النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ماذا لو قال الملحد: لا أقر لكم بدلالة الفطرة ؟

  1. افتراضي ماذا لو قال الملحد: لا أقر لكم بدلالة الفطرة ؟

    كتبه الدكتور ابو الفداء ابن مسعود

    ماذا لو قال الملحد: لا أقر لكم بدلالة الفطرة ؟

    إن الحمد لله نحمده ونستعيه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد، فقد سألني أحد الإخوة وفقهم الله هذا السؤال:

    إن قال ملحد أن لا أقركم علي ماتسمونه فطرية معرفة الخالق وماتدعونه.. و كما قلتم أنه لا يرتضي الا نوعا معينا من الادلة.. فهل نقول له انت مكابر و لا نقاش معك أم نقول له ما اعتراضك و نحن نلزمك بتناقضاته ام ماذا؟ ولطالما وجدت كلاما لشيخ الاسلام رحمه الله عن ان معرفة الله تعالى هو اظهر من ان الواحد نصف الاثنين.. لكن هل نقول ان كل انسان له ادلة توقظ الفطرة فيه بحسبه ؟ لان الامام يكرر دائما ان البديهيات هي بحسب الانسان وبالنسبة لمثال الضرب للصبي لشيخ الاسلام رحمه الله.. قد يرد عليه سفسطة هيوم من ان التجربة السابقة هي التي تدفعنا لاعتقاد سبب للضرب.. واننا لم نرى مثيلا للعالم يحدث .. فكيف نعرف انه محدث بدون برهاني كلامي مثل الالزام بالتسلسل؟ اعتذر على إشغالكم و لكن احتسبوا الأجر و نسأل الله لكم الإعانة والتوفيق والسداد .. نحبكم في الله.
    --------------

    فأجبته بقولي:
    فليقل الملحد ما يحلو له، لا يعنينا يا أخي، بارك الله فيك! إن قال لا أقركم على ما تسمونه فطرية معرفة الخالق، قلنا له ونحن إذن لا نقرك على زعمك أن لك عقلا أصلا، وانتهت القضية!! نفي المعرفة الفطرية هو نفي لأساس العقل، رضي من رضي وكره من كره! ما الذي يضطر العاقل منا لأن يقر الكاذب على كذبه (وكلهم كاذبون على أنفسهم وعلى الناس، إذ يزعمون الجهل بمخلوقيتهم ومربوبيتهم)، ولأن يخوض مع هؤلاء المجرمين الجحدة في سفسطة قد انتفى عنها اسم العقل من مبدأ الكلام، إلا أن يكون الخوف الخفي في نفسه من أن يتهمه الفيلسوف الكبير بخفة العقل وإيمان السفهاء والتقليد في الإيمان، كما في قوله تعالى: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)) [البقرة : 13]؟؟ إن كان لا يريد أن يؤمن "كما آمن السفهاء" بزعمه، فدعه يؤمن بما يحلو له، ولا تلتفت إليه، سيعلم غدا من السفيه الأحمق، يوم لا يجدي الندم!! أئمتنا رحمهم الله تعالى ما كانوا يلتفتون للملاحدة الدهرية ولا يلتمسون الطرق التي يشترطونها هم عليهم لإثبات وجود الباري سبحانه!! وإن اتفق لأحدهم أن جادل أحدهم فلا يكون على تلك الطريقة الفلسفية الخبيثة التي يشترطونها هم على الناس، التي كانت هي منبت ومنشأ بدعة الكلام!! يأتي المجرم المسفسط من هؤلاء يقول أنا لا أجد دليلا واحدا يقنعني بوجود من صنع هذا العالم، فيسارع المتكلم إليه يقول: إلي بالنظريات الغيبية المعظمة عندك، أثبت لك بها أن العالم حادث، ومن ثم فلابد له من محدث! فإذا كان هو يسفسط على مبدأ المخلوقية، فما الذي يمنعه من السفسطة على مبدأ السببية؟؟ وإذا كان شرط الجدال في علم الجدل أن يكون الخصمان سالمين من المكابرة وجحد البدهيات، ونحن نقول إن وجود الباري جل شأنه هو أعظم البدهيات وأظهرها، فكيف يرجى من المناظرة أن تنتهي لأن يقر لك ذاك المجرم بأن ما معك يصلح دليلا في المسألة، وهو إنما بدأ من الأساس بأعظم مكابرة وأعظم سفسطة على الإطلاق، إذ زعم أنه لا يعلم أن له ربا خلقه، وأنه يحتاج إلى دليل نظري حتى يثبت ذلك الأمر لديه؟؟
    لهذا لم يكن من طريقة السلف أن يناظروا هؤلاء على تلك الطريقة ولا على ذلك الشرط السوفسطائي الفاسد في الإثبات الذي يشترطه الدهرية الجحدة على أهل الملل!



    أما إلزامه بتناقضاته فهذا إن تكلفناه فلا نتكلفه من باب محاولة إقناعه هو بشيء، فهو بالأساس مكابر جاحد قد بلغ من الهوى والمكابرة وجحد البداهة ما لا يرجى معه هدايته ولا قبوله للحق ولو جئته بملئ الأرض آيات وعلامات وأدلة! وإنما نتكلفه من باب فضحه وتسفيهه وبيان جهله وتناقضه وفساد موقفه أمام غيره ممن يخشى عليهم أن تميل بهم نفوسهم إلى السماع منه والتأثر بما يقول! ننقض ما يؤسسه صيانة لغيره من الافتتان به، لا طمعا في أن يقبل هو نفسه منا عقيدتنا وما عندنا، فانتبه بارك الله فيك! الأهواء التي تدفن الفطرة وتلوثها يا أخي الحبيب، لا يرجى زوالها إلا أن يشاء الله! فإن كان من خطاب لعلاجها إلى جانب الوعظ والترغيب والترهيب، فإنما يكون بمثل ما جاء به القرآن من إلزامات عقلية تنقض ما عليه الجحدة المكذبون وتكشف تناقضهم وكذبهم على أنفسهم على أحسن ما يكون من ذلك! أما شرطهم تقديم الدليل النظري الذي به تحصل المعرفة المكتسبة بوجود الباري بعد عدمها، بناء على نظرياتهم هم في غيب السماوات والأرض، فهذا لا يجيبهم إليه إمام من أئمة المسلمين، لا شيخ الإسلام ولا غيره، رحمهم الله جميعا، ولا يجيبهم إليه إلا متكلم جهمي، أو عامي جاهل لا يدري ما الجهمية وما الكلام، والله المستعان
    الإلحـاد هو أقصر الطرق لهدم الأخلاق والتأسيس لممكلة الشيطان فالشيطان نفسه يجد في الإلحـاد ما يبرر مذهبه وسيعيش في الدولة الإلحـادية كملحد صالح ..!!

  2. افتراضي

    أما قوله رحمه الله إن البدهيات بحسب الإنسان، فلا يجوز أن يحمل قوله ذاك على أنه ليس في العالم معاني بدهية ملزمة لكل عاقل يعي لغة الخطاب ويفهمها، بصرف النظر عن علمه وعن قوة عقله، بحيث إن سمعها قامت عليه الحجة بمجرد ذلك على أتم ما يحصل به القيام! فإن من يحمل كلامه على هذا الفهم، يلزمه اتهامه رحمه الله بأنه لا يقول بحجية القرآن على كل سامع عليم بمعاني الألفاظ، بل يجيز أن يسمعه إنسان عاقل بلغته ولسانه ومع ذلك لا يظهر له بداهة ما فيه من إلزامات دامغة، على مثلها آمن الناس! وهذا لا يقوله مسلم! وإنما مقصود الشيخ رحمه الله أن المعاني البديهية قد تتفاوت في طريقة العبارة عنها وتصويرها في الأذهان، بما يجعلها أقرب إلى أذهان بعض الناس منها إلى غيرهم! فليس في الأرض عاقل لا يعرف معنى كلمة واحد ومعنى كلمة اثنين ومعنى كلمة "نصف"، مثلا، فلا يفتقر العقلاء إلى شيء يقرب إلى ذهن أحدهم المعرفة بصحة القول بأن الواحد نصف الاثنين! أنت تولد فتجد تلك المعاني كلها قد ركبت في لسانك تركيبا! ولكن في المقابل فلو سقنا إلى رجل عامي جاهل القول بامتناع التسلسل في العلل، فسنحتاج إلى شرح لضبط التصور عند السامع لمعاني تلك الألفاظ الغريبة التي استعملناها، التي هي معاني اصطلاحية بالأساس، وهو ما لم نفتقر إليه في المسألة الأولى، مع أن المعنى في كلتا المسألتين بدهي فطري لا يجادل فيه إلا مكابر! ولهذا قال سلفنا رضي الله عنهم إن آيات الصفات تمرر كما جاءت بلا تفسير، وقالوا إن تفسيرها تلاوتها، لماذا؟ لأن المعاني اللغوية فيها صريحة تعرف بمجرد سماعها! فمن أراد أن يفسرها، فلن يأتي فيها بما يفتقر إليه الناس حتى يفهموها، كيف وهي تلك المعاني التي إذا ظهرت للناس ألفاظ غريبة في لسان العرب، لم يجدوا أصحاب المعاجم يقربون تلك الألفاظ إلى أذهان القراء إلا بها؟؟ يعني لا يذهب أحدنا إلى المعجم حتى يستخرج منه معنى كلمة يد أو ساق أو وجه أو عين أو نزول، مثلا، وإنما يذهب إليه إذا وقع على ألفاظ غريبة مما يحتاج فيه إلى ألفاظ أظهر وأسهل تقرب المعنى إلى الأذهان! فمن تكلف تفسيرها والحالة هذه، فلن يجد إلا إن يكيفها، والتكييف ممنوع لأنها لا يعلم كيفها إلا الله سبحانه، وهو علم لا يوصل إليه بالقياس! لهذا قالوا أمروها كما جاءت ولا تفسروا، لأن تلك الألفاظ إذا سمعها العربي صحيح اللغة، عرف معانيها بلا شرح ولا تفسير، وعرف بداهة أنها إذا أطلقت على رب العالمين لزم أن تكون حقيقتها وكيفيتها لائقة بذاته سبحانه، كما هو الشأن في جميع المعاني المشتركة بين أنواع الموجودات على تفاوت تلك الأنواع، كل نوع منها بحسبه.



    فما المستفاد من التنبيه على ذلك التفاوت بين البديهيات في كلام الشيخ رحمه الله؟ المستفاد نصيحة من يتكلفون النقض على الفلاسفة والمتكلمين بالتماس ما هو أظهر وما هو أقرب إلى عقول الناس كافة من أنواع الإلزامات البديهية ما أمكن ذلك، حتى لا يفتح النقض نفسه بابا للإشكالات يحيل الحق الجلي الظاهر إلى مسألة تبدو وكأنها مشتبهة بعيدة عن الأذهان، وهذا يظهر من استقراء منهج الشيخ رحمه الله في نقض طريقة الكلام وأهله، والله أعلم.
    وأما إيراد سفسطة هيوم أو غيره، فالمسفسط لا نهاية لسفسطة يا أخي الكريم، فلا يقال إن المخرج من سفسطة الفيلسوف على الدعوى (أ)، هي أن يساق إليه الدعوى (ب)!! ما الذي يحجزه من السفسطة على (ب) كما سفسط على (أ)، وماذا تنتظر منه أصلا، وبأي عقل تريد أن تقنعه بالدعوى (ب) وأنت قد تحقق لديك من قبل أنه سفساط مكابر مجرم؟؟ أذكر أني كنت أرى بعض الشباب الفرحان بذكائه، يدخل المناظرة العلنية مع الملحد ولا يكل ولا يمل من طول المداخلات والسجال والجدل البيزنطي، وهو يعلم من أول خطوة أنه لن يصل معه إلى شيء، فإذا سئل قال إنها رياضة، يعني هو بيستهبل علينا فاحنا بنستهبل عليه، بلغتنا نحن المصريين!! فبالله هل هذه طريقة يحمل المرء عليها تقواه لربه وطمعه فيما عنده، أم أن وراءها في النفس دافعا خفيا من هوى خفي ومرض لا يعلمه إلا الله؟؟ نسأل الله السلامة! البراهين الكلامية لا ثمرة لها إلا إظهار ذكاء صاحبها ونبوغه فيما يرجو يا أخي الحبيب، ثم ليذهب الناس كلهم إلى الجحيم، وإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله!
    الإلحـاد هو أقصر الطرق لهدم الأخلاق والتأسيس لممكلة الشيطان فالشيطان نفسه يجد في الإلحـاد ما يبرر مذهبه وسيعيش في الدولة الإلحـادية كملحد صالح ..!!

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء