بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
قال الامام النووى رحمه الله تعالى في كتاب المجموع شرح المهذب - : ( ويكره أن يصلي الرجل بقوم وأكثرهم له كارهون ; لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاثة لا يرفع الله صلاتهم فوق رءوسهم فذكر فيه رجلا أم قوما ، وهم له كارهون } فإن كان الذي يكرهه الأقل لم يكره أن يؤمهم ; لأن أحدا لا يخلو ممن يكرهه ) .





الحاشية رقم: 1
( الشرح ) هذا الحديث رواه ابن ماجه في سننه بإسناد حسن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا : رجل أم قوما ، وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وأخوان متصارمان } وفي الترمذي عن أبي أمامة قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجع ، وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط ، وإمام قوم ، وهم له كارهون } قال الترمذي : حديث حسن ، وفي سنن أبي داود وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة : من تقدم قوما ، وهم له كارهون ، ورجل أتى الصلاة دبارا - والدبار الذي يأتيها بعد أن تفوته - ورجل اعتبد محررا } وفي رواية البيهقي والدبار أن يأتي بعد فوات الفوت ، ولكنه حديث ضعيف والدبار - بكسر الدال - قال الخطابي والقاضي أبو الطيب وسائر العلماء : الدبار هو أن يعتاد حضور الصلاة بعد فراغ الناس قال : واعتباد المحرر أن يعتقه ثم يكتم عتقه وينكره ويحبسه بعد العتق ، ويستخدمه كرها .

( أما أحكام المسألة ) فقال الشافعي وأصحابنا - رحمهم الله - : يكره أن يؤم قوما وأكثرهم له كارهون ، ولا يكره إذا كرهه الأقل ، وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره ، صرح به صاحب الإبانة ، وأشار إليه البغوي وآخرون .

وهو مقتضى كلام الباقين ، فإنهم خصوا الكراهة بكراهة الأكثرين .

قال أصحابنا : وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعا كوال ظالم ; وكمن تغلب على إمامة الصلاة ، ولا يستحقها أو لا يتصون من النجاسات ، أو يمحق هيئات الصلاة ، أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة والعتب على من كرهه هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم ، وحكى إمام الحرمين [ ص: 173 ] وجماعة عن القفال أنه قال : إنما يكره أن يصلي بقوم وأكثرهم له كارهون إذا لم ينصبه السلطان ، فإن نصبه لم يكره ، وهذا ضعيف والصحيح المشهور أنه لا فرق ، وحيث قلنا بالكراهة فهي مختصة بالإمام ، أما المأمومون الذين يكرهونه فلا يكره لهم الصلاة وراءه ، هكذا جزم به الشيخ أبو حامد في تعليقه ونقله عن نص الشافعي .

وأما المأموم إذا كره حضوره أهل المسجد فلا يكره له الحضور ، نص عليه الشافعي وصرح به صاحب الشامل والتتمة ; لأنهم لا يرتبطون به ، ويكره أن يولي الإمام الأعظم على جيش أو قوم رجلا يكرهه أكثرهم ، ولا يكره إن كرهه أقلهم نص عليه الشافعي ، وصرح به صاحبا الشامل والتتمة