شجاعة أعزل!!
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في إحدى الغزوات ناحية نجد، فإذا بهم في وادٍ كثير الشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلَّق سيفه بغصن من أغصانها، ثم تفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر.

فإذا برجل من الأعراب يتسلل خفية تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم تحت الشجرة، فيأخذ السيف المعلق، فاستيقظ الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا بالرجل واقف عند رأسه صلى الله عليه وسلم ممسكًا بالسيف في يده.. والرسول صلى الله عليه وسلم أعزل وقد تفرق عنه أصحابه في الوادي ولا يشعر به أحد، وإذا بالرجل يقترب من الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ظن أنه أدرك بُغيته، فالمواجهة غير متكافئة بين مسلح ونائم أعزل!

ثم قال الرجل: من يمنعك مني يا محمد؟!

فلم تظهر عليه صلى الله عليه وسلم أيٌّ من علامات الخوف، ولم يزِدْ عن قوله بكل ثقة: «الله» !!

فانتبه الرجل وكأن الرد فاجأه! فكرر سؤاله مرة أخرى: من يمنعك مني؟! فثبت الرسول صلى الله عليه وسلم ثباتًا لا يُعرف لكثيرين في ذلك الموقف، وردَّ عليه بكل شجاعة وثقة قائلًا:«الله» !!

فشجاعته صلى الله عليه وسلم ناتجة من تعلق قلبه بالله وركونه إليه.. هنا ارتجف الرجل وأدرك أنه ليس أمام بشر عادي؛ فسقط السيف من يده!! فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للرجل: «من يمنعك مني؟!» فقال الأعرابي: كن خير آخذ، فقال صلى الله عليه وسلم : «أتشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: لا!! ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى صلى الله عليه وسلم سبيله، فذهب الرجل إلى أصحابه

فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس.. وقيل: إنه أسلم ورجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير.

من خلال ما قرأتَ، ما الذي جعله صلى الله عليه وسلم شجاعًا؟

شهادة الشجعان الأبطال بشجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
كان الصحابة رضي الله عنهم، إذا حمي الوطيس واشتد البأس يحتمون صلى الله عليه وسلم برسول الله يؤكد ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وكان من أبطال الرجال وشجعانهم- فيقول: «كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَّا أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ!!» (رواه أحمد).

بل ويتقدم الناس عند الخوف ليحميهم ويرجع يطمأنهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجمل الناس وأجود الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة مرة فركب فرسًا لأبي طلحة عريانًا ثم رجع وهو يقول: «لَمْ تُرَاعُوا»!! ثم قال: «إِنَّا وَجَدْنَاهُ بَحْرًا، أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ (يَعْنِي الْفَرَسَ)»(رواه أحمد).

عن البراء رضي الله عنه: «كُنَّا والله إِذا احْمَّر البَأْسُ نتَّقي به، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا الَّذِي يُحاذِي به، يعني النبيَّ صلى الله عليه وسلم»!! (رواه مسلم).

هل الشجاعة والثقة في الله تنافي الأخذ بأسباب النصر والغلبة؟