الدنيا دار أمتحان نهايته إما الى الجنة أو النار
فيها المؤمن الثابت وفيها الكافر
والثبات نعمة من الله على عباده المؤمنين وفضل كبير
والردة ترك العبد لنفسه مع الشبهات والشهوات سائراً مع الشياطين عبر ضنك الدنيا والى دركات النار ! .

وقد كتبت هذا المقال لمعرفة أسباب الأنحراف عن الدين إما جزئياً أو كلياً وسميته بــ ( من أسباب الردة المعاصرة ) :

1-
(دخول بعض الناس الإسلام في الظاهر وأقامته بعض الشعائر وهو لم يتذوق بقلبه طعم الإيمان
وقد يولد على الإسلام لأبوين مسلمين ولكنه قلدهم ولم ينظر في أدلة أعتقادهم لقلة العلم في بيئته مثلاً وكثرة الشبهات )

هذا سبب من أسباب كثيرة سترد تباعاً إن شاء الله
فأقول هنا :
قد يدخل بعضهم الأسلام الحنيف ظاهرياً أقتداء بمن يحب مثلاً كزوج أو أخ أو والدين الى آخره ...
وقد يولد على الإسلام أصلاً ولكنه قلد والديه على الدين دون نظر في ما أقنع والديه بهذا الدين الحنيف وأسباب ثباتهم عليه .

وكون المرء مسلماً :
هذا في حد ذاته شرف كبير له وشيء جميل ولكن يبقى أنه من المهم أن يعرف أن هناك فترات أو أماكن ومجتمعات : فيها فتن كثيرة من شهوات أو شبهات.
خاصة في هذا العصر عصر التكنولوجيا التي تستعمل في الخير والشر ! وأصبحت الكلمة تكتب في لحظات فتلف الكرة الأرضية !
وهذا الأنجاز التكنولوجي المهم جميل جداً لو أستعمل في نشر الخير والتحذير من الشر غير أن لأهل الشر صولات وجولات كما هي عادتهم عبر التاريخ في أنتهاز الفرص لشن
الحروب والغارات على المسلمين وكانت العاقبة للمسلمين .


أقول هنا لا يكفي في عصر التكنولوجيا والفضاء المفتوح أو في أماكن أو أزمنة أنتشار الشبهات والشهوات أستقبال الخطر بصدر مفتوح !
أترى لو أن لك أعداء في عملك وفي حياتك الدنيوية أكنت ستترك نفسك بلا حصن منهم ؟! وبلا قوة تردعهم من مسؤول أو ذو منصب أعلى منهم ؟!
كلا أن في دنيانا ترى المرىء ينافح عن الدنيا بكل ما أوتي من قوة ! فكيف به لا يسعى في حماية قلبه بحصن الإيمان من أعدائه ؟!

المعركة اليوم مع أعداء الله هي معركة مع الجهل المركب
فإياك وترك القراءة في كتب العلم النافع أبد ما عشت
وإياك وترك العمل بما قد تعلمت من علم نافع أبد ما عشت
عليك بحصن الإيمان

أتعرف ما حصن الإيمان ؟!
حصن الإيمان هو علم نافع تتعلمه من عقيدة وهي من أهم ما يكون في صد الشبهات وفقه وتفسير وحديث بمتنه وقواعد روايته وسنده وسيرة وكلما توسعت في الكتب كان أفضل
فهلم الى كتب العلم أقرأ وتعلم وتشوق الى المعرفة لترفع الجهل عن نفسك فهذه المعركة المعاصرة مع أعداء الله معركة علم ووعي فتحصن فيها وتقوى بكتب الأعتقاد
عليك بشرح ثلاثة الأصول وشرح كتاب التوحيد والواسطية والطحاوية والتدمرية لعلماء المسلمين من أمثال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغيره من أهل العلم أقرأ وأنهل وتعلم وستدلك الكتب على ما ورائها من كتب نافعة وستقرأ وتستفاد جداً فالكتب كثيرة جداً وهذه أمثلة فقط ..

حصن الإيمان هو تطبيق للعلم بالعمل حتى تصد الشهوات فتعمل أعمالاً صالحة من سجود في الصلوات الخمس في مساجد المسلمين ودعاء في السجود وفي أوقات الأستجابة وصدق في مواقف الصدق وجهاد النفس وكبحها عن الشر وصدقات تخرج في السر والعلن وزكاة إذا وجبت وهكذا كلما تعلمت تصدق مع الله وتطبق الحق ولو بأقامته على نفسك فإذا صدقت وأخلصت أفلحت ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً .

وليستبشر كل من جاهد نفسه وألجم هواه وسار في طريق تحقيق مرضاة الله وبذل مجهوده في ذلك أنه سيهتدي
قال رب العالمين :
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )
وجاء في تفسير البغوي :
قال الحسن : أفضل الجهاد مخالفة الهوى . وقال الفضيل بن عياض : والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبل العمل به . وقال سهل بن عبد الله : والذين جاهدوا في إقامة السنة لنهدينهم سبل الجنة . وروي عن ابن عباس : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا . ( وإن الله لمع المحسنين ) بالنصر والمعونة في دنياهم وبالثواب والمغفرة في عقباهم .اهـــ

حصن الإيمان أن لا تجعل قلبك كالأسفنجة فتمتص كل شبهة ولكن أن تكون كالزجاجة ترى الشبهة لكن لا تمتصها الى قلبك خاصة وأنت ترى دعاة الإيمان وجنوده يصدون الشبهات وهي من أوهى ما تكون في الضعف والركاكة ! .فيحرم على من لا يمتلك أدوات العلم مشاهدة قنوات الكفر والنفاق من باب الشغف والفضول أو التسلية فيفتن نفسه أما من أمتلك العلم فيجوز له مشاهدة باطلهم لغرض التحذير منه ورد باطلهم ..
جاء في فتاوى إسلام ويب : فلا يجوز الدخول على قنوات ومواقع تبث من خلالها العقائد الباطلة، والأخلاق الفاسدة، وغيرها من المحرمات، وسواء كانت هذه القنوات والمواقع لأهل الكفر والإلحاد، أو لأهل البدع والضلال؛ فلا تجوز مشاهدة الباطل، أو الاستماع إليه إلا إذا كنت متمكنا من العلم الشرعي، وكان دخولك لغرض صحيح، كالرد على أهل الباطل باطلهم. قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان:72}.

قال القرطبي رحمه الله: لا يشهدون الزور. أي لا يحضرون الكذب، والباطل. انتهى.

حصن الإيمان أن تصادق الأخيار من أهل الإيمان من أهل الصدق في المعاملات وحب الخير للناس وإياك أن تغتر بمن ظاهره التدين وهو لا يطبقه على نفسه وهو إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ فإن لم تجد الصديق الذي يحبك لله فعليك بمعرفة المعارف في دنيانا بالمعاملات العادية فتأخذ ما يكفيك لأقامة حياتك الأجتماعية لكن إياك أن تصادق من يجرك الى الشر !! . فتوالي من يوالي الله وتعادي من يعادي الله بقلبك وبجوارحك قدر وسعك وهذا لا يمنع المعاملات الحلال مع غير المسلمين من بيع وتجارة وتهنئة بمناسبات مباحة من باب البر والقسط مع من يستحق البر أو بالتلطف لدعوتهم الى الخير وإياك أن تقع في معاملات حرام بحجة المجاملات لأعداء الله ورسله من تهنئة بمناسبات وأعياد باطلة ومداهنة باطلة فتخسر من دينك ما ترى أنك بذلك ترضيهم ! وأعلم أن من أرضيته بالباطل لن يرضى عنك أبداً !!!

(مَنْ أرْضَى الناسَ بسخَطِ اللهِ وكَلَهُ اللهُ إلى الناسِ ، و مَنْ أسخَطَ الناسَ برضا اللهِ كفاهُ اللهُ مُؤْنَةَ الناسِ) صحيح الجامع \ الموسوعة الحديثية

وبالجملة خلاصة الكلام ومسك ختامه : اعتصم بالله تفلح

(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: " وكيف تكفرون "، أيها المؤمنون بعد إيمانكم بالله وبرسوله، فترتدّوا على أعقابكم =" وأنتم تتلى عليكم آيات الله "، يعني: حججُ الله عليكم التي أنـزلها في كتابه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم =" وفيكم رسوله " حجةٌ أخرَى عليكم لله، مع آي كتابه، يدعوكم جميع ذلك إلى الحقّ، ويبصِّركم الهدَى والرشاد، وينهاكم عن الغيّ والضلال؟. يقول لهم تعالى ذكره: فما وجه عُذْركم عند ربكم في جحودكم نبوَّة نبيِّكم، وارتدادكم على أعقابكم، ورجوعكم إلى أمر جاهليتكم، إنْ أنتم راجعتم ذلك وكفرتم، وفيه هذه الحجج الواضحة والآياتُ البينة على خطأ فعلكم ذلك إن فعلتموه؟ ....وأما قوله: " ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم "، فإنه يعني: ومن يتعلق بأسباب الله، ويتمسَّك بدينه وطاعته =" فقد هدى "، يقول: فقد وُفِّق لطريق واضح، ومحجةٍ مستقيمة غير معوجَّة، فيستقيم به إلى رضى الله، وإلى النجاة من عذاب الله والفوز بجنته أهــ من تفسير الطبري