القول في تأويل قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه : ( والعصر ( 1 ) إن الإنسان لفي خسر ( 2 ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( 3 ) ) .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : ( والعصر ) فقال بعضهم : هو قسم أقسم ربنا تعالى ذكره بالدهر ، فقال : العصر : هو الدهر .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( والعصر ) قال : العصر : ساعة من ساعات النهار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( والعصر ) قال : هو العشي .

والصواب من القول في ذلك : أن يقال : إن ربنا أقسم بالعصر ( والعصر ) اسم للدهر ، وهو العشي والليل والنهار ، ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون معنى ، فكل ما لزمه هذا الاسم ، فداخل فيما أقسم به جل ثناؤه .

وقوله : ( إن الإنسان لفي خسر ) يقول : إن ابن آدم لفي هلكة ونقصان .

وكان علي رضي الله عنه يقرأ ذلك : ( إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر ) .

حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل ، قال : ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ذي مر ، قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقرأ هذا الحرف ( والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر ) .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ) ففي بعض القراءات ( وإنه فيه إلى آخر الدهر ) .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ذي مر ، أن عليا رضي الله عنه قرأها ( والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر ) .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( إن الإنسان لفي خسر ) إلا من آمن ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) يقول : إلا الذين صدقوا الله ووحدوه ، وأقروا له بالوحدانية والطاعة ، وعملوا الصالحات ، وأدوا ما لزمهم من فرائضه ، واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه ، واستثنى الذين آمنوا من الإنسان ؛ لأن الإنسان بمعنى الجمع ، لا بمعنى الواحد .

وقوله : ( وتواصوا بالحق ) يقول : وأوصى بعضهم بعضا بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه ، من أمره واجتناب ما نهى عنه فيه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وتواصوا بالحق ) والحق : كتاب الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( وتواصوا بالحق ) قال : الحق : كتاب الله .

حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا خطاب بن عثمان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح السكوني ، حمصي لقيته بإرمينية ، قال : سمعت الحسن يقول في ( وتواصوا بالحق ) قال : الحق : كتاب الله .

وقوله : ( وتواصوا بالصبر ) يقول : وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وتواصوا بالصبر ) قال : الصبر : طاعة الله . [ ص: 591 ]

حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : ثنا خطاب بن عثمان ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح ، قال : سمعت الحسن يقول في قوله : ( وتواصوا بالصبر ) قال : الصبر : طاعة الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ( وتواصوا بالصبر ) قال : الصبر : طاعة الله .

آخر تفسير سورة والعصر