النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: البرهان على صدق النبوة كاستدلال بايزي

  1. افتراضي البرهان على صدق النبوة كاستدلال بايزي

    البرهان على صدق النبوة كاستدلال بايزي
    يونيو 20, 2021


    الاستدلال البايزي Bayesian inference

    هو نمط من الاستدلال الإحصائي المستند لمبرهنة بايز Bayes' theorm، نسبة للفيلسوف و عالم الإحصاء البريطاني توماس بايز، حيث تُوظف المبرهنة لتحديث درجة الاحتمال لدعوى ما في ضوء الدليل السياقي أو تراكم الأدلة. أو بعبارة أخرى هي وسيلة لإعادة تقدير احتمالية دعوى ما بعد الأخذ في الاعتبار أن هناك دلائل ما مستجدة أو لم تؤخذ في الاعتبار من قبل (الدليل السياقي) تعضد أو تفند صحة الدعوى أو الفرضية. وهذا الاستدلال له تطبيقات في مجالات شتى كالعلوم البحتة و الطب و الهندسة و الفلسفة و القضاء.

    والصيغة الرياضية للمبرهنة هي كما يلى:

    P(H/E)= P(E/H). P(H) / P(E)

    حيث P تشير إلى الفرضية proposition التي تتأثر احتمالية صحتها بالدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة evidence

    و P(H) تشير إلى الاحتمالية السابقة للفرضية prior probability أي قبل أخد الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة بعين الاعتبار

    و E تشير إلى الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة evidence

    و P(H/E) تشير إلى الاحتمالية اللاحقة للفرضية posterior probability أي بعد أخد الدليل السياقي أو الأدلة المتركمة بعين الاعتبار

    و P(E/H) تشير إلى مدى الارتباط بين الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة و الفرضية likelihood

    و P(E) يشير إلى احتمالية الدليل السياقي. marginal likelihood or model evidence



    فعندما يكون لديك فرضية أو دعوى ما فإن احتمالية صحتها تتغير زيادة أو نقصانا بحسب تراكم الدلائل ومدى الانسجام أو التنافر بين الدعوى و تلك الدلائل المتراكمة. ولنضرب مثالا على ذلك دعوى أحد المتهمين في قاعة المحاكمة أنه برىء فبغض النظر عن أي دلائل أو قرائن خارجة عن الدعوى فاحتمالية صدقه هي 50 % لكن إذا أردنا أن نعيد تقدير احتمالية صحة الدعوى في ضوء عدد من الدلائل و القرائن ذات الصلة فستتغير احتمالية صدقه. فبالنظر مثلا إلى سيرته الشخصية ووجدنا أنه لا يوجد لديه سوابق إجرامية وأنه معروف بالاستقامة فلا شك أن هذا سيزيد من احتمالية صحة دعواه، على العكس مما إذا كانت لديه سوابق. وفي المقابل إذا تم العثور على آثار أقدامه في مسرح الجريمة فهذا سيزيد من احتمالية عدم صدق دعواه حتى وإن كان من الوارد أن تواجده في مسرح الجريمة كان لسبب آخر أو ليس متزامنا مع توقيت الجريمة. فضلا عن ذلك فإن مدى الانسجام أو التنافر بين الفرضية و الدلائل يؤثر في احتمالية صحة الفرضية. ففي المثال السابق فإن الفرضية وهي دعوى البراءة تنسجم مع حسن السيرة ولكن حسن السيرة لا يقتضى البراءة لأن حَسَن السيرة قد ينحرف مثلا. لكن لو جاء بما يثبت أنه كان في وقت وقوع الجريمة في مكان آخر غير المسرح الذي جرت فيه فهذا الدليل أشد ارتباطا بصحة دعوى البراءة وأضمن لها من مجرد حسن السيرة.



    فهكذا يجب النظر لدعوى النبوة. فلا ينظر إلى دعوى النبوة في المطلق فيقال نسبة احتمال صدقه و عدمه هي 50%. ولكن يجب أن تترجم صحة الدعوى في ضوء الدليل السياقي و الأدلة المتركمة. فاحتمالية صدق النبي – من الناحية النظرية – تزداد بالنظر إلى الدليل السياقي ألا وهو وجود الله و أنه يعبأ بخلقه و أنه لابد أن يبلغ مراده. لأن إرسال رسول متوقف على وجود المُرسل وأنه يعبأ بالمرسل إليهم وأنه ينبغي أن يتواصل معهم. بخلاف إذا كان لا وجود للمرسل أو أنه لا يعبأ أو لا ينبغي له أن يتواصل ويبلغ مراده.

    لذلك فالنقاش فيما يتعلق بصحة النبوة يجب أن يكون في ضوء الدليل السياقي المذكور آنفا ثم في ضوء تراكم الدلائل وهي دلائل نبوة النبي.

    فيكون ترتيب النقاش في مقامات كما يلي

    الأول: وجود الإله (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌ)

    فيقال:

    يؤمن بوجوده؟



    نعم؟ --->> انتقل للمقام التالي



    لا يؤمن؟ --->> إذا ناقش في وجوده من عدمه: دليل العناية و الاختراع – برهان الصديقين –الحجة الأنتولوجية أو الوجودية(نسخة جودل بخلاف نسخة أنسلم) – أو غير ذلك من الأدلة







    الثاني: هل الإله يعبأ بخلقه أم لا (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ)



    هل يعبأ؟ --- >> انتقل للمقام التالي



    لا يعبأ؟ --->> الخلق عبثي ويقتضى نسبة العبث والظلم للخالق. واللطيف أن ذريعة وجود الشر التي يتذرع بها الملاحدة هي حجة على القائلين بالإله غير العابىء(فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ )







    المقام الثالث: هل الإله يبلغ مراده؟ (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)



    نعم؟ --->> انتقل للمقام التالي



    لا؟ --->> ظالم لأنه يجازي دون بلاغ (وما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولًا)



    الرابع (صحة دين بعينه): ماهو أهدى كتاب يُدعى أنه منزل من خالق الكون؟ (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أي فحوى الرسالة ومدى ملائمتها للعقل ومطابقتها للفطرة السلمية. وفي هذا المقام تضاف أيضا سائر دلائل النبوة وهي المقصودة بالأدلة المتراكمة. والمقصود أن صحة النبوة قضية معقدة تعتمد على التراكم والدليل السياقي وليس دليلا بعينه يشار إليه.

  2. افتراضي

    البرهان على صدق النبوة كاستدلال بايزي
    يونيو 20, 2021
    البرهان على صدق النبوة كاستدلال بايزي


    الاستدلال البايزي Bayesian inference


    هو نمط من الاستدلال الإحصائي المستند لمبرهنة بايز Bayes' theorm، نسبة للفيلسوف و عالم الإحصاء البريطاني توماس بايز، حيث تُوظف المبرهنة لتحديث درجة الاحتمال لدعوى ما في ضوء الدليل السياقي أو تراكم الأدلة. أو بعبارة أخرى هي وسيلة لإعادة تقدير احتمالية دعوى ما بعد الأخذ في الاعتبار أن هناك دلائل ما مستجدة أو لم تؤخذ في الاعتبار من قبل (الدليل السياقي) تعضد أو تفند صحة الدعوى أو الفرضية. وهذا الاستدلال له تطبيقات في مجالات شتى كالعلوم البحتة و الطب و الهندسة و الفلسفة و القضاء.


    والصيغة الرياضية للمبرهنة هي كما يلى:


    P(H/E)= P(E/H). P(H) / P(E)


    حيث P تشير إلى الفرضية proposition التي تتأثر احتمالية صحتها بالدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة evidence


    و P(H) تشير إلى الاحتمالية السابقة للفرضية prior probability أي قبل أخد الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة بعين الاعتبار






    و E تشير إلى الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة evidence


    و P(H/E) تشير إلى الاحتمالية اللاحقة للفرضية posterior probability أي بعد أخد الدليل السياقي أو الأدلة المتركمة بعين الاعتبار


    و P(E/H) تشير إلى مدى الارتباط بين الدليل السياقي أو الأدلة المتراكمة و الفرضية likelihood






    و P(E) يشير إلى احتمالية الدليل السياقي أو الدلائل المتراكمة. marginal likelihood or model evidence


    فعندما يكون لديك فرضية أو دعوى ما فإن احتمالية صحتها تتغير زيادة أو نقصانا بحسب تراكم الدلائل ومدى الانسجام أو التنافر بين الدعوى و تلك الدلائل المتراكمة. ولنضرب مثالا على ذلك دعوى أحد المتهمين في قاعة المحاكمة أنه برىء فبغض النظر عن أي دلائل أو قرائن خارجة عن الدعوى فاحتمالية صدقه هي 50 % لكن إذا أردنا أن نعيد تقدير احتمالية صحة الدعوى في ضوء عدد من الدلائل و القرائن ذات الصلة فستتغير احتمالية صدقه. فبالنظر مثلا إلى سيرته الشخصية ووجدنا أنه لا يوجد لديه سوابق إجرامية وأنه معروف بالاستقامة فلا شك أن هذا سيزيد من احتمالية صحة دعواه، على العكس مما إذا كانت لديه سوابق. وفي المقابل إذا تم العثور على آثار أقدامه في مسرح الجريمة فهذا سيزيد من احتمالية عدم صدق دعواه حتى وإن كان من الوارد أن تواجده في مسرح الجريمة كان لسبب آخر أو ليس متزامنا مع توقيت الجريمة. فضلا عن ذلك فإن مدى الانسجام أو التنافر بين الفرضية و الدلائل يؤثر في احتمالية صحة الفرضية. ففي المثال السابق فإن الفرضية وهي دعوى البراءة تنسجم مع حسن السيرة ولكن حسن السيرة لا يقتضى البراءة لأن حَسَن السيرة قد ينحرف مثلا. لكن لو جاء بما يثبت أنه كان في وقت وقوع الجريمة في مكان آخر غير المسرح الذي جرت فيه فهذا الدليل أشد ارتباطا بصحة دعوى البراءة وأضمن لها من مجرد حسن السيرة.






    فهكذا يجب النظر لدعوى النبوة. فلا ينظر إلى دعوى النبوة في المطلق فيقال نسبة احتمال صدقه و عدمه هي 50%. ولكن يجب أن تترجم صحة الدعوى في ضوء الدليل السياقي و الأدلة المتركمة.

    حجم الدليل وحجم الإدعاء

    التصور القائل أن حجم الدليل لابد وأن يتناسب مع حجم الإدعاء عبر عنه كثير من المفكرين كديفيد هيوم ولابلاس وكارل سيجان وآخرون بعبارات متقاربة. و لعل أدقها عبارة لابلاس: وزن الدليل على الإدعاء غير الاعتيادي لابد وأن يتناسب مع مدى غرابة الإدعاء. وعلى هذا يتكىء المكذبون أو بعضهم في جعلهم خوارق العادات أو المعجزات شرطا للنبوة.
    حتى إن بعضهم استند للقرآن نفسه في تقرير هذا الزعم مستشهدا بقول إبراهيم عليه السلام للجبار الذي إدعى الألوهية "فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ".
    لكن ههنا لابد أن نفرق بين كون أن التصور المتعلق بحجم الإدعاء وحجم الدليل صحيح في نفس الأمر وبين كون أن ذلك يستلزم المعجزات الحسية كشرط لصحة النبوة.
    أما إدعاء الجبار وكونه يستلزم دليلا من جنس خرق العادة الذي طالب به إبراهيم عليه السلام فهذا صحيح إلا أن هذا لا يستتبع أن إدعاء النبوة يستلزم خرق العادات أيضا لأنه شتان بين إدعاء النبوة وإدعاء الألوهية.
    ولذلك لما سألت قريش النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون له بيت من زخرف أو يرقي في السماء وقالوا لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه أمره الله أن يرد عليهم بالقول: هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولاً.




    فالنبي لم يدع أصلا إمكانات فوق طاقات البشر فضلا عن إدعاء الإلوهية كي يطالبوه بخوارق العادات. فإذا أرسل ملك من الملوك مثلا رسولا برسالة يكفي أن تكتنف هذه الرسالة الأمارات الدالة على صحتها كأن يكون الرسول نفسه معروف عنه أنه ثقة أو أن تكون الرسالة تحمل توقيع الملك أو ما يقوم مقامه وأن يكون محتوى الرسالة نفسه ليس غريبا أو يصادم البديهة و أن يكون الناس أصلا يتوقعون هذه الرسالة. لكن لا يلزم أن يسير معه الملك جيشا أو يزوده بمال وفير لا يقدر عليه سوى الملوك مثلا.
    لكن إن كان المرسل إليهم ينكرون وجود الملك أصلا أو يشككون فيه وجوده. أو لا ينتظرون أو يتوقعون منه رسالة أصلا كيف سيكون رد فعلهم على الرسول المرسل إليهم؟ بطبيعة الحال سيختلف عن رد فعل الطائفة الأولى.
    ولذلك فإن الجدال مع الملحد و اللاأدري حول صحة النبوة هو نوع من العبث لأنهم بمنزلة الذي ينكر أو يشكك في وجود الملك أو في أفضل الأحوال كما هو حال اللاأدري لا يتوقع الرسالة ولا ينتظرها.
    ولذلك فقبل الحديث عن النبوة لابد أن يسلم هؤلاء أولا بوجود الله ثانيا بأنه لابد أن يبلغ للناس مراده منهم وأنه لم يخلق هذه الدنيا عبثا ومن هذا الباب قوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ. وقوله: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ . ولذلك فالمغالطة التي يقع فيها الملاحدة كما وقع فيها مشركو مكة أنهم يطالبون بالدليل على الألوهية وليس النبوة.
    وليس معنى ذلك أن الرسل لم يؤيدوا بالمعجزات لكن هناك فرق بين كونهم أرسلوا بالآيات الحسية وكونها شرطا لصحة النبوة. فإرسال الرسل بالآيات هو إمعان فى إقامة الحجة مثل القرية التي أرسل إليها رسولان وعُزِّزا بثالث بالرغم من أن رسولا واحدا يكفي لإقامة الحجة.






    لذلك فالنقاش فيما يتعلق بصحة النبوة يجب أن يكون في ضوء الدليل السياقي المذكور آنفا ثم في ضوء تراكم الدلائل وهي دلائل نبوة النبي وهذا يشكله كل ما يعزز الثقة في صدقه وأنه يخبر بالصدق ولا يقول على الله إلا الحق.


    فيكون ترتيب النقاش في مقامات كما يلي


    الأول: وجود الإله (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌ)


    فيقال:


    يؤمن بوجوده؟


    نعم؟ --->> انتقل للمقام التالي


    لا يؤمن؟ --->> إذا ناقش في وجوده من عدمه: دليل العناية و الاختراع – برهان الصديقين –الحجة الأنتولوجية أو الوجودية(نسخة جودل بخلاف نسخة أنسلم) – أو غير ذلك من الأدلة


    الثاني: هل الإله يعبأ بخلقه أم لا (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ)


    هل يعبأ؟ نعم --- >> انتقل للمقام التالي


    لا يعبأ؟ --->> الخلق عبثي ويقتضى نسبة العبث والظلم للخالق. واللطيف أن ذريعة وجود الشر التي يتذرع بها الملاحدة هي حجة على القائلين بالإله غير العابىء(فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ )


    المقام الثالث: هل الإله يبلغ مراده؟ (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)


    نعم؟ --->> انتقل للمقام التالي


    لا؟ --->> ظالم لأنه يجازي دون بلاغ (وما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولًا)


    الرابع (صحة دين بعينه): ماهو أهدى كتاب يُدعى أنه منزل من خالق الكون؟ (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أي فحوى الرسالة ومدى ملائمتها للعقل ومطابقتها للفطر السوية (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ). وفي هذا المقام تضاف أيضا سائر دلائل النبوة وهي المقصودة بالأدلة المتراكمة.




    والمقصود أن صحة النبوة قضية معقدة تعتمد على التراكم والدليل السياقي وليس دليلا بعينه يشار إليه. ومن أمثلة ذلك، بعد البرهان على كونه شخصية تاريخية وأن ذلك حقيقة لا يتسرب إليها شك عقلاني: إعجاز القرآن البلاغي، ومسائل تناولتها في مواضيع مستقلة كالرد على دعوى إنما يعلمه بشر والتوطئة لانتصار الإسلام والنبي في تقليد وأسفار أهل الكتاب والبشارة في الإنجيل فضلا عن دلائل أخرى مثل إخباره بأمور مستقبلية، وثناء العقلاء عليه و أن أقرب الناس إليه كانوا أشد الناس موالاة له في الظاهر والباطن فضلا عن كونهم من الأذكياء. وتحمل المشاق فى سبيل دعوته وأن إيمانه الراسخ بصحة ما يدعو إليه وحده هو الذى يفسر مثابرته فى وجه الطغيان والاضطهاد اللذين واجههما فى الفترة المكية حيث من وجهة النظر الواقعية لم يكن ثمَّ أمل للنجاح. واجتماع مزيج نادر من الكفاءات في شخصه وشمولية المنهج الذي جاء به فرؤيته تشمل الحياة البشرية بجملتها وتستوعب حتى أدق التفاصيل. فهو يصدر توجيهات و تعاليم بخصوص أشياء يتراوح تعلقها ما بين الأمور الشائعة مثل آداب الطعام والشراب وتنظيف الجسد إلى مسائل حيوية ومعقدة كأحكام الحرب وسياسة المجتمعات. ولا أزعم أن هذه هي كل الدلائل، لأن الدلائل بالمفهوم السابق، أي كل ما يعزز الثقة في صدقه، ولو كان أثره على حدة طفيف في تعزيز الثقة، كتفصيلة دقيقة في القرآن أو الأحاديث أو فكرة ما قد تطرأ على عقل أحد ولم تخطر لي ببال، هو أمر ربما يفوق الحصر.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء