للماء الدافق أنواع، وفقط الماء الدافق للخصية والمبيض يخرج من الصلب والترائب
لنفهم قول الله (فلينظر الإنسان مما خُلق. خُلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب)، لابد من معرفة أنواع الماء الخارج من الأجهزة التناسلية للرجال والنساء، فبعضها غير دافق، والباقي دافق، وليس كل ماء دافق يُخلق منه الإنسان، فقط الماء الدافق للخصية والمبيض، لأن بهما الأمشاج (الحوين والبويضة)، أما باقي السوائل الدافقة (ماء البروستاتا الذكرية والأنثوية، والحوصلة المنوية)، فلا يُخلق منها الإنسان. وقد أشار القرآن بدقة للماء الدافق للخصية والمبيض بطريقة رائعة حين استعمل #الأصل #الجنيني للتفريق، فماء الخصية والمبيض هو الماء الدافق الوحيد الذي ينشأ جنينيا من الصلب (الظهر)، والترائب (موضع القلادة على جدار الجسم الأمامي)، أما باقي السوائل الدافقة فتنشأ من تكوينات جنينية في منطقة الحوض، بعيداً عن مكان نشأة الخصية والمبيض. وهذا الفهم الدقيق سيثبت يقيناً أن الإنسان لا يُخلق من ماء شهوة المرأة (دافق أو غير دافق)، ولكن من الماء الدافق للمبيض، وإليكم التفصيل.
@أنواع ماء الأجهزة التناسلية للرجال والنساء@
١. سوائل تخرج غير دافقة: مثل ماء غدة كوبر عند الرجال (في العضو الذكري)، وماء غدة بارثولين، وماء غدد المهبل والرحم، عند الإناث. وهذه السوائل لها وظائف أخرى غير خلق الولد، مثل الترطيب، وتسهيل إيلاج العضو الذكري للمهبل.
٢. سوائل تخرج دافقة عند الرجال
وهي المعروفة باسم السائل المنوي، والذي يخرج دافقاً من العضو الذكري اثناء الشهوة، وهو يتركب من ثلاثة سوائل، وهي ماء الخصية (٥ %) والذي يحتوي الحيوانات المنوية، وماء الحويصلات المنوية (٦٠ %)، واخيراً ماء البروستاتا. وماء الخصية هو ماء خلق الولد، اما ماء الحوصلة المنوية والبروستاتا، فكلاهما لتغذية الحوين، ومساعدة حركته.
٣. سوائل تخرج دافقة عند النساء
وهي ماء المبيض الذي منه خلق الولد، أو ما يُعرف بالماء الأصفر لحويصلة جراف، وبه البويضة، وهو يخرج دافقاً في تجويف البطن، ومندفعاً نحو قناة التلقيح (فالوب).
وهناك أيضاً ماء البروستاتا الأنثوية أو غدة اسكين (Skene gland)، وهو يخرج دافقاً من المهبل بعد الإستثارة الجنسية القوية أثناء الجماع، وللمزيد عنها أنصح بالآتي:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/32681804/
https://www.mcgill.ca/.../can-women-...te-depends-who...
@أهمية الإنتقال من العام للخاص في الآيات@
لو قال الله (خُلق من ماء)، ولم يذكر دافق، ولا الصلب والترائب، لكان فهم الآية صعب، لأن ماء نكرة، فأي ماء قصده الله، ماء خلق آدم، أم ماء خلق الذرية، وإذا قصد ماء خلق الذرية، فهل قصد السوائل الدافقة ام غير الدافقة؟. فجاءت صفة دافق لتصرف الأذهان عن ماء خلق آدم، وعن السوائل غير الدافقة، وتحصر تفكيرنا في السوائل الدافقة، ولكن لها أنواع كثيرة بعكس ما نظن من أن ماء دافق هو مني الرجال.
واهم فرق بين السوائل الدافقة أن بعضها يدخل في الخلق (ماء الخصية، وماء المبيض)، وبعضها لا يدخل في الخلق (ماء الحوصلة المنوية، وماء البروستاتا الذكرية والأنثوية)، فكيف حدد الله نوع الماء الدافق الذي منه الخلق؟.
والجواب نجده في الإطناب البديع (يخرج من بين الصلب والترائب).
يقول اهل اللغة والبلاغة أن الإطناب زيادة لها فائدة، لأنها مُفسرة لما هو مُبهم في جملة (خُلق من ماء دافق)، فهي التي ستشير بجلاء لماء الخلق الدافق للخصية والمبيض، وتنفي الخلق من باقي أنواع الماء الدافق لأنها لا تخرج من الصلب والترائب، كما سنرى في التوصيف العلمي. ولذا أرى أن ضمير الغائب في (يخرج) يعود لأقرب مذكور، وهو الماء الدافق، وليس للإنسان، وهذا ما رجحه الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير. وأي محاولة لتفسير الخروج من بين الصلب والترائب، بعيداً عن ربطها بأنواع الماء الدافق، هي محاولة غير صحيحة، يظن صاحبها أن آية (خُلق من ماء دافق)، واضحة لا تحتاج لتوضيح.
@زمن خروج الماء الدافق من بين الصلب والترائب@
يبدأ ماء الخصية والمبيض في التدفق بعد سن البلوغ. ولا يعرف الطب أي مصدر لهذا الماء من خارج الخصية والمبيض. وفكرة تكون الماء الدافق في الدماغ أو الأطراف، ثم انتقاله عبر قنوات خاصة عبر الظهر او العمود الفقري، ليصل الى الخصية، هي فكرة غير علمية قالها الفلاسفة قبل الإسلام، وتأثر بها بعض مفسري القرآن، لأنهم ظنوا أن الماء الدافق يخرج من بين صلب وترائب #الإنسان #البالغ ثم ينتقل للخصية، وهو ظن خطأ لم تذكره الآيات، ولا يُعرف طبياً.
ولنا أن نسأل، هل في الآيات ما يشير لزمن خروج الماء الدافق من بين الصلب والترائب؟.
والجواب هو نعم
فتغير الأفعال وتغير زمانها يشير بوضوح لزمن الخروح من بين الصلب والترائب، فالفعل المستخدم لوصف ماء دافق هو (خُلق)، وهو في الماضي، بينما الفعل المستخدم مع الصلب والترائب هو (يخرج)، وهو فعل مضارع.
يقول أهل اللغة والبلاغة أن الفعل المضارع قد يستخدم للدلالة على الماضي، وذلك بخلاف الأصل (الحاضر والمستقبل). ولكي نفهم أن المضارع يدل على الماضي، لابد من قرينة، كأن يكون مسبوق بفعل ماضي. ومثال ذلك في قول الله (#خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها. وانزل لكم من الانعام ثمانية ازواج. #يخلقكم في #بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث).
فبدأ الله الآية بالماضي (خلقكم)، ثم انتقل للمضارع (يخلقكم)، فدل هذا على أن الفعل (يخلقكم) يدل على الماضي، فقال المفسرون ومنهم الطبري أن بداية الخلق في البطون هو النطفة. ونعلم جميعاً أن النطفة تُخلق في المبيض وليس الرحم، فعلمنا يقيناً أن كلمة (بطون) في الآية أدق من كلمة الأرحام، لأن بداية خلق الجنين في المبيض خارج الرحم، وكلاهما في البطن، وللمزيد يمكن قراءة بحث: (إثبات ان ظلمات البطن الثلاث هي المبيض وفالوب، والرحم)
https://m.facebook.com/story.php?sto...00001106033818
وبالمثل فالمضارع (يخرج) في آية الصلب والترائب مسبوق بالفعل الماضي (خُلق)، فدل ذلك على أن هذا الخروج لماء الخلق الدافق تم في الماضي وليس الحاضر، أي في مرحلة ما قبل البلوغ وتدفق ماء الخصية والمبيض.
فهل يعرف العلم مرحلة في ماضي الإنسان يخرج فيها الماء الدافق للخصية والمبيض من الصلب والترائب؟
والجواب هو نعم، حدث ذلك عندما كان الإنسان جنيناً في بطن أمه، وهو كتلة خلوية في حالة خلق وتمايز للأعضاء، وبروز لأعضاء لم تكن موجودة، وانتقال لبعض الأعضاء من مكان لآخر. والمعاني اللغوية لكلمة (يخرج) ستبين لنا سلامة هذا الاستنباط اللغوي لزمن الخروج من بين الصلب والترائب.
@ المعنى اللغوي للفعل يخرج@
بالرجوع لمعاجم اللغة مثل لسان العرب، وكتب المفسرين نجد أن معاني الفعل (يخرج) تدور حول؛
١. الظهور والبروز من الخفاء
٢. الإنتقال من مكان لآخر
٣. الخلق والإيجاد، مثل إخراج النبات من الأرض
٤. تمايز شيء واحد إلى شيئين مختلفين، تقول العرب (أَرْضٌ مُخَرَّجَةٌ أَيْ نَبْتُهَا فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ. وَتَخْرِيجُ الْمَرْتَعَ: أَنْ تَأْكُلَ بَعْضَهُ وَتَتْرُكَ بَعْضَهُ. وَالْخَرَجُ، بِالتَّحْرِيكِ: ان يصير الشيء ذو لَوْنَانِ سَوَادٌ وبياض).
وهذه المعاني كُلها تُستخدم في علم الأجنة لوصف إيجاد أعضاء الجسم من الكتلة الخلوية والتي تكون في بدايتها متجانسة لا تمايز فيها، ثم تتمايز بعض الخلايا ليُخلق عضو معين، فيظهر هذا العضو ويبرز من الخفاء، ثم ينتقل لمكانه النهائي مع تقدم عمر الجنين، فسبحان الله، كلمة واحدة تغني عن عدة مصطلحات علمية.
@الفهم اللغوي للبينية في (من بين)@
١. المعنى الأشهر في لغة العرب وعند المفسرين، (من بين) أي منهما، أي من كل من الصلب والترائب. يقول الطبري (من بين، أي: منهما، كما يُقال: سيخرج من بين هذين الشيئين خير كثير، بمعنى: يخرج منهما).
٢. المعنى الثاني وهو التوسط المكاني بين شيئين، أي في مكان يتوسط بين الصلب والترائب، وهو المعنى الذي شاع حديثاً بين كُتاب الإعجاز العلمي.
@الفهم اللغوي لكلمة الصلب@
اتفق المفسرون وأهل اللغة على أن الصلب هو الظهر، وكل عظم فيه هو صُلب، ولذا يطلق على العمود الفقري من أوله لآخره صُلب، بل وأجاز اهل اللغة اطلاق كلمة صلب على كل جزء من أجزاء العمود الفقري.
@الفهم اللغوي لكلمة الترائب@
الترائب جمع تريبة وتريب، ولها عدة معاني عند المفسرين، ولكن سأكتفي بأصح، وأشهر معنيان في لغة العرب:
١. موضع القلادة، وهو المعنى الأشهر في لغة العرب، والذي رجحه الطبري، وكثيرٌ من المفسرين. ومعلوم أن القلادة تكون على الجهة الأمامية من الجسم والمقابلة للظهر (الصلب).
٢. الأضلاع، كلها أو الأضلاع السفلية جهة البطن
@هل الصلب والترائب للرجل أم للمرأة؟@
اختلف المفسرون على عدة أقوال:
١. الصلب للرجل والترائب للمرأة
٢. الصلب والترائب للرجل
٣. الرجل له صلب وترائب والمرأة لها صلب وترائب.
والراجح عندي ان الصلب والترائب لكل من الذكر والأنثى، وهو ما نقله القرطبي عن الحسن، ورجحه الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير. وذلك لأنه كما أن للذكر ماء ونطفة فللأنثى نطفة وماء أصفر رقيق (ماء المبيض)، ومعروف طبياً أن هذا الماء الاصفر الرقيق يخرج دافقاً من المبيض، وهو ما قررته الآيات، من أن المرأة لها ماء دافق مثل الرجل.
@الأصل الجنيني لغدد التناسل (الخصية والنبيض)@
قبل الأسبوع الثامن من الحمل لا يكون هناك جنس محدد للجنين، وتنشأ غدد التناسل (الخصية والمبيض) من بعد الأسبوع الثالث للحمل، وبنفس الطريقة في الذكر والأنثى، دون تمايز بينهما.
من بداية الأسبوع الرابع للحمل يكون الجنين كما هو مبين في صورة (١) غير محدد الملامح، ولكن له جهةعلوية عندها بداية الرأس، واسفلها القلب، وتتميز الجهة البطنية الأمامية عن الجهة الظهرية بوجود تكوين يتدلى من الجهة البطنية يشبه القلادة المعلقة بالجنين، هذا التكوين اسمه كيس المح (yolk sac)، وله وظائف كثيرة منها تغذية الجنين لحين تكون المشيمة.
تتكون الغدد التناسلية (الخصية والمبيض) من خليتين:
١. الخلايا المكونة للأمشاج وتعرف بإسم الخلايا الجرثومية البدائية (primordial germ cells).
٢. الخلايا الداعمة للمغذيات (nutrient supporting cells)، وهي التي ستغذي نمو الامشاج لاحقاً، وتعرف في الخصية باسم خلايا سيرتولي (sertoli cells)، وتعرف في المبيض باسم الخلايا الجرابية (follicular cells)، وبدون هذه الخلية لن تتكون الأمشاج.
تتمايز الخلايا الجرثومية البدائية المكونة للامشاج من داخل قاعدة كيس المح، عند التقائه بالناحية البطنية للجنين، وذلك في بداية الأسبوع الرابع من الحمل (صورة ٢).
بينما تتمايز الخلايا المغذية كبروز واضح من الناحية الظهرية، يعرف باسم الحدبة التناسلية (genital ridge)، وذلك في الأسبوع الخامس من الحمل (صورة ٢).
بعد ذلك تهاجر الخلايا الجرثومية البدائية من كيس المح الى الحدبة التناسلية عبر المعي الخلفي (hind gut)، لتدخلها في الأسبوع الخامس والسادس، وبذلك تتكون الغدد التناسلية البدائية (primary gonads)، وهي غير محددة الجنس.
يبدأ تمايز الغدد التناسلية الأولية الى خصية أو مبيض حسب جنس المولود، في الأسبوع السابع والثامن من الحمل، وعندها تكون الخصية او المبيض في مكان اعلى البطن على الناحية الظهرية في مكان يتوسط بين العمود الفقري والضلوع (صورة ٣)، ثم تهاجر لاحقاً لتستقر الخصية في كيس الصفن خارج الجسم، والمبيض على جانبي منطقة الحوض. مع العلم بأن تمايز العمود الفقري يبدأ من بعد الاسبوع الثاني للحمل الى الأسبوع الرابع، بينما الضلوع تتمايز جنينيا من الأسبوع الرابع، وتكون واضحة الوجود عند الأسبوع السابع (صورة ٤).
@الأصل الجنيني للبروستاتا، والحوصلة المنوية@
تنشأ البروستاتا الذكرية والأنثوية جنينيا من تكوين جنيني يسمى الجيب التناسلي البولي (urogenital sinus)، وذلك في منطقة الحوض بعد الشهر الثاني من الحمل، اي بعد نشأة الخصية، والمبيض. بينما تنشأ الحوصلة المنوية جنينيا في الاسبوع العاشر من الحمل في منطقة الحوض من القناة المتوسطة الكلوية (mesonephric duct).
لاحقاً تُخرج البروستاتا (ذكرية أو انثوية)، والحوصلة المنوية ماء دافق ولكنه لا يشارك في خلق الذرية، فيتدفق ماء البروستاتا الذكرية وماء الحوصلة المنوية مع ماء الخصية، بينما يتدفق ماء البروستاتا الانثوية مع الشهوة قريبا من مجرى البول (urethra)، اي بعيداً تماماً عن ماء المبيض الذي منه خلق الذرية.
@الدلالة العلمية لآية (يخرج من بين الصلب والترائب)@
١. لاحظنا دقة الفعل (يخرج)، الذي أشار للماضي الجنيني للماء الدافق للخصية والمبيض، وكيف ان معانيه دلت على أفعال تحدث في الجنين، من خلق وتمايز وظهور أو بروز لأعضاء لم تكن موجودة، وانتقال لهذه الأعضاء من مكان لآخر.
٢. عندما نأخذ بأشهر معاني كلمات الآية (من بين)، اي منهما، و(الصلب) أي الظهر، و(الترائب)، أي موضع القلادة عند الناحية البطنية الأمامية، فإننا سنرى بوضوح أن الآية تتحدث عن الخلق الجنيني للخلايا المكونة للماء الدافق للخصية والمبيض، وذلك من منطقتين متقابلتين، هما الظهر والجدار البطني الأمامي، فتتكون الخلايا الجرثومية المكونة للأمشاج من الجهة البطنية من كيس المح (موضع القلادة)، وتتكون الخلايا المغذية من الناحية الظهرية (الصلب) من الحدبة التناسلية. أي ان ما ذكرته الآية متفق تماماً مع ما ذكره العلم، مع مراعاة ان السبق للقرآن وبكلمات يسيرة، شرحها طبياً احتاج لسنوات، وتؤلف فيه الكتب الطوال، فسبحان من اعجز البشر بدقيق كلامه.
٣. عندما نأخذ المعاني الأقل شهرة للخروج من بين الصلب والترائب، (من بين)، بمعنى التوسط المكاني، و(الصلب)، اي العمود الفقري، و(الترائب)، أي الضلوع، فإن ذلك يشير لمرحلة تالية لمرحلة خلق الخصية والمبيض، حيث نجد الغدد الجنسية الأولية (غير متمايزة) في مكان يتوسط بين العمود الفقري والضلوع اعلى البطن، ثم يحدث لها تمايز إلى الخصية والمبيض، ثم يخرجان لاحقاً لموضعهما الأخير أسفل البطن، وهذا ما تم وصفه من قبل كثير من كُتاب الإعجاز العلمي، وعلى رأسهم د. محمد البار، ود. محمد دودح، بارك الله فيهما ورحمهما برحمته الواسعة.
٤. وبذلك تكاملت معاني كلمات آية (يخرج من بين الصلب والترائب) لوصف خلق وتمايز وظهور وانتقال الخصية والمبيض، وذلك على مرحلتين، الأولى قبل الاسبوع السابع من الحمل، حيث تنشأ الغدد الجنسية من الصلب (الظهر) والترائب (موضع القلادة)، والثانية بعد الأسبوع السابع من الحمل، حيث تتمايز الغدد الجنسية الاولية إلى خصية ومبيض حسب جنس الجنين، وذلك في مكان يتوسط بين العمود الفقري، والضلوع.
وحقيقة وصف مرحلتين متعاقبتين ومختلفتين بنفس الكلمات هو أمر في غاية الإعجاز، ويظهر عظمة اللغة العربية، لغة القرآن، ويبين أن اختيار كلمات الآية (يخرج، صلب، ترائب)، هو أمر رباني بحت لا يمكن لبشر ان يأتي بمثله، فالحمد لله على نعمة الإسلام.
٥. ميز الله بين ماء الخلق الدافق، والماء الدافق الذي لا خلق منه على أساس النشأة الجنينية، فماء الخصية والمبيض كما رأينا ينشأ من الصلب والترائب أعلى البطن (منهما ثم من بينهما)، بينما ماء البروستاتا الذكرية والأنثوية والحوصلة المنوية فتنشأ من مكونات جنينية اخرى في منطقة الحوض، فسبحان من أعجز العقول والأفهام بكلمات قليلة ولكنها حوت العلم الغزير.
٦. يتكون ماء شهوة المرأة من عدة سوائل تخرج من المهبل بعضها دافق (ماء البروستاتا الأنثوية)، وبعضها غير دافق (باقي الغدد)، ولما قال الله (خُلق من ماء دافق)، فقد نفى الله ان يكون خلق الجنين من ماء الشهوة غير الدافق، ثم لما قال الله (يخرج من بين الصلب والترائب)، عرفنا أن الجنين يخلق من ماء المبيض الذي يخرج أصله من الصلب والترائب (منهما ثم من بينهما)، وبذلك تكون هذه الآيات دليل قاطع على أن النص الإسلامي ينفي ان يكون لماء شهوة المرأة، سواء دافق او غير دافق، اي دور في خلق الجنين، وإنما الخلق من ماء المبيض.
وهذا الدليل الجديد يتكامل مع وصف النبي صلى الله عليه وسلم (ماء المرأة أصفر رقيق)، وهو وصف دقيق لماء المبيض الذي يحوي البويضة، وقد جمعتُ كل ما يدل على ماء المراة الدافق الذي يحوي البويضة في بحث متواضع بعنوان (هل ذكر النص الإسلامي بويضة المرأة ودورها في خلق الإنسان)، وهو على الرابط التالي: https://m.facebook.com/story.php?sto...00001106033818
٧. البعض حين يقرأ أحاديث احتلام المرأة، ووجوب الغسل عليها إذا رأت الماء، قد يظن من ظاهر هذه الأحاديث أنها قالت بخلق الجنين من ماء شهوة المرأة، وهذا غير صحيح للأدلة السابقة، ولغيرها من الادلة التي سوف اذكرها بالتفصيل في بحث منفصل للرد على هذه الشبهة، فقد اطلت بما يكفي في هذا البحث.
في الختام لا يسعني إلا أن أسال الله العون، والقبول، وأسألكم الدعاء، ونشر هذا البحث قدر المستطاع، لأنه يرد على كافة الشبهات حول آية الخروج من بين الصلب والترائب. اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من خطأ او سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
أ.م. بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى