مثل المشكاة في سورة النور
قال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّى يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
النور الذي يُضرب له المثل في الآية هو نور الهدى الذي يهدي به اللهُ، وليس النور الذي هو صفة ذاتية لله. والدليل على ذلك قوله: يهدي الله لنوره من يشاء. أي أن الله يوفق من يشاء لاتباع الهدى الذي أرسل به رسله.
والمشكاة هي الكوة غير النافذة في الحائط والتي توضع فيها المصابيح. والمصباح هو الفتيل الذي يتقد فيشع ضوءا بعد أن يتشرب الوقود -الزيت في هذه الحالة - و تضرم فيه النار.
والزجاجة هي الغلاف الزجاجي الذي يحيط بالفتيل من الخارج. وفائدة الكوة و الزجاج هي أن يعمل المصباح بالكفاءة القصوى بحيث تبلغ نسبة كمية الضوء الصادرة -أو ما يسمى الفيض الضوئي- إلى الطاقة المستهلكة الحد الأقصى.
وشبَّه الزجاجة المحيطة بالمصباح بالكوكب الدري لشدة لمعانها حيث تبدو و الضوء يسطع من خلالها كمثل كوكب يتلألأ في السماء كالدرة وهي اللؤلؤة الكبيرة.
وقوله: يوقد من شجرة زيتونة. أي يوقد من زيت شجرة زيتون ذلك أن زيت الزيتون كان يستصبح به كما كان يستصبح بالكيروسين قبل اكتشاف الكهرباء.
وقوله: لا شرقية ولا غربية. أي أنها لا يظلها شيء لا جبل ولا غيره بحيث تصيبها أشعة الشمس طوال اليوم، إما إن كانت إلى الشرق أو إلى الغرب مما يظلها فلن تصيبها الشمس طوال اليوم.
وقد أسفرت الأبحاث عن أهمية الضوء بالنسبة لجودة زيت الزيتون حيث ذكر هذا البحث الصادر بتاريخ مايو 2012 بالمعرف الرقمي DOI:10.17660/ActaHortic.2012.949.35 أن كمية ضوء الشمس الذي يتعرض لها شجر الزيتون تتناسب طرديا مع وزن ثمرة الزيتون ونسبة الزيت فيها فيها فضلا عن محتوى الزيت من مركبات الفينول المضادة للأكسدة وكذلك جودة الخواص الحسية للزيت كالمذاق والملمس والرائحة و النقاء أو اللمعان ولذلك نبه البحث على أهمية أن يُراعي أثناء إنشاء بساتين أشجار الزيتون أن تضاء بشكل جيد جذوع وأغصان أشجار الزيتون وأوراقها وثمارها على نحو متجانس.
ولذلك قال تعالى: يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار. أي لشدة لمعان الزيت
والمعنى العام للآيات هو أن نور هداه عز وجل هو الغاية في السطوع و التلألؤ كما هو حال الضوء الصادر من مصباح في زجاجة في كوة يوقد من زيت شجرة زيتون يصيبها ضوء الشمس طوال اليوم فيصبح أجود الزيوت ويصبح هذا الضوء أزهي وأسطع ما يمكن.