بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اقول وبالله التوفيق
قال تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة:78)، اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله والعياذ بالله، ولا يستحقه إلا من فعل كبيرة من كبائر الذنوب.
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى
و بنو إسرائيل هم بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فإسرائيل هذه لقب ليعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، إبراهيم له ولدان: إسماعيل وإسحاق، إسماعيل هو الولد الأكبر وهو الذي أمره الله بذبحه، ثم منّ الله عليهما جميعاً برفع هذا الأمر ونسخه، وفداه الله عزّ وجلّ بذبح عظيم ، وأما إسحاق فهو الولد الثاني إبراهيم وهو من زوجته ، وأما إسماعيل فهو من سريته هاجر- رضي الله عنها- فبنو إسرائيل هم من نسل يعقوب بن إسحاق ، وأرسل الله إليهم الرسل الكثيرة ، وكان منهم المعتدون الذين يقتلون الأنبياء بغير حق، والعياذ بالله.
وكانوا أيضاً لا ينهون عن منكر فعلوه، بل يرى بعضهم المنكر ولا ينهى عنه، وقصة القرية التي كانت حاضرة البحر مشهورة معلومة في القرآن الكريم، وهم قوم من اليهود حرّم الله عليهم الصيد من البحر يوم السبت، فكان في يوم السبت تأتي الحيتان شرعاً على وجه الماء من كثرتها، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ، فطال عليهم الأمد، فقالوا: لابد أن نتخذ حيلة نتوصل بها إلى الصيد فقالوا: نضع شِِباكاً في البحر، فإذا جاءت الحيتان يوم السبت مسكتها الشباك، فإذا كان يوم الأحد أخذناها ففعلوا ذلك، فكان منهم قومٌ يعظمون وينهون عن هذا المنكر ، وقوم ساكتون، وقوم فاعلون، فعاقبهم الله عزّ وجلّ وقال: ( كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين)، فكانوا - والعياذ بالله- قردة، بنو آدم انقلبوا قردة خاسئين أذلة.
والشاهد من هذا أن فيهم قوماً لم يعطموا ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم من النهي عن المنكر ، فكانوا ممن دخلوا في هذه اللعنة، ولهذا قال )(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة:78) ، وداود متأخر عن موسى بكثيرة وعيسي بن مريم كذلك، فهذان النسيان الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه، وقد حكى الله ذلك عنهما مقراً ذلك، فصار من لا يتناهى عن المنكر من الملعونين، والعياذ بالله.
وفي ذلك دليلٌ على وجوب النهي عن المنكر، وعلى أن تركه سبب للعن والطرد عن رحمة الله