النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نسخة جودل من الحجة الوجودية

  1. افتراضي نسخة جودل من الحجة الوجودية

    نسخة جودل من الحجة الوجودية
    مايو 26, 2021
    نسخة غودل من الحجة الوجودية

    كورت جودل Kurt Godel هو عالم رياضيات شهير ولد عام 1906 في مدينة برنو التي كانت تقع حينئذ في حيز الإمبراطورية النمساوية المجرية و تقع حاليا في جمهورية التشيك. يرجع تاريخ النسخة الأولى للحجة الوجودية Ontological argument في كتابات "جودل" للعام 1941 تقريبا، غير أنه لا يعرف عنه أنه أخبر أحدا عند عمله المتعلق بالحجة الوجودية حتى العام 1970 لظنه أنه كان يحتضر. وفي فبراير من نفس العام سمح لعالم الرياضيات وأستاذ المنطق وعلوم الحاسب "دانا سكوت" Dana Scott بأخذ نسخة من البرهان والتي تم تداولها في إطار شخصي. في أغسطس من نفس العام أخبر "جودل" الاقتصادي وعالم الرياضيات "أوسكار مورجنستيرن" Oskar Morgenstern أنه راض عن البرهان. إلا أن "مورجنسترن" زعم أن "جودل" لم يقم بنشر البرهان لأنه كان يخشى أن يعتقد الآخرين أنه يؤمن بوجود الله. إلا أن هذا الزعم يتعارض مع محتوى الرسائل التي أرسل بها إلى والدته – التي لم تكن امرأة متدينة ولا تردد على الكنيسة – حيث أقام الدلائل فيها بالتفصيل على الاعتقاد في الحياة الآخرة. وفي رد على استبيان أرسل إليه من قبل عالم الاجتماع "برك جراندجان" Burke Grandjean قال "جودل" أنه يؤمن بوجود الله theistic وليس وحدة الوجود pantheistic، على طريقة أو نسجا عن منوال "لايبنتز" لا طريقة "سبينوزا".

    في العام 1978 تُوفي "جودل" وتم العثور على نسخة أخرى من البرهان – تختلف اختلافا طفيفا عن نسخة "سكوت" - ضمن أوراقه وتم نشر النسختين معا في العام 1987.

    تمهيد

    في البداية أحب أن أنوه أنه سواءا تقبلت هذا البرهان أو يساورك الشعور بأن خللا ما يعتريه فلا شك أنه مجهود ذهني جبار يحسب لصاحبه ويستحق عليه الثناء.

    لابد من التفريق بين نوعين من الحقائق، وهي الحقائق الضرورية necessary truth و الحقائق الاتفاقية/الممكنة contingent truth. فالحقائق الضرورية هي التي يقتضي نفيها الوقوع في التناقض مثل 2 + 2 = 4. فلا يمكن أن يتصور أن يكون الأمر على خلاف ذلك فإذا قلت 2 + 2 لا يساوي 4 هو تناقض كأنك تقول 4 لا يساوي 4 .

    أما الحقائق الاتفاقية/الممكنة هي التي يتصور أن يكون الأمر على خلافها. فعلى سبيل المثال: نهر الأمازون يجري في أمريكا الجنوبية. فهذه حقيقة بحكم الواقع فلا شيء في صريح العقل يقتضي أن يجري نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية ويمكن أن نتصور أمريكا الجنوبية بلا نهر الأمازون.

    فالعبارة إذا كانت صحيحة دائما ولا يتصور أن تكون خاطئة فهي تشكل حقيقة ضرورية وإذا كانت صحيحة بحكم الواقع بمعنى اتفق أو تصادف أنها صحيحة في واقعنا لكن في واقع آخر قد لا تكون صحيحة مثل جريان نهر الأمازون فهو حقيقة اتفاقية. وإن لم تكن صحيحة في واقعنا لكنها قد تكون صحيحة في واقع آخر - مثل زوال الوجود الصهيوني - فهي حقيقة ممكنة possible truth وهذا يعني أن وجودها في واقع آخر هو في الخارج عن الأذهان ووجودها في واقعنا هو وجود ذهني يقدره الذهن.

    ثم نقول أن الخاصية "س" تقتضي الخاصية "ص" إذا لم يكن من الممكن تصور واقع تكون فيه الخاصية "س" صحيحة و الخاصية ص غير صحيحة.

    على سبيل المثال: الخاصية " أطول من مترين"، والخاصية "أطول من متر". فإذا كان هناك شيء يتصف بالخاصية الأولى فلابد أن يتصف بالثانية فلا مجال لأن يكون الشىء أطول من مترين وليس أطول من متر.



    مسلمات البرهان axioms :

    المسلمة الأولى: من الممكن فرز بعض الخواص الإيجابية من جملة الخواص. وما يعنيه جودل بالخواص الإيجابية أي الخواص الحسنة بالمغزى الأخلاقي كالعدل في مقابل الظلم.

    المسلمة الثانية: إذا كانت الخاصية الإيجابية ص1 تقضتي الخاصية ص2 فهذا يعني أن الخاصية ص2 إيجابية.

    المسلمة الثالثة:إذا كانت الخواص ص1، و ص2، وص3 .. إلخ هي كل الخواص الإيجابية فإن اجتماع تلك الخواص هو بحد ذاته خاصية إيجابية (وهذه الخاصية هي جوهر أو ماهية essence الإله)

    المسلمة الرابعة: إذا كانت ص خاصية ما فهذا يقتضى إما أنها إيجابية أو أن نقيض تلك الخاصية هو الإيجابي.

    المسلمة الخامسة: الوجود الضروري – أو الواجب - هو خاصية إيجابية.

    ثم يشرح جودل مفهوم "الماهية" أو الجوهر بمعنى الجواب على سؤال: ما هو الشىء؟ فيقول لو أن شيئا ما - ولنسمه س - يُتصور وجوده فإن الخاصية ص تشكل ماهية هذا الشىء إن كانت تلك الخاصية تقتضي جميع الخواص التي يتسم بها هذا الشىء.

    ويضيف أن الشىء "س" واجب الوجود أو وجوده ضروري إذا كان لا يمكن تصور واقع إلا و الخاصية "ص" – بالمعنى المذكور آنفا – هي خاصية يتسم بها شيء له وجود في الخارج عن الأذهان في ذلك الواقع.

    وبما أن الوجود الضروري خاصية إيجابية فالألوهية تقتضي خاصية الوجود الضروري أي أن الإله ضروري أو واجب الوجود.

    وبما أن وجود الإله وفق الماهية المذكورة يُتصور وجوده في واقع ما على الأقل بمعنى أن وجوده – في الخارج عن الأذهان - ممكن أو حقيقة ممكنة فإن وجوده في كل واقع يمكن تصوره – بما في ذلك الواقع الفعلي الذي نعيشه - هو حقيقة بحكم أنه يتسم بخاصية الوجود الضروري التي تعني الوجود – في الخارج عن الأذهان - في كل واقع ممكن.

    أو بعبارة أخرى الكائن الذي يتصف بمجموع الصفات الحسنة بما فيها الوجود ووجوب الوجود يمكن تصوره فهذا يعني أن وجوده الواقعي ممكن ولأن هذا الذي يتصف بالوجود ووجوب الوجود ممكن فهذا يقتضي أن له وجود في واقعنا الفعلي لأنه بخلاف الممكن الوجود وفقط - و الذي كما يتصور وجود في واقع ما في الخارج عن الأذهان يتصور عدم وجوده في واقع آخر - فالضروري الوجود بحكم التعريف لا يُتصور واقع إلا وله فيه وجود في الخارج عن الأذهان بما في ذلك واقعنا الفعلي. لأنك إذا نفيت وجوده في أي واقع ممكن بما فيه ذلك الواقع الفعلي لا مناص من الزعم أنه لا يمكن تصوره. في حين أنه يمكن تصوره كما تقدم ونفي إمكانية تصوره هو مكابرة للواقع الفعلي لاننا بالفعل نتصوره بدليل أننا شرحنا ماهيته ووضعنا له تعريف يخلو من شىء يتعارض مع صريح المعقول.



    ترجمة ببعض التصرف عن مقال باللغة الإنجليزية

  2. افتراضي

    تعديل

    نسخة جودل من الحجة الوجودية
    مايو 26, 2021
    نسخة غودل من الحجة الوجودية

    كورت جودل Kurt Godel هو عالم رياضيات شهير ولد عام 1906 في مدينة برنو التي كانت تقع حينئذ في حيز الإمبراطورية النمساوية المجرية و تقع حاليا في جمهورية التشيك. يرجع تاريخ النسخة الأولى للحجة الوجودية Ontological argument في كتابات "جودل" للعام 1941 تقريبا، غير أنه لا يعرف عنه أنه أخبر أحدا عند عمله المتعلق بالحجة الوجودية حتى العام 1970 لظنه أنه كان يحتضر. وفي فبراير من نفس العام سمح لعالم الرياضيات وأستاذ المنطق وعلوم الحاسب "دانا سكوت" Dana Scott بأخذ نسخة من البرهان والتي تم تداولها في إطار شخصي. في أغسطس من نفس العام أخبر "جودل" الاقتصادي وعالم الرياضيات "أوسكار مورجنستيرن" Oskar Morgenstern أنه راض عن البرهان. إلا أن "مورجنسترن" زعم أن "جودل" لم يقم بنشر البرهان لأنه كان يخشى أن يعتقد الآخرين أنه يؤمن بوجود الله. إلا أن هذا الزعم يتعارض مع محتوى الرسائل التي أرسل بها إلى والدته – التي لم تكن امرأة متدينة ولا تردد على الكنيسة – حيث أقام الدلائل فيها بالتفصيل على الاعتقاد في الحياة الآخرة. وفي رد على استبيان أرسل إليه من قبل عالم الاجتماع "برك جراندجان" Burke Grandjean قال "جودل" أنه يؤمن بوجود الله theistic وليس وحدة الوجود pantheistic، على طريقة أو نسجا عن منوال "لايبنتز" لا طريقة "سبينوزا".

    في العام 1978 تُوفي "جودل" وتم العثور على نسخة أخرى من البرهان – تختلف اختلافا طفيفا عن نسخة "سكوت" - ضمن أوراقه وتم نشر النسختين معا في العام 1987.

    تمهيد

    في البداية أحب أن أنوه أنه سواءا تقبلت هذا البرهان أو يساورك الشعور بأن خللا ما يعتريه فلا شك أنه مجهود ذهني جبار يحسب لصاحبه ويستحق عليه الثناء.

    لابد من التفريق بين نوعين من الحقائق، وهي الحقائق الضرورية necessary truth و الحقائق الاتفاقية/الممكنة contingent truth. فالحقائق الضرورية هي التي يقتضي نفيها الوقوع في التناقض مثل 2 + 2 = 4. فلا يمكن أن يتصور أن يكون الأمر على خلاف ذلك فإذا قلت 2 + 2 لا يساوي 4 هو تناقض كأنك تقول 4 لا يساوي 4 .

    أما الحقائق الاتفاقية/الممكنة هي التي يتصور أن يكون الأمر على خلافها. فعلى سبيل المثال: نهر الأمازون يجري في أمريكا الجنوبية. فهذه حقيقة بحكم الواقع فلا شيء في صريح العقل يقتضي أن يجري نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية ويمكن أن نتصور أمريكا الجنوبية بلا نهر الأمازون.

    فالعبارة إذا كانت صحيحة دائما ولا يتصور أن تكون خاطئة فهي تشكل حقيقة ضرورية وإذا كانت صحيحة بحكم الواقع بمعنى اتفق أو تصادف أنها صحيحة في واقعنا لكن في واقع آخر قد لا تكون صحيحة مثل جريان نهر الأمازون فهو حقيقة اتفاقية. وإن لم تكن صحيحة في واقعنا لكنها قد تكون صحيحة في واقع آخر - مثل زوال الوجود الصهيوني - فهي حقيقة ممكنة possible truth وهذا يعني أن وجودها في واقع آخر هو في الخارج عن الأذهان ووجودها في واقعنا هو وجود ذهني يقدره الذهن.

    ثم نقول أن الخاصية "س" تقتضي الخاصية "ص" إذا لم يكن من الممكن تصور واقع تكون فيه الخاصية "س" صحيحة و الخاصية ص غير صحيحة.

    على سبيل المثال: الخاصية " أطول من مترين"، والخاصية "أطول من متر". فإذا كان هناك شيء يتصف بالخاصية الأولى فلابد أن يتصف بالثانية فلا مجال لأن يكون الشىء أطول من مترين وليس أطول من متر.



    مسلمات البرهان axioms :

    المسلمة الأولى: من الممكن فرز بعض الخواص الإيجابية من جملة الخواص. وما يعنيه جودل بالخواص الإيجابية أي الخواص الحسنة بالمغزى الأخلاقي كالعدل في مقابل الظلم.

    المسلمة الثانية: إذا كانت الخاصية الإيجابية ص1 تقضتي الخاصية ص2 فهذا يعني أن الخاصية ص2 إيجابية.

    المسلمة الثالثة:إذا كانت الخواص ص1، و ص2، وص3 .. إلخ هي كل الخواص الإيجابية فإن اجتماع تلك الخواص هو بحد ذاته خاصية إيجابية (وهذه الخاصية هي جوهر أو ماهية essence الإله)

    المسلمة الرابعة: إذا كانت ص خاصية ما فهذا يقتضى إما أنها إيجابية أو أن نقيض تلك الخاصية هو الإيجابي.

    المسلمة الخامسة: الوجود الضروري – أو الواجب - هو خاصية إيجابية.

    ثم يشرح جودل مفهوم "الماهية" أو الجوهر بمعنى الجواب على سؤال: ما هو الشىء؟ فيقول لو أن شيئا ما - ولنسمه س - يُتصور وجوده فإن الخاصية ص تشكل ماهية هذا الشىء إن كانت تلك الخاصية تقتضي جميع الخواص التي يتسم بها هذا الشىء.

    ويضيف أن الشىء "س" واجب الوجود أو وجوده ضروري إذا كان لا يمكن تصور واقع إلا و الخاصية "ص" – بالمعنى المذكور آنفا – هي خاصية يتسم بها شيء له وجود في الخارج عن الأذهان في ذلك الواقع.

    وبما أن الوجود الضروري خاصية إيجابية فالألوهية تقتضي خاصية الوجود الضروري أي أن الإله ضروري أو واجب الوجود.

    فواجب الوجود الذي له وجود في كل واقع ممكن ( ممكن أي يتصوره العقل)

    البرهان بطبيعة الحال لا يعتمد على اثبات وجوده الفعلي في كل واقع ممكن كمقدمة وإلا فلا حاجة للبرهان

    البرهان فقط يتطلب التصور العقلي لماهية إله جودل من واقع تعريفها الخالي من التناقضات

    بما أن الماهية تقتضي وجوب الوجود فمجرد أن عقولنا تتصور إله جودل فهذا يعني أن له وجود فعلي لأن واجب الوجود بخلاف الممكن الوجود ليس بحاجة لمرجح كي يوجد فعليا فتصورنا للممكن الوجود لا يقتضي وجوده الفعلي بخلاف واجب الوجود الذي ليس بحاجة لمرجح

    هناك نتيجة يمكن تفريعها على الحجة الوجودية:



    الدليل على أن واجب الوجود يتصوره العقل في واقعنا هو برهان الصديقين

    الذي يقول أن الممكن بحاجة لمرجح لكن ماذا عن " مجموعة الممكنات" ما يرجحها إما أنه ممكن حادث وإما أنه ضروري أزلي. الاحتمال الأول غير وارد لأنه يجعل الشىء مرجح لنفسه لأن هذا الممكن الحادث عنصر في "مجموعة الممكنات" فيلزم أن ما يرجحها ضروري أزلي.

    وسواء قبلنا بالنتيجة أم لا لأن البعض قد يقول أن مجموعة الممكنات ليست كآحاد الممكنات ويجوز أنها ضرورية أزلية ليست بحاجة لمرجح خارجي فهذا لا ينفي أن عقولنا تتصور الكائن الضروري الأزلي وإن لم تجزم به.

    فكذلك "مجموعة كل الممكنات" فعقولنا تتصور "مجموعة كل الممكنات" واجبة الوجود أزلية ونعني تحديدا بقولنا بأزلية مجموعة كل الممكنات أن الممكن قبله ممكن وهكذا إلى ما لانهاية في الماضي. فمجموعة كل هذه الممكنات ليس لها أول أي أن المجموعة ككل أزلية وإن كان آحادها حادث (أي آحاد الممكنات أو الممكن المعين) والعقل يتصورها.

    فلأن العقل يتصورها كأمر واجب الوجود يعني أنها ليست بحاجة لمرجح لوجودها في الخارج عن الأذهان مما يعني أن مجموعة كل الممكنات التي لا أول لها لها حقيقة في الخارج عن الأذهان أي أن جنس الممكنات أزلي أو أن الممكنات لا أول لها.

    وهذا القول ذهب إليه الإمام ابن تيمية بقوله أن الخلق (أي الممكنات أو ما سوى الله) لا أول له فلا يقدر زمن إلا و لله فيه خلق ( أي ممكن رجح وجوده على عدم وجوده).

    لكن ليس معنى ذلك أن هناك عين قائم بذاته أزلي سوى الله لأن جنس الممكنات أو مجموعة كل الممكنات ليس عينا قائما بذاته بل هو شىء يقدره الذهن.



    ترجمة ببعض التصرف عن مقال باللغة الإنجليزية

  3. افتراضي

    اعتراض سوبل على نسخة جودل من الحجة الوجودية
    يونيو 25, 2021
    ا

    يمكن شرح اعتراض سوبل - نسبة لجوردن سوبل Jordan Sobel - كما يلي:

    إذا كان "إله جودل" هو المتصف بمجموع الصفات الحسنة بمعنى أنه يقتضيها جميعا بما فيها الوجود الضروري فإن من جملة ما يقتضيه هو: كونه خالق فكذلك: كونه خلق آدم، إذ أنه متصف بهذه الصفة أي خلق آدم. فإن كان خلقه لآدم ضروري فهذا يقتضى أن آدم ضروري وبالتالي فرضيات جودل تؤدي إلى ما يسمى "انهيار منطق الموجهات" modal collapse بمعنى أن كل قضية صحيحة – كوجود آدم أو غيره من آحاد المخلوقات – هي بالضرورة كذلك. فيصبح لا فرق بين الضروري و الممكن في نفس الأمر.

    إلا أن هناك استدراك في تعريف جودل للصفة الإيجابية ألا وهو أنها الإيجابية بالمعنى الخُلقي الجمالي ethical-aesthetic sense بصورة خالصة أي الحسن بصورة محضة بحيث لا تشوبها شائبة، وهو ما نسميه صفات الذات في علم العقيدة أي الصفات الأزلية. فالإيجابي المشوب كالذي تشوبه شائبة الحدوث – أو ما يربو ضرره على نفعه لا يدخل في التعريف وهذا ما يعرف في علم العقيدة بصفات الأفعال.

    فالإله يتصف بالخالقية – أي كونه خالق – وما يقتضيه ذلك هو جنس الخلق وليس مخلوق بعينه. فالله لو لم يخلق آدم لكان لايزال خالقا لأن خلقه لا يقتصر على آدم و كونه خالق كصفة للذات لازمه لها أزلا وأبدا لا تقتضي خلق آدم أو غيره من آحاد المخلوقات. ولذلك فالضروري هو جنس المخلوقات وليس مخلوقا بعينه سواءا كان ذلك آدم أو غيره.

    وكون إله جودل يتصف بكونه المتصف بمجموع الصفات الحسنة وفق ما سبق لا ينفي أن يتصف بصفات حسنة لكنها حسنة لأن ما تقتضيه يربو حسنه على قبحه أو ضرره على نفعه وهو خلقه لآحاد المخلوقات. وهذه الصفات هي من جملة صفات الأفعال كما تقدم. وهي وإن كانت لا تشكل جزءا من تعريف جودل إلا أنه لا ينفيها.

    ولا أقصد بالمشوب أي الذي يعتريه عيب أو نقص بل الذي لا يستوفي كل شروط الحسن المحض وفق تعريف جودل والتي من جملتها الأزلية وانتفاء الحدوث أو الاتصاف بصفة الوجود الضروري (أي الصفات نفسها تتصف بكونها ضرورية أزلية). فصفات الأفعال بحكم المفهوم لا تعقل إلا حادثة لأن الفعل لا يعقل إلا في زمن معين.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء