أعوذ بالله السّميع العليم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشّيطان الرّجيم .. بسم الله الرّحمن الرّحيم ..
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أضع هنا للفائدة سؤالا طرحته على موقع الإسلام سؤال وجواب .. وقام أحد مشرفي الموقع جزاه الله خيرا بالإجابة عليه ..
وهذا السّؤال كتبته أناملي بسبب شيء من القنوط أصابني .. وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنّي أنّي أسأت الظّنّ به ..
وبنيّة أن يبدّل الله سبحانه وتعالى ذنبي هذا ويثبت مكانه الأجر .. فقد قرّرت أن أضع بين أيديكم السّؤال وجوابه حتّى يستفيد كلّ من يصيبه شيء من القنوط من قراءة هذا الموضوع ..
راجيا من كلّ من يستفيد من قراءة هذا الموضوع أن يدعو لي بالخير بظهر الغيب مكثرا من الدّعاء مخلصا فيه ..

.................................................. .................................................. .................................................. ...........................

السّؤال على موقع الإسلام سؤال وجواب :
رقم السّؤال : 358304

عنوان السّؤال : "ما هو علاج العتب على الله سبحانه وتعالى جلّ جلاله"

نصّ السّؤال :
"بسم الله الرّحمن الرّحيم .. السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أنا شخص مررت بظروف صعبة جدّا في حياتي لدرجة جعلتني والعياذ بالله أشعر أحيانا أنّ الله سبحانه وتعالى قد تخلّى عنّي ! سؤالي هو : ما هو علاج العتب على الله سبحانه وتعالى؟ أعلم أنّ مثل هذا العتب أمر غير لائق لكنّني أريد علاجا له وجزاكم الله خير الجزاء .."

نصّ الجواب :
"الحمد لله.


هذا الشعور الذي اعتراك هو من وساوس الشيطان وهواجسه وما يُلقيه في نفس العبد المسلم ليصرفه عن دينه ويُؤيِّسه من رحمة ربه فيُسيء الظنّ به ويقبع وراء تراكمات وخيالات وأوهام شيطانية لا أساس لها ولا حقيقة لها .
إن الله تعالى هو خالق الخلق ومالك الملك ومدبر الأمر ، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها ، بل هو أرحم بعبده من العبد بنفسه ، ولكن هذا لا يحيط بعلمه إلا من نوّر الله بصيرته بالإيمان .

ودعنا ننظر بروية في الأمر - تأصيلا وتفصيلا - بما يجب علينا معرفته والإيمان به :
فنقول أولا :
لا يُسأل الله عز وجل عما يفعل ، فهو خالق الخلق ومدبر الأمر ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ولا راد لأمره .
ثانيا :
الله عز وجل أرحم بعبده من نفسه ، وأعلم بما يصلحه وينفعه في أمر دينه ودنياه منه ، والواجب على العبد أن يعلم ذلك ويوقن به .
ثالثا :
نظر العبد قاصر ، وإدراكه ناقص ، وبصره كليل عن أن يدرك العواقب ، أو يرى الحقائق كما ينبغي ، وكثيرا ما يرى الخير شرا ، والشر خيرا ، والصلاح فسادا والفساد صلاحا ، وقد قال الله تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 .
رابعا :
ما يقدره الله لعبده المؤمن هو خير كله ، من حيث يدري ومن حيث لا يدري ، روى مسلم (2999) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) .
خامسا :
الصبر على المقدور والرضا بما قسم الله من علامات الإيمان .
قال ابن القيم رحمه الله : " قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : الْإِيمَانُ نِصْفَانِ : نِصْفٌ صَبْرٌ ، وَنِصْفٌ شُكْرٌ ، قَالَ تَعَالَى: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) إبراهيم/ 5 ، وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ " انتهى من " زاد المعاد " (4/ 305) .

وينظر في الإيمان بالقدر : جواب السؤال رقم : (34732) .
ولمعرفة فوائد ابتلاء الرب تعالى عبده المؤمن ينظر جواب السؤال رقم : (12099).
ولمعرفة موقف المؤمن من الابتلاء يراجع جواب السؤال رقم : (71236) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (22798) ، (103099) .

ولا شك أن ما ذكرته من الشعور : هو من سوء الأدب مع الله جل جلاله ، وسوء الظن به أيضا ؛ فاستغفر ربك من ظن السوء بربك ، الذي هو أولى بكل جميل .



وكان الأولى بك والأجدر: أن تعاتب نفسك وتلومها ، على عدم تفويض الأمر لربك، علام الغيوب ، ثم تصدق في طلب الخير منه؟!

وقد قال علي رضي الله عنه : لا يلومَنّ عبدٌ إلا نفسه ، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يرجُوَنَّ إلا ربّه!

فلتُحسن الظن بربك ، فهو أهل الجميل والفضل والعطاء ، فإن لُمتَ أو عاتبتَ فلا تلومنّ إلا نفسك الأمارة بالسوء ، ولتخش على دينك وفساد اعتقادك : إن أنتَ أساءت الظن بربك، ولُمت الرحيم الكريم ، ذا الجلال والإكرام ، الذي هو أهل الثناء والمجد ، والتقوى والمغفرة...

وليلهج لسان بـمثل : الحمد لله ، وقدّر الله وما شاء فعل ، وأشباه ذلك من كلام أهل الرضا بالله وعن الله .

قال ابن القيم رحمه الله : " العبد لا يريد مصلحة نفسه من كل وجه ، ولو عرف أسبابها ، فهو جاهل ظالم ، وربه تعالى يريد مصلحته ، ويسوق إليه أسبابها ، ومن أعظم أسبابها : ما يكرهه العبد ؛ فإن مصلحته فيما يكره ، أضعاف أضعاف مصلحته فيما يحب " انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 205) .

وانظر جوابي السؤالين : (178673) و (272434) .

نسأل الله أن يَمُنَّ عليك بالتوبة النصوح ، والثبات على الهدى ودين الحق ، وأن يفرج عنك ما أنتم فيه من البلاء ، ويبدلك مكانه نعمة ورخاء وسرورا ، وعملا صالحا يقربك إليه زلفى .

والله أعلم"

تعقيبي على الجواب : "اللّهمّ آمين .. جزاكم الله خير الجزاء."

.................................................. .................................................. .................................................. ............................

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ..