النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: موقف الإسلام من الرق

  1. افتراضي موقف الإسلام من الرق

    موقف الإسلام من الرق

    عندما جاء الإسلام كان الرق نظاما اجتماعيا متأصلا. تعامل الإسلام مع الرق كأمر واقع وقننه. لكن تعامله مع الظاهرة هو قطع لشوط طويل في سياق تحسين أوضاع الأرقاء و التقليل من مساوىء الرق مقارنة بما سبقه.

    يقول جوستاف لوبون في "حضارة العرب" (ص459-460) : "الذي أراه صادقاً هو أن الرق عند المسلمين خير منه عند غيرهم، وأن حال الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، وأن الأرقاء في الشرق يكونون جزءاً من الأسرة... وأن الموالي الذين يرغبون في التحرر ينالونه بإبداء رغبتهم.. ومع هذا لا يلجأون إلى استعمال هذا الحق" اهـ

    واليهودية و النصرانية – ولا أي ملة من الملل أو مذهب من المذاهب الوضعية التي سبقت رسالة الإسلام - لم تبطل الرق.
    وليس صحيح أن الإسلام جرم الرق بكافة صوره. لقد جاء الإسلام وللرق أسباب كثيرة ، منها : الحروب ، المدين إذا عجز عن الدين ، يكون رقيقا ، السطو والخطف ، الفقر والحاجة. وما انتشر الرق ذلك الانتشار الرهيب في الدنيا إلا عن طريق هذا الاختطاف.

    لكن الإسلام حرم صور الاسترقاق تلك باستثنناء استرقاق أسرى الكفار المحاربين ومن يلحق بهم في المعارك.



    وفي الحديث: قال الله تعالى : ( ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ ، ذكر منهم : رَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ) رواه البخاري
    لكنه جعل الأصل في معامة الأسرى المن و الفداء. والفقهاء يجيزون لولاة الأمر الاقتصار على المن والفداء إذا رأوا في ذلك مصلحة راجحة.

    الإسلام أمر بالإحسان إلى الأرقاء ونهى عن تكليفهم فوق ما يطيقون. قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً)[النساء: 36] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم". رواه البخاري ومسلم




    وأمر بحفظ كرامتهم فقال (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) رواه مسلم. وفي صحيحه أيضا عن أبي مسعود البدري قال: كنت أضرب غلاماً لي بسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: "اعلم أبا مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود" قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: "اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام" قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً. وقال: مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. رواه البخاري. كما توعد من قتل أو جدع عبده ففي الحديث عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل عبدَه قتلناه، ومن جدَّع عبدَه جدَّعْناه.




    قال ابن عثيمين: ذهب أبو حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن أحمد، إلى أن الحر يقتل بالعبد؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم» وهذا القول هو الصواب. اهـ وقال ابن تيمية: فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ.
    الإسلام حض على تحرير الرقاب وجعله تكفيرا للذنوب ومن مصارف الزكاة وشرع المكاتبة و كان عمر رضى الله عنه يرى وجوب المكاتبة على السادة إذا رغب المملوك في ذلك بدليل أنه أجبر أنسا على مكاتبة سيرين كما في صحيح البخاري. والمكاتبة شرعت لمن يقدر على أن يعول نفسه فضلا عن تسديد مقابل مادي لسيده على أقساط محددة مقابل حريته.

    الإسلام أجاز اشتراط العتق في بيع الرقيق خلافا لغيره من صور البيع فلا يصح أن يشترط البائع على المشترى أن يتنازل عن الشىء الذي اشتراه بعد ذلك. وهذا مستنبط من حديث إنما الولاء لمن أعتق. رواه البخاري وفي تفسير ذلك قال ابن تيمية: قالوا: وإنما جوزته السنة لأن الشارع له إلى العتق تشوف لا يوجد في غيره.

    الإسلام جعل من يعتق عبده هازلا ملزما بهذا العتق مثلما ألزم من طلق أو راجع زوجته هازلا وهذا لحديث: ثلاث لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق والنكاح والعتق. [رواه الطبراني بسند حسن]
    وكذلك ورد الرأي الفقهي - كما ذكر ابن الصلاح - أنه إذا أجبر أحد عبده أو أمته على عمل لا يطيقه أو عمل غير جائز فإنه يجبر على بيعه.

    وجواز وطء الإماء بملك اليمين وكذلك الزوجات بعقد الزواج لا يعني جواز اغتصاب النساء سواءا الزوجات أو الإماء بل لا يفعل حتى تمكنه ولذلك في الحديث أنه إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ. متفق عليه. لكن يجوز أن يضربها ضربا غير مبرح لا يدخل في حيز الإكراه الملجىء إذا خاف نشوزها كما ذكر القرآن بعد أن يعظها ويهجرها غير أن النبي لم يضرب زوجة ولا أمة قط. وهذا لما في وطء المرأة بأن يغلبها على نفسها من ضرر بالغ جسمانيا ونفسيا وهو ما ينافي القاعدة الكلية لا ضرر ولا ضرار وينافي الإحسان المأمور به وينافي قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ. رواه مسلم. وقوله تعالى: وعاشروهن بالمعروف. والفقهاء وإن لم يأخذوا الإذن بمفهومه الغربي بعين الاعتبار لا في الزوجة لأنه يتشرط إذنها في الزواج ولا في الأمة لأنها مملوكة لسيدها إلا أنهم اشترطوا ألا يترتب على الجماع ضرر وهذا الشرط أنفع من الإذن لأن المرأة قد تأذن فيما من شأنه إيقاع الضرر بها كما تفعل البغايا أو كالجماع في الدبر. قال ابن تيمية: فإن العقد المطلق يقتضي ملك الاستمتاع المطلق الذي يقتضيه العرف حيث شاء ومتي شاء، فينقلها إلى حيث شاء إذا لم يكن فيه ضرر إلا ما استثني من الاستمتاع المحرم أو كان فيه ضرر، فإن العرف لا يقتضيه. اهـ




    وكذلك حرم الفقهاء الدخول بالتي لا تطيق الوطء وهذا لأنه يضرها ولا فرق في ذلك بن الأمة والزوجة. وقد جعل الشرع ضوابط في الانتفاع ببضع الأمة فلا يجوز ذلك لغير سيدها ولا يجوز أن يشترك اثنين في التسري بأمة كما لا يجوز وطء المكاتبة.
    وإذا تسرى بها سيدها حرمت على الأصول كالأب و الفروع كالأبن مطلقا. ولا يجوز التسري بالأمة المتزوجة سواءا زوجها سيدها أو انتقلت مليكتها بأي طريقة كالبيع و الهبة وقد قال عمر كما في الموطأ لرجل من ثقيف اتهم بذلك دون بينة: أما والله لو اعترفت لجعلتك نكالا. كما لا يجوز إعارة الإماء للتسري ولا إجبارهن على البغاء. كما لا يجوز الجمع بين الإماء في الحالات التي لا يجوز الجمع فيها بين الزوجات، قال ابن تيمية: فمن حرم جمعهما في النكاح حرم جمعهما في التسري فليس له أن يتسرى الأختين ولا الأمة وعمتها ؛ والأمة وخالتها . اهـ

    أزعم أن تعامل الإسلام مع ظاهرة الرق بكل تفصيلاته هو ارتكاب لأخف الضررين - وعليه فهو ينسجم مع مقتضى التحسين العقلي إذ أن ارتكاب أعظم الضررين ليس حسنا بل هو قبيح - إذ لم يكن من الممكن وقت نزول الوحي تحرير الأرقاء دفعة واحدة أو حظر الاسترقاق بكافة صوره. ولا يمكن الخوض في ذلك بنظر عقلى لأن الظواهر الاجتماعية أعقد من أن يتكلم فيها المرء بالنظر العقلي مهما كان كلامه يبدو واقعيا.




    ويشى بذلك أن الباعث على إلغاء الرق في العصر الحديث في أحد التفسيرين - في مقابل ما يسمى بالصحوة الأخلاقية - هو فقدان الجدوى الاقتصادية من نظام الرق و تجارة الرقيق عبر الأطلنطي مع الثورة الصناعية واختراع الآلات حيث تحولت رؤس الأموال إلى الاستثمار في نشاطات تعتمد على عمالة بالأجر كبديل أجدى من الناحية الاقتصادية من نظام الرق. وساعد على ذلك أيضا رغبة طبقة رجال الأعمال في تقويض النفوذ السياسي لملاك المزارع التي كانت لا تزال تعتمد بشكل كبير على العبيد وذلك بحرمانهم من نظام الرق. وهذا التفسير يرى أن الرق ليس قبيحا بشكل مطلق عابر للأزمان و المجتمعات بصرف النظر عن الظرف و السياق التاريخي لكن يعتبره في سياقه التاريخي مجرد وضع لم يكن مرغوبا كان يمثل جزءا من الواقع الاجتماعي و الاقتصادي لا يختلف عن الفقر والحروب على سبيل المثال وأنه عندما أصبح إلغاء الرق من الناحية الاقتصادية ممكنا وحين أتاح التغير الاجتماعي و الاقتصادي هذا التحول القيمي عندها فقط نظرت المجتمعات للرق على أنه قبيح يجب التخلص منه.

    وإلا فليس هناك شىء استجد على قدراتنا الذهنية جعل البشر بحلول القرن السابع عشر يدركون في الرق قبحا ذاتيا مطلقا لم تدركه البشرية من قبل. يقول جوناثان براون: فأصحاب تفسير الصحوة الأخلاقية يريدون منا أن نقبل بأن الأطفال في يومنا هذا لديهم القدرة الذهنية لإدراك حقيقة أخلاقية لم يدركها أرسطو وبوذا وموسى وعيسى ومحمد و جون لوك وأوغسطين .. إلخ مضيفا أنه يجب أن ندرك أن مجموعة الظواهر التاريخية التي يطلق عليها الرق قد تنطوى بالفعل على ممارسات لا أخلاقية بشكل مطلق عابر للأزمان والمجتمعات لكن هذه لا ترتبط بالرق دائما ومن هنا كانت القيود التي وضعت على معاملة الأرقاء لتجنب تلك الممارسات. ويضيف أن تقبيح الرق في عصرنا هو مجرد عرف خلقته الظروف الاجتماعية والاقتصادية المغايرة. وقد قال الفيزيائى بليز باسكال : بخلاف ما يأمر به الله أو ينهي عنه فكل ما يُدَّعى أنه عدل هو مبني على العرف.

    استرقاق الأسرى كان من باب العقوبة ولا يختلف في جوهره كثيرا عن الأشغال الإجبارية التي كانت تفرض على المحكومين داخل السجون ولا تزال إلى زماننا هذا حيث يجبرون على العمل أحيانا لصالح طرف ثالث في مقابل مادي تحصله السجون و التي قد تكون سجون خاصة يديرها مستثمرون كما هو الحال في الولايات المتحدة.
    هناك من يرى أن استرقاق الأسرى كان من باب المعاملة بالمثل، لأن أسرى المسلمين أيضا كانوا يسترقون.



    أزعم أنه لا يجوز قياس موقف الإسلام من الرق فيما مضى على العصر الحالي حيث لا وجود للرق على الأقل على المستوى الرسمي ولم يعد هناك استرقاق للأسرى على المستوى الرسمي ولم يعد التسامح معه من باب ارتكاب أخف الضررين إذ لم يعد موجودا في الأصل.
    يجوز لولاة الأمر التوقيع على المعاهدات و المواثيق الدولية التي تحظر الرق بكافة صورة إذا رأوا في ذلك مصلحة راحجة لأنه كما تقدم أجاز الفقهاء لهم الاقتصار على المن والفداء لنفس السبب. ولا مصلحة أعظم من أن يأمن المسلمون أنفسهم على حريتهم وأن لا يقعوا في الرق في إطار اتفاق دولي شامل على حظر الاسترقاق.
    لاشك أن حظر الرق أصبح عرفا إنسانيا لا يقتصر على أمة من الأمم ولا يمثل ثقافة دون أخرى وأزعم أنه يدخل في عموم قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. و العرف هو المعروف كما قال البخاري وغيره. والناس مالم تفسد فطرهم يميزون بين المعروف و المنكر والصحيح في أقوال العلماء أن العقل يحسن و يقبح. والدليل على ذلك قوله تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ. فلو كان المعروف والمنكر هو ما يأمر به الشرع وينهي عنه دون أن يكون للعقل و الفطرة دلالة على المعروف و المنكر أو الحسن و القبيح لكان معنى الآية يأمرهم بما يأمرهم به وينهاهم عما ينهاههم عنه!.
    فاجتماع الناس فضلا عن المسلمين على حظر الاسترقاق لا شك أنه يجعل من العتق و حظر الرق معروفا. ومن هذا الباب قول ابن مسعود رضى الله عنه: فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ رواه أحمد وحسّنه الشيخ الألباني في " تخريج الطحاوية ". أي مالم يصادم الشرع. ولا اعتقد أن أحدا من الفقهاء يختلف في أن الاتفاق على حظر الرق بمعاهدات و مواثيق أممية لا يخالف جوهر الإسلام في شيء.

    أنصح بقراءة كتاب الرق و الإسلام لأستاذ التاريخ الإسلامي جوناثان براون

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2013
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    473
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وللعلم حق النكاح ( الوطء ) نوعان :
    1. حق النكاح بعقد الزواج
    2. حق النكاح بملك اليمين

    فإذا كان حق النكاح ( الوطء ) بعقد الزواج مشروع , فمن باب أولى أن يكون حق النكاح ( الوطء )بملك اليمين مشروع
    لأن عقد الزواج لا يُعطي للزوج الولي حق ملكية الزوجة أما ملك اليمين يُعطي للمالك الولي حق ملكية الأمة
    فأيهما أقوى وأوثق وأولى بمشروعية النكاح ( الوطء ) : الذي تربطه بالأنثى علاقة زواج أم علاقة تملك؟!
    إن الذكر الذي تربطه بالأنثى علاقة زواج تنتهي بالطلاق , وكذلك الذكر الذي تربطه بالأنثى علاقة تملك تنتهي بالمكاتبة

    وفي كلا الحالتين سواء علاقة زواج أو علاقة تملك الله س قد نهى عن الإكراه ( الاغتصاب ) في النكاح ( الوطء )
    رسالتي في الحياة
    الدعوة إلى التوحيد الحقيقي
    ( جرأة في االحق - صدق في العرض - محبة في الحوار - إحترام للرأي الآخر )

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء