بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الاستعانة وعليه التكلان والإبانة
الــدِيــن

الدِين تلك الكلمة التي ظُلمت من جَراء جهل كثير من المنتسبين على الإسلام لها فما أعطوها حقها ، وما قدروها قدرها –إلا من رحم الله - ، فمن متحذلق يدعي فهمًا وما يدرى منها سوى أماني وأحلام نائم إذا ما وزنت بالميزان الشرعي ، ولا أكون مغاليًا لو قلت بل ربما يكون على ضلالة فى تدينه هذا وانتسابه للدين ، ومن سادر فى غيه باع غالٍ برخيص لسوء قصده وخبث طويته لرفضه الدين مطلقًا فهو إلى الحضارة الغربية أنتسب ولدينه أنتحل ، ولكن أى دين وهى لا دينية ؟ ! قائلاً : اعلم لا دين له ولا وطن ، والدين صلة روحية بين الأنسان وإلهه ومكانه دور العبادة فحسب ؟ ! (1 )
بل ويقف مردداً كالببغاء : أنا دينى العلم وهو يقصد العلمانية الخبيثة المهد النكدة الثمار ( إستكباراً فى الأرض) (فاطر :43).
هذا غير الكثير من عموم المسلمين الذين يكتنفهم الجهل لا يدرون عن دينهم على مجرد هذه الشعائر التعبدية التى يؤدونها دون تدبرٍ أو خشوعٍ ، بل ربما يكون قد جهلوا أهم يتميز به هذا الدين ألا وهى نعمة التوحيد ، بل ربما يقعون فى الشرك الأكبر والأصغر وهم لا يدرون 0
يقول العلامة محمود شاكر رحمه الله( 2) :
(وعسير على خلق كثير ، أن يدرك اليوم معنى هذا اللفظ (دين) عندنا نحن المسلمون ، لأن المسلمين منذ غُلبوا على أمرهم بغلبة الحضارة الأوربية على الأرض مسلمها وكافرها ، تلجلجت ألسنتهم بالفَرقَ ( 3)والذعر لهول المفاجأة ، فصار لسان أحدهم أحياناً كأنه مضغة لحم مطروحة من جَوبة( 4)

معنى الدين فى اللسان العربي :
يقول رحمه الله 1)
(ولفظ [الدين] من ألفاظ اللغة التي لها فى الذهن صورة جامعة ، أو ينبغي أن تكون لها صورة جامعة . فوجب أن نعرف تمام المعرفة حقيقة معنى الدين ، وما تراكم عليه من المعاني الحادثة المتجددة ، وأن نحاول محاولة محاولة صادقة تؤدى بنا إلى بلوغ كٌنه(2) الروابط التى تجمع هذه المعاني ، وتشد قديم معانيه وحديثها بعضها إلى بعض شداً محكماً ، حتى يدل هذا اللفظ على معناه المركب ، وهو المعنى الذي له صورة جامعة فى الذهن ، يدركها عند سماعه .
فالدين ، على القدر الذي بلغنا من اللغة ، هو فى الأصل الحال التى يخضع لها خضوعاً طارئاً أو مستمراً ، ومن شوارد ما رواه النضر بن شميل أنه سأل أعرابياً عن شيئ ، فقال له : (لو لقيتنى على دين غير هذه لأخبرتك ) أي على حال أو عهد غير الذي وجدتنى واقعاً تحت سلطانه .أ.هـ)

ملخص ما ذكره أهل المعاجم (3)
(دين) الدال والياء والنون أصل واحد إليه يرجع فروعه كلها . وهو جنس من الأنقياد والذل .فالدين :الطاعة ، يقال دان له يدين ديناً ، إذا أصحب وأنقاد وطاع . وقوم دين ، أى مطيعون منقادون .
والمدينة كأنها مفعلة ، سميت بذلك لأنها تقام فيها طاعة ذوى الأمر . والمدينة :الأمة .والعبد مدين ، كأنهما أذلهما العمل . فأما قول القائل :
* يادين قلبك من سلمى وقد دينا *
فمعناه ياهذا دين قلبك ،أي أذل . فأما قولهم إن العادة يقال لها دين ، فإن كان صحيحاً فلأن النفس إذا أعتادت شيئاً مرت معه وأنقادت له .
فأما قوله جل ثناؤٌه: (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ)يوسف76 فيقال : فى طاعته ، ويقال فى حكمه . ومنه : (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)الفاتحة4، أي يوم الحكم .وقال قومُ: الحساب والجزاء . وأىُ ذلك كان فهو أمر ينقاد له . وقال أوي زَيد:دِينَ الرجٌل يٌدان ، إذا حٌمِل عليه ما يَكره .


ومن هذا الباب الدَيْن . يقال دايَنْتٌ فلاناً ، إذا عاملتَه دَيْناً ، إِما أخْذاً وإما إعطاء ، ويقال دِنْ وأدَنْتُ ، إذا أَخَذْتَ بدَينٍ . وأدَنْتُ أقْرَضْت وأعطيت دَيْناً .
والََََََََََََديْن من قياس الباب المطرد ، لأن فيه كل الذُل والذَل . ولذلك يقولون " الَدين ذُلَ بالنهار ، وغَمُ بالليل" .

ولخص هذه المعانى المودودى رحمه الله(1)
1) القهر والسلطة والحكم والأمر ، والإكراه على الطاعة ، وإستخدام القوة القاهرة فوقه ، وجعله عبداً ، ومطيعاً ، فيقولون (دان الناس) أى قهرهم على الطاعة ، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا . و(دنت القوم) أي أذللتهم وأستعبدتهم ، و(دان الرجل) إذا عز ،و(دنته) أي سسته وملكته . و(ديَنته القوم) وليته سياستهم ، ويقول الحطيئة يخاطب أمه :-
لقد دينت أمر بنيك حتى تركتهم أدق من الطحين
وجاء فى الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت)(2) أى قهر نفسه وذللهما ، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها ، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي :
ياسيد الناس وديان العرب(3)
وجاء فى التنزيل : ( فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) الواقعة86
2) الطاعة والأئتمار بأمر أحد وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره . فيقولون (دنتهم فدانوا) أى قهرتهم فأطاعوا ، و(دنت الرجل) أى خدمته ، وجاء فى الحديث ، قال رسول الله : (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب)أي نطيعهم ونخضع لهم . بهذا المعني يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين فى حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السمه من الرمية) 0
3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد ، فيقولون (مازال ذلك دينى وديدني)أي دأبي وعادتي . ويقال (دان)إذا أعتاد خيراً أو شراً . وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم ، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه)(4) أى كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة فى قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والإجتماعية .



4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب . فمن أمثال العرب (كما تدين تدان)أي كما تصنع يصنع بك . وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أى هل نحن مجزيون محاسبون ؟ وفى حديث ابن عمر قال رسول الله لا تسبوا السلاطين فإن كان لابد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون)(5)


أى افعل كما يفعلون بنا . ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعني القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن على فقال إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها ) أي كان أكبر قضاتها بعده(1)

معنى الدين فى القرآن الكريم والسنة النبوية :
1) القهر والسلطة والحكم والأمر ، والإكراه على الطاعة ، قال عزوجل فى معنى الملة : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)(آل عمران:83) ، (و َلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ) (النحل:52)
2) العبادة والتوحيد ، أو الطاعة والأئتمار بأمر أحد ، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره . قال عزوجل : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) (البينة:5) ، ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ) (الزمر:2) ، ( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) (الزمر3) ، ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ) (الزمر11) ، ( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (غافر65) .
3) الشريعة والحكم والطريقة والمذهب والملة قال عزوجل : ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) (البقرة:130) ، ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ 131 وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) ( البقرة:132)، وقال عزوجل : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ

وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) (الحج:78) .
وقال عزوجل فى معنى الشريعة والحكم : ( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) (يوسف: 40) ، وقال عزوجل: ( فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )(يوسف :76)


وقال عزوجل: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (النور:2 ) .
وقال عزوجل ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )( الشورى:21) .
4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب . قال عزوجل ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) (الفاتحة:4)،وقال عزوجل ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ )(النور:25) ،وقال عزوجل ( وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ) (المعارج:26) ،وقال عزوجل( يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ 15وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ 16ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ )الانفطار ،وقال عزوجل ( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ )(المطففين:11) .
5) الخلق والسلوك والآداب .روى الإمام أحمد بسنده عن ابى هريرة قال قال رسول الله المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالط )(1)
6) وجاء الدين بالمعنى الجامع العام الذى تدخل فيه هذه المعانى ومنه قوله عزوجل ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(آل عمران) ،وقوله عزوجل : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }(آل عمران:85) ، وقوله عزوجل (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ )( المائدة:3) ،وقوله عزوجل( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة ،وقوله عزوجل ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (التوبة: 122) .



الخــــلاصــــــة
وقال العلامة محمود شاكر رحمه الله :
(( وهذا اللفظ الجامع عند المسلمين ، لا ينفك عن معنى الخضوع لله سبحانه وتعالى بالطاعة ، وسلوك السبيل التى هدى إليها صراطاً مستقيماً ، فيما انزل إلينا من كتابه على نبيه ، وفيما أمرنا به نبيه الذى لا ينطق عن الهوى ،إن هو إلا وحى يوحى ))(2) ، والدين عندنا أسم جامع لكل تصرف يتصرفه المرء المسلم فى حياته ، منذ يستيقظ من نومه ، إلى أن يؤوب(3) إلى فراشه وفى كل عمله يعمله ، مهما أختلفت هذه الأعمال ، من أحقرها وأدناها ، على أشرفها وأعلاها ، كل ذلك دين هو مسئول عنه يوم القيامة ، كما يُسأل عن صلاته ، وصيامه ، وزكاته ، وحجه ، وإن كان فى بعض ذلك على بعضٍ فضل

، فالدين عندنا هو الحياة كلها . فحق الله على العباد ، وحق العباد على العباد ، وفى امر الدنيا وأمر الآخرة . وهذا فرق ما بيننا وبين سائر أصحاب الملل فى معنى الدين بلا مثنوية (أي بلا أستثناء)(4)
قال مقيده عفا الله عزوجل عنه وعن والديه : أن الله عزوجل داننا بفضله وكرمه ونعمته ومنته ، وقوته وقهره وسلطانه ، وعلمه الذى أحاط كل شيئ ورحمة التى وسعت الخلق ودنا له بفقرنا الذاتي وحاجتنا إليه ، وأستغناه عنا ،خضوع ضعفٍ ملا قوة له إلا به ، ولا غنى لنا عنه طرفة عين ، ولا حول ولا قوة إلا به0
فانزل لنا خير دين شرعةً ومنهاجاً ، توحيداً وعبادةً ، وسلوكاً وآداباً، وعلماً نتعرف به على خالقنا ورازقنا ومولانا نحتكم إليه عند الخلاف ،ومراجعاً عند المنازعة ، والهدى عند الضلالة والهوى ، ثم يجمعنا ربنا عزوجل إلى يوم الدين ليوفى كل مخلوق دينه الحق ، فعنده عزوجل تفض الخصومات وتنتهى المنازعات فهو عزوجل الديان العظيم .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1)هذا من مكرهم تعميم الألفاظ فهذا يشمل المعبود بحق والمعبود بباطل ويزخرفوا كلامهم بالمصطلحات الماسونية كالأخوة الإنسانية وحقوق الأنسان وحرية العبادة والتعبير وغيرها
(2) أباطيل وأسمار (ص 256،257) .
(2) الخوف والفزع.
(4) فتحة أي لسانه كأنه ألقاه من فمه ، فلا يستطيع نطقاً .

ــــــــــــــــــــ
(1) أباطيل وأسمار 0
(2) حقيقة
(3) يراجع : مقاييس اللغة لأبن فارس ، ولسان العرب لأبن منظور ، والنهاية لأبن الأثير 0

ـــــــــــــــــــــــــــــتت
(1) المصطلحات الأربعة فى القرآن الكريم – الذى خَرج أحاديثه الشيخ الألبانى رحمه الله
(2) الحديث رواه أحمد والترمذى وغيرهما وهو ضعيف
(3) صححه العلامة أحمد شاكر رحمه الله فى تحقيقه للمسند وضعفه الألبانى رحمه الله فى تخريجه لهذه الرسالة
(4) قال الشيخ الألبانى رحمه الله :لم أجد إلا فى النهاية لأبن الأثير وقد أورده من حديث أبن عمرو
(5) قال الشيخ الألبانى رحمه الله :قد أورده العجلوني فى كشف الخفا بلفظ آخر وليس فيه موضع الشاهد منه ، وقال الشيخ الألبانى رحمه الله قبلها : هذا الحديث وأمثاله مما ورد فى باب (التحقيق اللغوى)-وفيها ما هو ضعيف لم يوردها الأستاذ المودودى لبيان حكم من أحكام الدين أو نظرية من نظرياته وإنما اوردت نقلاً عن كتب اللغة – لبيان معنى لفظ من الألفاظ كما أستشهد به رجال اللغة فحسب ، وهذا يصح فيه الأستئناس بما لم يبلغ الصحة من الأحاديث . وأما سائر الأحاديث التى أستشهد بها الأستاذ المودودى لبيان رأى الأسلام فى الموضوعات التى طرقها فكلها من الصحيح كما ورد الهامش ص 91.

ــــــــــــــــــــــ

(1) قال جامعه عفا الله عنه وعن والديه : ومنه قول عمر (ويل لديان الأرض من ديان السماء)
ــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه الترمذى وأبو داود والبيهقى فى شعب الإيمان وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب ،وقال النووى إسناده صحيح ،وقال الألبانى :حسن 0
(2) أباطيل وأسمار ( ص 415)
(3) يعود ويرجع
(4) اباطيل وأسمار (ص 257)



[move=down]
يتبع إن شاء الله إن كان فى العمر بقية
[/move]