السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد كان لمنتدانا المبارك وسلسلة التوحيد العملى بقسم العقيده , الاثر والدافع والنواه لتأليف كتاب " رحيق البلاء " وبفضل الله وتوفيقة صدر الكتاب وقامت بطباعته وتوزيعه وعرضة بمعرض الكتاب جريدة الاهرام
واليكم مقدمة الكتاب .
المقدمة
الحمد لله صاحب المنن، حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، حمدًا ملءَ السماوات وملءَ الأرض وملءَ ما شاء من شيءٍ بعد .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ وعلى أهله وصحبه وسلم.
رحيق البلاء كتاب يتناول أهم قضية للإنسان خلقه الله من أجلها، قال تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا"، وقال: " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا"، وقال لرسوله ﷺ: "إني مبْتَليك ومُبْتَلٍ بك " رواه مسلم.
أما بعد فقد رأيت أن أغلب كتب البلاء وأبوابه في غيرها من الكتب تتناوله موضوعًا؛ فأردت في هذا الكتاب أن أتناول المبتلى موضوعًا؛ بمعنى أن يكون الكلام مع المبتلى مع عقله، بما يدور في فكره ومع قلبه بما يحسه ويؤلمه من مشاعر، ومع نفسه بما يختلجها من هواجس.
ولأنه خلف كل باب مبتلى أردت أن يدخل هذا الكتاب إلى كل باب؛ بأن أجمع للمبتلى وأكفيه كل ما يحتاج البحث عنه في مكان واحد من قرآن وسنة وأقوال علماء الأمة وحكماء الأمم ومواد علمية وبحثية ووعظية، وتجارب المبتلين التي عايشتُها كداعية إلى الله منذ أربعين عامًا.
وقد ضمنت الكتاب موضوعات غير مطروقة، وأبحاث غير مسبوقة مثل بحث المال وألوهيته، وحصره في القرآن بلفظه ومعناه وفحواه، وكونه أحد محاور القرآن الثلاثة والابتلاء به، وبحث الشيطان وأُلوهيته، والابتلاء بأربعة وأربعين عملًا من أعماله، وبحث محراب العقل ومحراب القلب، وحصر أكثر من مائة وستة وخمسين عملًا من أعمال القلب، وحصر مائة وخمسة وسبعين بلاءً مستقاة من الأحاديث، واثنتى عشرة وظيفة للملائكة معك في الابتلاء، وعشرين صفة للهوى، وخمسين طريقًا للتخلص من الهوى، وسبعين بابًا للمال، وسبعة قوانين للمال في القرآن وبحث الإنسان والمال في القرآن، وبحث مكونات الإنسان الأساسية، والصراعات والتحالفات المختلفة بين عقله وقلبه ونفسه وروحه وجسده والشيطان أثناء البلاء، وغيرها من الأبحاث، وموضوع الإيمان العملي باعتباره أساسًا علميًا وتطبيقًا عمليًا؛ لمواجهة الابتلاء بتصحيح العقيدة، وتقوية الإيمان من خلال عدة فصول بحثية ودعوية عميقة كتبتُها في سنوات، وتم نشرها في جريدة الرأى الكويتية على مدار خمس سنوات .. وكلنا أملٌ أن يحظى القارئ فيه بحصيلة علميـة بحثية وترقية ورفعة إيمانية ويقين وتوازن بين نوازع النفس والعقل والقلب.
والبداية تمهيد يعرض حوارًا مع النفس بعد قصة ابتلاء حقيقية، وهو حوار كل إنسان مع نفسه وسؤاله: هل ما حدث له ابتلاء أم عقوبة؟ .
وقد قسمت الكتاب الى ثلاثة أبواب لكل باب عدة فصول على النحو التالي:
الباب الأول بعنوان: "فصول الأصول"، وفيه ما يحتاجه المبتلى من الإيمان والعقيدة والآيات والاحاديث وأقوال العلماء والحكم ؛بدأت بصنم القرن الأعظم .. ثم عندما سقطت الأسباب وركعت الألباب، ثم فصول بناء الإيمان بسؤال لنفسك: أي الايمان إيمانك؟ .. وعرض سبع صفات وسبعة أنواع للإيمان، وأيُّ الآلهة إلهُك ؟ وعرض عشرة آلهة، وفصل بومضة عن جلال الله تعالى، ثم أعمال الملائكة للمبتلى .
وأتابع بفصول الآلهة والوقوع في عبوديتها؛ أُلوهية المال، وأُلوهية البشر، وأُلوهية الهوى وأُلوهية الشيطان، ثم ثلاثة فصول محورية مع عقلك وقلبك ونفسك، مع ابتلاء محراب العقل، وابتلاء محراب القلب، وتفسير التدبير .
ثم ثمرة إيمانية بفصل: "إلهي لك ركعت"، ثم فصول الآيات والأحاديث وعناوين محفورة، وقد تم اختيارها بفكر وتجربة وجمع لأنواع الابتلاءات المختلفة لتكون وردًا لكل مبتلى؛ يرجع اليه دوما في كل ما يعانيه ويعنيه.
أما الباب الثاني فيأتي بعنوان: "فصول الوصول"، ويتضمن الموضوعات التي يتخطى بها المبتلى بلاءه؛ ليصل الى نهايته ويجنى ثمرته، وتضمن الباب فصول : الثبات – البلاء والصبر – نعمة الرضا – خواطر البلاء – الأنبياء ومائة وخمسة وسبعون نوعًا من البلاء – ولاية الله والدعاء – جزاء البلاء - كيف تصنع من حزنك طريقًا للسعادة؟ – أدواء البلاء وبه ستة عشر دواءً – نهاية البلاء – حب الله للإنسان.
والباب الثالث : " فصول الفضول " ويعالج فضول المبتلى العلمي والعقلي والنفسي .. فصل عن القدر وفيه ثلاث مسائل وأربعة محاذير وفصل عن الحكمة وفيه إحدى وعشرون حكمة وأحد عشر أصلاً، وفصل ابتلاء الصراع بين العقل والقلب والنفس والجسد والروح والشيطان، وفيه ثلاثة مواضيع بحثية، وعرض لثلاثة صراعات من القرآن، ثم فصل الرحمة وفيه عشرون وجهًا للرحمة، وكل فصل من الفصول بالأبواب مقسم لموضوعات، وبعضها مقسم إلى فرعيات، ثم الختام والمراجع .
وأردت بهذا الكتاب أن يكون شفيعًا لي في قبري وأمام ربى، وأن يكون نفعًا للمسلمين خاصة والناس عامة، ودعوة الى الله ودينه وبلاغًا عن رسوله ﷺ وإحياءً لعلم وذكر علماء الامة الذين أنقل عنهم ،
وأسال الله تعالى التوفيق لذلك، وأدعوه أن يكون منه توفيقاً وبه استعانةً وله إخلاصاً.
وأخيرًا فمن وجد من إخواني فيه خيرا فلينفع به، ومن وجد خطأً فليصلحه وليجبره ليتمم النفع به .
عبد الحميد طنطاوي
Ama_ce@hotmail.com

الكويت في 07-03-1443هـ الموافق 12-11-2021 م