إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴿نوح: ٢٧﴾


قانون الإنتخاب [‌أ] الذي أوجزه رسول الله نوح عليه السلام يؤكد أن عدد أهل الكفر على الأرض بازدياد بالنسبة لعدد أهل الإيمان على الأرض .

فرياضيا وحسب قوانين الوراثة فإنه ليس للوراثة فضل في إحداث الخلل في التوازن العددي بين أهل التقوى وإلإيمان و أهل الكفر والعصيان فالولادة لا تؤثر على هذه النسبة فالنسبة بين مواليد أهل الإيمان وأهل الكفر هي واحد إلى واحد = 50%/50% .

أما السبب الرئيس في إزدياد نسبة أهل الكفر و العصيان على أهل التقوى و الإيمان إضلال أهل الكفر [‌ب] و العصيان لأهل التقوى و الإيمان هذا إن أستثنينا جميع العوامل الأخرى ومن أهمها في نظري إبلاء الإيمان وإندراسه في النفوس وتحوله أخلاقا وآثارا وتمييع دين الدولة والتشريع بشرع غير شرع الله عز وجل وتعطيل الجهاد الذي هو معول هدم الكفر وأصنامه.



أما مواجهة هذا المد والطوفان الكفري يكون بأحد أمرين

1- الحل السريع الإضطراري [‌ج] : ( البتر ) والإجتثاث وإفناء الكفر بطوفان عام

2- الحل البطيء الإختياري [‌د]: ( العلاج و الكي )

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿البقرة: ٢١٨﴾

- ( الإيمان ) إبتداءا نشر الإيمان و التوحيد عامة .

- ( الهجرة ) ثم عزل أهل الإيمان عن أهل الكفر في مجتمع إيماني موحد لله عز وجل .

- ( الجهاد ) ومحاربة أهل الكفر و الفجور مسببي الإضلال خاصة و مقاومة جميع الأسباب و الدوافع [‌ه] بجميع الأشكال والطرق التي من أجلها يسعون أهل الكفر سعيا حثيثا لإضلال المسلمين خاصة لإجتثاثهم وقطع شأفتهم.







وهذه الخطوات الثلاثة أشبه ما تستخدم للقضاء على وباء إذا عم البلاد وطم

- فأولا يَأخذ المرضى الذين يرغبون العلاج الدواء المقنن والمحكم على جرعات تزداد تدريجيا في التركيز خوفا من أن يحصل لجسده ردة فعل تمنعه من الإستفادة من العلاج

- ثم يوضع المرضى الذين رغبوا في العلاج وبدأت أجسامهم تتماثل في الشفاء وتستجيب للعلاج في حجر صحي مع إستمرار العلاج بجرعات جديدة ومركزة أكثر من التي كان يأخذها في بداية العلاج .

- ثم تبدأ مرحلة تطهير الأرض الموبوءة بالمرض خوفا من نقل عدوا جديدة للصحيح و المعافى من الناس .



ومما لفت نظري في الآية موضوع هذه الصفحات

أن الأولاد يتبعون دين آبائهم على الإيمان أو الكفر [‌و] وهذه قاعدة عامة يشذ عنها إلا من رحم الله عز وجل

كَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴿الزخرف: ٢٣﴾

ومن خلال النظر إلى هذه القاعدة يتبين

· أنها قاعدة تربوية فصلاح الآباء يورث للأبناء وكثير من فساد الأبناء من فساد الآباء وتربيتهم .

قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿الأنبياء: ٥٣﴾

· وهي قاعدة توريث سلوكية تتعلق بتوريث المعتقدات و الأخلاق والقيم عبر المحاكاة والتقليد واكتساب الخبرات فيما يعرف التأسي والتشبه بالقدوة [‌ز] .

وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّـهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿الأعراف: ٢٨﴾





والله أعلم



--------------------------------------------------------------------------------

[‌أ] عملية إحصاء نِسَبْ النوع الواحد من فئة معينة بالنسبة للعدد الكلي من جميع الفئات

[‌ب] إنسهم وجنهم

[‌ج] هما يومان ستشهدها الأرض يوم فات ويوم آت أما اليوم الذي فات فكان طوفان نوح عليه السلام وأما اليوم الآت فهو يوم الملحمة الكبرى ، في المعركة النهائية الفيصل بين الحق والباطل ، وهذا اليوم قادم إن شاء الله عز وجل لتحقيق وعد الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو من ركائز معتقداتنا الغيبية التي ننتظر تحققها

[‌د] في جميع أحوال الأمة في حال ضعفها وقوتها عليها أن تسعى لتحقيقه .

[‌ه] فهذه الأسباب و الدوافع موجود منذ فجر البشرية فكأنها فطرة وبذرة خبيثة تتوارث كما تتوارث الجينات.

[‌و] محاكاة وتقليدا واحتذاءا واقتداءا وتأسي وتشبه بآبائهم

[‌ز] أكبر مؤثر على الأبناء الآباء والمعلمين والقادة العظام ، ولذلك يحاول حزب الشيطان وأعوانه قتل القدوة للأمة المسلمة وإنزالهم منازل السخرية و الإستهزاء لكي يسقطوا من نفوس المسلمنين فيبدأ الشباب المسلم بالبحث عن قدوات من الغرب والشرق .