نظرية العدالة الإلهية أو الثيوديسيا Theodicy (باختصار)

تعرف ويكيبيديا الثيوديسيا أو نظرية العدالة الإلهية على أنها فرع محدد من الثيولوجيا والفلسفة يهتم بحل مشكلة الشر.
وحل مشكلة الشر في الثيولوجيا أوعلم اللاهوت وفلسفة الدين هي محاولة حل معضلة وجود الشر والمعاناة في العالم في وجود إله عليم، قدير، رحيم. وهي حجة ترمي إلى إظهار أن وجود الشر مع مثل هذا الإله أمر غير محتمل أو مستحيل في زعم القائلين بها من الملاحدة.
وتعددت الأجوبة على مشكلة الشر عند علماء الإسلام سواءا من لا يقول بالتحسين و التقبيح العقليين كالأشاعرة أو يقول بهما مع كونه يرى للأفعال حسن وقبح ذاتيين بغض النظر عن السياق أو ما يعرف بالموضوعية العقلانية rational objectivism كالمعتزلة ونحوهم كالشيعة الإمامية فضلا عن بعض الفلاسفة من غير المسلمين.
أو من يحكم بقبح الفعل وحسنه بناءا على مآلاته أو عواقبه أو ما يعرف بالعواقبية consequentialism، كشيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا المذهب ينسب للسلف ويقول به بعض الفلاسفة من غير المسلمين مثل جون ديوي وجون ستيورات مل في العصر الحديث.
أما الأشاعرة ونحوهم ممن يرى أن إرادة الله وأمره ونهيه هو ما يحدد الحسن و القبيح وأنه ليس للأفعال حسن وقبح ذاتي بمعزل عن أمر الله ونهيه أو ما يعرف بالإرادية voluntarism فعند هؤلاء لا معنى أصلا لمشكلة الشر لأن ما يفعله الله ويأمر به هو الحسن وهو الخير ولا دور للعقل في تحديد ما هو حسن وما هو قبيح.
وأما المعتزلة ومن حذا حذوهم فيقولون أن الله خلق العباد إلا أنه لا يخلق أفعالهم ووجود الشر في العالم نتيجة حتمية لحرية الإرادة. وهذا القول هو قول باطل يخالف قول السلف و الخلف من أهل السنة من أهل الحديث والأشاعرة وقد صنف الإمام البخاري كتابا سماه "خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل" جمع فيه الأحاديث، والآثار التي تدّل على أنّ أفعال العباد مخلوقة، والتي تثبت أنّ القرآن كلام الله ليس بمخلوق.
أما ماذهب إليه ابن تيمية وينسب إلى سلف هذه الأمة هو أن الأفعال ليس لها قبح أو حسن ذاتي بمنأى عن العاقبة و السياق فما هو حسن في سياق ما قد لا يكون كذلك في سياق آخر و العكس صحيح.
وهم يفرقون بين خلق الشر وفعله كما أن هناك فرق بين خلق سائر الأفعال و فعلها. فالعبد عندما يرتكب معصية ففعل المعصية مخلوق لله وليس الله هو من فعله وإلا لكان الله هو من عصى نفسه.
وعندما يقوم أحد باقتراف جريمة من الجرائم فالله هو من خلق الفعل وليس هو مقترفه. ولابد أن يفرق بين الإرادة الكونية و الشرعية. فما يريده الله إرادة كونية ليس بالضرورة يحبه و يرضاه
لكن إرادته للشىء إرادة كونية ولو على خلاف ما يحبه ويرضاه يكون لحكمة. ونفس إرادته لهذا الشىء الذي لا يحبه ولا يرضاه ليست شرا بل خير، بمعنى أن منفعة إرادته لهذا الشىء راجحة على المفسدة المقترنة بإرادة ذلك الشىء. ولذلك فالله لا يصدر عنه فعل يوصف بأنه شر بل كل أفعاله خير حتى خلقه للشر في محصلته هو خير.
والمثال التقليدي الذي يضرب للدلالة على ذلك هو بعض صور العلاج التي لولا ما يرجى منها من الشفاء لكانت شرا لو فعلت، كعلاج الجروح بالكي أو بتر الأطراف المصابة بالغرغرينا لحماية سائر البدن.
ووقوع الشر هو ضرورة لإقامة الحجة على الخلق في سياق الاختبار الإلهي. لأنه لولا أن المؤآخذين بالعقوبة قد صدرت عنهم الشرور لما كان مجرد علم الله المسبق بما سيفعلونه مسوغ لمعاقبتهم.