كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه



فالحركة بشكل عام #للزرع تكون في اتجاه واحد وهي #للأعلى ( مجال الحركة المصرح والمسموح له فيها ) لأنه متماسك جانبيا( متآزر ) ، ويشتد سوقه ويستغلظ #من أجل تحقيق استواء الزرع من أجل حمل الثمر #والقدرة على الإستمرارية #.

فحركة اكتمال قوة وتماسك الزرع تكون باتجاه واحد ( التوجه نحو هدف واحد )، #واكتمال أركان قوة وتماسك الزرع يكون تسييرا ودفعا من الله عز وجل برعايته وعنايته باتجاه واحد

وذلك ما كان في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم والذين معه رضي الله عنهم



مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ([1]) كَزَرْعٍ([2]) أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ‎﴿الفتح: ٢٩﴾‏



هذا الوصف العظيم للرسول صلى الله عليه وسلم ولصحابته رضي الله عنهم ولمن أراد بناء أمة واحدة عليه السير على نفس الخطى ونفس السبيل .



سأركز على المعاني الظاهرة أما المعاني الخفية الكامنة فجليلة عظيمة كثيرة لا تسعها هذه الوريقات ولا هذه الأسطر ...

1- # # # # # #الشاطئ : أول مكان خروج الفرع ( المتحرك ) من الأصل

- # # #في البحر والنهر : مكان #إلتقاء موج البحر والنهر مع اليابسة

- # # #في الإنسان : مكان الولادة في الأنثى ، شطأت الأم بالولد ولدته

- # # #في النبات : مكان تبرعم الفروع الجديدة #الرأسية أو الجانبية، وشطأ النبات أول تبرعمه #، وتبدأ هذه البريعمات بالظهور منذ بدايات عمر النبتة من وقت خروج الفتيلة من البذرة #وتستمر بالتبرعم على جوانب الساق الأصل التي تستمد منه مادة #نموها وقوتها . وتنتهي هذه العملية باكتمال نمو النبتة الواحدة ( استوائها ) للوصول على الغاية النهائية وهي تكون الثمر والقدرة على الإستمرارية #لمرحلة جديدة تخليق زرع آخر ...

بداية الدعوة الإسلامية وولادتها ( زمن الرسول صلى الله عليه وسلم )

فقد كان الأصل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم #وبدأت البريعمات #تتبرعم #لا يؤبه #بها سهل استئصال شأفتها وإطفاء جذوتها لولا رحمة الله عز وجل ، فقد أودع الله عز وجل فيها كمال الحُسن وخلو العيب وصحة الجسم وهيأ لها طيب المنشأ وسقاها بماء السماء ورعاها برعايته #وأحاط بها بعنايته #وهذا الحال الذي عليه يجب أن يكون في إنشاء المجتمعات الإسلامية بأن تحذو حذوها وتسير على أثر خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم #وأن ترسم خارطة على نهج ما سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه #فلن يصلح الزرع #إلا إذا زرع بهيئة الزرع الأول #، وفي هذه المرحلة يكون فيها تكثير الزرع #وهي ما كانت عليه الدعوة السرية ....

2- # # # # # #آزره

· # # فإزر([3]) الشخص : كل ما يمنع ويصد ويحجب ويحول عن شخص أذى مادي أو معنوي ويكون له كالحصن المنيع والطود العظيم #(وقد يكون ذاتيا أو خارجيا ) .

· # # آزره : يتعاضد ويتكاتف مع غيره من نوعه ليقوي بعضه بعضا #( تشابك مع بعضه البعض فأصبح #يقوي بعضه بعضا ) #تداخلت الفروع في بعضها البعض فأصبح كنبت واحد صعب جدا اقتلاع واحدة منها لأنها مرتبطة مع غيرها فهو يظهر كأنه متراص كثيف لأنه بنفس الشكل والحجم و الارتفاع ، مع استمرارية تكثير البريعمات صنوان للأصل وتخليق زروع فهي الأساس في تآزر وتعاضد الزرع # .

فالصحابة كالبريعمات يتكاثرون من أصل واحد فاستغلظوا حتى استووا وتآزروا #وتكاثروا صنوان من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا كأنهم جسد واحد متآزر ( أمة واحدة ) #بفكر واحد ومنهج واحد يتناغمون بنغم واحد في حركتهم وفكرهم ولا يخرج منهم ولا يكون منهم إلا خيرا #ولا يكون ذلك إلا لمن #كانت قلوبهم معلقة بالسماء وهجروا الدنيا وزهدوا بها #.. وهي بداية الدعوة الجهرية

· # # #الجامع الصغير وزيادته (ص: 1079)"مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى " ( صحيح )

· # # #السلسلة الصحيحة - مختصرة (6/ 66)"المسلمون كرجل واحد ؛ إن اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتكى رأسه اشتكى كله" ( صحيح )

فقوة الأمة أن يكونوا ( كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه )

وقد حثهم الله عز وجل على الوحدة وترك التشيع فما الأمة الواحدة إلا الوجه النقيض من التشيع والتفرق المنهجي

- # # #إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ‎﴿الأنبياء: ٩٢﴾‏

- # # #وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ‎﴿المؤمنون: ٥٢﴾

فإذا تشيعت([4]) الأمة ، كان ذلك بداية تمزقها وتشتتها وضعفها وضياعها([5]) وقد حذر الله عز وجل من ذلك

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ‎﴿الأنعام: ١٥٩﴾‏

3- # # # # # #‏فاستغلظ([6]) : كل نبتة من الزرع لوحدها ومع صويحباتها غضة طرية وليست غليظة ([7]) ولكن النبت الغض الطري بتآزرة ( أصبح غليظا([8]) ) فأصبح كأنه قاس وصلب وشديد التماسك وقوي ومتين لا لين أو رقة فيه فأصبح غير سهل ( صعب ) أن يقوي أحد على بتره وقطعه أو المرور من خلاله و الولوج فيه #أو حتى #الإنفكاك منه إذا كنت داخله([9]) # .

وهذا حال جماعة المسلمين ( متآزرين ) #في حلهم وترحالهم وفي سلمهم وجهادهم مع المسلمين ومع غيرهم .

· # # #مشكاة المصابيح (3/ 1385)"وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» ثم شبك بين أصابعه". متفق عليه

· # # #التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 303)"مثل المؤمنين فيما بينهم كمثل البنيان - قال: وأدخل أصابع يده في الأرض - وقال: يمسك بعضها بعضا" ( صحيح )

· # # # إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ‎﴿الصف: ٤﴾

فاستوى([10]): إكتمال نمو الزرع وأصبح قادرا على إفادة غيره ببذل نفسه وإكثار مثله بنثر حبه ([11]) تسييرا ودفعا من الله عز وجل فالله عز وجل رعاها برعايته #وأحاط بها بعنايته

على سوقه : ويقابله منهج وفكر واحد لكل الأمة

فالأمة عليها أن تجتمع على فكر ومنهج واحد قوي متين كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم سوق صنوان وأن لا تكون من سو ق مختلفة عندها يكون لكل ساق منهج وفكر خاص به #والأمة #ذو السوق المختلفة تكون مجمعا للأفكار والمناهج المتباينة فلا يستقر لها قرار ولا تترابط وتكون مفككة فتجمع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم على منهاج #وفكر واحد كأنهم جسد واحد أغاظ الكفار #وأحنقهم واسخطهم وأوغر في صدورهم غلا على الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم.

فكما مر رأينا مراحل نمو الزرع حتى اكتماله وهي نفسها مراحل بناء الأمة التي تبدأ بالشطأ وتنتهي باستواء كل الزرع على سوق([12]) فلا تبنى الأمة الواحدة إلا إذا #كانت مجتمعة على فكر واحد ومنهج واحد وهذا هو ركيزة بنائها فلا تبني الأمة بنبتة واحدة صالحة ولا تبنى الأمة بِشِيَعٍ متفرقة مفرقة #، وكذلك يجب أن تكون حركة الأمة عمودية حتى نضج الفكرة والمنهج الإسلامي الصحيح عند كل أفراد الأمة #على نفس القدر والأهمية لكي تعلوا وترتفع #كحركة ساق النبتة الذي ينمو عموديا #فالحركة الأفقية في الأمة هو منهج التفرق والتشيع وتضيع جهد الأمة التي تفت من عزيمتها وعضدها وتبقيها قزمة بين زروع الأمم .



# # # # # # # # والله أعلم([13])





--------------------------------------------------------------------------------

([1])

- # # # الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‎﴿الأعراف: ١٥٧﴾

- # # # وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ‎﴿الصف: ٦﴾‏‏

([2]) راجع بحث الزرع ، فالزرع هنا هو الإنسان التقي النقي ( الرسول وصحبه ) وما يحمله من شرع الله عز وجل ودينه الصحيح القويم فلولا هذا الدين لبقوا أمواتا ولكنهم به أُحْيُوا وأَحْيَوا من خلفهم.



([3]) ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ‎﴿٢٩﴾‏ هَارُونَ أَخِي ‎﴿٣٠﴾‏ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ‎﴿٣١﴾‏ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ‎﴿٣٢﴾طه #... فكان هارون عليه السلام وزيرا #... وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ‎﴿الفرقان: ٣٥﴾‏ ... فنبي الله موسى عليه السلام كأنه يطلب من الله عز وجل أن يزده قوة على قوته وأن يزيد تحصنا بأخيه .

([4]) ( التحزب المنهجي )

([5]) كان من أسباب تشيع الأمة وتفرقها الفرق الباطنية ذات المناهج المسمومة ، وكذلك كان لتعريب الأيدولوجيات الوثنية التي سبقت الإسلام ( التي لا تمت للمدنية والحضارة بصلة ) # الأثر الكبير في تشيع الأمة ، وانظر إلى حرص الرسول صلى الله عليه وسلم كيف حرص على أن لا يخالط الحق ولو الشيء اليسير من الباطل

مشكاة المصابيح (1/ 63)"وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: «أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» (حسن). رواه أحمد والبيهقي في كتاب شعب الايمان.

([6]) الغليظ : من يتصف بالقسوة والشدة والعسر وعدم تأثره بالمحيط به ( الإنغلاق وعدم إبداء المشاعر أو التفاعل )

([7]) رحماء بينهم

([8]) أشداء على الكفار والمنافقين

- # # # # يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ‎﴿التوبة: ١٢٣﴾‏

- # # # يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ‎﴿التحريم: ٩﴾‏

([9]) وحالهم

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً ... وإذا افترقن تكسرت أفراداً

([10]) راجع بحث الاستواء وخاصة استواء الشيء المخلوق

([11]) وما ننهل من خير إلى الآن وغيرنا في الغد إلى يوم القيامة إلا من حسانات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين وما قبورهم المنتشرة في البلاد إلا شاهد على ذلك فما رقدوا وما نعموا وما استكانوا في المدينة بل نفروا إلى أصقاع الأرض وعرصاتها لنشر هذا الدين وما وصية الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عند الاختلاف وانتشار البدع والفتن إلا بالعودة لسنته صلى الله عليه وسلم وسنة من خلفوه رضي الله عنهم أجمعين

الجامع الصغير وزيادته (ص: 432) " أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة" ( صحيح )

([12]) أشبه بالتكاثر الجسدي في النباتات فتكون متعددة من أصول واحدة #ولكنها تحمل نفس الصفات (صنوان )وعليه يجب أن تكون الأمة كذلك #بفكر ومنهج واحد #( شرع محمد صلى الله عليه وسلم )

([13]) أسأل الله أن يأجرني وأن لا يضيع لي أجر فما كتبت هذه الأسطر حتى هذه الكلمة إلا بشق الأنفس فإن أخطأت فمن نفسي وإن أصبت وأجدت فمن الله وحده