ليس كلاماً جديداً....لكني وضعته هنا بعد أن أعياني البحث عنه، نظراً لسوء أدوات البحث في الوصول إلى المعلومة

اسمح لي بتقديم مداخلة بسيطة سهلة منطقيّة.....حول قضيّة الوجود.

سأسمّي ابنتنا هنا (بالحيرانة) حتى يسهل الشرح ....

وقد استفدت هذا الشرح من مجموعة منتقاة من الحوارات

وأسأل الله لها الهداية والأوبة للحق

ليكن النقاش كالآتي:

أولا : (الحيرانة) لها وجود...وإنكار ذلك سفسطة بالطبع...فهي تحس بالزمان والمكان وتقوم بأفعال وهي مجموعة من الحوداث.

ثانيا : وجود الشيء ( بعد أن لم يكن موجودا) هو حدث من الحوداث.....فهي لم تكن موجودة ثم أصبحت موجودة بالضرورة العقلية البدهية ، فلها تاريخ ميلاد وجدت فيه....وهذا حدثٌ بحد ذاته


ثالثا : كل حادث لا بد له من محدث ، وهي حادثة فلا بد لها من محدث...وهذه قضيّة عقليّة ضروريّة يشهد بها الحسّ....

وضرورة العقل هي : كل ما يضطر العقل إلى إثباته دون الحاجة إلى النظر في أدلته....

وإثبات لزوم محدث لكل حادث بديهيّة عقليّة.....

ومن شهادة الحسّ عليها :
* لو دخل شخص غرفة فوجد كتابًا وضعه علي المكتب قد صار علي الكرسي مثلًا ، فلابد أن يسأل : من حرك الكتاب ؟أو ما السبب الذي جعل الكتاب يتحرّك

هذه بديهة فينا معشر العقلاء .. بل أكثر من ذلك ..

* طفل صغير ربت علي كتفه أبوه دون أن يريه ذاته ، ستجد الطفل يبحث تلقائيًّا عمن فعل ذلك ، فهي فطرته .

رابعا : سؤال: من الذي أوجد التائهة؟؟؟؟

دعنا نناقش مسألة : هي أوجدت نفسها :
وهذا احتمالٌ مرفوض ، فإن الشيءالمعدوم إذا خرج إلى الوجود استحال أن يكون هوالعلة في وجود نفسه ،بل لا بد من علة خارجية وسبب وفاعل أوجده . والعقل مضطرإلى هذا الإقرار ولا يمكنه إلا أن ينكر أنه هو من أحدث نفسه .

ذلك لأن الإيجاد بحاجة إلى القدرة والإرادة ....و(الحيرانة) قبل وجودها كانت عدما....وبالتالي لا قدرة لها قبل خروجها إلى حيّز الوجود.... والإرادة والقدرة سابقة لوجودها مسببتان لوجودها ...فلابدّ إذا من علّة أو سبب آخر كان الباعث على وجودها.

سؤال آخر : هل وجدت من العدم :؟؟؟

ستتضح الإجابة من خلال استعراض وجود التائهة:

وجودهاعلى الهيئة التي هي عليها دون غيرها ، وفي الزمن الذي ولدت فيه ، دليل على إرادة وقدرة ،فالإرادة ثابتة من حيث تخصيص وجودها على الهيئة والوقت المعين دون غيره ، والقدرة ثابتة من حيث الإيجاد والتصوير، الإرادة والقدرة سابقة لوجودها مسببتان لوجودها ...

والعدم عدمٌ كاسمه....هو سلبٌ محض...والسلب لا يتصف بالقدرة والإرادة....وهذه بديهيّة عقليّة كذلك...

وهذان الاحتمالات الداحضان....ذكرهما الله في كتابه فقال عز وجل :

{أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}

يقول الشيخ السعدي :

((وقد تقرر في العقل مع الشرع، أن الأمر لا يخلو من أحد ثلاثة أمور:
إما أنهم خلقوا من غير شيء أي: لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال.
أم هم الخالقون لأنفسهم، وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم)))

وخلاصة ما سبق...أن معنى الحدوث هو الإيجاد بعد العدم،وهذا الإيجاد يستحيل أن يكون صادرا من المعدوم ...لأن المعدوم ليس بشيء موجود في نفسه حتى يكون سببا لإيجاد غيره، ويستحيل كذلك أن تكون (الحيرانة) هي محدثة نفسها لافتقارها إلى القدرة والإرادة قبل خلقها...فثبت أنهذا الإيجاد والإحداث صادر من موجود، وهذا الموجود هوالمحدث الفاعل لهذا الإحداث... سواءا سميناه خالقا أو فاعلا أو سببا أو علة...

يبقى السؤال التالي....ما هي صفات هذا الموجِد؟؟؟؟لذلك حديث آخر يؤجل إلى حين إقرارها بما سبق.