تحدثت في مقال سابق عن دور الجبال البحرية subducting seamounts في منع الزلال العنيفة megathrust earthquakes وذكرت أن تلاقى الألواح الحاملة للمحيطات، الأكثر كثافة، مع الألواح القارية ينتج عنه انزلاق الأقل كثافة منهما فوق الآخر و قد ينشأ عن هذه العلمية نتيجة الاحتكاك بين سطحى اللوحين توتر يتصاعد و يختزن ثم يتم تفريغه فجأة ما ينشأ عنه انزلاق اللوح بشكل عنيف و من ثم زلازل مدمرة كالتى يصدر عنها ظاهرة التسونامى .
و تتميز طوبوغرافيا الألواح الحاملة للمحيطات بوجود ملمح هام وهو الجبال البحرية و التى يبلغ ارتفاعها عدة كيلو مترات وعندما يتحرك قاع المحيط نتيحة حركة الالواح التكتونية حاملا معه تلك الجبال الى نقاط التلاقى مع حواف الالواح القارية فإن هذه الجبال يكون لها دور هام فى منع حدوث الزلازل الهائلة سالفة الذكر من خلال احداث شبكة معقدة من التصدعات فى حواف اللوح القارى نتيجة احتكاك قمم تلك الجبال بالحواف و الأسطح السفلية للألواح القارية و تشير الابحاث** إلى أن تجزئة الأسطح و الحواف على هذا النحو تحول دون وقوع تلك الزلازل المدمرة.
و يتضح من ذلك أن تصور أن للجبال دور فى منع اضطراب الأرض بمن عليها على أقل تقدير ليس بعيدا عن الصواب و له وجاهته ولعل البحوث العلمية فى المستقبل تكشف عن المزيد من الدور الذى تلعبه الجبال فى حفظ توازن القشرة الأرضية و التقليل من اضطراباتها.
وها قد وقفت على آلية أخرى تساهم بها الجبال في تقليل آثار الزلازل التي تنشأ في مناطق التصدع في القشرة الأرضية حيث تلتقي الألواح التكتونية. ففي الدراسة بالمعرف الرقمي doi: 10.1785/0120070040 أسفرت الأبحاث عن أن الجبال تكون عازلا طبيعيا يقلل بدرجة كبيرة تصل نحو 50% من شدة الزلازل إذا كانت السلسة الجبلية بين الصدع وبين المنطقة التي تنتشر إليها الموجات الاهتزازية كما هو الحال في صدع سان أندرياس غرب الولايات المتحدة حيث تقف سلسلة جبال سان جبرييل كدرع طبيعي لمدينة لوس أنجلوس ضد الزلازل التي تنشأ في صدع سان أندرياس و صحراء موهافي. وذكر الباحثون أن هذه النتائج يمكن تعميمها على كل الظروف المشابهة. فعلى سبيل المثال فإن سلسلة جبال السروات التي تمتد على ساحل البحر الأحمر هي درع طبيعي لمنطقة غرب الجزيرة العربية ضد الزلازل التي تنشأ في صدع البحر الأحمر.