النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: نظرية داروين.. تحت شفرة أوكام، ومطرقة بوبر...للدكتور أبي الفداء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي نظرية داروين.. تحت شفرة أوكام، ومطرقة بوبر...للدكتور أبي الفداء

    الموحّد: أنتم تزعمون أنّ كلام من تسمّونهم بالخلقيين، فيما يسمى بنظرية Intelligent Design ونظرية Irreducible Complexity وغيرهما، ليس على شرط العلم الطبيعي Scientific Method، أليس كذلك؟
    الملحد: بلى، ولا شك...
    الموحّد: فما قولك إن أثبتّ لك الآن أنّ نظرية داروين، ليست على شرط العلم الطبيعي كذلك، ولا تدخل في حدِّه فلسفيا؟
    الملحد: هراء! نظرية داروين أضحت أساسا من أسس العلم الطبيعي في هذا الزمان، وعليها إجماع علماء الطبيعيات في شتى المجالات!
    الموحّد: دعنا نرجئ الكلام على قضية الإجماع هذه، حتى أفرغ من بيان ما عندي.
    الملحد: لا بأس... وإن كنتُ لا أرى فائدة من طرح دعوى كهذه للنقاش أصلا!!
    الموحّد: لا عجب! فهو دينك الذي تدين به، وتعقد عليه قلبك، كما هو شأن سائر ملاحدة العلوم الطبيعية في هذا الزمان. فاسمع إذن ما عندي، وقارعني الحجة بالحجة إن استطعت!
    الملحد –متبرما-: هات ما عندك!
    الموحّد: أقول - ومن الله العون والسداد -: ما قولك أولا في هذا التقرير: "إن كلّ دعوى لا يمكن تكذيبها من خلال أدلة تقوم على الحس، والمشاهدة، والتجريب، والاشتقاق الرياضي، فإنّها لا توصف بأنها من دعاوى العلم الطبيعي"؛ هل توافقني عليه؟
    الملحد: لا بأس به... وهو موافق في الجملة، لمبدإ مهم من مبادئ العلم الطبيعي، التي قررها الفيلسوف الإنكليزي كارل بوبر، ألا وهو مبدأ "قابلية التكذيب" Falsifiability.
    الموحّد: عظيم! فكلّ دعوى لا يمكن نفيها من خلال وسائل العلم الطبيعي، فإنّ صاحبها لا يوصف كلامه، بأنّه من العلم الطبيعي. اتفقنا على هذا. وأضيف كذلك أنّ العلم الطبيعي، يقوم على وضع افتراضات Hyopthesis لتفسير المشاهدات، والظواهر الطبيعية، ثم يجري الاختبارات، والتجارب، ويجمع الملاحظات للنظر في صحة تلك الافتراضات من عدمها.
    الملحد: نعم، هو كذلك.
    الموحّد: إذن، نخرج من هذه المقدّمة بنتيجة هي:"أنّ كلّ دعوى تفسيرية لظاهرة من الظواهر الطبيعية، لا يمكن إثباتها بهذه الوسائل، وبهذه الوسائل فقط، فإنّها ليست من العلم الطبيعي في شيء".. فهل توافقني على هذا؟
    الملحد: بلا شك.
    الموحّد: إذن، فنظرية داروين في أصل الأنواع، ليست من العلم الطبيعي في شيء!
    الملحد: كيف هذا؟؟؟؟؟؟؟؟
    الموحّد: تقوم نظرية داروين على افتراض تفسيريّ، يراد به تفسير نشأة الحياة على سطح الأرض، ومعرفة أصل الأنواع... أليس كذلك؟
    الملحد -متحفزا-: بلى!
    الموحّد: تزعم النظرية:"أنّ الكائنات كلّها انحدرت من أصل واحد، بآليات "عشوائية" عبر بلايين السنين"... فأنت - بزعمها - سليل القردة العليا، والقردة العليا سليلة لكائن آخر يتسلق الأشجار، وهذا بدوره سليل لكائن من الزواحف، وهكذا وصولا إلى الجد الأكبر الكائن أحادي الخلية، الذي نشأ صدفة في "شوربة" الأحماض الأمينية!
    وهذه الدعوى العريضة، لا يمكن إثباتها بأيّ طريق من طرق العلم الطبيعي! "هذا، فضلا عن تشوهها العقلي الفلسفي الأصيل، الذي هو خارج عن مادة هذا الحوار".
    الملحد –غاضبا-: ما هذا الكلام؟ بل هي ثابتة بمئات الآلاف من الأدلة، كما لم يتوافر لنظرية من نظريات العلم من قبل!!!
    الموحّد: هذه الأدلة الكثيرة التي تدّعونها، ليست ظواهر تدل دلالة قاطعة للنزاع على ما تزعمون! وإنما هي ظواهر ترون إمكان تفسيرها بما يوافق نظريتكم، مع كونها في الحقيقة قابلة - كلّ واحدة منها، بلا استثناء - لتأويلات، واحتمالات أخرى، لا حصر لها! "وكلّ تأويل ينفي عمل الخالق المدبر عنها، فهو مخالف لضرورة العقل!"
    لقد اشترط بوبر لإبطال نظرية من النظريات العلميّة الطبيعيّة، أن يكون بالإمكان - عقلا - أن يظهر في يوم من الأيام دليل مادي مشاهد، يقطع إما بصحة النظرية أو بطلانها... فما هو الدليل الذي تطالبوننا به - من صنوف الأدلة الطبيعية - حتى نثبت لكم بطلان تلك النظرية؟؟؟
    الملحد -بعد برهة من السكوت-: نطالبكم بإثبات أنّ هناك خالقا كما تدعون، من خلال وسائل العلم الطبيعي، وأنّ هذه الظواهر، لا يمكن أن تقع على النّحو الذي تصفها به نظرية داروين!
    الموحّد: وكيف يرام إثبات هذه الأشياء من خلال المشاهدات الطبيعية؟؟؟
    ثم إننا معاشر الموحّدين من أهل الإسلام - ولا يعنيني ما يظنه أو يدعيه من تطلقون عليهم اسم "الخلقيين" - لم نقل إنّ إثبات وجود الخالق يصحّ أن تُلتمس إليه طرائق العلم الطبيعي، أو أنّ شيئا مما يشاهده الناس من المشاهدات الحسيّة في هذا العالم أيّا كان، يمكن أن يكون دليلا نافيا لوجوده سبحانه!! فهو عندنا ضرورة عقلية، ليس يرام إثباتها، أو نفيها في المعامل، وتحت المجاهر، ولا يمكن ذلك!!
    وأما قولك "إثبات أنّها لا يمكن أن تقع على نحو ما قال داروين" فهذا أيضا ليس مناط النظر فيه قائما على طلب المشاهدات الحسية، والتجارب الإمبريقية، وإنما دائرة الاستدلال فيه نظرية عقلية محضة، مجالها في الحقيقة فلسفي، وليس من العلم "الطبيعي"! وعند التّمحيص الفلسفي يقال: إنّ الأحداث الأولى التي نشأت فيها الحياة، يلزم عقلا ألا تكون قابلة للقياس على ما يجري الآن، من تطورات وتغيرات داخل سياقها وإطارها القائم، فلا يمكن لأيّ مشاهدة ممّا تشاهدون الآن، أن تكون دليلا على أيّ دعوى تدّعونها، بشأن النشأة الأولى لسائر أشكال الحياة على الأرض!! إنّ غاية ما تقولونه وتدندنون حوله في نظرية داروين، أنّها أوّل تفسير مادّي يرقى - بزعمكم - لأن يكون بديلا يغني عن القول بوجود الخالق، أو "السبب الأول"!! فهل هذه دعوى يمكن لنا أن نبطلها يوما ما، من خلال اكتشاف حسّي طبيعي، تسري عليه شروط العلم الطبيعي؟؟؟
    الملحد: نعم..
    الموحّد: كيف؟
    الملحد: أن نكتشف أثرا حسّيا مباشرا لذلك العامل الخارق للطبيعة، الذي يتدخل في أحداثها، ويوجّهها ذلك التوجيه "الذّكي" الذي تقولون به!!
    الموحّد: نحن نقول: إنّ هذا النّظام المحكم الدّقيق الذي تمشي عليه عناصر هذا الكون من حولنا، بما فيه ذوات أجسادنا، لا يطلب العقلاء دليلا أظهر منه على وجود الخالق الحكيم، الذي خلق كلّ شيء وقدره تقديرا.. ولا تحتاج عقولنا إلى رؤية هذا الخالق نفسه، رأي العين حتى نؤمن بضرورة وجوده! بل أزيدك، إننا قد علمنا من كتابه الذي أنزله على رسوله، ومن دلالة العقل بما يوافقه، أنّه لو أظهر الرّب نفسه للناس-وأعطاهم القدرة لرؤيته-في هذه الحياة الدنيا، لآمن الناس كلّهم أجمعون، ولظلّت أعناقهم لتلك الآية خاضعين، ثم هم لا يُنظرون بعد ذلك، ولا يكون لبقائهم في دار الامتحان من معنى! ولذا فإنّ العقل يلزم منه ألا يقع ذلك الحدث الأكبر إلا في نهاية الزمان، وهذا هو عين ما ينص عليه القرآن! لن يراه المؤمنون سبحانه جهرة إلا يوم تنشق السماء وتقوم الساعة، ويكون قد قضي أمر الحياة الدنيا كلّها!!"أما الكافر فلن يتنعم برؤيته أبدا"
    ثم إنّ قولك بأنّه يتدخل في أحداث العالم، هذا قول باطل تحتاج إلى إخراج دليل ينفيه "من جنس أدلتك الطبيعية، ولا يمكنك ذلك"، والعقل الصحيح يرفضه "على هذا التصور"! فالقائل به، يزعم بموجبه أنّ الخالق في الأصل، لا فعل له في العالم، ولا تأثير، إلا عندما "يتدخل"، و"يوجه" من حين لآخر، وهذا يخالف ضرورة العقل، التي توجب أن يكون لهذا الخالق سلطانا تامّا غير منقوص على سائر خلقه، وإلا انتقضت صفة كمال العلم اللازمة له عقلا.
    والآن أدعوك إلى التأمل في هذه الحجج التي تقدم ذكرها، هل هي من العلم الطبيعي في شيء؟؟؟؟
    الملحد: كلا، ولهذا نقول لكم إن الخلق ليس تفسيرا علميا ولا كافيا!!
    الموحّد: مهلا مهلا! من الذي قال إنّ علوم البشر لا سبيل لتحصيلها، إلا طرائق العلم الطبيعي Scientific Method؟؟؟ إن كنت تقصد بالتفسير العلمي ما يدخل تحت شروط العلم الطبيعي، فنعم صحيح، حدث الخلق الأوّل ليس يمكن إثباته، ولا نفيه بأيّ وسيلة من وسائل العلم الطبيعي، وكذلك ما نزعمه من كون الرّب جل وعلا حاكما في الغيب على كل صغيرة وكبيرة في هذا الكون! فلا يلزمني ما يدعيه غيري من أهل الملل الأخرى، ولا يضيرني - كذلك - ألا توصف حججي بأنها حجج "علمية" على اعتبار أنّ المراد باصطلاح العلم في هذا السياق "العلم الطبيعي"!! وأما قولك "كافيا" فمن الذي قال إنّ حدث الخلق الأول يمكننا - عقلا - أن نقيسه على شيء مما يجري الآن في العالم، حتى نروم "تفسيره" تفسيرا "كافيا"؟؟؟ هذا افتراض باطل فلسفيا من الأساس!!
    فالحاصل، أنّه لا يمكن أن تأتوا بدليل قاطع للنزاع في شأن هذا الحدث، إلا أن ترحلوا إلى الماضي السحيق، لتقفوا على مشاهدته عيانا "وهيهات". وإلاّ، فإنّ كل ما بين أيديكم، ممّا تجعلونه دليلا لرواية التاريخ الطبيعي عندكم، عند مخالفيكم تأويل له يتفق ويعضد زعمهم بأنّ الرّبّ هو خالق كل شيء، وأنّ قصة أصل الأنواع، كما يتخيلها داروين، هذه لم تقع! فإذا ما أردنا الترجيح بين التفسيرين، ألجأنا ذلك إلى طرائق الفلسفة، والاستدلال العقلي، والموازنة بين التأويلات المطروحة للمشاهدة، وليس إلى أدوات العلم الطبيعي، والمشاهدات الحسية الصريحة، والتجارب التي يمكن أن تقدم لنا محاكاة مقبولة عقلا..
    فكيف يقال مع كل هذا، إنّ تلك النظرية على شرط وحدّ العلم الطبيعي؟؟؟
    تقولون إنّ نظرية داروين لا تعطي دليلا قطعيا، وإنما دليلا ظنيا، تزداد قوته ورجحانه، بتراكم الأدلة من جنسه ومرتبته، وهذا طريق معتبر في الاستدلال العلمي الطبيعي، كما في أبواب Forensic Sciences! وأقول إن مبدأ قبول تراكم الأدلة الظنية وتقوية بعضها البعض - من حيث الأصل الفلسفي - مبدأ صحيح عقلا لا مطعن فيه، وهو معمول به في سائر العلوم. ولكن، عندما تكون تلك الأدلة كلّها مبنية على نظرية فاسدة من حيث الأصل العقلي، إذ يراد بها منازعة ضرورة من ضروريات العقل وإبطالها، فإنّه مهما تراكمت تلك الأدلة الظنية، فإنّها لا يكون لها قيمة!! تماما كمحقق الشرطة الذي يصر على جمع مزيد من "الأدلة" على أن القاتل هو فلان، الذي بنى نظريته حوله، مع أن القاتل قد اعترف بالفعل، وقدم نفسه للعدالة!!! لهذا ترانا نقول بكل ثقة: "إنّ هذه الأدلة المزعومة ليست إلا نظريات، وافتراضات مهما كثرت، وتراكمت"!! فالفرضية الأصلية التي يراد الاستدلال عليها، بتفسيرات الداروينيين لما بين أيديهم من المشاهدات المتراكمة، فاسدة من حيث الأصل الفلسفي، وفسادها نبيّنه لهم بحججه الدامغة، من قبل أن يدخلوا بها معاملهم يجعلونها من نظريات العلم الطبيعي التي يتصور إمكان إثباتها بأدلة العلم الطبيعي!!
    إنكم معاشر الداروينيين! تخرجون نظرية بيهي Irreducible Complexity - على سبيل المثال - من دائرة العلم الطبيعي لأنها تفترض تفسيرا لا يمكن نفيه من خلال وسائل العلم الطبيعي، فهلا دللتمونا على الطريقة العلمية الطبيعية التي يمكننا بها أن نبطل نظرية داروين إن أردنا ذلك؟؟؟
    ثم إنكم تدّعون أن نظريات "الخلقيين" تخرجها شفرة أوكام Occam Razor من دائرة التفسيرات النظرية المقبولة عند المقارنة بنظرية داروين، مع أن هذه الشفرة لم تخرج أصلا إلا في الكنيسة، لإثبات أن كل محاولة لتفسير الغيبيات بشيء إضافي إلى سلطان الخالق الواحد، فإنّه أمر مرفوض عقلا! أما أنتم فتريدون الانتصار بهذه القاعدة لنظرية داروين! تقولون إنّ نظرية داروين أوفق كتفسير؛ لأنّها لا تتطلب الكثير من الفرضيات، التي تحتاج كل منها في ذاتها إلى تفسير مقبول عقلا، في مسلسل من التفسيرات بخلاف عقيدة الخلق. وأقول إنّ هذا من انقلاب المنطق، وعمى البصيرة بمكان! فالذي يتأمل في نظرية داروين، يجد أنّ كلّ ما يجعله العلماء الطبيعيون دليلا على صحتها، فإنّه قابل لتأويلات عدة، كل تأويل منها يحتاج إلى تفسير للكيفية التي وقع بها الحدث على ذلك النحو المزعوم، دونما تقدير مسبق ودون ضابط خارجي حاكم، يمنع من هلاك الكائنات، وانهيار منظومتها المتزنة، انهيارا كلّيا في أي حلقة من حلقات تلك السلسلة الطويلة، فاحشة الطول، من أحداث يفترض - على خلاف مقتضى العقل الصحيح - أنها لم يحكمها حاكم كوني، ولم يضبطها في أصلها، ولا في تتابعها أي توجيه مسبق لغاية محددة! ثم إنكم تغفلون مشكلة الأصل الأول وراء هذه القصة - وهو ما لا جواب له عقلا إلا الخلق - وتغرقون في تسلسل لا ينتهي، ولا تعلمون طريقا لإنهائه أو الخروج منه!! وإلا فمن أين أتى ضابط الانتخاب، ومن الذي قرّر قاعدته في نظام الأشياء في الابتداء، ومن أين جاءت الحياة التي دبّت في الخلية الميتة فجعلتها كائنا حيا؟؟ وهل ترون في مشاهدات العالم ما يمكن بالقياس عليه، محاكاة هذا الحدث في المعامل، والطمع في الوصول إلى دليل "طبيعي" على وقوعه كما تعزمون؟؟؟ كل هذه الإشكالات الفلسفية الكبرى، وتقولون إن شفرة أوكام ترفع نظرية داروين فوق القول بالخلق؟؟؟ ما أسهل الدعاوى!!
    بالله، أين هذا العبث الفلسفي المحض، باسم العلم الطبيعي، من قول واحد رشيق مفاده: أنّ الله جل وعلا قد خلق كل هذا الخلق، وقدّره بمقدار دقيق - كما هو واضح جدا، لا تخطئه أبصار الناس! - لا مزيد عليه، ولا حاجة للزيادة عليه أصلا؟؟؟ نعم، ليس هذا القول من العلم الطبيعي! ولكن، من الذي قال: إنّ جواب هذا السؤال يجب ألا يأتي إلا من العلم الطبيعي؟؟؟
    إن قول القائل منكم بأنّ وجود الخالق يضع أمامنا مجهولا هو - ولابد - أشد تعقيدا من المسألة المطلوب تفسيرها، هذا لا يؤثر على صحة ذلك القول في قليل، ولا كثير! نعم، هو مجهول بالنسبة لأدوات العلم الطبيعي، ولا سبيل لمعرفة شيء عنه من ذلك الطريق، ولكننا لم نجعله من جملة العلوم الطبيعية، ولا عددناه نظرية في علم الأحياء، معرضة لأن يأتي ما يفضُلُها فيقدّم عليها في يوم من الأيام! إنّ الخالق ضرورة عقلية، ينتهي بها التسلسل نهاية حتمية، لا مفر منها، وهو - بضرورة العقل كذلك - فوق سائر تصورات العقل، ولا تخضع ذاته، وكيفيته للقياس العقلي! وأما صفاته فلا نعرفها في المعمل، وإنّما نتعلمها من الوحي المنزل! فإذا ما وقفنا في المعامل لم نر - أبدا - إلا ما يصدقها أتم تصديق!
    هذا هو محل نزاعنا معكم يا أتباع القرد داروين! إنّه محل فلسفي عقلي محض، لا مدخل فيه للعلم الطبيعي أصلا! فإن كانت نظريات "الخلقيين" مرفوضة، بسبب أنها ليست من العلم الطبيعي، فنظرية داروين أحرى بأن ترفض لذات العلة، فالإشكالية الفلسفية واحدة، وهي محل النزاع بين الفريقين!! ولا قيمة لدعوى الإجماع عليها، فإن هذه، ليست المرة الأولى التي تتفق فيها أروقتكم الأكاديمية على فلسفة من الفلسفات الباطلة، أو يتفق فيها علماء الطبيعيات على نظرية علمية في عصر من الأعصار، ثم لا تلبث أن يثبت بطلانها، وتضطرون لقبول نظرية أخرى في مكانها، فيزول الإجماع، وكأنه لم يكن! ثم إن خلافنا فيما نختلف فيه، خلاف فلاسفة وعلماء ملل، لا خلاف علماء أحياء، أو علماء جيولوجيا، أو غير ذلك، من الممارسين في تلك المجالات!! ومعلوم أن فلاسفة العلوم منهم الملاحدة نفاة الخالق، ومنهم المسلمون، وأهل الكتاب.. فلا إجماع أصلا بين أهل الاختصاص في دراسة تلك القضايا!!!
    عند هذا، سكت الملحد ولم يدر بم يجيب!!!
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2010
    المشاركات
    2,867
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    19

    افتراضي

    مقال مفيد, ومن أجمل ما فيه أسلوب المحاورة التي تجعل القارئ يسترسل فيه, دون أن يشعر أنه يقرأ مقالا علميا. ليت الشيخ يستعمل مثل هذا الأسلوب الجميل في مقالاته التالية. بارك الله في الكاتب والناقل.
    {‏ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم: 41

  3. #3

    افتراضي

    مقال علمي حواري رائع ، يظهر كيف أن عقيدة الملحد في نظرياته تتهاوى قواعدها احتكامًا واستناداً لمبادئ الإبستيمولوجيا التي هو ذاته مقرٌ بها.

  4. #4

    افتراضي

    لو تفضلتم، هل هذا المقال الحواري افتراضي ؟ أم تم خوضه في مناظرة حقيقية مع ملحد؟ .لأني أشعر كأن هذا الحوار قد خيض حقيقة.
    ومعذرة على تطفلي عليكم بهذا السؤال.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    الدولة
    بين المسلمين
    المشاركات
    2,906
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أحسبه افتراضياً و إن لم يكن يختلف كثيراً عما يقوله الملاحدة عادة.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء