمت علي وهي راغبة (وكانت مشركة آنذاك في عهد قريش) أفأصلها ؟ قال: نعم صليها " !!..
    رواه البخاري ح (2620)، ومسلم (رقم 1003).

    قال الخطابي: "فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل المسلمة، ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة؛ وإن كان الولد مسلماً" !!..
    فتح الباري (5/234).

    قال محمد بن الحسن: "يجب على الولد المسلم نفقة أبويه الذميين لقوله تعالى: (وصاحبهما في الدنيا معروفاً)(لقمان: 15)، وليس من المصاحبة بالمعروف أن يتقلب في نعم الله، ويدعهما يموتان جوعاً، والنوازل والأجداد والجدات من قبل الأب والأم بمنزلة الأبوين في ذلك، استحقاقهم باعتبار الولاد بمنزلة استحقاق الأبوين" !!..
    المبسوط (4/105).

    وفي مثل آخر لصلة الرحم – وإن كانت كافرة - يقول عبد الله بن مروان: قلت لمجاهد: إن لي قرابة مشركة، ولي عليه دين، أفأتركه له (أي أ ُسامحه فيه لوجه الله) ؟ قال: نعم : وصِله !!!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (804).

    ويمتد البر وصلة الرحم بالمسلم حتى تبلغ الرحم البعيدة التي مرت عليها المئات من السنين، فها هو صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بأهل مصر خيراً ، براً وصلة لرحم قديمة تعود إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حيث قال صلى الله عليه وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً)) !!..
    رواه مسلم ح (2543).

    قال النووي تعليقا ًعلى الحديث : " وأما الذمة فهي الحُرمة والحق , وهي هنا بمعنى الذمام ، وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم" !!..
    شرح النووي على صحيح مسلم (16/97).

    ومن البر وصلة الأرحام عيادة المريض ، فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب في مرضه !!..
    رواه أحمد ح (2009) ، والترمذي ح (3232).

    وعاد أيضاً جاراً له من اليهود في مرضه، فقعد عند رأسه !!..
    رواه البخاري ح (1356).

    ومن صور البر التي تهدف إلى كسب القلوب واستلال الشحناء؛ الهدية، وقد أهدى النبي صلى الله عليه وسلم إلى مخالفيه في الدين، من ذلك ما رواه ابن زنجويه أن رسول الله أهدى إلى أبي سفيان تمر عجوة، وهو بمكة، وكتب إليه يستهديه أدماً، فأهدى إليه أبو سفيان !!..
    رواه ابن زنجويه في كتاب الأموال (2/589).

    وقبِل صلى الله عليه وسلم في خيبر هدية زينب بنت الحارث اليهودية، لكنها هدية غدر لا مودة، فقد أهدت له شاة مشوية دست له فيها السم !!..
    رواه البخاري ح (2617)، ومسلم (2190).

    وفي مرة أخرى دعا يهودي النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه صلى الله عليه وسلم !!..
    رواه أحمد ح (12789).

    < أقول أنا أبو حب الله : الحديث بهذا اللفظ شاذ كما أخبر الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل 35 - والصواب ما جاء في البخاري وغيره أن النبي أخذ من اليهودي شعيرا ًلأهله ورهنه درعه بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه >

    كما قبِل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا الملوك إليه، فقِبل هدية المقوقس، وهدية ملك أيلة أكيدر، وهدية كسرى !!..
    انظر البخاري ح (1482)، وأحمد ح (749).

    قال ابن قدامة : "ويجوز قبول هدية الكفار من أهل الحرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية المقوقس صاحب مصر" !!..
    المغني (9/262) وانظر: كتاب الأموال، ابن زنجويه (2/590).

    وأهدى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه حُلّةً ثمينة، فأهداها عمر رضي الله عنه أخيه بمكة كان يومئذ مشركاً !!..
    البخاري ح (886)، ومسلم ح (2086).

    قال النوويّ: "وفي هذا دليل لجواز صلة الأقارب الكفار , والإحسان إليهم, وجواز الهدية إلى الكفار" !!..
    شرح النووي على صحيح مسلم (14/39).

    ويروي البخاري في الأدب المفرد عن مجاهد أنه سمع عبد الله بن عمرو رضي الله عنه يقول لغلام له يسلخ شاة: يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي. فقال رجل من القوم : اليهودي أصلحك الله!؟ فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار، حتى خشينا أنه سيورثه !!..
    رواه البخاري في الأدب المفرد ح (95)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ح (72).

    وحين تحدث الفقهاء عن حقوق الضيف رأوا وجوبها لكل ضيف، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، قال أبو يعلى: "وتجب الضيافة على المسلمين للمسلمين والكفار لعموم الخبر، وقد نص عليه أحمد في رواية حنبل، وقد سأله إن أضاف الرجل ضيفان من أهل الكفر؟ فقال: قال صلى الله عليه وسلم : ((ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم))، دل على أن المسلم والمشرك مضاف .. يعم المسلم والكافر" !!..
    الأحكام السلطانية (158)، والحديث رواه أبو داود ح (3750)، وابن ماجه ح (3677)، وأحمد ح (16720).

    ومن حق الضيافة إكرام الضيف على قدر الاستطاعة ، وقد صنعه النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه عدي بن حاتم، يقول عدي: "أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد، فقال القوم: هذا عدي بن حاتم. وجئتُ بغير أمان ولا كتاب، فلما دُفعتُ إليه أخذ بيدي .. حتى أتى بي داره، فألقت له الوليدة وسادة، فجلس عليها" !!!..
    رواه الترمذي ح (2954)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ح (2353).

    ومن أعظم أنواع البر وصوره؛ دعاءُ النبي صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين، وهو بعض رحمته صلى الله عليه وسلم للعالمين، ومنه دعاؤه لقبيلة دوس ، وقد قدم عليه الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن دوساً قد كفرت وأبت ؛ فادع الله عليها، فقيل : هلكت دوس - أي ستهلك بدعائه عليها - فقال صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اهد دوساً، وائت بهم)) !!..
    رواه البخاري ح (2937)، ومسلم ح (2524).

    ولما قيل له صلى الله عليه وسلم في موطن آخر: يا رسول اللّه، ادع على المشركين .. قال: ((إنّي لم أبعث لعّاناً، وإنّما بعثت رحمةً)) !!!..
    رواه مسلم ح (2599).

    < أقول أنا أبو حب الله : والأمر ليس بإطلاق : بل دعا رسول الله على مَن بلغ بهم الكفر والفـُحش والغدر مبلغه : وذلك كما دعا في مكة على سبعة نفر بأسمائهم : فقتلوا في بدر !!.. وكما دعا على قتلة السبعين من القراء >

    ----------

    14)
    إن من أهم المُثل ومكارم الأخلاق التي جاء الإسلام لحمايتها وتتميمها؛ العدل، والعدل غاية قريبة ميسورة إذا كان الأمر متعلقاً بإخوة الدين أو النسب، وغيرها مما يتعاطف له البشر.
    لكن صِدق هذه الخُلة إنما يَظهر إذا تباينت الأديان وتعارضت المصالح، وهو ما يعنينا في هذا المبحث، فما هو حكم الإسلام في العدل مع غير المسلمين، وهل حقق المسلمون ما دعاهم إليه دينهم أم خالفوه؟
    لقد أمر القرآن الكريم بالعدل، وخصَّ - بمزيد تأكيده – على العدل مع المخالفين الذين قد يظلمهم المرء بسبب الاختلاف والنفرة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)(المائدة: 8).

    قال القرطبي: "ودلت الآية أيضاً على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه، وأن يُقتصر بهم على المستحق من القتال والاسترقاق، وأن المُثلة بهم غير جائزة ، وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا، وغمّونا بذلك؛ فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصداً لإيصال الغم والحزن إليهم " !!..
    الجامع لأحكام القرآن (6/110).

    وقال البيضاوي: "لا يحملنكم شدة بغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل، كمُثلة وقذف وقتل نساء وصِبية ونقض عهد، تشفياً مما في قلوبكم (اعدلوا هو أقرب للتقوى) أي: العدل أقرب للتقوى" !!..
    مواهب الجليل (137).

    وأعلم الله تعالى المؤمنين بمحبته للذين يعدلون في معاملتهم مع مخالفيهم في الدين الذين لم يتعرضوا لهم بالأذى والقتال، فقال: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة: 8). فالعدل مع الآخرين مُوجب لمحبة الله.
    وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ظلم أهل الذمة وانتقاص حقوقهم، وجعل نفسه الشريفة خصماً للمعتدي عليهم، فقال: ((مَن ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه يوم القيامة)) !!..
    رواه أبو داود ح (3052)، و نحوه في سنن النسائي ح (2749)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (2626).

    وأكد أن ظلم غير المسلم مُوجب لانتقام الله الذي يقبل شكاته ودعوته على ظالمه المسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم ((اتقوا دعوة المظلوم - وإن كان كافرًا - فإنه ليس دونها حجاب)) !!..
    رواه أحمد ح (12140).
    ----------

    15)
    أما منتهى الظلم وأشنعه، فهو قتل النفس بغير حق، لهذا جاء فيه أشد الوعيد وأعظمه، يقول صلى الله عليه وسلم : ((مَن قتل معاهَداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً)) !!..
    رواه البخاري ح (3166).

    قال ابن حجر: "المراد به مَن له عهد مع المسلمين، سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم" !!..
    فتح الباري (12/259).

    ومن الطريف أن الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وأوغلوا فيها توقفوا عن قتل أهل الذمة خشية نقض عهدهم !!!.. قال ابن حجر: "الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم : استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذمة فقالوا: نفي لهم بعهدهم" !!!!!!..
    فتح الباري (12/302).

    وقال صلى الله عليه وسلم : ((أيما رجل أمّن رجلاً على دمه، ثم قتله، فأنا من القاتل بريء، وإن كان المقتول كافراً)) !!..
    رواه ابن حبان ح (5982)، والبيهقي في السنن ح (9/142)، والطبراني في معجمه الأوسط (4252).

    قال ابن القيم: " المُستأمن يحرُم قتله، وتـُضمن نفسه، ويُقطع بسرقة ماله (أي تـُقطع يد سارقه كالمسلم " !!!..
    أحكام أهل الذمة (2/ 737).

    ويقول القرطبي: "الذمي مَحقون الدم على التأبيد، والمسلم كذلك، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام، والذي يحقِق ذلك: أنّ المسلم يقطع بسرقة مال الذمي، وهذا يدل على أنّ مال الذمي قد ساوى مال المسلم، فدل على مساواته لدمه، إذ المال إنّما يحرم بحرمة مالكه" !!..
    الجامع لأحكام القرآن (2/246).

    ويروي عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي أن رجلاً مسلماً قتل رجلاً من أهل الذمة من أهل الحيرة على عهد عمر، فأقاد منه عمر !!..
    رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/101).

    ويروي الشافعي في مسنده أن رجلاً من المسلمين أُخذ على عهد عليّ رضي الله عنه وقد قتل رجلاً من أهل الذمة، فحكم عليه بالقصاص، فجاء أخو المقتول، واختار الدية بدلاً عن القود، فقال له علي: "لعلهم فرقوك أو فزّعوك أو هددوك؟" فقال: لا ، بل قد أخذت الدية، ولا أظن أخي يعود إليّ بقتل هذا الرجل، فأطلق عليّ القاتل، وقال: "أنت أعلم، من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديتنا" !!..
    رواه الشافعي في مسنده (1/344)، والبيهقي في السنن (8/34).

    ويُحدث ميمون بن مهران أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى بعض أمرائه في مسلم قتل ذميّاً، فأمره أن يدفعه إلى وليه، فإن شاء قتله، وإن شاء عفا عنه. يقول ميمون: فدفع إليه، فضرب عنقه، وأنا أنظر!!..
    رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/101).

    ولئن اختلف الفقهاء في مسألة قتل المسلم بالذمي؛ فإنهم لم يختلفوا في عظم الجناية وشناعة الفعل، كما لم يختلفوا في وجوب العدل مع مخالفيهم في الدين ووجوب كف الأذى والظلم عنهم.
    قال صلى الله عليه وسلم : ((إن الله عز وجل لم يُحِلَّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ، ولا ضَرْبَ نسائهم ، ولا أكلَ ثمارهم : إذا أعطوكم الذي عليهم)) !!..
    رواه أبو داود ح (3050)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (882).

    قال القرافي: "عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم، لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة في عِرْض أحدهم، أو نوع من أنواع الأذية، أو أعان على ذلك؛ فقد ضيع ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام" !!!..
    الفروق (3/20).
    ----------

    16)
    وشواهد عدل المسلمين مع أهل ذمتهم كثيرة، منها العدل معهم في خصومتهم مع الخلفاء والأمراء، ومنه خصومة الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع يهودي في درعه التي فقدها ثم وجدها عند يهودي، فاحتكما إلى شريح القاضي، فحكم بها لليهودي، فأسلم اليهودي وقال: "أما إني أشهد أن هذه أحكام أنبياء! أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه، فيقضي لي عليه! أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، الدرع درعك يا أمير المؤمنين، اتبعت الجيش وأنت منطلق من صفين، فخرجت من بعيرك الأورق". فقال علي رضي الله عنه: أما إذ أسلمت فهي لك !!..
    حلية الأولياء (4/141)، والبداية والنهاية (8/4 - 5).

    ومن عجيب الأخبار، أخبار عدل الخلفاء مع أهل ذمة الله ورسوله والمؤمنين ؛ أن عمير بن سعد رضي الله عنه ترك ولاية حمص لإساءته إلى ذمي !!.. فقد قال للخليفة مستعتباً عن الرجوع إلى الإمارة: (إن ذلك لسيء، لا عملت لك، ولا لأحد بعدك، والله ما سلِمت، بل لم أسلم، قلت لنصراني: أخزاك الله، فهذا ما عرضتني به يا عمر، وإن أشقى أيامي يوماً خلفت معك يا عمر)، ولم يجد الخليفة بُداً من قبول هذه الاستقالة، فتقبلها على مضض وهو يقول: (وددت أن لي رجلاً مثل عمير بن سعد استعين به على أعمال المسلمين) !!!..
    القصة رواها الطبراني في معجمه الكبير (17/52)، وأبو نعيم في الحلية (1/248)، قال الهيثمي: " رواه الطبراني، وفيه عبد الملك بن إبراهيم بن عنترة، وهو متروك ". مجمع الزوائد (9/383)، ويشهد له خبر ابن عساكر الآتي.
    وفي تاريخ دمشق أن عميراً رضي الله عنه قال للخليفة عمر: "فما يؤمنني أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم خصمي يوم القيامة، ومَن خاصمه (أي النبي يوم القيامة خصمه " !!!..
    ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/493)، والمتقي الهندي في كنز العمال ح (37446)

    ولما ولي أمير العدل عمر بن عبد العزيز أمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها، فقام إليه رجل ذمي يشكو الأمير العباس بن الوليد بن عبد الملك في ضيعة له أقطعها الوليد لحفيده العباس، فحكم له الخليفة بالضيعة، فردها عليه !!!..
    انظر: صفة الصفوة (2/115- 116)، والبداية والنهاية (9/213-214).

    بل :
    وفي أحيان أخرى لم يأخذ المسلمون العدل من خصومهم، بل عفوا وتجاوزوا كما جرى زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حين نقض أهل بعلبك عهدهم مع المسلمين، وفي أيدي المسلمين رهائن من الروم، فامتنع المسلمون من قتلهم، ورأوا جميعاً تخلية سبيلهم، وقالوا:
    "وفاء بغدر : خير من غدر بغدر" !!.. قال هشام: وهو قول العلماء، الأوزاعي وغيره !!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (236)، والبلاذري في فتوح البلدان (217).

    يُـتبع إن شاء الله :
    ومع بعض صور الظلم التي وقعت من جانب بعض حكام المسلمين لغير المسلمين : فاستشنعها العامة والعلماء والفقهاء ودونوها حتى جاء الله بإصلاحها ..
    يرويها لنا الكاتب بحيادية وواقعية طرح جزاه الله خيرا ً...
    ----------

    17)
    ولم يخلُ تاريخنا - على وضاءته - من بعض المظالم التي وقعت للمسلمين ولغيرهم، وقد استنكرها فقهاء الإسلام، ورأوا فيها جوراً وخروجاً عن رسوم الشريعة، ومنه أن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه مرّ على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس، فقال: ما شأنهم؟ قالوا: حبسوا في الجزية، فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)). قال: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد على فلسطين، فدخل عليه، فحدثه، فأمر بهم فخُلوا !!!..
    رواه مسلم ح (2613).

    ولما خاف الخليفة الوليد بن يزيد من نصارى قبرص أجلاهم منها، فاستفظع المسلمون ذلك، واعتبروه من الظلم ، يقول إسماعيل بن عياش : "فاستفظع ذلك المسلمون، واستعظمه الفقهاء، فلما ولي يزيد بن الوليد ردهم إلى قبرص ، فاستحسن المسلمون ذلك من فعله، ورأوه عدلاً" !!..
    فتوح البلدان (213-214)، وانظر الأموال، ابن زنجويه (1/425).

    كما حطَّ عمر بن عبد العزيز عن أهل قبرص ألف دينار كان قد زادها عبد الملك عما في عهد معاوية رضي الله عنه لهم، ثم ردها عليهم هشام بن عبد الملك، فلما كانت خلافة أبي جعفر المنصور أسقطها عنهم، وقال: "نحن أحق من أنصفهم، ولم نتكثر بظلمهم" !!!..
    فتوح البلدان (211).

    ومثله صنع الأوزاعي فقيه الشام حين أجلى الأمير صالح بن عليٍّ بن عبد الله بن عباس أهل ذمة من جبل لبنان، فكتب إليه الأوزاعي: "فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة، حتى يُخرَجوا من ديارهم وأموالهم؟ وحكم الله تعالى: (ألا تزر وازرة وزر أخرى)(النجم: 38)، وهو أحق ما وقف عنده واقتدي به ، وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: ((من ظلم ذميًا أو كلَّفه فوق طاقته فأنا حجيجه)) ... فإنهم ليسوا بعبيد، فتكونَ في حِلٍ من تحويلهم من بلد إلى بلد، ولكنهم أحرار أهلُ ذمة" !!!..
    رواه أبو عبيد في الأموال )247-248)، انظر: فتوح البلدان للبلاذري (222).

    وما زال العلماء والخلفاء يتواصون بحقوق الذمة، كل ٌيحذر أن تخفر ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم وهو شاهد، لأجل ذلك حرصوا على تفقد أحوالهم ومعرفة أمورهم، ومن ذلك أن وفداً منأهل الذمة جاء إلى عمر، قال عمر للوفد: (لعل المسلمين يفضون إلى أهل الذمة بأذى وبأمور لها ما ينتقضون بكم؟) فقالوا: ما نعلم إلا وفاء وحُسن ملكة" !!..
    تاريخ الطبري (2/503).

    ويُرسل عمر كتاباً إلى عامله أبي عبيدة، فيقول موصياً بأهل الذمة: "وامنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها، ووف لهم بشرطهم الذي شرطت لهم في جميع ما أعطيتهم" !!..
    رواه البلاذري في فتوح البلدان (144).

    ولما جاءه مال الجباية سأل رضي الله عنه عن مصدره مخافة العنت والمشقة على أهل الذمة، ففي الأثر عنه رضي الله عنه "أنه أتي بمال كثير، أحسبه قال: من الجزية. فقال: إني لأظنكم قد أهلكتم الناس؟ قالوا: لا، والله ما أخذنا إلا عفواً صفواً. < حيث الذي يؤخذ من الجزية يجب أن يكون عفوا ًأي : من الزائد عن حاجتهم : بعكس جباة الضرائب في كل زمان ٍومكان : لا يعنيهم إن كان المأخوذ هو العفو أم هو قوت الناس الضروري ! > قال: بلا سوط ولا نوط؟ قالوا: نعم. قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي ولا في سلطاني " !!!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (91).

    ولما جاء عمر رضي الله عنه إلى الشام تلقاه المقلسون من أهل أذرعات بالسيوف والريحان‏ يلعبون بين يديه.‏ فكره عمر لعبهم، وأمر بمنعهم‏.‏ فقال له أبو عبيدة‏:‏ يا أمير المؤمنين هذه سُنتهم، وإنك إن منعتهم منها : يروا أن في نفسك نقضاً لعهدهم‏.‏ فقال عمر‏:‏ دعوهم ..
    وفي رواية ابن زنجويه أنه قال: (دعوهم ، عمر وآل عمر في طاعة أبي عبيدة) !!!..
    رواه أبو عبيد في الأموال (223)، وابن زنجويه في الأموال (1/386). والبلاذري في فتوح البلدان (179).

    فقد كره رضي الله عنه مساءتهم، وأن يظنوا به النقض، فأذعن لقول أبي عبيدة.
    ولما تدانى الأجل به رضي الله عنه : لم يفُته أن يوصي المسلمين برعاية أهل الذمة فقال: (أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيراً، وأن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتلوا من ورائهم ، وألا يكلفوا فوق طاقتهم) !!!..
    رواه البخاري ح (1392).


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    كلامك طيب والنقولات طيبة ولكن يا اخت رشيدة ينبغى للمسلم ان لا يتشرب مفاهيم غربية فلسفية ,أنشأها شخص فاسد اخلاقيا (كجان جاك روسو )

    فالمرتد يقتل لكفره ولردته عن الدين ,أما التشغيبات فلا نلتفت لها ولا تؤثر فى المسلم العالم بعقيدته بأدلتها الصحيحة .
    وهذا من التيه و التيه مهلكة للدين مذهبة للعقل مفسدة للعرض فلا تته .

    فحتى حقوق الانسان تقرر ان الدولة لها اطار خاص من القوانين تستطيع ان تمنع حرية الاعتقاد ,وبل فى بعض الحالات والاوقات لها الحق فى فرض قانون برلمانى يمنع حرية الاعتقاد ,فالرؤية القانونية لا تشكل عقبة امام حد الردة ولها مخارج عدة .

    ولذلك حتى المستشرقين انقسموا منهم من قال بصحته ومن من قال ان الردة صحيح ان كان باعتبار الخيانة للدولة ومنهم من رفضه .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خطاب أسد الدين مشاهدة المشاركة
    كلامك طيب والنقولات طيبة ولكن يا اخت رشيدة ينبغى للمسلم ان لا يتشرب مفاهيم غربية فلسفية ,أنشأها شخص فاسد اخلاقيا (كجان جاك روسو )

    فالمرتد يقتل لكفره ولردته عن الدين ,أما التشغيبات فلا نلتفت لها ولا تؤثر فى المسلم العالم بعقيدته بأدلتها الصحيحة .
    وهذا من التيه و التيه مهلكة للدين مذهبة للعقل مفسدة للعرض فلا تته .

    فحتى حقوق الانسان تقرر ان الدولة لها اطار خاص من القوانين تستطيع ان تمنع حرية الاعتقاد ,وبل فى بعض الحالات والاوقات لها الحق فى فرض قانون برلمانى يمنع حرية الاعتقاد ,فالرؤية القانونية لا تشكل عقبة امام حد الردة ولها مخارج عدة .

    ولذلك حتى المستشرقين انقسموا منهم من قال بصحته ومن من قال ان الردة صحيح ان كان باعتبار الخيانة للدولة ومنهم من رفضه .

    كلامك كلام سلفي يبهج القلب....
    بارك الله فيك كثيرا وملء قلبك سرورا فقد استفدت منه.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مغرب العقلاء و العاقلات
    المشاركات
    3,002
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    من المبكر جدا بل من العبث الكلام عن الحدود في زمن كهذا رُفع فيه العلم و كثر الجهل و سادت العلمانية و بادت الخلافة الإسلامية و ترأس الجهال في العلم و الإمارة !! و من السخافة و التهكم أن يأتي من الملاحدة و اللادينيين من يجادلك في شيء متعلق بسيادة الإسلام (الحقيقة المطلقة) و الحال أن أهله الحقيقيين غرباء مضطهدون في سائر الأرض كسالف عهدهم، لا بل و يناقشونك جهاد الطلب أيضا، و هم أجهل من حمير أهلهم بالطالب و المطلوب و لا يتفقون معك رأسا في أساس الدين و هو المعتقد، و لو عرفوه حق معرفته ما جادلوك أصلا، و لو عرفوا أن القرآن نزل بعلم الله و حكمته لم يستشكلوا من الدين شيئا !!! و أستغرب حقا أن يكون يرتد مسلم فالمرتدون لم يسلموا أصلا و لم يعلموا ما الإسلام حتى يتحولوا عنه . من يرتد في هذا الزمان أحد شخصين إما منافق خالص النفاق كنصراني مستخف أو شخص يدعي الإسلام و حاصل في نفس الوقت على شهادة ماستر في الجهل بالدين و قد كشفنا هذين الصنفين مرارا في هذا المنتدى.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن سلامة القادري مشاهدة المشاركة
    من المبكر جدا بل من العبث الكلام عن الحدود في زمن كهذا رُفع فيه العلم و كثر الجهل و سادت العلمانية و بادت الخلافة الإسلامية و ترأس الجهال في العلم و الإمارة !! و من السخافة و التهكم أن يأتي من الملاحدة و اللادينيين من يجادلك في شيء متعلق بسيادة الإسلام (الحقيقة المطلقة) و الحال أن أهله الحقيقيين غرباء مضطهدون في سائر الأرض كسالف عهدهم، لا بل و يناقشونك جهاد الطلب أيضا، و هم أجهل من حمير أهلهم بالطالب و المطلوب و لا يتفقون معك رأسا في أساس الدين و هو المعتقد، و لو عرفوه حق معرفته ما جادلوك أصلا، و لو عرفوا أن القرآن نزل بعلم الله و حكمته لم يستشكلوا من الدين شيئا !!! و أستغرب حقا أن يكون يرتد مسلم فالمرتدون لم يسلموا أصلا و لم يعلموا ما الإسلام حتى يتحولوا عنه . من يرتد في هذا الزمان أحد شخصين إما منافق خالص النفاق كنصراني مستخف أو شخص يدعي الإسلام و حاصل في نفس الوقت على شهادة ماستر في الجهل بالدين و قد كشفنا هذين الصنفين مرارا في هذا المنتدى.
    أحسنت ....
    فان تغير طبيعة العلاقة التي تربط المواطن بقطعة الأرض التي ينتمي اليها
    وغربة أهل الحق
    وجهالة الجاهلين
    هي التي تقود الى اساءة فهم بعض أحكام الدين العظيمة

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2014
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    1,105
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزى الله الاخوة الافاضل خير الجزاء.

    الخلل فى هاته القضايا هو ذاته ما واجهه السلف .

    الاوائل اعتقدوا ثم استدوا فظهر الخلل والبدع والكفر .

    اى انهم اخذوا المناهج الكلامية ثم جاء للنقل اعتضاضا وما خالف قواعدهم من النصوص أولوه او طعنوا فيه وردوه

    وهؤلاء كطارق السويدان و جابر علوان وأمثاله من الاسلاميين ,فعلوا ما فعله الاوائل من اهل البدع, فقد تبنوا ما قرره الغربيون من حقوق الانسان و من ثم أرادوا تطويع النصوص لهذه المفاهيم .

    ولهذا ظهرت التبريرات الباهتة والفاسدة كقولهم ان الردة قرار سياسى وتارة قرار حربى وتارة هو مكانى وتارة هو زمانى وتارة قالوا انه احاد الخ...

    قال السلف استدل ثم اعتقد .

    قال الشيخ العلامة الفقيه / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - مانصه :
    "....ولهذا قال العلماء كلمة طيبة ، قالوا : يجب على الإنسان أن يستدل ثم يبني ، لا أن يبني ، ثم يستدل.
    لأن الدليل أصل والحكم فرع ، فلا يمكن أن يُقلب الوضع ، ونجعل الحكم الذي هو الفرع أصلاً ،والأصل الذي هو الدليل فرعاً.
    ثم أن الإنسان إذا اعتقد قبل أن يستدل ولم تكن عنده النية الحسنة صار يلوي أعناق النصوص من الكتاب والسنة إلى ما يعتقده هو ، وحصل بذلك البقاء على هواه ، ولم يتبع الهدى ا.هـ

    منقول من كتابه "لقاءات الباب المفتوح "(2/141-142) ط. دار البصيرة
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ( فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ، ولا وفى بموجب العلم والإيمان ، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ، ولا أفاد كلامه العلم واليقين )
    { درء التعارض : 1\357 }

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خطاب أسد الدين مشاهدة المشاركة
    جزى الله الاخوة الافاضل خير الجزاء.

    الخلل فى هاته القضايا هو ذاته ما واجهه السلف .

    الاوائل اعتقدوا ثم استدوا فظهر الخلل والبدع والكفر .

    اى انهم اخذوا المناهج الكلامية ثم جاء للنقل اعتضاضا وما خالف قواعدهم من النصوص أولوه او طعنوا فيه وردوه

    وهؤلاء كطارق السويدان و جابر علوان وأمثاله من الاسلاميين ,فعلوا ما فعله الاوائل من اهل البدع, فقد تبنوا ما قرره الغربيون من حقوق الانسان و من ثم أرادوا تطويع النصوص لهذه المفاهيم .

    ولهذا ظهرت التبريرات الباهتة والفاسدة كقولهم ان الردة قرار سياسى وتارة قرار حربى وتارة هو مكانى وتارة هو زمانى وتارة قالوا انه احاد الخ...

    قال السلف استدل ثم اعتقد .

    قال الشيخ العلامة الفقيه / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - مانصه :
    "....ولهذا قال العلماء كلمة طيبة ، قالوا : يجب على الإنسان أن يستدل ثم يبني ، لا أن يبني ، ثم يستدل.
    لأن الدليل أصل والحكم فرع ، فلا يمكن أن يُقلب الوضع ، ونجعل الحكم الذي هو الفرع أصلاً ،والأصل الذي هو الدليل فرعاً.
    ثم أن الإنسان إذا اعتقد قبل أن يستدل ولم تكن عنده النية الحسنة صار يلوي أعناق النصوص من الكتاب والسنة إلى ما يعتقده هو ، وحصل بذلك البقاء على هواه ، ولم يتبع الهدى ا.هـ

    منقول من كتابه "لقاءات الباب المفتوح "(2/141-142) ط. دار البصيرة
    بارك الله فيك....
    بالفعل البدعة تظهر من محاولة التطويع
    فالمبتدعة المعاصرون من امثال السويدان وعدنان ابراهيم جعلوا من الموضة الغربية هي الحق
    ثم بدأوا يبحثون داخل النصوص عن تأصيل لها...
    في حين أن القرآن والسنة هما الحق الذي يقاس به غيرهما...
    لقد أفدتني افادة عظيمة ...
    جزاك الله خيرا عني وعن المسلمين

  9. #9

    افتراضي

    لا يوجد عقد اجتماعي بخصوص مشاعر الناس وخصوصياتهم العقد يكون في ما هو مشترك اما ما هو خاص كاختيار العقيدة فهذا لا يمكن للمجموعة الزام شخص بما لا يهمها . مثلا مسلم في بلد غالبيته مسيحي حتى ولو كان وحيدا فمن حقه ان لا يجبره احد على معتقد المجموعة .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانية1 مشاهدة المشاركة
    لا يوجد عقد اجتماعي بخصوص مشاعر الناس وخصوصياتهم العقد يكون في ما هو مشترك اما ما هو خاص كاختيار العقيدة فهذا لا يمكن للمجموعة الزام شخص بما لا يهمها . مثلا مسلم في بلد غالبيته مسيحي حتى ولو كان وحيدا فمن حقه ان لا يجبره احد على معتقد المجموعة .
    هراء من الجلدة الى الجلدة

  11. #11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيدة مشاهدة المشاركة
    هراء من الجلدة الى الجلدة
    انت ترين ان من حق مجموعة في بلد ما الزامك بعقيدتها ؟ هذا اختيارك . العقد الاجتماعي يكون في المشترك ولا وجود لبلد يشترك كل سكانه في نفس الدين او المذهب .
    مع الشكر على وصف وجهة نظري بالهراء . هناك اشكال في اداب الحوار .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2016
    المشاركات
    115
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانية1 مشاهدة المشاركة
    لا يوجد عقد اجتماعي بخصوص مشاعر الناس وخصوصياتهم العقد يكون في ما هو مشترك اما ما هو خاص كاختيار العقيدة فهذا لا يمكن للمجموعة الزام شخص بما لا يهمها . مثلا مسلم في بلد غالبيته مسيحي حتى ولو كان وحيدا فمن حقه ان لا يجبره احد على معتقد المجموعة .
    ههههههه......هل هذا مستوى تناقش به مفهوم العقد الاجتماعي.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء