بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على رسول الله


وبعد، إن مما كثر وانتشر في الآونة الأخيرة، وهو من المسائل الخطيرة التي يجب أن يتفطن لها المجتمع والآباء ويعالجوها قبل أن تأتي بآثارها الخبيثة المدمرة للأخلاق والدين، والتي إن تهاونوا فيها صعب عليهم تغييرها بعد حين، ألا وهي إلباس البنات الصغار وتعويدهن على الملابس الضيقة والقصيرة التي إن لبستها المرأة الكبيرة لاتهمت بالفسق وزوال الحياء، والذي منه ما لا نراه في بلادنا من المتبرجات إلا نادرا مثل الmini الذي هو فوق الركبة، وملابس أخرى لا أعرف اسمها.....

ولكلهم شبهة واحدة حولها يدندنون، يقولون بنتي لازالت صغيرة ولا حكم لعورتها... وهذه الشبهة باطلة لأن مخاطر تعويد البنات الصغار على القصير والضيق جلها تأتي فيما بعد، فالفتاة التي تلبسها أمها تلك الملابس في سن العاشرة والحادي عشر إلى الثالث عشر و لربما امتدت إلى أكثر، تلك الفتاة سيهون عليها إظهار مفاتنها بعدما تبلغ وبنمو جسمها ولن تستعظم وتستحي من إظهار ساقها وفخذها ومفاتنها، وبكونها كبرت على تلك الملابس يتعلق قلبها به وتحبه وتبغض الحجاب والستر، فحتى إن أرادا والداها إلزامها بالحجاب امتنعت وصعب الأمر، فإما يلبسونه لها على كره وعدم رضى منها وفي هذا مفاسد كثيرة، وإما لا يستطعون عليها، فيحصل انتشار مرعب للتبرج أكثر مما هو عليه الآن، وبذلك يكثر الفسق والمجون وتكثر الفواحش والزنى، فنزيد فسادا على فساد وبعدا من ربنا.

ألا يخاف هؤلاء الآباء أن يدخلوا في قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّة، يَموتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللهُ عليه الجَنَّةَ))[أخرجه البخاري ومسلم ]

وقوله:
((ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة))
[أخرجه البخاري ومسلم]




وقد نبه العلماء من هذا وحذروا منه، وها أنا أنقل لكم ما تيسر لي جمعه:



قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "ومعلوم ما يترتب على هذا التشبه، وهذه الملابس القصيرة التي تجعل المرأة شبه عارية من الفساد والفتنة ورقة الدين وقلة الحياء. فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، ومنع النساء منه، والشدة في ذلك، لأن عاقبته وخيمة، وفساده عظيم، ولا يجوز التساهل في ذلك مع البنات الصغار، لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له، وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن، فيقع بذلك الفساد والمحذور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء." (1)


قال الشيخ بكر ابن أبو زيد -عفى الله عنه-: "وليحذر المسلم من بدايات التبرج في محارمه، وذلك بالتساهل في لباس بناته الصغيرات بأزياء لو كانت على بالغات لكانت فسقًا وفجورًا، مثل: إلباسها القصير، والضيق، والبنطال، والشفاف الواصف لبشرتها، إلى غير ذلك من ألبسة أهل النار، كما تقدم في الحديث الصحيح، وفي هذا من الإلف للتبرج والسفور، وكسر حاجز النفرة، وزوال الحياء، ما لا يخفى، فليتق الله من ولاّه الله الأمر." (2)


قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله-: " يقول بعض الناس: إن هذه البنت صغيرة، ولا حكم لعورتها، وهذه العلة ليست بموجبة للإباحة، وذلك لأن البنت إذا لبستها وهي صغيرة ألفتها وهي كبيرة، وإذا لبستها وهي صغيرة زال عنها الحياء، وهان عليها انكشاف أفخاذها وساقها؛ لأن هذه المواضع من البدن إذا كانت مستورة من أول الأمر، فإن المرأة تستعظم كشفها عند كبرها، وإذا كانت مكشوفة من أول الأمر لم يكن عظيما في نفسها كشفها فيما بعد،

وهذا أمر معلوم بالعادة والحس أن الإنسان إذا اعتاد شيئا هان عليه، كما أننا نرى الآن أن هذه الألبسة تلبسها بنات كبيرات ينبغي عليهن الاحتجاب؛ لأن البنت إذا بلغت مبلغا يتعلق بها النظر وتطلبها النفس، فإنها تحتجب، قال الزهري رحمه الله وهو من أئمة التابعين: لا يصلح النظر إلى شيء ممن يشتهي النظر إليهن وإن كانت صغيرة.
" (3)






أسأل الله أن ينفع بكلمتي



___________________________________
(1) http://www.binbaz.org.sa/article/573

(2) من مقال للشيخ

(3) توجيهات للمؤمنات حول التبرج والسفور. ص:20. http://ia800203.us.archive.org/33/it...4266/14266.pdf