النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: غزوة مؤتة (1) جيش الامراء (2) (3) (4) (5) (6)(7)

  1. #1

    افتراضي غزوة مؤتة (1) جيش الامراء (2) (3) (4) (5) (6)(7)

    غزوة مؤتة(1)
    *جيش الأمراء*
    *على سبيل التقديم *
    إنا فتحنا لك فتحًا مبينا ١ ( الفتح)
    يقول الإمام الزهري( شيخ الامام مالك) عن صلح الحديبية: ما فُتح في الإسلام فَتحٌ قبله كان أعظم منه) وذلك تعظيما لنتائج صلح الحديبية ...وصدق الله العظيم حين ذكره في كتابه الكريم بالفتح المبين، .....صلح الحديبية هذا ببنوده التي رآها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مجحفة ظالمة للمسلمين حتى قال عنها الفاروق عمر: ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فلمَ نعطي الدَنيةَ في ديننا؟.... هذا وهذه الهدنة التي عقدها رسول الله مع قريش كانت حقاً فتحاً عظيماً .كانت هدنة استكانت بعدها قريش وتفرغت لتجارتها ولاستقبال وفود الحجيج، هدنة تبعثرت بعدها القبائل العربية وتفرقت كل واحدة منها تنظر مصالحها بعد أن كانت قريش تجمعها على حرب الإسلام والمسلمين ..وفي نفس الوقت أعطت هذه الهدنة للمسلمين الفرصة للتفرغ لعداوات يهود المدينة ومكائدهم.. وإسكات سفاهة المنافقين وثرثرتهم التي تفتّ في عضد المسلمين. وكذلك مكنتهم من أن يقوموا بتوسيع نشاطهم الدعوي خارج المدينة وينجحون في تأليف بعض القبائل من حولهم وإدخالها إلى الإسلام .
    وهكذا رأينا صحابة رسول الله الذين كاد أن يقتل بعضهم بعضا وهم يحلقون رؤوسهم تحللا من إحرامهم دون القيام بالعمرة التي كانوا يمنون النفس بها، وهم في أشد الشوق إليها رأيتهم هم أنفسهم من رأوا ثمار هذا الصلح ونتائج هذه الهدنة وقد تحولت إلى فتحٍ مبين وانتصار عظيم للدعوة الإسلامية.
    ويكفي أنه بهذه الهدنة ووثيقتها تم الاعتراف بالمسلمين كدولة وكيان قوي تضطر قريش إلى الجلوس معهم والتفاوض معهم..
    وهكذا فتح صلح الحديبية الطريق أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوم بنشر الدين خارج حدود الجزيرة العربية من خلال الرسل والمكاتبات إلى ملوك وأمراء القبائل العربية الواقعة تحت ولاية الفرس من جانب والروم من جانب آخر، وكذلك إلى كسرى فارس وقيصر الروم...
    لتُحقق هذه الرسائل عالمية الدعوة الإسلامية ووجوب إبلاغها ونشرها للناس كافة فلا عنصرية ولا قبلية ولا قومية ولكن ديناً أنزله رب العالمين ليكون رحمة للعالمين.
    فقد كانت جنوب الجزيرة وما يليها يقع تحت وصاية الفرس وكانت القبائل التي في الشمال كالغساسنة وغيرهم تقع تحت وصاية الروم،.
    انطلقت الرسل بخيلها تجوب الصحاري تقطع آلاف الأميال ومعها كتب ورسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هؤلاء الملوك والأمراء. وكان من بين هؤلاء الرسل سيدنا الحارث بن عُمير الأزدي رسولا إلى ملك بصرى الشام التابعة للروم.... وهنا نتوقف قليلا مع مهمة الرسول ،فهو رجل يقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ دعوة الإسلام والتحدث باسمه ومن المؤكد أنه لن يكون رجلا عاديا وإنما يجب أن يكون قد وهبه الله مجموعة من المواهب والملكات تؤهله للقيام بهذه المهمة الخطيرة .
    فهذا الرجل يجب أن يكون فارسا مغوارا لا يهاب الموت في سبيل الله لأنه يعرف أن رحلته لن تكون نزهة وسط البساتين، وإنما كر وفر وخبرة في اتخاذ طرق بعيدة عن مكامن الخطر، ويجب أن يكون كذلك عالما بأحكام هذا الدين علم يمكنه من نقله وإبلاغه لغيره ولابد مع هذا العلم أن يهبه الله تعالى لسانا فصيحا ذو بيان...وأن يكون قبل كذلك وبعده بائعا نفسه لله تعالى في سبيل الله وفي سبيل نشر كلمة التوحيد.
    وهكذا كان سيدنا الحارث بن عُمير الأزدي فارسا عالما فصيحا وقد شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله ....ينطلق الفارس إلى مهمته يزين جوهره النوراني مظهرا نظيفا متأنقا رغم عواصف الصحراء و أتربتها وغبارها فما ترك حرصه على الوضوء خمس مرات في حله وترحاله إلا نظيفا طاهرا في جوهره ومظهره حتى إذا ما وصل إلى البلقاء من أرض الشام(الأردن الآن) قابله أميرها شرحبيل بن عمرو الغساني
    فهاله أن يرى هذا القادم عبر الصحراء في غير تلك الهيئة الرثة التي يعرفونها فسأله هل أنت مسلم؟
    قال: نعم
    فقد عرفه بطيب رائحته وشموخه وأنَفَته .
    فقال له :أأنت من رسل محمد ؟
    قال سيدنا الحارث: نعم
    فأمر به شرحبيل هذا فأوثقه بالحبال ثم قام بضرب عنقه ، ليذهب سيدنا الحارث بن عمير الأزدى شهيدا في سبيل الله... و ليكون أول رسول يُقتل غدرا ...فقد كان العهد بين الملوك ألا يُقتل الرسل ويأمنون على حياتهم.
    وما إن وصل خبر مقتل الحارث رسولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى استشاط المسلمون غضبا، وتطلعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون أوامره لتأديب هذا الغادر والثأرلصاحبهم .
    ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السكوت على هذا الأمر سيضعف من هيبة المسلمين وسيعرض رسلهم للخطر وهوانهم على الناس ،وحتى لا يتجرأ ملك أو أمير على مثل مافعل شرحبيل بن عمرو الغساني أمير البلقاء.
    اتخذ الرسول الله صلى الله عليه وسلم قراره بإعداد الجيش ليتوجه الى مؤته ولتبدأ أحداث واحدة من أعظم المعارك في تاريخ الاسلام
    فإلى هناك معا ولكن في المقال القادم بإذن الله.
    ودمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله

  2. #2

    افتراضي

    غزوةمؤته (2)

    *إختيار أمراء الجيش*

    وفي يوم جمعة من شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة اجتمع على مشارف المدينة قرابة الثلاثة الاف مقاتل يتجهزون للخروج إلى مؤتة ولم يتبق إلا تعيين قائد للجيش وإعطاء التعليمات والأوامر لتبدأغزوة مؤتة، وعن سبب تسميتها غزوة وليست سرية ...مع أن علماء السيرة أطلقوا على المعارك التي شارك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه اسم الغزوة وعلى المعارك التي يرسلها بقيادة أحد أصحابه اسم سرية....وكانت السرية قليلة العدد تبدأ من 4 أفراد أو أكثر و تكون بقيادة صحابي ولا يشارك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه في هذه المعركة كان جيش المسلمين أضخم جيش أعده المسلمون من حيث العدد ولأول مرة سيخرج المسلمون للقتال خارج الجزيرة العربية حيث تكون (مؤتة ) وهي تقع في الكرك إحدى مدن المملكة الأردنية الهاشمية ولأهمية هذه المعركة الشديدة اطلقوا عليها اسم الغزوة ....وهنايحضرني ماقاله الشيخ الشعراوي رضوان الله عليه وهو يتحدث عن سبب تسميتها بالغزوة فكان مما قاله الشيخ رحمه الله عليه: أن الله تعالى زوى الأرض لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يشاهد المعركة وهو في المدينة المنورة وينقل للصحابة وقائعها ونعى لهم إستشهاد قادتها فيكون بذلك قد شارك فيها وشاهدها....
    وقبل إعلان اسم قائد الجيش وأميره ، نقول أولا أن حروب هذه الفترة كانت تنتهي فورا بمقتل قائد الجيش أو فراره أو عند وقوعه في الأسر و عندها ينهزم الجيش ويلوذ بالفرار ومثل هذا حدث يوم أحد حين أشاعت قريش مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعركة فخرج من المعركة معظم الجيش ولم يثبت إلا القليل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    لذلك تجلت حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يجعل على الجيش ثلاثة أمراء على التوالي يخلف أحدهم الآخر فيبقى للجيش مهما انقلبت الأحداث أمير وقائد مادامت المعركة قائمة. ويلتف المسلمون حول قائد لهم وإن تغير اسمه فيحفظ بذلك للجيش تماسكه وللجنود معنوياتهم العسكرية فلا يفت استشهاد قائدهم في عضدهم لأنهم يعلمون أن لهم قائدا ثانيا بل و ثالثا.... وهكذا كان قرار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسباب النصر في هذه الغزوة. فقام رسول الله بتعيين زيد بن حارثة أميرا فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب فإن أُصيب فعبد الله بن رواحه، ثلاثة من خير فرسان المسلمين وقادتهم ومن خيرة أصحاب رسول الله.
    وهنا نتوقف بكم قليلا أمام هذا الاختيار وأمام هذا الترتيب .
    أما عن الاختيار فنجد سيدنا زيد بن حارثة وقد تولى قيادة أكثر من سرية قبل ذلك وأبلى معها البلاء الحسن وقد شهد المشاهد جميعها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمسلمون يعرفون له قدرته العسكرية وحكمته في القيادة .
    وأما سيدنا جعفر بن أبي طالب فهو قائد هجرة الحبشة وابن عم الرسول وهو من تحمل الأهوال في سبيل الدعوة خلال عشر سنوات قضاها في الحبشة.
    ثم نأتي إلى سيدنا عبد الله بن رواحة وهو واحد من أقدم الأنصار إسلاما فقد كان من النقباء يوم بيعة العقبة الأولى وهو المُقدَم في المدينة قبل الإسلام وبعده..
    وهكذا يكون اختيار رسول الله لقادة جيش سيخرج بعيدا عن المدينة بهذا العدد الكبير اختيارا عبقريا .
    ونأتي للترتيب وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل زيد بن حارثة أميرا قبل جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل ابن رواحه السيد في الانصار والمقدم عندهم ولكن إذا نظرنا إلى سيرة سيدنا زيد كمقاتل وكقائد سنجد أنه تولى قيادة أكثر من سرية قبل ذلك كما ذكرنا كما أنه لم يفارق رسول الله صلى عليه وسلم في حل وترحال أبدا ،وشهد جميع المشاهد معه وشهد له الجميع بحسن قيادته و إمارته لذلك هو الأولى بالإمارة على القرشي الهاشمي وعلى الأنصاري وإن كان يوما سبيا مملوكا ... و لكن أبواق اليهود وسفهاء المنافقين و أصحاب النفوس الضعيفة لا تهدأ وتذهب إلى سيدنا جعفر يقولون له كيف يولي عليك زيد وانت ...وانت؟يفعلون ذلك لإيغار صدره الشريف عليه وإيقاع الفتنة في الجيش قبل أن يتحرك ،
    فيذهب سيدنا جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكلمه في ذلك، فيقول له رسول الله صلى وسلم: امضِ لما أمرك الله ...لما أمرك الله.... كلمة واحدة تخمد فتنة و تحسم الأمر إنه أمر من الله (.وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ 36الأحزاب)
    ويصطف الجيش استعدادا للتحرك ويبدأ المسلمون في توديعهم وهم يقولون :صحبكم الله بالسلامة ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين؛ما أجمله من توديع وما اجملها من دعوة.. ولكن عبد الله بن رواحه كان له رأي آخر ورد آخر على هذا التوديع...فهو لا ينشد العودة سالما وإنما يريد اغتنام الشهادة فأنشد يقول:
    لكنني أسأل الله مغفرة***وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
    أو طعنة بيدي حران مجهزة ***بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
    حتى يُقال إذا مروا على جدثي***يا أرشدا من غازٍ وقد رشدا.
    نعم والله ما أرشده من غازٍ وقد رشدا ..
    ولنتحرك مع الجيش إلى مؤتة ولكن في المقال القادم إن شاء الله تعالى
    دمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله

  3. #3

    افتراضي

    غزوة مؤتة 3

    *تعريف بالأمراء الثلاثة*

    وقبل أن نتحرك مع الجيش إلى مؤتة نتوقف قليلا مع هؤلاء القادة الثلاثة نتعرف عليهم وعلى بعض سيرتهم .
    أما عن سيدنا زيد فهو زيد بن حارثة بن شرحبيل(شراحيل في بعض التراجم) خرجت به أمه يوما لزيارة أقاربها فتعرضت القافلة التي كانت بها لقطاع الطريق فوقع زيد في السبي وأخذوه فباعوه في أسواق مكة ، اشتراه حكيم بن حزام بن خويلد لعمته السيدة خديجة التي وهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم -وكان ذلك قبل البعثه_ فتبناه سيدنا رسول الله وأعلن أن زيداً هذا ابنه يرثه ويورثه ..وظل هكذا ينادونه زيد بن محمد حتى نزلت الآيات من سورة الاحزاب(.5:4 )( 40:37 )
    التي شرُف فيها سيدنا زيد أيما شرف بذكر اسمه صريحا في كتابه الكريم وكذلك حرمت الآيات التبني حراما إلى الأبد وفي الآيات تجد قصة زواجه من السيدة زينب بنت جحش وطلاقه منها وتزويجها إلى رسول الله لتكون أما للمؤمنين ويكون إبطال التبني قد تم بصورة عملية واقعية مشهودة.( راجع تفسير الآيات في كتب التفسير تجد القصة مبسوطة فيها)
    وقد كان سيدنا زيد من أوائل من أسلم مع السيدة خديجة وسيدنا علي بن ابي طالب إذ كان يعيش في بيت وكفالة رسول الله ... ولم يترك سيدنا زيد رسول الله في مشهد أو موقف قط وكان الوحيد الذي صاحبه في رحلته إلى الطائف . وقد كان رسول الله صلى عليه وسلم لا يرسل سرية فيها زيد إلا و جعله أميرا عليها ...وقد اختاره رسول الله زوجا للسيدة أم كلثوم بنت عقبة مفضلا إياه على الزبير وعبد الرحمن بن عوف وقد تقدما إليها معه.
    وهكذا جمع الله لسيدنا زيد بن حارثة من الفضائل ما لم يجمعها لغيره من الصحابة فهو الصحابي الوحيد الذي جاء اسمه صريحا في كتاب الله ،ليكون اسمه رضوان الله تعالى عليه قرآنا يُتلى .
    وناله كذلك شرف أن يكون ربيبا في حجر رسول الله وفي بيته الشريف....فهو السابق إلى الإسلام وهو المهاجر وهو البدري وهو من بايع بيعة الرضوان ومن شهد المشاهد جميعا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مؤتة التي لقي الله فيها شهيدا... وهو من أهل الجنة صراحة بنص حديث رسول الله.
    فسلام على سيدنا زيد بن حارثه بن شرحبيل ورضوان الله تعالى عليه
    أما عن سيدنا جعفر بن أبي طالب فهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكبر من سيدنا علي بعشر سنوات تقريبا وهو صاحب الهجرتين قضى في الحبشه مع أصحابه 10 سنوات كان فيها القائد والمعلم لإخوانه المسلمين والمدافع عن دين الله بالعلم والحكمة .. وقد كان سلام الله عليه أشبه الناس برسول الله صلى عليه وسلم خَلقا وخُلقا كما ورد في الحديث ...وقد فرح رسول الله صلى عليه وسلم بقدومه إلى المدينة فرحا شديدا فقد قال له و هو يعانقه: ما أدري بأيهم أنا أشد فرحا بقدوم جعفر أم بفتح خيبر. فقد وافق قدومه رجوع المسلمين بعد الانتصار على اليهود وفتح حصن خيبر الحصين..
    وقد كان خير الناس للمساكين وقال عنه سيدنا أبو هريرة كما يروي لنا الترمذي والنسائي: ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ولا وطئء التراب بعد الرسول صلى وسلم أفضل من جعفر بن أبي طالب..
    فسلام الله على سيدنا جعفر الطيار ورضوان الله تعالى عليه
    وإلى القائد الثالث فى هذا المشهد العظيم سيدنا عبدالله بن رواحه.
    فهو عبدالله بن رواحه بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري من شعراء الرسول صل الله عليه وسلم ومن كتاب الوحي.
    وكان في النقباء يوم العقبة الأولى فهو من أوائل من أسلم من الانصار
    وهو خال سيدنا النعمان بن بشير رضى الله تعالى عنه واخو سيدنا ابو الدرداء لأمه وقد قال فيه أبو الدرداء أعوذ بالله أن ياتي يوم لا أذكر فيه عبدالله بن رواحة كان إذا لقيني مقبلا ضرب بين ثديي وإذا لقيني مدبرا ضرب بين كتفي ، ثم يقول يا عويمر اجلس فلنؤمن ساعة. _وعويمر هو اسم ابو الدرداء . فنجلس نذكر الله ما شاء ثم يقول يا عويمر هذه مجالس الإيمان .
    وهكذا كان رضوان الله تعالى عليه يُحب مجالس الذكر التي تتباهي بها الملائكة..
    وقد كان سيدا مطاعا في قومه قبل الإسلام وبعده.
    وكان أول من يخرج للغزوات وآخر من يعود قافلا .
    فسلام الله على سيدنا عبدالله بن رواحه .
    هذه كانت وقفة قصيرة مع هؤلاء الأبطال الثلاثة من أراد الاستزادة فعليه بالاستيعاب لابن عبدالبر وأُسد الغابة لابن الاثير والإصابة لابن حجر وغيرها من كتب التراجم والآن هيا بنا ننطلق مع هؤلاء الأبطال وجنودهم البواسل الصناديد إلى مؤتة ولكن في المقال القادم إن شاء الله تعالى
    دمتم بخير
    أحمد سعيد عبدالله





  4. #4

    افتراضي

    غزوة مؤتة(4)
    *إلى مِعان*
    "المسلم فاعل مرفوع بالعزة".

    وفي صبيحة يوم جمعة من شهر جمادى الثانية في العام الثامن الهجري يتحرك جيش الأمراء بقيادة زيد بن حارثة وبين يديه ساعداه جعفر بن ابي طالب وعبد الله بن رواحة نحو الشام .
    وفي الطريق لا يكف الأمير الشاعر عن إنشاد أشعار الحماسة التي ترفع من همة الجند وتحثهم على القتال لنيل إحدى الحسنيين إما ظهورا وإما شهادة.....
    وكان زيد بن أرقم شابا صغيرا نشأ يتيما في حجر ابن رواحة وكان يركب خلفه في الطريق فلما سمع منه تلك الأشعار فاضت عيناه بالدمع إشفاقا على الرجل الذي رباه(فقد كان ابن رواحة بمكان الأب له)فلما لحظه ابن رواحة مال عليه بالدُرة يخفقه(يضربه) بها ويقول له:ماعليك يالكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع (أنت)بين شعبتي الرحل....أي مايضرك حين ألقى ربي شهيدا وتعود أنت راجعا مع الركب..
    وبعد أيام من السير عبر صحراء لا ترحم ودروب وعرة يصل الجيش إلى منطقة يُقال لها مِعان أو مَعان وهو اسم جبل ومنطقة في الأردن .
    وهي أرض تصلح لإقامة معسكر للجيش فيها .
    وقد كان فقد نزل سيدنا زيد بالجيش في معان يعيد ترتيبه وتنظيم صفوفه...
    ولأن المسلم فاعل دوما وهو من يملك المبادرة ...هو من يصنع الأحداث لا هي التي تصنعه... فالمسلم فاعل مرفوع بالعزة ،تلك العزة التي استمدها من عقيدته الراسخة في قلبه رسوخ الجبال ...ولذلك يبدأ سيدنا زيد من فوره من إرسال طلائع للجيش وعيون يجوبون المنطقة التي حولهم يتحسسون أخبار الأعداء ويدرسون أرض المعركة ويتعرفون أخبار القبائل الواقعة تحت حكم ووصاية هرقل ....
    وتصل المعلومات إلى قيادة الجيش ، بقوة الأعداء . فقد اصطف قرابة المائة ألف من القبائل العربية من غسان ولخم وغيرها ومعهم مئة الف أخرى من الروم أرسلهم هرقل ....وهكذا يجد المسلمون أنفسهم وهم في ثلاثة آلاف مقاتل أمام جيش جرار يقارب سبعين ضعفا في عددهم .
    بات المسلمون ليلتين في مِعان يتباحثون بينهم الأمر ويتشاورون ، فريق يرى أن يرسلوا إلى رسول الله بسألونه الرأي إما أن يرسل لهم مددا من المدينة أو يرى فيهم رأيه....
    وفريق يرى المجازفة والتقدم للقتال مهما كانت النتائج..وكلا الفريقين معه حجته .. فالبقاء في معان دون قتال انتظارا للمدد فيه خطورة على معسكر الجيش من هجمات الروم المباغتةوالخاطفة.
    ..والمجازفة بالتقدم للقتال فيه مغامرة كبرى حيث لاتناسب مطلقا بين قوة الجيشين من حيث العدد والعتاد....ولكن وسط هذا التشاور والاختلاف يأتي صوت الأمير الشاعر عبد الله بن رواحة قويا مدويا وهو يقول:
    ياقوم....إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون__أي الشهادة__..
    مانقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ...فانطلقوا ...فإنما هي إحدى الحسنيين ...إما ظهورا وإما شهادة.
    وهكذا حسمت كلمات بن رواحة الأمر وتحمس الناس للقتال وكان القرار هو القتال مهما كانت النتائج..
    غير أن نفرا قليلا آثر العودة إلى المدينة وهم الذين كان أطفال المدينة يحثون في وجوههم التراب ويعيرونهم وهم يقولون يافرار يافرار حتى لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنهم بل هم الكرار إن شاء الله...أما كلام ابن اسحق الذي نقله عنه كثير من المؤرخين أن جيش مؤتة هو من حدث معه ذلك الموقف فكما يقول ابن كثير في البداية والنهاية وَهْم من ابن اسحق تابعه فيه الكثير ممن كتب في السيرة.
    ولنترك مِعان ونتحرك مع الجيش إلى مؤتة لنعرف من وقائعها أنها كما قال عنها رسول الله كانت نصرا وفتحا فإلى هناك ولكن في المقال القادم إن شاء الله تعالى.
    دمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله

  5. #5

    افتراضي

    غزوة مؤتة 5

    *إنما نُنصر بهذا الدين*

    يرتب سيدنا زيد صفوف الجيش ويضع سيدنا قطبة بن قتادة العذري على الميمنة وسيدنا عباية بن مالك الأنصاري على الميسرة .
    وينظر جند المسلمين إلى جيش الروم ومن معهم من قبائل العرب ليروا جيشا لم يروا قبله لا في عدده ولا عدته...وقد هال أبو هريرة مارأى حتى قال:لقد رأينا مالا قِبَل لنا به من العدة والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب فبرق بصري....فقال لي ثابت بن أقرم: ياأبا هريرة كأنك ترى جموعا كثيرة؟.
    قلت:نعم
    فقال ثابت:إنك لم تشهد بدرا معنا إنا لم نُنصر بالكثرة....
    وفي أول أيام المعركة يحقق سيدنا زيد عنصر المفاجأة للعدو فيبدأ بالهجوم فتُحدث المفاجأة وقعها فما كان يدور في خلد قادة الروم ولا جندهم أن هذه الفئة القليلة العدد والعتاد سيملكون المبادرة ويبدؤون بالهجوم فأخذتهم الدهشة حين رأوا جند الإسلام ينقضون عليهم ببسالة منقطعة النظير تدفعهم عقيدة إيمانية راسخة أن النصر من عند الله مهما ضعفت أو قلت الأسباب....
    أمام هذا الهجوم الفدائي من المسلمين أنزل الله الرعب في قلوب العدو فتقهقرت بعض فرقهم وانكشفت ووقع فيهم القتل حتى انقضى ذلك اليوم دون أن يخسر المسلمون فارسا واحدا ولا فرسا
    ...
    بل سقط في صفوف الروم ومن معهم من العرب الكثير من القتلى .
    ويدخل الليل ويعيد سيدنا زيد ترتيب الصفوف ويستريح الجند قليلا ليأتي اليوم الثاني فيعيد عليهم الكرة ويبدأهم بالهجوم فتزداد دهشتهم ويتملكهم الرعب من هؤلاء الجند الذين يفرون إلى الموت فرار عدوهم منه وكيف لا وفيهم من أهل بدر ...وفيهم أهل بيعة الرضوان ...أولئك الذين اشترى الله منهم انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة...فعن الجنة هم يبحثون وإليها يفرون...
    وينقضي اليوم الثاني من المعركة كسابقه وبدأت ملامح هزيمة كبرى تلوح في الأفق في عين قادة الروم ومواليهم فقرروا في اليوم الثالث أن يستعدوا ليكونوا هم البادئ بالقتال وأن يمتلكوا هم المبادرة ..
    فقاموا بالدفع بجميع فرقهم في هذا اليوم وشنوا هجوما عنيفا على جيش المسلمين ولكن المسلمين صمدوا امام هذا الهجوم وتماسكوا وكان يوما عصيبا يتقدم فيه سيدنا زيد الصفوف حاملا راية المسلمين وشاط رضوان الله عليه وهو على فرسه في جند الروم بسيفه، وسيوفهم ورماحهم تلاحقه من كل جانب حتى رزقه الله الشهادة وقد صدق ماعاهد الله عليه ....
    ولكن راية المسلمين لاتسقط وهنا تنجلي لنا حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتأثر الجيش باستشهاد سيدنا زيد فقد امسك بالراية سيدنا جعفر القائد الثاني للجيش فاحتفظ الجيش بتماسكه وقوته ...ويشتد القتال ضراوة فلن يسمح الروم لجيش هكذا قادم من الصحراء أن يلحق بهم الهزيمة ..فدفعوا بجميع قواتهم للقتال والمسلمون صامدون يتقدمون ولا يتقهقرون وسيدنا جعفر يقود المعركة وهو يقاتل على ظهر فرسه حتى أحاط به جند الأعداء من كل جانب، فنزل عن فرسه وعقرها حتى لا تقع غنيمة في يد الروم وظل يقاتل وهو على قدميه والسيوف والرماح تنهال عليه _ففي عقيدة الحروب القديمة نهاية المعركة بهزيمة الجيش حين يُقتل حامل الراية والقائد_ قُطعت يد سيدنا جعفر اليمنى فأمسك الراية بيده اليسرى فقُطعت أيضا، فاحتضنها بعضديه حتى لا تسقط ويقوم رجل من الروم بضربه ضربة بالسيف قسمت جسده نصفين ليرزقه الله الشهادة، ويلقى الله وقد صدق ماعاهد الله عليه وليكون له في الجنة جناحين يطير بهما في أرجاء الجنة حيث شاء .وحين حملوا جسده الشريف وجدوا فيه أكثر من خمسين جرحا مابين ضربة سيف وطعنةرمح ...
    فسلام الله على سيدنا جعفر بن أبي طالب ....
    ويأخذ الراية سيدنا عبدالله بن رواحة ويبدأ في قيادة الجيش والنهار قد قارب على الرحيل ولكن المعركة تشتد وتشتد ويقبل ابن عم لسيدنا عبد الله بن رواحة بقطعة من اللحم يقدمها له ولكن.....دعونا نكمل بقية هذا اليوم العصيب على المسلمين في المقال القادم إن شاء الله تعالى....
    ودمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله





  6. #6

    افتراضي

    غزوة مؤتة 6

    *الرجل المناسب في المكان المناسب"

    يرى الرجل ما حل بابن رواحة من جهد وتعب وأنه لم يتذوق طعاما منذ بدء المعركة فيقدم له قطعة من اللحم و هو يقول له:أُشدد بها صلبك فإنك قد لقيت في أيامك مالقيت.
    فيأخذها ابن رواحة ويهم بوضعها في فمه يقضم منها قضمة حتى تعالت أصوات السيوف من حوله والموت يحيط به من كل جانب فألقاها من يده قائلا لنفسه:وأنت في الدنيا؟؟؟فكيف ينتظر رحيق الجنة حتى يأكل قطعة اللحم ...وكأني بذلك الصحابي الجليل شهيد بدر سيدنا عُمير بن الحمام وقد سمع رسول الله يُبشر من يُقتل في سبيل الله بالجنة وفي يده تمرات يتقوى بهن فيلقي بهن ويدخل المعركة يقاتل في سبيل الله وكأنه يتعجل دخول الجنة فيصدقه الله وينال الشهادة رضوان الله تعالى عنه....ياله من يقين ...
    وهكذا فعل ابن رواحة حين ألقى بقطعة اللحم من فمه وأنشد يقول:
    يانفس إن لاتُقتلي تموتي
    هذا حمام الموت قد صُليتِ
    وما تمنيت فقد أُعطيتِ
    إن تفعلي فعلهما فقد هُديتِ
    يقصد صاحبيه زيد وجعفر رضوان الله عليهم أجمعين....
    ويظل ابن رواحة يقاتل جنديا وقائدا وحاملا للراية حتى يُحاط به وينال كصاحبيه الشهادة .
    وهنا نعود إلى حديث رسول الله وهو يعين قادة الجيش الثلاثة زيدا، فإن أصيب فجعفر وإن أصيب فعبد الله بن رواحة . وهاهم الثلاثة قد أكرمهم الله بالشهادة في سبيله
    ولكن راية المسلمين لا تسقط أبدا.
    ..فقد أسرع سيدنا ثابت بن أقرم إليها يتلقفها ويحملها عالية خفاقة وبدأت شمس هذا اليوم العصيب بالغروب ليتوقف الجيشين عن القتال ويلملم كل منهما جراحه .
    يجتمع القوم وقد أخذ الراية ثابت بن أقرم ويقول لهم : اصطلحوا على رجل منكم يحمل الراية ويقود الجيش فيقول القوم:أنت أنت....
    ولمَ لا وهو الفارس البدري الذي شهد المشاهد كلها مع رسول الله.
    ثابت بن أقرم بن ثعلبة البلوي أكبرهم سنا وأسبقهم إسلاما وقد جعله رسول الله قائدا لبعض السرايا...
    فهو حقيق بإمارة الجيش وأهل لذلك....
    ولكن الرجل كما يضرب لنا المثل في الشجاعة والفروسية وسرعة التحرك لحمل الراية عن ابن رواحة ،يضرب لنا أروع المثل في إيثار الفرد أمته على نفسه فهاهو يرفض تولي القيادة ليس عن نقص ولا عيب ولكن بحثا عن الأجدر بها و يبحث في وجوه القوم حتى يجد
    خالد بن الوليد فيدفع اليه بالراية
    فيقول له خالد: أنت أحق مني بها فأنت أسن مني وأقدم إسلاما لكن ثابت يقول
    خذها يارجل فوالله ماحملتها إلا لأدفعها إليك....
    وهكذا يتولى قيادة الجيش رجل لم يمض على إسلامه غير ثلاثة أشهر فقط وهذا أول مشهد له مع المسلمين
    ولكنه الإسلام الذي يعرف للناس أقدارها
    فسيدنا ثابت يعرف قدرة خالد وعبقريته العسكرية فهو الأولى والأقدر في هذا الموقف العصيب....
    ويصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو يصف لهم وقائع المعركة وهو جالس بينهم في المدينة المنورة فيقول :
    ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه.
    ومثل ما وضع رسول الله سيدنا عمرو بن العاص أميرا على جيش فيه أبي بكر وعمر وأبي عبيدة .
    ومثل ما جعل سيدنا أسامة بن زيد ابن السبعة عشر ربيعا قائدا على جيش من المهاجرين والأنصار
    يضع الإسلام قاعدة رئيسة في بناء الأمم أن تكون الولاية للأصلح
    لا للمتغلب ولا للقريب ولا للصاحب...وكان سيدنا خالد بن الوليد هو السيف الذي استله الله على أعداء الدين والأمة وكانت على يديه غزوة مؤتة نصرا وفتحا....فهيا بنا إلى خالد بن الوليد وكيف انتهت معه المعركة....ولكن في المقال القادم إن شاء الله تعالى.
    ودمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله

  7. #7

    افتراضي

    غزوةمؤتة (7)

    *سيف الله المسلول*

    ينظر خالد إلى المسلمين وقد أجهدهم القتال واستشهد منهم 12شهيدا منهم قادة الجيش الثلاثة ..فقد كان يوما عصيبا وشاقا..وهاهو يتولى مسئولية القيادة بترشيح من ثابت بن أقرم ورضا تام من المسلمين ..
    فبدأ يفكر في كيفية الخروج من هذه المعركة بجيش المسلمين سالما غانما ولا يعطي الفرصة لجحافل الروم ومواليهم العرب أن ينالوا منهم شيئا ...
    فقام بإعطاء أوامره لمجموعة من الفرسان أن يذهبوا بعيدا فوق التلال والآكام ثم قام بتغيير ترتيب الجيش فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة ومقدمة الجيش في الخلف وجاء بالمؤخرة وجعلها مقدمة وهكذا ، ثم أمر الجند أن يستثيروا الخيل طوال الليل بالصهيل وإثارة الغبار ...وهكذا ما إن أشرقت شمس ذلك اليوم حتى رأى الأعداء جيشا غير الذي كان يقاتلهم، ومع سماع الجلبة طوال الليل أيقنت الروم أن مددا عظيما قد جاء من المدينة فانتابهم الهلع والرعب فهم لم يكونوا قادرين على تحقيق نصر حاسم على المسلمين وهم بهذا العدد القليل فكيف بهم وقد جاءهم مدد من المدينة....فوقفوا مكانهم خشية التقدم في الوقت الذي ظل خالد يتحاشى القتال المباشر ويبتعد إلى الخلف ببطء ولم تمضِ ساعة حتى تحركت مجموعة الفرسان التي فوق الآكام مقبلة على الجيش في صياح وتكبير وجلبة شديدة والهتاف الله أكبر يصم آذان الروم ومن معهم من العرب .. وهنا أيقن الروم أن ميزان المعركة قد تغير فبدأت ضراوة القتال تهدأ قليلا ...
    ثم أخذ سيدنا خالد في مناوشتهم والهجوم عليهم ببعض فرق الجيش ولكن دون التقدم في صفوفهم ...
    وفي اليوم الأخير من المعركة بدأ خالد في إعطاء الأوامر لجيشه بالتراجع للخلف دون أن يعطوا ظهورهم للعدو . وتتباعد المسافة بين صفوف الجيشين ، والروم في حيرة من أمرهم يخشون التقدم بالهجوم فهم يخشون من ذلك المدد القادم من المدينة (بفضل خدعة سيدنا خالد العبقرية)ويزداد تراجع خالد بجيشه في نظام بديع محكم دون أن ترتبك صفوف المسلمين أو تتبعثر ....حتى ابتعد خالد بجيشه في جوف الصحراء وقادة الروم يقفون مكانهم موقنين أنها مكيدة من خالد وأنه يريد استدراجهم إلى قلب الصحراء ... ويظلوا في أماكنهم مشدوهين ...يكتفون بلملمة جراحهم ودفن قتلاهم..
    وهكذا حتى غادر جيش المسلمين كاملا أرض المعركة بعد أن لقن الروم والعرب الموالين لهم درسا عمليا واقعيا تغيرت معه موازين القوى.
    فكيف يصمد جيش قوامه ثلاثة آلاف رجل قادمين من صحراء بعيدة أمام جيش قوامه سبعين ضعفا في العدد إضافة إلى ما يملكه من مال وسلاح وهو يقاتل على أرضه وخلفه كل مايريده الجيش من جند ومؤن؟!!....ولا يصمد فقط بل يقاتل ويوقع بهم خسائر عظيمة فقد استطاع المسلمون أن يوقعوا بهم أ كثر من ثلاثة آلاف من القتلى هذا غير ماتمكن منه فرسان المسلمين من استلاب ماقدروا عليه من ثياب وسلاح بعض القتلى منهم ..في الوقت الذي لم يقع من المسلمين غير 12شهيدا فقط هم سادتنا رضوان الله تعالى عليهم: زيد بن حارثة// جعفر بن أبي طالب// عبدالله بن رواحه// مسعود بن الأسود// وهب بن سعد// عبادة بن قيس// عمر بن سعد// الحارث بن النعمان// سراقة بن عمرو// أبو كلاب بن أبي صعصعة// جابر بن أبي صعصعة// عامر بن سعد .فهنيئا لهم الجنة أحياء عند ربهم يُرزقون....وهم في سعادة أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عنهم :وما سرهم أنهم بينكم الآن. وكيف لهم السرور في الدنيا وهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
    وهكذا كانت مؤتة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرا وفتحا حين قال لأصحابه: ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله على يديه...

    فسلام على سيدنا زيد بن حارثة....
    وسلام على سيدنا جعفر بن أبي طالب...
    وسلام على سيدنا عبد الله بن رواحة....
    وسلام على سيدنا ثابت بن أقرم
    وسلام على سيدنا خالد بن الوليد ....
    وسلام على شهداء مؤتة ...
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته لكم مني جزيل الشكر والعرفان على حُسن المتابعة ..
    ودمتم بخير
    أحمد سعيد عبد الله
    30 -10 - 2021 م




معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء